مقال (474) هل الأحمديون يرون المسلمين كفّارا ؟ الجزء الثاني

مقال (474) هل الأحمديون يرون المسلمين كفّارا ؟ الجزء الثاني

مقال (474) هل الأحمديون يرون المسلمين كفّارا ؟ الجزء الثاني

 https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2022/01/474.html

الجماعة الأحمدية القاديانية جماعة تكفيرية, الجزء الثاني :

الطائفة الأحمدية القاديانية جماعة تعتقد بنبوة الميرزا غلام أحمد القادياني - الهالك في مايو سنة 1908 - بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، و يرون أنه ليس فقط منْ لا يؤمن بنبيّهم فهو كافر بل كل من لم يبايع الميرزا نبيّا و رسولا ، أو يبايع الخليفة الأحمدي المعاصر في زمنه فهو كافر حتى لو كان يُصَدِّق الميرزا نبيّا.

و قد سردتُ في الجزء الأول الأدلة على تكفير الميرزا غلام القادياني لغير الأحمديين و كانت النصوص كلها من أقوال نبيّهم الميرزا غلام كما وردت في كتبه المنشورة في موقعهم الرسمي .

و بإذن في هذا الجزء الثاني أسردُ بعض النصوص من كتب الخليفة الأحمدي الثاني بشير الدين محمود و هو المؤسس الثاني لجماعتهم و الموصوف بأنه المصلح الموعود .

1 - في كتاب " مرآة الحق " تأليف بشير الدين محمود يرد فيه على إتهامات مؤسس الجماعة الأحمدية اللاهورية [1] محمد علي اللاهوري  - و هو أحد كبار مرافقي و أصحاب الميرزا غلام المقربين - حيث إتهمه محمد علي اللاهوري أنه يكفِّر كل من لا يؤمن بالميرزا غلام نبيّا سواء كان من المسلمين أهل القبلة أو من غيرهم، فأقر محمود بالتكفير و هذا نص كلامه : 

وقد ذكر السيد محمد علي التغير في ثلاث من معتقداتي.

الأول: أني روّجتُ عن المسيح الموعود أنه نبي.

الثاني: أنه - عليه السلام - هو المصداق للنبوءة المذكورة في الآية القرآنية: {اسمه أحمد} (الصف:7)

والثالث: أن جميع المسلمين الذين لم يبايعوا المسيح الموعود كفار وخارجون عن دائرة الإسلام وإن لم يسمعوا حتى إسم المسيح الموعود.

بيان المعتقدات الثلاثة:
أعترفُ أنني أعتنق هذه المعتقدات
. " انتهى النقل .

إذن بشير الدين محمود يقر بنبوة الميرزا غلام و أن إسم الرسول "أحمد" الوارد في بشرى سيدنا عيسى عليه السلام في القرآن الكريم إنما هي نبوءة تخص الميرزا غلام في المقام الأول كما شرح بعد ذلك ، ويقر أيضا بتكفيره لكل المسلمين الذين لم يبايعوا الميرزا غلام نبيّا حتى لو لم يسمعوا باسم الميرزا غلام .

و يقول أيضا الخليفة بشير الدين محمود :

ما دمنا نؤمن بالمسيح الموعود نبيّ الله فأنَّى لنا أن نحسب منكريه مسلمين؟

لا شك أننا لا نحسبهم كافرين بالله،  أي ملحدين، ولكن  أي شك في كونهم كافرين بالمبعوث من الله؟ 

والذين يقولون: نحسب المرزا المحترم رجلًا صالحًا فلماذا نُعَدّ كافرين؟ 

عليهم أن يفكروا هل الصلحاء يكذبون أيضا؟ 

إذا كان المرزا المحترم صالحًا فما عذرهم في قبول دعاويه؟ " 

و يكمل بشير الدين محمود كلامه و يقول :

"   ثم أثبتُ من خلال مقتبسات من كلام المسيح الموعود - عليه السلام - أنه يرى منكريه كفارا
ففيما يلي بعض الفقرات من تلك المقتبسات حيث كتب - عليه السلام -  إلى  المرتد عبد الحكيم بتيالوي:
"على أية حال، ما دام الله تعالى كشف لي أن
كلّ من بلغته دعوتي ولم يؤمن بي ليس مسلما وهو مسئول عند الله فكيف يمكنني أن أنبذ أمر الله لقول شخص محاط بآلاف الظلمات سلفا؟ بل الأهون من ذلك أن أطرد هذا الشخص من جماعتي.
لذا أطرده من جماعتي من اليوم".

