مقال (111) القاديانية في شوق إلى إستمرارية النبوة للشيخ منظور شنيوتي مع التعليق
مقال (111) القاديانية في شوق إلى إستمرارية النبوة للشيخ منظور شنيوتي مع التعليق
https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2016/11/111.html?m=1
هذا نص كلام حضرة الشيخ منظور احمد شنيوتي للرد على القائلين باستمرارية النبوة بعد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم .
و نظرا لأن المترجم و الناشرون للكتاب قد وقعوا احيانا في اخطاء في الاحالات للكتب فقد قمت بتصحيح هذه الاحلالات ما استطعت , بمعنى ان عملي فيه قابل للتصحيح و المراجعة مِنْ مَنْ يملكون هذا و ارحب بكل هذا مع تقديري لهم .
اعتذر لكل من يرى ان مقام الشيخ لا يسمح بالتعليق من العبد الفقير , و لكن ماذا افعل ؟ لم يتقدم أحد ممن يملكون هذا لعمل ما اقدمت عليه و الله الموفق .
كانت تعليقاتي في 15/12/2015
القاديانية في شوق إلى إستمرارية النبوة ص 503
أدلة الميرزائيين و تفنيدها
الدليل الأول : ص 503
قول الله تعالى الآتي :" يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) سورة الأعراف
[ ابراهيم بدوي :
1- ليس كل بني آدم يأتونهم الرسل الانبياء , بل الرسل الانبياء يأتون إلى أم القرى أي القرى الرئيسية و يرسلون مندوبين عنهم إلى بقية القرى و يسمون رسل الرسل و هم ليسوا أنبياء ,
2- إما عبارة عن إن و ما مدغمتان و للشرط , و إن لا تفيد الجزم بالاتيان بخلاف إذا تفيد تأكيد الحدوث ,
3- الفعل المضارع يفيد التجدد و لكن بزمن محدد و ليس على الدوام
4- يقصون دلت على أن القصص ليس بالضرورة من الرسول النبي , بل من الممكن من غيره ممن ارسلهم الرسول النبي , فكونه منهم ليصدقوه و لا يكذب عليهم فهم يعرفون صدقه ,
5- اهل الفترة قبل سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام لم يكن فيهم رسول و لا نبيّ و كانوا بين انتهاء سلسلة نبوة سيدنا موسى عليه السلام و بداية سلسلة سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام كما يقول الميرزا , ففي هذه الفترة لم يكن أنبياء و بالتالي انكسر مقولة لزومية الاستمرار للفعل المضارع على الدوام ,
6- الكرة الارضية اصبحت قرية واحدة و القرآن الكريم كافي لكل الازمنة و الاماكن فلا ضرورة للرسل الانبياء و هكذا يقول الميرزا الهندي كما في البراهين ]
وجه الاستدلال [ يقصد الشيخ استدلال القاديانيين] : ص 503
"تأملوا في هذه الآية التي يخاطب فيها البشرية أجمعها بأن تأتيهم رسل منهم , فقد جيء بصيغة "يأتين" و هو فعل مضارع و يقتضي استمرارية هذه السلسلة أي مجيء الرسل بصفة مستمرة , و لو سلمنا انقطاع الرسالة و النبوة في زمن من الازمنة لصارت الآية كأنها لا مدلول لها , فالآية إذا دليل واضح على استمرارية النبوة ".
الردود :
هذا الاستدلال و أن كان سطحيا و فسطائيا إلى غاية الدرجة في حد ذاته كما هو الظاهر , و لكن لاتمام الحجة و للاستعمال في الموقع المناسب ينبغي استجضار و حفظ ثمانية ردود مقنعة لتنفيذه .
الجواب الأول : ص 503
لم يطابق دليل الميرزائيين إدعاءهم , فإن ادعاءهم بنوع مخصوص للنبوة التي يحصل عليه بالإكتساب و لكنهم استدلوا بآية تدل على "الرسالة العامة" و عمومها مسلم لدى الميرزا القادياني نفسه ايضا , فيكتب الميرزا عموم كلمة "رسول" في مؤلفه آينة كمالات الاسلام ما يلي :
"كلمة "رسول" عام يدخل فيه الرسول و النبي و المحدث "[1].
و القاعدة المسلمة لدى الميرزا القادياني هي : ص 503
"إن تخصيص لفظ عام في المعنى الخاص شر صريح " [2].
فقوله تعالى :"يأتينكم رسل منكم" عام و الإستدلال منه على استمرارية النبوة الظلية (و هي نبوة خاصة) في واقع الأمر شر صريح للقاديانية حسب ادعاء كبيرهم .
و لما كان ادعاء الميرزائيين خاصا و الدليل عام و لم يطابق الدليل ادعاء المدعي : فلم يثبت أن يكون دليلا على الإدعاء .
[ ابراهيم بدوي : مسألة رفض الميرزا لتخصيص لفظ عام لقصد معنى خاص مذكور أيضا في
في كتاب"التبليغ"/1893 م صفحة 54
يقول الميرزا غلام أحمد الهندي القادياني :
"و ما يغرنهم ما جاء في أحاديث نبينا عليه الصلاة و السلام لفظ دمشق, فإن له مفهوما عاما , و هو مشتمل على معان كما يعرفها العارفون .
فمنها إسم البلدة , و منها إسم سيد قوم من نسل كنعان , و منها ناقة و جمل , و منها رجل سريع العمل باليدين, و منها معان أخرى.فما الحق الخاص للمعنى الذي يصرون عليه و عن غيره يعرضون؟"إنتهى النقل.
و في كما في كتاب الاستفتاء صفحة رقم (57) :
يقول الميرزا " ثم اعلموا أن حق اللفظ الموضوع لمعنى , أن يوجد المعنى الموضوع له في جُمْعِ أفراده من غير تخصيص و تعيين , و لكنكم تخصصون عيسى في المعنى الموضوع للتوفي عندكم , و تقولون لا شريك له في ذلك المعنى في العالمين , كأن هذا المعنى تولد عند تولد ابن مريم , و ما كان وجوده قبله و لا يكون بعده إلى يوم الدين "انتهى النقل
انا ابراهيم بدوي : اكتب هذه الامثلة من انكار الميرزا للتخصيص من غير مخصص معتبر , لان المصدر ذكره الشيخ منظور ليس متوفر عندي الآن , و لا مانع من الاستذادة فهو تأكيد لانكار الميرزا على مدى سنوات عمره , فلا يقال اجتهد فأخطأ , فان كتاب الاستفتاء يعتبر من اواخر كتبه حيث طبع سبة 1907 م و هلك الميرزا في سنة 1908 م ]
الجواب الثاني : ص 504
فالجواب الوحيد و الذي يبنى على مسلمات الميرزا على هذه الآيات كلها التي قد ورد فيها كلمة "رسول" أو "رسل" هو :
أننا لو سلمنا على سبيل الفرض أن هذه الآيات تثبت ثبوت مجيئ الرسول أي أن الرسل يأتون على وجه الإستمرار بعد سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام فإننا نقول : إن كمة "الرسل" او "الرسول" و باعتراف من الميرزا لفظ عام يشمل "النبي التشريعي" و "غير التشريعي" كليهما و لا يقول القاديانيون أنفسهم بمجيء النبي التشريعي , بل إن كلمة "الرسول" تشمل المحدث و المجدد كليهما عند الميرزا حيث انه يقول :
" المراد من من "الرسل" هم المرسلون سواء أكانوا رسلا أو أنبياء أو محدثين , و لأن سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام خاتم الأنبياء فلا يمكن أن يأتي بعده نبيّ , فوضع المحدثون مقام الأنبياء في هذه الشريعة" [3]
و يكتب الميرزا ايضا :
" المراد من الرسل هم الذين أرسلوا من قِبَل الله سواء أكانوا أنبياء أو رسلا أو محدثين أو مجددين " [4].
فالرد الشافي على استدلال القاديانية عن مثل هذه الآيات كلها هو : إن كان مجيء الرسل في هذه الأمّة لا بد منه و مدلول الآية هو نفس المعنى الحرفي الذي تقصدونه فإننا نسلم إلى هذا الحد بأن المجددين و المحدثين سيأتون بعد سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام , فمن أين جاء ادعاؤهم بالرسالة بعد خاتم النبيين صلى الله عليه و سلم؟
الجواب الثالث : ص 503
إن كانت الآية المذكورة دليلا على استمرارية النبوة فيستلزم منها تسليم النبوات بأقسامها الثلاثة (النبوة التشريعية – النبوة المستقلة – النبوة الظلية ) و ذلك لعموم كلمة "رسل" في الآية , فصارت الآية تخالف عقيدة القاديانية أيضا كما هي تخالف عقيدتنا حسب قول القاديانيين , فما يكون جوابهم فهو جوابنا .
الجواب الرابع : ص 505
الوارد في القرآن الكريم "رسل منكم" لا "رسل منا" و الحوار دائر في موضوع ختم النبوة و الرسالة الربانية , أما مطلق كلمة الرسالة فمعناها "التبليغ" و بنفس المعنى قد وردت كلمة "المرسلون" في سورة "يس" , و قد وردت كلمة "الرسول" بهذا المعنى في حديث معاذ رضي الله عنه ايضا و إن جميع علماء الأمّة و دعاة الاسلام هم ايضا "رسل" بهذا المفهوم .
و الميرزا القادياني أيضا يقر بعموم كلمة "الرسل" [5]
فالقول بمجيء الرسل بهذا المعنى ( أي بمعنى الدعوة و التبليغ ) مما لا إشكال فيه .
الجواب الخامس: ص 506
إن كانت هذه الآية دليلا على استمرارية سلسلة النبوة لكان الميرزا غلام أحمد أول من استدل البتة لانقاذ نبوته الغريقة كتمسك الغريق بالطين , فعدم استدلال الميرزا بهذه الآية دليل ركاكة الاستدلال بها .
