كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ..
إنجيل نوتوفيتش كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.. ح1
خلال قراءتي في تراث الميرزا لاحظتُ أنه يحدِّث بكل ما سمع، ويضيف من عنده بهارات للأكاذيب التي يسمعها ويكررها؛ فهو لا يكتفي بأن يطبَّق عليه الحديث الشريف: "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ"، بل يضيف إليه بصمة التزييف والمبالغات الكاذبة ليزيد الطين بِلّة.
في أواخر القرن التاسع عشر أعلن دجال روسي اسمه نوتوفيتش أنه اكتشف مخطوطة في دَيْر في التّبت بعنوان: "حياة القديس عيسى أفضل أبناء الرجال". وأنه سمع مضمون هذه المخطوطة من الزعيم الديني للبوذيين "اللاما" عن طريق مترجم. وقد كان هذا محضَ كذب، فقد نفى اللاما ادعاءات نوتوفيتش، حيث "كَتب ماكس مولر إلى الدير وأجابوه: لم يأتِ أي زائر غربي إلى الدير في السنوات الخمس عشرة الماضية ويقول بارت إيرمان: ليس هناك عالم واحد معترف بها على هذا الكوكب لديه أي شكوك حول هذه المسألة. لقد اخترع نوتوفيتش القصة بأكملها، وقد حصل على قدر كبير من المال وكمية كبيرة من سوء السمعة بسبب خداعه".
https://en.wikipedia.org/wiki/Unknown_years_of_Jesus)
وقد تحدّث نوتوفيتش المفتري عن أن عيسى عليه السلام زار الهند في شبابه وأمضى سنوات هناك ينشر رسالة بوذا، لكنه عاد إلى القدس عندما صار عمره 29 عاما....
أما غلام أحمد فكتب ما يلي:
"يشهد على أنّ قبر المسيح في كشمير الإنجيلُ الذي عُثر عليه في غار في منطقة "التيبت"، والذي نشره عالم روسي بجهد بالغ، فسخط عليه القساوسةُ كثيرًا. هذا الإنجيل يُعارض كثيرا أناجيل القساوسة في مضامينه، ويخالف العقيدة المعاصرة، ولهذا السبب حُظر نشرُه في هذا البلد. لكننا نحاول أن ننشره بعد الترجمة". (أيام الصلح، عام 1899)
في فقرة الميرزا هذه 8 كذبات، وهي:
1: قوله: "يشهد على أنّ قبر المسيح في كشمير هذا الإنجيلُ"، لأنّ هذا الإنجيل، على فرض وجوده، لا يشهد على وجود قبر للمسيح في كشمير، بل يقول أن المسيح عاش بداية شبابه في الهند ثم عاد إلى فلسطين. لا أنه هاجر إلى كشمير بعد الصلب ومات هناك.
2: نوتوفيتش زعم أنها مجرد مخطوطة، لكن الميرزا حولها إلى إنجيل.
3: زعم أنّ هذا الإنجيل قد نُشر، لا أنه قد عُثر عليه فقط، أو أنه في طور البحث.
4: قال: "نشره العالم الروسي بجهد بالغ". أي أن هذا الروسي ليس كاذبا، بل عالم، وقد بذل جهدا كبيرا، وكأن الميرزا كان معه.
5: قال: "سخط عليه القساوسة". أي أن القساوسة عرفوا بهذا الإنجيل، واطّلعوا على مضامينه وقرأوه جيدا، فعرفوا أنه يتناقض مع ما عندهم، وأنهم سخطوا على نشره.
6: قال: "مضمونه يعارض الأناجيل".. أي أن الميرزا اطلع على مضمون هذا الإنجيل وعلم أن هناك فروقا في المضامين، وليته عدّدها!!
7: قال: "حُظر في الهند".. أي أن هذا الإنجيل المزعوم انتشر في العالم، لكن الهند حظرت دخوله. لكن الميرزا نسي أن يذكر سبب حظر الهند لهذا الإنجيل!!
8: سيترجمه الميرزا وينشره.. أي أنه وصله، أو ضَمِن أنه سيصله، ووعد بترجمته. ولم يعلّل كيف سيوفّق بين حظر الحكومة وبين إصراره على نشره!!
وهذا كله كذب، لأنّه ليس هنالك إنجيل اكتشفه نوتوفيتش، ولا حتى ورقة.
لقد أراد الميرزا من هذا كله أنْ يُثبت أنه مطّلع على المخطوطات في كل مكان، وأنّ هذه المخطوطات والأبحاث تؤكد صحة أقواله. إنها استعراضيته الزائفة.
