ما الجن ؟ ولماذا أنكرت القاديانية وجود الجن -الشبحي-؟

ما الجن ؟ ولماذا أنكرت القاديانية وجود الجن -الشبحي-؟

ما الجن ؟ ولماذا أنكرت القاديانية وجود الجن -الشبحي-؟

أبو عبيدة العجاوي

« الجن عالم آخر غير عالم الإنسان وعالم الملائكة ، بينهم وبين الإنسان قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك ، ومن حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر، ويخالفون الإنسان في أمور أهمها أن أصل الجان مخالف لأصل الإنسان . وسموا جناً لاجتنانهم أي استتارهم عن العيون، ( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) ( سورة الأعراف / ٢٧ ) ». [عالم الجن والشياطين ص ١١ عمر سليمان الأشقر]

هناك عدة أمور دفعت القاديانية إلى إنكار وجود الجن-الشبحي في اصطلاح القاديانية- يمكن معرفتها بالاستنتاج والتعمق بهذه الفرقة، فمن ذلك:

١- أن القادياني متهم بالسحر والعرافة والتنجيم والوحي الشيطاني. وإنكار وجود الجن يفيد في طرد هذا الاتهام.

٢- هناك مشكلة في موضوع الجن بالنسبة للقاديانية، تبطل عقيدتها في موت عيسى عليه السلام، وكذلك عقيدتها في إنكار آيات الله الخارقة للعادة… والمشكلة هي كيف لمخلوق اسمه "إبليس" مخلوق حي منذ آدم عليه السلام إلى يومنا! وهذه الفرقة إذا اعتقدت بشيء حرفت كل معاني نصوص الكتاب والسنة لنصرة معتقداتها الباطلة! فلذلك تجد عند القاديانية أن إبليس بعد قصة آدم يختفي ويحل محله شيء آخر غيره وهو الشيطان، بمعنى: أنهم يقولون على استحياء أن إبليس من البشر، وقادهم ضلالهم السابق إلى ضلال آخر، وهو القول أن هناك بشر قبل آدم عليه السلام، وأن آدم هو أبو الأنبياء عليهم السلام وليس أبو البشر، فانظر كيف أن الضلال يقود إلى ضلال آخر أو ضلالات أخرى! والعياذ بالله الهادي الحفيظ المثبت على الإسلام والإيمان والتوحيد والسنة والطاعة!

٣- أن عقيدة إنكار الجن -الشبحي في اصطلاح القاديانية- هي من جملة البضاعة الفاسدة لجلب الزبائن، فهناك شريحة تؤمن بالعقليات والمحسوسات وما شابه ذلك. 

٤- الظهور بمظهر الجماعة ضد الخرافة، والتي تحارب الخرافات، وضمت "الجن" إلى ما تعتبره خرافات والعياذ بالله سبحانه. 

٥- عموما الجماعة من صفاتها التبديل والتغيير، منذ زمن نبيها القادياني، اليوم تقول شيء وغدا تقول شيئا آخر، فالمسألة تجارة باسم الله والإسلام والدين والعياذ بالله من شياطين الإنس والجن.

المهم: أن القاديانية فرت من شيء اسمه جن شبحي أو شيطان شبحي فوقعت في شبحية من نوع آخر، وهذا من غباء هذه الفرقة والطرائف والمضحكات، فالشيطان عندها -منظومة شبحية غير محددة- مسؤولة عن الوسوسة والوقوع في المعاصي والمحرمات… وكثير من الأمور ذاتها قد تكون شيطانا أو لا تكون. والشيطان عندها غير محدد. ولا يدل على أحد بعينه، باختصار هو شيء شبحي. 

فهي والعياذ بالله فرت من شبحية مخلوق لا يراه الإنسان، إلى شبحية تتبدل وتتغير ولا تدل على عين أو ذات، فمثلا من شعر بالجوع فأكل ما هو محرم أو مضر فالجوع هنا شيطان، أما من شعر بالجوع فأكل حلالا فالجوع هنا ليس شيطانا! والجن عندها إنسان مستتر، قد يكون جنكيز خان أو الإسكندر المقدوني.

ولقد كنت أنظر إلى بعض أفراد القاديانية وهم يستنكرون على المسلمين إيمانهم -بالجن الشبحي- وكأنهم أهل العقل والعلم والذكاء، وهم لا يفطنون إلى أنهم يؤمنون بالملائكة عليها السلام ولا يرونها وهي بالنسبة لهم شبحية حسب اصطلاحهم، نعوذ بالله من الجهل وقلة العقل والضلال.