الجواب السادس : ص 506
لو سلمنا على سبيل الفرض و التقدير أن هذه الآية دليل على استمرارية النبوة فلا يمكن أن يثبت بأن الميرزا غلام أحمد نبيّ إلى يوم القيامة أبدا لأنه حسب قوله ليس من بني آدم فكيف يدخل في خطاب "يا بني آدم".
و هذه الآية تختص ببني آدم , فإن الميرزا قد عرف نفسه في المنظوم الاردوي قائلا:
" إني دودة الأرض يا حبيبي و لست من بني آدم
و إني موضع كراهة من البشر و عار على الأناسي "
فإن كان الميرزا من بني آدم و نحن نحسبه حتى الآن بأنه منهم فقد كذب صريحا بإنكاره آدميته هنا , فالكذاب لا يمكن أن يكون نبيا , و إن كان خارجا من دائرة الآدمية في واقع الأمر ( و كان عارا على الأناسي ) فلا يمكن أن أن تثبت نبوته من قوله تعالى " يا بني آدم إما يأتينكم رسل " , لذا فإن محاولة الميرزائيين بالاستدلال من هذه الآية على استمرارية النبوة سعي لا يجدي شيئا بداهة .
تأويل القاديانيين في الابيات المذكورة قائلين :
" إن حضرة الميرزا كان شخصا متواضعا جدا و قد قال في ابياته المذكورة لكمال تواضعه و لم يقصد منها تعريفه الحقيقي , فينبغي أن يكون هذا خارجا من حوارنا و موضوع نقاشنا "
تحليل هذا التأويل : ص 507
اولا : لا يمكن لأي عاقل أن يتواضع حتى ينكر آدميته أو أن يحكم على نفسه أنه موضع كراهة البشر .
ثانيا : إن تواضع الإنسان المتواضع يبرز في احواله كلها فلا يتصور منه أن يخرج في موضع من الآدميين و في موضع آخر يدعي أنه شخص حائز على أعلى مراتب البشر , و لم يصدر عن الميرزا هذا المنطق المعكوس مرة أو مرتين فحسب بل في مواقع كثيرة , و فيما يلي نذكر بعض النماذج من تواضع الميرزا المزعوم التي ترد في حد ذاتها على تأويل القاديانية المذكور :
يقول الميرزا : ص 507
" اتركوا ذكر ابن مريم فإن غلام أحمد أفضل منه " [6].
" روضة آدم و التي كانت ناقصة حتى الآن قد كملت بأوراقها و ثمارها بمجيئي "[7]
" كل لمحة من حياتي هي كربلاء و مائة حسين في جيبي "
" أنا إبن آدم و أنا أحمد المختار و جميع الأبرار و الصالحين في صدري "
" من سقى كل نبيّ جاما واحدا فقد سقاني جميع الجامات كلها "
"الأنبياء و إن كانوا كثيرين فإني لست أقل منزلة من أحد "[8].
تأملوا في ما قاله الميرزا في كلامه المنظوم و ما ذكرناه آنفا من هفواته هل يمكن لأي إنسان عاقل أن يحكم على مثل هذا المتكبر المتعالي المدعي الكذاب أنه شخص متواضع ؟
[ابراهيم بدوي : لعل القاديانيون يقولون أمّا ذكره أنه دودة فكان يكلم ربه بها , و أمّا نسبة فضله بالنسبة للبشر فهو أعلى من الكثيرين من الأنبياء و بالتالي لا يوجد أي مشكلة و لا تعارض من ذكر تواضعه بالنسبة لله تعالى و بين مكانته السامية الفائقة بالنسبة للبشر , كما أن الله تعالى قد ذكر الإنسان و حقر منه إلى اقصى حد لما قال " قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا " (9) سورة مريم و كان الله تعالى يكلم نبيا و هو سيدنا زكريا عليه السلام , و قال له لم تكن شيئا , فعلى الاقل الدودة افضل من لا شيئ ]
الجواب السابع : ص 508
إن دلت الآية على استمرارية النبوة فعندنا آية أخرى مثلها تدل على استمرارية الشريعة أيضا و هي قوله تعالى " قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ " (38) سورة البقرة , و باب استمرارية الشريعة مسدود عند الميرزائيين أيضا .
فما يكون جوابهم عن هذه الآية سيكون جوابنا عن الآية المبحث عنها ؟
و إن قالوا : إن إكمال الشريعة معلن بقوله تعالى :" اليوم أكملت لكم دينكم ...الخ " فلذا لا نحتاج لأى شريعة أخرى , فحقيق بنا أن نقول بكل صراحة إن الآية " ما كان محمد أبا احد من رجالكم و لكن رسول الله و خاتم النبيين " قد علم منها اكتمال قصر النبوة , فلم تبقى حاجة إلى نبيّ او رسول أيا كانت نوعيته .
[ابراهيم بدوي : سيقول السفهاء : الهدى الوارد في الآية " فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى " ليس مقصور على الشريعة , بل هو كل ما يستحق أن يطلق عليه الهدى , و إذا كانت الشريعة منقطعة بنص آية الاكمال , فالهدى من غير الشريعة مستمر و متجدد بنص الآية " فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى " و بالفعل المضارع الدال على ذلك , و الآية دليل عليكم و ليس علينا أي دليل على مخالفي القاديانية لانهم خصصوا الهدى بالشريعة من غير مخصص و هذا لا يصح قطعا ,
و الجواب عليهم : ليس بتخصيص الهدى إلى الشريعة , بل بالحرف "إمّا" و هو عبارة عن "إن" و "ما" و قد ادغمتا معا إلى "إمّا" , و الحرف "إن" لا يفيد حتمية الوقوع , بل يفيد عدم حتمية الوقوع , فيكون المعنى أن الاتيان بالهدى ليس مستمر و متجدد , و قد تأتي فترات بلا هدى و لا أنبياء و هي ما يطلق عليه "الفترة" و يسمى الناس فيها اهل الفترة , أي فتور الرسالة , و ما يقال في هذه الآية , يقال نفسه في الآية الخاصة بالاتيان بالرسل موضوع البحث ]
الجواب الثامن : ص 508
و الجواب العلمي لهذا الاستدلال هو كما يلي :
" يتضح من سياق قوله تعالى " يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم " أن الآية
ص 509
لم تبين لأمة الاسلام حكما جديدا بل انها تحكي عما جرى في الماضي , فذكر في سورة الاعراف قبل هذه الآية قصة خلق آدم و حواء عليهما السلام , ثم ذكر لبثهما في الجنة , ثم ذكرت قصة هبوطهما من الجنة على وجه التفصيل , و خلال ذلك ذكر انه قد وجه خطابه إلى بني آدم بعد هبوط ابيهم عليه السلام إلى الأرض و كان هناك الخطاب في عالم الارواح كما ذكر ( مثل هذا الخطاب ) في الآيات القرآنية الاربعة [الاربع] بالأسلوب الآتي :
" يا بني آدم قد انزلنا عليكم لباسا ...الخ "
" يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان ...الخ "
" يا بني آدم خذوا زينتكم ...الخ"
" يا بني آدم إمّا يأتينكم رسل منكم ...الخ "
و قد وجه الخطاب في هذه المواقع الاربعة إلى بني آدم الموجودين آنذاك و لم يوجه الخطاب إلى امة سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام مباشرة بل ذكر (هذا الخطاب) لهم كحكاية عن الماضي , لأن الذي يظهر بعد التدبر في اسلوب القرآن أنه يوجه الخطاب إلى امة الدعوة بقوله " يا ايها الناس" كما يخاطب امة الاجابة بـ " يا ايها الذين امنوا " و على كل حال لقد ذكر القرآن الكريم بعد هذه الحكاية و ذِكر صيغ الخطاب الأخرى المذكورة أحوالا كثيرة لأوْلي العزم من الرسل , كأنها تفصيل و بيان لقوله تعالى " إما يأتينكم رسل منكم" و بعد ذكر الجميع يبدأ القرآن بذكر سيدهم و خاتمهم في الاخير بهذه الالفاظ "الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة و الانجيل ..الخ "
ثم يؤمر صلى الله عليه و سلمبهذا الاعلان على لسانه الكريم :" قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا "
ص 510
و لم يكتف بهذا فحسب , بل اكد و ايد هذا الاعلان العظيم بأساليب مختلفة في سور متعددة من القرآن الكريم حتى لا تبقى شبهة او شك بأن محمد صلى الله عليه و سلمهو خاتم الرسل جاء "بخاتم الشرائع" , و من هذه الاساليب القرآنية ( الدالة على ختم سلسلة النبوة على سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام ) قوله تعالى " و ما ارسلناك الا كافة للناس " و منها قوله تعالى " و ما ارسلناك الا رحمة للعالمين " إلى أن اعلن بكل وضوح و اسلوب بديع " ما كان محمد أبا احد من رجالكم و لكن رسول الله و خاتم النبيين" كما تناول و تبين هذا المضمون و الاعلان اهمية فائقة في الوحي الغير متلو , أعني الاحاديث النبوية المباركة أيضا , لأنه كان في علم الله عز و جل ظهور الدجالين في هذه الأمّة ( كالميرزا القادياني و غيره ) الذين سيسعون أن يجعلوا السذج من المسلمين حطب جهنم بإغوائهم و اضلالهم , فمن اجل ذلك ورد في الحديث النبوي هذا التصريح :
"إن النبوة و الرسالة قد انقطعت فلا رسول بعدي و لا نبيّ " [9]
لقد علم من هذا التفصيل و البيان أن الله تعالى قد وعد بني آدم بارسال الرسل , فبعث الأنبياء و الرسل اليهم , و قد اوفى بهذا الوعد على اكمل وجه , إلى أن طلعت شمس الهداية في صورة خاتم النبيين محمد صلى الله عليه و سلمو لم تبق للبشرية حاجة إلى أي نبيّ و رسول و لا إلى شريعة جديدة , فإنه صلى الله عليه و سلمرسول رب العالمين , و شريعته هي التي يجب اتباعها إلى قيام الساعة , و به صلى الله عليه و سلمختمت سلسلة الرسل و الأنبياء .
