هل القادياني مثيل المسيح

هل القادياني مثيل المسيح

هل القادياني مثيل المسيح

بسم الله، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، رب أعوذ بوجك ونور وجهك ذو الجلال والجمال والكمال وأعوذ بكلماتك التامات، رب صل وسلم على عبدك ورسوك محمد:

بداية حتى تفهم السبب الذي جعل أقوال القادياني والقاديانيين متناقضة:

♦القادياني قال أقوالا في البداية ثم رجع عنها بالتصريح أو بالمفهوم من كلامه.

♦القادياني كان يحتج على المسلمين والنصارى والهندوس بأقوال ثم خالفها فأصبحت حجة عليه.

♦القادياني يستدل بحسب الهوى، ثم يستدل بأمور أخرى حسب الهوى فيقع التناقض.

♦القادياني شخص مريض جاهل، وما سبق قد يوقعه بأخطاء وتناقضات.

♦البشرية واضحة في كلام القادياني فطبيعي أن يكون الاختلاف والتناقض.

♦قد يقول القادياني أقوالا ثم لا يلقي بالا لها، فتصبح حجة عليه وعلى جماعته.

♦هناك استنتاجات تشير إلى أن الكتب المنسوبة للقادياني كتبها أشخاص عديدون لذلك وقع التناقض.

♦قد يكون النسيان أو الشيطان أحد هذه الأسباب.

♦القادياني بالأساس غير ملتزم بأقواله بقصد أو من دون قصد.

♦الغلام القادياني قد يقول شيء، ثم فيما بعد يبدو له شيء جديد، فيخالف أقواله السابقة.

♦كتب القادياني يفسد بعضها بعضا، فالقاديانيون في ما بعد ألقوها خلف ظهورهم وقالوا بأقوال جديدة، فحصل الاضطراب والاختلاف والتناقض الشديد الكثير.

وربما هناك أسباب أخرى الله أعلم بها.

يقول القادياني والقاديانيون: إن المقصود من نزول المسيح في آخر الزمان ليس عيسى بن مريم عليه السلام وإنما مثيله وشبيهه وهو غلام أحمد القادياني.

يقول القادياني:

«لقد كُشف على هذا العبد المتواضع أن حياتي تماثل حياة المسيح عليه السلام في فترتها الأولى من حيث المسكنة والتواضع والتوكل والإيثار والآيات والأنوار، وأن هناك تشابهًا كبيرا بين طبيعتي وطبيعة المسيح، وكأنهما قطعتان من جوهر واحد، أو ثمرتان لشجرة واحدة، ويوجد بينهما اتحاد شديد بحيث لا يوجد بينهما إلا فرق بسيط جدا من حيث الرؤية الكشفية. كما أن هناك مماثلة ظاهرية أيضا، وهي أن المسيح كان تابعًا لنبي كامل وعظيم أعني موسى عليهما السلام، وكان خادمًا لدينه، وإنجيلُه فرع للتوراة، وأنا أيضا مِن أحقر خدام ذلك النبي الجليل الشأن الذي هو سيد الرسل وتاج المرسلين أجمعين، فإذا كان أولئك حامدين فهو أحمد، وإذا كانوا محمودين فهو محمّد صلى الله عليه وسلم». [التذكرة ٧٦]

«قد أُخبر أيضًا كاتبُ هذا الكتاب أنه مجدّد هذا العصر وأن كمالاتي تماثل كمالات المسيح ابن مريم من حيث الروحانية، وأن بيننا مماثلة ومشابهة قوية، وأني قد فضّلت -على غرار كمالات الأنبياء والرسل- على كثير من أكابر الأولياء الذين خلوا من قبل، وليس ذلك إلا ببركة اتّباعي لسيدنا خير البشر وأفضل الرسل صلى الله عليه وسلم، وأن اتّباعي خطواته مدعاة للنجاة والسعادة والبركة، وأن في مخالفة طريقي البعد والحرمان». [التذكرة ١٢٤]

وهذا الزعم أن القادياني مثيل المسيح تكذيبه وإبطاله من خلال الكثير من الأدلة وبعد بسم الله وأعوذ بالله والحمد لله أولا وآخرا دائما وأبدا… نقول:

|[١]| فكرة المثيل أو عقيدة المثيل بدعة من بدع القادياني كي يمرر نفسه على المسلمين:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ». [صحيح مسلم]

«فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ». [سنن أبي داود]

«إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ». [سنن النسائي]

ويقول القادياني: «ونشهد أن الحق كله في القرآن وحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأن كل بدعة في النار». [أنور الإسلام ٥٧]

وإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد من عيسى بن مريم مثيله بل قصد خاتم أنبياء بني إسرائيل عليه السلام، أما "المثيل" فهي تحريف من القادياني والقاديانية، وإن الصحابة رضي الله عنهم لم يفهموا من عيسى بن مريم "مثيله"، بل فهموا أن النازل عيسى بن مريم عليه السلام وليس غلام أحمد القادياني.

وإن أحاديث نزول عيسى عليه السلام كثيرة ومتواترة رواها جمع من الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفهموا منها لا شبيه ولا مثيل لعيسى عليه السلام.

لذا نقول: إن ما يقوم به القادياني والقاديانيون -في هذا الموضوع وغيره- هو تحريف معنى النص ليوافق الهوى! وهم بذلك وقعوا في جرائم عظيمة والعياذ بالله:

١-التحريف وتفسير النصوص بخلاف المعنى والمراد.

٢-تكذيب الله جل جلاله.

٣-تكذيب الرسول عليه الصلاة والسلام.

٤-الكذب على الله وعلى رسوله.

٥-الكذب على الصحابة رضوان الله عليهم.

٦-تكذيب الصحابة رضي الله عنهم.

٧-الابتداع في الدين.

٨-إضلال الناس.

وهناك فرق بين التكذيب والكذب! فهم كذبوا النص بمعنى المقصد والمراد، ثم كذبوا على الله ورسوله من خلال تأويلهم وتفسيرهم وتحريفهم.

|[٢]| قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ». [صحيح مسلم]

فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه الله القدرة على الألفاظ القليلة ذات المعاني الكثيرة، وإن النبي صلى الله عليه وسلم قد رويت عنه الأحاديث التي بلغت التواتر في نزول عيسى بن مريم عليه السلام ولم يتحدث عن شيء اسمه "مثيل المسيح"، لذا فهوا لم يقصد إلا نزول عيسى بن مريم عليه السلام لا غيره كشخص يشبهه، ونقل جمع من الصحابة رضوان الله عليهم هذه الأحاديث ولم يتحدثوا لا عن شبيه ولا عن مثيل، ونقل جمع من التابعين وأتباع التابعين رحمهم الله هذه الأحاديث ولم يتحدثوا لا عن مثيل ولا عن شبيه، ثم جاءت الأحاديث والروايات الموقوفة تؤكد ما سبق، مما يدل على أن القائل عليه الصلاة والسلام قصد نزول عيسى ومن نقلوا رضي الله عنهم ورحمهم الله تعالى فهموا نزول عيسى عليه السلام. 

ثم جاء القادياني وجماعته ففهموا أمرا آخر، وهذا القول منهم بالضرورة والإلزام فيه طعن بالنبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا يدري ما يقول، وطعن في الصحابة رضي الله عنهم بأنهم يسمعون ويرون ما لا يفهمون.

ثم وسيلة القادياني وجماعته هو التأول -بمعنى تحريف المقصد والمراد- وصرف النصوص عن ظاهرها بلا قرينة أو قرائن قوية.

وما سبق يدخل في باب الكذب على الله والكذب على رسوله عليه الصلاة والسلام:

﴿وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ كَذَّبَ بِـَٔایَـٰتِهِۦۤۚ إِنَّهُۥ لَا یُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾ [الأنعام ٢١]

﴿وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ قَالَ أُوحِیَ إِلَیَّ وَلَمۡ یُوحَ إِلَیۡهِ شَیۡءࣱ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثۡلَ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُۗ﴾ [الأنعام ٩٣]

﴿وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یُعۡرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمۡ وَیَقُولُ ٱلۡأَشۡهَـٰدُ هَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ كَذَبُوا۟ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ أَلَا لَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [هود ١٨]

«لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ». [صحيح البخاري]

«مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». [صحيح البخاري]

«وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». [صحيح البخاري]

«إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». [صحيح البخاري]

قال الغلام القادياني في الكلام الفصيح والبليغ:

«كما يعلم الجميع أن الشخص الفصيح هو الذي يستطيع أن يبين مراده وما في ضميره بكل وضوح». [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة ٥١٣]

«فلينصف كل عادل، هل من علامات الكلام الفصيح أن يضمر في قلبه شيئا ويخرج من فمه شيء آخر؟». [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة ٥١٤]

«الشرط الأول للبلاغة هو أن يكون المتكلم قادرا جيدا على بيان ما يضمره قلبه، ويبين بوضوح تام ما يريد بيانه دون أن يبقى فيه غموض، ولا يقول كلاما مبهما وبلا معنى مثل البكم. غير أنه لو كان من مقتضى الحكمة إخفاء أمر ما أو بيانه كسر مكنون، لعد بيانه في ثوب الخفاء بلاغة. ولكن التوحيد الذي عليه مدار النجاة كلها ليس بالأمر الذي يجوز إخفاؤه». [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة ٥١٥]

«إن الكلام الذي لا تدل ألفاظه على معانيه بل تجر إلى المفاسد على عكس المراد، لا يعد فصيحا وبليغا عند عاقل». [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة ٥١٥]

وقال في ظواهر النصوص في [التحفة الغولروية ٨٨] :

«والعبارة تجدر أن تحمل على ظاهرها قبل وجود قرينة، وإلا عُد تحريفا كتحريف اليهود».

«فمن حق جميع النصوص الحديثية والقرآنية أن تفسر نظرا لظاهر الكلمات ويُحكم عليها بحسب الظاهر إلا أن تنشأ قرينة صارفة ودون القرينة الصارفة القوية يجب أن لا تفسر خلافا للظاهر».

وقال في تحريف المعنى والمراد وتفسير النصوص بالرأي والهوى:

«وتعلمون أنه من فسّر القرآن برأيه وأصاب فقد أخطأ، ثم تتبعون أهواءكم ولا تتقون مَن ذرأ وبرأ، وتتكلمون كالمجترئين». [إتمام الحجة، باقة من بستان المهدي ٦٧]

«ومَن فسّر القرآن برأيه فهو ليس بمؤمن بل هو أخ الشيطان، فأي حجة أوضحُ من هذا إن كانوا مؤمنين؟ ولو جاز صرفُ ألفاظ تحكُّمًا من المعاني المرادة المتواترة، لارتفع الأمان عن اللغة والشرع بالكلية، وفسدت العقائد كلها، ونزلت آفات على الملّة والدين. وكل ما وقع في كلام العرب من ألفاظ وجب علينا أن لا ننحت معانيها من عند أنفسنا، ولا نقدِّم الأقلّ على الأكثر إلا عند قرينة يوجب تقديمه عند أهل المعرفة، وكذلك كانت سُنن المجتهدين».  [إتمام الحجة، باقة من بستان المهدي ٥٢]

«وأنت تعلم أن حقيقة الظلم وضع الشيء في غير موضعه عمدًا وبالإرادة لينتقب وجه المحجة ويُسدّ طريق الاستفادة ويلتبس الأمر على السالكين. فالظالم هو الذي يحل محل المحرفين ويبدل العبارات كالخائنين، ويجترئ على الزيادة في موضع التقليل والتقليل في موضع الزيادة كيفا وكما، أو ينقل الكلمات من معنى إلى معنى ظلما وزوراً من غير وجود قرينة صارفة إليه، ثم يأخذ يدعو الناس إلى مفترياته كالخادعين. وما معنى الدجل والدجالة إلا هذا، فليفكر من كان من المفكرين». [نور الحق ٤٧]

وما تقدم من أقوال للغلام القادياني هي عليه وعلى جماعته.

ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم قصد مثيل المسيح وشبيهه لقال ذلك، ولقال الصحابة والتابعون ذلك أيضا.

|[٣]| كان غلام أحمد القادياني يؤمن بنزول عيسى عليه السلام، قبل إدعائه المسيحية والمهدوية:

«﴿هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِ﴾ [الصف ٩] هذه الآية تتضمن نبوءة بحق المسيح عليه السلام ماديا وسياسيا. وإن الغلبة الكاملة التي وعد بها الإسلام ستتحقق بواسطة المسيح، فعندما يأتي المسيح عليه السلام إلى الدنيا ثانية سينتشر الإسلام على يده في جميع الأقطار والأمصار». [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة ٥٧٣]

«عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمْ عَلَيْكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا، وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حصيرا". أي أن الله يريد أن يرحمكم، أما إذا عدتم إلى الإثم والتمرد فسوف نعود إلى العقاب والعذاب، وقد جعلنا جهنم سجنا للكافرين. هذه الآية تشير في هذا المقام إلى ظهور المسيح عليه السلام بالجلال، أي إذا لم يقبلوا طريق الرفق واللين واللطف والإحسان واستمروا في التمرد ضد الحق الذي استبان بالأدلة الواضحة والآيات البيئة، فالزمن قريب حين يستعمل الله عز وجل في حق المحرمين الشدة والعنف والقهر والقسوة وسينزل المسيح عليه السلام في الدنيا في منتهى الجلال ويطهر الطرق والشوارع كلها من الكلأ والأعشاب، ولن يبقى للمعوج أثر أبدا، وإن جلال الله تعالى سيبيد بذرة الضلال نهائيا بتجليه القاهر. إن العصر الراهن إنما هو إرهاص لذلك العصر، وعندها سيتم الله الحجة بالجلال. أما الآن فيتمها بالجمال.. أي بالرفق والإحسان». [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة ٥٧٩]

وما سبق يثبت أن سبب إنكاره فيما بعد نزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، نابع من ادعائه أنه هو المقصود من نزول المسيح في آخر الزمان أي الشبيه والمثيل.

يقول القاديانيون: هذا كان سابقا، إذ كان يعتقد ما يعتقده جمهور المسلمين.

وهذا القول مردود للأسباب التالية:

-١- أن الغلام القادياني استشهد بآيات من القرآن، وهذا فيه طعن لفهمه للقرآن وتفسيره له، وهو يزعم أن تفسيره للقرآن هو من الله: «وكل ما أقول من أنواع حسن البيان أو من تفسير القرآن، فهو من الله الرحمن». [نور الحق ١٩٢]

-٢- أن الغلام القادياني يدعي العصمة، وأتباعه يقولون بعصمته، وهو تارة يدعي العصمة، وتارة يعترف أنه أخطأ، وهذا تناقض: «وكل ما أخطأت فيه فهو مني، وكل ما هو حق فهو من ربي» ثم قال بعدها ما يناقض ما سبق وفي نفس الفقرة: «وإن الله لا يتركني على خطأ طرفة عين، ويعصمني من كل مين، ويحفظني من سبل الشيطان».  [نور الحق ١٩٢]

فالقول أنه أخطأ في شأن نزول عيسى عليه السلام يطعن في عصمته، هذا ما العلم أن الله -حسب افتراءه- لا يتركه على خطأ طرفة عين، ومع ذلك بقي سنوات طويلة يعتقد بنزول عيسى عليه السلام.

-٣- أن الغلام القادياني ذكر نزول عيسى عليه السلام في كتاب (البراهين الأحمدية)، وعن هذا الكتاب افترى الغلام القادياني أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقد أظهر رضاه عن هذا الكتاب:

«(أ): "رأيتُ ذات ليلة وأنا غلام حديث السنِّ كأني في بيت لطيف نظيف، يذكر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: أيها الناس، أين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأشاروا إلى حجرة، فدخلت مع الداخلين. فبشّ بي حين وافيته، وحيّاني بأحسنِ ما حيّيته، وما أنسى حسنه وجماله وملاحته وتحنّنه إلى يومي هذا. شغفني حبًا وجذبني بوجه حسين. قال: ما هذا بيمينك يا أحمد؟ فنظرت فإذا كتاب بيدي اليمنى، وخطر بقلبي أنه مِن مصنّفاتي، قلت: يا رسول الله، كتاب من مصنفاتي. قال: ما اسم كتابك؟ فنظرت إلى الكتاب مرة أخرى وأنا كالمتحيرين، فوجدته يشابه كتابًا كان في دار كتبي واسمه: "قطبي". قلت: يا رسول الله، اسمه قطبي. قال: أرِني كتابك القطبي. فلما أخذه ومسّته يده، فإذا هي ثمرة لطيفة تسرّ الناظرين. فشقّقها كما يشقّق الثمر، فخرج منها عسل مصفى كماءٍ معينٍ. ورأيت بلّة العسل على يده اليمنى من البنان إلى المرفق، كان العسل يتقاطر منها.. وكأنه يريني إياه ليجعلني من المتعجبين. ثم ألقي في قلبي أن عند أسكفّة البيت ميّتٌ قدّر الله إحياءه بهذه الثمرة، وقدّر أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم من المحيين. فبينما أنا في ذلك الخيال فإذا الميّت جاءني حيًّا وهو يسعى، وقام وراء ظهري، وفيه ضعفٌ كأنه من الجائعين. فنظر النبيّ صلى الله عليه وسلم إليّ متبسمًا، وجعل الثمرة قطعاتٍ وأكل قطعة منها، وآتاني كل ما بقي، والعسل يجري من القطعات كلها، وقال: يا أحمد، أعطِه قطعةً من هذه ليأكل ويتقوى. فأعطيته، فأخذ يأكل على مقامه كالحريصين. ثم رأيت أن كرسي النبي صلى الله عليه وسلم قد رفع حتى قرب من السقف، ورأيته فإذا وجهه يتلألأ كأن الشمس والقمر ذُرّتا عليه، وكنت أنظر إليه وعبراتي جاريةٌ ذوقًا ووجدًا، ثم استيقظت وأنا من الباكين.

فألقى الله في قلبي أن الميّت هو الإسلام، وسيحييه الله على يدي بفيوض روحانية من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يدريكم لعل الوقت قريب، فكونوا من المنتظرين. وفي هذه الرؤيا ربّاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وكلامه وأنواره وهديّة أثماره."

(ب): لقد رأى هذا العبد المتواضع في الرؤيا سيّدنا خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم في عام 1864 أو 1865 الميلادي، أعني قريبًا من تلك الفترة، حين كنت في مقتبلِ عمري ومشغولاً بتحصيل العلم، وكان في يدي كتابٌ دينيٌّ، وبدا لي أنه من مؤلّفاتي، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب سألني بالعربية: بماذا سمّيتَه؟ قلت: سمّيتُه "قطبي". وقد انكشف عليّ تأويل هذا الاسم الآن بعد تأليف هذا الكتاب الذي أعلنتُ فيه أنه كتاب محكم غير متزعزع كالكوكب الذي يسمى "القطب"، ونشرتُه مع إعلانِ جائزة عشرة آلاف روبية نظرًا إلى إحكامه وقوته. فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب مني، فلما مسّته يده، تحولت ثمرةً رائعة الجمال تشبِه الجوّافة، ولكنها بحجم البطيخ، ولما قطعها النبي صلى الله عليه وسلم شرائح لتوزيعها، خرج منها عسل كثير حتى ابتلّت يده المباركة إلى المرفق. عندها أحيي بمعجزة النبي صلى الله عليه وسلم ميتٌ كان ملقًى خارج الباب وجاء وقام وراء ظهري، وكنتُ واقفًا أمام النبي صلى الله عليه وسلم وقفة المستغيث أمام الحاكم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا على كرسي كبطل عظيم في جاه وجلال وعظمة كالملوك.

ملخّص الكلام أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاني قطعةً لأعطيها هذا الشخص الذي أعيد إلى الحياة من جديد، وألقى صلى الله عليه وسلم بقية القِطع في حجري. فأعطيته تلك القطعة، فأكلها في الحال. وعندما فرغ مِن أكلها، رأيت أن كرسي النبي صلى الله عليه وسلم قد رُفع من مكانه كثيرا، وأخذ جبينه المبارك يتلالأ باستمرار تتلألؤ الشمس بأشعّتها، وكان ذلك إشارةً إلى نضارة الإسلام وازدهاره، ثم استيقظت وأنا أشاهد ذلك النور. والحمد لله على ذلك"». [التذكرة ١]

والعياذ بالله القادياني والقاديانيون يقولون: أن عقيدة نزول عيسى عليه السلام عقيدة شركية باطلة خاطئة! فإذا كان الغلام القادياني رأى النبي صلى الله عليه وسلم حقا وصدقا، فكيف يقره النبي صلى الله عليه وسلم على هذه العقيدة الشركية الباطلة الواردة في هذا الكتاب ويظهر رضاه عن هذا الكتاب، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يقر الباطل ولا يرضى عنه!

-٤- إن الغلام القادياني قال عن كتابه (البراهين الأحمدية) : «لقد ألفت كتاب "البراهين الأحمدية" ملهما ومأمورا من الله بهدف إصلاح الدين وتجديده». [مرآة كمالات الإسلام ٤٤٣]

ووصف كتابه كما تقدم: «أعلنتُ فيه أنه كتاب محكم غير متزعزع كالكوكب الذي يسمى "القطب"».

وكتاب فيه عقيدة شركية باطلة، يكذب قول القادياني عن كتابه أنه محكم، وكتبه مأمورا من الله وملهما.

