معجزة عصا موسى واليد البيضاء
معجزة عصا موسى واليد البيضاء
الكاتب: أبو عبيدة العجاوي.
{ وَمَا تِلۡكَ بِيَمِينِكَ يَٰمُوسَىٰ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّؤُاْ عَلَيۡهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَـَٔارِبُ أُخۡرَىٰ قَالَ أَلۡقِهَا يَٰمُوسَىٰ فَأَلۡقَىٰهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٞ تَسۡعَىٰ قَالَ خُذۡهَا وَلَا تَخَفۡۖ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلۡأُولَىٰ }. (طه ١٧-٢١).
{ فَأَلۡقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِیَ ثُعۡبَانࣱ مُّبِینࣱ }. (الأعراف ١٠٧).
{ وَٱضۡمُمۡ یَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخۡرُجۡ بَیۡضَاۤءَ مِنۡ غَیۡرِ سُوۤءٍ ءَایَةً أُخۡرَىٰ }. (طه ٢٢).
{ وَنَزَعَ یَدَهُۥ فَإِذَا هِیَ بَیۡضَاۤءُ لِلنَّـٰظِرِینَ }. (الأعراف ١٠٨).
قال بشير الدين محمود ابن القادياني : وليكن معلوما هنا أن تحول عصا موسى عليه السلام إلى ثعبان مبين ورؤية الناس يده مضيئة نيرة إنما هو من قبيل الكشوف التي أشرك الله فيها فرعون وأصحابه أيضا. وهذا من الحقائق الثابتة المسلم بها، وتوجد نظائرها بكثرة في تاريخ الأنبياء والأولياء حيث يوسع الله تعالى نطاق مشاهد الكشوف أحيانا فيراها غيرهم أيضا.
والرد عليه بعد سبحان الله والعياذ بالله :
أولا : القاديانية أخذت من الصوفية الكشوف، ثم جعلتها في تفسير آيات الله المعجزة الخارقة، كوسيلة تحريف لظاهر نص المعجزات.
ثانيا : حتى هذا الكشف الذي تزعمه القاديانية في المعجزات، لا يمكن القول أنه شيء طبيعي معتاد، خاصة كما تقول : كشفا أشرك الله فيه فرعون وأصحابه أيضا. وهذا التفسير محاولة فاشلة ككل محاولات القاديانية في إنكار المعجزات وتحريفها.
ثالثا : إن من يستدلون على الكشوف بقصة يا سارية الجبل لعمر - رضي الله عنه - : " عن ابنِ عمرَ قال وجَّهَ عمرُ جيشًا ورأَّسَ عليهم رجلًا يُدعى ساريةَ فبينا عمرُ يخطبُ جعل يُنادي يا ساريةُ الجبلَ ثلاثًا ثم قدم رسولُ الجيشِ فسألَه عمرُ فقال يا أميرَ المؤمنين هُزمنا فبينا نحن كذلك إذ سمعنا صوتًا يُنادي يا ساريةُ الجبلَ ثلاثًا فأسندنا ظهْرَنا إلى الجبلِ فهزمَهُمُ اللهُ تعالى قال قيل لعمرَ إنك كنتَ تصيحُ بذلك ". (الإصابة لابن حجر).
إن صح تسمية ذلك -كشفا- والعلم عند الله، فهذه القصة لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ليست شيئا طبيعيا عاديا، قصة مثل هذه، إما معجزة لنبي، أو كرامة لولي، وهذا من تناقض القاديانية في اعتبارها الكشوف شيئا عاديا.