التحدي : ص 510
إن استمرت سلسلة الرسالة و النبوة في امة الاجابة او في امة الدعوة لسيدنا محمد صلى الله عليه و سلمبخطاب موجه اليهم بصيغة " يا ايها الذين امنوا " او بصيغة" يا ايها الناس" فاننا نتحدى القاديانيين على أن يأتوا بنظير واحد و من أي
ص 511
موضع من القرآن الكريم كله بالخطاب بالصيغة " يا ايها الذين امنوا " او بصيغة" يا ايها الناس" يتبعه ذكر مجيء الرسل و أن يستلموا منا أي جائزة حسب طلبهم .
الدليل الثاني للقاديانيين لاستمرارية النبوة : ص 511
قوله تعالى :" اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) سورة الحج
وجه الاستدلال [أي رأي القاديانيين في الاستدلال بهذه الاية] :
" يعلم من هذه الآية بوضوح استمرارية سلسلة النبوة و الرسالة لأن" يَصْطَفِي " فعل مضارع يشمل الحال و الاستقبال و هو يدل عل أن الله تعالى يصطفي باستمرار"الرسل" من الناس و من الملائكة"
الردود : ص 511
و نرد على هذا لااستدلال بأوجه :
أولا : هذا الدليل عام و ادعاء الميرزائيين باستمرار النبوة الخاصة , و حيث أن الدليل لا يولفق الادعاء فلا يمكن أن تثبت النبوة الميرزائية المزعومة من هذا الدليل , فان الميرزا نفسه قائل بعموم مدلول"الرسول" و أنه يتناول المجدد و المحدث و الملهم و الرسول[10] و الاستدلال من لفظ عام على معنى خاص هو" شر صريح " ( حسب قول الميرزا ) فإن الميرزا يؤيد ما قلناه حينما حرر ما نصه " تخصيص لفظ عام لمعنى خاص شر صريح" [11]
ثانيا : لقد سبق أن القاديانيين يقولون باستمرارية النبوة الظلية بعد سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام , و لم يوجد في هذه الآية أي أثر لذكر هذا القيد فلم يطباق الدليل الادعاء بهذا الاعتبار أيضا .
ثالثا : إن كلمة "يصطفي" في الآية المذكورة تدل صراحة على أن يكون هذا الاصطفاء من جانب الله تعالى أي يكون أمرا وهبيا لا دخل للكسب فيه , و النبوة التي يقول القاديانيون باستمرارها هي كسبية , فنظرا إلى هذه النكتة أيضا لا يوافق الدليل ادعاءهم قطعا .
رابعا :
لا يصح القول بأن المضارع يشمل الحال و الاستقبال معا , فإن كان للحال فلا يكون للمستقبل , أما ظاهرة الاستمرار التجددي فهو أمر آخر .
الدليل الثالث لإستمرارية النبوة عند القاديانيين: ص 512
قوله تعالى :" وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) سورة النساء
إسلوب الإستدلال "
"علم من هذه الآية أن أمة محمد عليه الصلاة و السلام تحصل على النبوة باتباعه , فكما يوجد في أمته الصالحون و الشهداء و الصديقون بطاعته صلى الله عليه و سلم: كذلك يوجد فيهم الأنبياء أيضا بطاعته صلى الله عليه و سلم, و هذا هو إدعاؤنا بأن النبوة التي يحصل عليها بطاعته صلى الله عليه و سلممستمرة و هذه الآية دليل صريح على ذلك , ثم إن المراتب الثلاثة ( أي مراتب الصديقين و الشهداء و الصالحين ) , يحصل عليها بطاعة محمد صلى الله عليه و سلمبالإجماع , فنقول : إن المرتبة الرابعة أيضا حاصلة بطاعته و اتباعه صلى الله عليه و سلمألا و هي مرتبة النبوة , و لا يصح أن تفسر الآية هكذا " بأن متبعي الرسول سيكونون بمعية أصحاب المراتب الأربعة هؤلاء و إنه تحصل لهم فقط مرافقتهم لأن كلمة "مع" في هذه الآية استعملت بالمعنى الذي قد استعملت في قوله :"توفنا مع الابرار".
و الاجوبة حاضرة : ص 513
لا يزعم الميرزائيون أنهم بحثوا عن حجة متينة لا يمكن دمغها , ففي حقيقة الأمر : إن جوابا واحدا منا كاف لقمع دليلهم بل هزلهم هذا , لكن لمزيد من الإطمئنان نعرض على الأمّة الميرزائية أجوبة ممتعة و بأساليب متنوعة , و هي مرصعة في طبق الردود لتخرص ألسنتهم و يهتدي بها إن كان من بينهم طالب حق و لعله يوفق للتوبة عن العقائد الباطلة .
و عليكم الآن ملاحظة هذه الأجوبة : ص 513
الجواب الأول : ص 513
هذا الدليل مأخوذ من آية من القرآن الكريم فعلى الميرزائيين أن يذكروا لنا قول مفسر أو مجدد في تأييدهم و إلا فيكون إستدلالهم مردودا و مزيفا بدون ذلك التأييد.
[ إبراهيم بدوي : سيقول القاديانيون : عدم ذكر المفسرين و المجددين لوجه من وجوه التفسير لا يعني أن هذا الوجه غير صحيح لو قاله غيرهم , و المفسرون و المجددون مجتهدون و لا نهاية للاجتهاد ]
الجواب الثاني : ص 513
لو صح هذا الإستدلال على سبيل الفرض لعلم منه إستمرارية النبوة بجميع أنواعها و هذا غيرمسلم لدى الميرزائيين أيضا , فلم يطابق دليل الميرزائيين إدعاءهم فصار ساقط الاعتبار .
[ إبراهيم بدوي : سيقول القاديانيون : النبوة التامة و المستقلة مستثناة من آية النساء 69 " و من يطع الله و الرسول ..."بسبب آية ختم النبيين , و أمّا النبوة الظلية فهي غير مستثناة و بالتالي فآية النساء 69 " و من يطع الله و الرسول ..." تشمل الأنبياء الظليين فقط , و الجواب : إذا كانت النبوة التامة و المستقلة مستثناة من آية النساء بدليل آية خاتم النبيين كما تقولون , و تقولون أن النبوة التامة و المستقلة قد ختمتا بآية الاحزاب " و خاتم النبيين" و قلتم انها لم تستثني النبوة الظلية فما الدليل من كلام الله تعالى على ذلك ؟ أي ما الدليل القطعي على إستثناء النبوة الظلية من الخاتمية , و إذا قلتم أن آية "اليوم اكملت لكم دينكم .." هي الآية الدالة على الإستثناء , فهذا خطأ فاحش , لأن ذِكْرَ أحد جزئيات أو بعض صفات شيئ لا يعني نفي بقية الأجزاء أو الصفات إلا إذا كان هناك تعارض بينهم , و هو في الأصل ممنوع في الأنبياء وجود التعارض في صفاتهم أو اجزاء النبوة و كمالتها عندهم , فالنبوة التشريعية التي ختمت لا تتعارض مع النبوة الغير تشريعية في النبيّ الواحد , و بالتالي اثبات ختم النبوة التشريعية لا يستلزم عدم ختم غير التشريعية ]
الجواب الثالث : ص 513
إن "الواو" للترتيب حسب زعم الميرزا القادياني و أمته , فكأن الذي يطيع الله و رسوله يكون نبيا أولا حسب زعمهم ثم يكون صديقا ثم يكون شهيدا ثم يدخل في عموم الصالحين . فكأن كل من يطيع الله و رسوله يكون نبيا أولا ثم
ص 514
شهيدا ثم يدخل في عموم الصالحين حسب زعم القاديانيين و هذا باطل قطعا عند الجميع .
[ إبراهيم بدوي : سيقول القاديانيون : ليست الواو هنا للترتيب و إنما هي بمعنى "أو" كما في الآيات "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) سورة التوبة
و الآيات التالية توضح أن حرف العطف "الواو" معناه ليس باللضرورة للاضافة بل للتخيير , أي بمعنى "أو "
"لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) سورة المجادلة
فمن يطع الله و الرسول بحسب آية النساء 69 , فإمّا أن يكون من النبيين أو الصديقين أو من الشهداء أو من الصالحين و كل ذلك بحسب عمله .
و الجواب : إذا افترضنا صحة القول بان حرف العطف "الواو" يأتي بمعنى "أو" في هذه الآية , فما العمل و الطاعة التي بعملها يصل العبد إلى مقام النبوة فيصير نبيا ؟ فهل هناك عمل اكبر من الاعمال التي عملها الصحابة و بخاصة ابو بكر و عمر الفاروق ليكونا نبيين ؟
]
الجواب الرابع : ص 514
لم يرد في الآية المذكورة ذكر البلوغ إلى الدرجات اطلاقا , فإن هناك مجرد ذكر "المعية" و يتبين هذا المفهوم بكمال الوضوح من سبب نزولها و هو : أن سيدنا ثوبان مولى سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام قال للنبي صلى الله عليه و سلم[12]:
( ستكون يوم القيامة في أعلى الدرجات و لا ندري أين نكون نحن فيها ؟ فهل لنا أن نتشرف بلقائك هناك و تقر اعيننا برؤيتك ؟ فنحن في هذه الدنيا لا نتحمل فراقك و إن كان فكيف يمكن لنا أن نعيش في الآخرة دون لقائك؟ ) فإثر ذلك نزلت هذه الآيات مبينة معية النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين لكل من يطيع الله و رسوله , مما علم أن الآية قد ذكرت فيها مجرد المعية و ليس فيها الحصول على الدرجات المذكورة .