-٥- ليست الأمر متوقفا على كتاب (البراهين الأحمدية) فإن الغلام القادياني يعتبر كل كتبه من الله وبوحي منه -والعياذ بالله-:

«وإنا اقررنا بأن كتبنا كلها من حول الله ذي الجلال». [غلاف إعجاز المسيح]

«إن كتاباتي كلها مصطبغة بصبغة الوحي لأنها كتبت بتأييد خاص من الله تعالى». [سيرة المهدي الرواية ١٠٤]

-٦- لا يمكننا القول إلا أن الغلام القادياني متناقض كثيرا جدا خاصة أنه يقول:

«إيماني بالوحي النازل علي كما أؤمن بالتوراة والإنجيل والقرآن الكريم». [أربعين ١٣٤]

«والله يعلم أني ما قلتُ إلا ما قال الله تعالى، ولم أقلْ كلمةً قطُّ تخالفه وما مَسّها قلمي في عمري». [حمامة البشرى ٤٠]

ثم نراه يقول: «كنت قد فسرت خطأ لفظ التوفي بمعنى الاستيفاء في موضع من " البراهين الأحمدية " ويقدم بعض المشايخ قولي هذا بقصد الطعن، مع أنه لا يصح الطعن فيه، فإني.اعترف أنه خطأ مني، ولكنه ليس خطأ في الوحي إنما أنا بشر، ولست بريئا كسائر البشر من اللوازم البشرية من سهو ونسيان وخطأ. ومع أنني أعلم أن الله تعالى لا يتركني ثابتا على الخطأ، إلا أنني لا أدعي أني بريء من أن أخطأ في الاجتهاد. إن وحي الله يكون منزها عن الخطأ، أما كلام البشر ففيه احتمال الخطأ، لأن السهو والنسيان من لوازم البشر ». [التذكرة ٩١]

ثم يدعي النبوة وهو القائل: «لم تكن في الدنيا أمة لم يأتها نذير. أولهم آدم وآخرهم أحمد، فمبارك من استطاع أن يرى الأخير. إن الأنبياء كلهم يملكون فطرة منيرة، ولكن أحمد صلى الله عليه وسلم أكثرهم نورا». [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة ٢٣]

|[٤]| تناقض خطير وقع فيه القادياني: 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ». [صحيح البخاري]

«وَاللَّهِ لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلًا، فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ، وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ، وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ، وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ ، فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا ، وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ، وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى الْمَالِ فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ». [صحيح مسلم]

«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا، أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا». [صحيح مسلم]

يقول الغلام القادياني: «والقسم يدل على أن الخبر محمول على الظاهر لا تأويل فيه ولا استثناء، وإلا فأي فائدة كانت في ذكر القسم؟ فتدبر كالمفتشين المحققين». [حمامة البشرى ٢٨]

فبناء على قول المتنبئ القادياني نزول ابن مريم عيسى عليه السلام على ظاهره، وكذلك كل العلامات السابقة على ظاهرها، بلا تأويل ولا استثناء، وإلا فأي فائدة في ذكر القسم! وحيث أن العلامات لم تنطبق على القادياني ولم تتحقق له فهو دجال كذاب.

ويقال للقاديانيين: أنتم أخذتم بظاهر "ترك القلاص" ثم أولتم وحرفتم بقية العلامات الأخرى، وهذا دليل على الهوى والتناقض عندكم.

|[٥]| تناقص خطير بين القادياني وجماعته:

جاء في [صحيح مسلم] حديث طويل عن النواس بن سمعان رضي الله عنه وصف المسيح النازل بـ "نبي الله" أربع مرات: «…وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمُ الْيَوْمَ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ…»

غلام أحمد القادياني في بداياته كان ينكر ادعائه النبوة بعد خاتم النبيين المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم، فلما نظر الغلام القادياني للحديث السابق شعر بخطورة الحديث، إذ أن ذكر "نبي الله" أربع مرات يؤكد أن المسيح النازل "نبي" وهذا يعني أنه عيسى بن مريم عليه السلام لا مثيله وشبيهه، فقال القادياني في [عاقبة آتهم ٢٦] : «والحقيقة الأصلية التي أعلنها على الملأ أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء، ولن يأتي بعده أي نبي لا قديم ولا جديد، ومن قال بعد رسولنا وسيدنا بأنه نبي أو رسول على وجه الحقيقة والافتراء وترك القرآن وأحكام الشريعة الغراء، فهو كافر كذاب».

ثم قال في نفس الصفحة: «فاسم "نبي الله" الوارد في صحيح مسلم في حق المسيح الموعود القادم على اللسان المبارك للنبي صلى الله عليه وسلم، إنما هو من منطلق المجاز المسلم به في كتب الصوفية الكرام، وهو تعبير معروف في المكالمات الإلهية، وإلا فما معنى نبي بعد خاتم الأنبياء».

أما القاديانيون! عندما أرادوا أن يثبتوا أن غلام أحمد القادياني المثيل والشبيه "نبي" وعلى استمرار النبوة استدلوا بحديث النواس بن سمعان السابق وقالوا: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق المسيح ابن مريم الموعود به للأمة المحمدية (نبي الله) أربع مرات (صحيح مسلم، باب ذكر الدجال)». [القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح ١٨٨]

هذا مع العلم أن حديث النواس بن سمعان حديث طويل تضمن تفاصيل كثيرة لا تنطبق ولا تتوافق مع حال الغلام القادياني.

|[٦]| من يصدق مثل هكذا حجة على أن الغلام القادياني هو ابن مريم: "إنه تعالى كان قد سماني مريم في الجزء الثالث من "البراهين الأحمدية" فلم أزل اتربى وأنمو في الخفاء لمدة حولين في حالتي المريمية كما هو واضح من "البراهين الأحمدية"، ثم بعد انقضاء عامين-كما هو مذكور في الجزء الرابع من "البراهين الأحمدية" الصفحة ٤٩٦- نُفخت في روح عيسى كما نفخت في مريم، ووصفت حاملا على سبيل الاستعارة، وأخيرا بعد عدة أشهر -لا تتجاوز عشرة- جُعلت عيسى بن مريم من خلال الإلهام المسجل في آخر "البراهين الأحمدية".. أي الجزء الرابع منه وفي الصفحة ٥٥٦، فصرت ابن مريم على هذا النحو". [سفينة نوح ٧١]

|[٧]| كان نور الدين البهيروي صاحب القادياني وخليفته الأول، هو من يسوق القادياني لما يريد، ويشرف على الدعوة القاديانية، ويؤلف الكتب أو بعضها باسم الغلام القادياني وفي [المكتوبات الأحمدية ج٥ ص٨٤] - وهو غير مترجم للعربية - يقترح نور الدين على الغلام القادياني إن يدعي أنه مثيل المسيح، فيرد عليه الغلام قائلا: «في الحقيقة لا حاجة لهذا العاجز أن يكون مثيل المسيح». فدل هذا على أن دعوى المثيل كذب نابع من هوى ووساوس شيطانية وأغراض دنيوية.

|[٨]| نزل على المتنبي القادياني التالي: «كتب الله لأغلبن أنا ورسلي» ثم قال القادياني في الحاشية: «في هذا الوحي سماني الله "رسل" لأنه كما كتبنا في "البراهين الأحمدية" فقد جعلني الله تعالى مظهرا لجميع الأنبياء، ونسب إلى أسماء جميع الأنبياء، فأنا آدم، أنا شيت، أنا نوح، أنا إبراهيم، أنا إسحاق، أنا إسماعيل، أنا يعقوب، أنا يوسف، أنا موسى، أنا داود، أنا عيسى، وأنا المظهر الأتم لاسم النبي صلى الله عليه وسلم أي أنا محمد وأحمد بصورة ظلية». [حقيقة الوحي ٧٧]

«يجب أن ننظر بإنصاف، أن الله تعالى وصفني في كتابي "البراهين الأحمدية" بمثيل آدم صفي الله، وما استاء أحد من المشايخ من ذلك قط، ولقبني سبحانه وتعالى مثيلا لنوح ولم يسخط على ذلك أحدهم، ثم نعتني تعالى بمثيل يوسف ولم يغضب أحد من المشايخ، وجعلني عز وجل مثيلا لداود عليه السلام وما ضاق أحد من المشايخ ذرعا، وناداني سبحانه وتعالى بمثيل موسى وما استشاط أحد من الفقهاء والمحدثين غضبا، بل سماني الله سبحانه وتعالى مثيل إبراهيم أيضا ولم يُظهر أحد من غيظه أو غضبه شيئا. ثم بلغ أمر المماثلة في النهاية درجة خاطبني الله تعالى مرارا قائلا: "يا أحمد"، و جعلني مثيلا لسيد الأنبياء وإمام الأصفياء سيدنا المقدس محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم أيضا بصورة ظلية وما ثار أحد من المفسرين أو المحدثين غضبا. أما حين ناداني الله باسم عيسى أو مثيل عيسى فاحمرت وجوه الجميع من شدة الغيظ، واشتعلوا غضبا حتى كفرني أحدهم، وسماني غيره ملحدا». [إزالة الأوهام ٢٤١]

«ويدعم كلامنا الحديث الذي يضم نبوءة عن مثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يسمى "المهدي" بتعبير آخر. وذلك لأن الحديث يتضمن كلمات تدل بصراحة أن النبي صلى الله عليه وسلم يُنبئ في تلك النبوءة بمثيله إذ يقول بأن المهدي سيشبهني خلقا وخلقا، ويقول أيضا يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي. فملخص الحديث، أن ذلك الشخص سيكون مثيله .. فمن هنا يستطيع كل فطين أن يفهم بسهولة أنه كما ذكر في الحديث مثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم، كذلك ذكر مثيل المسيح أيضا، ولا يعني ذلك أن يراد من المصطفى صلى الله عليه وسلم مثيله، أما المسيح فيأتي بنفسه؛ فتدبر !». [إزالة الأوهام ١٨٨]

«وكذلك للإمام الحسين رضي الله عنه مماثلة كبيرة مع المسيح من حيث كونه مظلوما، فإن نزول المسيح في دمشق يدل بوضوح على أن ينزل مثيلُ المسيح - الذي سيكون مثيل الإمام الحسين أيضا في الوقت نفسه لمماثلة المسيح بالإمام الحسين - لتنبيه اليزيديين الذين يماثلون اليهود وإتمام الحجة عليهم». [إزالة الأوهام ١٥٠]

«ولقد تلقيت.أنا أيضا هذا الصدد ذات مرة إلهاما نصه: "فيك مادة فاروقية". فبالإضافة إلى مماثلتي الفطرية مع الصلحاء الآخرين - المذكورة في البراهين الأحمدية بالتفصيل - هناك مماثلة خاصة مع فطرة المسيح الناصري عليه السلام». [فتح الإسلام ١٣]

-فإذا كان الغلام القادياني كل ما سبق -والعياذ بالله-، لم تعد هناك خصوصية في كذبه أنه مثيل المسيح.

-عندما يطالب القادياني والقاديانيون بأوجه المماثلة! يكون جوابهم ليس ضروريا المماثلة الحرفية أو المماثلة بكل شيء، ثم لا تجد أي دليل من أدلة المماثلة! فقط الهراء والترهات!

مع أن نبي القاديانيين يقول: «فكما أنه سيكتسب اسمه صلى الله عليه وسلم وخلقه وعلمه ظليا، كذلك سيكتسب منه لقبه "نبي" أيضا؛ لأن الصورة البروزية لا تكتمل ما لم توجد فيها كمالات الأصل من كل جهة. وبما أن النبوة أيضا كمال للنبي، فلا بد أن يظهر هذا الكمال في صورته البروزية. لقد ظل الأنبياء جميعا يؤمنون أن البروز انعكاس كامل لأصله، حتى يتوحد اسماهما. فكما أن من البديهي أن تسمية هذا الشخص بمحمد أو أحمد بطريق البروز لا ينتج محمدين أو أحمدين، كذلك فإن مخاطبة هذا الشخص بنبي أو رسول بطريق البروز لا يستلزم كسر ختم النبوة؛ لأن البروز ليس له وجود مستقل، وعلى هذا فإن النبوة التي منحت بواسطة وبركة محمد ظلت محصورة فيه صلى الله عليه وسلم وحده. لقد أجمع كل الأنبياء عليهم السلام على أن البروز لا ينتج الغيرية، إذ ينطبق على مقام البروز قول الشاعر : لقد أصبحت لشدة الحب والاتحاد "أنت"، كما صرت "أنا"، وأصبحت جسما أنت روحه حتى لا يقول أحد فيما بعد أنا غيرك أو أنت غيري». [إزالة خطأ ١٣]

فالقادياني في النص السابق يقول أن المثيل إنعكاس كامل لأصله، ولا وجود مستقل له، ولا ينتج منه غيرية.

فإن غلام أحمد القادياني: كان شاعرا، وكان يؤلف الكتب، وكان يزعم الوحي إليه بعدة لغات! ونبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه لم يكن منه ما تقدم! فأين المماثلة؟!

وإذا كان الأمر كما سبق فإن القادياني والقاديانيين يقولون بالمماثلة، ثم هم ليسوا بقادرين على إثباتها، ثم يفرون من المطالبات بأدلة المماثلة بالإدعاء: ليس ضروريا أن تكون المماثلة حرفية وبكل شيء! فكيف يقبل منهم ذلك؟! ثم يذهبون يمينا وشمالا ويتناقضون في أقوالهم، بل ويصدق عليهم قول غلامهم:

«من المؤسف أن هؤلاء الناس لا يدرون أن الادعاء بلا دليل ثم الإتيان بكلام هراء بناء على الإدعاء نفسه وتسميته دليلا ليس من شيمة العاقلين». [ينبوع المعرفة ورسالة الصلح ٦٨]

«وبدون الدليل لا تُقبل أي دعوى، وبدون دليل لا يُقبل حتى الأنبياء». [الملفوظات ج١٠ ص٧]

«إن الإتيان بهراء الكلام ليس صعبا، فللمرء أن يهذي كما يشاء فلا وازع له ولا رادع. أما الرد المعقول والمدعوم بالدليل فهو شرط الإنصاف». [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة ٩٠]

ولا يخفى على المسلم في قصص الأنبياء عليهم الصلاة السلام أنه يجد مماثلات واختلافات. أما القادياني والقاديانيين فيدعون المماثلة وهم غير قادرين على إثباتها، وإقامة أدلة المماثلة بين غلامهم والأنبياء عليهم السلام بنصوص صريحة قاطعة!!! وبضاعتهم التأويلات والتحريفات والاستعارات واختراع القصص!

كما أن القادياني كلامه كله يتلخص في:  أوحى الله لي، كشوف، منامات، روحانية، سماوية، سخافات كالإستعارة التي عممها وتوسع فيها…الخ ولو فرضنا -جدلا- أن ما سبق حق وصحيح وصدق! فكل ما تقدم ليس دليلا عند الناس! لأن الناس تطالب بأدلة: مشاهدة يرونها، أو ملموسة، أو خبر غيبي يتحقق، أو معجزة خارقة للعادة، أو علامة قطعية يقينية لا تتطرق إليها إحتمالات، أو اقتناع أن دين ما هو الحق لأدلة مختلفة… والقادياني فاقد لكل ما سبق!!!

أما دليلي خسف الشمس والقمر لي، فلهندوسي أو سيخي أو نصراني أن يقولوا: وما أدرانا يا غلام أحمد أن الخسوف والكسوف وقع خصيصا لك فهذا شيء عادي يحدث منذ القدم؟! ثم لو طولب -مثلا- أن يتكرر له نفس ذلك الخسوف والكسوف مرتين أو ثلاث! النتيجة سوف يفر ويهرب من إجابة الطلب لأنه بإختصار يعتمد على أمور تحدث عادة: خسوف وكسوف، زلزال، مرض ووباء ما… إلخ.

فمثلا من يرى تكرار ما يكون من موسى أو عيسى عليهما السلام وكان طالبا للحق سيجزم أنهم أنبياء صادقون!

دليلي اختراع القطار وترك ركوب الجمال! يا رجل وما أدرانا أن ما سبق علامة لك؟! فقد اخترع فيما بعد الطائرات والغواصات والهواتف المحمولة والبلاستيك! ثم القادياني هلك عام ١٩٠٨م والناس في أواخر القرن التاسع عشر إلى مطلع القرن العشرين إلى أن مضى ثلثي القرن العشرين كانت لا تزال تعتمد على الجمال والخيول والبغال والأبقار والأغنام… بل إلى يومنا هذا أيضا فلا غنى للناس عنها! واليوم المخترعات كثيرة جدا يصعب عدها وحصرها!!! فإن قال التابع القادياني: أتنكر أن النبي صلى الله عليه وسلم تنبأ بترك القلاص؟! فالجواب: يا مسكين لماذا أخذت بظاهر النص وأنتم في العادة تفسرون النصوص بالتأويلات والباطنيات والاستعارات والاحتمالات…إلخ. فانتم بعد جهد جهيد باختراع القصص والتأويلات يكون منكم لعل له معنى آخر، أو لا أنكر أن يكون معناه كذا، أو يحتمل معنيين…إلخ. 

هم يظنون أنهم بتأويلاتهم وتحريفاتهم يفرون من الإلزامات! وأنا هنا سوف ألاحق القاديانيين في بعض ما يقولون من تحريفات وتأويلات حتى يتضح لك أن كلامهم محض هراء:

•يا قاديانية هل خلق القادياني من أم دون أب كما حدث لعيسى عليه السلام؟ جواب: قد يولد إنسان من أم دون أب على سبيل الندرة! يا قاديانية لماذا لم يخلق القادياني من أم دون أب على سبيل الندرة حتى تقع المماثلة؟!

•يا قاديانية هل شق البحر للقادياني كما شق لموسى عليه السلام؟ جواب القاديانيين: كان مد وجزر! يا قاديانية هل وقع مد وجزر للقادياني؟!

•يا قاديانية لماذا لم يرسل الله الطير الأبابيل للقادياني؟ جواب: هذه القصة عبارة عن مرض الجدري ثم جاءت الطيور تأكل الجيف وهي تأكل كانت تضرب اللحم بالصخور؟! يا قاديانية لماذا لم يحدث نفس الشيء مع القادياني؟! جواب: بلى قد حدث عندما تفشى الطاعون؟! يا قاديانية عندما تفشى الطاعون لماذا لم تأتي الطيور لأكل الجيف ويكون منها أنها تأكل ضاربة اللحم بالصخور؟! ثم لماذا مات بعض القاديانيين بالطاعون؟! بينما الجدري ميز بين قريش وجيش أبرهة فأصاب الأخير ولم يصب أهل مكة؟!

•يا قاديانية لقد صنع نوح سفينة بوحي من الله، ثم حدث الطوفان فلم لم يحدث ذلك مع القادياني؟! جوابهم: إن الطوفان لم يشمل الأرض كلها بل حدث في بلاد معينة؟! لماذا لم يحدث نفس الشيء يا قاديانية مع نبيكم القادياني؟! جواب -تغشيش مني-: لقد ألف حضرته كتاب سفينة نوح فكان يماثل بناء نوح للسفينة في مماثلة ومشابهة من ناحية روحانية؟! طيب: لماذا لم يصنع القادياني سفينة في مشابهة مادية؟! طيب: لماذا لم يكتب نوح عليه السلام كتابا باسم سفينة نوح في مشابهة روحانية مع القادياني؟!

•يا قاديانية أنتم تقولون: أن غلام أحمد القادياني مثيل المسيح عيسى عليه السلام، وإن المقصود من نزول المسيح أي مثيله وهو غلام أحمد القادياني، وكما كان عيسى تابعا لموسى عليه السلام كان غلام أحمد تابعا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم -لحد الآن الدجل شغال-! يا قاديانية: فإن عيسى الذي كان تابعا لموسى أنزل عليه الإنجيل، فما هو الكتاب الذي أنزل على غلامكم القادياني؟!

•يا قاديانية لماذا لم يهاجر الغلام القادياني من بلاد الهند إلى بلاد الحجاز أو الشام أو غيرها كما هاجر عيسى-حسب زعمكم- إلى بلاد الهند، حيث أن من سنن الأنبياء الهجرة حسب كلام القادياني، ومن معاني المسيح عند القادياني كثير السياحة فلماذا لم يهاجر مسيحكم يا قاديانية؟!

واكتفي بما سبق من مهازل ودجل، وأظن أن الفكرة واضحة في زيف ودجل ما يزعمه القادياني والقاديانية من مشابهة القادياني لعيسى والأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

ولا تستغرب مما سبق فعند بعضهم لجاجة وعناد في الإجابة والردود بأي جواب وكيفما كان!

وبعضهم ها… مندهشا لم نتعلم الرد على هذه الشبهة بعد!

وبعضهم حالهم تجاهل الرد على هذه الشبهة أو فلان!

وبعضهم أعمل نفسك لم تسمع بالأمر!