وبهذا ربما تكون القاديانية أضحكت عليها الملائكة والإنس والجن.

﴿إِن تَسۡخَرُوا۟ مِنَّا فَإِنَّا نَسۡخَرُ مِنكُمۡ كَمَا تَسۡخَرُونَ﴾ [هود ٣٨]

وأذكر أن أحد أتباع القاديانية قال لي أثبت أن الملائكة "شبحية"! فيا للجهل وقلة العقل! يسأل هذا السؤال وكأنه يرى الملائكة عليها السلام! 

عَنْ  عَائِشَةَ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا : " يَا عَائِشَةُ، هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ ". فَقَالَتْ : وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لَا أَرَى. تُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [صحيح البخاري]

وإن كان هكذا جهل وقلة عقل لا يحتاج إلى إثبات! لكن نثبته من خلال نبيه المزعوم:

« ثم إذا فكرت في سورة ليلة القدر فيكون لك ندامة وحسرة أزيد من هذا، فإن الله يقول في هذه السورة أن الملائكة والروح تنزلون في تلك الليلة بإذن ربهم، ويمكثون في الأرض إلى مطلع الفجر ». [حمامة البشرى 138]

فهل ترون الملائكة يا قاديانية حين ينزلون في ليلة القدر إلى الأرض؟!

ويقول: "ولما كان وجود الملائكة غير مرئي، فكيف يمكن أن يتسنى اليقين بحفظهم؟". [مرآة كمالات الإسلام ٤٦١]

« ولنرجعْ إلى كلامنا الأول فنقول إن الله تبارك وتعالى قال في كتابه المحكم: { إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ }، فلما كانت الملائكة حافظين لنفوس النجوم والشمس والقمر والأفلاك والعرش وكل ما في الأرض، لزم أن لا يفارقوا ما يحفظونه طرفة عين، فانظر كيف ظهر من هذا الأمرُ الحقُّ، وبطل ما زعم الزاعمون من نزولهم وصعودهم بأجسامهم الأصلية. فلا مفر إلى سبيل من قبولِ دقيقةِ المعرفةِ التي كتبناها.. أعني أن الملائكة لا ينـزلون بنـزول حقيقي، ولا يرون وعثاء السفر، بل إذا أراد الله إراءتهم في الناسوت فيخلق لهم وجودا تمثليا في الأرض، فتراهم العين التي تسرح في روضات الكشف. ولو لم يكن كذلك للزم أن يرى الملائكةَ الناسُ كلهم عند نزولهم إلى الأرض لقبضِ الأرواح وغيرها من المهمات، وللزم أن يرى مَلَكَ الموت مثلاً كلُّ من تُوُفِّيَ أحدٌ من أقاربه وممن يؤاخيه ومن عشيرته وعقبه وقومه وأصدقائه أمام عينه، فإن جسم الملائكة جسم كأجسام أخرى، فلا وَجْهَ لعدم رؤيتهم مع نزولهم بأجسامهم الأصلية. وأنت تعلم أن خَلقًا كثيرا يموتون أمام أعيننا فلا نرى عند نزعهم وغمـرةِ موتهم الملائكةَ التي تَوفَّتْهم، وما نسمع ما يسألون الموتى وما يكلّمونهم. فالحق أن هذا الأمر وأمثاله من عالم المثال الذي ما أراد الله كَشْفَ كُنْهِه على العقول والأعين. وأما نظائر عالم المثال فكثيرة ومنها نزول الملائكة، ومنها ما جاء في الأحاديث أن قبر المؤمن روضة من روضات الجنة أو حفرة من حفر النار، ومنها ما جاء في بعض الأحاديث أن الله يكشف لمؤمن غرفة إلى الجنة في قبره، ويكشف لكافر غرفة إلى جهنم، ولكنا ربما نزور القبور أو نحفر أرضها فلا نرى غرفة إلى الجنة أو إلى جهنم، ولا نرى فيها شجرة واحدة فضلا عن الروضات، ولا جمرة من النار فضلا عن النيران الموقدة المحرقة، ولا نرى هناك ميتًا قاعدا عائشا بعد الموت، كما أخبر عن قعود الموتى وحياتهم عند السؤال والجواب، بل نرى ميتًا مُكفَّنًا قد أكلت الأرض لحمه وكفنه. وقد جاء في الأحاديث أن الشهداء يُرزَقون من ثمرة الجنات وألبانها وشرابها الطهور، ولكنا لا نرى في قبورهم.. التي هي روضة من روضات الجنة.. من ثمرة أو ريحان أو من قدح لبن أو كأس خمر. وربما لا ندفن الموتى إلى أيام فلا نرى مجيء الملائكة عندهم ولا ذهابهم. وقد أخبر الله تعالى في كتابه أن الملائكة يضربون وجوه الكفار، ولكنا لا نرى ملِكًا ضاربًا ولا أثر الضرب، ولا نسمع صراخ المضروبين ». [حمامة البشرى 140]