و يكمل بشير الدين محمود كلامه و يقول :

"  بعد ذلك لخّصتُ تلك العبارة بكلماتي كما يلي:

لا تقوم الحجة فقط على الذين سعوا في التكفير بل كل من لم يؤمن به ليس مسلما

ثم شرحتُ بلوغ الدعوة بكلمات المسيح الموعود أنه بلّغ دعوته  إلى العالم كله، وبذلك قد بلغت دعوته العالمَ كله، ولكن ليس ضروريا أن يقال لكل شخص على حدة.
ثم أثبتُّ بواسطة عبارات المسيح الموعود أن
الذين لا يكفّرون المسيح الموعود - عليه السلام - ولا يؤمنون به أيضا هم أيضا مع هؤلاء.

بل الذي ينتظر لمدة أخرى لمزيد من الاطمئنان ولا يبايع يُصنَّف أيضا مع المنكرين.

ثم لُخِّصت تلك العبارات بكلماتي: "فليس الذي يكفِّره فقط بل الذي لا يكفّره ولا يؤمن به أيضا عُدّ كافرا، كذلك الذي يحسبه صادقا في القلب ولا ينكره باللسان أيضا ولكنه ما زال مترددا في البيعة عُدّ كافرا.

بعد ذلك نقلتُ بعض المقتبسات التي تؤيد المقال ونقلت فتوى المسيح الموعود - عليه السلام - عن منع الصلاة وراء غير الأحمديين مظهرين ضعفهم مقابل حركة الصلح المذكورة آنفا. (التحفة الجولوروية , ص 34، الحاشية مرفق صورة )

وفي الأخير استدللت من آية قرآنية بأن الذين لا يؤمنون بالمرزا المحترم رسولا كفارٌ أشد الكفر وإن كانوا يعترفون بصدقه باللسان ..." انتهى النقل.

النص المشار إليه في كتاب " التحفة الجولوروية " تأليف الميرزا غلام القادياني  سنة 1900 م و المنشور في 1902 ص 34 بالحاشية :
"
(1) يتضح من هذا الكلام الإلهي أن الذين يُكفِّرون ويُكذبون هم قوم هالكون، فلا يستحقون أن يُصلِّي وراءهم أحد أبناء جماعتي، فهل يمكن لحيٍّ أن يُصلِّي خلف ميت، فتذكروا أن الله - سبحانه وتعالى - أخبرني أنه حرام عليكم قطعا أن تُصلّوا خلف أي مكفِّر أو مكذب أو متردد، بل يجب أن يؤمّكم أحدٌ منكم، وإلى هذا يشير جانب من حديثِ البخاري "إمامكم منكم" أي عندما سينزل المسيح فسيكون لزاما عليكم أن تتركوا نهائيا سائرَ الفِرق التي تدَّعي الإسلام، وسيكون إمامكم منكم.
فعليكم أن تعملوا بذلك، فهل تُريدون أن تقوم عليكم حجةُ الله
وتَحبط أعمالُكم وأنتم لا تشعرون، فالذي يقبلني بصدق القلب فهو يُطيعني أيضا بإخلاص , ويعتبرني حَكَما في كل أمر ويطلب مني الحكم في كل نزاع. أما الذي لا يقبلني بصدق القلب فسترون فيه نخوة وأنانية؛ فاعلموا أنه ليس مني لأنه لا ينظر إلى أقوالي التي تلقيتُها من الله بعظمة فلا تعظيمَ له في السماء " [2] . منه

التعليق :
واضح بلا أدنى شك تكفير الميرزا غلام القادياني و بشير الدين محمود لكل مَنْ هو ليس أحمديا مبايعا وحتى لو لم يسمع بإسم الميرزا غلام القادياني من قبل.

و الأمر المهم في كلام بشير الدين محمود أنه استدل بنص كلام أبيه الميرزا غلام الذي أتينا به في الجزء الأول  و هو وارد في كتاب التذكرة صفحة 662 حيث أوضح أن التعبير " غير مسلم " الذي رمى به الميرزا من لم يؤمن به نبيّا و رسولا أن معناه الكفر و ليس نقص في كمال الإيمان الذي لا يخرج المسلم من الملة, كما سوف أثبتُ بعون الله تعالى في مقال جديد و هو الجزء الثالث من مقالات إثبات تكفير الميرزا غلام القادياني لكل من هو ليس بأحمدي كما جاء في كتاب " تحفة بغداد " و كتاب " التحفة الجولوروية ".