أتحدى أن يؤتى بمثال لشخص خلال مائة عام لديه قابلية على مثل هذا الكذب وإلقاء الكلام على عواهنه. هذا المثال كافٍ لإسقاط أي رجل في العالم. فكيف لو تكرَّر؟ فانتظروا أمثلة أخرى على هذه الشاكلة غير التي ظهرت الآن وغير التي أظهرناها سابقا.
هاني طاهر 25/12/2016
ورقة بطرس.. كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ.. ح2
معلومات قبل قراءة المقال: انقطعت أخبار المسيح عليه السلام بعد أيام من حادثة الصليب. أما الحواري بطرس فقد " عمل في الوعظ والتبشير في مناطق مختلفة من بلاد الشام وآسيا الصغرى واليونان، قبل أن يتجه إلى روما مؤسسًا كنيستها، حيث قضى فيها نحو 25 عامًا قبل أن يُقتل خلال اضطهاد المسيحيين أيام الإمبراطور نيرون عام 67 أو عام 64" (ويكيبيديا). ولأن حادث الصلب وقع عام 33م تقريبا، فإنّ بطرس فارق الحياة بعد 31 عاما تقريبا من حادث الصلب. (انتهت المقدمة المعلوماتية)
يقول الميرزا: "إن الخبر الذي تلقيتُه مؤخرا قد أهلَّ اليوم بيوم عيد للمسلمين وهو أنه قد وُجدت مؤخرا في أورشليم ورقةٌ مكتوبة بالعبرية القديمة وعليها توقيع الحواري بطرس- وقد ضَمَّنتُها بكتابي "سفينة نوح"- ويتبين من تلك الورقة أن المسيح عليه السلام مات على هذه الأرض بعد حادث تعليقه على الصليب بخمسين عاما تقريبا. وقد اشترت شركة مسيحية هذه الورقة بمئتين وخمسين ألف روبية، لأنه قد تقرر بأنها تحمل عبارة بطرس. (تحفة الندوة، الخزائن الروحانية 19، ص 103)
هذه الفقرة كلها بلاهة وكذب وانتهازية، فكيف عرف بطرس بوفاة المسيح إذا كان المسيح عليه السلام قد سافر إلى كشمير حسب قول الميرزا؟
ثم إن المسيح عاش 120 سنة في رأي الميرزا، فكيف يقبل بورقة تقول بأنه مات في القدس بعد خمسين عاما؟ فالورقة هذه تخالف وفاة المسيح مكانا وزمانا! فالواجب رفضها حتى لو أيّدت الميرزا في قوله بوفاة المسيح، فقبوله بها انتهازية.
ثم هل عاش بطرس خمسين عاما بعد حادثة الصلب، أم قُتل بعد الصلب بثلاثين عاما تقريبا في روما؟ إنّ رحلات بطرس معروفة، ويعرف الناس أنه لم يذهب إلى كشمير قطّ، بل تنقل في بلاد الشام واليونان حتى استقرّ في روما وصُلب فيها بعد ثلاثين عاما تقريبا من حادثة "الصليب". فكيف ينسبون له أنه رافق المسيح؟ ثم هل عاد بطرس من كشمير بعد مقتله بثلاثين عاما؟ إنه هراء بعضه فوق بعض!
أما نصّ هذه الورقة التي نسبها الميرزا لصحيفة إيطالية فهو: "لقد قررتُ أنا بطرس صيّاد السمك أن أكتب باسم المسيح وفي السنة التسعين من عمري كلماتِ الحب هذه في بيت بولير الواقع قرب بيت الله المقدس، بعد ثلاثة أعياد فصح (أي بعد ثلاث سنوات) من موت سيدي ومولاي يسوع المسيح ابن مريم. " (سفينة نوح)
وقد كتبوا في جريدة الحكم: "يُستنبط من ذلك بكل صراحة أن المسيح عاش بعد حادث الصليب 47 عاما على الأقل بحسب هذه العبارة، ورافقه بطرس". (الملفوظات نقلا عن الحكم مجلد6، عدد 17/10/1902م)
ألا يعلم هؤلاء أن بطرس كان قد "شبع موت" في ذلك الوقت؟
أما الميرزا فيعلّق على الحكاية بقوله:
لقد توصّلَ هؤلاء الخبراء إلى أن هذه الوثائق من زمن بطرس. وهذا ما يراه أيضًا مجمع الكتاب المقدس بلندن، وبعد دراستها جيدا يريد مجمع الكتاب المقدس أن يشتري هذه الوثائق من أصحابها بأربع مائة ألف ليرة (237500 روبية). (سفينة نوح)
إنّ كلمة هراء تخجل أن تكون وصفًا لهذه الفقرة؛ فكلها كذب في كذب، وإلا
1: من هم هؤلاء الخبراء الذين توصلوا إلى أن هذه الوثائق من زمن بطرس؟
2: أين نشر مجمع الكتاب المقدس بلندن أنّ هذا هو رأيه؟
3: كيف عرف الميرزا أنّ هذا المجمع يريد أن يشتري هذه الوثائق من أصحابها بأربع مائة ألف ليرة بعد دراستها جيدا؟
يبدو أنه كان من أتباع الميرزا من يضحك عليه، أو أنّ الميرزا كان يضحك على الناس ويلقي بالكلام كيفما اتُّفق. ومثل هذا في كتبه كثير.