وبعضهم نسأل الله أن يهدينا ويهديهم وإن يزيدنا ويزيدهم هدا وإيمانا! اللهم آمين، ربنا ولك الحمد.

|[٩]| القادياني متناقض في مسألة المثيل فقد قال: «وإنا إذا ودعنا الدنيا فلا مسيح بعدنا إلى يوم القيامة». [إعجاز المسيح ٣٨]

إلا أنه قال أيضا:

«وكذلك ما ادعيت أن فكرة المماثلة قد انقطعت بعدي، بل من الممكن عندي أن يأتي في المستقبل حتى عشرة آلاف من أمثال المسيح مثلي». [إزالة الأوهام ٢١١] 

«من الممكن عندي أن يكون في دمشق بالذات أيضا مثيل المسيح في المستقبل». [إزالة الأوهام ١٥١]

«وأخيرا أريد أن أقول بأني لا أنكر أن يظهر بعدي شخص آخر مثيلا للمسيح، لأن أمثال الأنبياء يأتون إلى الدنيا دائما، بل قد سبق أن أظهر الله تعالى علي في نبوءة قطعية ويقينية أن شخصا سيولد من ذريتي، ويكون شبيها بالمسيح من عدة وجوه: فسينزل من السماء ويمهد الطريق لأهل الأرض ويفك رقاب الأسارى وينجي المقيدين في سلاسل الشبهات، ولد صالح كريم ذكي مبارك مظهر الحق والعلاء، كأن الله نزل من السماء». [إزالة الأوهام ١٩٢]

وعلى ما تقدم فأمثال المسيح لا عد لهم ولا حصر! ولا أظن الجماعة القاديانية تقبل هذا الكم الهائل من أمثال المسيح!

|[١٠]| يقول غلام القاديانيين:

«لقد أعلنت دعواي بكوني مثيلاً للمسيح بناءً على وحي الله وإلهامه جل شأنه، وقد كشف على أيضًا أنه قد سبق أن أنبئ عني ووعد بي في القرآن الكريم والأحاديث النبوية». [التذكرة ١٧٦]

«لقد أظهر الله على هذا العبد المتواضع في كشف صريح بأن مجيء مثيل ابن مريم مذكور في القرآن الكريم». [التذكرة ١٩٢]

ونحن هنا نطالبهم بالدليل قطعي الثبوت قطعي الدلالة بلا تأويل ولا تحريف أن الغلام القادياني مذكور في القرآن العظيم والأحاديث النبوية في ضوء قول الغلام القادياني التالي: «وأنت تعلم أن الأدلة عند الحنفيين لإثبات ادعاء المدّعين أربعة أنواع كما لا يخفى على المتفقهين.  الأول: قطعيّ الثبوت والدلالة وليس فيها شيء من الضعف والكلالة، كالآيات القرآنية الصريحة، والأحاديث المتواترة الصحيحة، بشرط كونها مستغنية من تأويلات المؤوّلين، ومنَزّهة عن تعارض وتناقض يوجب الضعف عند المحققين. الثاني: قطعي الثبوت ظني الدلالة، كالآيات والأحاديث المؤوَّلة مع تحقُّق الصحّة والأصالة. الثالث: ظنّيّ الثبوت قطعيّ الدلالة، كالأخبار الآحاد الصريحة مع قلّة القوّة وشيء من الكلالة. الرابع: ظنّيّ الثبوت والدلالة، كالأخبار الآحاد المحتملة المعاني والمشتبهة. ولا يخفى أن الدليل القاطع القوي هو النوع الأول من الدلائل، ولا يمكن مِن دونه اطمينان السائل. فإنّ الظنَّ لا يُغْني مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا، ولا سبيل له إلى يقين أصلاً. ولم أزل أرقُب رجلا يدّعي اليقين في هذا الميدان، وأتشوّف إلى خبره في أهل العدوان، فما قام أحد إلى هذا الزمان، بل فرّوا مني كالجبان». [إتمام الحجة، باقة من بستان المهدي 67]

وإلا كان الإدعاء: «ومَن فسّر القرآن برأيه فهو ليس بمؤمن بل هو أخ الشيطان، فأي حجة أوضحُ من هذا إن كانوا مؤمنين؟ ولو جاز صرفُ ألفاظ تحكُّمًا من المعاني المرادة المتواترة، لارتفع الأمان عن اللغة والشرع بالكلية، وفسدت العقائد كلها، ونزلت آفات على الملّة والدين. وكل ما وقع في كلام العرب من ألفاظ وجب علينا أن لا ننحت معانيها من عند أنفسنا، ولا نقدِّم الأقلّ على الأكثر إلا عند قرينة يوجب تقديمه عند أهل المعرفة، وكذلك كانت سُنن المجتهدين».  [إتمام الحجة، باقة من بستان المهدي ٥٢]

«وأنت تعلم أن حقيقة الظلم وضع الشيء في غير موضعه عمدًا وبالإرادة لينتقب وجه المحجة ويُسدّ طريق الاستفادة ويلتبس الأمر على السالكين. فالظالم هو الذي يحل محل المحرفين ويبدل العبارات كالخائنين، ويجترئ على الزيادة في موضع التقليل والتقليل في موضع الزيادة كيفا وكما، أو ينقل الكلمات من معنى إلى معنى ظلما وزوراً من غير وجود قرينة صارفة إليه، ثم يأخذ يدعو الناس إلى مفترياته كالخادعين. وما معنى الدجل والدجالة إلا هذا، فليفكر من كان من المفكرين». [نور الحق ٤٧]

|[١١]| ويحاول القادياني الاستدلال على فكرة المثيل وتمريرها بأدلة منها: 

«﴿كَمَاۤ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ رَسُولࣰا﴾ أن النبي صلى الله عليه وسلم مثيل موسى، لأن الآية تفيد حصرا بأنه عز وجل قد أرسل هذا النبي مثل النبي الذي أرسله إلى فرعون. وأثبتت الأحداث أن بيان الله جل شأنه هذا حق تماما». [أيام الصلح ٧٥]

والأية السابقة لا تتحدث عن فكرة اسمها "المثيل" حسب فهم القادياني والقاديانية بل عن سنة من سنن الله وهي إرسال الأنبياء والرسل عليهم السلام:

﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَىٰۤ أُمَمࣲ مِّن قَبۡلِكَ فَأَخَذۡنَـٰهُم بِٱلۡبَأۡسَاۤءِ وَٱلضَّرَّاۤءِ لَعَلَّهُمۡ یَتَضَرَّعُونَ﴾ [الأنعام ٤٢]

﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِیۤ إِلَیۡهِم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰۤۗ أَفَلَمۡ یَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۗ وَلَدَارُ ٱلۡـَٔاخِرَةِ خَیۡرࣱ لِّلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ﴾ [يوسف ١٠٩]

﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِیُبَیِّنَ لَهُمۡۖ فَیُضِلُّ ٱللَّهُ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ﴾ [إبراهيم ٤]

﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِیۤ إِلَیۡهِمۡۖ فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل ٤٣]

﴿سُنَّةَ مَن قَدۡ أَرۡسَلۡنَا قَبۡلَكَ مِن رُّسُلِنَاۖ وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحۡوِیلًا﴾ [الإسراء ٧٧]

﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِیۤ إِلَیۡهِ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء ٢٥]

﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔایَـٰتِنَاۤ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِی۟هِۦ فَقَالَ إِنِّی رَسُولُ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الزخرف ٤٦]

﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحࣰا وَإِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ وَجَعَلۡنَا فِی ذُرِّیَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَـٰبَۖ فَمِنۡهُم مُّهۡتَدࣲۖ وَكَثِیرࣱ مِّنۡهُمۡ فَـٰسِقُونَ﴾ [الحديد ٢٦]

فهذه الآيات وغيرها.. تتحدث أنه كما أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل السابقين فقد أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم، لكن الله جعله آخر نبي كما قال سبحانه عز وجل: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَاۤ أَحَدࣲ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِیِّـۧنَۗ﴾ [الأحزاب ٤٠]

فإن أصر القاديانيون! قلنا: هاتوا الدليل القطعي الواضح الصريح أنه يظهر رجل اسمه غلام أحمد القادياني من علاماته كذا، ويكون منه كذا، ويمكث كذا، ويظهر في بلاد كذا، وخلقه وخلقه كذا… لا يوجد!!! لذلك أنتم يا قاديانية حرفتم معنى دمشق، واللد، والمهرودتين، والمسيح الدجال، ويأجوج ومأجوج…إلخ.

فانتم لم تقولوا بالمثيل ولم تحرفوا معاني النصوص إلا لأنكم لم تجدوا نصوصا قطعية صريحة، ولأن الأدلة الكثيرة بخلاف ما تقولون.

فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي الفصاحة أوتي جوامع الكلم وما قصد من قوله: [المسيح، عيسى، عيسى بن مريم، ابن مريم، المسيح ابن مريم، المسيح عيسى ابن مريم]  إلا نبي الله عيسى عليه السلام وهذا ما فهمه الصحابة والتابعون ومن اتبعهم… والقادياني يقول:

«كما يعلم الجميع أن الشخص الفصيح هو الذي يستطيع أن يبين مراده وما في ضميره بكل وضوح». [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة ٥١٣]

«فلينصف كل عادل، هل من علامات الكلام الفصيح أن يضمر في قلبه شيئا ويخرج من فمه شيء آخر؟». [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة ٥١٤]

فإصراركم يطعن فيه صلى الله عليه وسلم وهو القائل: «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ». [صحيح مسلم]

ومن أدلة القادياني على فكرة المثيل قوله: 

«ويقول تعالى في حق يحيى عليه السلام : (لم نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا )، أي لم نرسل في الدنيا من قبل مثيلاً له يمكن تسميته "يحيى" من حيث الصفات. وإن هذه الآية بمنزلة إشارة النص لتصديق کلامي، لأن الله تعالى قد بين فيها أنه لم يرسل مثيلاً له من قبل، ولم يقل إنه لن يرسل أحد فيما بعد أيضا، وذلك ليعلم أن باب المجيء بأسماء الأنبياء الإسرائيليين فيما بعد مفتوح، أي أن الذي يكون سمي ذلك النبي عند الله سيكون مثيله، بمعنى أن من كان مثيل موسى سيسمى موسى، ومن كان مثيل عیسی سیسمى عيسى أو ابن مريم. والجدير بالانتباه أيضا بأن الله تعالى قد استخدم في هذه الآية كلمة (سميا) وما قال "مثيلا"، ليُعلم أن من مشيئة الله تعالى أن الذي سيأتي مثيلا لنبي إسرائيلي، لن يُدعى باسم "مثيل"، بل سيدعى - بسبب التوافق الكامل بينهما - باسم النبي الذي سيأتي مثيلا له». [إزالة الأوهام ٤١٦]

والجواب:

أولا: هذا الوصف فيه عدة أقوال:

قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره: «وقوله ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾

اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم معناه لم تلد مثله عاقر قط.

* ذكر من قال ذلك:

⁕ حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ليحيى ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ يقول: لم تلد العواقر مثله ولدا قط.

وقال آخرون: بل معناه: لم نجعل له من قبله مثلا.

* ذكر من قال ذلك:

⁕ حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا أبو الربيع، قالا ثنا سالم بن قتيبة، قال: أخبرنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، في قوله ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ قال: شبيها.

⁕ حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ قال: مثلا.

⁕ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.

وقال آخرون: معنى ذلك، أنه لم يسمّ باسمه أحد قبله.

* ذكر من قال ذلك:

⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ لم يسمّ به أحد قبله.

⁕ حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ قال: لم يسمّ يحيى أحد قبله.

- حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، مثله.

⁕ حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قول الله ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ قال: لم يسمّ أحد قبله بهذا الاسم.

⁕ حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ ﴿إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ لم يسمّ أحد قبله يحيى.

قال أبو جعفر: وهذا القول أعني قول من قال: لم يكن ليحيى قبل يحيى أحد سمي باسمه أشبه بتأويل ذلك، وإنما معنى الكلام: لم نجعل للغلام الذي نهب لك الذي اسمه يحيى من قبله أحدا مسمى باسمه، والسميّ: فعيل صرف من مفعول إليه».

وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: «وَقَوْلُهُ: ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ قَالَ قَتَادَةُ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَابْنُ زَيْدٍ: أَيْ لَمْ يُسَمَّ أَحَدٌ قَبْلَهُ بِهَذَا الِاسْمِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ أَيْ: شَبِيهًا. أَخَذَهُ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مَرْيَمَ: ٦٥] أَيْ: شَبِيهًا..وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْ لَمْ تَلِدِ الْعَوَاقِرُ قَبْلَهُ مِثْلَهُ».

ثانيا: سنعتمد أن المقصود بـ (سميا) شبيه أو مثيل في باب المحاجحة فنقول:

•لو فرضنا أن التفسير الصائب في معنى سميا هو الشبيه والمثيل، فهذا لا يؤسس لعقيدة اسمها "المثيل" في دين الإسلام، ولم يتحدث المسلمون والممدوحون عن هكذا عقيدة -أي المثيل- سلفا وخلفا.

•كما أن الإستدلال بـ (سميا) كشبيه ومثيل لا يؤيد القادياني في افتراءه: «باب المجيء بأسماء الأنبياء الإسرائيليين فيما بعد مفتوح، أي أن الذي يكون سمي ذلك النبي عند الله سيكون مثيله، بمعنى أن من كان مثيل موسى سيسمى موسى، ومن كان مثيل عیسی سیسمى عيسى أو ابن مريم» فالآية لم تتحدث عن شيء من هذا.

• ثم هذا القول: «باب المجيء بأسماء الأنبياء الإسرائيليين فيما بعد مفتوح» خطير جدا حتى على أتباع القاديانية، لأنه سيفتح الباب لمن يقول: أنا مثيل هارون، وأنا مثيل يحيى، وأنا مثيل سليمان، وأنا مثيل داود… ثم الجماعة القاديانية بصفتها المزعومة (خلافة على منهاج النبوة) سترفض مثل هكذا دعاوى وتتهمهم بالكذب والجنون والوحي الشيطاني…الخ -وهذه نفس إتهامات المسلمين لغلام أحمد القادياني- وقد حصل ذلك بالفعل!

•أما استدلال القادياني "بالقبلية" حيث يقول: «لأن الله تعالى قد بين فيها أنه لم يرسل مثيلاً له من قبل، ولم يقل إنه لن يرسل أحد فيما بعد أيضا…» فإن الله عز شأنه قال: ﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِیۤ إِلَیۡهِمۡۖ فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل ٤٣] فهل هذا يعني أنه سيرسل نساء نبيات بعده يا قاديانية؟!

•قد تكون هناك مشابهة بين الأنبياء عليهم السلام واختلاف في نفس الوقت، فمثلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يشبه نبي الله إبراهيم عليه السلام من حيث الخلقة، لكن من حيث السيرة كمثال فإن إبراهيم عليه السلام كسر الأصنام وألقي في النار فنجاه الله الولي المولى النصير، بينما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يكسر الأصنام إلا بعد عقدين عند فتح مكة بعد أن أصبح قويا وله جيش بالآلاف، ولم يلق عليه الصلاة والسلام في النار.

•القادياني والقاديانيون عاجزون عن إثبات مماثلة ومشابهة بين القادياني وعيسى عليه السلام.

•القادياني يزعم أنه مثيل لجميع الأنبياء، وهذا محال وصعب تصديقه أو إثباته، بل الأدلة بخلافه، ثم مماثلته لجميع الأنبياء يفقده خصوصية المماثلة بعيسى بن مريم عليه السلام.

•كما لا يوجد توافق كامل بين القادياني وعيسى عليه السلام، وحتى -حسب تحريفات القاديانية-، فمثلا هل هاجر القادياني من بلاده إلى بلاد أخرى، كما هاجر عيسى من بلاد الشام إلى بلاد الهند؟! 

ويحاول القادياني والقاديانيون تمرير فكرة المثيل من خلال القول أن هذا النبي مثيل ذلك النبي فقالوا: «كذلك فقد اعتبر نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم مثيل موسى». [إزالة الأوهام ٤٢٥]

ثم يمضي القادياني والقاديانون إلى ما هو أبعد: «هناك أمر آخر أيضا جدير بالتأمل وهو أن الله أقام سلسلتين، السلسلة الأولى هي سلسلة موسى عليه السلام، والأخرى سلسلة النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل السلسلة الثانية مثيلة الأولى لأن النبي صلى الله عليه وسلم عُد مثيل موسى. ومذكور في سفر التثنية في التوراة قوله سبحانه وتعالى لموسى أني سأبعث من بين إخوتك نبيا مثلك. وورد في القرآن الكريم: (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا) أي مثيل موسى. تأملوا الآن إن لفظ : "كما" يدل هنا بكل وضوح أنه لن يكون هناك أي نقص في الكمالات والبركات في هذه السلسلة أيضا. ثم ورد اللفظ "كما" نفسه في آية الاستخلاف في سورة النور أيضا: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ). لقد وعد بالخلافة المؤمنون أصحاب الأعمال الصالحة من هذه الأمة. فكما جعل الخلفاء في بني إسرائيل، كذلك جاء حرف "كما" في الآية القرآنية أيضا. فمن ناحية جعلت هذه السلسلة مثيلة السلسلة الموسوية، وفي آية أخرى وعد بجعل الخلفاء كما في السلسلة الموسوية. أفلا يبين التوافق الطبيعي بين السلسلتين أن يكون في هذه الأمة أيضا خلفاء مثلهم؟ يتبين ذلك حتما. مما لا شك فيه أن الخليفة في القرن الثالث عشر في السلسلة الموسوية كان المسيح، فلماذا يجب ألا يسمى الخليفة في القرن الثالث عشر في السلسلة المحمدية مسیحا كان ضروريا أن يُسمى القادم مسيحا. هذا هو السر الذي بسببه وعد الله تعالى بمجيء مسيح في هذه الأمة». [الملفوظات ج٧ ص٢٨٤]

هم يريدون القول أنه كما أرسل الله عز وجل موسى عليه السلام إلى بني إسرائيل وأنزل عليه التوراة، كان كل أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام تابعين لموسى عليه السلام وإلى كتاب الله التوراة إلى آخر نبي من أنبياء بني إسرائيل وهو عيسى عليه السلام، فهذه سلسله من الأنبياء الأمة الإسرائيلية، فبناء على ذلك جعل الله سلسلة أخرى هي سلسلة محمد صلى الله عليه وسلم -حسب قولهم- ليمرروا نبوة غلام أحمد القادياني ومسيحيته ومهدويته.

وهذا كلام فاسد مردود:

° ففي أمة محمد صلى الله عليه وسلم جعل الله الخلفاء، قال عليه الصلاة والسلام: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ ". قَالُوا : فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ قَالَ : " فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ». [صحيح البخاري]

° أما إستدلال القادياني بالتوراة فأظن أنه يقصد هذا النص: «أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به». [التثنية ١٨:١٨]

فهذا النص لا تثبت منه فكرة "المثيل" ولا عقيدة المماثلة، غاية ما يفيده النص كما أنك "نبي" أرسل لهم نبي مثلك. كما يقول إنسان لآخر: كما أنك شاعر أنا شاعر مثلك! وحتى لو كان هذا النص يثبت فكرة المثيل فهو لا يلزمنا.

° خرابيط القاديانيين كالتالي: كان النبي من الأنبياء مثيل للنبي..، كي يمرروا أن نبيهم القادياني مثيل المسيح، لكن النصوص لا تدل على هذا، بل ما يفهم من النصوص كمثال كما أن صفة موسى عليه السلام أنه نبي كذلك صفة محمد صلى الله عليه وسلم نبي. كما يقول مهندس لآخر أنا مهندس مثلك.

° وأيضا فإن من شأن بعض أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام رغم تابعيتهم لموسى وكتابه عليه السلام:

﴿وَءَاتَیۡنَا دَاوُۥدَ زَبُورࣰا﴾ [النساء ١٦٣]

﴿وَقَفَّیۡنَا عَلَىٰۤ ءَاثَـٰرِهِم بِعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِۖ وَءَاتَیۡنَـٰهُ ٱلۡإِنجِیلَ فِیهِ هُدࣰى وَنُورࣱ﴾ [المائدة ٤٦]

فإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء عليهم السلام، علم وفهم بالضرورة أن كتابه القرآن آخر الكتب السماوية! لا كتاب إلهي بعده!

والقاديانيون كمعتقد يؤمنون بالقرآن ككتاب سماوي أخير، لكنهم في نفس الوقت يؤمنون أن كتب غلام أحمد القادياني كتب موحى بها من الله!!! ويستدلون بها كما يستدل المسلمون بالكتاب والسنة!

° ثم المسألة ليست عداوة شخصية بيننا وبين القادياني بل إن الأمر دين، فقبل القادياني وبعده إلى يومنا هذا أجمع المسلمون أن من أدعى النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم هو كذاب دجال، ولو قيل أن سبب تكذيب القادياني هوى أو دنيا أو عداوة شخصية، فأمامنا ١٣٠٠ سنة قبل القادياني كان من شأن المسلمين -للنصوص الصريحة الثابتة- تكذيب كل من ادعى النبوة وهم لم يسمعوا بالقادياني ولم يدركوه. 

الخلاصة: لا وجود لسلسلة من الأنبياء في أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما كان في أمة موسى عليه السلام.

ثم انظر لقوله صلى الله عليه وسلم: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ» بينما بين القادياني ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ١٣٠٠ سنة، ثم الأهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت المخالفة (لا المماثلة) «وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ»

وأيضا من تناقض القاديانيين أنهم يقولون: كما كانت السلسلة النبوية في أمة موسى، فهناك سلسلة نبوية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم! ثم هم يرفضون نبوة كل من يدعي النبوة بعد غلام أحمد القادياني! وهذا حال القادياني الذي يثبت ذلك وينفيه في نفس الوقت سواء مثيل أو مجدد…

|[١٢]| بعد أن تحدث القادياني عن مماثلة محمد صلى الله عليه وسلم لموسى عليه السلام، وكما حدث وأن أهلك الله -القوي المتين العظيم العزيز- فرعون، حدث أن أهلك الله -الواحد القهار- أبو جهل الذي هو فرعون هذه الأمة كمماثلة ثم قال ما يخالف حاله:

«لأن المماثلة يجب أن تكون في الأمور المشهودة والمحسوسة واليقينية والقطعية لا بادعاء سخيف وخيالي يكون بحد ذاته موضع نقاش وإنكار شديد». [أيام الصلح ٧٦]

ويحاجج النصارى بقوله: «فإذا لم تتحقق هذه المماثلة في الأمور المشهودة المحسوسة ولم تعد في نظر المعارض أمورا ثابتة وبدهية ومسلما بها، فكيف يمكن أن يهدي الادعاء السخيف طالب الحق؟ فأي شك في أن كون يسوع مخلصا هو ادعاء محض لم يثبتوه بالأدلة العقلية ولم يثبتوه من البديهيات؟ ويمكن أن تسألوهم فهم لا يستطيعون بيان الأمور المميزة بين المسيحية والأمم الأخرى التي تثبت أن هذه الأمة وحدها ناجية والآخرون كلهم محرومون من النجاة، بل قد ثبت أن هذه الأمة عديمة الحظ نهائيا من الروحانية والفيوض السماوية والعلامات الروحانية للنجاة والبركات. فكيف وبأي شكل يمكن أن تتحقق المماثلة ؟! إذ يجب أن تكون المماثلة في الأمور البدهية والمحسوسة والمشهودة، لكي يتمكن الناس من معرفتها يقينا فيعرفوا بها الشخص المثيل. فإذا ادعى أحد اليوم بأنه مثيل موسى وقال في إثبات ذلك بأنه مخلص الأمة روحانيا ولم يقدم علامة النجاة المحسوسة والمشهودة، فهل سوف يقبل النصارى بأنه مثيل موسى في الحقيقة؟ فالقرار الحق وحكم الإيمان والإنصاف هو حصرا أن عيسى اللي ليس مثيل موسى قط. ولم يقدموا أي نموذج للأحداث الخارجية الذي تثبت مماثلته بموسى عليه السلام في تخليص المؤمنين ومعاقبة الكفار بل على عكس ذلك قد تعرض المؤمنون في زمنه لأشد الأذى ، الذي لم ينج منه عيسى عليه السلام نفسه». [أيام الصلح ٧٧]

ومن الطرائف أنه حدثت مناظرة بين نبي القاديانية وبين النصراني عبد الله آتهم فقال الأخير محاولا إحراج نبي القاديانية: «فتعال لنحكم في الموضوع بواسطة آية سماوية. وقلت أيضا بأنك ألهمت إلهاما خاصا بنوال الفتح في هذا الميدان، وبالتأكيد سيكون الله الصادق مع الذين يتمسكون بالحق. الرد على بيانك يتلخص كما قلنا من قبل أيضا، في أننا لا نتباحث معك حاسبين إياك نبيا أو رسولا أو ملهما، إذ لا علاقة لنا بأفكارك الشخصية وأسبابك وإلهاماتك بل نتناقش معك - حاسبين إياك شخصا مسلما - حول الإسلام والمسيحية بحسب القواعد والمبادئ والمعترف بها بوجه عام عند كليهما. على أية حال ما دمت مستعدا لإراءة قدرة إلهية خاصة وتدعونا للمبارزة فيها فلا نرفض رؤية المعجزة أو الآية فنقدم إليك الأشخاص الثلاثة الذين منهم الأعمى والأعرج والأبكم فاجعل من استطعت منهم سليما معافى وسنؤدي ما يجب ويتحتم علينا نتيجة هذه المعجزة. إنك تؤمن بحسب قولك باله ليس قادرا من حيث الكلام فقط بل هو قادر على كل شيء في الحقيقة، فلا شك أنه سيكون قادرا على شفائهم أيضا، فلماذا التردد في ذلك؟ وبحسب قولك سيكون الله مع الصادق لا محالة، فارحم خلق الله وبسرعة. ولعلك تعلم أن هذا ما سيحدث اليوم أيضا. إن الله الذي أخبرك بأنك ستنتصر في هذه المعركة والموطن يكون قد أخبرك أيضا أنه سيعرض عليك اليوم الأعمى وغيره من المنكوبين. فلك أن تحقق تحديك حالا أمام جميع المسلمين والمسيحيين». [الحرب المقدسة ١٦٦]

