مقولات القادياني في العقائد: الوحي والمعجزة ج1

مقولات القادياني في العقائد: الوحي والمعجزة ج1

مقولات القادياني في العقائد (25)

The Sayings of Al-Qadyani in Doctrins

مقولات القادياني في الوحي والمعجزة (ج 1):-

إنّ مبحث الوحيّ والمعجزات من أهم المباحث في باب النّبوات وبخاصة عند مناقشة عقائد القادياني، ففي هذا المبحث يمكن الحكم بدقة على ادّعاء النّبوة عملياً، وذلك بالحكم على ما ادّعاه من نزول الوحي عليه.

والاختلاف من أبرز صفات الوحيّ المفترى، يقول تعالى

(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) (سورة النساء 82)

وبما أنّ القادياني ادّعى نزول الوحيّ عليه، يتتبع الباحث هذا الوحيّ المُدعى وما فيه من تناقض و انحراف، وكذلك الكلام في المعجزات حيث إنّه ادّعى العديد من المعجزات، وهنا لا بدّ من عرض معجزاته على شرائط المعجزة و يتبيّن صدقها من كذبها.

المطلب الأول: مفهوم الوحيّ

الوحيّ لغةً: "أَصل الْوَحْيِ فِي اللُّغَةِ كُلِّهَا – كما جاء في لسان العرب - إِعْلَامٌ فِي خَفاء"(1) والوَحْيُ: الإِشارة، وَالْكِتَابَةُ، والرِّسالة، والإِلْهام، وَالْكَلَامُ الخَفِيُّ، وكلُّ مَا أَلقيته إِلى غَيْرِكَ(2) وهو :"العَجَلةُ"(3)، "والوَحِيُّ، عَلَى فَعِيلٍ: السَّريعُ. يُقَالُ: مَوْتٌ وَحِيٌّ. وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ: الوَحا الوَحا أَي السُّرْعةَ السُّرعة"(4).

وقد حاول الشيخ محمد رشيد رضا جمع ما أمكن منها بقوله: " فالقول الجامع فى معنى الوحي اللغوي إنّه الإعلام الخفيّ السريع الخاص بمن يوجه إليه بحيث يخفى على غيره. ومنه الإلهام الغريزي كالوحيّ إلى النحل، وإلهام الخواطر بما يلقيه الله فى روع الإنسان السليم الفطرة الطاهر الروح"(5).

وأمَّا تعريف الوحيّ في الاصطلاح الشرعي فهو: " الإعلام بالشرع، وقد يطلق الوحيّ ويراد به اسم المفعول منه، أي الموحى، وهو كلام الله المنزل على النّبيّصلى الله عليه وسلم" (6).

وقد وضّح معنى الوحيّ التفتازاني بقوله:" ويحصل لذلك الإنسان في اليقظة أن يتصل بعالم الغيب ويتمثل لقوته المتخيلة العقول المجردة والنفوس السماوية أشباحاً مصورة لا سيما العقل الفعال الذي له زيادة اختصاص بعالم العناصر فتخاطبه وتحدث في سمعه كلام مسموعاً يحفظ ويتلى ويكون ذلك من قبل الله وملائكته لا من الإنسان وهذا معنى الوحيّ"(7).

وأما الوحي عند القادياني فهو كما قال في كسب النّبوة، حيث ادّعى إمكانيّة نزول الوحيّ على الشخص عندما يقوم ببعض الرياضات الروحية ،واستغل بعض المعاني اللغوية للوحيّ وبعض أنواع الوحيّ كالإلهام ،وكما يربط القادياني في بعض مقالاته النّبوة بصفات الشخص واستعداداته فكذلك يربط مسألة نزول الوحيّ،فيقول في ذلك: " فلما ثبت أنّ للنّاس مراتب متفاوتة من حيث العقل و القوى الأخلاقية و نور القلب، ثبت بذلك أن الوحيّ الإلهي يختصّ ببعض الأفراد منهم، أي الكاملين منهم من كلّ الوجوه ؛ لأنّه من الواضح لكلّ عاقل أن كلّ نفس تستقبل الأنوار الإلهية بحسب كفاءتها و مقدرتها، و ليس أكثر من ذلك ". (8)

فهو هنا يربط نزول الوحي بالكفاءة والاستعداد الروحي والاستعداد العملي أيضاً، فالعقل والقوى الأخلاقية والروحية من أقوى الأسباب عنده لنزول الوحي على الشخص، فهو بذلك يقول بكسب الوحي بناءً على قوله بكسب النّبوة. وهو يوضّح هذه الفكرة بتعبير آخر كما في قوله:

"ولو استُنبط من كلمة "النّبي" معنى أنّ الله جلّ شأنه يكلِّمه ويخاطبه ويكشف عليه بعض الأسرار الغيبية، فأيّ غضاضة في كون فرد من الأمة نبياّ من هذا النوع؟ وخاصة ما دام الله تعالى قد أعطى في القرآن الكريم أملاً أكثر من مرة بأنّ فرداً من الأمة يمكن أن ينال شرف المكالمة والمخاطبة الإلهية، وأنّ الله تعالى يخاطب أولياءه ويكلّمهم. بل علِّمنا في سورة الفاتحة التي تُتلى في الصلوات الخمس يومياً دعاءً:(اهدنا الصراط المستقيم )[الفاتحة: 5]

لنيل هذه النعمة بالذات، فلماذا يُرفض إذًا نوال أحد من الأمة هذه النعمة؟ هل النعمة التي طُلبت من الله تعالى في سورة الفاتحة والتي أُعطِيها الأنبياء تتمثل في الدراهم والدنانير؟ "(9) وهو هنا يخلط بين المعنى اللغوي للوحيّ وبين المعنى الاصطلاحي له، ليستدلّ على جواز الكسب للوحيّ وبعدها يستدلّ على النّبوة فالالهام جائز للشخص وقد ينعم الله به على من يشاء من عباده، ومن معاني الوحيّ الإلهام فيجوّز القادياني نزول الوحيّ على الشخص، ولكنّ الإلهام ليس هو المعنى الشرعي للوحيّ كما سبق. ولا يثبت بمجرد الإلهام، نبوة ولا حتى ولاية فهو أمر قد يحصل للمرء بمجرد التعمّق في التفكير في المسألة ودراستها أو الحاجة الماسة لها.

يقول القادياني:" أما الإلهام أي الوحيّ فلا يحظى به أحد ما لم يتصالح مع الله كليّاً وما لم يضع عنقه تحت نير طاعته. "(10). ...زسنتابع الحديث عن الوحيّ أنواعه وصوره عند القادياني ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]ابن منظور، لسان العرب،ج15، ص 375.

[2]المرجع السابق،ج 15، ص381.

[3]لمرجع السابق، ج15،ص 383.

[4]لمرجع السابق، ج15،ص 382.

[5]محمد رشيد رضا، محمد رشيد بن علي رضا بن محمد شمس الدين بن محمد بهاء الدين بن منلا علي خليفة القلموني الحسيني (المتوفى: 1354هـ)، الوحي المحمدي ، دار الكتب العلمية – بيروتالطبعة: الأولى، 1426 هـ - 2005 م، ص21

[6]ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري،ج: 1/ ص:14 - 15.

[7] التفتازاني،المقاصد في علم الكلام،ج2 ص 107

[8]القادياني،غلام أحمد،براهين أحمدية 232

[9]القادياني،غلام أحمد،،تفسير الميرزا ج1 ص271

[10]المرجع السابق، ج 2 ص1