معجزة طوفان نوح

معجزة طوفان نوح

معجزة طوفان نوح


الكاتب: أبو عبيدة العجاوي

{ وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَئِسۡ بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا وَوَحۡيِنَا وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ وَيَصۡنَعُ ٱلۡفُلۡكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيۡهِ مَلَأٞ مِّن قَوۡمِهِۦ سَخِرُواْ مِنۡهُۚ قَالَ إِن تَسۡخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسۡخَرُ مِنكُمۡ كَمَا تَسۡخَرُونَ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن يَأۡتِيهِ عَذَابٞ يُخۡزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيۡهِ عَذَابٞ مُّقِيمٌ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَ أَمۡرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلۡنَا ٱحۡمِلۡ فِيهَا مِن كُلّٖ زَوۡجَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِ وَأَهۡلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيۡهِ ٱلۡقَوۡلُ وَمَنۡ ءَامَنَۚ وَمَآ ءَامَنَ مَعَهُۥٓ إِلَّا قَلِيلٞ وَقَالَ ٱرۡكَبُواْ فِيهَا بِسۡمِ ٱللَّهِ مَجۡر۪ىٰهَا وَمُرۡسَىٰهَآۚ إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡجٖ كَٱلۡجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِلٖ يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ قَالَ سَـَٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَلٖ يَعۡصِمُنِي مِنَ ٱلۡمَآءِۚ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَۚ وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ وَقِيلَ يَٰٓأَرۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ وَيَٰسَمَآءُ أَقۡلِعِي وَغِيضَ ٱلۡمَآءُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَٱسۡتَوَتۡ عَلَى ٱلۡجُودِيِّۖ وَقِيلَ بُعۡدٗا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ وَنَادَىٰ نُوحٞ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِينَ قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَۖ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحٖۖ فَلَا تَسۡـَٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ قَالَ رَبِّ إِنِّيٓ أَعُوذُ بِكَ أَنۡ أَسۡـَٔلَكَ مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞۖ وَإِلَّا تَغۡفِرۡ لِي وَتَرۡحَمۡنِيٓ أَكُن مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ قِيلَ يَٰنُوحُ ٱهۡبِطۡ بِسَلَٰمٖ مِّنَّا وَبَرَكَٰتٍ عَلَيۡكَ وَعَلَىٰٓ أُمَمٖ مِّمَّن مَّعَكَۚ وَأُمَمٞ سَنُمَتِّعُهُمۡ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٞ * تِلۡكَ مِنۡ أَنۢبَآءِ ٱلۡغَيۡبِ نُوحِيهَآ إِلَيۡكَۖ مَا كُنتَ تَعۡلَمُهَآ أَنتَ وَلَا قَوۡمُكَ مِن قَبۡلِ هَٰذَاۖ فَٱصۡبِرۡۖ إِنَّ ٱلۡعَٰقِبَةَ لِلۡمُتَّقِينَ }. (هود ٣٦-٤٩).

تقر القاديانية بالطوفان والسفينة وتفجر الينابيع ونزول الأمطار إلا أنها تحرفها :

١- تنكر أن يكون حمل من كل الحيوانات زوجين، بل فقط التي كان يربيها نوح - عليه السلام - حسب تحريفها، إذ لا يعقل أن يحمل من كل الأحياء الموجودة على الأرض في سفينته، وتقول أن هذا هو التفسير المعقول والمنطقي.

٢- وتنكر أن الطوفان شمل الأرض بل غطى منطقة واحدة من الأرض فقط، كظاهرة طبيعية تشاهد بكثرة.

٣- أن هناك شعوبا أخرى في مناطق أخرى لم تتعرض للطوفان.

٤- تفسير القاديانية والعياذ بالله لقوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }. (العنكبوت ١٤).