أما ما يقوله القاديانيون من بلوغ المؤمن درجة الصديقين أو منصب النبوة و غيرها فإن الآية المبحوث عنها لا تدل إطلاقا على هذه العقيدة القاديانية , و ما قلناه تؤيده آية قرآنية أخرى و هو قول الله تعالى " وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ (19) سورة الحديد
" و لا شك أن في هذه الآية ذكر الحصول على الدرجات لا ذكر المعية , أما قوله سبحانه و تعالى " و من يطع الله و الرسول فأولائك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين ...الخ" ففيها ذكر "المعية" لا ذكر الحصول على الدرجات , و ملخص القول : إن قول الله سبحانه و تعالى " و من يطع الله و الرسول فأولائك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين ...الخ" فيها بيان مجرد "المعية"
ص 515
و قوله تعالى " أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ " في سورة الحديد فكما سبق لبيان الحصول على الدرجات , فلذا لم يوجد في آية الحديد ذكر النبوة , و ما ذكره الميرزائيون من تفسير آية المائدة [ يقصد الشيخ سورة النساء 69] و هو قوله تعالى " ومن يطع الله و الرسول ...الخ" لم يذكره أحد من المفسرين فإنه تفسير مصطنع من قبلهم بل تزييف و تحريف صريح باطل و ليس بتفسير , و عليهم أيضا أن يأتوا بقول أي مفسر مسلم لدى الفريقين في تأييد تفسيرهم المزعوم و يستلموا منا جائزة حسب طلبهم .
الجواب الخامس : 515
روى البخاري و مسلم عن النبي صلى الله عليه و سلمأنه قال " التاجر الصدوق الامين مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين "[13] ففي ضوء استدلال الميرزائيين المذكور يجب أن يكون كل تاجر صدوق أمين نبيا , فكما لا يمكن لأي تاجر أن يكون نبيا بمجرد التجارة : كذلك لا يمكن لأي فرد من أفراد الأمّة أن يكون نبيا بطاعة الله و رسوله .[14]
الجواب السادس : ص 515
إن كانت الدرجات مثل النبوة و غيرها يمكن الحصول عليها بالطاعة كما يزعم القاديانيون : فاننا نسأل عن تلك الدرجات هل تكون حقيقية أم ظلية و بروزية ؟ فإن كانت النبوة الحاصلة عن طريق الطاعة ظلية كما عقيدة الميرزائيين : فينبغي أن يكون الصديقيون و الشهداء و الصالحون ظليين و بروزيين أيضا , و لم يقل أحد بكونهم ظليين , فلما كانت درجة الصديقية حقيقية فلا بد أن تكون النبوة حقيقية , و الحصول على النبوة التشريعية المستقلة غير مسلم لدى القاديانيين أيضا , فلم يطابق الدليل ادعاء الميرزائيين , لان هذا التفريق لا دليل عليه , بل يجب أن تكون الدرجات الاربعة على سبيل
ص 516
السواء , فإما أن تكون الدرجات كلها حقيقية أو أن تكون كلها ظلية بروزية.
الجواب السابع : ص 516
إن ارفع الدرجات في الأمّة المحمدية هي الصديقية أما درجتا الشهيد و الصالح فهما دونهما , فلذا يمكن البلوغ إلى هذه الدرجات الثلاثة [الثلاث] فحسب بسبب طاعة الله و رسوله , و لا يمكن لأي فرد من أفراد الأمّة أن يصل إلى درجة النبوة بالطاعة , و كلنا نؤمن بأن جماعة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانوا في أعلى مراتب الطاعة و أنهم قدموا أمام العالم قدوة حسنة و نموذجا أعلى في اتباع النبوة بحيث لا يمكن للامة أجمعها أن تأتي بنظيرهم , و قد منحهم الله عز و جل في هذه الدنيا شهادة الرضوان الابدي مع البشارة بالجنة و حسب قول الميرزا حتى " قد تحققت فيهم الحقيقة المحمدية " , و و رغم تلك الفضائل و المناقب أجمعها لم يبلغ أحد منهم درجة النبوة , فإن أبا بكر رضي الله عنه بقي صديقا رغم كمال اتباعه , و إن عمر بن الخطاب لم يتجاوز درجة الشهيد والمحدث رغم عدالته المنفردة و التي لا مثيل لها , و لم يوجد من بين الصحابة من صار نبيا ظليا أو بروزيا , فهل يمكن لأحد من أفراد الأمّة بعد الصحابة أن يدعي أنه قد فاقهم في اتباع الرسول صلى الله عليه و سلمو استحق منصب النبوة ؟ فإن تفوه أحد من أهل الصلاح و التقوى بمثل هذا الإدعاء لربما فكر فيه أحد , أما إذا ادعى بذلك شخص عاص لله و رسوله و الذي كان زرعا لغرس الاستعمار الانجليزي[15] كالميرزا القادياني فلا يكاد أن يتصور أحد من العقلاء أنه قد بلغ درجة الصلاح فضلا عن أن يبلغ درجة النبوة (معاذ الله) .[16]
الجواب الثامن : ص 516
لو أمكن الحصول على النبوة بالطاعة , فلماذا لم تمنح مثل هذه النبوة لأجلاء الصحابة كسيدنا ابي بكر الصديق و سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنهما ؟
ص 517
اليس لهم الحق أن يسألوا الله عزّ و جل و يقولون له :" إننا قد ضحينا بكل ما نملك طاعة لك و لرسولك الحق و لم تهب لنا النبوة , و شرفت بها إنسانا أي "غلام أحمد" الذي كان عميلا و جاسوسا لعدوك اللدود (أي الانجليز)[17] هل هذا يقتضيه عدلك ؟ و يعلم الجميع بأن الله تعالى لن يظلم و لا يرضى بمثل هذا .
الجواب التاسع : ص 517
يحاول القاديانيون من جهة أن يثبتوا بالدليل المذكور بأن البلوغ إلى درجة النبوة ممكن بطاعة الرسول , و من جهة أخرى اعترف بل اقر الميرزا غلام أحمد عدم الحصول على النبوة بطاعة الرسول , و قد قال : إنه لن يمكن الحصول على منصب النبوة حتى من الفناء في الرسول عليه السلام , و أقصى ما يبلغ الإنسان بالطاعة هي درجة المحدثية[18] .
و لإثبات ذلك الاعتراف عليكم ملاحظة المراجع القاديانية الاتية :
المرجع الأول : ص 517
" لو بلغت حالة أحد إلى تلك الدرجة ( التي ذكرت فيما قبل ) يكون أمره وراء هذا العالم و ينال جميع التوجهات و المقامات الرفيعة التي نالها من قبله من الأنبياء و الرسل و يكون ثانيا وارثا للانبياء و الرسل ." [19]
المرجع الثاني : ص 517
يقول الميرزا "
ص 518
"إن سيدنا و رسولنا محمد صلى الله عليه و سلمخاتم الأنبياء و لا يمكن أن يأتي بعده نبي و قد وضع المحدثون في هذه الشريعة مقام الأنبياء "[20]
نص كلام الميرزا هذا أيضا يدمر تماما عمارة مبنى تأويلات الميرزائيين و أوهامهم , ف الميرزا غلام أحمد القادياني كالعجوز التي ذكر القرآن الكريم أمرها كالآتي " وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا "(92) سورة النحل[21] .
فكانت بمكة عجوز شبه المجنونة تغزل طوال الليل و تنقض غزلها مساء , فالميرزا في موقع يعدل بين دلائله و بين جبل هملايا , ثم تراه و هو يستأصلها بنفسه في موقع آخر .
المرجع الثالث : ص 518
يقول الميرزا :
" كان وجود عمر رضي الله عنه كوجود النبي صلى الله عليه و سلمظليا"[22]
يسلم الميرزا بهذا النص بأن سيدنا عمر رضي الله عنه كان وجودا ظليا للنبي صلى الله عليه و سلمو رغم ذلك لم يعرف رضي الله عنه بين الناس كنبي , فعلم أن أقصى ما يناله الإنسان بإتباع النبيّ صلى الله عليه و سلمهو الوجود الظلي , أما النبوة فلا يمكن نيلها بالطاعة .
المرجع الرابع : ص 518
يقول الميرزا :
ص 519
" لقد مر مئات الناس الذين تحققت فيهم " الحقيقة المحمدية" و قد سمي كل واحد منهم عند الله محمدا و أحمدا ظليا "[23]
علم من هذه العبارات أيضا أن المئات من الناس الذين سلفوا و كان اسم واحد منهم عند الله "أحمد" أو "محمد" ظليا , و رغم ذلك لم يكن أحد منهم نبيا , بل و لم يدع أحد منهم النبوة و لم يشكل حزبا منفصلا أو أمة له و لم يكفّر منكريه و لم يحكم عليهم بالخروج من الملة , فالعجب كل العجب إن هؤلاء الاكابر و العظماء أتباع الله و رسوله قد فارقوا الدنيا و كانوا محرومين من هذه النعمة (أي النبوة الحاصلة بالاتباع ) و يجيء الميرزا القادياني فيصير نبيا حقيقيا أيضا مع نبوته الظلية بالاتباع ؟ يا للخذلان .[24]
الجواب العاشر : ص 519
توجد هذه الرواية في كتب السير بأن النبيّ صلى الله عليه و سلمكان يقول عند وفاته " مع الرفيق الاعلى في الجنة"
"مع الذين انعمت عليهم"
"مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين"
أخبرونا ايها القاديانيون هل يعني ذلك (معاذ الله) بأن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلملم يكن نبيا و كان بهذا الدعاء يطلب النبوة و غيرها ؟[25]
الجواب الحادي عشر : ص 519
وجدت في الاخير من الآية التي استدل بها القاديانيون هذ الجملة " و حسن اولائك رفيقا" و هي تدل بكل وضوح على كون الآية دالة على مجرد "المعية و الرفقة" و ليس فيها أية دلالة إطلاقا على تحويل المطيع إلى عين النبيّ أو الصديق أو الشهيد.