رابعا : إن محاولة ابن القادياني بشير الدين تفسير العصا واليد البيضاء من عالم الإعجاز إلى الطبيعي والمعتاد، بالإضافة للتناقض، يبطله قول القادياني في القصة المعروفة للحبر الأحمر كما جاء في (التذكرة ١٢٥) ١٠/٧/١٨٨٥م :
" أتذكر أنني رأيت ذات مرة في عالم الكشف أني كتبتُ بيـدي بعض الأحـكام من القضاء والقدر باعتبار أن هذا ما سيقـع في المستقـبل، ثم عرضتُها على الله القدير جلّ شأنه ليوقّع عليها (علمًا أنه يحدث في المكاشفات والرؤى الصالحة في أحيان كثيرة أن بعض الصفات الإلهية الجمالية أو الجلالية تتمثّل لصاحب الكشف على صورة إنسان، فيظنّ على سبيل المجاز أنه الله القادرُ المطلَقُ القدرةِ. وهذا الأمر شائع ومتعارف ومعلوم الحقيقة عند ذوي الخبرة بعالم الكشف، ولا يسع أحدًا منهم إنكاره). باختصار، إن تلك الصفة الإلهية الجماليّة بدتْ في الكشف لقوّتي المتخيلة على أنها الله تعالى المطلق القدرة، فعرضتُ كتابَ القضاء والقدر على الله الذي ليس كمثله شيء، حيث كان متمثلاً على صورة حاكم، فغمَس قلمه في المحبرة ذات الحبر الأحمر ورَشَّ الحبر إلي أولاً، ثم وقّع على ذلك الكتاب بما تبقى برأس القلم من الحبر. وعندها زالت عني الحالة الكشفية، وفتحت عيني ونظرت إلى ما حولي، رأيت قطرات الحبر الأحمر تقع على ثيابي نديّةً. وقد وقعت قطرتان أو ثلاث من ذلك الحبر على طربوش شخص باسم عبد الله القاطن في "سنور" بولاية "بتياله" حيث كان عندها جالسًا بالقرب مني. فذلك الحبر الأحمر الذي كان أمرًا كشفيًا قد تجسّد وصار مرئيًا. وهناك مكاشفات أخرى عديدة قد شاهدتها غير أن ذكرها يسبّب الإطالة ".
فالمفروض عندما تزول الحالة الكشفية - حسب فهم القاديانية - أن لا يكون هناك أثر "للحبر الأحمر" وكنا نقول للقاديانيين القادياني يقول رأيت كذا وكذا… فكانوا يقولون هذا كشف، وما رآه ليس في عالم الواقع والدنيا.
وقول القادياني : " أني كتبتُ بيـدي بعض الأحـكام من القضاء والقدر باعتبار أن هذا ما سيقـع في المستقـبل، ثم عرضتُها على الله القدير جلّ شأنه ليوقّع عليها ". وهذا الكلام للقادياني عند عرضه على كتاب الله هو مخالف لقول الله الملك المقدر والمدبر { وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا }. (الكهف ٢٦).
قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير الآية : " أي : أنه تعالى هو الذي له الخلق والأمر ، الذي لا معقب لحكمه ، وليس له وزير ولا نصير ولا شريك ولا مشير ، تعالى وتقدس ".
فبالتالي : القادياني كذاب، أو أن هذا الكشف له لا علاقة له بالله سبحانه والعياذ بالله.
ولو أجابت القاديانية على ما أطرحه هنا : هذا كشف وليس حقيقة.
فهذا لا يفيد : لأنه يعتبر عبثا لا فائدة منه.
هذا مع العلم : أن هذا الكشف المزعوم لو أخذناه مجردا، ليس من ورائه أي فائدة، إلا أن القادياني يأتي بالعجائب.
خامسا : كلام القادياني التالي ينسف تفسير ابنه بشير الدين :
يقول القادياني : " وان مثل طير عيسى كمثل عصا موسى، ظهرت كحية تسعى ولكن ما تركت للدوام سيرته الأولى ". (حمامة البشرى ١٨٨).
ويقول القادياني : " لذلك فإن عصا موسى بقيت عصا مع أنها تحولت إلى ثعبان مرارا. وإن طيور عيسى -مع أن طيرانها على سبيل المعجزة ثابت من القرآن الكريم- بقيت جينا على أية حال. ولم يقل الله تعالى مطلقا بأنها صارت حية أيضا ". (مرآة كمالات الإسلام ٦٣).
كان باستطاعة القادياني أن يقول : هذه كشوف.
لماذا نقول هذا ؟ : لأننا نعلم أن القاديانية والعياذ بالله السميع البصير - احتراف تحريف - لو عرضنا أقوال القادياني السابقة على القاديانية ستقول : إنما قصد أنها كشوف !.
نقول : لماذا لم يقل ذلك !؟
هذا مع علمنا أنه يقول كلاما في كل واد، ويناقض نفسه بنفسه، وكلامه يفسد بعضه بعضا، والعياذ بالله رب السماوات والأرض.
سادسا : ثم هذه القاديانية التي تؤكد على قضية الاشتراك في الكشوف مع الأعداء، وأنها حقائق مسلم بها، وثابتة ! القادياني كان له أعداء كثر، فلم نسمع أنه أشرك خصومه في كشوفه !