ولأن القادياني عاجز عن تلبية ذلك الطلب، كان جواب القادياني محرجا أيضا: « فبناء على ذلك قلت أن القرآن الكريم ذكر علامات الناجي، وبالنظر إليها نرى أن أتباع هذا الكتاب المقدس ينالون النجاة في هذه الدنيا، ولكن أين توجد فيكم علامات الناجين أي المؤمنين الحقيقيين المذكورة في دينكم على لسان عيسى عليه السلام؟ فمثلا قد ورد في إنجيل مرقس ١٦: ١٧-١٨: "وَهَذِهِ الآيَاتُ تَتَّبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ باسْمِي، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ * يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئًا مُمِيتًا لا يَضُرُّهُمْ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ " والآن أقول بكل أدب وأعتذر مسبقا إن كان في كلامي شيء من المرارة أو القسوة - إن المرضى الثلاثة الذين قدمتموهم قد جعل عيسى عليه السلام شفاءهم علامة خاصة بالمسيحيين إذ يقول إن من علاماتكم، إن كنتم مؤمنين صادقين أنكم لو وضعتم أيديكم على المرضى فيبرأون فأرجو المعذرة على قولي بأنكم إن كنتم تدعون كونكم مؤمنين صادقين فإن المرضى الثلاثة الذين أحضرتموهم موجودون فأرجو أن تضعوا عليهم أيديكم. فلو شفوا لقبلنا أنكم مؤمنون صادقون وحائزون على النجاة، وإلا فلا سبيل لتقبل ذلك لأن المسيح عليه السلام يقول أيضا: "لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنتُمْ تَقُولُونَ لهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُناكَ فَيَنْتَقِلُ". على أية حال، لا أريد منكم أن تنقلوا الجبل الآن لأنه بعيد من مكاننا هذا، ولكن نعم ما حدث أن أحضرتم المرضى بأنفسكم، فأرجوكم أن تضعوا عليهم أيديكم واشفوهم وإلا فلن يكون لكم إيمان حتى مثل حبة خردل وليكن واضحا عليكم أن هذه الحجة لا تقوم علينا لأن الله جل شأنه لم يجعلها علامة لنا في القرآن الكريم؛ أي إذا وضعتم أيديكم على المرضى شفوا، غير أنه قال بأني سأجيب دعواتكم بحسب مرضاتي وحكمتي. وإن لم يكن الدعاء جديرا بالقبول وكان قبوله ينافي حكمة الله لأخبرتم بذلك، ولم يقل قط بأنكم ستعطون قدرة على أن تفعلوا ما شئتم. ولكن يبدو أن المسيح يحتل منصبا يمكنه من تزويد أتباعه بالقدرة على شفاء المرضى مثلا، كما ورد في إنجيل متى ۱:۱۰: "ثم دَعَا تَلَامِيذَهُ الأثْنَى عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى أَرْوَاحِ نَجسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا، وَيَشْفُوا كُلِّ مَرَضِ وَكُلِّ ضُعْف". والآن صار واجبا عليكم وعلامة على إيمانكم أن تشفوا هؤلاء المرضى أو تقروا أنه ليس فيكم إيمان مثل حبة خردل، ولتعلموا أيضا أن كل شخص يؤاخذ بحسب كتابه لم يرد في أي مكان في قرآننا أنكم ستعطون قدرة مطلقة بل قال عز وجل بصراحة تامة: (قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ الله". أي أن الله تعالى يظهر آية يشاء، والعبد ليس قادرا على أن يطلبها منه قهرا. فهذا الجبر والإكراه يوجد في كتبكم أنتم فقط. وكان المسيح بحسب قولكم يري معجزات اقتدارية وأعطى هذه القدرة تلاميذه أيضا. وتعتقدون أيضا أن المسيح ما زال حيا وقيوما وقادرا على كل شيء وعالما بالغيب وهو معكم ليل نهار ويستطيع أن يعطيكم ما شئتم، فعليكم أن تترجوا منه أن يشفي هؤلاء المرضى الثلاثة بوضع أيديكم عليهم لتتحقق علامة الإيمان فيكم وإلا فليس من المناسب أن تناظروا أهل الحق بصفتكم مسيحيين صادقين، وإذا طلبت منكم علامات على كونكم مسيحيين صادقين فتقولون لاحول لنا ولا قوة في ذلك !! فبقولكم هذا تقيمون الحجة على أنفسكم بأن دينكم ليس دينا حيا الآن. أما أنا فمستعد لإظهار الآيات التزاما بما حدد الله تعالى من علامات كوننا مؤمنين صادقين. وإن لم أستطع فيمكنكم أن تعاقبوني بأية عقوبة تشاءون، وتضعوا على رقبتي سكينا كما تشاءون الأسلوب الذي أمرنا به لإراءة الآيات هو أن نطلب من الله - الذي هو إلهنا الحق والقادر - آية بتضرع وابتهال عند المواجهة حين ينكر نبيه الصادق والكامل، فسيريها على كيفما شاء بحسب مرضاته وليس لكونه مسيرا أو تابعا لأمرنا، وعليكم أن تفكروا جيدا أن المسيح الله مع غلوكم في شأنه عجز عن إراءة معجزات اقتدارية كما جاء في إنجيل مرقس : ۱۱-۱۲ "فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَابْتَدَأُوا يُحَاوِرُونَهُ طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ، لِكَيْ يُجرِّبُوهُ. فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ وَقَالَ: لِمَاذَا يَطْلُبُ هذا الجيلُ آيَةً؟ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُعْطَى هذا الجيل آية !"

لاحظوا الآن، فقد طلب اليهود آية على المنوال نفسه ولكن المسيح تنهد ورفض إعطاء الآية. وهناك مناسبة أخرى أكثر غرابة من سابقتها حين علق المسيح على الصليب قال اليهود: "خلص آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا إِنْ كَانَ هُوَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَلْيَنْزِلِ الآنَ عَنِ الصَّلِيبِ فَنُؤْمِنَ بِهِ!".

تأملوا الآن في هذه العبارة بنظرة فاحصة أن اليهود أقروا بكل وضوح أنه لو نزل عن الصليب لآمنوا به، ولكن المسيح لم يقدر على ذلك. ويتبين من هذه العبارات كلها بجلاء أن إراءة الآيات الاقتدارية ليس بوسع الإنسان بل في يد الله كما يقول المسيح عليه السلام في موضع آخر أي في إنجيل متى ١٢: ۳۹: "جيل شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلَا تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إلا آية يُونَانَ النَّبي". انظروا الآن، لم يقبل المسيح طلبهم بل قال ما كان يعلمه من الله تعالى، كذلك أقول أنا أيضا ما أعلمه من الله جل شأنه. لا أدعي الألوهية ولا القدرة، إنني إنسان مسلم أتبع القرآن الكريم، وبحسب تعليم القرآن الكريم أدعي النجاة الحالية. لا أدعي النبوة وإنما هذا خطأ منكم أو تقولون ذلك متأثرين بفكرة ما. هل من المحتوم أن الذي يدعي الإلهام يجب أن يكون نبيا أيضا؟ أنا مسلم وأطيع الله تعالى والرسول طاعة كاملة، ولا أريد أن أسمى هذه الآيات معجزة بل إن هذه الآيات بحسب ديننا تسمى الكرامات التي تعطى نتيجة اتباع الله والرسول صلى الله عليه وسلم». [الحرب المقدسة ١٦٨-١٧١]

نحن هنا لا يهمنا من انتصر في هذه المناظرة ما يهمنا أن القادياني والقاديانية متناقضون وكلامهم يفسد بعضه بعضا! -مع العلم أن أصداره تنبأ بخصوص آتهم يدل على أنه لم يشعر بالإنتصار في هذه المناظرة، والنتيجة أنه لم يغلب أحدهما الآخر، ثم فشل ذلك التنبؤ بخصوص موت آتهم-.

فإن المسلم عندما يقول له قادياني إن غلام أحمد القادياني مثيل المسيح! -وكما نقلنا من كلام القادياني- يخطر في باله مماثلة بأمر محسوس يقيني قطعي:

﴿وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ أَنِّی قَدۡ جِئۡتُكُم بِـَٔایَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ أَنِّیۤ أَخۡلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّینِ كَهَیۡـَٔةِ ٱلطَّیۡرِ فَأَنفُخُ فِیهِ فَیَكُونُ طَیۡرَۢا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ وَأُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ وَأُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأۡكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِكُمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَةࣰ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ﴾ [آل عمران ٤٩]

﴿إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ٱذۡكُرۡ نِعۡمَتِی عَلَیۡكَ وَعَلَىٰ وَ ٰ⁠لِدَتِكَ إِذۡ أَیَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِی ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلࣰاۖ وَإِذۡ عَلَّمۡتُكَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَۖ وَإِذۡ تَخۡلُقُ مِنَ ٱلطِّینِ كَهَیۡـَٔةِ ٱلطَّیۡرِ بِإِذۡنِی فَتَنفُخُ فِیهَا فَتَكُونُ طَیۡرَۢا بِإِذۡنِیۖ وَتُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ بِإِذۡنِیۖ وَإِذۡ تُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِیۖ وَإِذۡ كَفَفۡتُ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ عَنكَ إِذۡ جِئۡتَهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡهُمۡ إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّا سِحۡرࣱ مُّبِینࣱ﴾ [المائدة ١١٠]

فيسأل المسلم: هل تكلم القادياني في المهد بإذن الله؟ هل أحيا الموتى بإذن الله؟ هل كان يشفي الأكمه والأبرص؟ هل هل…؟؟؟!!!

فيكون جواب القادياني: نحن لا نؤمن أن المسيح عليه السلام كان يحيي الموتى ويشفي المرضى! وهذه لها تأويلات أنت لا تعرفها! لأنك تربيت على تفسيرات أصحاب الفهم التقليدي!

فهذا التابع القادياني يرفض أن يشفي الله مريضا -بإذنه- على يد المسيح عليه السلام، ثم تجد نبيه القادياني يقول بالشفاء الدجلي والتنويم المغناطيسي: «وليكن معلوما أيضا في هذا المقام أن الإبراء من الأمراض أو إلقاء الطاقة الحيوية على الجمادات فروع العمل الترب. لقد كان في كل زمن أناس، ولا يزالون في العصر الحاضر أيضا، يبرئون من الأمراض بهذا العمل الروحاني، وظل المفلوجون والمبروصون والمسلولون يشفون نتيجة تركيزهم وتوجههم». [إزالة الأوهام ٢٦٩]

ثم نجد القاديانيين في [دليلهم الثالث عشر على صدق القادياني] يقولون: «معجزة الشفاء: هناك العديد من قصص شفاء المرضى التي حدثت على يد المسيح الموعود عليه السلام وبفضل أدعيته الحارة لله تعالى، وفي عدد من هذه الحالات كانت أشبه بإحياء الموتى، ونكتفي هنا بمثالين: 1: قصة عبد الكريم الذي عضّه كلب مسعور وكتب الأطباء أنه لا أمل في نجاته، 2: قصة ميان عبد الرحيم خان الذي تلقى فيه المسيح الموعود عليه السلام وحي: "إنك أنت المُجاز".

ثم نجد القادياني كما مر يعيب على النصارى أنهم غير قادرين على شفاء المرضى وتحريك الجبال كما جاء في كتب النصارى، نجد القاديانيين يقولون في [دليلهم الخامس والعشرون على صدق القادياني] :«آيات أراها الأتباع: يجب أن يظهر على يد التلاميذ ما يظهر على يد النبيّ وإن كان بصورة ظليّة جزئية. إن صفات كل نبيّ ومعجزاته تنعكس في أفراد من أمته من الذين يصطبغون بصبغته ويفنَوْن فيه. لقد أرى أتباع المسيح الموعود عليه السلام آيات كثيرة في استجابة الدعاء، وفي الشفاء، وثبت أن بعضهم تلقى كثيرا من الرؤى الصادقة والكشوفات الواضحة…».

والحقيقة: لم يكن القادياني يشفي أحدا لا بإذن الله ولا بالتوجه والدعاء إلى الله، ولم يكن يملك لنفسه الشفاء وهو دائم المرض والشكوى من كثرة أمراضه وحالته الصحية السيئة، وكذلك الأمر بالنسبة للأتباع من صحابته كانوا مرضى ولا يملكون الشفاء لأنفسهم!

وإنما الأمر في مسألة الشفاء عبارة عن مزاعم، فإن جربوا في محك الاختبار كان منهم الفرار: ﴿إنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَنۡ هُوَ مُسۡرِفࣱ كَذَّابࣱ﴾ [غافر ٢٨]

وصدق القادياني -وهو كذوب- عندما قال:

«أنى للضرير أن يهدي الضرير طريقا، وأني لمجذوم أن يشفي الآخرين». [فتح الإسلام ١٠]

«إن المراد من الدليل هو ما كان قطعي الدلالة ومنيرا في حد ذاته وبديهيا ومثبتا لأمر وليس محتاجا إلى إثبات نفسه لأن الأعمى لا يهدي الأعمى الطريق». [الحرب المقدسة ١٩٧]

فسبحان الله الذي يجعله صادقا في مقام إظهار كذبه! لا إله إلا الله محمد رسول الله.

وسبحان الله الذي يجعل الحق على لسان المنافق! والله أكبر.

وسبحان الله الذي يجعل الحكم في أقوال الجهال! والحمد والشكر لله.

وبالله نتعوذ سبحانه رب العالمين.

|[١٣]| عندما يطالب القادياني بأدلة الممثالة فمن أقواله في ذلك:

«ومن سخف الكلام تماما القول بأن الذي يُدعى مثيل المسيح يجب أن يُحيي الموتى أيضا مثله، أو يشفي المرضى، لأن المماثلة تكون في الغاية المتوخاة دائما، ولا أهمية للأمور المتخللة». [إزالة الأوهام ٤٢٤]

فنقول: إن الذي نعلمه من خلال النصوص -وهي الحكم- أن الغاية المتوخاة من نزول المسيح عليه السلام أعماله وما يجعل له الله -القادر القدير المقتدر- من الخير والخيرات حسب النصوص:

-قتل الدجال.

-هلاك يأجوج ومأجوج.

-كسر الصليب.

-هلاك الملل.

-يقع الأمان على الأرض.

-يفيض المال ويكثر حتى لا يقبله أحد.

-يكون من العدل والخير ما الله به عليم.

-تضع الحرب أوزارها.

-وضع الجزية.

-قتل الخنزير.

-إيمان من شاء الله من اليود النصارى.

-ذهاب الشحناء والتباغض والتحاسد.

-ترك القلاص.

وما سبق من أمثله لم تقع من قبل القادياني ومعانيها محرفة عند القادياني والقاديانية، اللهم إلا ترك القلاص التي أخذوا بظاهرها الحرفي:

*مع أن الواقع التاريخي يدل إلى أنه من زمن القادياني إلى هلاكه وحتى بعد هلاكه بعقود بقيت الناس تعتمد على الجمال، بل في يومنا هذا لا زال كثير من الناس يستخدمون الجمال.

*يقول النووي رحمه الله في ترك القلاص: «وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( وليتركن القلاص فلا يسعى عليها ) فالقلاص بكسر القاف جمع قلوص بفتحها وهي من الإبل كالفتاة من النساء والحدث من الرجال . ومعناه أن يزهد فيها ولا يرغب في اقتنائها لكثرة الأموال ، وقلة الآمال ، وعدم الحاجة ، والعلم بقرب القيامة . وإنما ذكرت القلاص لكونها أشرف الإبل التي هي أنفس الأموال عند العرب . وهو شبيه بمعنى قول الله عز وجل : { وإذا العشار عطلت } ومعنى ( لا يسعى عليها ) : لا يعتنى بها أي يتساهل أهلها فيها ، ولا يعتنون بها . هذا هو الظاهر . وقال القاضي عياض وصاحب المطالع رحمهما الله : " معنى لا يسعى عليها " أي لا تطلب زكاتها إذ لا يوجد من يقبلها . وهذا تأويل باطل من وجوه كثيرة تفهم من هذا الحديث وغيره ، بل الصواب ما قدمناه . والله أعلم».

*يا قاديانية كمثال في أستراليا اليوم أعداد كثيرة من الجمال تعيش دون اهتمام من البشر بها، ويتم قتلها للتخلص منها ومن ما تسببه للبشر، ولا يتم أكل لحمها، ولا تصديرها والمتاجرة بها، وحسب تأويلاتكم ومنطقكم في التفسير لماذا لا يكون هذا معنى ترك القلاص.

*القادياني في زمانه بدأ يرى ويسمع عن إنشاء السكك الحديدية والقطارات، فيبدو أنه استنتج أن الناس لن تستخدم الجمال بسبب ذلك، وكان يستدل بالسكة الحديدية التي تبنيها السلطنة العثمانية الممتدة إلى الحجاز، فكذبه الله إذ خربت هذه السكة الحديدية بعد ثورة الشريف حسين.

يقول القادياني: «لقد ظهرت حاليا لسكان مكة المعظمة والمدينة المنورة آية عظيمة وهي أن الناس كانوا يستخدمون الجمال للوصول من مكة إلى المدينة من ثلاثة عشر قرنا، إذ كانت مئات الآلاف من الجمال تتنقل بين مكة والمدينة كل عام وكانت نبوءة متفق عليها في القرآن والحديث أن هذه الجمال ستترك في زمن من الأزمان في المستقبل ولن يركبها أحد. فآية (وَإِذَا العشار عطلت) (التكوير : ٥) والحديث يترك القلاص فلا يسعى عليها" يشهدان عليها. فما أعظم هذه النبوءة التي كانت علامة لتعيين زمن المسيح الموعود وظهوره فتحققت بابتكار القطار، فالحمد الله على ذلك». [أربعين ٣٧]

ثم لو فرضنا أن تأويل القادياني لترك القلاص صحيح صائب فلماذا يؤخذ بظاهر نص وتترك بقية النصوص ويتم تحريفها بشكل قبيح مستنكر؟! السبب لأن ظاهرها لا يتوافق مع القادياني، والقادياني والقاديانية إذا وجدوا أي نص فيه رائحة أن ظاهره يفيدهم طاروا به وصار دليلهم قائم على الظاهر. 

يقول القادياني عن العلامات: «أنا الموعود، وجئت وفق العلامات المذكورة في الأحاديث، فوا أسفا؛ ما فتحوا العيون ليعرفوني. أنا آدمي اللون، والفرق كما بينه سيدي صلى الله عليه وسلم بين في الشعر. لا مجال للشك والريب في مقدمي، فقد ميزني سيدي عن مسيح أحمر اللون». [إزالة الأوهام ١٩٥]

القضية ببساطة: القادياني لا يجري على يده شيء فهو:

-يجد نص يعجبه فيأخذ به، وربما فيما بعد يخالفه أو يرده.

-يجد ظاهرة ما ممكن تفيده فيقول هذه علامة علي مثل الخسوف والكسوف.

-ينظر أمامه في شيء من الواقع ويلبسه نصا إسلاميا ثم يدعي أنه علامة تدل عليه مثل ترك القلاص.

-يحدث شيء ما فيقول تنبأت به سابقا.

ولقد دلت التجارب معه أنه إذا طولب بآية أو شيء يدل على صدقه أو علامة يقينية محسوسة يفر ويتذرع. ثم فيما بعد يزعم الآيات كالشفاء وغيره!

ثم لو تجاوزنا كل تحريفات القادياني والقاديانيين للنصوص السابقة، هناك نصوص كالشمس فمثلا:

١- ورد أن المسيح النازل يحج أو يعتمر. وهذا لم يتحقق للقادياني.

٢- ورد أن المسيح عليه السلام يمكث أربعين عاما بعد ظهوره أو نزوله، وورد بخصوص المهدي أن يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا. وكل هذه السنوات لا تتوافق مع القادياني، كما أنها تفرق بين مدة ظهور المسيح والمهدي كشخصين مختلفين.

القضية عند القاديانيين باختصار: ما يتوافق مع القادياني أخذنا به، وما خالف أولناه أو رددناه أو تجاهلناه.

بينما القضية عند المسلمين: هذه النصوص هي الحكم، وفيها الحق والهدى والعصمة من الضلال، وهي تفضح الكذابين والدجالين. فعرضوا حال القادياني على النصوص فكانت النتيجة: خبيث دجال كذاب! بل هذا أيضا يقول به القادياني في نصوص له:

«ثم الأصول المحكم والأصل الأعظم أن يُنظر إلى العلامات ويُقدَّم البينات على الظنيات، فإن كنت ترجع إلى هذه الأصول فعليك أن تتدبّر بالنهج المعقول ليهديك الله إلى حق مبين». [سر الخلافة ٨٦]

أما تأويل كل العلامات التي لا تتوافق مع الغلام القادياني فدجل ومهزلة!

|[١٤]| الأمر ليس متوقفا في المماثلة على الأنبياء والأولياء والصالحين:

فهناك مماثلة المدن: «إن الله تعالى قد كشف لي أن لقرية قاديان مماثلة وعلاقة مع دمشق لأن معظم سكانها ذو طبائع يزيدية ... فقد شبه الله هذه القرية - قاديان - بدمشق من هذا المبدأ». [فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام ١٥١]

وهناك مماثلة السعداء والأشقياء: «إن أسمى أنواع الرجعة البروزية اثنان فقط هما (۱) بروز الأشقياء (۲) بروز السعداء. فكلا هذين البروزين داخل في سنة الله إلى يوم القيامة، إلا أنهما سيتكاثران بعد يأجوج ومأجوج لكي يشكلان دليلا على نهاية بني آدم، ولكي يفهم منه اكتمال الدور». [التحفة الغولروية ٢٦٦]

وللدجال مثيل: «سيأتي للدجال مثيل كما سيأتي للمسيح ابن مريم مثيل». [إزالة الأوهام ٣٨٤]

وأحسبه صدق في ذلك، فإن الدجالين قريب من ثلاثين دجالا، والقادياني واحد منهم!