ص 520
الجواب الثاني عشر : ص 520
و نقول أيضا : إن كان هناك شخص "بمعية" أحد فلا يعني أنه صار عين من كان هو في "معيته" , و إذا قيل إن فلانا "جاء مع اهله و عياله" فلا يعني أنه صار عين الاهل و العيال , و لو صار الواحد عين من كان هو في معيته ( كما يزعم الميرزائيون ) لادعى الناس أنهم صالروا أنبياء . يقول الله تعالى في القرآن الكريم "إني معكم" فهل اتحد الرب و الملائكة ؟.
و جاء في القرآن الكريم قول النبيّ صلى الله عليه و سلملأبي بكر " إن الله معنا " فهل اتحد النبيّ و الصديق و الرب تبارك و تعالى (معاذ الله) ؟
و يقول الله عزّ و جل "إن الله مع الصابرين" فهل اتحد الله تعالى و الصابرون فيما بينهم ؟ فثبت أن "المعية" لا تقتضي العينية و الا للزم وجود الآلهة المتعددة في هذه الدنيا "معاذ الله" كما هي عقيدة الهندوس .
الجواب الثالث عشر : ص 520
لا يثبت من تفسير الميرزا القاياني بنفسه لهذه الآية تحول المطيعين لله و رسوله إلى أنبياء , بل الآية حسب تفسيره أيضا تدعو إلى اختيار معية الأنبياء و الصديقين , و صرح بذلك المتنبئ القادياني قائلا :
" أدعو الله عزّ و جل في صلواتكم الخمس بهذا الدعاء " اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين " . و ملخص هذا الدعاء و مقصوده " اختاروا صحبة من تجدون زمنه من أصحاب هذه المناصب الاربعة و اطلبوا الفيض منهم "[26] , [27]
الجواب الربع عشر : ص 521
لقد دعا الميرزا القادياني في حق أهل مكة قائلا :
" و فقكم الله معية الأنبياء و الرسل و الصديقين و الشهداء و الصالحين" [28]
و جاء في حمامة البشرى ص 96 المدرج في الخزائن الروحانية 7/325 بهذا النص :
"نسأله أن يدخلكم في ملكوته مع الأنبياء و الرسل و الصديقين و الشهداء و الصالحين " [29]
فهل يعني ذلك أن الميرزا القادياني طلب من الله عزّ و جل النبوة لأهالي مكة حتى يكون جميع سكان مكة أنبياء و رسلا ؟ فلو كان مدلول دعائه [دعاءه] هو ذلك فكأن الميرزا دعا في حق أهل مكة أن يحصلوا على النبوة و قد أجاب الله دعاءه [حسب اعتقاد القاديانيين ] على وجه اليقين , لأنه قد وعد الميرزا في الهامه كما تفوه به الميرزا باسم الله تبارك و تعالى :
" اجيب دعائك الا في شركائك "[30]
ملحوظة : ص 521
لقد ثبت من التمهيد المذكور أن علماء مكة أجمعهم صاروا أنبياء وفق زعم الميرزائيين , فالان ما صدر من علماء مكة فتوى تكفير الميرزا ألا يعتبر بأنه نداء سماوي ؟ فحسب اعتراف الطائفة القاديانية و في ضوء كل ما ذكرناه نقلا
ص 522
عن متنبئهم ظهر لنا : أن تكفير الميرزا القادياني ثابت بفتوى أنبياء مكة أجمعهم ليكون الميرزا من أغلظ الكفار . كما تكون الفتوى المذكورة من فتاوي الأنبياء نتيجة لاستجابة دعء الميرزا فيهم , و حيث أن الفتوى المذكورة لم تصدر من عامة الناس و لا من العلماء علينا الآن أن ننتظر هل تقبل الأمّة القاديانية هذه الفتوى أم ترفضها ؟
غاية العناد : ص 522
نشاهد رغم هذه الدلائل العديدة الواضحة و البراهين الجلية أن الميرزائيين مصرون على دليلهم الباطل و يقولون إن كلمة "مع" في قول الله تعالى " و من يطع الله و الرسول فأولائك مع الذين أنعم الله عليهم ...الخ" بمعنى "من" أي كل من يطع الله و الرسول يكون من المنعم عليهم من النبيين و الصديقيين و ليس المراد منه بأن يكون المطيع في "معيتهم" , فحسب قول الميرزائيين إن له نظيرا في القرآن الكريم و هو قوله تعالى " و توفنا مع الابرار " أي توفنا بعد أن تجعلنا منهم .
و لدينا لسان ينطق : ص 522
من الممكن الاحتيال بنفث الغبار في عيون من لا يعرف اللعبة , لكن اصحاب الفهم و البصيرة و المطلعين على الدلائل لا حقيقة عندهم لمثل هذه الاقوال المزيفة و المعاني المحرفة أكثر من السراب , فها نحن نفند هذا التأويل المخترع المزيف بوجود [وجوه]عدة فيما يلي :
أ- لم يرد في كلام العرب كله كلمة "مع" بمعنى "مِن" فإن صح ورودها بمعنى "من" لامتنع دخول "من" عليها , و قد ثبت دخول "من" على "مع" في محاورات العرب كما ورد في المصباح المنير و هو مؤلف مشهور في اللغة : " و دخول "من" نحو " جئت من معه مع القوم" فعلم أن "من" لا يمكن مجيئها بمعنى "مع" والا للزم تكرار كلمة واحدة .
ص 517
ب- لو قلنا بصحة مجيء "مع" بمعنى "من" فماذا يكون مفهوم هذه الآيات ؟
· "إن الله مع الصابرين"
· "محمد رسول الله و الذين معه"
هل يكون المراد "عياذا بالله" أن الله من الصابرين أو أن الصحابة من النبيّ صلى الله عليه و سلم؟
· "إني معكم"
هل يكون المراد "عياذا بالله" إن الله من الملائكة ؟
· "إن الله معنا"
هل المراد "عياذا بالله" إن الله و نبيه و ابو بكر قد اتحدوا ؟
ج- و المعروف أن اللفظ الذي استعمل لمعنيين كان احدهما حقيقة و الآخر مجازا و لا يصح حمله على المعنى المجازي عند إمكان الحقيقة , فإن كلمة "مع" معناها الحقيقي "المعية" و "الرفاقة" و هو ممكن في هذا المقام كما أن الجملة التي جاءت بعدها و هي " وحسن اولائك رفيقا" تؤيد ذلك بصراحة . فلا يجوز حمل "مع" اطلاقا على أي معنى مجازي حتى يقال إن "مع" جاءت بمعنى "من".
د- و لو سلم على سبيل الفرض أن "مع" قد استعملت أو يجوز استعمالها بمعنى "من" فما الذي يستلزم ورودها بذلك المعنى في الآية المبحوث عنها ؟
هل فسر أحد المفسرين أو من المجددين بما يقوله الميرزائيون ؟
ه- لم ترد كلمة "مع" بمعنى "من" في الآيات التي يستدل بها الميرزائيون لتلبيسهم و تزييفهم , فان الامام الرازي هو المفسر الموثوق بيننا و بينهم و تفسيره لقوله تعالى " و توفنا مع الابرار" قد دمر مبنى القاديانية باسره حينما نراه يقول :
" وفاتهم معهم أي يموتوا على مثل اعمالهم حتى يكونوا في درجاتهم يوم القيامة , قد يقول الرجل أنا مع الشافعي في هذه المسألة و يريد كونه مساويا له في الاعتقاد "[31]
كما يقول الامام الرازي في تفسير قوله تعالى "ومن يطع الله و الرسول ...الخ"
" و معلوم بأنه ليس المراد من كون هؤلاء معهم هو أنهم يكونون في عين الدرجات لأن هذا ممتنع"[32]
و ه1ا من حكمة الله عز و جل أن الامام الرازي و هو مجدد القرن السادس عند القاديانيين قد فسر قبل ثمانمائة عام هذه الآية بالوجه الذي قد فند استدلال القاديانية تماما. فالحمد لله على ذلك .
كذب محض من جميع الوجوه : ص 524
إلى أي درجة ينزل الإنسان في البذاء و قلة الحياء بسبب عناده و تعنته ؟ من الممكن معرفة بعض ذلك بصنيع القاديانية هذا , حيث انهم اخترعوا حزمة كذب في تأييد استدلالهم الباطل و حاولوا سعيا فاشلا بإطلاق رصاصة بعد بعد وضع البندقية على كاهل إمام اللغة الإمام الراغب الاصفهاني حينما قالوا : إن قول الامام الراغب يؤيدهم بتمام الوضوح في تفسير الآية على الوجه الذي اختاره الميرزائيون , و فيما يلي نص كلام الامام الراغب كما نقله العلامة الاندلسي قائلا :
" قال الراغب : ممن انعم عليهم من الفرق الاربعة في المنزلة و الثواب النبيّ بالنبي و الصديق بالصديق , و الشهيد
ص 525
بالشهيد و الصالح بالصالح و اجاز الراغب أن يتعلق " من النبيين" بقوله ( و من يطع الله و الرسول ) أي من النبيين و من بعدهم " [33]
لقد علم من هذا التحقيق أن قوله تعالى " من النبيين " لا يتعلق بــ " أنعم الله عليهم" بل يتعلق بــ " من يطع الله و الرسول " فيكون معنى الآية أن أن من يطع الله و رسوله من الأنبياء و غيرهم يكونون مع المنعم عليهم , و كلمة "يطيع" فعلمضارع يدل على الحال و الاستقبال و تقتضي أن يوجد في هذه الأمّة أيضا "أنبياء" و الذين يكونون "مطيعي الرسل" , فإن كان باب النبوة مسدودا فمن يكون مصداق هذه الآية من " نبيّ" مطيع لرسول الله ؟
كشف القناع عن الدسيسة : ص 525
لقد دبرت القاديانية بغاية مكرهم في نقل العبارة التي أخذت من تفسير "البحرالمحيط" للعلامة الاندلسي و الذي قد أبدى رأيه حول القول المذكور بعد نقله كالتالي
" و هذا الوجه الذي هو عنده ظاهر الفساد من جهة المعنى و من جهة النحو "[34]
و هذا الراي للعلامة الاندلسي يدل على أن القول المذكور أيا كان قائله مردود تماما و ساقط الاعتبار , ثم يلاحظ أنه لا يوجد هذا القول في أي كتاب من مؤلفات الامام الراغب فلا يصح نسبته إليه إطلاقا , و لدينا قرينتان في إبطال نسبة هذا القول إلى إمام اللغة الراغب الاصفهاني رحمة الله عليه , و عليكم ملاحظتهما :
ص 526
القرينة الاولى :
لقد ألف الإمام الراغب رسالة مستقلة في تفسير هذه الآية أي قوله تعالى : " من يطع الله و الرسول ....الخ " بعنوان " الذريعة إلى مكارم الشريعة" فلو كان ذلك مذهبه على سبيل الفرض فما نقل في البحر المحيط منسوبا إليه لذكره في تلك الرسالة بنفسه , لكن لا وجود لهذا القول اطلاقا لا صراحة و لا إشارة و لا كناية رغم أن الرسالة قد صنفت خصيصا لتفسير هذه الآية " و من يطع الله و الرسول ....الخ " و هذا يدل على أن نسبة القول المذكور إلى الامام الراغب باطلة حتما.
