منهج القاديانية في الإستدلال
منهج القاديانية في الإستدلال
أبوعبيدة العجاوي
للقاديانية منهج غريب وعجيب في الاستدلال، يتنوع ويتبدل ويختلف ويتغير حسب "الهوى" الذي يخدم هذه "النحلة"، كأمثلة على ما أقول :
١- التفسير الباطني عند القاديانية : إن الجماعة القاديانية تتبنى في كثير من تفسيراتها المنهج "الباطني" : في المعجزات، وقصص الأنبياء، والأخبار الغيبية الماضية والمستقبلية، وأحاديث آخر الزمان وغيرها… فتأتي إلى نص "ظاهر" تفسره باطنيا، وكمثال على هذا : جاء في النصوص أن المسيح النازل يقتل المسيح الدجال. وتفسير القاديانية للنص : أن القتل هنا قتل بالحجة، ومن قتل بالحجة فقد قتل. وذلك : أن تفسير القاديانية "للدجال" هو جماعة وفئة من الناس وهم الإنجليز والمنصرون ! فالسؤال : أين القتل ؟ ولا يوجد ! فقالت ما قالت ! وهذا قول "باطني" للهروب والفرار من ظاهر النص الذي لا يتطابق مع حال القادياني، ويستطيع أن يقوله غيرهم لو شاء : كأهل السنة، والمعتزلة، والرافضة… فكثير من المذاهب والفرق جادات النصارى بالحجج المختلفة والمتنوعة، ومع ذلك لم تقل ما قالته القاديانية في تفسيرها للنص المتعلق بقتل المسيح الدجال، وهذا التفسير الباطني يفرغ النصوص القرآنية والحديثية من مضمونها وعلاماتها وتفصيلاتها وهداياتها ويفقدها مقاصدها الربانية، فمثلا نحن نطلق على الأخبار الغيبية المستقبلية علامات الساعة أو علامات آخر الزمان، فعندما تخرج القاديانية هذه العلامات من ظاهرها بتكلف وصعوبة إلى معنى باطني مستحيل ومردود، تفقد هذه النصوص مقاصدها، والمفروض أن مثل هذه العلامات تكون ظاهرة للناس ليتعرفوا عليها، إلا أن تكون هناك قرينة صارفة، أو نص عام يحتمل عدة اجتهادات في تفسيره، فلا يقبل من أحد أن يدعي المهدوية مثلا، ثم النصوص والتفصيلات والعلامات لا تنطبق عليه، فهي دليلنا على صدقه أو كذبه ! لذلك ستجد القاديانية تأخذ كلمة المهدي والمسيح النازل من النصوص، ثم لا تبالي بالتفاصيل والعلامات بحجة أنها نبوءات والنبوءات لا تؤخذ على ظاهرها - حسب باطلها -، ثم تحرف كل العلامات والتفاصيل إلى معان باطنية فارغة مردودة.
٢- التفسير العقلي عند القاديانية : فتأتي إلى النصوص والحال : هذا معقول وهذا غير معقول ! حسب عقول القاديانيين المريض وفهمهم الأعوج ! فالمعجزات عندهم غير معقولة، والحل هو التأويل والتحريف، لدرجة أن القاديانية تأتي إلى نص غير معقول بالنسبة لديها، تحرفه بطريقة يقول العاقل فيه : إن النص شيء وتفسير القاديانية شيء آخر.
٣- أن أهل الإسلام يؤمنون بظاهر النص، إلا إذا وجدت قرينة أو قرائن تصرف ظاهر النص إلى معنى آخر، كما هو الحال في كلمة "التوفي" في شأن عيسى - عليه السلام -، وبما أن القاديانية تقول بموت عيسى وأن غلامها القادياني هو المسيح الموعود، تبدأ معاركها الجدلية في الأخذ بظاهر النص، مع أنها تأتي إلى النصوص فتأخذ كلمة أو جملة من حديث، وتترك باقي النص نفسه أو الحديث نفسه، وما فيه من أمور، وأحداث، ووقائع، وعلامات، ومعلومات… مثل أحاديث نزول عيسى وظهور المهدي والمسيح الدجال ويأجوج ومأجوج… بحجة أن هذه نبوءات والنبوءات لا تؤخذ على ظاهرها ! وهذا القول لا دليل عليه ! مع أنها في النبوءات إن أرادت ظاهر شيء أخذت به ! وهذا من الهوى والضلال والتدليس والخداع والكذب والزور والبهتان والتناقض.
