نقض عقيدة القاديانية في الجهاد

نقض عقيدة القاديانية في الجهاد

نقض عقيدة القاديانية في الجهاد

كتبه: أبوعبيدة العجاوي

  كان "القاديانيّ" يحرّم الجهاد ضدّ الحكومة الإنجليزيّة في الهند فيقول: "ووالله إنا رأينا تحت ظلها – أي الحكومة الإنجليزية – أمنا لا يرجى من حكومة الإسلام في هذه الأيام ، ولذلك لا يجوز عندنا أن يرفع عليهم السيف بالجهاد، وحرام على جميع المسلمين أن يحاربوهم ويقوموا للبغاوة والفساد".١

  ويقول أيضا: "ولذلك وجب على كل مسلم ومسلمة شكر هذه الدولة ، فإنها تحفظ نفوسنا وأعراضنا وأموالنا بالسياسة والنصفة . وحرام على كل مؤمن أن يقاومها بنية الجهاد ، وما هو جهاد بل هو اقبح أقسام الفساد".٢

  ومع أن "القادياني" يقول أنه لا يؤمن بالنسخ إلا أنّه قال بنسخ الجهاد: "لو فرضنا جدلا أن الإسلام أجاز الجهاد كما يفكر هؤلاء المشايخ، فهذا الحكم نسخ في هذا الزمن".٣

  وأنكرت القاديانيّة جهاد الطلب الذي يبدأ فيه المسلمون الكفّار، وقالت إنّ الجهاد فقط للدفاع: "فلم يكن قتال النبي مع الكفار لأجل ادخالهم في الدين ، بل للدفاع ولكف شرهم وأذاهم".٤

نقض عقيدة القاديانيّة في الجهاد:

  إنّ قول القاديانيّة أنّ الجهاد فقط للدفاع، لهو نفاق منها إذ إنّ الجهاد ضدّ المستعمر الإنجليزيّ في الهند، هو جهاد دفاعيّ، ومع ذلك كان "القاديانيّ" يحرّم الجهاد ضدّهم.

  وإنّ قول القاديانيّة أنّ الجهاد في زمن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، كان للدفاع فقط وليس لنشر الإسلام لهو قول باطل، بدليل أنّ النبيّ كان يرسل السرايا للغزو، ويأمر المسلمين أن يدعوا الكفار إلى ثلاث خصال، وهي: الإسلام أو الجزية أو الجهاد: فعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: "كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أمر أميرا على جيش، أو سريّة، أوصاه في خاصّته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرا، ثمّ قال: "أغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال - فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم".٥

  كما أنّ الله عز وجل أمر بمقاتلة أهل الكتاب مبادأة حتى يُعطوا الجزية، فقال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَاحَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍوَهُمْ صَاغِرُونَ}.٦

  قالت القاديانيّة: الجهاد حرب دفاعيّة؛ لأنّ الله أمرنا بعدم الاعتداء فقال: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.٧

فالجواب:

  أنّ المقصود بالاعتداء ليس مبادأة الكفار بالجهاد، بل المقصود منه عدم مخالفة الأوامر الشرعيّة في الجهاد، كالتمثيل وقتل الشيوخ والأطفال وغيرها، بدليل أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال في الحديث السابق: ( اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا).

  وقالت القاديانيّة: إنّ الإسلام لا يجيز شنّ الحروب لنشر الدين، لأنّ الله تعالى يقول: { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}.٨

والجواب:

  أنّ هذه الآية لم تنزل في الجهاد ومبادأة الكفّار بالجهاد، بل نزلت في قوم من الأنصار كان أبنائهم قد تهوّدوا وأرادوا إكراههم على الإسلام، فنهاهم الله عزّ وجلّ عن ذلك فعن ابن عباس، قال: "كانت المرأة تكون مقلاتا ٩ فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله عز وجل: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}.١٠

  وقالت القاديانيّة: إنّ المسيح النازل عندما ينزل (يضع الحرب)، وبما أنّ القاديانيّ هو المسيح النازل - حسب زعمها - فلا جهاد لنشر الدين بعد نزوله.

والجواب:

أولا: قد أثبتنا سابقا أنّ صفات المسيح النازل لا تنطبق على "القاديانيّ"، فلا هو مسيح ولا هو مهديّ.

ثانيا: أنّ القاديانيّة قد أنكرت النسخ في القرآن، فكيف تسوغ لنفسها نسخ الجهاد بظهور المسيح وهو حكم ثابت في القرآن؟!

ثالثا: أنّ الثابت ـ من الأحاديث في الصحاح والسنن ـ أنّ المسيح يضع الجزية لا الحرب.

رابعا: أنّه قد ثبت أنّ المسيح، عليه السلام، عندما ينزل يقاتل الناس على الإسلام، فعن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "الأنبياء كلّهم إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد، وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم، إنه ليس بيني وبينه نبي، وإنه نازل، إذا رأيتموه فاعرفوه، رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصرين، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل، فيقاتل الناس على الإسلام، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك المسيح الدجال، وتقع الأمنة في الأرض، حتى ترتع الأسد مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات، لا تضرهم، فيمكث في الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى، فيصلي عليه المسلمون، صلوات الله عليه".١١

خامسا: ثبت من حديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، أنّ الجهاد ماض حتى يقاتل آخر المسلمين المسيح الدجّال، فعن عمران بن حصين قال: "قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال".١٢

سادسا: وثبت من حديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، أنّ المسلمين سيفتحون روما، فقد: سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أيّ المدينتين تُفتح أوّلا: قسطنطينيّة أو روميّة؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "مدينة هرقل تُفتح أوّلا" يعني قسطنطينية.١٣

  أخيرا أقول: إنّ زعم القاديانيّة أنّها تؤمن بالجهاد الدفاعيّ فقط، هو مجرّد ادّعاء يكذبه الواقع؛ لأنّ "القاديانيّ" كان يحرّم الجهاد ضدّ الإنجليز في الهند وقت احتلالها، أضف إلى هذا أنّ هناك أراض للمسلمين محتلّة، والجهاد فيها دفاعيٌّ كفلسطين وكشمير، ومع ذلك لا نرى جهادا دفاعيّا من قبل القاديانيّة.

وفي ختام هذا المبحث أقول أيضا : إن إنكار بعض العلماء المسلمين المعاصرين لجهاد الطلب يخالف النصوص الواضحة، وفيه تصويب لأهل الضلال من القاديانية وغيرها، وهؤلاء العلماء قالوا بهذا : إما بسبب الواقع الأليم وضعف المسلمين، وإما بسبب تأثرهم بالفكر الغربي.

ـــــــــــــــ

(١)الإستفتاء للغلام القادياني ص 77

(٢)مواهب الرحمن للغلام القادياني ص 35

(٣)الحكومة الإنجليزية والجهاد للغلام القادياني ص 8

(٤)القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح للقادياني نذير أحمد مبشر السيالكوتي ص 65

(٥)مسلم رقم 1731

(٦)التوبة 29

(٧)البقرة 190

(٨)البقرة 256

(٩)المقلاة : هي التي لا يعيش لها ولد.

(١٠)أبو داوود رقم 2682 صححه الألباني

(١١)صحيح ابن حبان رقم 6821

(١٢)أبو داود رقم 2484صححه الألباني

(١٣)أحمد رقم 6645 صححه الألباني