و للعلم فإن كتاب " مرآة الحق " باللغة الأردية و قد قام المكتب العربي الأحمدي بترجمته إلى اللغة العربية , و قد حصلنا على نسخة منه من أحد أعضاء المكتب العربي الأحمدي الذين تابوا إلى الله و تركوا الأحمدية, ولكن المكتب العربي لم ينشر ترجمته إلى الآن ، و سوف نصل إلى نفس ما ورد في هذا الكتاب من نصوص تكفيرية من خلال نصوص أخرى متناثرة في كتب بشير الدين محمود لاحقا في هذا المقال بإذن الله تعالى.

و في حالة رفض الأحمديين ما نقلناه هنا على أن الكتاب لم ينشر رسميا حتى الآن ، فعليهم مطالبة المكتب العربي الأحمدي بنشر الترجمة العربية.

2 - في كتاب "السياحة الروحانية" المنشور في الموقع الرسمي صفحة 716  تأليف بشير الدين محمود يقول : 

و أقدم  قصة سليمان عليه السلام كمثال آخر.
كان الكفار في زمنه يسمّونه كافرا كما يقول الله تعالى في القرآن "
وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا"  أي لم يكفر سليمان البته, بل أعداؤه الذين كانوا بعيدين عن الله صاروا هم أنفسهم كفّارا بتكفيره."
[ تعليق ابراهيم بدوي : لا يوجد في نص الآية القرآنية ما يدل بشكل ظاهر واضح على ما ذهب إليه بشير الدين محمود أن أعداء سيدنا سليمان عليه السلام الذين كانوا بعيدين عن الله صاروا هم أنفسهم كفّارا بتكفيره , و هذا هو نص الآية الكريمة :
" وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) سورة البقرة]

و نكمل كلام بشير الدين محمود يقول:
"
 لقد ذُكرت في هذه الآية نقطة عظيمة تهمكم أيضا وهي أن بعض الناس يقولون إن إنكار نبيّ مشرع فقط يعد كفرا وإنكار الأنبياء الآخرين ليس كفرا.
ولكن سليمان لم يكن نبيّا مشرعا عند اليهود ولا عند المسلمين بل يقول الجميع أنه كان نبيّا غير مشرع, ومع ذلك يقول الله تعالى "ولكن الشياطين كفروا"  أي  أعداؤه كانوا يقولون إنه كَفَرَ, ولكنهم كانوا كافرين هم انفسهم
.
فتبين من ذلك أن إنكار أنبياء غير مشرعين أيضا كفر
.
فلو قال منكروا المسيح الموعود عليه السلام أنه ليس نبيّا مشرعا, فكيف صار ممنكره كافرين؟ لما نفعهم هذا العذر
.
كان المولوى محمد علي يركز كثيرا على إنكار نبيّ مشرع فقط كفر, ولكن الله تعالى يقول في هذه الآية بكل صراحة "
وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا"  أي  لم يكفر سليمان, بل أعداؤه ارتكبوا كفرا بتكفيره.
فالذي يكفر مرسلا صادقا من الله أو أتباعه يصبح هو نفسه كافرا بحسب القران الكريم, بل لو تأملنا في هذه الكلمات بنظره شاملة لتبين أنها تعني في الحقيقة أن
المنكر يصبح كافرا بمجرد الإنكار وإن لم يُكَفِّر" انتهى النقل (مرفق صورة)

وطبعا واضح أن بشير الدين محمود أخرج الآية الكريمة من معناها الواضح  إلى  معانٍ تخدم هواه فقط ، و هي تكفير منكر نبوة الميرزا غلام القادياني حتى لو لم يحكم بكفر الميرزا غلام القادياني .

