عقلانية القادياني والقاديانيين المزعومة
عقلانية القادياني والقاديانيين المزعومة
الكاتب: أبو عبيدة العجاوي
بسم الله ذو الجلال والإكرام، وأتعوذ بالله له الأسماء الحسنى والصفات العليا، وسبحان الله، وأستغفر الله وأتوب إليه، لا إله إلا الله محمد رسول الله، والله أكبر، نسأل الله أن يهدينا صراطه المستقيم، والحمد لله والشكر لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والصلاة والسلام على رسول الله:
من منهج القاديانية والقاديانيين أنهم يعرضون نصوص الوحي من كتاب وحديث على عقولهم -المريضة- فإن كان النص آية قرآنية فهم لا يقدرون على إنكارها، فيلجأون إلى تأويلها تحريفاً: بالمجاز والاستعارة، أو الكشوف، أو اختراع قول أو قصة من عندهم…إلخ. أما الحديث فهم يفعلون ما سبق، كما يسهل عليهم رد الحديث حتى لو كان من أصح الأحاديث، وهم يكثرون من هذا التحريف خاصة في موضع المعجزات الخارقة للعادة، وعلامات الساعة وأخبار آخر الزمان، وبفعلهم هذا يفقدون النصوص معانيها والمراد منها ومضامينها.
وفي هذا المقال سوف نناقش عقلانتيهم المزعومة، وهم من أبعد الناس عن العقل، وكذلك النقل، ويكثر فيهم الجهل، أما أمراض عقولهم فليس لنا إليها سبيل، ولا دواء لدينا ولا طبيب، ولا نملك إلا أن نقول: "اللهم اشفنا واشفهم، وعافنا وعافهم، و اهدنا واهدهم، آمين، اللهم اشفنا وعافنا وسلمنا واحفظنا واعصمنا من أمراض العقول والقلوب والأجساد والأعضاء والأبدان، اللهم آمين".
مع التقدم العلمي في العصر الأخير، تعرضت الأديان والفرق والمذاهب لضغوط نتيجة الشبهات الناتجة عن بعض الحقائق والمكتشفات -وحتى ما لم يثبت كحقيقة علمية- والعقليات والسنن والقوانين الأرضية، والتي تتصادم مع بعض النصوص الدينية، فظهرت توجهات دينية تحاول تفسير النصوص بناء على العقليات والعلميات والتأويلات وموفقة السنن الأرضية ونفي التعارض…إلخ. ولما ظهر القادياني وفرقته القاديانية كدعوة جديدة وفرقة جديدة، بالغوا في تأويل نصوص لا تقبل التأويل أصلا، ولا مجال للتأويل فيها لوضوحها، إضافة لكثرتها، فحرفوا معاني نصوص دينية كثيرة.
كان غلام أحمد القادياني متخبط بين إثبات المعجزات الخارقة وبين تأويلها، فتاره يثبت الخوارق، وتارة يؤلها تحريفا، ثم بعد القادياني استقرت الفرقة القاديانية على إنكار المعجزات الخارقة للعادة، بحجة أن لله سننا في هذا الكون وأن الله لا يغير تلك السنن، ثم راحت القاديانية تؤول نصوص الخوارق أو آيات الله الخارقة للعادة الكثيرة -بتكلف كبير أضحك الناس عليها- حتى تجعلها موافقة للسنن الإلهية -حسب فهما هي-!
في البداية نقول: إن آيات الله المعتادة -كطلوع الشمس من المشرق-، وآيات الله الخارقة للعادة -كطلوع الشمس من المغرب قبل قيام الساعة- هما في حق الله وقدرته سواء، هذه كتلك، ومن قدر على هذه قدر على تلك، والأمر هين على الله، وأخبر الله أنه يخرق سننه الكونية إذا شاء ذلك كما دلت عليه النصوص الواضحة، لكن الفرق أن آيات الله المعتادة إعتاد عليها الناس وعلى رؤيتها، بينما آيات الله الخارقة للعادة لم يعتد الناس على رؤيتها، وتحدث بمشيئته إن شاء، فسبحان الله في مشيئته.
كما نقول: إن الخرافات الموجودة عند أهل الأديان والفرق والمذاهب -أو ما لا يمكن نفيه أو إثباته عند أهل الكتاب-، لا يلزم منه إنكار آيات الله الخارقة للعادة، فما ورد عندنا هو حق يلزم الإيمان به وإعتقاده، دلت عليه نصوص الكتاب والسنة بكثرة ووضوح.
ونقول: الملحدون أو من ينسبون أنفسهم إلى العلم أو العقل، عندهم من الأقوال هي عبارة عن خرافات مغلفة بثوب العلم والنظريات العلمية، لا يقدرون هم أنفسهم على إثباتها، أو هناك أدلة تبطل خرافاتهم -العلمية- مثل أن أصل الإنسان سمكة أو قرد، وقبل ملايين السنين حدث كذا وكذا…، كما أن بعض ما يقال عن علوم واكتشافات -بالنسبة لنا نحن عوام الناس- لم نصل لدرجة أن نسلم بها "كحقائق علمية"، لأننا لا نملك الوسائل والأدلة التي تجعلنا نثبت أو ننفي، كما أن علوم البشر لم تحط بكل شيء علما، والله وحده المحيط بكل شيء علما سبحانه العليم المحيط، فكيف نلجأ -والعياذ بالله- إلى إنكار نصوص إسلامية أو تأويلها بناء على أشياء نحن لسنا بقادرين على نفيها أو إثباتها أو التأكد منها!!! وقول الله -سبحانه في علمه- وما صح من قول رسوله صلى الله عليه وسلم مقدم عندنا على أقوال البشر، وإن غلفوا أقوالهم تحت مسميات العلم والعقل، ولا ندع وحي الله وقول الله المحيط العليم، ونأخذ بقول إنسان مهما بلغ من العلم يبقى جاهلا، والإنسان يولد جاهلا ثم يهبه الله قوة العقل والإدراك والتعلم، ولن يبلغ من العلم مبلغ علم نبي مرسل أو ملك من الملائكة عليها السلام، بل الإنسان لا يملك الإحاطة بكل العلوم المدونة في الكتب، ولو جلس يدرس ويتعلم ذهب عمره ولم يحط إلا بالقليل القليل، فقول الله يقين، وقول البشر بحاجة إلى أن نتيقن منه.
ثم إن بعض ما يقدم للناس من أشياء بثوب العلم والمعرفة، يلاحظ منه هدف خبيث، وهو جعل الناس ملحدين -والعياذ بالله سبحانه-، ولا أدل على ذلك، من أنهم يستخدمون عبارات مثل: وهبت (الطبيعة) هذا الحيوان…، مع أننا نؤمن أن الله هو (الخالق الوهاب) : {وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ فَقَدَّرَهُۥ تَقْدِيرًا} [الفرقان 2] . وعندما يعرضون تصرفا لحيوان خلق حديثا، فتصرف بتصرف -دون سابق علم- مثل أنه خرج من البيضة فتوجه فورا إلى الماء، فيقولون: (غريزة). ونحن نؤمن أن الله الخالق الخلاق البارئ المصور هدى خلقه لما شاء: {قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِیۤ أَعۡطَىٰ كُلَّ شَیۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ} [طه 50]
ومع كل ما سبق، علوم البشر القديمة والحديثة لا يستند إليها في إنكار المعجزات، فهي تنظر في المواد والقدرات والنتائج والتجارب والظواهر والأسباب…، والله مسبب الأسباب، ويقدر ما يشاء، ويفعل ما يشاء…، بل اليوم بعض ما كان ينكره الكفار على النبي صلى الله عليه وسلم من الإسراء إلى بيت المقدس والعودة إلى مكة في ليلة صار أمرا جائزا ومعقولا وعاديا، ومن كان ينكر العروج إلى السماء اليوم -حسب قولهم- وصلوا إلى القمر والمريخ، والقاديانية التي تنكر عروج النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة، ورفع عيسى عليه السلام إلى السماء، وهي التي لا شغل لها إلا الطعن بتفسيرات المسلمين ومعتقداتهم، لم نجدها تطعن بالوصول إلى القمر والمريخ، مع أن نبيها القادياني ينفي إمكانية الصعود إلى القمر، والمفروض أن يتبع القاديانية قول نبيهم الذي يتكلم بوحي إلهي! فالمسألة عند القاديانية ليست مسألة عقل أو علم أو استدلال، بل هوى متبع، وضلال مبين، وتناقض واضح.