فتقول : الفاء لا تفيد الترتيب الزمني على الدوام وإنما تفيد ترتيبا معنويا أحيانا كما في هذه الآية. فالترتيب هنا هو التركيز على أن الله تعالى قد أبقى دعوة نوح ألف سنة إلا خمسين عاما، بعد ان هلك قومه بالطوفان بظلمهم. فالآية تريد تسليط الضوء على طول مدة بقاء الدعوة بعد هلاك القوم.

وهذا هو حال القاديانية ! نجد أن الله يخبرنا عن عظمته وقدرته وآياته الخارقة، في حين أن القاديانية تحرفها ! لتجعلها أمور طبيعية وعادية، لا آيات عظيمة معجزة لله فيها إعجاز وعظمة وقدرة ! فسبحان الله رب العالمين، و عياذا بالله رب العالمين.

والرد على قولها :

أولا : إن صنع سفينة كبيرة بوحي من الله، ليست أعجب من الطوفان نفسه، ولو كان المقصود من الحيوانات والمخلوقات هي التي يربيها نوح، فلا داعي لذكر : ( زوجين اثنين ) كما أنه لو كان الطوفان في منطقة واحدة ! فلا حاجة له أن يحمل معه حيواناته التي كان يربيها كما تزعم القاديانية، المهم أن ينجو هو ومن معه من البشر. ومن هم على شاكلة القاديانية يتخيلون أن كل ما هو في الماضي فهو متخلف وبدائي مقارنة بعصرنا، وليس الأمر كذلك بالضرورة. 

ثانيا : لو أن الطوفان كان في منطقة واحدة، فكان يكفي الإبتعاد، ولا حاجة إلى صنع سفينة.

ثالثا : أن - رب العزة - سمى ما وقع بالطوفان و : " الطُّوفانُ : ما كان كثيراً أَو عظيماً من الأَشياء أَو الحوادث بحيث يطغَى على غيره..و الطُّوفانُ الفيضانُ العظيمُ كالذي أَهلك قوم نوح ". (المعجم الوسيط).

قال - سبحانه - : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }. (العنكبوت ١٤).

رابعا : أن الله ذكر كلمة : ( طغى ) في سورة الحاقة، والطغيان : يدل على الكثرة وتجاوز الحد.

{ إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلۡمَاۤءُ حَمَلۡنَـٰكُمۡ فِی ٱلۡجَارِیَةِ }. (الحاقة ١١).

قال ابن جرير - رحمه الله - : " إنا لما كثر الماء فتجاوز حدّه المعروف، كان له، وذلك زمن الطوفان ". (تفسير الطبري).

وقال ابن منظور - رحمه الله - : " وطَغَى الماءُ والبحر: ارتَفَع وعلا على كلِّ شيءٍ فاخْتَرَقَه وفي التنزيل العزيز: إِنَّا لَمَّا طَغَى الماءُ حَمَلْناكم في الجاريةِ… وكلُّ شيءٍ جاوز القَدْرَ فقد طَغَى كما طَغَى الماء على قومِ نوحٍ ". (لسان العرب).

وجاء في (المعجم الوسيط) : " طَغَى طَغَى َ طَغْيًا، وطُغْيانًا: جاوز الحدَّ المقبول. و طَغَى الماءُ: فاض وتجاوز الحدَّ في الزيادة. وفي التنزيل العزيز: الحاقة آية ١١ ( إنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ في الجَارِيَةِ ). ".

ولم يذكر - رب العزة - أن الماء طغى على جزيرة مثلا، أو على منطقة كما تقول القاديانية، فيكون المقصود ما يؤمن به المسلمون. 

خامسا : مما يؤكد ما سبق قول نوح - عليه السلام - : { وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا }. (نوح ٢٦).

وقوله - تعالى - : { فَفَتَحۡنَآ أَبۡوَٰبَ ٱلسَّمَآءِ بِمَآءٖ مُّنۡهَمِرٖ * وَفَجَّرۡنَا ٱلۡأَرۡضَ عُيُونٗا فَٱلۡتَقَى ٱلۡمَآءُ عَلَىٰٓ أَمۡرٖ قَدۡ قُدِرَ }. (القمر ١١-١٢).