٤- تحاول القاديانية الظهور بمظهر الجماعة التي تؤمن بالقرآن وتأخذ به، فإن وجدت في القرآن "مبتغاها" تأويلا وتحريفا وباطنية، فتفيض عليك بنصوص كثيرة، استدلالا حسب زعمها، في حين أن خصومها يستدلون بالسنة على "تحريفاتها" وكأنها توحي : نحن نقول قال الله وخصومنا يقولون قال فلان - عياذا بالله - للطعن في السنة، ثم هي نفسها يؤتى لها بآيات قرآنية كثيرة تثبت النسخ في القرآن، فتردها وتزعم أنه لا نسخ في القرآن، محاولة الظهور بمظهر المدافع عن القرآن، وكأن المسلمين وأهل السنة في اثباتهم النسخ في القرآن يطعنون به - والعياذ بالله -، وشأن السنة عظيم بعد كتاب الله، هؤلاء يتجرأون على تحريف مراد الله، والاستدلال بالسنة وأقوال الصحابة - رضي الله عنهم - يفسد عليهم تحريفاتهم، لأن فهم النبي - عليه الصلاة والسلام - فهم حق للقرآن، وفهم الصحابة - رضي الله عنهم - مأخوذ من النبي - صلى الله عليه وسلم - وفهم التابعين - رحمهم الله - مأخوذ من فهم الصحابة، وأهل البدع يحكمهم الهوى في النصوص، وهذا ملاحظ في القاديانية ! ونحن نملك السند والمستند فلا تنازل عنه، أما هم فأهل هوى، ونحن مأمورون بطاعة النبي كما أمرنا بطاعة الله، والعياذ بالله من خرج من قلبه تعظيم السنة وحديث النبي في الإتباع والقبول والانقياد ضل وأضل. نعوذ بالله من الهوى وأهله.
٥- وعلى العكس تماما إن كان هواها موجودا في الأحاديث النبوية، تصبح من "أهل الحديث" والمدافعين عن السنة، مثل أخذها بحديث الخسوف والكسوف المطعون فيه، والذي لم يرد على لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وحديث التوفي المعلق لإبن عباس في البخاري بخصوص عيسى - عليه السلام -.
٦- القاديانية ليس لها منهج واضح في قبول الحديث ورده، مثلما هو الحال عند "أهل الحديث"، فهي تأخذ ما تشاء وترد ما تشاء دون ضابط، ولا يحكمها في ذلك سوى الهوى.
٧- أن القاديانية تأتي لك بآيات قرآنية كثيرة كأدلة، وما هي بأدلة، وإنما تفسير بالهوى، ودجل، وأباطيل، وافتراء على وحي الله ومراده، لتوهم المسلم البسيط أن أدلتها قرآنية أولا، ومن الأمثلة على هذا بعثة نبي بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - ثم هي نفسها بعد أن فتحت باب النبوة بعد نبينا - عليه الصلاة والسلام - أغلقته بعد القادياني، وهذا يدلك على الهوى والضلال والدجل والفساد.
٧- من غرائب وعجائب هذه الجماعة ! أنها تأتي لنصوص تستخرج منها أمورا ليس فقط لا تخطر على بال العامي، بل بعض المشايخ والأساتذة والدارسين ! مثل قوله - تعالى - : { وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا }. (مريم ٣١). فتقول لك : إذا كان عيسى - عليه السلام - حي في السماء، فكيف له أن يزكي ؟ وفي هكذا استدلالات لها، فإنك ترد عليها بما يسكت باطلها، مع إيمانك أنك في مسائل الغيبيات كهذه، تفوض علم الغيب لله العليم علام الغيوب، وأنك قد تكون مخطأ، فتقول لها مثلا : وهل وهو حي في طفولته كان يزكي ؟! فهذا الجواب منك على باطلها يفسده، لكنك تؤمن أن هناك علما لله لا نعلمه، ( هي تأتي بباطل فيرد عليها بنفس دليلها على باطلها ). هي تتعب نفسها لتثبت لك أن عيسى قد مات، والأدلة خلاف ما تقول، هي ألزمت نفسها بباطل فاستعمل باطلها ضدها، وهذا ملاحظ وكثير في شأن القادياني والقاديانية، يلزمون أنفسهم بباطل ثم يلقى باطلهم عليهم، حتى لقد أصبح من الطرائف والنوادر استخدام كلام القادياني عليه. ونعوذ بالله من شرور الكلام.
وننبه على مسألة : إذا جاءت القاديانية لك بآية أو حديث ثم اتبعت ذلك بوجه استدلالها، فلا تتعجل في الإجابة إن كنت لا تعلم، تأكد من تفسير العلماء للآية، وتأكد من صحة الحديث وشرح العلماء، وتأكد من السياق، ولا تلتفت إلى وجه استدلالها في البداية، لأنه يصرفك عن مقاصد الآية أو الحديث، وحتى لا تنساق إلى إجابة ترد فيها على وجه استدلالها، لأنها قد تلبس عليك في وجه استدلالها، فمثلا حين تعلم سياق الآية، فقط توضيح السياق رد يبطل وجه استدلالها، ومن الأمثلة : استدلالها بكلمة ( خلت ) أنها ماتت.
وننبه على مسألة أخرى : أن مشايخ القاديانية عندهم مسائل وشبهات معدة سلفا وقد درسوها سابقا وحفظوها وهي شغلهم، بينما أنت مشغول باهتمامات تخصك و تباغت وتفاجئ بشبهاتهم، ليس عيبا أن تقول لا أعلم الجواب والأمر بالنسبة لي بحاجة إلى بحث، فهذا خير لك عند الله العليم، وخير لك من إجابة متسرعة خاطئة.