والقاديانية تأتي إلى النص وتفسره وفق عقلها المريض، ثم تقول لك: هذا التفسير معقول أو يوافق العقل! وتفسيرات القاديانية العقلية يمكن إبطالها بحجج عقلية -هي أقوى من التفسير العقلي المزعوم نفسه-، وإليك بعض الأمثلة:
([1]) يقول القاديانيون في قصة أصحاب الفيل: إن أصحاب الفيل هلكوا بمرض الجدري وانتشرت جثثهم في العراء، وأن الطيور اجتمعت تأكل لحم الجيف، فكانت تنهش اللحم ضاربة إياه على الصخور.
ويرد عليهم: كيف ميز مرض الجدري بين أبرهة وجيشه وجنوده، وبين أهل مكة، فأصاب أبرهة ومن معه، ولم يصب أهل مكة؟!
([2]) يقول القاديانيون عن قصة غرق فرعون وجنوده: إن الله تعالى قد أتى ببني إسرائيل إلى البحر وقت الجزر، فما إن ضرب موسى عليه السلام بعصاه البحر حتى أخذ الماء ينحسر. وعندما وصل فرعون البحر كان موسى عليه السلام قد عبر معظم اليابسة التي انحسر عنها ماء البحر، فلما رآهم فرعون يعبرون البحر من ذلك المكان أسرع وراءهم بعرباته. ولكن رمال البحر أدّت إلى هلاكه وجنوده حيث أخذت عجلات عرباتهم تغوص في الرمال، وقضوا وقتًا طويلا في محاولة إخراجها من الرمال، حتى حان وقت المد، فرجع الماء وأغرق فرعون وجنوده.
ويرد عليهم: ألم يكن في جيش فرعون من هم ماهرون في السباحة فينجون من المد؟! لماذا غاصت العربات، بينما لم تغص أرجل بني إسرائيل؟! إذا كان الموضوع مجرد مد وجزر، لماذا عندما حان وقت المد، لم يدعوا العربات ثم يبتعدوا لينجوا بعضهم على الأقل؟!
([3]) يقول القاديانيون عن الإتيان بعرش بلقيس: السرعة، والقيام بالأمر بلمح البصر، والمراد أن ذلك العالم اليهودي، وكان يعني أنه سيصنع عرشا جديدا فخما، مثل عرش بلقيس ويحضره لسليمان عليه السلام بسرعة.
ويرد عليهم: كيف عرف ذلك الرجل الذي سيصنع عرشا مثل عرش بلقيس، شكل عرش بلقيس؟ هل كانت لديه صور فوتوغرافية؟! كيف عرف لون العرش؟ وحجم العرش؟ وطوله وعرضه وإرتفاعه؟ والقياسات المتعلقة به؟! كيف عرف ما يتعلق به من تفاصيل مثلا: التذهيب، والنقوش والزخارف والرسوم، وبعض الخامات والمواد…؟!
([4]) يقول القاديانيون عن نار إبراهيم عليه السلام: يبدو أن النار أخمدت بسبب غيبي كالريح أو المطر، ولذلك قال الله تعالى هنا : ( قلنا يا نار كوني بردا ) ولم يقل : " قلنا يا نار انطفئي "... فلما أوقدوا النار في النهاية، وألقوا فيها إبراهيم - عليه السلام - هطلت الأمطار في تلك اللحظة نفسها وأخمدت النار، فخرج منها إبراهيم سالما معافى. وبما أن عبدة الأوثان يتبعون الأوهام كثيرا، فلما خمدت النار بالأمطار، ظنوا أن هذه هي المشيئة الإلهية، فخافوا وخلوا سبيل إبراهيم.
ويرد عليهم: أما الريح فهي تزيد في إشتعال النار؟! أما المطر فهو يحتاج وقتا حتى يطفأ النار، ولا بد أن يصيب من إلقي في النار شيئا منها، ولو شيئا بسيطا قبل أن تخمد؟! ثم إذا كان الأمر مجرد ريح أو مطر، لماذا لم يخرجوا فيه في يوم آخر تالي لا ريح فيه ولا مطر، حتى يتأكدوا من المشيئة الإلهية أصحيح من استنتجوه أم لا؟!
([5]) يقول القاديانيون: إن عيسى عليه السلام لم يتكلم في المهد طفلا صغيرا، وإنما عندما تكلم كان شابا.
ويرد عليهم: لو كان تكلم شابا، فلا داع لأن يخبرنا الله عز وجل في مواضع عديدة، أنه يتكلم وهو شاب، إذ الأمر بديهي لا خلاف فيه ولا عجيب ولا غريب.
{فَأَشَارَتۡ إِلَیۡهِۖ قَالُوا۟ كَیۡفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِی ٱلۡمَهۡدِ صَبِیّا} [مريم 29]
{وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ} [آل عمران 46]
{إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِى عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَٰلِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَىٰةَ وَٱلْإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيْـَٔةِ ٱلطَّيْرِ بِإِذْنِى فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِى وَتُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ بِإِذْنِى وَإِذْ تُخْرِجُ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِى وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَآ إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ} [المائدة 110]
فالتكلم في المهد إعجاز، واستدل البعض أن تكلمه في الكهولة إعجاز أيضا، وذلك حين ينزل من السماء، ثم لاحظ أن الآية الأخيرة تتحدث عن نعم وأفضال من الله وأشياء غير عادية.
ولو قال فرد قادياني للناس: إن إبني الشاب يتكلم، لعده الناس شخصا سفيها!