ولم يذكر - رب العزة - لا جزيرة، ولا قرية، ولا منطقة معينة، كما ذكر ذلك في قصص الأنبياء - عليهم السلام -. 

سادسا : إن معنى كلام القاديانية في أن الطوفان كان في منطقة من الأرض، وقولها : أن هناك شعوب أخرى في مناطق أخرى لم تتعرض للطوفان، يبطله قول الحق - سبحانه تبارك وتعالى - : { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ }. (الإسراء ٣). ويبطله قوله - تعالى - : { وَجَعَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُۥ هُمُ ٱلۡبَاقِينَ }. (الصافات ٧٧). فإن البشر كما هم من ذرية آدم - عليه السلام -، فهم أيضا ذرية من حمل الله مع نوح - عليه السلام - في السفينة. 

سابعا : ما نفته القاديانية في شأن التوفي بحق عيسى - عليه السلام - في أحد الأقوال : فيه تقديم وتأخير. نقضته في تفسيرها المحرف في شأن نوح - عليه السلام -، ثم حرفت لبث نوح في قومه إلى أن دعوة نوح استمرت ألف سنة إلا خمسين عاما بعد هلاك قومه. ما أقبح ما جاءت به، فاللبث عائد على نوح في قومه وليس على دعوته، ومعنى كلامها لا يستقيم مع دلالة الآية، وهذا لكي تنفي عمر نوح الطويل - عليه السلام -    فهؤلاء - شيوخ القاديانية - لا يؤخذ منهم قول في البطاطس والباذنجان ! فضلا أن يأخذ منهم شيء في الدين !!! 

وهكذا فإن كل القرائن والدلالة في القصة : تشير إلى أن الطوفان عم الأرض بأمر من الله خارق للعادة، وأن من نجى نوح - عليه السلام - ومن كان معه في السفينة.

أخيرا : الاستغراق في تفاصيل شيء وكيفيته وحجمه، دون حقائق و معلومات ومعطيات ومشاهدة وتفاصيل ثابتة، لا داعي له، وهو نوع من العبث، وخوض في شيء مجهول، فبالتالي : النتيجة الضلال - عياذا بالله -.

فإن - الرب - تبارك وتعالى قال في كرسيه : { وَسِعَ كُرۡسِیُّهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضَۖ }. (البقرة ٢٥٥).

فنحن لم نحط بالأرض ولا بالسماوات، ولم نشاهد "الكرسي" ولا نعلم إلا ما أخبرنا به، وهكذا حال السفينة وحال الطوفان نفسه.

هذه القياسات العقلية والمنطقية هي من أسباب الضلال لأنك تقيس شيء لا تعلم عنه إلا قليل، أنت عندما تبحث في شيء لا بد من توفر تفاصيل ومعلومات ومشاهدة وتجربة… والقرآن في مثل هذه التفاصيل لا يخبرنا إلا بالقليل، ما يهم العبرة والعظة والفوائد.

هل تظن أن من يصنع سفينة بإجتهاده، كمن يصنعها بوحي من الله : { أَنِ ٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡیُنِنَا وَوَحۡیِنَا }. (المؤمنون ٢٧).

ولا تظن - أخي المسلم - أن هكذا تفسيرات "جهلية" هي رد على شبهات اللادينيين و الملحدين والعقلانيين وغيرهم… هذه التفسيرات :

أولا : توقعك بالكفر وتكذيب الوحي.

وثانيا : ستفتح باب التفسير والتأويل بلا علم ولا دليل حق.

وثالثا : أنها توقعك في فخ ما يريد الكفار من شبهاتهم، وهم يرجون من وراء شبهاتهم نتائج - خيب الله سعيهم -، فتبطل عقيدتك الصحيحة، وعندما تبطل عقيدتك بتفسير باطل نتيجة شبهات الكفار، فلهم أن يقولوا : شبهتنا حق وصواب، بدليل أنهم أتوا بتفسير خالف عقيدة وتفسيرا عمره أكثر من ١٤٠٠ سنة آمن به أجدادهم وأسلافهم. 