بل وصل الأمر بالقادياني أن يتحدث عن [مثيل الله] سبحان الله الواحد الأحد الوتر الصمد وعياذا بالله تبارك وتعالى وتقدس وتنزه، ثم هو يفسر هذا بتفسيراته، أنظر:

«وفي أسفار بعض الأنبياء الآخرين حيث ورد ذكري، كما وردت كلمة "الملك" بحقي في كتب بعض الأنبياء مجازا ولقد سماني دانيال "ميكال" في كتابه دانيال ومعنى "ميكال" باللغة العبرية مثيل الله، وكأنه يشبه الإلهام الوارد في البراهين الأحمدية "أنت مني بمنزلة توحيدي وتفريدي فحان أن تعان وتعرف بين الناس"، أي أنت حائز على قربي وأنا أحبك كما أحب توحيدي وتفريدي، فسوف أجعلك معروفا في العالم مثلما أريد أن ينتشر توحيدي، وحيثما وصل اسمي سيكون اسمك معه». [التحفة الغولروية ٢٩]

«وقد ورد عن آدم في الإصحاح الأول: ٢٦: "تعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا". ثم ورد في سفر دانيال الإصحاح ۱۲ عندئذ سينهض ميخائيل (ومعناه مثيل الله) ذلك السيد العظيم القائم لتأييد أبنائك (أي سيبعث المسيح الموعود في الزمن الأخير)، فميخائيل، أي مثيل الله، هو في الحقيقة اسم آدم في التوراة. وقد أشير إلى ذلك في الحديث النبوي أيضا حيث ورد: إن الله خلق آدم على صورته». [التحفة الغولروية ٢٢٨]

ومع الجنون السابق تجد الكاتب المعتوه يكتب في نفس الكتاب: «(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) وليس له أي نظير أو مثيل منذ الأزل أي ذاته منزهة عن النظير والمثيل وهو سبوح». [التحفة الغولروية ٢٢٦]

|[١٥]| يشنع القادياني والقاديانيون على المسلمين أنهم ينتظرون مسيحا دمويا ومهديا سفاكا!

في محاولة للقادياني والقاديانيين لإضلال الناس فهم يصفون المهدي والمسيح بالدموي والسفاك حيث يقول القادياني: «في هذا الزمن ينتظر المهدي السفاك والمسيح الدموي. وهناك أمل وشوق إلى أنه سيهبهم السلطنة فور مجيئه ويُهلك الكفار». [الملفوظات ج٤ ص٣٢٩]

«وإن انتظار مسيح سفاك ومهدي دموي، كما يزعم عامة المسلمين، أمر سخيف وتافه جدا». [التذكرة ٣٠٠]

الحقيقة أن هذه الصفات محاولة بائسة خائبة من القادياني والقاديانيين للقبول بغلام قاديان كمثيل للمسيح وأنه هو المقصود من النصوص.

وسنثبت لكم يا قاديانية أن غلام أحمد القادياني دموي سفاك شرير بالتالي:

أولا: أن القادياني من الممكن عنده مجيء مسحاء بشوكة وجلال: «أنني ما ادعيت قط أني أنا المسيح الموعود الوحيد فقط ولن يأتي مسيح في المستقبل، بل أؤمن وأقول مرارا وتكرارا بأنه يمكن أن يأتي أكثر من عشرة آلاف مسيح دع عنك مسيحا واحدا، ومن الممكن أن يأتي بعضهم بشوكة وجلال ظاهري أيضا، وممكن أيضا أن ينزل بداية في دمشق». [فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام ٢٦٥]

ثانيا: بل هو يبشر بمجيء ونزول مثيل مسيح قاهر جلالي: «وكشف على أيضا أن من المقدّر أن ينتشر الفساد والشرك والظلم في العالم ثانية بعد انقضاء فترة الخير والصلاح وغلبة التوحيد، فيأكل البعض بعضا كالديدان ويسود الجهل، ويبدأ الناس في عبادة المسيح ثانية، وتنتشر جهالة اتخاذ المخلوق إلها على نطاق واسع وستنتشر كل هذه المفاسد في الدنيا في الفترة الأخيرة من هذا الزمن الأخير على يد الديانة المسيحية، وعندها تهيج روحانية المسيح هيجانا مرة ثالثة، وتقتضي نزولها نزولاً جلاليا، فتنزل في صورة مثيل له قاهر، وينتهي ذلك الزمن، وعندها تكون النهاية ويطوى بساط العالم». [التذكرة ٢١٧]

ثالثا: كان يؤمن بنزول عيسى بن مريم عليه السلام بقهر وشوكة وجلال: «عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمْ عَلَيْكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا، وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حصيرا". أي أن الله يريد أن يرحمكم، أما إذا عدتم إلى الإثم والتمرد فسوف نعود إلى العقاب والعذاب، وقد جعلنا جهنم سجنا للكافرين. هذه الآية تشير في هذا المقام إلى ظهور المسيح عليه السلام بالجلال، أي إذا لم يقبلوا طريق الرفق واللين واللطف والإحسان واستمروا في التمرد ضد الحق الذي استبان بالأدلة الواضحة والآيات البيئة، فالزمن قريب حين يستعمل الله عز وجل في حق المحرمين الشدة والعنف والقهر والقسوة وسينزل المسيح عليه السلام في الدنيا في منتهى الجلال ويطهر الطرق والشوارع كلها من الكلأ والأعشاب، ولن يبقى للمعوج أثر أبدا، وإن جلال الله تعالى سيبيد بذرة الضلال نهائيا بتجليه القاهر. إن العصر الراهن إنما هو إرهاص لذلك العصر، وعندها سيتم الله الحجة بالجلال. أما الآن فيتمها بالجمال.. أي بالرفق والإحسان». [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة ٥٧٩]

والقادياني عندما يتحدث عن النزول أو الظهور [الجلالي] فهو يقصد من يظهر بشوكة وقهر وعنف وقسوة وغلبة.

وعندما يتحدث عن النزول [الجمالي] فهو يقصد العكس بالحجة والقلم والبراهين، والقادياني يعتبر ظهوره ظهور جمالي.

رابعا: أن القادياني كان ناصحا أمينا وشاكرا بلا منة لحكومته البريطانية الدموية السفاكة! وكان القادياني يؤيد البريطانيين الدمويين السفاكين ضد المسلمين في ثورة عام ١٨٥٧م وغيرها:

«كان يعطى -أي والده- كرسيا في بلاط الحاكم وكان شاكرا مخلصا وناصحا أمينا للحكومة البريطانية». [إزالة الأوهام ١٦٦]

«اشترى -أي والده- في أيام مفسدة عام ١٨٥٧م -أي ثورة المسلمين- خمسين حصانا ممتازا من جيبه الخاص، وقدمها للحكومة مساعدة منه مع خمسين من خيرة الشباب، لذا كان يحظى بقبول عام عند الحكومة». [إزالة الأوهام ١٦٦]

«وبعد وفاة والدي، ظل أخي الأكبر ميرزا غلام قادر مشغولا في إسداء الخدمات للحكومة، وحين اندلعت معركة بين الثوار وجيش الحكومة الإنجليزية عند ممر "تِمون" شارك في المعركة في صف الحكومة الإنجليزية». [البراءة ٦]

«أما أنا فكنت في زاوية الخمول بعد وفاة والدي وأخي، إلا أنني أوظف قلمي لتأييد الحكومة الإنجليزية ودعمها منذ ١٧ عاما، وإن الكتب التي ألفتها خلالها قد رغبت الناس فيها في طاعة الحكومة الإنجليزية ومواساتها، وكتبت فيها مقالات مؤثرة جدا عن الامتناع عن الجهاد». [البراءة ٦]

والمفروض من ناحية دينية -حسب ضلاله- أن لا يقف ضد ثورة المسلمين لأنه يقول:  «يا أسفا عليهم؛ لماذا لا يفكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بحق المسيح الموعود قبل ثلاثة عشر قرنا بأنه سوف "يضع الحرب".. مما يعني أن المسيح الموعود سينهي الحروبَ ببعثته، وإلى ذلك تشير الآية القرآنية [حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا].. أي قاتِلوا حتى يأتي زمنُ المسيح». [الحكومة الإنجليزية والجهاد ٨]

وكان القادياني يومها في بداية البلوغ ولم يبعث بعد نبيا ومسيحا ومهديا! فالأمر هوى ودنيا وكذب ودجل!

وهذه الثورة عام ١٨٥٧م وقع من الإجرام والدموية والسفك من قبل الإنجليز بحق المسلمين ما الله به عليم.

خامسا: القادياني وقف مع الحكومة البريطانية الدموية السفاكة في حربها في جنوب أفريقيا: «ففي هذه الأيام تخوض حكومتنا مواجهة مع سلطنة ديمقراطية صغيرة اسمها "ترانسفال". هذه الدولة ليست أكبر من البنجاب ومن حمقها المحض أنها بدأت مواجهة سلطنة كبيرة جدا. أما الآن وقد بدأت المواجهة فعلى كل مسلم أن يدعو لانتصار الإنجليز. ما لنا ولترانسفال بل علينا أن نكون ناصحين لمن أحسن إلينا آلاف الإحسانات. إن للجار على الجار حقوقا كبيرة بحيث يضطرب المرء لدى السماع عن معاناته. ألا تحزن قلوبنا حين نقرأ عن مصائب جنود الحكومة الإنجليزية الأوفياء. إن الذي لا يشعر بآلام الحكومة كما يشعر بآلامه قلبه مسود بحسب رأيي». [وقائع جلسة الدعاء ٤٧١]

سادسا: القادياني مع بريطانيا ضد أفغانستان التي هزمت بريطانيا ثلاث مرات، وقد كان القادياني يرسل تيوسه إليها:

ففي [التذكرة ٦٣٨] يقول: «لقد ذبحنا اليوم ثلاثة تيوس حملا لهذه الرؤيا على الظاهر».

وقال جلال الدين شمس في الحاشية: «لقد تحقق هذا الوحي أيضا في أرض أفغانستان التعيسة الدموية مثلما تحقق هناك من قبل الوحي الآخر القائل: "شاتان تذبحان" الوارد في البراهين الأحمدية (الخزائن الروحانية الجزء الرابع، مجلد ۱، ص ٦١٠)، حيث أمر الملك الأفغاني أمير أمان الله خان بقتل ثلاثة من الأحمديين رشقا بالحجارة».

فأفغانستان دموية لأنها هزمت بريطانيا.

وتم وصفها بالدموية لأنهم قتلت ثلاث تيوس.

والقادياني ضد المهدي الدموي والمسيح السفاك، لكنه مع بريطانيا الدموية السفاكة!

والسؤال يا قادياني: كم قتلت بريطانيا من المسلمين في بلاد العالم؟!

والسؤال الآخر: كم قتلت بريطانيا من بشر -من غير المسلمين- في قارات العالم، من غير المسلمين في أمريكا وأفريقيا وجنوب شرق آسيا وغيرها من بلاد العالم… وماذا عن الحرب العالمية الأولى والثانية؟!

والسؤال الثالث: من أحق بالوصف بالدموية والسفك ويصدق عليه الوصف، المسلمون البسطاء، أم الإمبراطوية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس، والتي تحتل بلادا في كل القارات، وتمتلك الأسلحة التي يكون منها السفك والدموية؟!

سابعا: إن القادياني يعيب على المسلمين أنهم يؤمنون بمسيح ومهدي يتهمهما بالدموية والسفك، ثم هو يتحدث عن ملاك لله عز وجل وصفه بالدموي: «وكما ذكرت من قبل أني تلقيت ثلاثة إلهامات عن قتل ليكهرام. الأول: ظهر علي ملاك دموي وسألني أين ليكهرام؟ الثاني: الإلهام الذي ذكرته أنفا: "عجل جسد له خوار، له نصب وعذاب". والثالث: البيت الذي ألهمت من الله ونشر قبل الأوان أي قبل موته بخمس سنوات، وتعريبه : "يا أيها العدو الجاهل الضال خف سيف محمد صلى الله عليه وسلم البتار". أي يا ليكهرام لماذا تسب سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم، لم لا تخاف سيف محمد صلى الله عليه وسلم الذي سيمزقك إربا؟». [حقيقة الوحي ٢٧٢]

والسؤال يا قادياني: إذا كانت "الدموية" مذمة! فكيف يوصف بها ملاك من ملائكة الله الرحمن؟؟؟!!!

ثامنا: المتنبي القدياني نبي الدم والموت والحروب والمصائب والكوارث والدمار:

«الآية العاشرة: هلاك الناس بكثرة بأنواع الآفات كما هو مدلول الآية القرآنية: { وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا }. فهنا قد ذُكر العصر الراهن، إذ يهلك الناس بالطاعون والزلازل والطوفانات وثوَران البراكين والحروب فيما بينهم. وقد اجتمعت في هذا العصر دواعي الموت بحيث لا يوجد لها نظير في أي عصر خلا». [حقيقة الوحي ١٨٤]

«لقد دعوت الله اليوم لنزول المطر، وخطر ببالي فورا إلى جانب الدعاء أن الحر وشح المطر يطابق قضاء الله وقدره، والتدخل فيه ليس مناسبا. لقد أوحى لي الله تعالى ما تعربيه: جاء نذير في الدنيا، فأنكروه أهلها وما قبلوه، ولكن الله يقبله، ويُظهر صدقه بصول قوي شديد، صول بعد صول. كل نوع من المصائب والشدائد تندرج تحت صولاته القوية، وكلها نبوءات من نوع واحد، وكل ما يحدث هو مفيد لنا على أي حال. ليس غريبا أن يكون صول وشيك الظهور بصورة القحط أيضا». [الملفوظات ج٧ ص١٧٢]

«دار الحديث حول الغبار الصاعد في الجو وشح الأمطار والطقس غير العادي فقال -القادياني-: ذات يوم عزمت على الدعاء نظرا إلى الحر الشديد و اضطراب الناس فخطر ببالي فجأة أن ما يفعله الله تعالى إنما هو لتأييدنا. فلو زال الطاعون اليوم وتوقفت الزلازل ونضجت الزروع جيدا سيبدأ الناس مرة أخرى بكيل الشتائم والسباب لي بعد حيازتهم الأمن. لقد قال الله تعالى لي: "سأظهر صدقك بصولات قوية". فهذه هي صولاته، فلماذا أدعو لإيقافها ؟ راحتنا لا تكمن في راحة دنيوية، فكل ما يحدث إنما هو لصالحنا. إن سنة الله جارية على هذا النحو منذ الأزل. ما دام الله كافل أمورنا كلها فلماذا نحزن؟ ما سيظهر سيكون آية لنا».  [الملفوظات ج٧ ص١٨٥] وهذا النص قاموا بتحريفه لتلطيفه!

«النبوءة رقم 33 زمن بيانها قبل تسع سنوات من اليوم زمن تحققها بعد بضعة أعوام تفشى الطاعون في مومباي. تفصليها حين لم يكن للطاعون أي أثر في مومباي دعوت لحلوله واستجيب الدعاء. فقد ورد في عام 1311 من الهجرة الذي مضى عليه تسع سنوات في.كتابي "حمامة البشرى" بيت من الشعر يتضمن الدعاء التالي: فلما طغى الفسق المبيد بسيله تمنيت لو كان الوباء المتبر" أي حين تفاقم الفسق دعوت الله تعالى احلول الطاعون. (انظروا الصفحة 1 من القصيدة في حمامة البشرى». [نزول المسيح ١٤٧]

«الزلزال وشيك». [التذكرة ٦٥٢]

«تفشي مرض الكوليرا وشيك». [التذكرة ٧٧٩]

إلى غير ذلك من نصوص..

فالقادياني -على أساس أنه مجاب الدعاء- لا يدعو ربه لتوقف ما سبق لأن ذلك في مصلحته، بل بالعكس هو يدعو الله لحصول الكوارث، ولا يخفى فساد ذلك! إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء لنزول المطر أو دفع الضرر.

والقادياني والقاديانيون يعتبرون كل ما يحصل في العالم من حروب وكوارث ومصائب بسبب عدم إيمان البشر بغلامهم القادياني! 

نقول -جدلا- مسيح المسلمين ومهديهم الذين يصفهما القادياني والقاديانيون "بالدموية والسفك" أفضل بكثير من نبي الموت والهلاك والمصائب والكوارث والدمار! ونعوذ بالله رب العالمين.

والخلاصة: ما صدرت كلمة المثيل والشبيه والظل والبروز والمظهر عن القادياني والقاديانية، إلا لتمرير نبوته ومسيحيته ومهدوتيته! وما هي إلا فرارا من ظواهر النصوص فأولوا وحرفوا معاني النصوص الإسلامية! وألقوا الشبهات! فلما كان الأصل والأساس باطل تفرعت من إدعاءاتهم الأباطيل، فوقعوا في الإشكالات والتناقضات! والحمد لله رب العالمين.

الرد على القاديانيين في وصفهم المسيح والمهدي بالسفك والدموية:

/١/ يقول القادياني: «كان نبينا صلى الله عليه السلام مثيلا لموسى وعيسى عليهما السلام كليهما، فكان موسى عليه السلام قد ظهر بجلال إذ كانت الصبغة الغالبة عليه هي الجلال والغضب الإلهي بينما بعث عيسى عليه السلام بسمة الجمال وكانت الصبغة الغالبة عليه هي التواضع، أما نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم فقدم نموذجي الجلال والجمال كليهما في حياته بمكة والمدينة». [أربعين ١٢٥]

ففي هذا النص يثبت غلام القاديانية أن موسى عليه السلام ظهر بجلال، بينما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم جمع بين الجلال والجمال!

وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يستنكر القاديانيون أن يظهر عيسى بن مريم عليه السلام بجلال، أو بجلال وجمال معا! 

فإن قال القاديانيون: لأن غلام أحمد هو مثيل للمسيح عيسى عليه السلام الذي بعث بجمال.

قلنا:

•أثبتت النصوص أنه يقاتل ويحارب! :

«لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ - يَعْنِي عِيسَى - وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ، رَجُلٌ مَرْبُوعٌ، إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ ، كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَيُهْلِكُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ». [سنن أبي داود]

وأن المسيح الدجال رجل يقاتل بالسيف: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ ، حَتَّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ». [سنن أبي داود]

•ثم إن غلامكم يا قاديانية ليس مثيلا للمسيح فحسب، بل هو مثيل لكل الأنبياء عليهم السلام كما تقدم من نصوص في النقطة رقم |[٤]| وعليه فإن موسى عليه السلام أمر بالقتال! وحارب وقاتل كذلك داود وسليمان وغيرهم عليهم السلام! فلماذا غلامكم يا قاديانية -في هذه الجزئية الحرب والقتال- مثيلا للمسيح عيسى عليه السلام في باب الجهاد والقتال، وأنه لا يقاتل ولا يحارب؟! ولماذا ليس مثيلا لمحمد صلى الله عليه وسلم الذي جمع بين الجلال والجمال؟! ومن المعلوم أن الدين الإسلامي يجمع بين السيف وبين الحجة، فأهل السيف لهم السيف، وأهل الحجة لهم الحجة!

/٢/ هل هؤلاء يا قاديانية كانوا دمويين سفاكين -والعياذ بالله-:

داود عليه السلام: ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا یَشَاۤء﴾ [البقرة ٢٥١]

سليمان عليه السلام: ﴿ٱرۡجِعۡ إِلَیۡهِمۡ فَلَنَأۡتِیَنَّهُم بِجُنُودࣲ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخۡرِجَنَّهُم مِّنۡهَاۤ أَذِلَّةࣰ وَهُمۡ صَـٰغِرُونَ﴾ [النمل ٣٧]

/٣/ يا قاديانية عليكم بإنكار النص التالي للقادياني:

«لقد حفف الله شدة الجهاد (أي الحروب الدينية) تدريجا، إذ كان في زمن موسى عليه السلام شدة متناهية بحيث لم يكن الإيمان ينقذ من الهلاك وكان الرضع يُقتلون، أما في زمن نبينا صلى الله عليه وسلم فقد حرم قتل الأولاد والشيوخ والنساء كما قبل من بعض الأمم أن تنجو من المؤاخذة بدفع الجزية دون أن تسلم، ثم في زمن المسيح الموعود قد أوقف الأمر بالجهاد كليا». [أربعين ١٢٢]

فحسب الكلام السابق لغلامكم القادياني -والعياذ بالله- فإن موسى عليه السلام كان سفاكا دمويا!

/٤/ في زمن القادياني والقاديانية تم إستعمار العالم الإسلامي كله تقريبا -باستثناء أفغانستان وبعض أجزاء الجزيرة العربية وتركيا- فمن السخف والحماقة والدجل أن يقال هذا الزمن ليس زمن جهاد (وهو جهاد دفاعي) ؟! كما يقول القادياني: «وكل من يبايعني ويؤمن بأني أنا المسيح الموعود، لا يجد بدا من الإعتقاد، ومن يوم البيعة نفسه، أن الجهاد بالسيف في هذا الزمان قد صار حراما البتة، لأن المسيح قد نزل». [الحكومة الإنجليزية والجهاد ٤٠]

بل من ناحية تاريخية لا يوجد زمن كان فيه الجهاد مطلوبا ودفاعيا وفرضا على القادر من زمن القادياني والقاديانية! والدليل أنه في كل بلاد العالم في ذلك الزمان ظهرت الحركات التحررية من الإستعمار عند الكفار وعند المسلمين على حد سواء!

فإذا علمت ذلك، ثم علمت أن القادياني كان يؤيد بريطانيا في محاولتها إحتلال أفغانستان، ويدعو المسلمين في كل البلاد لطاعة الحكومة البريطانية وشكرها حتى في مكة والمدينة وعاصمة السلطنة العثمانية، ثم ترى القادياني يؤيد بريطانيا في حربها في جنوب إفريقيا ثم ابنه وخليفته الثاني من بعده يرسل القاديانيين للحرب مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى واحتلال العراق، علمت أن القوم أهل هوى وكذب ودجل، والعياذ بالله رب العالمين.

ثم يبرر القادياني حمل الصحابة رضي الله عنهم للسيف قائلا: «إن الصحابة قبلكم قدموا أروع مثل للحياة الجلالية ما أكسبهم المدح والثناء عليهم، وكان الزمن يقتضي النماذج من الحياة الجلالية لأن المؤمنين كانوا يقتلون كالأغنام والشياه تعظيما للأوثان وعبادة المخلوق، وكانت مكانة الله أعطيت للأحجار والنجوم والعناصر والمخلوقات الأخرى، فلا شك أن الزمن كان يقتضي الجهاد لكي يُقتل بالسيف من يحمل السيف ظلما، فأسكت الصحابة رضي الله عنهم بالسيف أولئك الظالمين الذين حملوا السيف، وأحرزوا إنجازات لتجلي اسم محمد المحبوب الذي هو مظهر الجلال، وأراقوا دماءهم وضحوا بأرواحهم دفاعا عن الدين». [أربعين ١٢٣]

يا قاديانية: ألم يكن المسلمون يقتلون في الجزائر؟ ألم تسلب أملاكهم؟! ألم يحاربوا في دينهم؟! ألم يحاربوا حتى في لغتهم العربية؟! ألم يكن المسلمون مضطهدون في دينهم ودنياهم في روسيا والتركستان والقوقاز وفي شرق أوروبا؟!