كما أن ما سبق فسره القادياني بتفسيرات تبطل تفسيرات وتأويلات وتحريفات القاديانية:
٭يقول القادياني في الطير الأبابيل: "وفي قوله تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَـٰبِ ٱلۡفِیلِ﴾ نبوءة عظيمة، وكأنه تعالى قال له ألم تر أن ربك رد مكرهم في نحورهم وأرسل طيورا صغارًا لإبادتهم. لم تحمل تلك الطيور بنادق، بل حملت الطين فقط، لأن "السجيل" هو الطين. قد عد الله في هذه السورة رسوله الكعبة، وأنباً بنجاحه وتأييده ونصرته بذكر حادث أصحاب الفيل، بمعنى أن الذين يسعون ويكيدون لإفشال مهمة النبي وأعماله كلية، سوف يرد الله تعالى مكايدهم وجهودهم في نحورهم بإهلاكهم بدون أسباب كبيرة، كما دمرت العصافير أصحاب الفيل. وهذه النبوءة ممتدة إلى يوم القيامة، فكلما أطلت فئة برأسها كأصحاب الفيل هيا الله تعالى من عنده الأسباب لتدميرهم ولإحباط مكايدهم". [الملفوظات ج1 ص168]
٭ويقول القادياني أن فرعون وجنوده غرقوا في نهر النيل: "وكما حدث في زمن موسى أن فرعون وهامان ظلا مخدوعين ما لم يأخذ بهما طوفان النيل". [البراهين الأحمدية ج5 ص262]
"إن الله حليم دون أدنى شك ولكنه أكثر غيرة أيضا من الجميع. إن غيرته هي التي تسببت في الطوفان في زمن نوح وغيرته هي التي أغرقت في النهر فرعون وجيشه كله في نهاية المطاف". [ينبوع المعرفة 237]
٭ويقول القادياني في عرش بلقيس: "أتحسبون أن ملائكة الله كانوا أقل همة وقوة من صاحب سليمان الذي ما قام من مجلسه وما نقل إلى مكان وأتى بعرش بلقيس قبل أن يرتد طرف سليمان؟ فتدبر، والإشارة مكتفية للعاقلين". [حمامة البشرى 136]
"استفسر شخص عن معنى الآية: ﴿أَنَا۠ ءَاتِیكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن یَرۡتَدَّ إِلَیۡكَ طَرۡفُكَ) فقال -القادياني- : أي استبعاد في الإتيان بعرش بلقيس في لمح البصر؟ الحق أن هذه الاعتراضات تنشأ في أذهان الذين لا يوقنون بقدرات الله يقينا كاملا فيلجأون إلى تأويلها. أما نحن فنؤمن بـ ﴿أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ﴾إن إنكار المرء أمرًا بناء على تجربة ناقصة لأمثاله مذموم جدا". [الملفوظات ج8 ص227]
٭ويقول القادياني في نار إبراهيم عليه السلام: "فليس عند الله تعالى طريق واحد لإنقاذ الناس، بل عنده طرق كثيرة. وثمة أسباب كثيرة وراء خاصية الحرارة والإحراق في النار أيضا، بعض هذه الأسباب لا تزال خفية لم يطلع عليها الناس، كما لم يكشف الله تعالى على الدنيا بعد الأسباب التي تزيل صفة الإحراق من النار؛ فلا غرابة في أن تكون النار قد بردت على إبراهيم فعلاً". [الخزائن الدفينة 239]
"إذ حين ألقي بإبراهيم عليه السلام في النار تجلت عادة الله هذه، بحيث لم يصرف إبراهيم عن النار ولم يُرفع إلى السماء، بل إن النار لم تقدر على حرقه بحسب مدلول الآية: ﴿قُلۡنَا یَـٰنَارُ كُونِی بَرۡدࣰا)". [التحفة الغولروية 283]
٭ويقول القادياني حول تكلم عيسى في المهد عليه السلام: "واللافت في الموضوع أن المسيح الناصري عليه السلام تكلم في المهد، أما هذا الولد فقد تكلم مرتين في بطن أمه". [ترياق القلوب 119]
كما ترى فهذه التفسيرات القاديانية العقلية مردودة بحجج عقلية! ومردوده من خلال أقوال الغلام القادياني الذي يصفونه بالمعصوم والحكم العدل!
قلت: يبدو أن القاديانيين يعقلون أكثر من نبيهم، فالقاديانيون ألقوا ما سبق من أقوال الغلام القادياني في سلة القمامة، وتعاملوا معها وكأنها غير موجودة! وإضافة إلى ذلك راحوا يتهمون المسلمين بالخرافة والإيمان بالخرافات -والعياذ بالله-! مع أن الغلام القادياني من أكبر المخرفين حيث يقول:
"كما شاهد بعضهم أن فأرة ولدت من تراب يابس حيث كان نصف جسمه من تراب والنصف الآخر صار فأرة". [الكحل لعيون الآرية 53]
"فلماذا لا تُقبل أيضا كرامة السيد عبد القادر الجيلاني الشائعة بين الناس حيث أنه انتشل من البحر سفينة غرقت قبل ١٢ عاما مع ركابها الذين كانوا في موكب زواج فأخرجها وكافة ركابها أحياء ؟! وكانت الطبول تدق معهم ويُعزف على آلات الموسيقى؟ كذلك تروى له كرامة أخرى أن ملك الموت قبض روح أحد مريديه دون إذنه فطار عبد القادر الجيلاني وراء الملاك وأمسك به في السماء وضرب على ساقه بالعصا وكسر العظم وحرر جميع الأرواح التي كان قد قبضها في ذلك اليوم فأحييت كلها. ذهب الملاك إلى الله باكيا شاكيا فقال الله له: إن عبد القادر يحتل مقام المحبوبية فلا يجوز التدخل في أي عمل من أعماله، فلو أحيا جميع الأموات السابقين كان له الحق في ذلك. فلما لم تقبل مثل هذه الكرامات المعروفة التي ما كان في قبولها غضاضة". [البراهين الأحمدية الجزء الخامس 47]
"وتوهب عينه قوة على الكشوف فيرى أمورا أدق وأخفى. وفي كثير من الأحيان تعرض عليه كلمات مكتوبة، ويقابل الأموات مقابلة الأحياء. وكثيرا ما تمثل أمام عينيه أشياء تبعد في الواقع مئات الأميال وكأنها تحت الأقدام". [حقيقة الوحي 24]
"كذلك توهب أذنه قوة لسماع الغيبيات، ففي كثير من الأحيان يسمع صوت الملائكة ويطمئن بسماعه في حالات الاضطراب. والأغرب من ذلك أن يتناهى إليه أحيانا صوت الجمادات والنباتات والحيوانات أيضا". [حقيقة الوحي 24]
"كذلك يعطى أنفه قوة شم شذى الغيب فيقدر في معظم الأحيان على شم أمور مبشرة، كما يحس رائحة كريهة لمكروه قادم". [حقيقة الوحي 25]
"والنوع الثالث من أصحاب الرؤى والإلهام فيشمل الذين تكون رؤاهم وإلهاماتهم شبيهة بالمشهد المادي، حيث يرى ضوء النار كاملا في ليل حالك الظلام شديد البرودة ويمشي في ضوئها، وليس هذا فحسب، بل يدخل أيضا في محيط حرارتها ويحتمي من ضرر البرد كليا". [حقيقة الوحي 25]
وتحاول القاديانية الظهور بمظهر الجماعة الموافقة للعلم، مع أن نبيها الذي تتبعه له أقوال تخالف العلم، وتخالف ما يعرفه الناس:
"إذا مات معدن وفني كليا تعود إليه الحياة نتيجة غليه مع العسل والبُرَق (Borax) والسَمن. يقول قائل في اللغة البنجابية ما معناه: في العسل والبرق (Borax) والسمن تكمن حياة المعدن الميت". [ينبوع المعرفة 163]
"عدة الحوامل أن يتجنبن الزواج بعد الطلاق حتى الولادة، فالحكمة في ذلك أنه إذا عقد القرآن في أثناء الحمل فمن المحتمل أن تستقر نطفة الزوج الثاني، وفي هذه الحالة يضيع النسب ولن يتبين أي مولود لأي والد". [الديانة الآرية 25]
"لو سئل اليهود عن الثالوث وألوهية يسوع، وفحصت كتبهم لكان الجواب الواضح أنهم لم يعتقدوا بالثالوث قط، ولم يقرأوا في كتبهم أن إلها ماديا سيولد من بطن أمه بعد أن تربى لتسعة أشهر على دم حيضها مثل الأجنة العادية". [الملفوظات ج٢ ص458]
"مني بعض السيدات اللاتي -هي نادرة الوجود جدا- يتمتع لغلبة عامل الذكورة فيه بقوة الفاعلية والانفعالية كلتيهما، بحيث يتم الحمل تلقائيا نتيجة اختلاط القوتين إثر إثارة الشهوة القوية". [الكحل لعيون الآرية 50]
"وكذلك قد لاحظ بعض الناس أن أنثى دودة القز أحيانا تبيض دون تلقيح الذكر وتفقس أيضا". [الكحل لعيون الآرية 53]
"عمر الدنيا فإنها سبعة آلاف". [إعجاز المسيح 40]
"لقد ثبت ويلاحظ دوما أن الذين يدعون متمسكين بقانون الطبيعة عبثا، يكونون غير ناضجين… وربما ظهر حادث صحيح على أرض الواقع كما قد نشر في الجرائد المعاصرة خبر يفيد أنه قد نزل في أحد البلاد الأوروبية حجر قدر وزنه أكثر من طن واحد وكانت معه عظام أيضا وربما هي عظام الذين يسكنون في حجرة في القمر، فعلى الفور سوف تختلج في قلب الفيلسوف وسوسة. فهذه الوسوسة والبلبلة تشهد صراحة على نقصان عقل ذلك الشقي وفهمه". [الكحل لعيون الآرية 49]