و للعلم فإن بشير الدين محمود ذكر أن القائل بعدم كفر من ينكر نبوة نبيّ غير تشريعي هو المولوي (الشيخ) محمد علي اللاهوري ، و لكن في الحقيقة أن محمد علي اللاهوري نقل كلاما للميرزا غلام نبيّ الأحمديين القاديانية كما ورد في كتاب " ترياق القلوب" صفحة 305 بالحاشية .
و هذا هو النص المشار إليه من كلام الميرزا غلام القادياني في تكفير من ينكر نبوة النبي التشريعي فقط , و أن هذا ليس كلام المولوي محمد علي اللاهوري , و إنما نقله عن الميرزا غلام القادياني .
يقول الميرزا غلام القادياني :
"
النكتة الجديرة بالذكر هنا أن الأنبياء الذين يأتون بشريعة,  وأوامر جديدة من الله، هم الذين يحق لهم وحدهم أن يعتبروا منكريهم كفارا , وبإستثناء النبي صاحب الشريعة؛ إن أنكر أحد ما، أحدا من الملهمين أو المحدَّثين وإن كانوا يحتلّون مرتبة عظيمة عند االله وكانوا مكّرمين بمكالمة الله، فلا يصبح منكرهم كافرا" انتهى النقل

و أكتفي بهذا القدر في هذا الجزء الثاني من أدلة تكفير بشير الدين محمود لغير الأحمديين المبايعين .

د. إبراهيم بدوي

7/4/2021

 

تم و الحمد لله الحصول على نسخة من كتاب " مرآة الحق " تأليف بشير الدين محمود و هو المشار إليه بالأعلى , و هذه النسخة باللغة الاردية , و قد صورتُ عدد 6 صفحات و هي التي ورد فيها نص تكفير بشير الدين محمود لكل من هو ليس بأحمدي , بل إنه يكفر من يصدِّق الميرزا غلام و لكنّه لم يبايع الجماعة .

و النص التالي هو الترجمة الكاملة للصفحات و قد حصلنا عليه من أحد العاملين بالمكتب العربي , و على من لا يثق من الأحمديين في الترجمة أن يطالب المكتب العربي الأحمدي بنشر الترجمة أو يطلب الترجمة ممن يعرفون العربية و الأردية بشكل متقن .

الفصل الأول

تفنيد الأحداث الخاطئة التي سردها المولوي محمد علي عند ذكره الخلافات في الجماعة :

اتهامه إيايّ بتغيير الإعتقاد:

بعد ذكره مماثلتنا مع النصارى بصورة خاطئة سرد المولوي محمد علي المحترم تاريخ الخلافات وحاول أن يثبت كيف غيّرتُ (أي أنا العبد الضعيف) معتقداتي متأثرا ببعض الأحداث بعد وفاة المسيح الموعود.

عدد المعتقدات: وقد ذكر السيد محمد علي التغير في ثلاث من معتقداتي.

الأول: أني روّجتُ عن المسيح الموعود أنه نبي.

الثاني: أنه - عليه السلام - هو المصداق للنبوءة المذكورة في الآية القرآنية: {اسمه أحمد} (الصف:7)

والثالث: أن جميع المسلمين الذين لم يبايعوا المسيح الموعود كفار وخارجون عن دائرة الإسلام وإن لم يسمعوا حتى إسم المسيح الموعود.

بيان المعتقدات الثلاثة: أعترف أنني أعتنق هذه المعتقدات ولكنّي لا أقبل أني اخترتها منذ عام 1914م أو قبلها بثلاثة أو أربعة أعوام بل كما سأثبت لاحقا أن الاعتقاد الأول والثالث أعتنقهما منذ زمن المسيح الموعود، أما الاعتقاد الثاني، كما بينتُه في محاضرتي المنشورة فقد تبنَّيتُه بعد النقاش مع أستاذي الخليفة الأول - رضي الله عنه - ونتيجة تعليمه بعد وفاة المسيح الموعود.

اعتقادي عن النبوة: سوف أبين تفاصيله لاحقا ولكن أرى ضروريا أن أذكر هنا أيضا باختصار أنني أعتقد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر بني البشر جميعا صدقا وأكثرهم غيرة للدين. فإن ذكره المسيحَ المقبل بلفظ النبي مرارا وتكرارا شهادة على أن المسيح المقبل سيكون نبيا. وإن إعلان القرآن الكريم أن تعليمه موجّه  إلى  كل بلد وفي كل عصر يدل على أنه لا يمكن أن يأتي نبيّ مشرّع، وإن عدَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نفسه " أنا آخر الأنبياء"[3] يدل على أنه لن يأتي نبيّ ينال مرتبة النبوة دون طاعته - صلى الله عليه وسلم - بل الذي سينال مرتبة النبوة سيكون من أتباعه وسينال النبوة ببركته - صلى الله عليه وسلم .

