والله لينزلن ابن مريم حكما عدلا

والله لينزلن ابن مريم حكما عدلا

والله لينزلن ابن مريم حكما عدلا

أبو عبيدة العجاوي

بسم الله وأعوذ بالله له الحمد والشكر، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، والصلاة والسلام على محمد رسول الله:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « وَاللَّهِ لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلًا، فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ، وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ، وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ، وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ، فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا، وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ، وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى الْمَالِ فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ». [صحيح مسلم]

معنى حكما عدلا عند القادياني والقاديانية، أي أن القادياني يفصل برأيه في المسائل والقصايا، حيث يقول القادياني: «والله أرسل عبدا ليحكموه فيما شجر بينهم وليجعلوه من الفاتحين، وليسلموا تسليما ولا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضى، وذلك هو الحكم الذي أتى، فالذين اتبعوه في ساعة الأذى، وجاءوه بقلب أتقى، وسمعوا لعنة الخلق وخافوا لعنة تنزل من السماوات العلى، أولئك هم الصالحون حقا وأولئك من المغفورين. أيها الناس، كنتم تنتظرون المسيح فأظهره الله كيف شاء، فأسلموا الوجوه لربكم ولا تتبعوا الأهواء. إنكم لا تحلون الصيد وأنتم حرم، فكيف تُحِلّون آراءكم وعندكم حكم ؟ وإن الحكم لرحمة نزلت للمؤمنين، ولولا الحكم لما زالوا مختلفين. ظهر المهدي عند غلبة الضالين». [الهدى والتبصرة لمن يرى ٧٣]

وقال في الحاشية: «إن الآراء المتفرقة تشابه الطير الطائرة في الهواء، والحكم يشابه الحرم الأمن الذي يُؤْمِنُ من الخطاء، فكما أن الصيد حرام في الحرم إكراما لأرض الله المقدسة، فكذلك اتباع الآراء المتفرقة وأخذها من أوكار القوى الدماغية حرام مع وجود الحكم الذي هو معصوم وبمنزلة الحرم من حضرة العزة، بل يقتضي مقام الأدب أن تعرض كل أمر عليه، ولا يؤخذ شيء إلا من يديه».

وقال أيضا: «حكما عدلا: أي سيحكم بالعدل في كل أمر مختلف فيه بينكم، وسيميز بين أهل الحق والباطل. ولكونه حكما، سيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويحكم في القضايا الجدلية». [إزالة الأوهام ٢١٣]

ويستنكر القادياني أن ينزل عيسى عليه السلام حكما عدلا بحجة أن الأئمة من قريش: «ومن الاختلافات العظيمة في أحاديث هذا الباب أن بعض الأحاديث يدل على أن المسيح لا يأتي إلا تابعا ومطيعا للمهدي، فإن الأئمة من قريش والمسيح ليس من قريش، فلا يجوز أن يستخلفه الله لهذه الأمة». [حمامة البشرى ٣٣]

«إني لأستغرب لماذا لا يفكر المشايخ في عبارة يضع الحرب ولماذا لا يقرأون الحديث القائل: "الأئمة من قريش"؟ فما دامت السلطنة المادية والخلافة والإمامة لا تجوز لأحد غير قرشي، فكيف يمكن أن يكون المسيح الموعود وهو ليس من قريش خليفة ماديا؟». [مرآة كمالات الإسلام ١٤٩]

الردود:

|[١]| يقول الغلام القادياني: «والقسم يدل على أن الخبر محمول على الظاهر لا تأويل فيه ولا استثناء، وإلا فأي فائدة كانت في ذكر القسم؟ فتدبر كالمفتشين المحققين». [حمامة البشرى ٢٨]

والمفروض حسب كلام القادياني أن يكون الحديث السابق على ظاهره من نزول ابن مريم عيسى عليه السلام، وأيضا العلامات الأخرى المذكورة في الحديث، بسبب القسم حسب قاعدة القادياني السابقة، إلا أن القادياني والقاديانيين يؤولون ويحرفون معاني الحديث السابق، باستثناء ترك القلاص فيأخذون بها على ظاهرها.

|[٢]| أن الحديث المتقدم وغيره من أحاديث.. تدل على أن عيسى عليه السلام يكون حاكما من حكام هذه الأمة يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ما عليه الأمة:

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: «وقوله صلى الله عليه وسلم : ( حكما ) أي ينزل حاكما بهذه الشريعة لا ينزل برسالة مستقلة ، وشريعة ناسخة ، بل هو حاكم من حكام هذه الأمة . والمقسط العادل ، يقال : أقسط يقسط إقساطا فهو مقسط إذا عدل».

