مقال 05: تفنيد الإدعاء بسوء فهم الأنبياء للوحي من ربهم ج 1 ( سيدنا محمد و الحديبية )

مقال 05: تفنيد الإدعاء بسوء فهم الأنبياء للوحي من ربهم ج 1 ( سيدنا محمد و الحديبية )

مقال 05: تفنيد الإدعاء بسوء فهم الأنبياء للوحي من ربهم ج 1 ( سيدنا محمد و الحديبية )

تفنيد الإدعاء بسوء فهم الأنبياء للوحي من ربهم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد ...
يدعي القاديانيون (الأحمديون) الذين يؤمنون بأن هناك رسول هندي و الذي مات سنة 1908 م أتى بعد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم أنه قد حدث سوء فهم أو خلط لبعض الأنبياء في فهم الوحي إليهم من الله تعالى  أو في تأويل بعض الرؤيا التي يرونها باعتبار أن رؤيا الأنبياء حق و أنها من الله سبحانه و تعالى من أجل التغطية على خيبة نبيهم الكذاب .
و ذكروا أمثلة لذلك للأنبياء مثل سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم  في قصة الحديبية و قصة إبن صياد و سيدنا إبراهيم في رؤياه أنه يذبح إبنه إسماعيل و سيدنا نوح مع إبنه و سيدنا يوسف في رؤياه للكواكب و هكذا
.
و لبيان فساد هذه الإدعاءات ينبغي التفرقة بين ألفاظ عديدة حيث أن الخلط بينهم أدى إلى سوء الفهم .للقاديانيين .
هذه الألفاظ هي (العلم ) و (سوء أو عدم الفهم) و (الإجتهاد)
1- أمّا العلم فهو أن يعلم النبي أو الرسول علما يقينيا في مسألة معينة من الله سبحانه و تعالى بوحي أو برؤيا بحيث لا يكون هناك مجالا للظن أو الإجتهاد .
2- و أما الإجتهاد فهو أن تختار بين أمرين أو أكثر بحسب القدر المتاح لك من العلم .
أما في حالة الأنبياء فلا يصح لهم الإجتهاد طالما توفر لديهم العلم اليقيني من الله سواء بوحي أو رؤيا.و انما يجتهد في ما ليس فيه علم من الله سبحانه و تعالى , شأنهم شأن بقية البشر في الإجتهاد .
3- و أما سوء الفهم أو عدم الفهم فهو عدم إدراك النبي للمقصود من الوحي سواء بالوحي المباشر أو بالرؤيا
و في حالة الأنبياء لا يصح و لا يجب في حقهم أي سوء أو عدم فهم عن الله على الإطلاق لأن المسئول عن إيصال الوحي سواء وحي مباشر أو غير مباشر أو رؤيا هو الله سبحانه و تعالى فإذا حدث سوء فهم من النبيّ لمراد الله تعالى فإما أن الله تعالى – وحاشاه – قد عجز عن تفهيم النبيّ الرسالة التي يجب إبلاغها للبشر و من يعتقد ذلك كافر , و إما أن الله تعالى – وحاشاه – قد أساء إختيار النبيّ , و اختار نبيا غبيا لا يفهم كلام الله سبحانه و تعالى له و من يعتقد ذلك كافر أيضاً .

و أضيف أنه إذا كان من إيماننا أن الأنبياء معصومون في مسائل كثيرة و من ضمنها التبليغ عن الله تعالى , بل هو أول ما يستحق أن يوصف بالعصمة , فلا يقبل أن لا يكون معصوما في مسألة هي أصل وجوده و سبب إختياره من الله تعالى لإبلاغ الناس ما يراه الله تعالى واجب التبليغ لهم , فكيف يُتَصَوَر أن الأنبياء قد يفهمون وحي الله تعالى لهم بغير المراد من البلاغ سواء في الأمور الشرعية أو الأمور الغيبية المستقبلية , فمن قال من القاديانيين أن النبيّ قد لا يفهم الخبر الغيبي المستقبلي بحسب مراد الله تعالى و أنه يؤمن به على سبيل الإجمال و يترك التفصيل لعلم الله تعالى , قول لا أساس له من الصحة و لا يقوم عليه دليل معتبر إلا من الخيالات و الظنون , فلا يجب الإستدلال فيما يخص نزاهة الأنبياء و عصمتهم إلا بأعلى مستوى من الأدلة اليقينية القطعية سواء بالثبوت أو بالدلالة , لأن الإنباء بالغيب هو من أخص أدلة صدق النبيّ فلا بد من مطابقة وحي الأنبياء في الأمور الغيبية بما فُهِمَ منهم و كان متبادرا من كلامهم وقت الإبلاغ للناس بالنبوءة  بما يقع لإثبات صدق النبيّ و إلا فهو دجال  , و إذا كان في كلام النبيّ للناس ما يُحتمل فيه الإستعارة و المجاز و كان من المُحتمل أن يفهم الناس خلاف ذلك , فإن النبيّ يبادر بالتوضيح , كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم للمرأة العجوز ما معناه "لا يدخل الجنة عجوز " فلما بكت , عرف سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم أنها لم تفهم مقصوده فأسرع بالبيان لها , أن كل من في الجنة يعيده الله تعالى لشبابه فلا يكون فيها عجوز , و الأمثلة على ذلك كثيرة و سيأتي في حينه إن شاء الله تعالى .
و نعود إلى التهم الملقاة على المعصومين أنبياء الله سبحانه و تعالى.

