معجزة منطق الطير والهدهد والنملة
معجزة منطق الطير والهدهد والنملة
قال الله - العليم القدير - : { وَوَرِثَ سُلَيۡمَٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّيۡرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيۡءٍۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِينُ وَحُشِرَ لِسُلَيۡمَٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّيۡرِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوۡاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكٗا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِي بِرَحۡمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّٰلِحِينَ وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيۡرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَآ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ أَمۡ كَانَ مِنَ ٱلۡغَآئِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابٗا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ فَمَكَثَ غَيۡرَ بَعِيدٖ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ وَجِئۡتُكَ مِن سَبَإِۭ بِنَبَإٖ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدتُّ ٱمۡرَأَةٗ تَمۡلِكُهُمۡ وَأُوتِيَتۡ مِن كُلِّ شَيۡءٖ وَلَهَا عَرۡشٌ عَظِيمٞ وَجَدتُّهَا وَقَوۡمَهَا يَسۡجُدُونَ لِلشَّمۡسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمۡ لَا يَهۡتَدُونَ أَلَّاۤ يَسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٱذۡهَب بِّكِتَٰبِي هَٰذَا فَأَلۡقِهۡ إِلَيۡهِمۡ ثُمَّ تَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَٱنظُرۡ مَاذَا يَرۡجِعُونَ }. (النمل ١٦-٢٨).
تقول القاديانية : ليس المقصود من "الهدهد" الطير المعروف، بل رجل اسمه هدهد وكان أحد جنود سليمان.
والرد عليها بعد الحمد لله وحده :
أولا : كتاب الله في أكثر من موضع ذكر "الطيور" في قصة سليمان - عليه السلام -، ولم يقصد من ذلك سوى الكائنات الحية المعلومة :
{ وَوَرِثَ سُلَيۡمَٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّيۡرِ }.
{ وَحُشِرَ لِسُلَيۡمَٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّيۡرِ }.
{ وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيۡرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَآ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ }.
ثانيا : إن قول سليمان - عليه السلام - : ( عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّيۡرِ ). لهو دليل على أن سليمان علمه الله لغة الطيور، فلو كان "الهدهد" رجلا اسمه هدهد فإن معنى الكلام غير سليم، فلو قال أحدهم : ( يا أيها الناس إني أفهم لغة الرجال ) لضحك الناس منه وسخروا ! وحاشا لله أن يكون هذا حال نبيه سليمان، بينما قوله ( علمنا منطق الطير ) يدل على أنه أوتي شيئا عظيما وغير عادي.
وفي (لسان العرب) : " والمَنطِق: الكلام ".
ثالثا : أن - الرب - تبارك وتعالى ذكر لنا أن سليمان ورث داود - عليه السلام - الذي كان من شأنه : { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ }. (الأنبياء ٧٩). وقال " الله " أيضا في شأن " داود " : { وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَيۡدِۖ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرۡنَا ٱلۡجِبَالَ مَعَهُۥ يُسَبِّحۡنَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِشۡرَاقِ }. (ص ١٧-١٨).
رابعا : أن سليمان دعا ربه : { قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَهَبۡ لِي مُلۡكٗا لَّا يَنۢبَغِي لِأَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ }. (ص ٣٥). وكان من جملة ما وهبه الله، أنه علمه منطق الطير، كمعجزة من المعجزات.
ثم بعد الدعاء السابق مباشرة لسليمان - عليه السلام - ذكر - رب العزة - ما وهبه من معجزات :
الريح : { فَسَخَّرۡنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجۡرِي بِأَمۡرِهِۦ رُخَآءً حَيۡثُ أَصَابَ }. (ص ٣٦).
الشياطين : { وَٱلشَّيَٰطِينَ كُلَّ بَنَّآءٖ وَغَوَّاصٖ }. (ص ٣٧).
قالت القاديانية : ليس المقصود من "النملة" الحشرة المعروفة بل "إمرأة" أسمها " نملة " من قبيلة النمل.
والجواب بعد الشكر لله وحده :
أولا : إن الله ذكر قصة " النملة " في سورة سماها " النمل " وهذه السورة لم يرد فيها شيء عن النمل سوى قصة نملة سليمان، فلم يقصد - رب العزة - من النملة والنمل إلا الحشرة المعروفة، كما سمى - الرب - سورة أخرى باسم " النحل " ولم يقصد من " النحل " إلا الحشرة المعروفة فقال - سبحانه الحق - : { وَأَوۡحَىٰ رَبُّكَ إِلَى ٱلنَّحۡلِ أَنِ ٱتَّخِذِي مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُيُوتٗا وَمِنَ ٱلشَّجَرِ وَمِمَّا يَعۡرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ فَٱسۡلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلٗاۚ يَخۡرُجُ مِنۢ بُطُونِهَا شَرَابٞ مُّخۡتَلِفٌ أَلۡوَٰنُهُۥ فِيهِ شِفَآءٞ لِّلنَّاسِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ }. (النحل ٦٨-٦٩).