فهذا هو القادياني وهذه هي القاديانية وهذا هو كذبهم ودجلهم! وهذه أفكارهم البالية والتافهة!

|[١٦]| من أقوال القادياني في المماثلة:

★«فبالإضافة إلى مماثلتي الفطرية مع الصلحاء الآخرين - المذكورة في البراهين الأحمدية بالتفصيل - هناك مماثلة خاصة مع فطرة المسيح الناصري عليه السلام. وبناء على هذه المماثلة الفطرية أرسلت باسم المسيح لكي تمزق العقائد الصليبية إربا. فقد أرسلت لكسر الصليب وقتل الخنزير. لقد نزلتُ من السماء والملائكة الأطهار على يميني وعلى يساري فأنزلهم ربي الذي هو معي على قلوب مهيأة لإنجاز مهمتي بل لا يزال ينزلهم. حتى ولو سكت وتوقف قلمي عن الكتابة لما توقف عن عملهم الملائكة الذين نزلوا معي، وفي أيديهم صوالجة كبيرة قد أعطوها لكسر الصليب وتمزيق تماثيل عبادة الخلق». [فتح الإسلام ١٣]

وحيث أن هذا لم يتحقق على يد القادياني يبدأ التأويل والتحريف في العمل، وقد يرحل الموضوع إلى سيتحقق ذلك في المستقبل، ويصبح الموضوع (شبهات وردود)!

★«إن طرح هنا اعتراض: أنه يجب أن يكون مثيل المسيح الناصري أيضا نبيا، لأن المسيح كان نبيا. فالجواب الأول على هذا الاعتراض هو أن سيدنا ومولانا لم يشترط النبوة للمسيح الآتي، بل قال صراحة إنه سيكون مسلما وملتزما بشريعة القرآن الكريم مثل بقية المسلمين، ولن يفعل شيئا أكثر من ذلك لإظهار إسلامه وكونه إمام المسلمين. 

وبالإضافة إلى ذلك، فإنني دون أدنى شك قد جئت من الله تعالى، محدثا في هذه الأمة، والمحدث أيضا يكون نبيا من وجه. ومع أن نبوته ليست تامة، لكن فيه جزء من النبوة لأنه يحظى بشرف مكالمة الله تعالى، وتكشف عليه أمور غيبية، ويُنزه وحيه من تدخل الشيطان مثل وحي بقية الرسل والأنبياء. ويكشف عليه لب الشريعة، ويأتي مأمورا مثل الأنبياء تماما. ويكون واجبا عليه مثل الأنبياء أن يُعلن عن نفسه، وإن منكره يستوجب نوعا من العقاب ولا معنى للنبوة إلا أن تتحقق فيها الأمور المذكورة آنفا.

ولو قدم عذر أن باب النبوة مسدود، وأن الوحي الذي ينزل على الأنبياء قد انقطع لقلت: لم يُغلق باب النبوة من كل الوجوه ولم ينقطع كل أنواع الوحي أيضا؛ بل إن باب الوحي والنبوة مفتوح جزئيا للأبد لهذه الأمة المرحومة. ولكن يجب الانتباه جيدا إلى أن النبوة التي بابها مفتوح إلى الأبد ليست نبوة تامة بل كما قلت قبل قليل: إنها نبوة جزئية وتسمى بتعبير آخر "المحدثية" التي تنال بالاقتداء بالإنسان الكامل الذي يجمع في نفسه جميع كمالات النبوة التامة؛ أي سيدنا ومولانا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم». [توضيح المرام ٦٨]

ويومها كان الغلام القادياني نبي ناقص، ثم فيما بعد أصبح نبيا حقيقة، ونسخت كل أقواله السابقة في نفي النبوة عن نفسه حسب كلام ابن القادياني بشير الدين محمود، فالنسخ في الأقوال جائز، أما النسخ في الأحكام القرآنية فيشكك الناس في الدين والقرآن!!!

ثم لاحظ أن القادياني منزه عن وحي الشيطان مثل بقية الرسل والأنبياء! مع أنه في نصوص أخرى يتهم الأنبياء بتلقي الوحي الشيطاني!

الضلال سلم سلم، ودرجة درجة، وخطوة خطوة، والعياذ بالله رب العالمين القائل سبحانه: 

﴿وَلَا تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَ ٰ⁠تِ ٱلشَّیۡطَـٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوࣱّ مُّبِینٌ﴾ [البقرة ١٦٨]

﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّبِعُوا۟ خُطُوَ ٰ⁠تِ ٱلشَّیۡطَـٰنِۚ وَمَن یَتَّبِعۡ خُطُوَ ٰ⁠تِ ٱلشَّیۡطَـٰنِ فَإِنَّهُۥ یَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِۚ﴾ [النور ٢١]

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وأعوذ بالله من شياطين الجن والإنس، وأعوذ بوجه الله ذو الجلال والإكرام، وأعوذ بمحبته ورضاه، وأعوذ بالله الحفيظ الهادي والواقي والكافي.

«الرد على أن المسيح ابن مريم أحيا الأموات وأبرأ الأكمه وفتح آذان الصم وماذا أرى مثيل المسيح من هذه المعجزات؟ أولا، يكفي في هذا المقام جوابا أن المسيح الذي ينتظره المسلمون لم يرد في حقه في الأحاديث قط أن الأموات سيحيون على يده، بل جاء فيها أن أحياء سيموتون بنفسه، وإضافة إلى ذلك لقد أرسلني الله تعالى ليحيا الأموات الروحانيون». [إزالة الأوهام ١١٥]

فهذا الجواب من الغلام القادياني فيه تلاعب في الكلام فإن الله قال:

﴿وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ أَنِّی قَدۡ جِئۡتُكُم بِـَٔایَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ أَنِّیۤ أَخۡلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّینِ كَهَیۡـَٔةِ ٱلطَّیۡرِ فَأَنفُخُ فِیهِ فَیَكُونُ طَیۡرَۢا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ وَأُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ وَأُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأۡكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِی بُیُوتِكُمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَةࣰ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ﴾ [آل عمران ٤٩]

﴿إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ٱذۡكُرۡ نِعۡمَتِی عَلَیۡكَ وَعَلَىٰ وَ ٰ⁠لِدَتِكَ إِذۡ أَیَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِی ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلࣰاۖ وَإِذۡ عَلَّمۡتُكَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَۖ وَإِذۡ تَخۡلُقُ مِنَ ٱلطِّینِ كَهَیۡـَٔةِ ٱلطَّیۡرِ بِإِذۡنِی فَتَنفُخُ فِیهَا فَتَكُونُ طَیۡرَۢا بِإِذۡنِیۖ وَتُبۡرِئُ ٱلۡأَكۡمَهَ وَٱلۡأَبۡرَصَ بِإِذۡنِیۖ وَإِذۡ تُخۡرِجُ ٱلۡمَوۡتَىٰ بِإِذۡنِیۖ وَإِذۡ كَفَفۡتُ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ عَنكَ إِذۡ جِئۡتَهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡهُمۡ إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّا سِحۡرࣱ مُّبِینࣱ﴾ [المائدة ١١٠]

وأثبتت ذلك الأحاديث: «وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ؛ فَإِنَّهُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى». [مسند الإمام أحمد]

أما إنكار القادياني أن عيسى بعد نزوله لا يحيي الموتى، بل أحياء يموتون بنفسه، فيرد عليه بالتالي:

‹١› ليس من المستبعد أن يكون من المسيح عليه السلام معجزات بعد نزوله، فربما طالبه بعض الناس ببعض المعجزات كإحياء الموتى وشفاء المرضى بإذن الله ليستيقنوا أنه عيسى بن مريم عليه السلام، كما طالب بعض الناس القادياني بذلك كما تقدم، والله تعالى أعلم.

‹٢› إن النبوءات والأخبار الغيبية لا تذكر كل شيء وكل التفاصيل عن الشيء المتنبأ به أو المخبر عنه، فإن أهل الكتاب أخبروا عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهل أخبروا عنه في كل شيء وتفصيليا!

‹٣› النصوص الحديثية جاءت تدل أن المسيح عليه السلام تكون له معجزات في آخر الزمان بأمر الله، منها على سبيل المثال: نزول المسيح من السماء -نزول إعجازي عجز القادياني عنه فأوله-: «إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ». [صحيح مسلم]

أما سخرية القادياني والقاديانيين -والعياذ بالله-: هيه هيه ها هو المسيح نزل من السماء… انظر [إزالة الأوهام ١٦٩] فمن الممكن الإتيان بمثله: هيه هيه لقد نزل مسيح القاديانية إنه كثير التبول!!! ثم إن كثرة إسهال وتبول القادياني إعجاز بحد ذاته! ذلك أنه لا يفارق المرحاض بسبب ذلك! ومع ذلك يؤلف الكتب ويقوم بمهمات الدعوة!!! أما إذا ضممت باقي أمراض القادياني فإعجاز في طبقات بعضه فوق بعض!!! نسأل الله المعافاة والعافية في القلب والعقل والنفس والأهل والصحة والدين، ربنا لك الشكر والحمد، اللهم آمين.

‹٤›وبخصوص سخرية القادياني: «بل جاء فيها أن أحياء سيموتون بنفسه» فإن القدياني كان يصدر تنبأته بموت فلان وعلان وتنبؤات الموت والدمار بالجملة كالأمراض والزلالزل!

«أما ما يُطلب من المعجزات مقابل معجزات في حياة المسيح الأول لتحقيق المماثلة، فقد شرحت هذا الأمر من قبل وقلت بأن الإحياء المادي ليس بشيء، وإنما قد جئت للإحياء الروحي وهذا سيتحقق حتما. وإضافة إلى ذلك لو رأينا أعمال المسيح الحقيقية بتجريدها من الحواشي التي لفقت بمحض الافتراء أو بسوء الفهم لما وجدت فيها أعجوبة». [إزالة الأوهام ١١٨]

-كيف الإحياء المادي ليس بشيء، وهو شيء عجيب عند الإنسان، لأنه غير معتاد على رؤيته؟!

-ثم هذا الإحياء الروحاني المطاطي الذي يتلاعب به في التعبير بحيث أنك لا تفهم شيئا! هل هذا بشيء ومن عجائب القادياني؟!

-ثم هو يجرد معجزات القادياني من مضمونها حتى لا تكون فيها أعجوبة، لأنه عاجز عن الإتيان بمثلها.

«يقول بعض من فئة الموحدين مشيرين إلى الآيات القرآنية إن المسيح ابن مريم كان يخلق الطيور من مختلف الأنواع والأجناس، ثم ينفخ فيها ويحييها، وبناء على ذلك قد وجهوا الاعتراض إلى فقالوا: ما دمت تدعي أنك مثيل للمسيح، فاجعل من الطين طيرا وانفخ فيه الحياة أمامنا، لأنه ما دامت بلايين الطيور التي خلقها المسيح موجودة إلى الآن ونراها تطير في كل مكان فلا بد أن يخلق مثيل المسيح أيضا طيرا.

الجواب على هذه الوساوس الباطلة هو أن الآيات التي ورد فيها مثل هذا الكلام إنما هي من المتشابهات والاستنتاج منها أن الله تعالى كان قد جعل عيسى عليه السلام شريكه في صفة الخلق بإذنه وإرادته، إنما هو الإلحاد الصريح وعدم الإيمان بعينه؛ لأنه لو فوض الله تعالى صفات ألوهيته إلى غيره لبطلت ألوهيته أصلا، أما قول هذا "الموحد" المحترم بأنه لا يعتقد أن عيسى عليه السلام كان يخلق الطيور بقدرته هو، بل يعتقد أن الله تعالى كان قد فوض هذه القوة والقدرة إليه بإذنه وإرادته وجعله شريكا في صفة الخلق بمشيئته، وأن لله سبحانه وتعالى حقا أن يجعل من يشاء مثيلا لنفسه إذ أنه القادر المطلق فهذه كلها أقوال شركية وأسوأ من الكفر. لقد قلنا أيضا لهذا الموحد: هل تستطيع أن تميز بين الطيور التي خلقها الله تعالى وبين التي من نسل الطيور التي خلقها عيسى عليه السلام فاتضح من سكوته أنه لا يستطيعالتمييز بينها. 

وليكن واضحا أن اعتقاد بعض الموحدين في الزمن الراهن أن هناك أنواعا من الطيور خلقها الله تعالى وأنواعا أخرى خلقها عيسى، إنما هو اعتقاد فاسد يكتنفه الشرك الصريح وإن صاحبه خارج عن دائرة الإسلام دون أدنى شك وإن قولهم بأننا لا نوله عيسى عليه السلام، بل نؤمن بأن الله تعالى منحه بعضا من صفات ألوهيته؛ هو حجة شنيعة وباطلة تماما، لأنه إذا كان الله يمنح عباده بإذنه وإرادته بعضا من صفات الألوهية، فيستطيع بلا أدنى شك أن يمنح جل صفاته لشخص ما، فيجعله إلها كاملا، ففي هذه الحالة تصبح مذاهب عبدة المخلوق كلها صادقة. وإذا كان لله أن يمنح أحدا من البشر بإذنه وإرادته صفة الخلق، فله كذلك أيضا أن يجعل أحدا بإذنه وإرادته عالم الغيب كمثله تماما، وله أن يرزقه قوة ليكون حاضرا وموجودا في كل مكان. ومن الواضح أنه لو كان توزيع صفات الألوهية على الناس ممكنا لبطل كونه واحدا لا شريك له». [إزالة الأوهام ٢٦٥-٢٦٦]

طبعا القادياني يكتب الكلام السابق بسخرية طاعنا في توحيد المسلمين، وبإفتراء وكلام تافه، ويرد عليه ويرد على هراءه السابق بأمور منها على سبيل المثال:

⟨١⟩ المسلمون لا يؤمنون أن الله يفوض صفة من صفاته لإنسان، ولا يعطي صفة الخلق لغيره! المسألة أن الله كان أحيانا يطلب من النبي من الأنبياء سعيا: مثل نفخ عيسى عليه السلام في الطين فيكون طيرا بإذن الله، ومثل ضرب موسى عليه السلام بعصاه البحر…إلخ. والفاعل الحقيقي هو الله، وفعل النبي مجرد سعي أمر الله به! فإن النفخ في الطين لا يخلق طيرا، وضرب البحر بالعصا لا يشق بحرا! وفائدة هذا السعي من النبي أن الناس عندما ترى سعي النبي كعلامة ثم تكون معجزة يوقن طالبي الحق منهم أن هذا نبي حق من الله لأنه أتى بشيء لا يقدر عليه إلا الله! لا كحال القادياني والقاديانية الذين يتحدثون عن أشياء تحدث عادة ولا يستطيعون إثبات أنها تخص القادياني كالزلازل والأمراض وهطول المطر!!!

⟨٢⟩ بل إن في كلام القادياني ما أنكره على المسلمين كذبا وأفتراء، فهو يزعم أشياء من خصوصيات وصفات الرب سبحانه وتعالى:

«إنما أمرك إذا أردت شيئا أن تقول له كن فيكون". الشرح: إن ما تريده يتحقق للتو بأمرك». [التذكرة ٥٥٧]

فالآية السابقة التي حرفها وجعله وحيا له من خصوصيات الرب تبارك وتعالى، وإن كان ما يريده القادياني يتحقق بأمره، فما الفرق بينه وبين الرب سبحانه والعياذ به؟! 

ويقول أيضا:

«وأُعطيتُ صفةَ الإفناء والإحياء من الربّ الفعّال». [الخطبة الإلهامية ٢١]

«ثم بعدها تلقيت الوحي التالي: "رب سلطني على النار" بمعنى أن تكون نار العذاب خاضعه لحكمي، فمن أردت تعذيبه يحل به العذاب، ومن أردت العفو عنه يبقى محفوظا من العذاب». [التذكرة ٦٦١]

«إن أكبر علامة لعلاقة أحد مع الله تعالى هي أن تتولد فيه الصفات الإلهية». [حقيقة الوحي ٢٣]

«فثبت من هذه الآية أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أفعال الله تعالى. فلما كانت أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله بمنزلة أقوال الله وأفعاله، فما النتيجة إلا أنه صلى الله عليه وسلم هو المظهر الأتم لذات البارئ تعالى». [عصمة الأنبياء 129]

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

⟨٣⟩ ثم هذا القادياني الذي يقول عن معجزات المسيح أنها ليست بشيء، ثم يحدثنا عن أحد معجزاته العظيمة:

«تذكرت بالمناسبة أنني رأيت ذات مرة ربي ذا الجلال بصورة ممثلية في عالم الكشف وكتبت عدة نبوءات ووددت أن أطلب منه سبحانه وتعالى التوقيع عليها، إذ تراءت لي صورته في عالم التمثل. وعندما قدمت تلك الورقة وقع الله عز وجل عليها بالحبر الأحمر. وقبل التوقيع هز القلم ووقعت قطرات السائل الأحمر على ثيابي كذلك سقط السائل الأحمر نفسه على شخص مخلص اسمه "عبد الله" من سكان مدينة "سنور" وهو موظف في ولاية بتياله وكان جالسا على مقربة مني. وقد بل قميصي بذلك السائل مع أننا كنا جالسين تحت السقف، وكان محالا أن يسقط السائل من مكان آخر. فقد أخذ ميان عبد الله السنوري ذلك القميص مني تيمنا ولا يزال موجودا. وسواء أقبل أحد بهذا الحادث أم لا ولكنني أؤمن به على أن الله قد خلق مادةً من العدم الاعتقاد بأن الله لا يستطيع الخلق من العدم لا يليق إلا بالذي اطلع على جميع أسرار الله تعالى، وإلا فهو تدخل دون مبرر. مع أن كل ما يخلقه الله إنما هو خلق من العدم، ولكنه ليس نوع من العدم الذي يستطيع الإنسان إدراكه، بل هذا السر في علم الله وحده». [ينبوع المعرفة ٣٩٦]

فالقادياني في النص السابق استدل على قدرة الله في خلق مادة من العدم! وهي قطرات الحبر الأحمر! فالسؤال: إذا كان الله خلق الطين من العدم، لماذا لا يخلق منه طيرا كما حصل لعيسى عليه السلام، ومعلوم أن الله يخلق من العدم، ويخلق من مخلوق مخلوق آخر، فمثلا هو يخلق من الماء المهين بشرا، ومن البيض طيورا ومخلوقات أخرى، ويخلق من البذور نباتا… إلخ.

لكن مشكلة القادياني أن طولب بشيء يكون منه العجز ويفر ويتهرب ويتذرع، ثم فيما بعد يزعم أنه حصلت له معجزة، وفلان شفي بدعائه…! وهذا هو الدجل!

والأمر المهم أيضا أن الله لا يشرك أحد في ملكه وأمره وقدره وتدبيره، وهو غني عن خلقه جميعا لا حاجة لوزير أو مشير .. حتى يقدم القادياني له أوراقا ليوقع عليها على اعتبار أنها تنبؤات ستقع في المستقبل بتقدير الله.

فهو لم يقدم لمعارضيه معجزة أو آية يقينية حقيقية مشاهدة ملموسة على صدقه، فمثلا يقول بشير الدين محمود في تفسيره عن اليد البيضاء لموسى عليه السلام: «وليكن معلوما هنا أن تحول عصا موسى عليه السلام إلى ثعبان مبين ورؤية الناس يده مضيئة نيرة إنما هو من قبيل الكشوف التي أشرك الله فيها فرعون وأصحابه أيضا. وهذا من الحقائق الثابتة المسلم بها، وتوجد نظائرها بكثرة في تاريخ الأنبياء والأولياء حيث يوسع الله تعالى نطاق مشاهد الكشوف أحيانا فيراها غيرهم أيضا».

أقول: مع كثرة كشوف القادياني المزعومة لم يستطع إشراك معارضيه في كشوفه!

⟨٤⟩ هل هذا هو التفسير الصحيح يا قاديانية في طيور عيسى عليه السلام؟! : «فلا غرابة أن يعلم الله المسيح عليه السلام من الناحية العقلية أن ألعوبة من الطين يمكن أن تطير أو تمشي بأقدامها مثل طير حي بالضغط على زر أو النفخ فيها». [إزالة الأوهام ٢٦٨]

هل تعلم أن للغلام للقادياني عدة أقوال متناقضة في طير عيسى عليه السلام؟!

★طرح على القادياني سؤال ثم أجاب عليه: «السؤال ٢: أين وفي أي كتاب ورد أن المسيح ابن مريم الذي وعد بمجيئه ليس المراد منه المسيح ابن مريم نفسه بل أريد منه مثيله؟ 

أما الجواب: أولا وقبل كل شيء، تناول القرآن الكريم هذا الذكر بصراحة تامة حين قال بكلمات واضحة إنه لم يأت نبي إلا مات، فقد جاء فيه: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ الْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ)، وقال : (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ)، وقال أيضا: (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ). فالواضح أن الاعتقاد بحياة المسيح على عكس ما تعلنه هذه الآيات بأعلى صوتها، وكذلك الاعتقاد بحياته بجسده المادي في السماء الثانية دون الحاجة إلى الطعام مثل الملائكة على عكس مفهوم الآية: (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ) - هو انحراف تام عن كلام الله المقدس.

أكرر وأقول: لو كان المسيح حيا في السماء بالجسد المادي، لصار تقديم الله تعالى دليلا من خلال الآية المذكورة آنفا - بالقول بأنه لو مات هذا النبي صلى الله عليه وسلم أيضا، فلا مجال للاعتراض على نبوته، لأن الأنبياء لا زالوا يموتون منذ البداية - واهيا ولغوا، بل خلافا لواقع الأمر. والله تعالى أعلى شأنا من أن يكذب أو.يقول ما ينافي واقع الأمر.

وبما أنه من الواضح أن المسيح قد مات، وعودته بعد الممات مستحيلة، إذ لم يرد في القرآن الكريم أي نبأ بعودته إلى الحياة بعد الممات؛ فلا شك أن المسيح المقبل سيكون مثيله حتما. 