هذا هو الحكَم العَدْل، وهذه أحكامه العادلة الحاسمة!! فهل يؤتمن على شيء من يسوِّق مثل هذا؟
هاني طاهر 26/12/2016
كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع.. ح3 حكاية "شاهد من بني إسرائيل"
كتب الميرزا:
لقد صدَّق أحد اليهود أن القبر الواقع في "سرينغر" قد أُعِدَّ على شاكلة قبور أنبياء اليهود. (سفينة نوح)
وتابع الميرزا:
شهد شاهد من بني إسرائيل
شهادة عالم التوراة من بني إسرائيل بخصوص قبر المسيح. (سفينة نوح)
ثم كتب الميرزا نصّ شهادته باللغة العبرية كما يلي:
أشهد أنني قد رأيتُ عند سيادة الميرزا غلام أحمد القادياني خريطة وأؤكد أن القبر الموجود فيها هو من قبور بني إسرائيل وهو لأحد أكابر بني إسرائيل. لقد رأيت هذه الخريطة وكتبت هذه الشهادة اليوم: في 12/6/1899م بحسب التقويم الإنجليزي (أي الميلادي).
سلمان يوسف يسحاق التاجر (سفينة نوح)
ثم كتب شهادة مفتي محمد صادق الأحمدي، وهي: لقد كتب سلمان اليهودي هذه الشهادة بحضوري.
تعليقنا:
1: التوقيع مِن سلمان التاجر، لكن الميرزا كتب في العنوان: شهادة عالم التوراة من بني إسرائيل. فمن أين له أنه عالم بالتوراة؟
2: ما الذي جعل هذا اليهودي يجزم أن هذا القبر لشخص من بني إسرائيل؟ ومِن أكابرهم أيضا!! وما الذي جعل الميرزا يصدّقه في جزمه؟ لماذا لم يسأله عن ذلك؟ لماذا لم يقل له: حبذا أن تحدّثنا عما جعلك تجزم هذا الجزم لنكتبه مع شهادتك!! مع أن هذا القبر هو ضمن مقبرة إسلامية صغيرة في كشمير، ولا يمتاز عنها في اتجاهه، فكلها باتجاه القبلة.
3: ما الذي يؤكد أن هذا اليهودي صادق؟ وما الذي يؤكد أنه يَعي ما يقول؟
4: لماذا لم يبحث الميرزا عن شهادات أخرى من يهود آخرين؟
5: لماذا كتب هذا اليهودي شهادته باللغة العبرية ولم يكتبها بالأردو؟
6: اللغة العبرية المستخدمة ضعيفة وفيها كلمات بالأردو والعربي، فمثلا: كتب كلمة "أكابر" بالعربية، لا العبرية. وكتب كلمة "كْلِرك دَفْتر" الأردية، والتي تعني موظف مكتب، ولم يكتب كلمة "بَكيد مسراد" العبرية. مما يدل على أنّ الأمر ملفّق. ولا يبعد أن يكون من تلفيق مفتي محمد صادق. وهو الذي زعم أنّ مئات الأمريكان بايعوا على يديه في سنة واحدة. فمن يكذب مثل هذه الكذبة لا نستبعد عنه أي كذبة. وسواء كان مفتي هو المفبرك هذه الحكاية، أم هذا اليهودي، أم هنديا يعرف بعض الكلمات العبرية زعم أنه يهودي لمجرد كسب بعض المال، فيظلّ الميرزا مدانا بالتحديث بكل ما يسمع.
هاني طاهر 26/12/2016