ثانيا : قال الله - تعالى - في النملة، أنها خاطبت النمل : { حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوۡاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ }. فسمى الواد باسم النمل وذكر النملة كحشرة مفردة وذكر النمل بصيغة الجمع، وكل هذا يدل على الحشرة المعلومة المعروفة.
ثالثا : قالت النملة مخاطبة النمل : { لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ }. فمن المعروف والمعقول أن البشر قد تدوس وتحطم نملة أو نملا دون أن تشعر، أما أن سليمان وجنوده يحطمون قبيلة من البشر دون أن يشعروا بذلك فهذا هو غير المعقول !
رابعا : أن مما يثبت باطل القاديانية في أن النملة امرأة اسمها " نملة " أن النملة خاطبت النمل قائلة : { يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ }. ولو كانوا بشرا لقالت : ( يا أيها الناس ) فلو فرضنا أن هناك قبيلة اسمها " النحل " وخاطب أحدهم القبيلة فلن يقول : ( يا أيها النحل ) بل سيقول : ( يا أيها الناس ) أو ( يا قوم ) وما شابه ذلك.
خامسا : روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " خَرَج نَبِيٌّ منَ الأنبِياءِ يَستَسقي، فإذا هو بنَملةٍ رافِعةٍ بَعضَ قَوائمِها إلى السَّماءِ، فقالَ: ارجِعوا فقدِ استُجيبَ لَكُم من أجلِ شَأنِ النَّملةِ". (مستدرك الحاكم).
ذكر هذا الحديث شأن النملة، والقوائم : لا تطلق على البشر بل الحشرات والدواب، ولو كانت النملة هنا إمرأة لقال رافعة يديها.
وقد يقال : هل الطيور والحيوانات والحشرات تخاطب بعضها ؟!
والجواب بعد الشكر لله والحمد لله :
قال الله - الخالق الخلاق - : { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }. (الأنعام ٣٨).
أولا : ما أخبرنا به - الحق العليم - في شأن الهدهد والنملة دليل أن لها منطق وخطاب ولغة لا نفقهها.
ثانيا : جاءت النصوص في إثبات أنها تسبح خالقها - سبحانه - :
من ذلك بشكل عام : { تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا }. (الإسراء ٤٤). وذكر - رب العزة - أننا لا نفقه تسبيحهم.
ومن ذلك تسبيح الطير : { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ }. (الأنبياء ٧٩).
ومن ذلك تسبيح النمل : قال النبي - عليه الصلاة والسلام - : " قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ ؟ ". (البخاري).
ثالثا : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها تدعو خالقها - سبحانه - فمن ذلك الحديث السابق : " خَرَج نَبِيٌّ منَ الأنبِياءِ يَستَسقي، فإذا هو بنَملةٍ رافِعةٍ بَعضَ قَوائمِها إلى السَّماءِ، فقالَ: ارجِعوا فقدِ استُجيبَ لَكُم من أجلِ شَأنِ النَّملةِ". (مستدرك الحاكم).
وقال - عليه الصلاة والسلام - : " إِنَّ اللَّهَ، وَمَلَائِكَتَهُ، وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرَضِينَ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ ؛ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ". (الترمذي).
رابعا : إن ملاحظات الإنسان للطيور والدواب والحيوانات وكذلك الأبحاث الحديثة تثبت أن هناك لغة خطاب بينها.
بل أكثر من ذلك ! جاءت النصوص في مخاطبة الحيوانات والدواب للإنسان بلغته، في إعجاز خارق للعادة :
فمن ذلك إحدى علامات الساعة وهي الدابة : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ }. (النمل ٨٢).
ومن ذلك حديث تميم الداري - رضي الله عنه - الذي قصه على النبي - صلى الله عليه وسلم - : " فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقَالُوا : وَيْلَكِ، مَا أَنْتِ ؟ فَقَالَتْ : أَنَا الْجَسَّاسَةُ . قَالُوا : وَمَا الْجَسَّاسَةُ ؟ قَالَتْ : أَيُّهَا الْقَوْمُ، انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ ". (مسلم).
ومن ذلك قصة البقرة والذئب : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : " بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً، إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا، فَقَالَتْ : إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ ". فَقَالَ النَّاسُ : سُبْحَانَ اللَّهِ، بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ ؟ فَقَالَ : " فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ " وَمَا هُمَا ثَمَّ " وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ، فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ : هَذَا اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي، فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ ؟ يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي ". فَقَالَ النَّاسُ : سُبْحَانَ اللَّهِ، ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ ؟ قَالَ : " فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ". وَمَا هُمَا ثَمَّ. (البخاري).