اعتقادي عن النبوءة: "اسمه أحمد": اعتقادي عن هذه النبوءة هو أنها في الحقيقة تتضمن نبوءتين: عن الظِلّ وعن الأصل. النبوءة عن الظل هي عن المسيح الموعود والنبوة عن الأصل هي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أما في هذه النبوءة فقد أُخبر عن الظلّ بصراحة تامة. والخبر عن الظل يتضمن خبرا عن الأصل تلقائيا لأن وجود النبي الظلي يقتضي تلقائيا وجود نبيّ يكون بمنزلة الأصل. لذا يُستنبَط من هذه الآية نبأ عن نبيّ أيضا سينال البركات منه المصداقُ الحقيقي لهذه النبوءة. ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يكون ظلا بل هو الأصل فلم ينل البركة من  أي  إنسان بل الآخرون ينالونها منه. والزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينال البركات من الآخرين، والعياذ بالله، إساءة إليه. لذا بناء على بعض الأدلة الأخرى اعتقد أن المصداق الأول لهذه النبوءة هو المسيح الموعود الذي هو ظِلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومثيل المسيح الناصري. ولكنني أرى أن هذه نبوءة لم يحددها  أي  نبيّ بالإلهام لذا فالاعتقاد عنها- أيا كان - ليس إلا تحقيقا علميا فقط. فلو استنبط أحد معنى آخر من هذه الآية سنعُدّه مخطئا ولن نعُدّه خارجا عن الأحمدية أو مذنبا. إذًا، هذه ليست قضية نعير لها أهمية من منطلق الدين.

اعتقادي حول كفر غير الأحمديين: أعتقد أن الكفر يترتب في الحقيقة على إنكار الله تعالى، وعندما ينكر أحد الوحيَ النازل من الله الذي يكون الإيمان به ضروريا للناس كان إنكاره كفرا. ولا يمكن للإنسان أن يؤمن بالوحي إلا إذا آمن بصاحبه لذا فإن الإيمان بصاحب الوحي أيضا ضروري، ومن لا يؤمن فهو كافر. ولكن ليس لأنه لا يؤمن بشخص معين بل لأن عدم الإيمان به يستلزم إنكار كلام الله أيضا. أرى أن هذا ما يسفر عنه الكفر بالأنبياء جميعا وليس بسبب إنكار شخصهم. ولأن الوحي الواجب الإيمان به ينزل على الأنبياء فقط لذا إن إنكار الأنبياء وحدهم هو الكفر وليس إنكار غيرهم. ولأن الوحي الذي جُعل الإيمان به واجبا على بني البشر جميعا نزل على المسيح الموعود - عليه السلام - لذا إن الذين لا يؤمنون به كفار في رأيي بحسب تعليم القرآن الكريم وإن كانوا يؤمنون بالحقائق الأخرى كلها لأنه لو وُجد في أحد وجه واحد من أوجه الكفر لكان كافرا. إن تعريف الكفر عندي هو عدم الإيمان بأصل من الأصول التي يُعدّ منكرها عاصيا لله والتي يؤدي إنكارها  إلى  انعدام الروحانية. وليس أن يُنزل على شخص مثله عذاب أبدي وغير مجذوذ. ولأن بناء أحكام الإسلام هو على الظاهر لذا إن الذين لا يؤمنون بنبي وإن لم يسمعوا عنه شيئا يسمَّون كفّارا وإن كانوا لا يستحقون العذاب عند الله لأن عدم إيمانهم ليس ناتجا عن خطئهم. فقد ظل المسلمون يسمُّون الذين لم يُسلموا كفّارا بالإجماع سواء أسمعوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم لا. ولم يفتِ أحد  إلى  يومنا هذا بكون الأسكيمو من إيسلندا أو الهنود الحمر من أميركا أو السكان الأصليين في أستراليا مسلمين، كما لم يفتوا بإسلام ملايين النصارى الذين يسكنون في الجبال أو في أدغال أوروبا ولا يعرفون عن تعليم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا.

هذه هي معتقداتي، ولا أريد أن أناقش هنا صحتها أو خطأها، بل سأناقش هذا الموضوع لاحقا غير أنني اكتفيتُ هنا ببيان معتقداتي فقط.

