مقولات القادياني في العقائد: الوحي والمعجزة ج2

مقولات القادياني في العقائد: الوحي والمعجزة ج2

مقولات القادياني في العقائد (26)

The Sayings of Al-Qadyani in Doctrins

مقولات القادياني في الوحي والمعجزة (ج 2):-

المطلب الثّاني: الوحيّ أنواعه وصوره:-

من الممكن تقسيم الوحي إلى نوعين: " وحي إلهام ووحي إرسال.

وحي الإلهام: يكون بإلهام الله بعض المخلوقات ببعض الأمور مثل قوله تعالى:( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ) [النحل: ٦٨ ]أي: ألهمها..

ألهم الله أم موسى أن تعمل هذا العملبولدها لمّا ولدته، وكان فرعون يقتِّل الذكور، فالله ألهمها أن تعمل هذا العمل من أجل نجاة موسى من هذا الجبار.

وأما وحيّ الإرسال فهو الذي ينزل به جبريل عليه السّلام على الأنبياء عليهم السّلام . ويمكن تقسيم الوحيّ أيضًا إلى أنواع بحسب الموحى لهم كالأنبياء والملائكة و المخلوقات والأولياء، وبهذا التقسيم ننظر إلى من ادّعى الوحيّ فمن تحققت له النّبوة فهو الوحيّ المقصود شرعًا.

والكلام عن صور الوحيّ يسوقنا إلى الكلام عن الآية التي تعتبر الأساس في ذلك، وهي وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ

ﱠ[ الشورى 51 ]

ومن هذه الآية يمكن استنتاج صور الوحيّ كالآتي:

1-"إلّا وحياً " ويمكن أن يدخل تحته هذه الصور التالية:-

‌أ- الرؤية المنامية: وهي أول مراتب الوحيّ كما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها -: "أولَ ما بُدِىءَ بهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منَ الوحيّ الرُّؤيا الصالحةُ في النوم، فكانَ لا يَرى رؤيا إِلا جاءَت مِثل فلَقِ الصُّبحِ" .(1).

‌ب- الإلقاء في القلب والنفث في الروع(2):أي إلقاء المعنى فى القلب، المعبر عنه بالنفث فى الروع؛ وفي الحديث: «إن روح القدس نفث فى رُوعى أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا فى الطلب»(3).

2- من وراء حجاب الوحي من الله مباشرة: كما كلّم الله تعالى موسى عليه السلام " وكلّم الله موسى تكليماً " وكلّم نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج، وهو أعلى مراتب درجاته.

3-"أن يرسل رسولاً": أن يأتيه الملك على صورته الحقيقية. كما أتى جبريل النّبي صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية. وقد اختار الله جبريل عليه السّلام لهذه المهمة وسمّاه روح القدس.

والوحيّ بجميع أنواعه بالمعنى الشرعي يصحبه علم يقيني ضروري من النّبي بأنّ ما أُلقي إليه حقّ من عند الله ليس من خطرات النفس ولا وسوسة الشياطين، وهذا العلم اليقيني لا يحتاج إلى مقدمات وإنّما هو من قبيل إدراك الأمور الوجدانية كالجوع والعطش.

ولكي نعرف تقسيم القادياني للوحيّ ، من المناسب أن أضع تفسير القادياني لأنواع الوحيّ بحسب تفسيره للآية السابقة أيضاً،يقول القادياني في تفسير الآية: " هناك ثلاث وسائل لكلام الله لا رابع لها، (1): الرؤيا، (2) الكشف، (3) الوحي. " (4)

وهو يُبيّن معنى الوحيّ هنا بأنّه: " هو الكلام الذي ينزل على قلب النّبي الطاهر بغير واسطة ويكون هذا الكلام أكثر صفاء ونقاء"(5)

وأمّا المراد من قوله تعالى: { من وراء حجاب} ، فقد أولّهبالرؤيا وكيفيتها، وهو تأويل بلا قرينة أو حتى علاقة، وهذا قوله:"المراد من: { من وراء حجاب} هو وسيلة الرؤيا. معنى "من وراء حجاب" هو أنّ الاستعارات التي تحمل صبغة الحجاب تغلب الرؤى وهذه هي كيفيّة الرؤى". (6)

وكذلك قام بتحريف معنى أن يرسل رسولاً بقوله بأنّه الكشف، كما في قوله: "المراد من { يرسل رسولاً } هو الكشف. الرسول أيضاً يتمثل في الكشوف، وحقيقة الكشوف أنّها سلسلة التمثّلات"(7).

وأمّا الكشف عند القادياني والذي يعتبر نوعاً من أنواع الوحي فيعرّفه بحسب الحاسة التي يشعر بها الشخص بهذا الوحي ، حيث يقول:

" المراد من الكشف هو أن يكون الإنسان في حالة شبه الغيبوبة عن الوعي في عالم اليقظة وهو يعلم كل شيء، وتعمل حواسه الخمس أيضاً عملها على خير ما يرام. ثم ينال حواساً جديدة يرى بسببها مشاهد عالم الغيب. تُنال تلك الحواس بأساليب مختلفة، أحياناً في حاسة البصر وأحياناً في الشم وأخرى في السمع. " (8)

وهذا الكشف الذي يرفع القادياني من منزلته ويجعله نوعاً من أنواع الوحيّ، وأنّه هو المقصود من قوله تعالى: { يرسل رسولاً }(يقوم هو نفسه بنسف قدسيّة هذا المفهوم الذي رفعه، ويقول بأنّه يمكن للملحد والهندوسي أن ينال هذه الرتبة ويصل للكشف، ناهيك عن قوله أنّ المسلم ينال هذه الدرجة بالمجاهدات والرياضات، فيقول : " الكشف يمكن أن يراه هندوسي بل الملحد الذي لا يؤمن بالله تعالى أيضاً يستطيع أن ينال بعض الكمال فيه، ولكن الوحيّ لا يمكن أن يحظى به إلا المسلم فهو في نصيب هذه الأمة فقط؛ لأنّ الكشف جزء من فطرة الإنسان ويمكن نواله بالمجاهدة، أيّ شخص يقوم بها ؛ لأنّه من الطبيعي أنّه كلما تمرّن أحد واجتهد ستطرأ عليه الحالات بحسبه". (9).....

وسنتابع الكلام عن الوحيّ عند القادياني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]البخاري،محمد بن إسماعيل أبو عبدالله،الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، ت:محمد زهير بن ناصر الناصر، ج1ص7، دار طوق النجاة,

[2]الرُّوع بضم الراء القلب والخَلَد والخاطر وهو المراد هنا وبالفتح الخوف والفزع.

[3]أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي وابن ماجه في سننه وغيرهم، موارد الظمآن (1084، 1085)، والمستدرك (2 / 4)، وسنن ابن ماجه (2144).

[4]الحكم، مجلد 10، رقم 35، عدد، 10/ 10/1906 م، ص 10)

[5](الحكم، مجلد 5، رقم 11، عدد 24/ 3/1901 م، ص 6)

[6]الحكم، مجلد 10، رقم 35، عدد، 10/ 10/1906 م، ص 10

[7]ا لمرجع السابق.

[8](البدر، مجلد 4، رقم 8، عدد 13/ 3/1905 م، ص 2)

[9](الحكم، مجلد 2، رقم 15، عدد 1/ 5/1903 م، ص 114)