"إن البحوث العلمية المعاصرة تشهد على أن انشقاق القمر لم يحدث مرة واحدة فقط، بل إن الاتصال والانشقاق جاریان سرا في الشمس والقمر باستمرار، لأن الفسلفات المعاصرة تبدي رأيها المحكم بأن الشمس والقمر عامرتان بالحيوانات والنباتات وغيرهما كما هي الأرض وهذا الأمر يثبت الانشقاق والاتصال للقمر، لأن من الواضح جدا أن الحيوانات والنباتات وغيرها تتخذ جسمها من مادة الكوكب نفسه الذي تكون عليه، وليس صحيحا أن تلك المادة تنقل إليها بالعجلات والمركبات من كوكب آخر. الآن حين لم نجد بدا من الإقرار بأنه قدر ما يوجد في القمر من كائنات حية وهي تتحرك بإرادتها وتتولد بانتظام، فإن مادة جسمها هي نفس التي كانت تتصل بجرم القمر؛ فهذا يستلزم الإقرار بأن جرم القمر يلزمه الانشقاق دوما. ثم بموت هذه الكائنات يلزم الاتصال أيضًا. فالواضح من هذا التحقيق أن الانشقاق والاتصال موجودان في القمر كل حين وآن بل في الشمس أيضًا. وإن مثالا عظيما لهذا الانشقاق والاتصال يكمن في حادثة انشقاق القمر المذكور في القرآن الكريم. فما دام الفلاسفة يقرون بأنفسهم بنموذج أصغر فما الذي يدفعهم إلى إنكار العظيم؟ فالأمر الحقيقي ثابت بحسب طريق الفلاسفة أيضًا أن الانشقاق والاتصال يحدثان بانتظام في جرمي الشمس والقمر؛ فبناء على ذلك قد سلم بكون هاتين الكرتين عامرتين بالحياة" [الكحل لعيون الآرية 223]
كذلك فإن للغلام القادياني أقوال واستدلالات قائمة على الدجل:
[1] تأثير كوكب المشتري:
"مبعوث هذا العصر يظله كوكب المشتري لا كوكب المريخ". [التحفة الغولروية 209]
"يقتضي تأثير كوكب المشتري أن لا يُحمل السيف للقتل". [التحفة الغولروية 231]
[2] مرهم عيسى:
في إعلان للقادياني رقم ( ١٩٣ ) بتاريخ : ٢٣/٧/١٨٩٨م يقول القادياني : "دواء للطاعون لقد كتبت من قبل أن هناك دواء للطاعون قد أُعِدّ ببذل ألفين وخمس مئة روبية ، وإضافة إلى ذلك قد رُكِّب "مرهم عيسى" أيضا للتطبيق على الجسم خارجيًّا أي المرهم الذي كان قد رُكِّب لعلاج جروح عيسى حين علقه اليهود الخبثاء على الصليب. فقد طُبّق هذا المرهم المبارك أربعين يوما متتالية على جروح عيسى الناتجة عن عملية الصلب. وبسببه شفاه الله تعالى وكأنه حيي من جديد. هذا المرهم مفيد للغاية في الطاعون أيضا بل يفيد في كافة أنواعه، لذا من المناسب أن يبدأ الناس باستخدام هذا المرهم فورا على إثر ظهور بوادر المرض فإنه يدفع المواد السمّيّة وينضّج البثور والنفطات ويمزّقها ولا تتوجه سمومها إلى القلب ولا تنتشر في الجسم. وطريقة استخدام الدواء الذي أسميته "الترياق الإلهي…".
[3] نبي القاديانية يقول بالحيل والشعوذات والتنويم المغناطيسي بل وينسبها للأنبياء عليهم السلام:
"فلا غرابة أن يعلم الله المسيح عليه السلام من الناحية العقلية أن ألعوبة من الطين يمكن أن تطير أو تمشي بأقدامها مثل طير بالضغط على زر أو النفخ فيها". [فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام 268]
"ومن الثابت المتحقق على وجه القطعية واليقين أن المسيح ابن مريم عليه السلام كان ماهرا في عمل الترب بإذن من الله وأمره مثل النبي إليسع، وإن كان أقل درجة من درجة اليسع الكاملة. إذ أن جثة اليسع أيضا قد أظهرت معجزة، حيث عادت الحياة إلى ميت بلمس عظام جثته". [فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام 270]
"واعلموا أن ما ورد في القرآن الكريم أن أربعة من الطير جعلت أجزاء ووضعت على أربعة جبال منفصلة ثم أتت عندما نوديت ففي ذلك أيضا إشارة إلى علم الترب، لأن تجارب هذا العلم توحي أن الإنسان يملك قوة مغناطيسية قادرة على جذب جميع كائنات الأرض إلى نفسه. ويمكن أن تتطور قوة الإنسان المغناطيسية لدرجة يتمكن بواسطتها من جذب طير أو دابة إلى نفسه، وذلك بمجرد التركيز عليها ". [فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام 542]
"والبعض الآخر يقدرون على أن يلقوا تأثيرهم في قلوب الآخرين بقوة العمل نفسه، كما يؤثر بعضهم في الجمادات، فتنشأ الحركة فيها. ففي هذه الأيام الراهنة نرى كثيرا من الناس متمرسين في هذه الأمور. فمنهم وعلى سبيل المثال من يستطيع أن يحرك وبقوة نتيجة علم الترب رأسا مبتورة لشاة أو غيرها، فتراه يرقص، وبعضهم من يعثرون على السارق بتحريك الإبريق، وذلك على إثر قيامهم بأعمال الشعوذة. فكل هذه الأمور فروع من علم الترب في الحقيقة". [فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام 541]
أما تناقضات القاديانية مع القادياني فحدث ولا حرج:
||1|| مسألة نوم أهل الكهف:
"أتحسبون أن عجائبنا قد انتهت عند أصحاب الكهف فقط؟ كلا، بل إن الله تعالى يُري العجائب دائما ولا تنقطع عجائبه أبدًا". [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة 611]
"ونؤمن بأنه حتى لو نام أحد إلى مئتي ألف عام، فضلا عن مئة عام، فلا حرج في ذلك". [الملفوظات ج1 ص517]
"كما قد ثبت بالمشاهدة أن بعضهم عاشوا في العصر الحالي أكثر من ٣٠٠ عام، وهذا العمر خارق للعادة. كما أن قوة الذاكرة أو قوة البصر لبعضهم تبلغ الكمال بحيث لا نظير لها. يكون الناس من هذا القبيل نادري الوجود جدا، بحيث يظهر أحدهم بعد مئات السنين بل آلاف السنين". [الكحل لعيون الآرية 51]
بينما ترفض القاديانية أن أهل الكهف ناموا ٣٠٩ من السنوات، بحجة أن ذلك ليس من سنة الله ولا يقبله العقل، فبينما قصة أصحاب الكهف عجيبة عند القادياني، إلا أن ابن القادياني بشير الدين يسخر من والده : "إنه لمن المضحك المبكي أن الله تعالى يصرح هنا أن أصحاب الكهف ليسوا من العجائب، بل كانوا آية كغيرها من آيات الله، ولكن المسلمين يقدمونهم كأعجوبة من العجائب". [التفسير الكبير ج4 ص635]
||2|| مسألة حياة نوح عليه السلام:
"سأل أحد نوحا عليه السلام: لقد عشت في الدنيا قرابة ١٠٠٠عام فأخبرنا ماذا رأيت هناك؟ قال نوح عليه السلام: يبدوا لي كأني دخلت من باب وخرجت من باب آخر. فالعمر بحد ذاته لا يهم سواء أكان قصيرا أم طويلا، بل يجب أن تكون العاقبة حسنة". [الملفوظات ج3 ص344]
بينما ترفض الجماعة القاديانية أن يكون نوح عليه السلام عاش قرابة ١٠٠٠ عام، فتقول تحريفا للنص أن دعوته بقيت هذه المدة: "أما قوله تعالى: ﴿فَلَبِثَ فِیهِمۡ أَلۡفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمۡسِینَ عَامࣰا﴾ فلا يعني أن نوحا بلغ من العمر تسع مئة وخمسين عاما، إنما هذا إشارة إلى عمره الروحاني.. أي أن شریعته بقيت في قومه تلك المدة، ثم اندرست". [التفسير الكبير ج7 ص693]
||3|| مسألة عصا موسى عليه السلام:
"ثم قال -القادياني- في ذكر معجزة الكلام: لا توجد معجزة مثلها على وجه الأرض للتذكر. هذه أيضا من معجزات خاتم النبيين فلو قرأ أحد القرآن الكريم الآن أيضا لوجده معجزة فحسب، لو كانت عصا موسى تملك العظمة نفسها لكانت محفوظة إلى اليوم في صندوق ما، ولجعل اليهود الناس يرونها على أنها عصا موسى التي حولها إلى ثعبان". [الملفوظات ج3 ص370]
"إن الله تعالى قادر على أن ينفخ روحا في الخشب أيضا إذا شاء ذلك، كما أن عصا موسى كانت تتحول إلى خشبة تارة وإلى حية تارة أخرى". [نسيم الدعوة 154]
أما القاديانية فتقول: "وليكن معلوما هنا أن تحول عصا موسى عليه السلام إلى ثعبان مبين ورؤية الناس يده مضيئة نيرة إنما هو من قبيل الكشوف التي أشرك الله فيها فرعون وأصحابه أيضا. وهذا من الحقائق الثابتة المسلم بها، وتوجد نظائرها بكثرة في تاريخ الأنبياء والأولياء حيث يوسع الله تعالى نطاق مشاهد الكشوف أحيانًا فيراها غيرهم أيضا". [التفسير الكبير ج7 ص136]
||4|| قصة صاحب القرية:
"فإذا كان معارضونا يتحلون بالأمانة وخشية الله، فلزام عليهم أن ينظروا عند تناول قصة عزير إلى الآيات القرآنية التي تعلن صراحة أن الموتى لا يعودون. والآن نرد عليهم بجواب آخر جدلاً. لقد بينت من قبل وأقول مرة أخرى: أما القصص فيكفي بها الإيمان إجمالاً، أما الأحكام والتعاليم فالعمل بها ضروري، لذا فلا بد من فهمها واستيعابها.
