قال الامام الغزالي رحمة الله عليه في رد شبهة الباطنية

قال الامام الغزالي رحمة الله عليه في رد شبهة الباطنية

فارس حمودي

قال الامام الغزالي رحمة الله عليه في رد شبهة الباطنية, في كتابه فضائح الباطنية, الْفَصْل الثَّانِي فِي بَيَان السَّبَب فِي رواج حيلتهم وانتشار دعوتهم مَعَ ركاكة حجتهم وَفَسَاد طريقتهم.

فَإِن قيل مَا جليتموه من العظائم لَا يتَصَوَّر ان يخفي على عَاقل وَقد رَأينَا خلقا كثيرا وجما غفيرا من النَّاس يتابعونهم فِي معتقدهم وتابعوهم فِي دينهم فلعلكم ظلمتموهم بِنَقْل هَذِه الْمذَاهب عَنْهُم فِي خلاف مَا يعتقدون.

رد ان هناك ثَمَانِيَة أَصْنَاف (اي من تبعهم)

الصِّنْف الاول طَائِفَة ضعفت عُقُولهمْ وَقلت بصائرهم وسخفت فِي امور الدّين آراؤهم لما جبلوا عَلَيْهِ من البله والبلادة...

الصِّنْف الثَّانِي طَائِفَة انْقَطَعت الدولة عَن أسلافهم بدولة الاسلام كأبناء الأكاسرة والدهاقين وَأَوْلَاد الْمَجُوس المستطيلين فَهَؤُلَاءِ موتورون قد استكن الحقد فِي صُدُورهمْ كالداء الدفين فَإِذا حركته تخاييل المبطلين اشتعلت نيرانه فِي صُدُورهمْ فأذعنوا لقبُول كل محَال تشوقا الى دَرك ثأرهم وتلافي امورهم

الصِّنْف الثَّالِث طَائِفَة لَهُم همم طامحة الى العلياء متطلعة الى التسلط والاستيلاء إِلَّا انه لَيْسَ يساعدهم الزَّمَان بل يقصر بهم عَن الأتراب والأقران طوارق الْحدثَان فهؤلاءإذا وعدوا بنيل امانيهم وسول لَهُم الظفر بأعاديهم سارعوا الى قبُول مَا يَظُنُّونَهُ مفضيا الى مآربهم وسالكا الى أوطارهم ومطالبهم...

الصِّنْف الرَّابِع طَائِفَة جبلوا على حب التميز عَن الْعَامَّة والتخصص عَنْهُم ترفعا عَن مشابهتهم وتشرفا بالتحيز الى فِئَة خَاصَّة تزْعم انها مطلعة على الْحَقَائِق وان كَافَّة الْخلق فِي جهالتهم كالحمر المستنفرة والبهائم المسيبة وَهَذَا هُوَ الدَّاء العضال المستولي على الأذكياء فضلا عَن الْجُهَّال الاغبياء وكل ذَلِك حب للنادر الْغَرِيب ونفرة عَن الشَّائِع المستفيض وَهَذِه سجية لبَعض الْخلق على مَا شهِدت بِهِ التجربة وتدل عَلَيْهِ الْمُشَاهدَة.

الصِّنْف الْخَامِس طَائِفَة سلكوا طرق النّظر وَلم يستكملوا فِيهِ رُتْبَة الِاسْتِقْلَال وان كَانُوا قد ترقوا عَن رُتْبَة الْجُهَّال فهم أبدا متشوقون الى التكاسل والتغافل وَإِظْهَار التفطن لدرك امور تتخيل العامه بعْدهَا وينفرون عَنْهَا لَا سِيمَا إِذا نسب الشئ الى مَشْهُور بِالْفَضْلِ فيغلب على الطَّبْع التشوق الى التَّشَبُّه بِهِ فكم من طوائف رَأَيْتهمْ اعتقدوا مَحْض الْكفْر تقليدا لافلاطن وأرسططاليس وَجَمَاعَة من الْحُكَمَاء قد اشتهروا بِالْفَضْلِ وداعيهم الى ذَلِك التَّقْلِيد وَحب التَّشَبُّه بالحكماء والتحيز الى غمارهم والتحيز عَمَّن يعْتَقد انه فِي الذكاء وَالْفضل دونهم...

الصِّنْف السَّادِس طَائِفَة اتّفق نشؤوهم بَين الشِّيعَة وَالرَّوَافِض واعتقدوا التدين بسب الصَّحَابَة وَرَأَوا هَذِه الْفرْقَة تساعدهم عَلَيْهَا فمالت نُفُوسهم الى المساعدة لَهُم والاستئناس بهم وانجرت مَعَهم الى مَا وَرَاء ذَلِك من خَصَائِص مَذْهَبهم.

الصِّنْف السَّابِع طَائِفَة من ملحدة الفلاسفة والثنوية والمتحيرة فِي الدّين اعتقدوا أَن الشَّرَائِع نواميس مؤلفة وان المعجزات مخاريق مزخرفة فَإِذا رَأَوْا هَؤُلَاءِ يكرمون من ينتمي إِلَيْهِم ويفيضون ذخائر الْأَمْوَال عَلَيْهِم انتدبوا لمساعدتهم طلبا لحطام الدُّنْيَا واستحقارا لامر العقبى...

الصِّنْف الثَّامِن طَائِفَة استولت عَلَيْهِم الشَّهَوَات فاستدرجتهم مُتَابعَة اللَّذَّات وَاشْتَدَّ عَلَيْهِم وَعِيد الشَّرْع وثقلت عَلَيْهِم تكاليفه فَلَيْسَ يتهنأ عيشهم إِذا قرفوا بِالْفِسْقِ والفجور وتوعدوا بِسوء الْعَاقِبَة فِي الدَّار الْآخِرَة فَإِذا صادفوا من يفتح لَهُم الْبَاب وَيرْفَع عَنْهُم الحجز والحجاب وَيحسن لَهُم مَا هم مستحسنون لَهُ بالطبع تسارعوا الى التَّصْدِيق بالرغبة والطوع وكل انسان مُصدق لما يُوَافق هَوَاهُ ويلائم غَرَضه ومناه...

(فارس: قلت و لكم ان تشاهدو هذه الاصناف داخل الاحمدية, متبع للفلاسفة, منتفع بمال و منصب, متكبر لوجود بعض الذكاء عنده, جاهل بدينه, هارب من دين قومه بغية التميز...الخ)