قصة الحديبية
1- القصة أن رسول الله سبحانه و تعالى رأى في المنام أنه يعتمر هو و أصحابه و لكن لم يتم تحديد موعد في الرؤيا للعمرة أهي في هذه السنة أم بعدها؟
لم يحدد الله سبحانه و تعالى له الموعد أي لا علم لرسول الله صلى الله عليه و سلم  عن الموعد فماذا كان يجب أن يفعل الرسول ؟ ماذا كنت أنت تفعل في مثل هذا الموقف ؟ سوف تبادر بالعمرة فإن تمت فقد صدّقت الرؤيا و إن لم تتم ماذا أنت فاعل ؟ سوف تبذل جهدك في أقرب فرصة أخرى لأداء العمرة إلى أن تتم العمرة كما رأيت في الرؤيا
.
2- لقد فعل الرسول صلى الله عليه و سلم  ذلك حيث بادر بالعمرة في عامه هذا و قد يتساءل البعض من أين عرفت أنه لم يتم تحديد وقت العمرة بالتحديد هذا العام أو غيره؟
3- أقول لقد رد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم  على هذا السؤال لمّا فَهِم عمر بن الخطاب أن العمرة في هذا العام.
4- لقد ذهب عمر يسأل الرسول "...قال: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله صلى الله سبحانه و تعالى عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقا؟ قال: (بلى). قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: (بلى). قلت: فلِمَ نُعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: (إني رسول الله ، ولست أعصيه [[ ابراهيم بدوي : و كأن سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم رأى أن تنفيذ الرؤيا من وقت ما رآها في المنام واجبة عليه سواء تمت في هذه السنة أم لا , فبادر بالتنفيذ و إلا اعتبر عاصيا لله سبحانه و تعالى ] ، وهو ناصري). قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال: (بلى، أفأخبرتك أنّا نأتيه العام؟) قال: قلت: لا، قال: (فإنك آتيه ومطوف به) [ ابراهيم بدوي : أي أن الرسول متيقن مما فهمه من الرؤيا و ليس بها أي احتمال للخطأ  و لا بد من حتمية وقوع الرؤيا باحداثها ,أما الميقات فلم يكن له وجود في الرؤيا , فاجتهد في تنفيذه في أقرب فرصة و إذا لم يتم الآن فحتما سيتم لاحقا و هكذا وعد سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم صاحبه عمر بن الخطاب ]. قال [أي عمر قال ]: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر، أليس هذا نبي الله حقا، قال بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلت: فلم نُعطَي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجل، إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه، فو الله إنه على الحق؟ قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به، قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به.""[ أي بعد ذلك] لحتمية تحقق الرؤيا كما رآها سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و هذا هو الفهم الصحيح من سيدنا ابي بكر رضي الله عنه و كان اكثر الصحابة فهما للقرآن و كلام سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم .
5- و هكذا يفند الرسول صلى الله عليه و سلم و أبو بكر فهم عمر في تحديد موعد العمرة هذا العام بسؤاله لعمر و هل أخبرتك أنها هذا العام ؟ و أجاب عمر بالنفي أي لم يخبره الرسول بذلك.

و بناء عليه :
أين تحديد زمن العمرة و إدعاء أن الرسول قد فهم الرؤيا بشكل خاطئ؟
الرسول ينفي و ابو بكر ينفي تحديد زمن العمرة و إنما فهم عمر هو الخطأ .
فالذي حدث أن الرسول لم يعلم بزمن العمرة بالتحديد من الله سبحانه و تعالى فلا لوم عليه بل بذل جهده ليكون في أول فرصة (و نبيهم الكذاب يقر بمبدأ وجوب سعي النبي و اصحابه لتحقيق النبوءات كما في كتابه حقيقة الوحي ص 176 )
فهل هناك خطأ في الفهم للرؤيا من سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم  في قصة الحديبية؟
د. ابراهيم بدوي
رابط المقال في صفحة الفيس بوك facebook لمتابعة التعليقات و اية اضافات للمقال لاحقا

https://www.facebook.com/ibrahim.badawy.98/posts/884351975028460

و
رابط المدونة العام 

http://ibrahimbadawy2014.blogspot.com

لا تنسى النص التالي :

يقول الميرزا غلام أحمد بخصوص الالهام للملهمين و من الذي له الحق في شرح معناه و تفسيره :

المعنى الصحيح للإلهام هو ذلك الذي يبينه الملهَم بنفسه، ولا يفوق شرح شخص آخر أو تفسيره قط المعنى الذي يبينه الملهَم بنفسه لأن الملهَم يكون مطلعا على كيفية إلهاماته الداخلية ويفسره مستمدا القوة الخاصة من الله - عز وجل .

أليس بيان الملهَم معنى إلهامه أو شرح المؤلف معتقدا ورد في تأليفه أوثق عند العقل من بيانات الناس الآخرين؟ بل يجب التأمل جيدا أنه إذا بيّن المؤلف أمرا غيبيا قبل الأوان وأعلن عن أمر بكل وضوح فهو المسؤول عن إلهامه وشرحه، والتدخلُ في أموره إنما هو كقول أحد بأن تأليفك لا يعني ذلك بل يعني كما فكرتُه أنا." انتهى النقل  
( اعلان رقم  43 بتاريخ 7/ 8/1887م من مجلد الاعلانات الاول للميرزا غلام ).