هذا، وإن ما ورد عن عزير أنه مات مئة عام، فاعلموا أن من معاني "أمات" "أنام" أيضا، كما أن "الموت" قد أطلق في القرآن الكريم على زوال القوة النامية والحسية أيضا. ملخص الكلام إنه يمكننا أن نفسر النوم في قصة عزير أيضا على غرار النوم في قصة أصحاب الكهف.
والفرق بين قصة أصحاب الكهف وقصة عزير هو أن الكلب ذكر هنالك، أما هنا فذكر الحمار، والنفسُ تشابه الكلب والحمار كليهما. لقد عد الله تعالى اليهود حميرا، وفي قصة بلعام باعور ذكر الكلب، فيبدو من هنا أن النفس ملازمة لكل من هؤلاء القوم، فكل من صار مغشيا عليه من هؤلاء ذكر معه كلب أو حمار.
باختصار، وفقا للأسلوب الآخر المشار إليه آنفا، تفسير "أمات" بمعنى "أنام"، ونؤمن بأنه حتى ولو نام أحد إلى مئتي ألف عام، فضلاً عن مئة عام، فلا حرج في ذلك، ولكن الروح التي يمسكها ملك الموت لا تعود إلى الدنيا ثانية. والروح تقبض في النوم أيضا، ولكن لا يمسكها ولا يأخذها ملك الموت معه". [الملفوظات ج1 ص516-517]
فالقادياني فسر حياة "صاحب القرية" بأنه نام 100 عام، بدلا من الموت 100 عام، خروجا من الإشكال أن الموتى لا يعودون -طبعا باستثناء ما يموت لدقائق أو لساعة أو ساعتين مع الروث والرماد والملح…- ولا مانع عنده إن نام أحد 200 ألف سنة. أما القاديانيون فلهم رأي آخر: "يقول الله تعالى : انظر إلى ذلك الذي مر على قرية وهي خاوية على سقوفها فقال : يا رب متى تعمر هذه القرية مرة أخرى ؟ فأراه الله في المنام أنه ميت لمدة مائة عام، ولما قام من نومه سأله : كم لبثت في هذه الحال؟ فقال : يوما أو بعض يوم. فقال الله : هذا صحيح، لكن تذكر أن رأيت نفسك في هذا الحال ميتا لمدة مائة عام. والدليل على صحة ما تقول أن طعامك وشرابك لم يتغير، أما الدليل على صدق قولنا من أننا أريناك في الرؤيا مشهدا لما سيحدث في مائة عام قادمة.. أنه عندما يتحقق هذا سوف يسلم الناس بأنك كنت على صلة صادقة بالله تعالى. وعندما تبينت له هذه الحقيقة قال : أؤمن بأن الله على كل شيء قدير، وليس بعزيز عليه أن يعمر هذه القرية الخربة مرة أخرى بفضله". [التفسير الكبير ج2 ص686]
كذلك يمكن إبطال تفسيرات القاديانية العقلية من خلال أقوال الغلام القادياني المخالفة للعقل حسب عقل القاديانية والقاديانيين:
عندما أراد الغلام القادياني أن يثبت أنه عيسى بن مريم الموعود، أي أنه المسيح المحمدي لا ابن مريم خاتم أنبياء بني إسرائيل عليه السلام قال: "إنه تعالى كان قد سماني مريم في الجزء الثالث من "البراهين الأحمدية" فلم أزل اتربى وأنمو في الخفاء لمدة حولين في حالتي المريمية كما هو واضح من "البراهين الأحمدية"، ثم بعد انقضاء عامين-كما هو مذكور في الجزء الرابع من "البراهين الأحمدية" الصفحة ٤٩٦- نُفخت في روح عيسى كما نفخت في مريم، ووصفت حاملا على سبيل الاستعارة، وأخيرا بعد عدة أشهر -لا تتجاوز عشرة- جُعلت عيسى بن مريم من خلال الإلهام المسجل في آخر "البراهين الأحمدية".. أي الجزء الرابع منه وفي الصفحة ٥٥٦، فصرت ابن مريم على هذا النحو". [سفينة نوح 71]
ولا يقبل أي عاقل هكذا استدلال! والعجيب أن الغلام القادياني هو القائل: "من المؤسف أن هؤلاء الناس لا يدرون أن الادعاء بلا دليل ثم الإتيان بكلام هراء بناء على الإدعاء نفسه وتسميته دليلا ليس من شيمة العاقلين". [ينبوع المعرفة ورسالة الصلح 68] فكيف تقبل يا أيها القادياني إدعاء غلامك القادياني هذا بلا أدلة قاطعة وواضحة وصريحة، ثم كيف تقبل كلاما هو هراء بناء على ذلك الإدعاء -إن كنت من العاقلين-؟!
ثم عندما ننظر إلى قول آخر للغلام القادياني نجد كلاما عجيبا: "لقد ولدت توءما، فالطفلة التي ولدت معي قد ماتت بعد بضعة أيام، وأرى أن الله سبحانه وتعالى بذلك قد فصل عني نهائيا مادة الأنوثة". [البراءة 266] ما علاقة موت تلك الطفلة بالأنوثة والذكورة؟ يعني إذا ولدت إمرأة توأما ذكرا وأنثى، هل الذكر في هذه الحالة فيه مادة أنوثة؟ ثم هل موت الأخت التوأم بعد أيام من الولادة يفصل مادة الأثوثة عن أخيها التوأم؟ طيب إن ولدت إمرأة توأما ذكر وأنثى ولم تمت الأنثى، هل هنا الذكر يكون فيه مادة أنوثة؟! كلام عجيب والله!
