نقض عقيدة القاديانيّة في إنكارها أبوّة للبشر
نقض عقيدة القاديانيّة في إنكارها أبوّة للبشر
لقد اتفقت الأديان السماويّة على أبوّة آدم-عليه السلام- للبشر، ولم يخالف هذه العقيدة إلا الملحدون، وتبعتهم القاديانيّة؛ حيث تعتقد أنّ آدم-عليه السلام- ليس أوّل البشر، ولا أبوهم، وأنّ هناك أكثر من آدم، وأنّ هناك الكثير من البشر عاشوا قبله، فلا يعتبر أبو البشر، بل هو أبو الأنبياء، وتقول القاديانيّة أنّ القرآن لا يصرّح أنّ آدم هو أبو البشر، مستدلّة بالخطأ العلميّ والتاريخيّ الذي ورد عند أهل الكتاب، أنّ عمر الدنيا ستّة أو سبعة آلاف سنة.
وفي عام 1908م، وقبل وفاة "القاديانيّ" بقليل كتب "القادياني": "نحن لا نتبع التوراة التي تدعي أن الدنيا بدأت بمولد آدم قبل ستة أو سبعة آلاف سنة و أنه لم يكن هناك شيء قبل ذلك".١
نقض هذه العقيدة:
أولا: إنّ القرآن الكريم قد أثبت أنّ آدم أوّل البشر عندما صرّح أنّ الله عزّ وجلّ خلق آدم من تراب بلا أب؛ فقال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.٢ فإذا كان آدم خُلق من تراب بلا أب، فهذا يقتضي أنّه أبو البشر .
ثانيا: إنّ السنّة النبويّة قد صرّحت بأبوّة آدم للبشر، فجاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: "كنّا مع النّبيّ-صلى الله عليه وسلم- في دعوة: "فرفع إليه الذّراع، وكانت تعجبه فنهس منها نهسة"، وقال: "أنا سيّد القوم يوم القيامة، هل تدرون بم؟ يجمع اللّه الأوّلين والآخرين في صعيد واحد، فيبصرهم النّاظر ويسمعهم الدّاعي، وتدنو منهم الشّمس، فيقول بعض النّاس: ألا ترون إلى ما أنتم فيه، إلى ما بلغكم؟ ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربّكم، فيقول بعض النّاس: أبوكم آدم فيأتونه فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر، خلقك اللّه بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنّة، ألا تشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا؟ فيقول: ربّي غضب غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، ونهاني عن الشّجرة فعصيته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا، فيقولون: يا نوح، أنت أوّل الرّسل إلى أهل الأرض، وسمّاك اللّه عبدا شكورا، أما ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما بلغنا، ألا تشفع لنا إلى ربّك؟ فيقول: ربّي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، نفسي نفسي، ائتوا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فيأتوني فأسجد تحت العرش، فيقال يا محمّد ارفع رأسك، واشفع تشفّع، وسل تعطه ".٣
وعن أبي هريرة-رضي الله عنه- أنّ النّبيّ-صلى الله عليه وسلم- قال: "أوّل من يدعى يوم القيامة آدم، فتراءى ذرّيّته، فيقال: هذا أبوكم آدم، فيقول: لبّيك وسعديك، فيقول: أخرج بعث جهنّم من ذرّيّتك، فيقول: يا ربّ كم أخرج، فيقول: أخرج من كلّ مائة تسعة وتسعين" فقالوا: يا رسول اللّه، إذا أخذ منّا من كلّ مائة تسعة وتسعون، فماذا يبقى منّا؟ قال: "إنّ أمّتي في الأمم كالشّعرة البيضاء في الثّور الأسود".٤
ثالثا: إنّ قول القاديانيّة: إنّ هناك أكثر من آدم قبل آدم، يلزمهم دليل عليه من الكتاب والسنّة، ولا دليل لهم، ونحن نأخذ ديننا من الكتاب والسنّة، ووجود آدم ثبت في القرآن والسنّة، وادّعاء وجود أكثر من آدم قبله يلزمه الإثبات من الكتاب والسنّة.
رابعا: يقال للقاديانيّة: إنّ ما ورد عند أهل الكتاب أنّ عمر الدنيا من آدم إلى زماننا، هو ستّة أو سبعة آلاف عام، يلزم أهل الكتاب ويجعلهم في مشكلة علميّة وتاريخيّة، ولا يلزم المسلمين؛ لأنّ الكتاب السماويّ ـ القرآن ـ عند المسلمين وسنّة نبيّهم لم يحدّدا عمر الدنيا، وما ورد عند أهل الكتاب ـ في اعتقاد المسلمين ـ قد دخل كثير منه التحريف، فبالتالي بناء عقيدة على أساس ما عند أهل الكتاب هو ضلال مبين.
خامسا: إنّ عقيدة القاديانيّة ـ فوق ما ثبت من ضلالها بنص الكتاب والسنة ـ فإنّه يثبت ضلالها بتناقضات "القاديانيّ" نفسه؛ حيث أنّه كان يؤمن أنّ عمر الدنيا ستّة أو سبعة آلاف عام حيث قال سابقا:
"ومع ذلك حصر هذا التعداد إشارة إلى سنوات المبدأ والمعاد، أعني أن آيتها السبع إيماء إلى عمر الدنيا فإنها سبعة آلاف".٥
وقال أيضا: "وما جئت إلا في الألف السادس الذي هو يوم خلق آدم، وإن فيها لهدى لقوم يتفكرون. ألا تقرأون سورة العصر وقد بين في أعدادها عمر الدنيا من آدم إلى نبينا لقوم يتفقهون؟ وهذا هو العمر الذي يعلمه أهل الكتاب".٦
كما أنّ "القاديانيّ" كان معترفا بأبوّة آدم للبشر فقال: "الميزة السادسة عشرة للمسيح هي أنه يشبه آدم لولادته دون أب".٧
وقال أيضا: "فجعلني الله آدم وأعطاني كل ما أعطى لأبي البشر".٨
فإذا كان "القاديانيّ" نبيّ يوحى إليه، وكلامه وحي من الله، وكتبه وحي من الله، وكان يؤمن طوال عمره أنّ عمر الدنيا ستّة أو سبعة آلاف سنة، وأنّ آدم أبو البشر خُلق بلا أب، ثمّ فجأة في نفس السنة التي مات فيها ناقض وحيه السابق، ليعلن معارضته لأهل الكتاب، ولينكر أبوّة آدم للبشر، فإنّ هذا تناقض بين الوحيين السابق واللاحق، وبالتالي يجعل الوحيين مشكوك فيهما، وبالتالي بطلان عقيدته من الأساس.
الكاتب: أبوعبيدة العجاوي
ــــــــــــــــــ
[١]الملفوظات ج10 ص 432
[٢]آل عمران 59
[٣]البخاري رقم 3340
[٤]المصدر السابق رقم 6529
[٥]إعجاز المسيح للغلام القادياني ص 40
[٦]الخطبة الإلهامية للغلام القادياني ص 106
[٧]تذكرة الشهادتين للغلام القادياني ص 39
[٨]الخطبة الإلهامية للغلام القادياني ص68