القرينة الثانية : ص 526
لو وجدت العبارة المنسوبة إلى الامام الراغب في احدى مؤلفاته لاشار اليها مناظروا القاديانية و أسندوها إليه البتة لتتقوى حجتهم و لكنهم يستصرخون و ينقلونها ناقصة من البحر المحيط حيث لم يوجد لها أي مأخذ أو مرجع أصلي , و قد أطلعت على حقيقة هذا الامر أثناء مناظرتي مع القاضي نذير المناظر المعروف للقاديانية , فإن كانت العبارة موجودة في أي مؤلف للامام الراغب لعرض علينا القاديانيون ذلك الكتاب و لم يواجهوا ذلة و خسران نقل العبارة بخيانة من البحر المحيط للعلامة الاندلسي الذي قد فند ذلك القول بنفسه بعد نقله في نفس الموضع المذكور الذي تستدل الأمّة القاديانية منه.
الدليل الرابع لاستمرارية النبوة عند القاديانيين: ص 526
قول الله عز و جل :" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ "(55) سورة النور
تستدل الأمّة القاديانية بهذه الآية على أن الله تعالى سيجعل في هذه الأمّة
ص 527
خلفاء كما كان الخلفاء في الأمم السالفة , و كان الخلفاء في تلك الأمم كآدم و سليمان و داود و كانوا مُشَرّفين بالنبوة الربانية , فيجب أن يكون في هذه الأمّة "خلفاء أنبياء" لتكون المشابهة تامة.
الجواب : ص 527
نرد على الأمّة القاديانية و نقول : إن شيخكم و مرشدكم الميرزا غلام أحمد القادياني لم يقل في تفسير هذه الآية " إن المراد من الخلفاء هم الأنبياء" بل فسّر الخلفاء بالمعنى الذي يعم الخلفاء الراشدين مثل أبي بكر و عمر الفاروق و عثمان بن عفان و علي المرتضى رضي الله عنهم أجمعين و يشمل جميع خلفاء المسلمين الذي وجدوا في الأمّة عبر التاريخ , و لم يفسّرها كما تقولون به أنتم بأن المراد من الخلفاء هم الأنبياء فقط الذين لم يوجد أحد منهم في هذه الأمّة قبل الميرزا[35] , أنظروا إلى ما حرره الميرزا في مؤلفه "شهادة القرآن"[36] في تفسير هذه الآية قائلا :
" لأن الخليفة في الحقيقة ظل الرسول ..فمن يؤمن بالخلافة إلى مدى ثلاثين عاما فهو بسبب جهله يصرف نظره عن العلة الغائبة للخلافة " [37] [ابراهيم بدوي : مش فاهم]
ثم يحرر الميرزا فيما بعد في حمامة البشرى :
"لا يمكن مجيء الأنبياء في هذه الأمّة[38] , فإن لم يأتي فيها خلفاء النبيّ أيضا و لم يظهروا عجائب الحياة الروحية حينا بعد حين فقد انتهت روحانية الاسلام إذا "
يدل نص كلام الميرزا القادياني بوضوح على أنه ليس المراد من الخلفاء
ص 528
الأنبياء فحسب , بل المراد منه خلفاء الأنبياء الذين لم يكونوا أنبياء لعدم امكانية مجيء الأنبياء في هذه الأمّة الآن بل سيأتي خلفاء الأنبياء .
اعتراف الميرزا بأن النبوة وهبية و ليست كسبية ص 528
يقول الميرزا :
1- " لا شك أن التحديث موهبة مجردة لا تنال الا بالكسب البتة كما هو شأن النبوة "[39]
2- "و المؤمن الكامل هو الذي رزق من هذه النعمة على سبيل الموهبة"[40]
3- "أوتيت حظا كاملا من هذه النعمة بمجرد فضل الله لا بكسب مني , كما أوتي الأنبياء و الرسل و العباد المكرمون من قبلي"[41]
و يقول أيضا (ما ترجمته كما يلي ) :
4- " ملخص القول بأن الموجب الحقيقي لنزول وحي الله "رحمانية الله"[42] و ليس عمل أي عامل , و هذ صداقة جليلة يغفل عنها مخاطبونا من البراهمة (احبار الهنود) و غيرهم .[43]
ص 529
هل النبوة وهبية أم كسبية ص 529
و نحن نسأل الميرزائيين , أخبرونا هل النبوة تنال بالكسب أم توهب من عند الله ؟ فإن كنتم تعتقدون أنها وهبية فاستدلالكم لغو – لأن النبوة الحاصلة بالطاعة لا تكون الا كسبية , و إن كنتم تعتقدون أنها كسبية فهو أمر باطل بالاجماع , فلو قلتم أنها وهبية وفيها نصيب من للكسب أيضا كما قال الله تعالى " يهب لمن يشاء اناثا ...الخ " فجوابه إن وجد فيها أدنى شائبة للكسب صارت كسبية و الآية التي قد عرضتم علينا لا تسمح إطلاقا بدخل الكسب فيها , فهبة الأولاد مجرد فعل الله عزّ و جل , فلو شاء لم يهب للزوجين شيئا رغم جهدهما طيلة الحياة , و لو شاء لوهب مريم ولدا بلا أب
[ ابراهيم بدوي :هو فعلا بلا أب و أكيد قصد الشيخ بأب ] , فاستدلالكم من هذه الآية باطل على الاطلاق .
فالحاصل لو جعلت النبوة نتيجة كسب ( كما يعتقد الميرزائيون) فهي عقيدة تنافي عصمة الأنبياء عليهم السلام , و نعرض عليكم في هذا الشأن مرجعين جديرين أن يكتب بماء الذهب .
1- يقول الإمام الشعراني في اليواقيت و الجواهر :
" فإن قلت : هل النبوة كسبية أو موهوبة ؟ فالجواب :
ليست النبوة مكتسبة حتى يتوصل إليها بالنسك و الرياضات كما ظنه جماعة من الحمقى و قد أفتى المالكية و غيرهم بكفر من قال إن النبوة مكتسبة"[44]
2- و يقول القاضي عياض في الشفاء :
" من ادعى نبوة أحد مع نبينا صلى الله عليه و سلمأو بعده .... أو من ادعى النبوة لنفسه أو جوّز إكتسابها أو البلوغ بصفاء القلب إلى مرتبتها ...الخ و كذلك من ادعى منهم أنه يوحى إليه و إن لم يدع النبوة فهؤلاء كلهم كفار مكذبون للنبيّ صلى الله عليه و سلملأنه أخبر صلى الله عليه و سلمأنه خاتم النبيين لا نبيّ بعده "[45]
لقد اتضح من هذين المرجعين كالنهار الساطع أن الاعتقاد بأن كون النبوة كسبية يحمل عنصرا من تكذيب الله و رسوله , و إن صاحب هذه العقيدة كافر عند المالكية و غيرهم من العلماء .