ومن الطرائف أن القاديانيين ينكرون آيات الله الخارقة للعادة، بحجج أنها تخالف العقل، وأن لله سننا في هذه الدنيا والله لا يغير هذا السنن، وحالهم: هذا غير معقول! وليس من سنة الله كذا وكذا! ثم هم يقولون عن غلامهم القادياني: "وأخذ يتوسل إلى مولاه وجيه وبارته، أن يؤتيه علوم هذه اللغة العربية، ويجعله أبلغ من كل بلغاء عصره، وأوحد أدباء زمانه. واستجاب الله تعالى لتضرعاته، وسمع لكل توسلاته، وأصلحه في ليلة وعلمه أربعين ألفا من جذور اللغة العربية ومصادرها في ليلة واحدة، تماما كما سبق وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى صار بفضل ربه كما أراد أن يكون نابعة الأدباء، وإمام البلغاء". [السيرة المطهرة 226]
كيف قبلت عقولكم يا قاديانية هذا الزعم وهذا الإدعاء؟! هل من سنن الله أن يتعلم أعجمي اللغة العربية في ليلة؟! إن قلتم: نعم من سنن الله وهذا شيء معقول؟! قلنا لكم: كيف؟ إن قلتم: بقدرة الله! فهذه حجة من يثبت المعجزات الخارقة للعادة! أما إن قلتم: هذا يكون بمشيئة الله إن شاء ذلك! فنقول لكم: يا قاديانية فلتأتوا بأعجمي ثبت أنه لا يعرف العربية ثم فليتوجه خليفتكم -المختار من الله وولي الله ورجل الله ووو…- إلى الله هو ومشايخكم ويطلبوا من الله أن يعلمه اللغة العربية في ليلة كما علم الغلام القادياني اللغة العربية في ليلة!!! وهنا أدلة صدق الغلام القادياني تصير 31 بدلا من 30!
ونضيف فنقول: كيف سيتعلم الغلام القادياني اللغة العربية في ليلة وهو مصاب بضعف الذاكرة؟! بل كيف يكون نبيا -جدلا- وهو مصاب بأمراض كثيرة تعيق أي إنسان عن أي مهمة دعوية، فما بالك بالمهمات النبوية؟!
يؤمن القاديانيون أن عيسى عليه السلام، ولد من أم بلا أب، كمعجزة من المعجزات الإلهية، فإن قيل لهم: أنتم تقولون إن لله سننا وإن الله لا يغير سننه، فكيف غير الله سنة من سننه وهي الولادة من أم وأب، قالوا ما معناه أن ولادته من أم فقط من سنن الله، وبعض النساء النادرات عندهن القابلية لذلك!
ومعذرة على هذا القول، لو حملت إمرأة قاديانية ليست متزوجة وولدت، ثم احتجت على القاديانيين بالحجة السابقة أنها من النساء النادرات! فلا أتوقع أنهم سيقبلون منها ذلك! وهي فاقدة لإثبات ذلك! فثبت من ذلك أنهم يقولون شيء والواقع شيء آخر!.
أما مريم عليها السلام فأعطاها الله الإثبات، من خلال كراماتها: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنۢبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران 37]
ومن خلال تكلم عيسى عليه السلام في المهد: {فَأَشَارَتۡ إِلَیۡهِۖ قَالُوا۟ كَیۡفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِی ٱلۡمَهۡدِ صَبِیّا} [مريم 29]
ومن خلال معجزات ابنها عليه السلام: {إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِى عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَٰلِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِى ٱلْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَىٰةَ وَٱلْإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيْـَٔةِ ٱلطَّيْرِ بِإِذْنِى فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًۢا بِإِذْنِى وَتُبْرِئُ ٱلْأَكْمَهَ وَٱلْأَبْرَصَ بِإِذْنِى وَإِذْ تُخْرِجُ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِى وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَآ إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ} [المائدة 110]
ومن الطرائف قصة نور الدين البهيروي الخليفة الأول حيث سمع تلاوة أمه للقرآن وهو ببطنها: "أدعو الله تعالى أن يبوأ والدتي مكانة عليا في الجنة، فقد كانت أماً لكثير من الأولاد، ومع ذلك لم تدع الصلاة تفوتها. كانت تحتفظ دائما برداء نظيف وطاهر من أجل الصلاة فقط. كانت ترتديه عند الصلاة ثم تعلقه على الجدار. وكذلك لم تفتها قراءة القرآن الكريم قط، بل قد سمعت القرآن الكريم وأنا في بطن أمي. ثم سمعته في حضنها، ثم درسته على يدها". [حياة نور 9-10] فهؤلاء الذين ينكرون معجزات الرب تبارك وتعالى لا يتوقع أن يصدقهم الناس بأمثال هكذا قصص، فأساس الخوارق ينفونها، فبتالي ما يندرج تحتها من قصص هي باطلة عندهم. وإن ناقشتهم عن أمثال قصصهم هذه يبدأ التأويل والتحريف بالعمل!
أما قصة بشير الدين والحمامة الطبيبة فشيء آخر! حيث يقول: "لقد مررت شخصيا بتجربة غريبة. كانت عندي بندقية هوائية في أثناء السفر إلى لاهور الذي توفي المسيح الموعود فيه، فاصطدت حمامة، وعندما حملتها لذبحها رأيت أن هناك عقدة قرب بطنها عقدت بغصن شجرة. وحين فككتها علمت أنها أصيبت بجرح، وخاطته كما يخيط الجراح جرحًا، يبدو أنها خاطته بمنقارها أو حمامة أخرى خاطته لها. وعندما اصطدتها كان الجرح قد اندمل، قمت بحل العقدة فرأيت أن الجرح قد اندمل كليا، ونما من تحته جلد جاف". [السياحة الروحانية 680] ولا ندري في أي كلية طب تعلمت هذه الحمامة فن خياطة الجروح، ولا ندري ما هو هذا المنقار الذي هو بدقة وحدة الإبرة!!! والعجيب أن هذا الرجل الذي يؤول النصوص بمهنج عقلي فاسد، لم يقل مثلا لعل طبيبا من الأطباء داوى جرحها ثم أطلقها! هذا من ناحية عقلية مقبول أكثر! وهذا منهجهم، هذا التفسير يوافق العقل، وهذا التفسير لا يوافق العقل، ثم يخترعون أقوال وقصص فتصبح أدلة!
ومن عجائب بشير الدين قوله: "إذن فقد تكون مفردات (الجن) و (الإنس) و (الثقلان) الواردة في سورة الرحمن إشارة إلى نظامي الحكم الديمقراطي والدكتاتوري في العصر الحاضر، وذلك باعتبار (الإنس) بمعنى الدكتاتوريين الذين يحتفظون بالسلطة بأيديهم بحجة أنهم الخواص بين القوم، وباعتبار (الجن) بمعنى أصحاب الأغلبية أي الديمقراطيين، حيث تتنافس هاتان الكتلتان أو القوتان في تحقيق نواياهما للاستيلاء على مقادير العالم اليوم، إحداهما باسم الديموقراطية، والأخرى باسم الفاشية أو النازية، وكل منهما تدعي أنها أفضل من الأخرى". [التفسير الكبير ج4 ص99]
والحقيقة إنني دائما ما أنظر في كلامهم أو يخطر ببالي بعض أقوالهم، فأتعجب كيف يجعل الله في أقوالهم، أقوال تبطل ماقلوه من كذب وإفتراء على الله ودين الله وكتاب الله وسنة رسوله الله -عليه الصلاة والسلام- فسبحان الله الذي قدر أن يكذبهم في أقوالهم وأعمالهم…
القادياني والقاديانيون ينكرون المعجزات، ثم يثبتونها في نفس الوقت، وهذا لا يقبله عاقل:
‹ 1 › قال المتنبئ القادياني:
"نحن نؤمن بإلهنا إيمانا قويا أنه لا يضيع عبده الصادق أبدا، وإذا ألقي في النار مثل إبراهيم فلا تحرقه النار. إن مذهبنا هو أنه إذا أشعلت ألف نار ناهيك عن نار واحدة لا يمكنها أن تحرق، وإذا ألقي فيها الصادق سلم منها حتما. ولو ألقيت أنا في النار بسبب العمل الذي كلفت به فأنا موقن بأن النار لن تحرقني. ولو رميت في قفص الأسود لن تقدر على أكلي. أقول يقينا إن إلهنا ليس بالذي لا يقدر على نصرة عبده الصادق، بل إلهنا هو الذي يجعل فرقانا بين عباده وغيرهم. وإن لم يكن الأمر كذلك لكان الدعاء أيضا لغوا. أقول صدقا وحقا بأن قدرات الله وقواه أكثر. ببلايين المرات مما أقوله، بل لا أستطيع أن أحيط بها بيانا.
