مقال 06: تفنيد الإدعاء بسوء فهم الأنبياء للوحي من ربهم ج 2 ( سيدنا محمد و ابن صياد )

مقال 06: تفنيد الإدعاء بسوء فهم الأنبياء للوحي من ربهم ج 2 ( سيدنا محمد و ابن صياد )

مقال 06: تفنيد الإدعاء بسوء فهم الأنبياء للوحي من ربهم ج 2 ( سيدنا محمد و ابن صياد )

تفنيد الإدعاء بسوء فهم الأنبياء للوحي من ربهم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد ...
يدعي القاديانيون (الأحمديون) الذين يؤمنون بأن هناك رسول هندي و الذي مات سنة 1908 م أتى بعد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم أنه قد حدث سوء فهم أو خلط لبعض الأنبياء في فهم الوحي إليهم من الله تعالى  أو في تأويل بعض الرؤيا التي يرونها باعتبار أن رؤيا الأنبياء حق و أنها من الله سبحانه و تعالى من أجل التغطية على خيبة نبيهم الكذاب .
و ذكروا أمثلة لذلك للأنبياء مثل سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم  في قصة الحديبية و قصة إبن صياد و سيدنا إبراهيم في رؤياه أنه يذبح إبنه إسماعيل و سيدنا نوح مع إبنه و سيدنا يوسف في رؤياه للكواكب و هكذا
.
و لبيان فساد هذه الإدعاءات ينبغي التفرقة بين ألفاظ عديدة حيث أن الخلط بينهم أدى إلى سوء الفهم .للقاديانيين .
هذه الألفاظ هي (العلم ) و (سوء أو عدم الفهم) و (الإجتهاد)
1- أمّا العلم فهو أن يعلم النبي أو الرسول علما يقينيا في مسألة معينة من الله سبحانه و تعالى بوحي أو برؤيا بحيث لا يكون هناك مجالا للظن أو الإجتهاد .
2- و أما الإجتهاد فهو أن تختار بين أمرين أو أكثر بحسب القدر المتاح لك من العلم .
أما في حالة الأنبياء فلا يصح لهم الإجتهاد طالما توفر لديهم العلم اليقيني من الله سواء بوحي أو رؤيا.و انما يجتهد في ما ليس فيه علم من الله سبحانه و تعالى , شأنهم شأن بقية البشر في الإجتهاد .
3- و أما سوء الفهم أو عدم الفهم فهو عدم إدراك النبي للمقصود من الوحي سواء بالوحي المباشر أو بالرؤيا
و في حالة الأنبياء لا يصح و لا يجب في حقهم أي سوء أو عدم فهم عن الله على الإطلاق لأن المسئول عن إيصال الوحي سواء وحي مباشر أو غير مباشر أو رؤيا هو الله سبحانه و تعالى فإذا حدث سوء فهم من النبيّ لمراد الله تعالى فإما أن الله تعالى – وحاشاه – قد عجز عن تفهيم النبيّ الرسالة التي يجب إبلاغها للبشر و من يعتقد ذلك كافر , و إما أن الله تعالى – وحاشاه – قد أساء إختيار النبيّ , و اختار نبيا غبيا لا يفهم كلام الله سبحانه و تعالى له و من يعتقد ذلك كافر أيضاً .

و أضيف أنه إذا كان من إيماننا أن الأنبياء معصومون في مسائل كثيرة و من ضمنها التبليغ عن الله تعالى , بل هو أول ما يستحق أن يوصف بالعصمة , فلا يقبل أن لا يكون معصوما في مسألة هي أصل وجوده و سبب إختياره من الله تعالى لإبلاغ الناس ما يراه الله تعالى واجب التبليغ لهم , فكيف يُتَصَوَر أن الأنبياء قد يفهمون وحي الله تعالى لهم بغير المراد من البلاغ سواء في الأمور الشرعية أو الأمور الغيبية المستقبلية , فمن قال من القاديانيين أن النبيّ قد لا يفهم الخبر الغيبي المستقبلي بحسب مراد الله تعالى و أنه يؤمن به على سبيل الإجمال و يترك التفصيل لعلم الله تعالى , قول لا أساس له من الصحة و لا يقوم عليه دليل معتبر إلا من الخيالات و الظنون , فلا يجب الإستدلال فيما يخص نزاهة الأنبياء و عصمتهم إلا بأعلى مستوى من الأدلة اليقينية القطعية سواء بالثبوت أو بالدلالة , لأن الإنباء بالغيب هو من أخص أدلة صدق النبيّ فلا بد من مطابقة وحي الأنبياء في الأمور الغيبية بما فُهِمَ منهم و كان متبادرا من كلامهم وقت الإبلاغ للناس بالنبوءة  بما يقع لإثبات صدق النبيّ و إلا فهو دجال  , و إذا كان في كلام النبيّ للناس ما يُحتمل فيه الإستعارة و المجاز و كان من المُحتمل أن يفهم الناس خلاف ذلك , فإن النبيّ يبادر بالتوضيح , كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم للمرأة العجوز ما معناه "لا يدخل الجنة عجوز " فلما بكت , عرف سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم أنها لم تفهم مقصوده فأسرع بالبيان لها , أن كل من في الجنة يعيده الله تعالى لشبابه فلا يكون فيها عجوز , و الأمثلة على ذلك كثيرة و سيأتي في حينه إن شاء الله تعالى .
و نعود إلى التهم الملقاة على المعصومين أنبياء الله سبحانه و تعالى