وبالإضافة إلى ذلك قد أشار النبي صلى الله عليه وسلم أيضا في أحاديثه المقدسة إلى أن المسيح الآتي ليس المسيح ابن مريم الحقيقي بل مثيله، لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر ملامح المسيح الراحل مختلفة عن ملامح المسيح الآتي، وقال عن المسيح الراحل بصورة قاطعة أنه كان نبيا، أما المسيح الآتي فذكره على أنه شخص من الأمة كما يتبين من حديث: "إمامكم منكم". وفي حديث: "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل" أنبأ على سبيل الإشارة بمجيء مثيل المسيح. وعلى ذلك فإن المسيح المقبل نبي أيضا مجازا، لكونه محدثا. فأي بيان أوضح وأحلى من ذلك؟ وأضف إلى ذلك أن المسيح ابن مريم الذي رفعت روحه ودخلت الجنة بحسب مفهوم الآية: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جنتي)، فكيف سيعود مرة أخرى إلى عالم الأحزان هذا؟». [إزالة الأوهام ٢٩٥-٢٩٦]

والردود على ما تقدم نذكرها بإختصار- كنا قد ذكرناها مرارا وتكرارا-:

(١) معلوم لدى المسلمين الأدلة الكثيرة الصريحة والمتواترة في رفع المسيح عيسى عليه السلام ونزوله في آخر الزمان من الكتاب والاحاديث النبوية وأقوال الصحابة والتابعين والعلماء، وما دل عليه النص الخاص فإن النص العام لا يشمله! ثم النصوص على مراد الموحي سبحانه لا بأهواء البشر كالقادياني والقاديانية! هذا على فرض أن أدلة القادياني من القرآن تصلح لمعارضة عقيدة نزول عيسى بن مريم عليه السلام.

(٢) استدلال القادياني بالآيات السابقة على موت المسيح عليه السلام، فبالتالي: النازل هو مثيله! هو دليل استنتاجي لا يدعمه دليل واضح صريح. ويفسد قول القادياني السابق، أن القادياني في نصوص أخرى يتحدث عن أمثال المسيح كثيرون جدا.

(٣) القادياني في نصوص له يزعم موت جميع الأنبياء عليهم السلام، وفي نصوص أخرى له يقول بحياة موسى عليه السلام.

(٤) القادياني في نصوص له يحدثنا عن عودة حيوانات وحشرات إلى الحياة بعد موتها، ثم يقول هذه حياة غير حقيقية، ولا نعلم ما معنى هكذا خرابيط!

(٥) أما الاستدلال بقوله تعالى: (لا يأكلون الطعام) فقد جاءت في سياق بشرية الأنبياء عليه السلام، لا نفي معجزة كعدم أكل الطعام، فقد نام أهل الكهف ٣٠٩ دون طعام، فلا عجب أن يكون عيسى عليه السلام لا يأكل ولا يشرب في السماء والله تعالى أعلم بذلك. فإن قال القاديانيون: نحن لا نفسر قصة أهل الكهف حسب تفسير أصحاب الفهم التقليدي. فالجواب: يا مساكين يا أصحاب الفهم العقلاني إن نبيكم المزعوم في نصوص له يتحدث عن نوم بشر  مئة سنة، بل وآلاف السنين دون طعام!!! 

(٦) وبينما القادياني هنا ينفي المشابهة الخَلقية بينه وبين المسيح، فإن القادياني في نص له يزعم وحيا نزل عليه أنه يشبه عيسى عليه السلام خلقا وخلقا.

(٧) أما نفي النبوة عن المسيح النازل، فليس بصحيح فقد جاء في حديث النواس بن سمعان الطويل :(نبي الله أربع مرات) وفي حديث آخر ذكر نزول عيسى عليه السلام وقال صلى الله عليه وسلم: (الأنبياء إخوة لعلات) وبينما تعامل القادياني مع هذه النصوص كشبهات وإشكالات، جعلت القاديانية النصوص السابقة دليلا على نبوة القادياني!!! فماذا بعد الحق إلا الضلال! والعياذ بالله رب العالمين.

(٨) أما استدلال القادياني بـ (إمامكم منكم) فلا يدل على شيء اسمه مثيل! أما حديث (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل) فلا أصل له.

(٩) كما يعارض القادياني والقاديانيون -دجلا- نصوص إسلامية بنصوص إسلامية، فقد أثبتنا أن أقوال القادياني والقاديانيين شديدة وكثيرة التعارض.

(١٠) المهم أن القادياني والقاديانيون لا يجدون دليلا صريحا في نبوة ومسيحية ومهدية القدياني، وإنما إعتمادهم على الشبهات، والتأويلات، والإستنتاجات، ومعارضة الأدلة… وفسادها موجود من خلال أقوالهم. وقد ذكرنا ذلك في كتابات لنا سابقة أنظر: (البراهين الإسلامية) و(المعجزات والبينات) و(المقالات القاديانية)

|[١٧]| هذه بعض الأسئلة الطريفة التي وجهت للقادياني وهي تدل على أن السائلين له متعجبون من فكرة "المثيل" كشيء يخالف دينهم، أو فيها إشكالات وتناقض وتعارض:

«السؤال ٥: لم يفسر أحد من السلف والخلف نزول ابن مريم في الأحاديث - التي يُفهم منها أنه المسيح عيسى عليه السلام ظاهريا - بأن "ابن مريم" يراد منه غير ابن مريم الحقيقي، بل مثيله. وبالإضافة إلى ذلك هناك إجماع على حمل النصوص على ظاهرها ولا يجوز صرفها إلى باطنها دون قرائن قوية». [إزالة الأوهام ٣٢٥]

«السؤال ٦: ما وجدت كلمة "مثيل" مع ذكر المسيح الموعود في الأحاديث، أي لم يرد في أي مكان أنه سيأتي مثيل المسيح ابن مريم، بل ورد أنه سيأتي المسيح ابن مريم». [إزالة الأوهام ٣٣١]

«السؤال ٧: لقد قلت إنه من الممكن أن يأتي أكثر من مثيل المسيح، فهل المراد من ذلك أن الموعود هو شخص واحد فقط، وهو أنت، أو سيكون الجميع موعودين؟ وبأي منهم نؤمن بكونهم موعودين صادقين؟». [إزالة الأوهام ٣٣٣]

«السؤال ١٥: لقد أثبت المسيح ابن مريم أنه من الله تعالى بمعجزات كثيرة، فما هي الإثباتات التي قدمتها أنت؟ هل أحييت ميتا أو شفيت أعمى؟ وإذا افترضنا جدلا أنك مثيل المسيح فماذا استفدنا بوجودك؟». [إزالة الأوهام ٣٥٨]

«السؤال ۱۷ : ما حاجة مجيء مثيل المسيح في هذا الوقت بالذات؟». [إزالة الأوهام ٣٦٦]

يبقى السؤال المهم: ما الحاجة إلى مثيل المسيح، وماذا استفدنا من وجود القادياني؟! الرجل ليس له إنجازات تذكر، ولا يقارن حتى ببعض الكفار مثل: ماركس، ولينين، وماتسي تونغ، وغاندي، ونابليون بونبارت وغيرهم من الزعماء والفلاسفة… -لا نتفق معهم ولا نؤيدهم- لكن لهم إنجازات أعجبتك أم لم تعجبك! وقد أثروا في دول العالم وشعوبها! أما القادياني فطوال ثلاث عقود إنجازه الوحيد أنه يثرثر! ثم ورث هذه الصنعة عنه خلفائه وشيوخ القاديانية! وعمر الدعوة القاديانية يقترب من قرن ونصف ولا إنجاز يذكر!!!

|[١٨]| إن قال القاديانيون: إن كل ما سبق لا يقنعنا أن المسيح عيسى عليه السلام رفع إلى السماء ولا يزال حيا وسوف ينزل في آخر الزمان

ويرد عليهم بالردود التالية: الحكم بيننا وبينكم إما الكتاب والسنة، وإما أقوال القادياني التي تؤمنون بها، والقادياني يفسد عليكم أقوالكم ويفسد عليكم شبهاتكم، بل أقواله تفسد بعضها فمثلا:

{١} انتم تشنعون على المسلمين إيمانهم بنزول عيسى عليه السلام وهو نبي إسرائيلي أرسل إلى بني إسرائيل: ﴿وَإِذۡ قَالَ عِیسَى ٱبۡنُ مَرۡیَمَ یَـٰبَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ إِنِّی رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَیۡكُم مُّصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولࣲ یَأۡتِی مِنۢ بَعۡدِی ٱسۡمُهُۥۤ أَحۡمَدُۖ فَلَمَّا جَاۤءَهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ قَالُوا۟ هَـٰذَا سِحۡرࣱ مُّبِینࣱ﴾ [الصف ٦]

الرد:

إن الله عز وجل أرسل رسوله عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل وتم هذا الإرسال وصدق الله العظيم، أما نزوله في آخر الزمان فينزل متبعا لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم. وإن الله سبحانه الذي أخبرنا بإرساله إلى بني إسرائيل أخبرنا بنزوله في آخر الزمان، فيأخذ المسلم بكلا القولين. لا كحالم يا قاديانية تؤولون وتحرفون، وتتبعون المتشابهات، وتعارضون نصوص وحي بنصوص وحي أخرى، والعياذ بالله رب العالمين.

ثم إن القول أن المقصود من نزول المسيح هو غلام أحمد القادياني نبيا ومسيحا ومهديا يبطله الحديث التالي: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي : نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ؛ فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً». [صحيح البخاري]

فإن كان المقصود -حسب هرائكم- غلام أحمد، فهو نبي جديد، وأنتم تقولون أنه مبعوث للناس كافة، بينما النبي صلى الله عليه وسلم خص وحده: «وكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً»

أما تشنيعكم بإسرائيلية عيسى عليه السلام فنقول إن هذا غلامكم ومزعومكم زعم أنه إسرائيلي: «ومع أن الله شرفني بأنني إسرائيلي وفاطمي أيضا وإن لي نصيبا من كلا العرقين». [إزالة خطأ ١٦]

«بإختصار، إن أحد جزأي كياني إسرائيلي والثاني فاطمي، وأنا مشكل من كلتا العلاقتين، والمطلعون على الأحاديث والآثار يعرفون جيدا أنه قد ورد بحق المهدي القادم في آخر الزمان أنه سيكون مركب الوجود، إذ يكون أحد جزأي بدنه إسرائيليا والثاني محمديا». [التحفة الغولروية 88]

«وكان الأنبياء قد تنبأوا بأن هاتين الصفتين ستجتمعان في إمام آخر الزمان إشارة إلى أنه سيكون نصفه إسرائيليا والنصف الآخر إسماعيليا». [أربعين ٢٢]

فإن قال القاديانيون: غلام أحمد هو "إسرائيلي" متبع لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم. فهو جوابنا أيضا: عيسى عليه السلام إسرائيلي ينزل متبعا لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.

ويحسم الأمر أن الأدلة دلت على نزول عيسى بن مريم عليه السلام، ودلت الأدلة على كذب ودجل غلام أحمد.

فخذوا هذا المثال، عندما أراد غلامكم نفي نزول المسيح عليه السلام قال أقوالا وحججا فأصبحت هذه الأقوال حجج عليه وعلى جماعتكم: ﴿وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [البقرة ٢٥٨] :

«إذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، فلا شك أنه من أمن بنزول المسيح الذي هو نبي من بني إسرائيل فقد كفر بخاتم النبيين. فيا حسرة على قوم يقولون إن المسيح عيسى بن مريم نازل بعد وفاة رسول الله، ويقولون إنه يجيء وينسخ من بعض أحكام الفرقان ويزيد عليها، وينزل عليه الوحي أربعين سنة، وهو خاتم المرسلين. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نبي بعدي"، وسماه الله تعالى خاتم الأنبياء، فمن أين يظهر نبي بعده؟ ألا تتفكرون يا معشر المسلمين؟». [تحفة بغداد ٣٦]

«وأما ذكرُ نزول عيسى بن مريم فما كان لمؤمن أن يحمل هذا الاسم المذكور في الأحاديث على ظاهر معناه، لأنه يخالف قول الله عز وجل : ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيّينَ﴾. ألا تعلم أن الربّ الرحيم المتفضّل سمّى نبيَّنا  صلى الله عليه وسلم خاتَمَ الأنبياء بغير استثناء، وفسّره نبيُّنا في قوله لا نبي بعدي ببيان واضح للطالبين؟ ولو جوّزْنا ظهورَ نبي بعد نبيّنا صلى الله عليه وسلم لجوّزْنا انفتاح باب وحي النبوة بعد تغليقها، وهذا خُلْفٌ كما لا يخفى على المسلمين. وكيف يجيء نبي بعد رسولنا صلى الله عليه وسلم وقد انقطع الوحي بعد وفاته وختم الله به النبيّين؟». [حمامة البشرى ٤٩]

«الآية الحادية والعشرون ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّين﴾. في هذه الآية أيضا دلالة واضحة على أنه لن يأتي في الدنيا نبي بعد نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم. وقد تبين من ذلك أيضا بوضوح تام استحالة مجيء المسيح ابن مريم إلى الدنيا لأنه رسول. ويدخل في حقيقة الرسول وماهيته أنه يحصل على علوم الدين بواسطة جبريل وتبين الآية أن وحي الرسالة منقطع إلى يوم القيامة، فلا مندوحة من التسليم بأن المسيح ابن مريم لن يأتي قط، وهذا الأمر في حد ذاته يستلزم موته». [إزالة الأوهام ٤٦٠]

«لا يجيز القرآن الكريم مجيء أي رسول بعد خاتم النبيين، سواء أكان قديما أو جديدا؛ لأن الرسول ينال علم الدين بواسطة جبريل، وإن باب نزول جبريل بوحي النبوة مسدود. ومن ناحية أخرى من المستحيل تماما أن يأتي رسول من دون أن يتلقى وحي الرسالة». [إزالة الأوهام ٥٤٧]

"والحاصل أن الله سلب من اليهود بعد عيسى نعمة النبوة، فلا ترجع إليهم أبدا في زمن خير البرية. وكون عيسى من غير أب وبلا ولد دليل على ما مر بالأدلة القاطعة، وإشارة إلى قطع السلسلة الإسرائيلية. فلا يجيء نبي من اليهود لا قديم ولا حديث في دور النبوة المحمدية، وعد من الله ذي العزة. وكما نزع النبوة منهم كذلك نزع منهم ملكهم". [مواهب الرحمن ٦٠]

{٢} أنتم تقولون: كيف يرفع الله جل جلاله المسيح عليه السلام إليه والله منزه عن المكان؟

الرد:

قال سبحانه: ‹{ٱللَّهُ ٱلَّذِى رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ}›. [الرعد ٢]

وعَنْ أَنَسٍ قَالَ : جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " اتَّقِ اللَّهَ، وَ { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ } ". قَالَ أَنَسٌ : لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ. قَالَ : فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَقُولُ : زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ. [صحيح البخاري]

وسؤالكم يا قاديانية باطل قال سبحانه وتعالى: ‹{تَعْرُجُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُۥ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}›. [المعارج ٤] فملائكة الرحمن عليها السلام تصعد وتنزل، فليس المراد من صعودها أنها والعياذ بالله سبحانه بجانبه، بل تصعد إلى سماء الله، أو واحدة من السماوات السبع، وأنتم يا قاديانية تؤمنون بصعود ونزول الملائكة عليها السلام من وإلى السماء ولا تعارضون ذلك بقولكم السابق! فدل ذلك على أن رفع عيسى إلى سماء الله أو إحدى السماوات السبع.

وأثبت غلامكم القادياني في بعض أقواله أن الله في السماء فوق عرشه:

«اشكروا حكام الأرض ولا تنسوا حاكمكم الذي في السماء». [مواهب الرحمن ٨٠]

«أرى في السماء غضباً فاتقوا يا عباد الله غضب الرب، وابتغوا فضل من في السماء». [مواهب الرحمن ٨٠]

«وأنت تعلم أن كل مسلم مؤمن يعتقد أن الله ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل مع وجوده واستوائه على العرش، ولا يتوجه إليه لوم لائم ولا طعن طاعن لأجل هذه العقيدة، بل المسلمون قد اتفقوا عليها وما حاجهم أحد من المؤمنين». [حمامة البشرى 134]

«كالملك الذي على العرش استوى. وتعلمون أن الله ينزل إلى السماء في آخر كل ليل.ولا يقال أنّه يترك العرش ثم يصعد إليه في أوقات أخرى». [التبليغ ١٢]

{٣} قال رب العرش المجيد: ﴿إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَىٰۤ إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَرَافِعُكَ إِلَیَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَجَاعِلُ ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِۖ﴾ [آل عمران ٥٥] بمعنى: قابضك بالرفع. وهو الراجح للأدلة الكثيرة عليه.

أنتم تقولون:  «إن التوفي اذا كان من باب التفعل وكان الفاعل هو الله تعالى أو ملائكته والمتوفى هو من ذوي الأرواح، ولم يكن هناك قرينة تصرف المعنى من الحقيقة إلى المجاز كالنوم والليل مثلا فلا يكون المعنى سوى الموت وقبض الروح».

الرد:

إن نبيكم القادياني استخدم كلمة "التوفي" حسب كلامهم السابق بغير معنى الموت:

«قل لضيفك إني متوفيك. قل لأخيك إني متوفيك. فهذا الإلهام نزل مرارا، وله مفهومان فقط والمفهوم الأول هو: قل لمن هو محط فيضك أو لأخيك، إني سأكمل نعمتي عليك، والمفهوم الثاني: هو أني مميتك». [التذكرة ١١٠]

«"يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليّ، (ومطهِّرُك من الذين كفروا) وجاعلُ الذين اتّبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة. ثلّةٌ من الأولين وثلّةٌ من الآخرين". أي: يا عيسى سأعطيك أجرك كاملا، أو أُميتك، وأرفعك إليّ، أيْ سأرفع درجاتِك، أو سأرفعك إليّ من الدنيا، وأبرّئ ساحتك من كل ما رماك به المنكرون من تهم ومفتريات، وسأجعل أتباعَك غالبين على المنكرين المعارضين، أي سأجعل الذين يتّبعون عقيدتك وطريقتك غالبين على المنكرين بالحجّة والبرهان والبركات إلى يوم القيامة. هناك فئة من الأولين، وهناك فئة من الآخرين، المراد من عيسى هنا هو أنا العبد المتواضع». [التذكرة ٩٧]

«لقد أوحيت إلي جملة "إني متوفيك ورافعك إلي" بكثرة لا يعلمها إلا الله، فأحيانا يبدأ الوحي بهذه الجملة بعد منتصف الليل ويستمر حتى الفجر». [التذكرة ٩٧]

«وسماني ربي عيسى ابن مريم في إلهام من عنده، وقال: " يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَى وَمُطهَّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوك فوقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ القِيامَةِ، إِنَّا جَعَلْنَاكَ عيسى ابن مريم، وأنت ملي بمنزلة لا يعلمها الخلق. وأنت ملي بمنزلة توحيدي وتفريدي، وإنَّكَ الْيَوْمَ لدينا مكين أمين "». [حمامة البشرى ٢٣]

«لقد تبين الآن بجلاء معنى هذا الوحي المنشور في البراهين الأحمدية قبل سبعة عشر عاما: "يا عيسى إني متوفيك". أي كان قد أوحي هذا الوحي إلى عيسى عليه السلام طمأنة عندما كان اليهود يسعون لصلبه، أما هنا فالهندوس يسعون بدلا من اليهود، وهذا الوحي يعني أنه سبحانه وتعالى سيعصمني من موت الذلة واللعنة من هذا القبيل، انظروا كيف حقق هذا الحادث اسمي عيسى». [السراج المنير 29]

«وإن خطاب الله لي بعد تسميتي بعيسى: "يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي". يبين الحقيقة الحادثة التي تعرض لها عيسى عليه السلام، وهي أن اليهود أرادوا قتله ليثبتوه كاذبا، واتخذوا الصلب وسيلة لإعدامه، لأن المصلوب ملعون. ومن مدلول اللعنة أن الإنسان الملعون يكون عديم الإيمان ومعرضا عن الله وبعيدا ومهجورا، وذلك ليثبتوا أنه كان كاذبا، فطمأنه الله سبحانه وتعالى قائلا: لن تموت بموت يدل على أنك ملعون وبعيد عن الله ومهجور، بل سوف أرفعك إلي، أي سأثبت أنك مقرب لي وأن اليهود سيخفقون في قصدهم هذا». [السراج المنير 54]

«يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي" هذه إشارة إلى أن الأعداء سيبذلون الجهود لتحدث أمور يظن بها الناس أن هذا الرجل ليس مؤمنا وصادقا فوعده الله بعلامات بينه ستظهر أنه مقرب منه وأنه رفع إليه وأن المسيئين ستخيب آمالهم». [أربعين 29]

«يا عيسى إني متوفيك" أي لن يقدر أعداؤك على قتلك». [أربعين 87]

لاحظوا أن الغلام القادياني يستخدم في وحيه المفترى نفس قوله سبحانه : ﴿إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَىٰۤ إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَرَافِعُكَ إِلَیَّ﴾ والتي تقولون أنها تعني الموت، أي متوفيك يعني مميتك.

{٤} التقديم والتأخير في كلمة التوفي في حق عيسى عليه السلام.

قال البعض بأن هناك تقديم وتأخير في كلمة التوفي في حق عيسى عليه السلام: ﴿إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَىٰۤ إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَرَافِعُكَ إِلَیَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا﴾ [آل عمران ٥٥] بمعنى: متوفيك بعد إنزالي إياك إلى الدنيا.

فشنع الغلام القادياني على أصحاب هذا القول:  «والقائلون بحياة المسيح لما رأوا أن الآية الموصوفة تُبيّن وفاته بتصريح لا يُمكن إخفاؤه، جعلوا يؤوّلونها بتأويلات ركيكة واهية، وقالوا إن لفظ التوفي في آية: ﴿يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ...﴾ كان مؤخَّرا في الحقيقة من كل هذه الواقعات، يعني مِن رفع عيسى وتطهيره من البهتانات ببعث النبي المصدِّق وغلبةِ المسلمين على اليهود وجعلِ اليهود من السافلين، ولكن الله قدَّم لفظَ "المتوفي" على لفظ "رافعك" وعلى لفظ "مطهّرك" وغيرها مع حذف بعض الفقرات الضرورية رعايةً لصفاء نظم الكلام كالمضطرين. وكان اللفظ المذكور.. يعني: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ في آخر ألفاظ الآية، فوضَعه الله في أوّلها اضطرارا لرعاية النظم المحكم، وكان الله في هذا التأخير والتقديم من المعذورين، فلأجل هذا الاضطرار وضَع الألفاظ في غير مواضعها وجعَل القرآن عضين. والآية بزعمهم كانت في الأصل على هذه الصورة: يا عيسى إني رافعك إليَّ، ومطهّرك من الذين كفروا، وجاعلُ الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، ثم مُنـزلك من السماء ثم متوفّيك. فانظرْ كيف يبدّلون كلام الله ويحرّفون الكلم عن مواضعها، وليس عندهم من برهان على هذا.. إن يتّبعون إلا أهواءهم، وما كان لهم أن يتكلموا في القرآن إلا خائفين. وأنت تعلم أن الله مُنـزَّه عن هذه الاضطرارات، وكلامه كله مُرتَّب كالجواهرات، والتكلُّم في شأنه بمثل ذلك جهالةٌ عظيمة، وسفاهة شنيعة، وما يقع في هذه الوساوس إلا الذي نسي قدرة الله تعالى وقُوّته وحوله، واحتقره وما قدَره حقّ قدره، وما عرَف شأن كلامه، بل اجترأ وألحقَ كلام الله بكلام الشاعرين.