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : " عَدَا الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ فَأَخَذَهَا، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي، فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ، فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ، قَالَ : أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ ؟ تَنْزِعُ مِنِّي رِزْقًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ ؟ فَقَالَ : يَا عَجَبِي، ذِئْبٌ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ يُكَلِّمُنِي كَلَامَ الْإِنْسِ. فَقَالَ الذِّئْبُ : أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ ؟ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَثْرِبَ، يُخْبِرُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ. قَالَ : فَأَقْبَلَ الرَّاعِي يَسُوقُ غَنَمَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَزَوَاهَا إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُودِيَ : الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لِلرَّاعِي : " أَخْبِرْهُمْ ". فَأَخْبَرَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صَدَقَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُكَلِّمَ السِّبَاعُ الْإِنْسَ، وَيُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ وَشِرَاكُ نَعْلِهِ، وَيُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ ". (مسند أحمد).
وقال - صلى الله عليه وسلم - : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُكَلِّمَ السِّبَاعُ الْإِنْسَ، وَحَتَّى تُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ وَشِرَاكُ نَعْلِهِ، وَتُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ مِنْ بَعْدِهِ ". (الترمذي).
فإن قيل : كيف تسبح الجبال وهي جماد !
والجواب : كيف ! العلم عند الله لا نعرف الكيفية، لكن بما أن الله أخبرنا، فنؤمن ونصدق بما قال هو - أصدق الصادقين - ثم لماذا العجب ونحن نقرأ قول الله - تعالى - : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ۖ قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }. (فصلت ١٩-٢١).
أتعجب من إنطاق الله للجمادات - وهو على ما يشاء قدير -، والبشر اليوم قدروا على جعل الجمادات تصدر أصواتا كالراديو، والتلفزيون، والآلات التي تصدر صوتا وتخاطب البشر وغير ذلك…، هي في النهاية جمادات.
واذكر قصة أن رجلا رأى التلفاز لأول مرة قبل ٦٠ عاما، فقال متعجبا : ما هذا الصندوق الذي في داخله رجل يتكلم ؟!
العجيب والأعجب هو هذا : أنه في زمن العلم، والصناعة، والقدرات المادية، يشكك فيها بالله وقدرته وآياته !!! هذا مع العلم أن ما يصنعه البشر وما يعلمون، مقدر ومكتوب، هم وما يعملون مخلوقون : { وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }. (الصافات ٩٦).
وأخيرا : القادياني يسمع صوت الملائكة والحيوانات والنباتات والجمادات : " كذلك توهب أذنه قوة لسماع المغيبيات، ففي كثير من الأحيان، يسمع صوت الملائكة ويطمئن بسماعه في حالات الإضطراب، والأغرب من ذلك أن يتناهى إليه صوت الجمادات، والنباتات والحيوانات أيضا ". (حقيقة الوحي ٢٤).
في وحي للقادياني (التذكرة ٦٣٦) كانون الأول ١٩٠٥م جاء فيه : " يا جبال أوبي معه والطير ". ثم شرح القادياني هذا الوحي : " أيها الجبال والطير اذكروني مع عبدي بوجدٍ ورقةٍ ".
نقول كما يقول القاديانيون : معقول ؟! هل يعقل هذا ؟!
وهذا بشير الدين محمود ابن القادياني الذي يتبنى التفسير العقلاني - وما هو عقلاني - يحدثنا عن قصة عقلانية للغاية :
" لقد مررت شخصيا بتجربة غريبة. كانت عندي بندقية هوائية في أثناء السفر إلى لاهور… فاصطدت حمامة، وعندما حملتها لذبحها رأيت أن هناك عقدة قرب بطنها عقدت بغصن شجرة. وحين فككتها علمت أنها أصيبت بجرح، وخاطته كما يخيط الجراح جرحا. يبدو أنها خاطته بمنقارها أو حمامة أخرى خاطته لها ". (السياحة الروحانية ٦٨١).
هذا الذي يتبنى التفسير العقلاني - وتأخذ القاديانية منه التفسيرات - يقدم لنا تفسيرا متخلفا وغبيا لقصة جرح الحمامة، مع أن طفل صغير يستنتج من ذلك - إن صدق في القصة - أن إنسانا أو طبيبا صنع ذلك ثم أطلق الحمامة، أما صاحب التفسير العقلاني فيقول لنا : أن من فعل ذلك الحمامة نفسها أو حمامة أخرى !
هذا والله أعلم والحمد لله رب العالمين.
كتبه : أبو عبيدة العجاوي