قصة ابن صياد
1- القصة باختصار أن هناك صبيا اسمه ابن صياد و الرسول صلى الله عليه و سلم  تصور بحسب العلم المتوفر لديه , ربما يكون ابن صياد هذا هو الدجال الذي سيتسبب في كفر الناس و فتنتهم لوجود بعض الصفات الجسدية و ما سمعه من الصحابة من تصرفاته الدجالية بإدعائه علم بعض الغيب , بل ابن صياد طالب الرسول صلى الله عليه و سلم بأن يؤمن به أي بابن صياد نبيا !!  ففيه مشابهة شديدة للدجال بحسب ما وصفه سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم لصحابته من صفات الدجال حسب وحي الله تعالى له .
2- و لكن ليست كل الصفات مطابقة , و أن ابن صياد لم يدعي الألوهية وقتها كما هو وارد في توصيف سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم للدجال في السابق من الأحاديث و بالتالي الرسول صلى الله عليه و سلم لم يكن عنده علم يقيني أهو الدجال المعهود أم لا !! و هذا يتضح من قوله في الحديث لعمر لما أراد عمر قتل ابن صياد "... إن يكن هو ..." و هذه الجملة متكررة في الأحاديث التي تخص إبن صياد بمعنى أن الرسول لم يكن متيقنا أنه هو الدجال المعهود  و لذلك كان متوقفا في أن يأخذ فيه قرار أنه هو الدجال المعهود أم لا , و بالتالي  منع عمر من قتله لهذا السبب .
3- و حتى لمّا أقسم عمر أمام الرسول صلى الله عليه و سلم  أن هذا الرجل هو الدجال توقف الرسول عن التأييد لقول عمر و كذلك لم ينكر قول عمر لأنه أي الرسول عليه الصلاة و السلام لم يكن يعرف إن كان هو الدجال الاكبر أم  لا .
4- سكوت سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام لم يكن اقرارا لعمر , بل النبي معصوم من الاقرار على الباطل سواء بالسكوت او بالتصريح , و كما قلت سابقا لم يكن يعلم النبي عليه الصلاة و السلام هل هذا الصبي سيكون الدجال الأكبر أم لا ؟ هو أحد الدجالين من حيث بعض الصفات المروية و التي تخص الدجال الأكبر و بالتالي لا يحق لأحد طالما لم يخرج مدعيا الألوهية أن يقترب منه .
5-  فهل التوقف لعدم العلم اليقيني يعتبر سوء فهم من الرسول  عليه الصلاة و السلام كما يدعي البعض أن الرسل قد لا يفهمون الوحي أو يأولون بعض الرؤيا المنامية التي هي من الوحي بشكل خاطئ  ؟
6- فكيف يقول الرسول "نعم هو الدجال" و لم يأته علم يقيني ؟ و كيف يقول "لا ليس هو" و فيه بعض الصفات الدجالية ؟ لذلك كان سكوت النبي توقفا عن إقرارباطل لا يعلم الحق فيه يقينا .

7- قصة ابن صياد مفيدة في أمر آخر و هو أن النبي  عليه الصلاة و السلام  لم يقل لعمر أو لغيره من الصحابة أن هذا الصبي ليس الدجال لأن الدجال هو مجموعة القساوسة و أن قتله سيكون بالأدلة و بالبراهين كما يدعي الميرزا الهندي , فبحث النبي عنه لما سمع بهذا الصبي و ذهابه ليراه في بيته و ليعرف حاله تدل على أن النبي يعتبر الدجال رجلا بالفعل و أن من سيقتله هو سيدنا عيسى عليه الصلاة و السلام بالفعل و ذلك لما قال عمر ": يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه . قال النبي صلى الله عليه وسلم :" إن يكنه فلن تسلط عليه" ، وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله " فقول النبيّ "إن يكنه فلن تسلط عليه" أفادت أن قاتله لن يكون عمر بل هو من أنبأ به سابقا و هو سيدنا عيسى , كما أن الجملة "إن يكنه "دلت على الشك في كونه الدجال أم لا ...
ابراهيم بدوي

‏09‏/08‏/2014

لا تنسى النص التالي :

يقول الميرزا غلام أحمد بخصوص الالهام للملهمين و من الذي له الحق في شرح معناه و تفسيره :

المعنى الصحيح للإلهام هو ذلك الذي يبينه الملهَم بنفسه، ولا يفوق شرح شخص آخر أو تفسيره قط المعنى الذي يبينه الملهَم بنفسه لأن الملهَم يكون مطلعا على كيفية إلهاماته الداخلية ويفسره مستمدا القوة الخاصة من الله - عز وجل .

أليس بيان الملهَم معنى إلهامه أو شرح المؤلف معتقدا ورد في تأليفه أوثق عند العقل من بيانات الناس الآخرين؟ بل يجب التأمل جيدا أنه إذا بيّن المؤلف أمرا غيبيا قبل الأوان وأعلن عن أمر بكل وضوح فهو المسؤول عن إلهامه وشرحه، والتدخلُ في أموره إنما هو كقول أحد بأن تأليفك لا يعني ذلك بل يعني كما فكرتُه أنا." انتهى النقل  
( اعلان رقم  43 بتاريخ 7/ 8/1887م من مجلد الاعلانات الاول للميرزا غلام ).