هل هذا الزمن بحاجة إلى بعثة نبيّ
هل هذا الزمن بحاجة إلى بعثة نبيّ
في عام 1895 كتب ميرزا غلام أحمد:
"إن قال أحد إن هذا الزمن أيضا لا يقلّ في الفساد والعقائد الباطلة وارتكاب السيئات، فلماذا لم يأتِ أيُّ نبي فيه، فالجواب أن ذلك الزمن (زمن الرسول صلى الله عليه وسلم) كان قد خلا نهائيا من التوحيد والصدق، أما في هذا الزمن ففيه أربعمائة مليون إنسان ينطق بشهادة لا إله إلا الله، كما لم يحرمه الله سبحانه وتعالى من بعثة المجدد فيه أيضا. (نور القرآن)
قد يقول قائل: إن الميرزا ينفي حاجة هذا الزمن إلى نبيّ مع كتاب، أي إلى نبيّ تشريعي، ولا ينفي الحاجة إلى نبي تابع، فنقول: لو كان كذلك لعقّب بقوله: لكن هذا الزمن يحتاج نبيا غير تشريعيّ، أو نبيا بلا كتاب، لكنه قال: " لم يحرم الله سبحانه وتعالى هذا الزمن من بعثة المجدد فيه". فقد ذكر بوضوح أن المقابل لبعثة نبيّ وكتاب هو بعثة مجدد.
فإن قال ماجستير مماحكة أنه يقصد بالمجدّدِ النبيَّ التابع، قلنا له: وهل يوصف النبيّ بمجرد مجدّد؟ هل يقول من يحمل شهادة ماجستير أنّه حاصل على شهادة الثانوية العامة؟ ألا يذكر الناس أعلى شهاداتهم؟ والأهم من هذا أنّ الميرزا ذكر بعثته في إطار بعثة المجددين على رأس كل قرن، فهو امتداد للمجددين، وليس امتدادا للأنبياء.
فإن ماحكَ أكثر وقال: لكنّ الميرزا صاحب لم يَعُد يتحدث عن نفسه بعد عام 1901 باعتباره مجرّد مجدّد ضمن المجددين، بل ذكر أنه نبيّ، قلنا له: لقد ظلّ الميرزا يتحدث عن بعثة المجددين وأنه امتداد لهم حتى آخر حياته، فالمجدّد يُبعث في كل قرن عنده، حيث يقول في 27/12/1905م: " ونرى أن الله تعالى لم يضيّع المسلمين قط منذ زمنه إلى يومنا هذا. فقد بعث على رأس كل قرن رجلا أنجز مهمة الإصلاح بحسب مقتضى العصر حتى بعثني على رأس القرن الحالي لأُثبت حياة النبي. وثابتٌ من القرآن الكريم أن الله ظلّ يحافظ على دين النبي دائما وسيحافظ في المستقبل أيضا كما يقول: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ). إن عبارة: "إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" تدل بجلاء على أنه سيأتي على رأس كل قرن دائما رجال ليستعيدوا المتاع المفقود ويذكِّروا به الناس. (الفرق بين الأحمدي وغيره).
قد يقول آخر: لقد ذكر الميرزا صاحب في أماكن أخرى أنّ هذا العصر مليء بما يستدعي أن يُبعث فيه نبيّ، قلنا له: حتى لو قال ذلك جدلا، فماذا عن قوله الواضح هنا كالشمس؟ فإذا أفلحتَ في تقديم نصّ على ما تقول فإنما أفلحت في إثبات تناقض الرجل، ولم تفلح في الردّ على ما قلنا.
قد يقول ثالث: هذا قوله في عام 1895، أما بعد ست سنوات فقد عدّل رأيه، وصار يرى أن هذا العصر يحتاج نبيًّا.
نقول لهذا القائل: الميرزا علّل عدم الحاجة لنبيّ بقوله: "هذا الزمن فيه أربعمائة مليون إنسان ينطق بشهادة لا إله إلا الله".. فهل تخلّى هؤلاء عن هذه الشهادة في هذه السنوات الستّ؟ ولو عدَل عن قوله لذكر أنه عدَل. ولقلنا له: هذا جنون، لكننا لا نراه قد عدَل.
باختصار، القرن الماضي لم يكن بحاجة إلى نبيّ حسب تصريحات الميرزا الواضحة، بل بحاجة إلى مجدد كما هو الحال في كل قرن. وبهذا يسقط دليل "حاجة العصر" على ضرورة بعثة المسيح النبيّ في القرن الماضي.
ونقول لغير الأحمديين ممن يؤمن بحاجة هذا العصر لنبيّ (إنْ وُجدوا): ما الفروق الجوهرية بين هذا القرن وبين ثلاثة قرون سابقة أو خمسة أو عشرة مما يستدعي بعثة نبي؟ كل ما ستذكرونه لن يكون إلا فروقا عادية ليست مبررا لبعثة أيّ نبيّ.
#هاني_طاهر 18/11/2016