إننا نؤمن أنه لو ألقت قريش النبي صلى الله عليه وسلم في النار لما استطاعت النار أن تحرقه. ومن أنكر ذلك بناء على أن النار لا تتخلى عن صفاتها، كان خبيثا وكافرا، لأن الله قال مخاطبا هؤلاء الأعداء كلهم: (فَكِيدُونِي جَمِيعًا) أي كيدوا جميعا وسأنقذه حتما، ثم لو زعم أحد بعد ذلك أنه إذا ألقي صلى الله عليه وسلم في النار لاحترق، والعياذ بالله، لكان قوله كفرا. القرآن الكريم صادق، ووعود الله صادقة. فمهما حاولوا ومهما خططوا لقتله فكان الله تعالى سيحميه من ضررهم حتما، وقد حماه في الحقيقة. لو مكروا لصلبه أو إلقائه في النار أو غير ذلك، لثبت بحسب وعد الله تعالى أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق، كما ثبت ذلك في الحقيقة". [الملفوظات ج3 ص85]
‹ 2 › وقال بشير أحمد ابن الغلام الملقب بقمر الأنبياء:
"بسم الله الرحمن الرحيم حدثني الحافظ روشن على وقال : حدثني الدكتور محمد إسماعيل خان وقال : كنا جالسين ذات مرة عند -القادياني- بمناسبة الجلسة بينما كانت طبخة الرز المالح والحلو تعد في الخارج للضيوف، وفي هذه الأثناء أرسل -للقادياني- طعام من بيته. كنا نظن أنه سيكون طعامًا فاخرًا شهيًا، ولكن لما رأيناه وجدنا شيئا من الرز المسلوق وشوربة، ولم يكن يزيد عن طعام شخص واحد فقط دعانا إلى المشاركة معه في تناول الطعام فشاركنا معه. يقول الراوي بأن الدكتور محمد إسماعيل خان كان يقول: لقد أكلنا وشبعنا جميعاً مع أن عددنا كان كبيرا .
أقول : أتعجب ممن يدعون بالإيمان بالله ثم يشكون في ظهور الخوارق. إذا سلمنا بوجود الإله القادر المطلق الذي بيده العالم كله، والذي هو خالق الأشياء ومالكها، لما اشتبه وجود الخوارق، لأنه هو من أودع في الطعام هذه الميزة أن يكون كافيا لشخص واحد، أوليس ذلك الإله يقادر على أن يودعه بتقدير خاص ومصلحة معينة خاصية أن يملأ بطون عشرة أشخاص أو يشبع عشرين نفرا؟ لو سلمنا أن الله تعالى هو من وضع خواص الأشياء، فلماذا لا يكون قادرًا على إحداث التغيير والتبديل فيها بشكل مؤقت نظرا لبعض حكمه الخاصة؟ فإذا كان الله هو القادر المطلق فلا بد من أن نسلم بأنه قادر على كل ما يمكن أن يسمى بالقدرة، كذلك الحال بالنسبة إلى جميع صفاته الأخرى. ولقد أمرنا أن نؤمن بالقدر، والمراد منه أن نؤمن بأن الأشياء أودعت من الله تعالى الخواص كلها، وأن الله تعالى قادر على التغيير بقدرته الخاصة.
باختصار، أمرنا بالإيمان بالقدر العام والقدر الخاص كليهما. أي ينبغي أن تؤمن أولا أن صفة الحرق في النار لم تنشأ فيها تلقائيا بل تولدت بأمر من الله تعالى، ثم ينبغي أن نؤمن بأن الله تعالى قادر على تغيير هذه الصفة أو الخاصية أو تبديلها أو تعطيلها، وينبغي أن نؤمن أيضا أن الله تعالى يري الناس أحيانا مظاهر قدرة الخاص بهذه الطريقة من خلال عباده الخواص لإظهار ذاته ولإقامة الدليل على وجوده ، وذلك لأنه لا يمكن بدونه أن يستحكم إيمان المرء بالله تعالى. يجب التذكر بأنه ليس هناك أي فعل من أفعال الله عبثا، بل هو مبني على حكم كثيرة، ولا يظهر أي أمر خارق للعادة إلا عندما تقتضيه الحكمة الإلهية ووفق ما تقتضيه مشيئة الله، ولا تظهر الآية عندما يطالب بها الطالب ولا تظهر وفق مطالبته إن الله تعالى غني، ولا يحتاج إلى أحد، بل العباد يحتاجون إليه فهو الذي يقرر ما إذا كانت ثمة حاجة لإراءة آية أم لا". [سيرة المهدي الرواية رقم 146]
‹ 3 › وقال بشير الدين محمود ابن الغلام القادياني وخليفته الثاني:
"وليس المراد من قوله تعالى (هُوَ عَلَى هين) أن هذا الأمر صعب على الناس ولكنه سهل لي؛ ذلك لأن الأمر المشار إليه ليس صعبا على الناس فحسب. بل هو مستحيل تماما. إذن فليس هنا أي مقارنة بين قدرة الله وقدرة البشر، وإنما هذا إعلام من الله تعالى بأنه إذا أراد شيئًا فكل شيء هين وسهل عليه". [أحسن القصص 344]
ثم قال:
"أما قول الله تعالى (وكان أمرًا مقضيا) أي إذا أراد الله تعالى أن يخلق أحدا من غير أب فهو أمر سهل بالنسبة الله تعالى، لذا يخبر الآن أن ولادة الابن عند مريم من غير أب كان قضاء الله تعالى لكي تنقطع النبوة عن بني إسرائيل وتنتقل إلى بني إسماعيل. وكان أمراً مبرما لا يمكن إلغاؤه أبدا، بل أصدر الله عز وجل الأوامر بتنفيذه وإمضائه. كيف حملت مريم، هذا سر إلهي أسمى من القانون الطبيعي، أو إذا كان ضمن القوانين الطبيعية فإنه لا يزال حتى الآن سرا مكنونا بالنسبة للإنسان، وهناك الكثير من أسرار القوانين الطبيعية التي لم يتمكن الإنسان بعد من الاطلاع عليها". [أحسن القصص 346]
[ملاحظة هم يقولون أيضا: هناك سننا لله وقوانين لا نعلمها، أو لم نحط بها، أو لم تكتشف بعد… كي يفتحوا المجال أمام التفسيرات غير الخارقة. مثل: ربما هناك شيء يزيل صفة الإحراق للنار، أو صفة الإغراق للماء، أو -والعياذ بالله- التولد الذاتي للمرأة دون معاشرة] لذلك ستجد نبي القاديانية يقول في مواضع:
(1) "مني بعض السيدات اللاتي -هي نادرة الوجود جدا- يتمتع لغلبة عامل الذكورة فيه بقوة الفاعلية والانفعالية كلتيهما، بحيث يتم الحمل تلقائيا نتيجة اختلاط القوتين إثر إثارة الشهوة القوية". [الكحل لعيون الآرية 50]
(2) "هذا العبد المتواضع الذي بعث على سيرة عيسى بن مريم يماثله في أمور كثيرة، فكما كانت ولادة عيسى عليه السلام نادرة اتسمت ولادتي أيضا بنوع من الندرة؛ وهي أن ابنه ولدت معي وهي من النوادر في الولادة البشرية؛ لأن في أغلب الأحوال يولد طفل واحد. ولقد استخدمت كلمة الندرة لأن ولادة المسيح بلا أب أيضا من الأمور النادرة وليست مخالفة لقانون الطبيعة؛ لأن الأطباء اليونانيين والهنود والمصريين قد كتبوا نظائر كثير لولادة أولاد من دون أب. فبعض النساء يتمتعن بحكم القادر المقتدر بكلتا القوتين العاقد والمنعقدة، ومن ثم توجد في بذرتهن خصائص الذكر والأنثى كليهما. ولقد ذكر اليونانيون نظائر هذه الولادة، كما قدم الهندوس أيضا أمثلة. وسجلت أيضا في الكتب الطبية التي ألفت مؤخرا في مصر هذه الظواهر بتحقيق كبير ". [التحفة الغولروية 166]