والعياذ بالله من سبق ذكرهم لا تقنعهم قصة سفينة نوح ولا غيرها… سيأتون لك بمئات النصوص، ثم إن فسرتها بهذا المنهج، وقعت فيما يريدون وهم ما طرحوها إلا تشكيكا في عقيدتنا، ثم بالعدول عنها، ستقع فيما يريدون وهو أنك كذبت دينك -والعياذ بالله- الذي عمره أكثر من ١٤٠٠ سنة وعاش مليارات المسلمين على هذه العقائد والنصوص الثابتة، بل والانبياء السابقون واتباعهم  ، ووالله لو كانت الإجابة : أنا أجهل، ولا أعلم، والعلم عند الله، الله أعلم، وليس عندي جواب، خير وأعظم عند الله من كل هذه التفسيرات، هؤلاء لا يملكون لنا جنة ولا نارا، ولا أجرا ولا ثوابا، هل هؤلاء الجهال الذين ذكرناهم يعلمون كل شيء - والعياذ بالله - ؟!   

ثم هذه التفسيرات يأتي بها "بشير الدين محمود" ابن غلام أحمد القادياني تحت زعم أنه " يوحى إليه " تخالف الوحي الحق "الكتاب والسنة" بل وفي كثير من الأحيان تخالف القادياني نفسه، فأي دليل أكبر من هذا على كذب هذا الرجل ودجله ؟! وحتى القادياني هذا يرمي بأقوال تفسد بعضها بعضا، فضلا أنها تفسد تفسير ابنه بشير الدين، وتفسد كلام القاديانية، وخذ هذه الأمثلة : 

يقول القادياني في (ينبوع المعرفة ١٤٠) ١٩٠٨م : " ( ظهر الفساد في البر والبحر ) أي : قد انتشر الفساد في العالم كله، وطغى طوفان كل أنواع الذنوب والمعاصي ". 

والشاهد هنا : أن القادياني شبه الفساد في البر والبحر بالطوفان، ويكثر تشبيه القادياني للكفر والفساد والذنوب والمعاصي في الأرض كلها بالطوفان.

يقول القادياني (المصدر السابق ٢١٠) : " إن القرآن الكريم لم يذكر قياس هذه الفلك ولم يقل كم كان عرضها وطولها وارتفاعها ولم يقل أيضا بأن هذا الطوفان كان محيطا بالعالم كله، بل قال بأنه ضرب فقط البلد الذي أرسل إليه نوح ". 

والشاهد من هذا النص : هو أن القادياني ذكر أن القرآن لم يحدد قياسات السفينة.

وكان القادياني يرد هنا على الذي حدد قياسات السفينة حسب أهل الكتاب ثم لاحظ أنه قال : "  ولم يقل أيضا بأن هذا الطوفان كان محيطا بالعالم كله، بل قال بأنه ضرب فقط البلد الذي أرسل إليه نوح ". 

ثم هو سيفسد كلامه بنفسه، كما سيأتي !

يقول القادياني في (أيام الصلح ١٣) ١٨٩٩م : " انظروا إلى تأثير دعاء نوح عليه السلام الذي بجيشانه غرقت الجبال ووصل عشرات الملايين من الناس خلال لحظة إلى دار الفناء ". 

هل مثل هذا الكلام يقال في طوفان : ( غطى منطقة واحدة من الأرض فقط ). حسب قول القادياني ! سنفترض ذلك جدلا !

يقول القادياني (البراهين الأحمدية الجزء الخامس ١٠٦) ١٩٠٨م : " وقال عني ( ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ) أي اصنع الفلك بأعيننا ولا تقل لي شيئا في الشفاعة للظالمين الذين أغرقهم جميعا. لقد أمهل الله تعالى الظالمين في زمن نوح إلى ألف عام تقريبا، ولو طرحنا الآن أيضا القرون الثلاثة المتمثلة في "خير القرون" لبقي ألف عام ". 