مغالطات المولوي محمد علي: بعد بيان معتقداتي أودّ أن أقول شيئا حول سلسلة الأحداث التي أوردها المولوي محمد علي في كتابه، وسيتضح لكل باحث عن الحق بإذن الله إذا نظر بإزالة ضماد التعصب عن عينيه بأن المولوي المحترم تعمد المغالطة في بيان هذه الأحداث (2)، ولم يتق الله قط لأنه إذا أخطأ المرء في بيان المسائل أو تقديم الأدلة يمكننا أن نقول بأنه أساء فهمها ولكن الذي يسرد الأحداث، ليس واحدا أو اثنين بل ينقلها بصورة خاطئة على التوالي، ماذا يمكن أن نقول عنه إلا أنه يتعمّد خداع ناقصي العلم.

                

تاريخ الخلافات: يقول المولوي المحترم:

(1) إن مروِّج هذه الأفكار هو في الحقيقة شخص اسمه ظهير الدين، وهو موظف في فرع الأنهار في مدينة غوجرانواله. وتوجد عباراته حول نبوة المسيح الموعود  إلى  عام 1911م. تأليفه الأول هو "ظهور نبيّ الله" الذي اكتمل في أبريل عام 1911م، ولا بد أن يكون قد بُدئ بتأليفه في الأشهر الأخيرة من عام1910م أو في الأشهر الأولى في عام 1911م. لقد ناقش المؤلف في هذا الكتاب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن نبيّا أخيرا بل سيأتي الأنبياء بعده أيضا باستمرار.

 

 (2) لم تتنبه الجماعة لهذا الكتاب بوجه عام ولكن هذا الكتاب أو كتيبٌ آخر بهذا الموضوع  إلى  الخليفة الأول وجرت المراسلة بين المؤلف والخليفة. وفي نهاية المطاف أُعلن من قبل الخليفة الأول أنه لما كان ظهير الدين ينشر أفكاره البدعة فلا علاقة له بالجماعة الإسلامية الأحمدية. فاعتذر على ذلك.

(3) لكن هذه التوبة لم تدم طويلا. فنشر كتيبا آخر في 20/ 4/1912م رد فيه على اعتراض الأحمديين أنه أوجد كلمة الشهادة الجديدة. وكان الجواب أنه قبِل التهمة، ثم قطعت الجماعة علاقتها معه. فقد قيل في الظاهر أن سبب فصله عن الجماعة عائد  إلى  ادعائه الخلافة، ولكنه ما دام ينفي ادعاء الخلافة لذا إن سبب فصله عن الجماعة هو معتقداته الجديدة. فمع أنه لم يُرَدّ على كتيباته بتوجيه الخطاب إليه مباشرة ولكن فند أفكاره أفراد الجماعة المرموقون بواسطة كتب وجرائد مختلفة.

(4) في عام 1909م ألفا المولوي سيد محمد أحسن كتابا (3) حول مناظرة "رامبور" التي عُقدت بينه وبين الشيخ ثناء الله الأمرتسري بإيعاز من نواب رامبو، نجد مكتوبا في الصفحة 63 منه أنه كتب تحت بحث النبوة الجزئية التابعة للنبوة الكاملة ما يلي:

"يمكن أن ينال أحد النبوة الجزئية لتأييد الإسلام نتيجة طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ". ثم كتب هذا العالم العجوز نفسه مقالا في مجلة تشحيذ الأذهان التي كان مديرها هو ايم محمود، تحت عنوان: "النبوة في أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - "، قال فيه أن نوال النبوة الجزئية فقط ممكن في هذه الأمة.

 

(5) عندما كان ظهير الدين يشيع معتقداته فتح ايم محمود مسألة كفر الذين لم يبايعوا المسيح الموعود - عليه السلام -، وقيل في بادئ الرأي أن هذا المقال عُرض على الخليفة الأول، ولكن الإعلان الذي نُشر فيما بعد من قبل الخواجه كمال الدين بتوقيع من الخليفة الأول يتبين منه ما فهمه منه الخليفة. فقد قيل في المقال المذكور أن مقال ايم محمود جدير بالقبول كما هو. ولكن إذا استُنبط منه معنى أن الذين لا يؤمنون بالمسيح الموعود هم كافرون به فقط وليسوا خارجين عن دائرة الإسلام وإلاسيكون المقال منافيا لكتابات المسيح الموعود صراحة.