وكيف يجوز لأحد من المسلمين أن يتكلم بمثل هذا، ويبدّل كلام الله مِن تلقاء نفسه، ويُحرّفه عن موضعه من غير سند من الله ورسوله؟ أليست لعنة الله على المحرِّفين؟ ولو كانوا على الحق فلِم لا يأتون ببرهان على هذا التحريف من آية أو حديث أو قول صحابي أو رأي إمام مجتهد إن كانوا من الصادقين؟ وكيف نقبل تحريفاتهم التي لا دليل عليها من الكتاب والسُنّة ولا نجدها إلا كتحريف اليهود من تلبيس الشياطين». [حمامة البشرى ٤٦]

والرد:

لقد استنكر الغلام القادياني بشدة التقديم والتأخير السابق وعده تحريفا، وهو يدعي التقديم والتأخير في وحيه المفترى:

«ثم هناك وحي آخر بالإنجليزية، لكن ترجمته ليست وحيا، ولا أعرف صحة تقديم الجمل وتأخيرها، وقد تتقدم الجمل وتتأخر في بعض الإلهامات». [التذكرة ١١٣]

«في هذا الصباح، وبعد تفكير كثير، ألقي في روعي أن الإلهامات يكون في ترتيبها تقديم وتأخير أحيانا». [التذكرة ٦٠٧]

وهذا النص للغلام القادياني يدل على التوفي والموت المتأخر : «يا عيسى إني متوفيك" يا عيسى إني أميتك ميتة طبيعية، بمعنى أن مناهضيك لن يقدروا على قتلك».  [التذكرة ٣٩٥-٣٩٧]

{٥} وفاة النوم.

﴿إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَىٰۤ إِنِّی مُتَوَفِّیكَ وَرَافِعُكَ إِلَیَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَجَاعِلُ ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِۖ﴾ [آل عمران ٥٥] قال البعض متوفيك بمعنى: إني منيمك ورافعك في نومك.

وهذا التفسير مردود عندكم، لأنه يثبت منه نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، كما أنه غير معقول في عقولكم المريضة.

الرد:

يقول الغلام القادياني:

«ونؤمن بأنه حتى لو نام أحد إلى مئتي ألف عام، فضلا عن مئة عام، فلا حرج في ذلك». [الملفوظات ج١ ص٥١٧]

فأنتم تستنكرون أن يكون المسيح عليه السلام حيا سواء نوما أو يقظة منذ ٢٠٠٠ سنة، وغلامهم يجيز أن ينام أحد ٢٠٠ ألف سنة! 

{٦} أنتم تقولون باستحالة الحياة هذه المدة الطويلة.

-القاديانيون ينكرون آيات الله الخارقة للعادة، وكل نص فيه معجزة خارقة للمعتاد يقومون بتأويلها تحريفا، ليصبح النص شيئا عاديا لا خارقة فيه، لذلك هم ينكرون حياة عيسى عليه السلام، وينكرون أن يكون نوح عليه السلام عاش قرابة ١٠٠٠ سنة، وأن يكون أهل الكهف ناموا مدة ٣٠٩ من السنوات-.

الرد:

يقول الغلام القادياني:

«ونؤمن بأنه حتى لو نام أحد إلى مئتي ألف عام، فضلا عن مئة عام، فلا حرج في ذلك». [الملفوظات ج١ ص٥١٧]

"سأل أحد نوحا عليه السلام: لقد عشت في الدنيا قرابة ١٠٠٠عام فأخبرنا ماذا رأيت هناك؟ قال نوح عليه السلام: يبدو لي كأني دخلت من باب وخرجت من باب آخر. فالعمر بحد ذاته لا يهم سواء أكان قصيرا أم طويلا، بل يجب أن تكون العاقبة حسنة". [الملفوظات ج٣ ص٣٣٤]

"كما قد ثبت بالمشاهدة أن بعضهم عاشوا في العصر الحالي أكثر من ٣٠٠ عام، وهذا العمر خارق للعادة. كما أن قوة الذاكرة أو قوة البصر لبعضهم تبلغ الكمال بحيث لا نظير لها. يكون الناس من هذا القبيل نادري الوجود جدا، بحيث يظهر أحدهم بعد مئات السنين بل آلاف السنين". [الكحل لعيون الآرية ٥١]

{٧} الإدعاء أن جميع الأنبياء عليهم السلام قد ماتوا. 

أنتم تستدلون بقول الله تبارك وتعالى:  ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُ﴾ [آل عمران ١٤٤] وقوله عز وجل: ﴿مَّا ٱلۡمَسِیحُ ٱبۡنُ مَرۡیَمَ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُ﴾ [المائدة ٧٥] على أن جميع الأنبياء عليهم السلام قد ماتوا، وأن كلمة (خلت) بمعنى (ماتت). 

وزعمتم كذبا إجماع الصحابة رضي الله عنهم موت جميع الأنبياء عندما تلى أبو بكر الصديق قوله تعالى السابق: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُ﴾ عند موت النبي صلى الله عليه وسلم.

الرد:

طبعا الخلو يعني المضي، وليس بالضرورة أن من خلا يعني أنه مات، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوكُمۡ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡا۟ عَضُّوا۟ عَلَیۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ مِنَ ٱلۡغَیۡظِ﴾ [آل عمران ١١٩] لكن نرد بما يلزم القاديانيين:

١: إن يحيى عليه السلام كان حيا في زمن عيسى عليه السلام.

٢: استخدم الغلام القادياني الخلو بمعنى المضي:

«لقي النبي صلى الله عليه وسلم كل نبي خلا من قبله في ليلة المعراج في السماوات». [حمامة البشرى ٦٦]

«ما كان نزول بشر من السماء من سنن الله، وإن كان فأتوا بنظير من قرون خالية إن كنتم من المهتدين. وما كان فينا من واقع إلا خلا له نظير من قبل». [التبليغ ٩]

٣: الغلام القادياني يقر أن الأحاديث المروية بحق عيسى عليه السلام يفهم منها الرفع والنزول من السماء:

«أريد القول بغية التوضيح: إن هناك نبيين اثنين يُظن أنهما صعدا إلى السماء بالجسد المادي بناء على ما ورد في الكتاب المقدس والأحاديث الشريفة و كتب الآثار. أحدهما هو يوحنا الذي يسمى إيليا وإلياس أيضا، والثاني هو المسيح ابن مريم الذي يُسمى أيضا عيسى ويسوع. تقول بعض الأسفار في العهدين القديم والجديد عن هذين النبيين إنهما رفعا إلى السماء وسينزلان إلى الأرض في عصر من العصور، وسترونهما نازلين من السماء. وإن كلمات مشابهة نوعا ما بما ورد في هذين الكتابين موجودة في الأحاديث النبوية الشريفة أيضا». [توضيح المرام ٦٠]

«صحيح أنه ما حكم في البراهين الأحمدية في الإلهام، بحقيقة نزول المسيح ابن مريم - الذي ينتظره الناس خارجا من الجنة ونازلا من السماء إلى الأرض - حقيقة على أكتاف الملائكة. بل كل ما كتبته في البراهين الأحمدية عن المجيء الثاني للمسيح ابن مريم إلى الدنيا، فقد كتبته نظرا إلى الاعتقاد الشائع الذي تميل إليه أفكار إخواننا المسلمين في هذه الأيام. فبناء على هذا الاعتقاد الشائع كتبت في البراهين الأحمدية أني لست إلا مثيل الموعود وأن خلافتي إنما هي خلافة روحانية، وأنه حين يأتي المسيح ستقوم خلافته بكلا الوجهين؛ المادية والروحانية. فهذا البيان الذي ورد في البراهين الأحمدية إنما هو بسبب الاتباع العادي لآثار نبيه المروية». [إزالة الأوهام ٢١٠]

وهذا ما فهمه المسلمون من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين رحمهم الله ومن جاء بعدهم إلى يومنا هذا! هذا ما فهمه المسلمون سلفا وخلفا!

في كتاب [التحفة الغزنوية ٤٣٦] للغلام القادياني يقول فيه: «وجاء في الملل والنحل للشهرستاني عن هذا الحادث -يقصد موت نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وخطبة أبي بكر رضي الله عنه في الناس- ما يلي: "قال عمر بن الخطاب: من قال إن محمدا مات فقتلته بسيفي هذا. وإنما رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم عليه السلام».

ولاحظوا أن الغلام القادياني لم يضعف الرواية السابقة بل أخذ يبرر.

ثم قال الغلام القادياني [التحفة الغزنوية ٤٣٩]: «نعم قد يخطر بالبال هنا بأن عمر رضي الله عنه كان يعتنق قبل سماع هذه الآية عن عيسى عليه السلام  مذهبا أنه سيعود إلى الدنيا ثانية… ولكنه تراجع عن هذه الفكرة بعد سماع الآية».

ثم قال أيضا في نفس الصفحة: «ويبدو أن بعض الصحابة كانوا يعتقدون نتيجة اجتهادهم الشخصي بأن عيسى عليه السلام قد صعد إلى السماء حيا». 

وعليه نقول: إن الصحابة رضي الله عنهم فهموا من خطبة أبي بكر رضي الله عنه موت نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، لا موت جميع الأنبياء عليهم السلام من ضمنهم عيسى عليه السلام.

وفي هذا النص يسخر القادياني وينتقص من أبي هريرة رضي الله عنه وبعض الصحابة لأنهم يؤمنون بنزول عيسى عليه السلام، ولاحظوا أنه قال: (إن بعض الصحابة)… :

«إن بعض الصحابة من قليلي التدبر الذين لم تكن درايتهم جيدة مثل أبي هريرة - كانوا يظنون - نظرا إلى نبوءة مجيء عيسى الموعود أن الي سيعود بنفسه. كما كان أبو هريرة واقعا في هذا الخطأ منذ البداية، وكان يخطئ في أمور كثيرة بسبب بساطته وضعف درايته، فقد أخطأ أيضا في نبوءة دخول صحابي في النار. وكان يستنتج من الآية: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} معنى خاطنا يبعث السامع على الضحك لأنه كان يريد أن يثبت من هذه الآية أن الجميع سيؤمنون بعيسى قبل وفاته». [حقيقة الوحي 40]

فعن أي إجماع تتحدثون!

وإن مما يبطل هذا الإجماع المزعوم الأحاديث المتواترة للصحابة رضي الله عنهم بالسند المتصل الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، فبالتالي: لم يكن الصحابة يعتقدون بموت المسيح بن مريم عليه السلام، وبالتالي: فإن التابعين وأتباع التابعين لم يكونوا يعتقدون بموت المسيح عليه السلام، لأنهم هم من نقلوا أحاديث الصحابة لنا.

ومما يبطل هذا الإجماع المزعوم الأحاديث الموقوفة للصحابة رضي الله عنهم في رفع المسيح ونزوله عليه السلام، وكذلك الأحاديث المقطوعة عن التابعين، وقد ذكرنا بعضها في مواضع.

٤: إن الغلام القادياني أثبت حياة نبي الله موسى عليه السلام:

"بل حياة كليم الله ثابت بنص القرآن الكريم.. ألا تقرأ في القرآن ما قال الله تعالى عز وجل : { فلا تكن في مزيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ }. وأنت تعلم أن هذه الآية نزلت في موسى، فهي دليل صريح على حياة موسى عليه السلام، لأنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأموات لا يلاقون الأحياء ". [حمامة البشرى ٦٧]

"هذا هو موسى عليه السلام فتى الله، الذي أشار الله في كتابه إلى حياته، وفرض علينا أن نؤمن بأنه حي في السماء ولم يمت وليس من الميتين ". [نور الحق ٤٠]

{٨} علم عيسى عليه السلام أن هناك من كفر بعده.

يا قاديانية أنتم تستدلون على التوفي في قوله تعالى : ﴿وَإِذۡ قَالَ ٱللَّهُ یَـٰعِیسَى ٱبۡنَ مَرۡیَمَ ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِی وَأُمِّیَ إِلَـٰهَیۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ سُبۡحَـٰنَكَ مَا یَكُونُ لِیۤ أَنۡ أَقُولَ مَا لَیۡسَ لِی بِحَقٍّۚ إِن كُنتُ قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ تَعۡلَمُ مَا فِی نَفۡسِی وَلَاۤ أَعۡلَمُ مَا فِی نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُیُوبِ • مَا قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا مَاۤ أَمَرۡتَنِی بِهِۦۤ أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ رَبِّی وَرَبَّكُمۡۚ وَكُنتُ عَلَیۡهِمۡ شَهِیدࣰا مَّا دُمۡتُ فِیهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّیۡتَنِی كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِیبَ عَلَیۡهِمۡۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدٌ • إِن تُعَذِّبۡهُمۡ فَإِنَّهُمۡ عِبَادُكَۖ وَإِن تَغۡفِرۡ لَهُمۡ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ • قَالَ ٱللَّهُ هَـٰذَا یَوۡمُ یَنفَعُ ٱلصَّـٰدِقِینَ صِدۡقُهُمۡۚ لَهُمۡ جَنَّـٰتࣱ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤ أَبَدࣰاۖ رَّضِیَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُوا۟ عَنۡهُۚ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِیمُ﴾ [المائدة ١١٦-١١٩]

وبالحديث النبوي : « ثُمَّ يُؤخَذُ برجالٍ مِنْ أَصْحَابي ذات الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ : أصحابي. فَيُقَالُ : إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَذِينَ عَلى أَعْقَابِهِمْ مُنذُ فَارَقْتَهُمْ. فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ : { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) إلى قَوْله : { العزيزُ الْحَكِيمُ } ». (البخاري).

وتقولون: إن لفظ التوفي في الآيات يعني الموت، وإن عيسى عليه السلام في جوابه أنه كان رقيبا شهيدا على قومه، وأنه لم يفارق قومه إلا بالموت في قوله : ( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ) والمسيح لم يعلم أبدا أن النصارى كفروا وضلوا بعد أن فارقهم، واتخذوه إلها، فلو كان رجوعه من السماء محتملا لعلم ضلالهم وكفرهم واتخاذهم إياه إلها.

وتقولون أيضا : فكما أن الإرتداد حصل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كذلك حصل بعد وفاة عيسى عليه السلام فلو سلمنا أن المسيح. حي في السماء بجسده العنصري ثم ينزل منها ويشاهد بنفسه أن النصارى اتخذوه ،إلها، فلا شك أن جوابه المذكور في الآية يوم القيامة كذبا وخلاف الحقيقية، ولا يمكن لنبي أن يكذب أمام الله يوم القيامة.

الرد:

«١» السؤال في الآيات السابقة ليس عن اتخاذ النصارى له إلها والعياذ بالله سبحانه، بل السؤال: هل هو قال لهم ذلك؟ فكان جوابه بالنفي. فبالتالي: بطل قول القاديانيين في فهمهم الأعوج أنه لم يعلم أن النصارى كفروا وضلوا.

«٢» أما الحديث النبوي السابق، فهو لا يدل على عدم العلم بالارتداد، بدليل إخبار النبي عليه الصلاة والسلام بذلك الارتداد، فبالتالي: تطابق قول نبينا محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام لا يعني أنهما لا يعلمان بالارتداد بعدهما. وبالتالي: بطل فهم القاديانيين الأعوج.

«٣» إن الغلام القادياني يقرر أن الأنبياء يعلمون كفر وشرك أقوامهم بعدهم:

«وأما الكلام الكلي في هذا المقام، فهو أن للأنبياء الذين ارتحلوا إلى حظيرة القدس تدليات إلى الأرض في كل برهة من أزمنة يهيج الله تقاريبها فيها، فإذا جاء وقت التدلي صرف الله أعينهم إلى الدنيا، فيجدون فيها فساداً وظلماً، ويرون الأرض قد ملئت شرا وزورا وشركا وكفرا، فإذا ظهر لأحد منهم أن تلك الشرور والمفاسد من بني أمته، فيضطر روحه اضطرار شديدا، ويدعو الله أن ينزله على الأرض ليهيئ لهم من وعظه رشدا». [التبليغ ٤١]

«٤» بل أن القادياني يقول إن عيسى عليه السلام علم أن النصارى والعياذ بالله سبحانه قد اتخذوه إلها:

«(أ): لقد كُشف عليّ أن عيسى عليه السلام قد أُخبرَ بهذه الريح السامة التي هبّت في العالم بسبب الأمة المسيحية، فتحركتْ روحُه للنـزول الروحاني وهاجت، وتمنّتْ أن يكون له نائب ومثيل في الأرض يماثله تمامًا في طبعه كأنه هو لِما رأى أنّ أمته هي أساس الفساد المدمِّر. فأعطاه الله تعالى بحسب الوعد مثيلاً نزلتْ فيه عزيمةُ المسيح وسيرتُه وروحانيته، وحصل بينه وبين المسيح اتصال شديد كأنهما قطعتانِ من جوهر واحد، واتخذت توجّهاتُ المسيح قلبَه مستقرًّا لها، وأرادت أن تُتمّ إرادتها من خلاله، فبهذا المعنى عُدَّ شخصه شخصَ المسيح، ونزلتْ فيه إراداتُ المسيح الهائجة التي عُدَّ نزولها نزولَ المسيح في الاستعارات الإلهامية. (مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية، مجلد 5، ص 254-255)

(ب): وكما كُشف عليّ فقد كانت روح المسيح عليه السلام في هياج وحماس لكي تنـزل نزولاً تمثيليًا لما أُلصقَ به من افتراءات في هذا الزمن، وكانت تتوسل إلى الله تعالى لنـزولها التمثيلي هذا في هذا العصر، فنظر الله تعالى إلى هياجه هذا وأرسل مثيلَه في الدنيا ليتحقق الوعد الذي وعده من قبل…

لقد واجهَ المسيح عليه السلام حالتين طلبتْ روحه فيهما شخصًا يقوم مقامه، فأولاً عندما انقضى على وفاته ست مئة سنة، وأصرّ اليهود بشدة على قولهم إنه -والعياذ بالله- مفترٍ وكذاب وولد حرام، ومن أجل ذلك قد صُلب، بينما غالى المسيحيون في قولهم إنه إله وابن إله، وأنه قد ضحّى بحياته على الصليب من أجل نجاة العالم... هاجت روحُ المسيح بإعلام من الله وأرادت تبرئة ساحته من هذه التهم كلها، وطلبتْ من الله تعالى بعثةَ شخص يقوم مقامه. فبُعث نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم... وكان هذا هو الهيجان الأول لروح المسيح، الذي ظهر متمثلاً في بعثة سيدِنا ومسيحِنا خاتَمِ الأنبياء صلى الله عليه وسلم. فالحمد لله.

ثم هاجت روحانية المسيح ثانية عندما تفشى الدجلُ في النصارى بوجه أتم وأكمل... فجاشت روحانية عيسى عليه السلام عندها ثانية، وأراد أن ينـزل إلى الدنيا مرة أخرى على طريق التمثّل. وعندما بلغتْ رغبتُه للنـزول على سبيل التمثل ذروتَها، أرسلَ الله بحسب رغبته في هذا الزمن شخصًا هو مثالٌ لروحانيته للقضاء على الدجّال الموجود. فسُمّي هذا المثيل مسيحًا موعودًا متصفًا بصفة المسيح عليه السلام... وكان نزول المسيح نفسه ضروريًا نظرًا إلى الفتن الحالية؛ لأن أمة المسيح عليه السلام هي التي فسدت، وفي قومه انتشر الدجل، فكان حريًّا أن تهيج روحانيته هو الآن. 

وهذه هي المعرفة الدقيقة التي انكشفت عليّ بالكشف.

وكُشف عليّ أيضا أن مِن المقدّر أن ينتشر الفساد والشرك والظلم في العالم ثانيةً بعد انقضاء فترة الخير والصلاح وغلبة التوحيد، فيأكل البعض بعضًا كالديدان، ويسود الجهل، ويبدأ الناس في عبادة المسيح ثانية، وتنتشر جهالة اتخاذ المخلوق إلهًا على نطاق واسع، وستنتشر كل هذه المفاسد في الدنيا في الفترة الأخيرة من هذا الزمن الأخير على يد الديانة المسيحية، وعندها تهيج روحانية المسيح هيجانًا مرةً ثالثة، وتقتضي نزولَها نزولاً جلاليًّا، فتنـزلُ في صورة مثيلٍ له قاهرٍ، وينتهي ذلك الزمن، وعندها تكون النهاية ويُطوى بساط العالم.

لقد تبين من ذلك أن المقدر لروحانية المسيح عليه السلام أن تنـزل إلى الدنيا ثلات مرات جراءَ تصرفات أمته الخاطئة. (مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية، مجلد 5، ص 341-346)» [التذكرة ٢١٦]

للقادياني الذي يعرف الحق من الباطل أن يقول لنبيه المزعوم: ليتك لم يكشف عليك شيء! فقد أفسدت علينا ما نستدل به!

هذا وهناك ثرثرات كثيرة أعرضنا عنها حتى لا يطول المقال أكثر. وقد ذكرناها في بعض كتاباتنا فارجع إليها للتوسع والمزيد.

وأخيرا: الحقيقة الواضحة القادياني ليس مثيلا للمسيح! 

 بل لنا أن نقول إن القادياني دجال، وكذاب، ومثيل الدجال، ودليلنا:

«وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ». [صحيح البخاري]

«وَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ ثَلَاثُونَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، لَا نَبِيَّ بَعْدِي». [سنن أبي داود]

وعلى هذا صدق القادياني عندما قال أن الوحي قد أنبأ ببعثته، ولكن والعياذ بالله بصفة دجال كذاب!

وله أمثال قريب من ثلاثين!!!

وختاما: يا قاديانية كل أقوالكم وشبهاتكم وتحريفاتكم ومعارضاتكم… لا تؤسس لعقيدة "مثيل المسيح"! بل فساد أقوالكم المردودة بالكتاب والسنة والإلزام وتناقضها تدل على نزول عيسى بن مريم عليه السلام خاتم أنبياء بني إسرائيل لا غيره ولا شبيهه ولا مثيله!!! والحمد لله سبحانه الذي ينصر دينه من خلال لسان عدوه، ولا إله إلا الله الواحد القهار.

هذا والله تعالى العليم أعلم.

والحمد لله رب العالمين. 

والصلاة والسلام على محمد والأنبياء والمرسلين.

أبوعبيدة العجاوي

✴✴✴✴✴✴