لماذا ظلّ الميرزا مُصِرًّا 40 عاما على حياة المسيح في السماء
لماذا ظلّ الميرزا مُصِرًّا 40 عاما على حياة المسيح في السماء
قد يعيش المرء حياته كلها مِن دون أنْ يسمع بقضية ما، أو من دون أنْ ينتبه لها. ولو سألتَه عن رأيه فيها لقال: لم أسمع بهذا، ولم أفكّر فيه، وليس لديّ أيّة فكرة عنه. أما إذا كانت هذه القضيةُ حديثَ الساعة وكان أصدقاؤه والمحيطون به يركّزون عليها ويهتمّون بها، وكانت قضيةً جوهرية، فلا بدّ أنْ يفكر فيها، ولا بدّ أنْ يقارن بين وجهات النظر المختلفة حولها، ولا بدّ أنْ يتبنّى فيها رأيا، إلا أنْ يكون شخصا سلبيًّا لا يعنيه شيء.
قد يُقتل صحفي برازيلي على يد مافيا بلاده، ولا تُلقي لذلك بالا، مهما تناقَشَ الناس هناك حول مقتله، أما قصة جمال خاشقجي فلا يمكن أن تمرّ بها مرور الكرام، بل لا بدّ أن تفكّر فيها، وتقول: أي نظام دمويّ غدّار هذا الذي يقتل مواطنيه في قنصليته التي أُسِّست لخدمة المواطنين ورعاية مصالحهم؟! أو يمكن أن تصدّق الرواية الرسمية أنّه خرج مِن القنصلية سالما بعد أنْ تحوَّل إلى جِنّ لا يراه أحد!!
ظلّ الميرزا منذ بدايات شبابه يستمع للنقاش الديني المحتدم في الهند، وظلّ يعرف وجهات نظر الهندوس والمسيحيين، ومنها أنّ المسيح حيّ في السماء منذ 1900 سنة، وأنه سيعود، وأنّ هذا أحد مبررات القول بألوهيته لديهم.
وظلّ الميرزا يطّلع على وجهات نظر المسلمين، وظلّ يقرأ أنّ هناك مَن يقول بوفاة المسيح وظلّ يقرأ أدلتهم. أي أنّ الفرصة الكاملة أُتيحت للميرزا منذ عام 1855 حين كان في الـ 15 من عمره، حيث يبدأ المرء بالتفكير في هذه القضايا مِن هذا السنّ تقريبا، حتى عام 1890، وظلّ خلال هذه السنوات الـ 35 أو أكثر يستمع إلى استدلال المسيحيين، كما ظلّ يستمع إلى الآيات القرآنية، مثل: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ}، بل ظلّ يقرأ ويطّلع على مقالات أحمد سيد خان التي كانت "تملأ الدنيا وتشغل الناس" في ذلك الوقت، والقائلة بوفاة المسيح، بل القائلة أكثر من ذلك، والمركزة على إغمائه على الصليب لا موته عليه، ومع هذا كله لم ينتبه إلى القول بوفاته، بل ظلَّ مصرًّا على القول بحياته في السماء!!
بل إنه منذ عام 1883 فبرك وحيا يقول له: "يا عيسى إني متوفيك"، ومع هذا الدليل الإضافي لم ينتبه إلى وفاة المسيح!!
يقول الأحمديون: إنّ أدلة وفاة المسيح واضحة كالشمس. قلتُ: فلماذا لم يرَ الميرزا هذه الأدلة الواضحة كالشمس طوال هذه السنوات الأربعين رغم الحاجة إلى القول بوفاته؟ فالشيخ محمد الغزالي مثلا كان يرى أنّ هناك أدلة تقول بوفاة المسيح وهناك أدلة تقول بحياته في السماء، ويبدو أنه كان محتارا في ذلك، ولكنه مع ذلك قال: "خير لنا نحن المسلمين أن نرى الرأي الذي يقول إنَّ عيسى مات" (المسيحية لشلبي)، فلماذا لم يختَر الميرزا هذا القول كما فعل الغزالي على فرض غموض الأدلة؟ فكيف وهم يرونها واضحة كالشمس؟
يقول الميرزا مبررا ذلك أنّ الله شاء ذلك حتى لا يُتَّهم أنه خطَّطَ لزعم أنه المسيح!!
قلتُ: فلماذا لا نقول: إنه أصَرَّ على القول بحياة المسيح خصوصا من عام 1883 حتى 1890 حتى يُبعِد عن نفسه تهمة التخطيط لادّعاء أنه المسيح؟!
على أنّ الاحتمال الأقوى من هذا هو أنّ الميرزا لا يعنيه فكرٌ ولا خلُقٌ ولا مبدأ، بل لا تعنيه سوى الروبيات. وإلا، ما ظلّ يؤمن بكل ما تراه الأحمدية كوارث، مثل النسخ والجنّ وقتل المرتد والخضر وآدم أول البشر الذي عاش قبل 6 آلاف سنة وحياة نوح ألف سنة وناقة صالح الصخرية، ولَما ظلَّ يلاحق محمدي بيغم رغم أنّ أطفال الروضة من ذلك يخجلون!
إنّ عدم قوله بوفاة المسيح في ضوء قولهم أنّ أدلة ذلك دامغة لا يعني إلا أنه عديم المسؤولية وعديم الفراسة وأنه لا خير فيه.
#هاني_طاهر 14 أكتوبر2018