(6) ظهر هذا السؤال للعيان مرة أخرى قرب وفاة الخليفة الأول، وأعلن ايم محمود مرة أخرى في أواخر عام 1913م أن منكري المسيح الموعود كفار. كذلك أبطل فتوى الخليفة الأول القائلة بأن الصلاة وراء إمام غير أحمدي جائزة مع أنه صلّى بنفسه وراء غير الأحمديين في أثناء الحج في عام 1912م. كذلك الذين قاموا بالحجّ في حياة الخليفة الأول ظلوا يفعلون ذلك. عندما بلغ هذا الخبرُ الخليفة الأول، كان مريضا جدَّا فكلّفني أن أبلّغ هذا الأمر  إلى  أفراد الجماعة وأملى عليّ بعض رؤوس الأقلام.

(7) ونبّه إيم محمودا أن مسألة الكفر والإسلام تلك لم تكن صحيحة.

(8) فكتبتُ ذلك المقال وقرأته على الخليفة الأول فأُعجِب به. فمع أن هذا الكتيب كُتب في حياته ولكن لم يتسنّ نشره.

(9) لقد قبله الناس خليفة خطأ، ولكن كثيرا من الناس كانوا يعارضون تعليمه الآن علنا. والمولوي محمد أحسن المحترم الذي هو أقدم صحابي للمسيح الموعود وأكثرهم علما، والذي بايع ايم محمود في عام 1914م نشر في عام 1916م ورقة قال فيها بأن ايم محمود ليس مؤهلا للمنصب الذي انتُخب له لأنه يروّج لمعتقدات خاطئة. منها أولا: جميع أهل القبلة والناطقين بالشهادتين كفار بحسب اعتقاده.

ثانيا: المسيح الموعود نبيّ كامل وحقيقي وليس نبيّا جزئيا أو محدَّثا.

ثالثا: المراد من النبوءة المذكورة في سورة الصف المتعلقة ببشارة "أحمد" هو المسيح الموعود وليس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

(10) لم ينشر هذا الإعلان السيد العالم المذكور فحسب بل نشر كثير من الأحمديين المثقفين إعلانات من هذا القبيل في جريدة "بيغام صلح" من قبل أيضا. وإضافة إليهم هناك أناس مثقفون آخرون يشعرون بهذا الخطأ الذي تُدفَع إليه الجماعة الأحمدية. وإن معارضة تعاليمه (أي تعاليمي أنا) تطفو على السطح يوما إثر يوم.

(11) لقد اتخذ إيم محمود خطوة في البداية أخفى الحقيقة عن الجماعة بسببها فبقيت في ظلام منذ ذلك الوقت، وهي أنه أفتى بكوننا فاسقين، وقال أيضا بأنه يجب ألا يبقى  أي  أحمدي على صلة معهم ولا يأكل معهم ولا يفتح معهم حديثا وُدِّيًّا ولا يقرأ كتابا أو كتيبا ينشرونه، وبذلك إن أتباعه يجهلون الأدلة التي نفند بها معتقداته التي تنافي معتقدات المسيح الموعود.

هذه هي أحد عشر أمرا أوردها المولوي المحترم عن تاريخ الخلافات، وأريد أن أبيّن عنها بإيجاز قبل بيان الجانب الديني ليعلم الذين يجهلون الأحداث الواقعة  إلى   أي  مدى يراعي هؤلاء الناسُ الصدقَ وإلى  أي  مدى يحبون الحق.

__________

 (1) سنن ابن ماجة، كتاب الفتن، باب فتنة الدجّال وخروج عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج.

 (2) لقد ظللت أراعي المولوي المحترم منذ مدة طويلة وتحاشيتُ أن أهاجم نيته، ولكن كانت نتيجة مرونتي أن تمادى المولوي المحترم في هذا المجال أكثر فأكثر وحرّم على نفسه مراعاة عواطف الآخرين. لذا فقد آن الأوان أن أكشف حقيقته على العالم وأميط اللثام عن الخديعة التي يخدع بها الناس متعمدا. ولكن كما قلتُ من قبل لا أستطيع أن أختار سبيل السب والشتم في الرد عليه، منه.