الغلام القادياني لأنه أمام مشكلة عويصة في مسألة ادعاء المسيحية الكاذبة، قال بموت عيسى عليه السلام وأنه لم يرفع إلى السماء ولن ينزل في آخر الزمان، فكان من ضمن الردود عليه: اتنكر رفع عيسى ونزوله عليه السلام والملائكة عليها السلام تصعد وتنزل! فأجاب: أن الملائكة لها مواقع في السماء وأن أجسامها كبيرة، وأنها عندما تنزل يخلق الله لها وجودا في الأرض لا يراه البشر.

ومع أن جواب الغلام القادياني تافه في مسألة رفع ونزول المسيح عليه السلام بخصوص الملائكة عليه السلام، إلا أن النص السابق يفيدنا في موضوع "الجن" ولله الحمد : 

الأمر الأول: أن الغلام القادياني أثبت في النصوص السابقة أن البشر لا ترى الملائكة عليها السلام في أرض الله، فهي بالمفهوم القادياني "شبحية".

الأمر الثاني: أنه إذا كان من سنن الله أن الله يخلق للملائكة وجودا آخر لا تراه البشر في الأرض! هو رد على القاديانية أن الله خلق ويخلق وجودا للجن في الأرض لا تراه البشر في أرض الله، فإن كان عند القاديانية الأول كان الثاني، وإن كان من سنة الله الأول كان من سنة الله الثاني.

وبهدف التشنيع هم يضيفون لفظ الشبحي على الجن حسب معتقد المسلمين في إيحاء شيطاني: ماذا… أشباح… أساطير… خرافات…! والعياذ بالله.

وكذلك عندما يذكرون المسيح عليه السلام والمهدي يضيفون الدموي والسفاك: في إيحاء شيطاني أن من سيأتي في آخر الزمان والعياذ بالله.

وغير ذلك من مصطلحات… نعوذ بالله رب الفلق من شر ما خلق.

والمسلمون لا يستعملون لفظ أشباح وشبح وشبحية وشبحي… عند ذكرهم للجن بل يقولون: هم مخلوقات من مخلوقات الله لا نراها، كما الملائكة عليها السلام التي لا نراها.

والقاديانية تؤمن بالملائكة عليها السلام ولا تطلق عليها مسمى الملائكة الشبحية أو الملائكة الأشباح.

والعياذ بالله للملحد أن ينكر الملائكة عليها السلام أمام القاديانيين قائلا لهم: أنتم تتحدثون عن أشباح وتؤمنون بالأشباح فإني لا أرى الملائكة !

وللمسلم أن يقول للقاديانيين: نحن آمنا بالجنة وفردوسها وآمنا بعرش الرحمن وآمنا بجبريل عليه السلام… ولم نر كل ما سبق! لأننا آمنا بالغيب الذي أخبرنا به ربنا ذو العرش المجيد وهو أصدق منكم حديثا، وأصدق من أخبر بخبر: 

﴿ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَیۡبِ وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ﴾ [البقرة ٣]

فالمسلمون لا يؤمنون بأشباح، بل يؤمنون بغيبيات: كالملائكة، والجن، والجنة والنار، وعذاب القبر، والسماوات السبع، والعرش، والحور العين… إلخ.

والمسلمون يؤمنون بالله الخالق المالك ذو الجلال والإكرام وهم لا يرونه وهو غيب بالنسبة لهم، آمنوا به من خلال كلامه و كتابه ووحيه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام وعلموا عنه من خلال ما أخبر سبحانه، ودلت مخلوقاته عليه سبحانه فعلموا أنه حق نقلا وعقلا.

وانعدام الرؤية لا تعني انعدام الوجود.

وحتى هذه الغيبيات هي في الغالب، فإن من الأنبياء عليهم السلام من رأى الملائكة والجن.


✹✹✹✹✹✹