انتهى كلام الشيخ منظور على هذه المسألة
د.ابراهيم بدوي
15/12/2015
و هذا رابط الكتاب للشيخ منظور
https://ia801708.us.archive.org/22/items/WAQ95078/95078.pdf
[1] آينة كمالات الاسلام في الخزائن الروحانية 5/322 .[2] انظر نور الحق [ يقصد الشيخ كتاب "نور القرآن" و ليس "نور الحق" ] في الخزائن الروحانية 9/444[3] أيام الصلح 71 القديم , الجديد 135 .[4] شهادة القرآن 27 و الخزائن الروحانية 6/ 323-324[5] انظر محمدية باكيت بوك صفحة 478-480 [ ابراهيم بدوي : لا اعرف هل صحيح لفظ "محمدية" , أم اللفظ الصحيح "أحمدية" ؟][6] دافع البلاء في الخزائن الروحانية 18/240 و قد غير الاستاذ محمد حياة شعر الميرزا المذكور قائلا : "اتركوا ذكر ابن ملجم فإن غلام أحمد أسوأ منه ".[7] البراهين الأحمدية في الخزائن الروحانية 21/144 .[8] نزول المسيح في الخزائن الروحانية 18/477 .[9] مستدرك الحاكم جزء (18)كتاب :كتاب تعبير الرؤياباب :كتاب تعبير الرؤياحدثنا عبد الواحد بن زياد ، ثنا المختار بن فلفل ، عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الرسالة و النبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي و لا نبي قال : فشق ذلك على الناس فقال : لكن المبشرات فقالوا : يا رسول الله ما المبشرات ؟ قال : رؤيا المرء المسلم هي جزء من أجزاء النبوة . هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .مسند أحمد جزء (27)كتاب :مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهباب :مسند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهحدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا عفان ، ثنا الواحد بن زياد ، ثنا المختار بن فلفل ، ثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الرسالة و النبوة قد انقطعت ، فلا رسول بعدي و لا نبي ، قال : فشق ذلك على الناس ، قال : قال : و لكن المبشرات ، قالوا : يا رسول الله و ما المبشرات ؟ قال : رؤيا الرجل المسلم و هي جزء من أجزاء النبوة .[10] ايام الصلح في الخزائن الروحانية هامش 14/419[11] نور القرآن في الخزائن الروحانية 9/444[12] [ ابراهيم بدوي : في القرطبيقوله تعالى :" وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) سورة النساء...وحكى الثعلبي: أنها نزلت في ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شديد الحب له قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه، يعرف في وجهه الحزن؛ فقال له: (يا ثوبان ما غير لونك ) فقال: يا رسول الله ما بي ضر ولا وجع، غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة وأخاف ألا أراك هناك؛ لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين وأني إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل فذلك حين لا أراك أبدا؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية. ذكره الواحدي عن الكلبي. وأسند عن مسروق قال: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا، فإنك إذا فارقتنا رفعت فوقنا؛ فأنزل الله تعالى: "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين".و في البخاري :4435 المغازى باب 834435 - حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لاَ يَمُوتُ نَبِىٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، فَسَمِعْتُ النَّبِىَّ r يَقُولُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ يَقُولُ ( مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) الآيَةَ ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ .4436 المغازى باب 834586 التفسير النساء باب 134586 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ « مَا مِنْ نَبِىٍّ يَمْرَضُ إِلاَّ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ » . وَكَانَ فِى شَكْوَاهُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ أَخَذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ( مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ) فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَفتح الباري جزء (9)باب " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين "باب فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين" حدثنا محمد بن عبدالله بن حوشب ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة ، وكان في شكواه الذي قبض فيه أخذته بحة شديدة فمسعته يقول : مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فعلمت أنه خير " .قوله : (باب " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين " ) ذكر فيه حديث عائشة ، وقد تقدم شرحه في الوفاة النبوية ولله الحمد . وقوله :" في شكواه الذي قبض فيه " في رواية الكشمهني " التي قبض فيها " ][13] [ ابراهيم بدوي : التاجر الصدوق لم اجد الحديث في البخاري و لا في مسلم :
سنن الترميذي جزء (5) كتاب :كتاب البيوعباب :باب ما جاء في التجار وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم إياهمحدثنا هناد . حدثنا قبيصة عن سفيان ، عن أبي حمزة ، عن الحسن ، عن أبي سعيد ،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التاجر الصدوق الأمين ، مع النبيين والصديقين والشهداء .قال أبو عيسى : هذا حديث حسن . لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، من حديث الثوري عن أبي حمزة . و أبو حمزة اسمه عبد الله بن جابر وهو شيخ بصري . حدثنا سويد بن نصر . أخبرنا عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري ، عن أبي حمزة ، بهذا الإسناد نحوه و قال الترمزي حسن و قد ضعفه الالباني . (يتبع)(استكمال)
و في مستدرك الحاكم جزء (5)كتاب :كتاب البيوعباب :كتاب البيوعحدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، ثنا كثير بن هشام ثنا ، كلثوم بن جوشن القشيري ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : التاجر الصدوق الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة . كلثوم هذا بصري قليل الحديث و لم يخرجاه .و له شاهد في مراسيل الحسن .و في سنن الدارقطني جزء (7)كتاب :كتاب البيوعباب :كتاب البيوعثنا محمد بن إبراهيم بن حفص بن شاهين نا يوسف بن موسى ، نا يعلى بن عبيد نا سفيان عن أبي حمزة عن الحسن ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : التاجر الصدوق الأمين ، مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة . ][14] [ ابراهيم بدوي : حديث التاجر الصدوق الامين لم اجده في البخاري و لا في مسلم و وجدته في الترمزي و قال عليه حديث حسن و ضعفه الالباني , و أيضا وجدته في مستدرك الحاكم و الدارقطني , و الراوي عن سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام مرة ابي سعيد الخدري و مرة ابن عمر , و كل الحالات كانت المعية مع النبيين و الصديقين و الشهداء و لم يذكر في الاحاديث " الصالحون" , فلعله اعتبر منهم , و المهم استدلال الشيخ منظور صحيح في كونه ليس بمجرد انه تاجر صدوق امين فيكون نبيا , و إن قالوا : هو من الفئة الرابعة أي من الصالحين , اذن هو منهم و ليس معهم , قلتُ : هو ممن اطاعوا الله و الرسول فلا مانع – بحسب زعم الميرزائيين – أن يكون من النبيين , كما انه كل الفئات الثلاث أي التي من غير النبيين لا مانع أيضا من أن يكونوا أنبياء بالأصالة فهم أعلى الفئات بعد الأنبياء و هم ممن اطاعوا الله و الرسول , فمن باب أوْلى أن يكونوا أنبياء , و عليه فعدم تسميتهم بالأنبياء يدل على أنهم بالرغم من علوهم لا يصح أن يوصفوا بالانبياء , لا حقيقة و لا مجازا ].[15] [ ابراهيم بدوي : سيدي حضرة الشيخ منظور رحمة الله عليك كما تعلم حضرتك لم يكن غرسا للانجليز فقط بل اقر مرات عديدة بأنه خادم الانجليز بكل فخر , فكيف يكون نبيا و هو خدام القيصرة و الانجليز !!
في كتاب "نور الحق"/1894م صفحة 22
يقول الميرزا : و لا يخفى على هذه الدولة المباركة أنّا من خدامها و نصحائها ,
و يقول : و لنا لدى هذه الدولة أيدي الخدمة و لا نظن أن تنساها في حين ,
و يقول : و لتستطلع الدولة حكامها الذين جاءونا و لبثوا بيننا كيف عشنا أمام أعينهم و كيف سبقنا في كل خدمة مع السابقين ."][16] [ ابراهيم بدوي : حضرة الشيخ الجليل رحمة الله عليك , الميرزا في كتاب"سر الخلافة"/1894 م صفحة 86 يعتبر الثلة التي هي من الاخرين و هم اصحاب اليمين و هم الدرجة الاقل من المقربين – حيث أن المقربين قليل من الاخرين - فالميرزا اعتبر جماعته هم الثلة التي من الاخرين , و انه بالقول " لكل ثلة امام" صار هو إمام هذه الثلة , و ما اعتبر نفسه الا انه لاحق بالصحابة و لم يقل انه سابق لهم أي الصحابة و كان هذا سنة 1894 م في أي انه كان بحسب ادعائه نبيا و رسولا منذ 12 سنة , حيث نبوته باقراره و اقرار جماعته بدأت في سنة 1882 في مارس , فكيف يكون اللاحق بالصحابة - على كلامه هو - أن يكون نبيا , بينما و كما تقول حضرتك لم يرد أن ادعى صحابيا النبوة سواء الصديق او الصالحين منهم و كلهم مرضيّ عنهم و بعضهم مبشر بالجنة , فكيف لا يكونون أنبياء ؟ و لو حتى ظليين !!! ][17] عليكم ملاحظة طاعة الميرزا غلام أحمد للانجليز حيث يقول : " فمذهبي الذي اعلنته مرارا هو : أن الاسلام جزءان : احدهما : أن نطيع الله , و ثانيهما : طاعة دولة وفرت لنا الامن و آوتنا تحت ظلها من أيدي الظالمين , فهذه الدولة هي حكومة بريطانيا " . [ ابراهيم بدوي : لم يذكر لنا حضرة الشيخ مصدر هذه المعلومة ][18] شهادة القرآن ر-خ 6/380 .