سابعا : تفسير ابن القادياني يتضح بطلانه في اليد البيضاء في قول - الحق - سبحانه : { وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَىٰ }. (طه ٢٢). فلو أن الأمر كشفا ! فإن هذا لا يستدعي أن يقال : { بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ }. كالمرض، والبرص، والأذى، نعوذ بالله العفو المعافي، ونسأله العافية والمعافاة.
ثامنا : من الأمور البارزة في قصة موسى - عليه السلام - السحر الذي تنكره القاديانية فتقول أنه مجرد خداع ولا حقيقة له، مخالفة للكتاب، والسنة، والواقع المعلوم لدى كثير من الناس.
كيف لا يكون لا حقيقة له ومجرد خداع ! والله تعالى يقول : { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ }.
وهذا الوعيد الشديد في الحديث : " اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ". قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : " الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ ". (البخاري).
والعياذ بالله يأتي السحر بعد الشرك بالله مباشرة، كأحد أكبر الكبائر المهلكات - والعياذ بالله - ولو كان مجرد خداع، لكن بعد قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وبعد الربا وو…
جاء في الرواية ١٦٠ في كتاب (سيرة المهدي) لابن القادياني بشير أحمد يقول :
" أخبرني ميان عبد الله السنوري أنه عندما لم يبق إلا يوم واحد للمدة المضروبة لتحقق النبؤة الخاصة بـ"آتهم" طلب -القادياني- مني ومن حامد علي أن نأخذ عددًا محددا من حبات الحمص( لم أعد أذكر عدد الحبات التي حددها حضرته ) وطلب منا أن نقرأ على تلك الحبات سورة معينة لعدد معين ( ولا أذكر عدد المرات التي حددها ) .وقد أخبرني ميان عبد الله قائلاً : لا أذكر إسم السورة لكنني أذكر أنها كانت من قصار السور مثل ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل). لقد استغرق إكمال ذلك الوِرد معظم الليل. وبعد إتمامها أخذنا تلك الحبات إلى حضرته حيث أمرنا أن نأتي بتلك الحبات إليه فور إكمال الورد .وبعد ذلك قادنا حضرته إلى خارج قاديان, وأظنه أخذنا باتجاه الشمال,وأمرنا بإلقاء تلك الحبات في بئر مهجورة .ثم قال :"ينبغي أن نعود مسرعين و أن لا نلتفت إلى الخلف بعد أن أرمي تلك الحبات في البئر المهجورة" .وفعلاً قام حضرته بإلقاء تلك الحبات في البئر المهجورة ثم أدار وجهه بسرعة وعاد مسرعًا ,وعدنا نحن أيضا معه بسرعة دون أن يلتفت أي منا إلا الوراء.( لقد ورد شرحُ ما ذُكر من قراءة الورد على هذه الحبات ثم إلقائها في بئر مهجورة في الرواية رقم:٣١٢ في الجزء الثاني من هذا الكتاب,حيث ذكر في رواية بير سراج الحق أن حضرته طلب هذا العمل من أجل تحقيق ظاهري لرؤيا أحد الإخوة ,وإلا فإن مثل هذا الفعل خلاف لسنته وما اعتاد عليه قط.وكان لهذه الرؤيا معاني خاصة ظاهرية وتحققت في وقتها) ".
وقصة مثل هذه تدل أن القادياني إما والعياذ بالله.
وإما أن القادياني يريد إبطال سحر ما.
مع أنني أميل للاحتمال الأول والعلم عند الله.
القادياني يقول بحقيقة السحر بل ويثبت تفسير - أصحاب الفهم التقليدي - يقول القادياني : " إنني استغرب بشدة كيف تأثرت بكتابات مثل هذا الشخص. إن هؤلاء القوم سباقون على السحرة الذين حولوا الحبال إلى ثعابين أمام النبي موسى - عليه السلام - ولكن لما كان موسى نبي الله فقد ابتلعت عصاه تلك الثعابين كلها ". (ينبوع المسيحية ١٥٧).
بل القادياني في النص الذي ذكرناه ! يثبت تحول حبال السحرة إلى ثعابين، مع أن المسألة هي أن السحرة سحروا أعين الناس، ولم تتحول الحبال إلى ثعابين كما قال تعالى : { فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ }. (الأعراف ١١٦).
ويقول القادياني مثبتا السحر : " وكأن آلام ذلك العاشق وتأوهاته التي يوجهها ليل نهار تعمل في الحبيب عمل السحر ". (مذهب سناتن ٢٠٤).
والعلم عند الله.
والحمد لله رب العالمين.