معجزة طير عيسى عليه السلام
معجزة طير عيسى عليه السلام
كتبه : أبو عبيدة العجاوي.
{ إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِى عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَٰلِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَىٰةَ وَٱلْإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيْـَٔةِ ٱلطَّيْرِ بِإِذْنِى فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِى وَتُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ بِإِذْنِى وَإِذْ تُخْرِجُ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِى وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَآ إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ }. (المائدة ١١٠).
{ وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ أَنِّى قَدْ جِئْتُكُم بِـَٔايَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّىٓ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْـَٔةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ وَأُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }. (آل عمران ٤٩).
يقول ابن القادياني :
أن الله وحده متفرد بالخلق، أما تلك الفكرة السخيفة التي بمقتضاها يقال إن صفة الخلق التي تفرد بها الله وحده يمكن أن يُفوّضها سبحانه إلى غيره مؤقتا، فإن القرآن المجيد يرفضها بالمرة.
وإذا تنبهنا إلى المعنى المجازي لكلمة (الطين) فإن قوله تعالى (وَأَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَصِيرُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ) يعني أنه إذا اتصل بالمسيح شخص عادي وضيع النشأة، ولكنه يمتلك القدرة الفطرية على النمو والارتقاء، وقَبِلَ رسالته، فإن حياته تتحول تحولا كاملا، من رجل يتمرّغ في الوحل، ولا يرى ما وراء اهتماماته الدنيوية وحاجاته المادية، فإذا به يتشكل طيرا محلقا في أجواء السماوات الروحانية. وهذا هو عين ما حدث. إن جماعة الصيادين في منطقة الجليل الذين كانوا موطئ الاحتقار لوضاعتهم، استحالوا إلى طيور محلقة، بفضل الدّفعات الكريمة في تعاليم سيدهم، وأصبحوا هم أنفسهم معلمين ربانيين يرشدون بني إسرائيل، ويتحملون كل أنواع العذاب والأذى، ويقدمون التضحيات التي يزدان بها تاريخ أية أمة.
ويمكن أيضا فهم معجزة خلق الطير بشكل آخر. لقد كان القوم في عهد عيسى مغرمون بممارسة العلوم الغامضة الخفية كقوة التأثير في الناس وما أشبه. ومن المحتمل أن يكون الله تعالى قد أعطاه مثل هذه القدرة ليؤثر على الناس بما يجعلهم يصدّقون به ويؤمنون برسالته. وفي هذه الحالة تكون الآية أن عيسى صنع نماذج صغيرة من الطين على هيئة الطير، ثم أثر على الموجودين بالقدرة الخاصة التي وهبه الله تعالى إياها، بحيث بدت لهم تلك النماذج طيورا تحلق في الجو. ولكنها لم تتحول إلى طير حقيقي، فما أن يضيع التأثير حتى تبدو كتلا من الطين مرة أخرى. وهذه المعجزة العيسوية تشبه معجزة العصا الموسوية، حيث بدت عصا موسى للحاضرين كأنها ثعبان حقيقي، ولكنها لم تكن كذلك في حقيقة الأمر. ومهما كانت دلالة الآية، فإن عيسى عليه السلام قد قام بها (بِإِذْنِ اللهِ) ولا يملك عيسى مقدرة على الخلق.
والرد عليه :
١- المسلمون يثبتون : { لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَۖ خَـٰلِقُ كُلِّ شَیۡءࣲ }. (الأنعام ١٠٢)، ولا يقولون كما كذب ابن القادياني : إن صفة الخلق التي تفرد بها الله وحده يمكن أن يُفوّضها سبحانه إلى غيره مؤقتا.
٢- قال الله : { وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيْـَٔةِ ٱلطَّيْرِ بِإِذْنِى فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِى }. وهذا النفخ جاء أيضا في شأن ولادة عيسى - عليه السلام - :
{ وَٱلَّتِیۤ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِیهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلۡنَـٰهَا وَٱبۡنَهَاۤ ءَایَةࣰ لِّلۡعَـٰلَمِینَ }. (الأنبياء ٩١).
{ وَمَرۡیَمَ ٱبۡنَتَ عِمۡرَ ٰنَ ٱلَّتِیۤ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِیهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتۡ بِكَلِمَـٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَتۡ مِنَ ٱلۡقَـٰنِتِینَ }. (التحريم ١٢).