(3) الستة الضرورية بمناسبة مناظرة رامبور للسيد محمد أحسن الأمروهي، طبعة أمروهة في 8/ 12/1909م.

 



[1]  بعد موت الخليفة الأحمدي الأول الحكيم نور الدين صاحب الميرزا غلام القادياني , إنقسمت الجماعة الأحمدية إلى جماعتين ؛ الأولى هي الأحمدية اللاهورية و هي جماعة صغيرة بقيادة محمد علي اللاهوري و هو أحد كبار مرافقي و أصحاب الميرزا غلام المقربين, والجماعة الثانية هي الجماعة الأحمدية القاديانية بقيادة بشير الدين محمود الخليفة الأحمدي الثاني و هو إبن الميرزا غلام ,و هي الجماعة الأكبر و الأكثر انتشارا, و من أهم الإختلافات بين الجماعتين؛ أن الجماعة اللاهورية تنكر النبوة الحقيقية للميرزا و تعتقد أنه مجدد و محدَّث و ولي من أولياء الصالحين , و بالتالي فهي لا تقول بكفر من ينكر نبوته من عموم المسلمين , بينما الجماعة القاديانية تؤمن بنبوة حقيقية للميرزا غلام وتكّفر كل من لم يَعرف الميرزا أو عَرفه و صَدَّقَه و لكنّه لم يبايع الجماعة .

[2]  واضح من نص كلام الميرزا غلام في كتابه " التحفة الجولوروية " 1900 م  أنه يقر بالنقاط التالية:
    أولا : تحريم ومنع صلاة الأحمديين ليس فقط خلف إمامٍ مكفِّر أو مكذِّب للميرزا , و لكن أيضا لمن يتردد
          في التصديق بما جاء به الميرزا غلام , و المتردد لم يصل لتكفير أو تكذيب الميرزا غلام .
  ثانيا : معنى نصح الميرزا غلام  أتباعه بترك كل الفرق الإسلامية المخالفة لهم أنه يراهم غير مسلمين , و إنما
        هم مسلمون بالتسمية فقط وليس بالحقيقة, أي هنا يحكم الميرزا غلام بكفر كافة الفرق الإسلامية, وإذا قيل
        أننا كأهل السنة و الجماعة لا نصلي خلف الشيعة ولا نكفرهم, و الإجابة : أننا لا نكفرهم فعلا , و لكننا لا
         نقول أنهم يدَّعون الإسلام , بل نراهم مسلمين فعلا .
 ثالثا : عدم تنفيذ أمر الميرزا غلام لأتباعه  بعدم الصلاة خلف غير الأحمديين يحبط أعمالهم .
رابعا : أنه أي الميرزا غلام هو الحكم العدل, وهذا يستلزم أنّ له الحكم في كل أمر و نزاع يخص الأحمديين, و
         أن منْ لا يقبل ويطع الميرزا غلام بصدق القلب ولا ينظر بعظمة إلى أقواله التي تلقاها من ربه  فهو ليس
         منه , ولا تعظيم له في السماء , و عليه فلا يصح مخالفة أي أحمدي – حتى لو كان المصلح الموعود أو

الخليفة الأول نور الدين - لأي تفاسير من الميرزا غلام لآيات القرآن , و لكننا في الحقيقة نجد أن بشير

         الدين محمود يخالف في تفسيره الكبير تفسير الميرزا غلام في الكثير من الآيات القرآنية , و قد كتبتُ
         مقالات كثيرة  في هذا الأمر , و بإذن الله تعالى سوف أنقلها في هذا الملف لاحقا في مواضعها
          المناسبة.
خامسا : الذي له الحكم في كافة الأمور و النزاعات وهو عدل , و في أماكن أخرى يرى نفسه أنه معصوم
          يستوجب عليه ألا يخطئ في فهم نصوص الوحي التي تلقاها من ربه , وألا يرتدد وينقلب على آرائه و
         كشوفه السابقة المثبتة في كتبه , وألا يكن هناك الكثير من الإختلاف و التضاد في كلامه , وكل هذا
         مثبت في مقالات  نشرتها في المدونة , و بإذن الله تعالى سوف أنقلها في هذا الملف لاحقا في مواضعها
         المناسبة.

[3]  سنن ابن ماجة، كتاب الفتن، باب فتنة الدجال وخروج عيسى بن مريم وخروج يأجوج ومأجوج.