علامات ظهور الميرزا .. ترك القلاص

علامات ظهور الميرزا .. ترك القلاص

علامات ظهور الميرزا .. ترك القلاص

ظلّ الميرزا يكرر أنه ما دامت علامات ظهور المسيح قد ظهرت، فإني أنا المسيح حتما من دون أن تبحثوا في صدقي، بل لا داعي أنْ تبحثوا في ذلك إلا إذا أعلن أكثر من شخص أنه المسيح، ولكن إذا لم يكن غيري قد أعلن، فقد قُضي الأمر.

وهذه الفكرة معقولة أولَ وهلة، إلا أنها محاطة بالتزييف، لأنّه في زمن الميرزا لم تظهر علامة واحدة ورد عنها في الروايات أنها من علامات نزول المسيح.

وسأناقش فيما يلي علامة ترك القلاص التي يدندن حولها الأحمديون كثيرا، ولا يكادون يعثرون على غيرها، حيث يقول الميرزا: "القطار من علامات المسيح الموعود في الحقيقة، وقد أشير إلى ذلك في القرآن الكريم في: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ}... لو تأمل هؤلاء الناس لعلموا بجلاء أن في "وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ" إشارة إلى القطار، لأنه إن لم يكن المراد منه هو القطار فمن واجبهم أن يخبرونا بما يؤدي إلى ترك القلاص. لقد أشير في الكتب السابقة أيضا إلى أن السفر يكون سهلا في تلك الأيام. (الملفوظات، نقلا عن الحكم، مجلد6، رقم 39، صفحة 4-6، عدد: 31/10/1902)

قلتُ: هذا هو سياق العشار: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ..... (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} (التكوير 1-14)، فأين المسيح وأين نزوله في هذه الآيات؟

أما القلاص، فهذا هو الحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلًا فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى الْمَالِ فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ. (مسلم، كتاب الإيمان، باب نزول عيسى)

لذا يجب النظر في الحديث كله، لا في عبارة غامضة منه،

أما كسرُ الصليب فقد بينتُ أنّ أعداد المتنصّرين مِن المسلمين في الهند حسب ما جاء في كتب الميرزا قد زاد من نصف مليون إلى ثلاثة ملايين في حياته. عدا عن تنصُّر بعضِ أفراد جماعته في مناظرة آتهم، عدا عن عدم عثورنا على أي قول للميرزا عن انضمام أيّ مسيحي لجماعته، عدا عن سرقته فكرة إغماء المسيح على الصليب مِن سيد أحمد خان، فماذا تبقَّى للقول إن الميرزا قد كسر الصليب؟! خصوصا أنّ فكرة إغماء المسيح على الصليب لا يقول بها سوى ملحد أو أحمدي، بل ليس كلّ ملحد، ولم تؤثر في الناس، ولم يقتنع بها أحد، ويكاد يكون مستحيلا أن تعثر على مؤمن بها من غير أن يكون ملحدا أو أحمديا.

وأما قتلُ الخنزير، بمعنى العادات الخنزيرية مِن زنا وغيره، فقد تضاعف ألفَ ضِعف من زمن الميرزا حتى اليوم.

وأما وضعُ الجزية فالميرزا ليس فاعلا حتى نبحث عن تفسير لها.

وحيث إن الميرزا لم يكسر الصليب ولم يقتل الخنزير ولم توضع الجزية على يده، ولم تذهب الشَّحْنَاءُ وَالْبَغْضَاءُ وَالتَّحَاسُدُ، بل هي هي أو زادت قليلا أو نقصت قليلا، ولم يُدْعَ إِلَى الْمَالِ فَلَم يَقْبَلْهُ أَحَدٌ.. أي حيث إنه لم يتحقق أيّ من هذه النبوءات فلا معنى لإضاعة الوقت في تفسير القلاص وتركها.

على أنّه لو كان المقصود بترك القلاصأنها نبوءة عن وسائل المواصلات، وأنها علامة على بعثة الميرزا، فإننا أمام القضايا التالية:

1: أُنتِج أول محرك بخاري تجاري عام 1698م. وافتُتح أول قطار بخاري في العالم في شمال إنجلترا في يوم 27 سبتمبر 1825م. وأنشئت أول سكة حديد بين ليفربول ومنشستر عام 1830، ومنها انتشرت السكك الحديدية في عموم بريطانيا. وهذا كله قبل ولادة الميرزا. أما السفن فهي مستخدمة منذ فجر التاريخ، وهي تنقل البضائع والناس منذ الدهور. ففكرةُ ترك الجمال واستخدام وسائل أخرى قدر الإمكان قائم أبدا. ثم إنّ الجمال ظلّت تُستخدم بعد الميرزا، وإنْ ظلّ ذلك يتناقص، بل ما تزال البغال تُستخدم حتى الآن لنقل البضائع في الأماكن الوعرة. فالقضيةُ كلها نسبية، فهي قائمة أحيانا قبل الميرزا، وهي غير قائمة أحيانا بعد الميرزا.

2: لو كان تركُ القلاص إشارةً إلى وسائل المواصلات لقال الحديث: ستُترك الإبل والخيل والحمير. وإلا فماذا عن الخيل والحمير إنْ كانت الإبل وحدَها ستُترك؟ خصوصا أنّ الله تعالى قد قال {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} (النحل 8).

3: ثم هنالك تأويلات أخرى ذكرها النووي، حيث قال: " فَالْقِلَاص وَهِيَ مِن الْإِبِل كَالْفَتَاةِ مِن النِّسَاء وَالْحَدَث مِن الرِّجَال. وَمَعْنَاهُ أَنْ يُزْهَد فِيهَا وَلَا يُرْغَب فِي اِقْتِنَائِهَا لِكَثْرَةِ الْأَمْوَال، وَقِلَّة الْآمَال، وَعَدَم الْحَاجَة، وَالْعِلْم بِقُرْبِ الْقِيَامَة. وَإِنَّمَا ذُكِرَت الْقِلَاص لِكَوْنِهَا أَشْرَف الْإِبِل الَّتِي هِيَ أَنْفَس الْأَمْوَال عِنْد الْعَرَب. وَهُوَ شَبِيه بِمَعْنَى قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذَا الْعِشَار عُطِّلَتْ} وَمَعْنَى (لَا يُسْعَى عَلَيْهَا): لَا يُعْتَنَى بِهَا أَيْ يَتَسَاهَل أَهْلهَا فِيهَا، وَلَا يَعْتَنُونَ بِهَا. هَذَا هُوَ الظَّاهِر. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض وَصَاحِب الْمَطَالِع رَحِمَهُمَا اللَّه: مَعْنَى لَا يُسْعَى عَلَيْهَا أَيْ لَا تُطْلَب زَكَاتهَا إِذْ لَا يُوجَد مَنْ يَقْبَلهَا. وَهَذَا تَأْوِيل بَاطِل مِنْ وُجُوه كَثِيرَة تُفْهَم مِنْ هَذَا الْحَدِيث وَغَيْره بَلْ الصَّوَاب مَا قَدَّمْنَاهُ". (شرح النووي)

فما دام التفسير ظنيا حتى هذا الحدّ فكيف يُبنى عليه أساسٌ لتصديق رجل ظلّ يتحدث مِن دون حياء عن حتمية زواجه من امرأة لها زوجٌ وأولاد؟! بل أقصى ما يمكن قوله أننا لا نعرف المقصود بها.

#هاني_طاهر 27 يونيو 2020