وهنا أفسد القادياني قول جماعته في لبث نوح في قومه، وذكر الإمهال ألف عام، ووضحه بحذف ثلاثة قرون، مع جهله بمعنى القرون في الحديث النبوي !

يقول القادياني في (نسيم الدعوة ١٦٣) ١٩٠٣ : " لقد شبه الله تعالى جماعتي بسفينة نوح، فلا يزال الناس يركبونها. وقد ركب سفينة نوح السباع والبهائم خائفة، وليس أن نوحا اصطادها من الفلوات كالصيادين بل ركبت السفينة بنفسها خائفة على حياتها. كذلك يركب الناس من كل نوع هذه السفينة أيضا خائفين ". 

وهنا أفسد القادياني تفسير ابنه وجماعته أن نوح :  ( حمل الحيوانات التي كان يربيها فقط ) وحسب القادياني : ركبت السباع والبهائم السفينة خائفة على حياتها ! مع تشبيه أتباعه بالبهائم خائفين !

يقول القادياني في (حقيقة الوحي ١٤٥) ١٩٠٧ : " واعلموا أنه حيثما كذب رسول من الله في الدنيا بطش بسببه بالمجرمين الآخرين أيضا، الذين كانوا يسكنون في بلاد أخرى ولا يعلمون عن هذا الرسول شيئا، كما حدث زمن نوح أن العذاب نزل بالناس بما كذب به قوم معين، ولم تسلم منه حتى الدواب والطيور ".

وهنا أفسد القادياني قول جماعته أن الطوفان : ( غطى منطقة واحدة من الأرض فقط، كظاهرة طبيعية تشاهد بكثرة ). وأفسد كلامه السابق، هل هذا الكلام ينطبق على كلام القادياني والظاهرة الطبيعية التي تشاهد بكثرة ؟!

هم يقولون : منطقة واحدة كظاهرة طبيعية تشاهد بكثرة ! والقادياني يقول : بلاد أخرى ! بل والبلاد التي لم تسمع بنوح عليه السلام !

ويقول القادياني : "  ولم تسلم منه حتى الدواب والطيور ".

وهذا الكلام لا يقال في دواب كان نوح يربيها ! أما بخصوص الطيور و ( الطوفان في منطقة واحدة ) فالحال : أن الطيور في هكذا حدث تطير مبتعدة إلى مكان آمن ! إلا إذا قصد القادياني الدجاج والديكة ! مع أنه يتحدث عموما ! وهذا الكلام لا يقال في طيور يربيها نوح - عليه السلام -.

ثم لاحظوا أن القادياني يقصد نفسه : أنه بعث في الهند وخطر تكذيبه طوفان يهدد الأرض كلها -عياذا بالله-، حتى الذين لم يسمعوا بالقادياني ولا يعلمون عنه شيئا ! 

ويقول القادياني في (المصدر السابق ٤٤٣) : " يعرف الجميع أن طوفان نوح قد أهلك أيضا أولئك الذين لم يسمعوا حتى باسمه ". 

هل يقال مثل هذا الكلام في منطقة واحدة من الأرض ؟!

هذا ما وقع لنا من كلام القادياني في الطوفان، فنحن عندما نقول : أن مشايخ القاديانية البارزون الذين يظهرون ويفتون هم تجار دين ودجالون ! نحن لا نفتري عليهم : لأنهم يعلمون هذه الكتب أكثر منا ! وما نلاحظه نحن يلاحظونه أكثر منا ! وما يقع بين أيدينا من نصوص، فبين أيديهم نصوص أكثر ! وما لا نعلمه وخفي علينا هم يعلمونه ولا يخفى عليهم ! وما هو واضح لنا فساده وبطلانه وتناقضه وخطؤه لديهم أوضح ! وهم مشتغلون بهذه الكتب ! نعوذ بالله من الدجل والتجارة بالدين، ونعوذ بالله من الهوى والشياطين، ونعوذ بالله رب الخلق أجمعين، ونعوذ بالله رب الأرض والسماوات رب العالمين، والحمد والشكر لله رب العالمين. 

هذا والله العليم أعلم.