وقال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: «قوله: ( حكما ) أي: حاكما، والمعنى: أنه ينزل حاكما بهذه الشريعة؛ فإن هذه الشريعة باقية لا تنسخ، بل يكون عيسى حاكما من حكام هذه الأمة. وفي رواية الليث عن ابن شهاب عند مسلم: " حكما مقسطا " وله من طريق ابن عيينة عن ابن شهاب: " إماما مقسطا " والمقسط: العادل، بخلاف القاسط فهو الجائر».

|[٣]| إن ما ورد من أعمال للمسيح عليه السلام كوضع الجزية، والقتال على الإسلام… هي من أعمال الحكام والخلفاء، أما القادياني فحاله يشبه حال شيخ له مريدين وأتباع.

|[٤]| والعلم عند الله فما دام المسيح عليه السلام ينزل بأمر الله ويكون حاكما وهو نبي، ربما يحكم في المسائل التي يختلف فيها المسلمون، لكن كيف يكون المتنبئ القادياني حكما عدلا وهو غير ملتزم بأقواله ويبدل ويغيير فيها، بل يتناقض تناقض المجانين والكذابين؟! وكيف يكون حكما عدلا وجماعته القاديانية تخالفه في كثير من العقائد والأقوال والمسائل والتفسيرات؟!

|[٥]| إن من يدعو لطاعة الإنجليز بإعتبارهم أولي الأمر، لا يحق له إنكار أن يكون عيسى عليه السلام خليفة بحجة "القرشية"! فهل كان الإنجليز مسلمين قرشيين؟!

|[٦]| القادياني والقاديانيون -وهم من يتناقضون وفي كلامهم إشكالات كثيرة- يحاولون معارضة أدلة إسلامية بأدلة إسلامية كي ينصروا باطلهم. بينما المسلمون ينظرون في النصوص المختلفة ويقولون: سمعنا وأطعنا ولله الحمد. والمعنى بسيط: الأئمة في قريش إلى أن ينزل عيسى عليه السلام فيكون الأمر له.

|[٧]| عبر تاريخ المسلمين تولى غير القرشين، فكان المسلمين يخضعون لهم كمتغلبين، أو أخذا بقوله صلى الله عليه وسلم: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ». [صحيح البخاري]

|[٨]| كان القادياني معروفا أنه من أسرة مغولية، ثم لما أدعى المسيحية والمهدوية والوحي، ومع نفيه في البداية أن يكون قرشيا فاطميا، صار يدعي أنه فاطمي وإسرائيلي وفارسي كي ينزل بعض النصوص على نفسه، وما تقدم من أدلة كذبه ودجله، ثم إن الذي نعرفه من حال القاديانية أنها لا تشترط قرشية الخلفاء، وحتى لو كان خلفاء القاديانيين يزعمون القرشية فهذا لا يفيد، لأنهم ليسوا خلفاء بمعنى الإمامة الدنيوية والسلطان الدنيوي، فهم خلفاء بمعنى زعماء فرقة او حالهم كشيخ له مريدين وأتباع. 

|[٩]| هناك الكثير من المسائل والقضايا لم يفصل القادياني"الحكم العدل" فيها ولم يوضحها ولم يبينها، ولم يختر لنا القول الصائب فيما اختلف من أقوال! في العقيدة والفقه والتفسير والأحاديث… فمثلا: هاتوا لنا بيانه لموضوع حد الردة وحكمه فيه؟! هاتوا لنا تفسيره الشامل للقرآن؟! هاتوا لنا تصحيحه للأحاديث النبوية؟! هاتوا لنا كل مسألة فقهية اختلف فيها العلماء وحسم القادياني القول بشأنها؟! هو مجرد شخص يثرثر لا غير!!!

|[١٠]| إن القادياني يفتري ويكذب على الله في وحي له: «تقيم الشريعة وتحيي الدين، إنا جعلناك المسيح بن مريم». [التبليغ ١٠٣]

فمن حاله أنه زعيم جماعة وفرقة، أو رجل له أتباع ومريدين، وليس حاكما! كيف يقيم الشريعة؟؟؟!!!

|[١١]| أضافة لما سبق، فإن القادياني جمع في شخصه المسيحية والمهدوية، وقد بينت النصوص أن المهدي يحكم ويملك ويكون عادلا، وهذا غير متوفر في القادياني: «الْمَهْدِيُّ مِنِّي، أَجْلَى الْجَبْهَةِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ». [سنن أبي داود] فزعم القادياني أنه مهدي ومسيح، ثم رد باقي العلامات والأعمال وما يكون… كذب ودجل.

|[١٢]| ونفس الأمر يقال في خلافة القاديانية المزعومة، فهم يقولون أن خلافتهم على منهاج النبوة، مع أن الحديث النبوي يتحدث عن خلافة وملك وسلطان: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ». [مسند الإمام أحمد] مع العلم أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كانت بشريعة من الله، فكان صلى الله عليه وسلم يقود الجيوش، ويقضي بين الناس، ويقيم الحدود، ويأمر وينهى فيطاع… أما نبوة القدياني المزعومة فمجرد ثرثرة، وهذا ألطف ما يقال. 

هذه ردود بإختصار، وإلا لو تكلمنا في العلامات الأخرى غير المتوفرة في القادياني فالحديث يطول.

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي الأعلى العظيم، نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا إتباعه، وإن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله أكبر لا إله إلا الله محمد رسول الله.

✴✴✴✴✴✴