{ فَٱتَّخَذَتۡ مِن دُونِهِمۡ حِجَابٗا فَأَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرٗا سَوِيّٗا قَالَتۡ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّٗا قَالَ إِنَّمَآ أَنَا۠ رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَٰمٗا زَكِيّٗا }. (مريم ١٦-١٩).
فالذي يثبت ذلك بحق عيسى - عليه السلام - كآية من آيات الله المعجزة ! المفروض أن يثبته في شأن طير عيسى ! وهذا من تناقض القاديانية.
٣- أن - رب العزة والجلال - أثبت "إذنه" في غير الخوارق مثل قوله :
{ وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ كِتَـٰبࣰا مُّؤَجَّلࣰاۗ }. (آل عمران ١٤٥).
{ مَا قَطَعۡتُم مِّن لِّینَةٍ أَوۡ تَرَكۡتُمُوهَا قَاۤىِٕمَةً عَلَىٰۤ أُصُولِهَا فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَلِیُخۡزِیَ ٱلۡفَـٰسِقِینَ }. (الحشر ٥).
فلا يكون شيء في ملك الله « الملك » إلا بإذنه.
ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
٤- المسلمون لم يقولوا أن الله فوض صفة الخلق لعيسى - عليه السلام - مؤقتا. - عياذا بالله الخالق الخلاق - بل إن خلق الطير كان "باذن الله" والخالق الحقيقي هو الله وحده، وما كان من عيسى من "طين ونفخ" هو سعي أمره الله به، بدليل : لو سعى أحد الناس بسعي مثل سعي عيسى - عليه السلام - فلن يكون الطين طيرا لأن "إذن الله" غير كائن في هذه الحالة، وقال - رب العظمة والكبرياء - : { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن یَأۡتِیَ بِـَٔایَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ }. (غافر ٧٨).
٥- إن القاديانية تفسر كثير من النصوص على سبيل المجاز، فلماذا لا تفسر نسبة خلق الطير لعيسى - عليه السلام - على سبيل المجاز، وأن الخالق الحقيقي هو الله وحده، بدلا من تكلفها في تحريفات - نعوذ بالله منها - !!!
وها هو القادياني يبطل تفسير ابنه :
" وان مثل طير كمثل عصا موسى، ظهرت كحية تسعى ولكن ما تركت للدوام سيرته الأولى ". (حمامة البشرى ١٨٨).
" لذلك فإن عصا موسى بقيت عصا مع أنها تحولت إلى ثعبان مرارا. وإن طيور عيسى -مع أن طيرانها على سبيل المعجزة ثابت من القرآن الكريم- بقيت طينا على أية حال. ولم يقل الله تعالى مطلقا بأنها صارت حية أيضا ". (مرآة كمالات الإسلام ٦٣).
القادياني يثبت تحول العصا إلى حية، ويثبت تحول الطين إلى طير، إلا أنه يقول : أن العصا والطير كانا يعودان للسيرة الأولى.
وفي قول آخر للقادياني والعياذ بالله : " فلا غرابة أن يعلم الله المسيح عليه السلام من الناحية العقلية أن ألعوبة من الطين يمكن أن تطير أو تمشي بأقدامها مثل طير حي بالضغط على زر أو النفخ فيها ". (إزالة الأوهام ٢٦٨).
وفي هذا النص :
-ناقض القادياني قوله السابق.
-وناقض القادياني تفسير ابنه بشير الدين.
وفي نص آخر للقادياني : " المراد من الطيور الطينية أناس أميون محدودوا الفهم اتخذهم عيسى رفقاء له، أي اتخذهم في صحبته، وجعل فيهم صفات الطيور، ثم نفخ فيهم روح الهداية، فأصبحوا يطيرون ". (إزالة الأوهام ٢٦٨).
والعياذ بالله لا نقول إلا هذه هي السفاهة في تفسير النصوص، أو شرور أقوال بعض البشر لنص مقدس موحى به من رب السماوات والأرض.
ونعوذ بالله من الجرأة على كلامه ومراده.
بسم الله نعوذ بالله من نقل كلام الكفر.
وبسم الله ونعوذ به من نقل كلام الكفار.