[19] [ ابراهيم بدوي : لم يذكر لنا حضرة الشيخ مصدر هذه المعلومة و لعله يتبع المصدر نفس المصادر التي تليه ][20] شهادة القرآن / 27 , الخزائن الروحانية 6/ 323 – 324[21] سورة النحل : 92[22] ايام الصلح في الخزائن الروحانية 14/265 .[23] آنينة كمالات الاسلام في الخزائن الروحانية 5/346[24] [ابراهيم بدوي : لا أظن أن الميرزا قصد ما قاله الشيخ , فالميرزا قال أولا بتحقق الحقيقة المحمدية فيهم و يقصد كمال الإتباع للرسول عليه الصلاة والسلام , و أنهم سمّوا أحمد أو محمد ظليا و ليس حقيقيا , أي يقصد أن أسماءهم لم تكن أصلا كذلك و لكنهم تسموا بسبب الإتباع و الطاعة الكاملة و الله اعلم ].[25] [ابراهيم بدوي : تمام حضرة الشيخ , فاذا كان هو عليه الصلاة و السلام نبيا , فكيف يطلب ان يكون نبيا , لو كان نبيا ليس من الدرجة الاعلى لقلنا انه يطلي الدرجة العليا من النبوة , و لكنه اعلى مستويات النبوة على الاطلاق , و عليه : فاذا كان نبيا و يطلب ان يكون من هؤلاء الاربعة , فلا يصح تمنى النبوة و معنى هذا انه يتمنى ان يكون في غيرها من الدرجات الاخرى خلاف النبوة , و هذا غير معقول أن تطلب الدرجة الاخفض . ][26] الرسالة الملحقة بآنينة كمالات الاسلام – علامات الساعة – الخزائن الروحانية 5/612 .[27] [ابراهيم بدوي : هذا النص مفيد جدا للاسباب الآتية :اولا : تاريخ اصدار كتاب مرآة كمالات الاسلام في 1893 م و في هذا الوقت لم يكن الميرزا يدعي النبوة , بل يدعي المحدثية , و كان يقول كل نبيّ محدث و ليس كل محدث نبيّ , و إن المحدث نبيّ بالقوة و ليس بالفعل كما في كتابه حمامة البشرى و بالتالي لا يقصد الميرزا لما قال في النص المذكور" المناصب الاربعة " فلم يقصد منصب الانبياء , بإعتبار احتمال مجيء الانبياء و يجب مصاحبتهم .ثانيا : الميرزا يشرح الدعاء باعتبار أن قائله و الداعي لتكراره هو الله تعالى , لانه من نص الفاتحة , و لكن تدخل الميرزا في الدعاء فقط ببيان من هم المنعم عليهم , فالله تعالى لمّا امر بالدعاء انما كان يقصد الانبياء من ضمن المنعم عليهم و هذا مراد الميرزا أي النبي سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام و لا يصح القول بانه كان يقصد أي الميرزا الانبياء الذين من الممكن بعثتهم بعد سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام .ثالثا : الشاهد من نص الميرزا هذا ان طلب هداية الصراط المستقيم لم يكن بان نكون من المنعم عليهم او ندعو بان يكون في الامة من الانبياء كما يقول صاحب التفسير الكبير بل فقط صحبتهم و مرافقتهم فنرى الطريق القويم الذي ساروا عليه فقتدي بمن انعم الله تعالى عليهم , و الصحبة هي الرفقة , التي وردت في آية النساء 69 .رابعا : قول الميرزا " و اطلبوا الفيض منهم " يدل على المعية و التبعية لهم و ليس ان نكون منهم , فكيف نطلب الفيض منهم و نحن منهم و مساوون لهم , و آية النساء الشاهد لا تمنع من ان نكون من الاصناف الثلاثة و لكن تطمئن من لم يستطع ان يكون منهم أنه سيكون معهم في الاخرة بطاعته لله و الرسول , و ان قيل : لماذا قلت الاصناف الثلاثة و لم تقل الاصناف الاربعة ؟ قلت: لان النبوة بالاجتباء و ليست بالعمل و الطاعة .خامسا : دعاء " اهدنا الصراط المستقيم " و ما بعده كما شرحه الميرزا الذي, هو دعاء لافادة الرفقة و الصحبة و طلب الفيض من المنعم عليهم في الدنيا , بينما آية النساء 69 " من يطع الله و الرسول " تصف الصحبة و المعية في الاخرة لمن لم يستطع ان يكون واحد من هؤلاء الاربعة , الاولى بالاستحالة و هي النبوة و الباقي بعدم الاستطاعة , فيطمئنهم الله تعالى بالرفقة و الصحبة و هذا واضح من تتبع اسباب نزول آية النساء 69 كما قال حضرة الشيخ منظور .][28] [ابراهيم بدوي : لم يذكر الشيخ موضع هذا النص في أي من كتب الميرزا ][29] الخزائن الروحانية 7/325[30] ماهنامه ريو يواف ريليجيس ج/3 /ابريل 1904 م بعنوان بركات الاسلام .[31] تفسير كبير [ يقصد الشيخ تفيسر مفاتيح الغيب للفخر الرازي] 3/181[32] تفسير كبير [ يقصد الشيخ تفيسر مفاتيح الغيب للفخر الرازي] 3/379[33] البحر المحيط للعلامة الاندلسي 3/187 طبعة بيروت .[34] البحر المحيط للعلامة الاندلسي 3/187 طبعة بيروت .[35] [ابراهيم بدوي : قد يقول القاديانيون : بل الأنبياء قبل الميرزا موجودون و بحسب القاعدة " عدم الذكر لا يعني عدم الوجود " فقد يكونون موجودين و غير معروفين , و هذا القول مردود من الميرزا نفسه حيث يقر الميرزا بضرورة الإعلان من المحدث عن نفسه كما أن النبيّ يجب الإعلان عن نفسه و ذلك في كتاب توضيح مرام ص 68 و69 يقول " و يأتي مأمورا مثل الأنبياء تماما . و يكون واجبا عليه مثل الأنبياء أن يعلن عن نفسه "انتهى النقل][36] البحر المحيط 3/187 [ ابراهيم بدوي : خطأ من النساخ , مطلوب التصحيح ][37] الخزائن الروحامية 3/353[38] [ابراهيم بدوي : سيقول القاديانيون أن الأنبياء المقصودون هنا ليسوا الأنبياء الظليين , بل الأنبياء التامين و المستقلين و هذا هو قصد الميرزا , فهو لا ينكر مجيء الأنبياء الظليين في هذه الأمّة , و الجواب عليهم أن الميرزا في هذه الفترة لم يكن يقر بالانبياء الظليين , بل بالمحدثية و ان المحدث نبي بالقوة و ليس بالفعل ][39] حمامة البشرى 82 و الخزائن الروحانية 7/301[40] الاستفتاء ضميمة حقيقة الوحي 22 ,في الخزائن الروحانية 22/643.[41] حقيقة الوحي 62 و الخزائن الروحانية 22/64.[42] [ابراهيم بدوي : سيقول القاديانيون أن الميرزا في هذا الزمن , أي زمن كتابة "البراهين الاحمدية" كان يقصد بالوحي الذي اوجب نزوله صفة "الرحمانية" هو وحي النبوة مثل القرآن الكريم و انه انقطع لعدم الضرورة إلى وحي جديد لاشتمال القرآن الكريم لما يلزم البشر كلهم , و لكن أيضا الميرزا لا ينكر في هذه الفترة استمرار وحي المكالمات و المخاطبات أي التحديثو في كتاب البراهين الأحمدية/1884 ج 1-4 ص 277
"و مع أن وحي الرسالة منقطع من ناحية لعدم ضرورته"إنتهى النقل.
و في كتاب "البراهين الأحمدية"/ من 1880 الى 1884 ج 1-4 ص 379
يقول الميرزا غلام أحمد الهندي القادياني :
" .ان الموجب الحقيقي لنزول الكتب السماوية هو الضرورة الحقة .. أي الظلمة التي تسود العالم و تقتضي نورا سماويا لينزل و يزيل الظلام .... فبالنظر إلى تلك الحالة المظلمة و ترحما على العباد الذين يعيشون فيها هاجت صفة الرحمانية , فتوجهت البركات السماوية إلى الأرض .فصارت تلك الحالة المظلمة مباركة للدنيا فنالت حظا من الرحمة العظيمة فجاء لهداية الدنيا الإنسان الكامل و سيد الرسل الذي لم و لن يولد مثله أبدا , و جاء للدنيا بكتاب منير لم ترى عين مثله."في كتاب "البراهين الأحمدية"/ من 1880 الى 1884 ج 1-4 ص 377 :
يقول الميرزا غلام أحمد الهندي القادياني في بيان مقتضيات صفة الرحمانية :
"و بيان ذلك أن نزول كلام الله المقدس في الدنيا و إطلاع العباد عليه إنما هو مقتضى صفة " الرحمن" "
و في كتاب توضيح مرام ص 68 و69
" و لو قدم عذر أن باب النبوة مسدود , و أن الوحي الذي ينزل على الأنبياء قد انقطع ؛ لقلت : لم يغلق باب النبوة من كل الوجوه و لم ينقطع كل أنواع الوحي ؛ بل أن باب الوحي و النبوة مفتوح جزئيا إلى الابد لهذه الأمة المرحومة"
في كتاب "حمامة البشرى"/1893 ص 170
" و كذلك جاز أن نقول أن المحدَّث نبيّ بناءا على استعداداه الباطني أعني أن المحدَّث نبيّ بالقوة , و كمالات النبوة جميعها مخفية مضمرة في التحديث و ما حبس ظهورها و خروجها إلى الفعل إلا سد باب النبوة . و الي ذلك اشار النبيّ عليه الصلاة و السلام في قوله " لو كان بعدي نبيّ لكان عمر"كما قال الميرزا " في ك البراهين ج 1- 4 ص 88 في معرض الإستدلال على صدق نبوة سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام " فكما يتبين من هذا الدليل أن سيدنا خاتم الأنبياء r نبيّ صادق .. كذلك أيضا يتبين أنه أفضل الأنبياء جميعا لأنه r واجه العالم كله . و المهمة التي وكلت إليه r كانت في الحقيقة جديرة بأنّ توكل إلى الف نبيّ أو ألفين . و لكن لما كان مقدرا عند الله أن يصبح بنو آدم قوما واحدا و قبيلة واحدة و تزول المغايرة من بينهم تماما , و أن تنتهي هذه السلسلة إلى الوحدة كما بدأت من الوحدة , فقد أرسل الهداية الأخيرة للعالم كله " إنتهى النقلفي كتاب "البراهين الأحمدية"/ من 1880 الى 1884 ج 1-4 ص 77
. أمّا القرآن الكريم فلا يحتاج أن يأتي بعده كتاب آخر , إذ لم تبق في الرفعة درجة أخرى بعد بلوغ القرآن الكريم درجة الكمال . و لو افترضنا جدلا أن مبادئ القرآن الكريم الحق أيضا ستحوَّل في زمن من الازمان إلى الشرك مثل الفيدا و الإنجيل , و سيتطرق التحريف و التبديل إلى تعليم التوحيد , و كذلك لو افترضنا جدلا إلى جانب ذلك أن ملايين المسلمين الثابتين على التوحيد أيضا سيسلكون طريق الشرك و عبادة المخلوق في زمن من الازمان , لوجب في هذه الحالة أن تنزل شريعة أخرى و يأتي رسول آخر . و لكن كلا هذين الامرين محال... و ما دام تطرق التحريف و التبديل إلى مبادئ القرآن الكريم الصادقة مستحيلا , أو كان استيلاء ظلمة الشرك و عبادة المخلوق على الخلق كله محال عقلا , استحال نزول شريعة جديدة و وحي جديد أيضا بموجب العقل , لأن ما استلزم محالا كان محالا بحد ذاته . و عليه فقد ثبت أن النبيّ r هو خاتم الرسل في الحقيقة .". إنتهى النقل.].[43] البراهين الاحمدية 312 , الخزائن الروحانية 1/398 [44] اليواقيت و الجواهر 1/ ص 164 – 165[45] الشفاء للقاضي عياض 2/ ص 246 – 247
رابط المقال في الفيسبوك لمتابعة التعليقات و المستجدات هو :https://goo.gl/1nJshdرابط المقال بالكامل في المدونة
http://ibrahimbadawy2014.blogspot.com.eg/2016/11/111.htmlالعبد الفقير الى مولاه
د.ابراهيم بدوي
15/11/2016