(3) "هنا يجدر الانتباه إلى سر آخر أيضا وهو أن الخوارق التي تظهر على أيدي الأولياء أحيانا كأن لا يُغرقهم الماء أو لا تضرهم النار، فالسر في ذلك أن الله الحكيم القدير - الذي لا يمكن للإنسان أن يحيط بأسراره اللامتناهية - يُري أحيانا تجلى قدرته عند تركيز أوليائه وأحباته ومقربيه فيتصرف تركيزهم في العالم. فالأسباب الخفية التي يمكن أن يؤدي اجتماعها إلى منع حرارة النار من تأثيرها، سواء أكانت تلك الأسباب تتمثل في تأثيرات الأجرام العليا أو تكون هناك مثلا خاصية كامنة للنار نفسها أو ميزة مكنونة في جسد الإنسان أو تكون مجموعة من تلك الخواص؛ فتتنشط تلك الأسباب نتيجة ذلك التركيز والدعاء، فيبدو للعيان أمر خارق للعادة ولكن هذا لا يؤدي إلى رفع الثقة عن خصائص الأشياء ولا يسفر عن ضياع العلوم. بل الحق أن ذلك علم بحد ذاته من جملة العلوم الإلهية، فهو في محله. فمثلا إن امتلاك النار صفة الإحراق بحد ذاتها في محله تماما. بل قولوا إن شئتم إنها مواد روحانية تتغلب على النار وتظهر تأثيرها وهي خاصة بوقتها وبمحلها. إن عقل الدنيا المادية لا يقدر على استيعاب حقيقة أن الإنسان الكامل يكون مهبطا لتجلي روح الله. وعندما يأتي على الإنسان الكامل وقت ذلك التجلي تماما يخشاه كل شيء كخشية الله. فألقوه عندئذ إن شئتم أمام وحش كاسر أو في النار فلن يصاب بضرر، لأن روح الله تعالى حينئذ تكون غالبة عليه. وقد عاهد كل شيء أن يخشاه إن هذا آخر أسرار المعرفة الإلهية الذي لا يمكن استيعابه بدون صحبة الكاملين وحيث إنها ظاهرة دقيقة المأخذ ونادرة الوقوع فليس كل فَهِم مطلعا على هذه الحكمة، ولكن تذكروا أن كل شيء يلبي نداء الله تعالى، وكل شيء تحت تصرف الله تعالى، وخيوط كل شيء مطوية بيد الله . إن حكمته لا تعرف الحدود، وتبلغ كنه كل ذرة، وفي كل شيء خواص بقدر قدرات الله تعالى، ومن لا يؤمن بذلك فهو من الذين قال الله تعالى فيهم: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ). ولأن الإنسان الكامل يكون أتم مظهر للعالم كله، لذا ينجذب إليه العالم كله بين فينة وفينة، إنه عنكبوت العالم الروحاني، والعالم كله خيوطه. وهذا هو سر الخوارق". [بركات الدعاء 30]
أعاذنا الله وإياكم…مع أني أتوقع -والعلم عند الله- أن هكذا أقوال لا تصدر عن القادياني الذي لا يصلح لشيء، بل هي وأمثالها من أقوال نور الدين الخليفة الأول، وما نقلناه نص قبيح لا يصدر إلا من شخص فاسد وخبيث.
هو يقول:
-أن الخوارق والكرامات تنتج نتيجة تركيز "الخبيث" فيتصرف في العالم -والعياذ بالله سبحانه وتعالى-.
-يرى الناس الخوارق، كأن لا تحرقهم النار، أو تغرقهم الماء، بسبب الأجرام والكواكب، أو ميزة مكنونة في الجسد أو النار، والتركيز.
وهذا الأقوال لا تصدر إلا عن الكفرة والدجالين والسحرة والمنجمين والعرافين، ولا يخفى ما فيها من شرك، وإن غلفوا كلامهم بالله والدعاء والقرآن والدين، -بسم الله نتعوذ بالله ووجهه الكريم العظيم وكلماته التامات وأسمائه الحسنى وصفاته العلى من شر ما خلق، ومن شياطين الإنس والجن، ومن كل شيء هو به عليم، رب السماوات والأرض ومن فيهن الولي المولى النصير…
ولا تغتر بمثل كلامه السابق فإن الحق سبحانه قال : {وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن ٦] فهولاء الناس الأشقياء يعيشون حياة سيئة وخوف ورعب وعذاب يتمنون الخروج منه، نعوذ بالله رب العالمين من الأشقياء، ونعوذ بالله رب العالمين من الشقاء في الدنيا والآخرة.
وما سبق باطل، ما هو بمعجزات ولا كرمات، بل سحروا أعين الناس: {قَالَ أَلۡقُوا۟ۖ فَلَمَّاۤ أَلۡقَوۡا۟ سَحَرُوۤا۟ أَعۡیُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسۡتَرۡهَبُوهُمۡ وَجَاۤءُو بِسِحۡرٍ عَظِیم} [الأعراف ١١٦]
وما يتحدث عنه من علم، هو علم لا ينفع، بل يضر صاحبه، وكان صلوات ربي وسلامه عليه يتعوذ من علم لا ينفع: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا». [صحيح مسلم]
بسم الله نتعوذ بالله العظيم ووجهه الكريم من الباطل، وأهل الباطل، والأباطيل…
هذا ما فهمنا من كلامه، وإلا فليبين لنا القاديانيون الدرر السابقة كلمة، كلمة، بلا لف ولا دوران، وبوضوح، وبلا تأويل ولا تحريف لا يفهم منه شيء كما هي "العادة"!!!
وربما كثرة التناقضات في الكتب والأقوال المنسوبة للقادياني، أحد أسبابها تسلط الشيطان أو الشياطين على الكاتب أو الكتاب، فإن الشيطان عدو للإنسان، ويتعمد الإضرار به، فالله تعالى أعلم.
ولا تظن أنني اخترع شيئا من عندي، فقد اتهم أهل زمان القادياني وبعض الكتاب القادياني بالسحر والعرافة والتنجيم والوحي الشيطان.
إبطال بعض التفسيرات القاديانية:
نذكر أمثلة على بعض التفسيرات التي يفسر بها القاديانيون بعض النصوص بتكلف شديد، في محاولة منهم للظهور بمظهر العقلانية والتفسير الموافق للسنن الأرضية المزعومة، حتى لقد أضحكوا عليهم الناس بسبب قصصهم المخترعة التي لا تحتملها النصوص:
مثال (1) جن سليمان عليه السلام:
القاديانية تفسر الجن بكل ما هو مستتر أو يعمل في الخفاء. بالتالي: الجن بشر عندها وقد يكون كائنات دقيقة.
وحتى طيور سليمان عليه السلام هم فئة من البشر تسمى الطيور.
{وَحُشِرَ لِسُلَیۡمَـٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّیۡرِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ}. [النمل 17]
فالمفروض حسب فهم القاديانية الأبله والأعوج أن الجن مستترون أو متخفين، وهؤلاء لا ينبغي أن يكونوا مع جماعة البشر من الإنس غير المستتر، والبشر من الطير.
مثال رقم (2) طيور سليمان عليه السلام:
قلنا أن طيور سليمان عليه السلام عند القاديانية هم بشر، بل وهدهد رجل اسمه هدهد.
-لكن يبطل كلام القاديانية سياق الآيات كلها تتحدث عن طيور:
{وَوَرِثَ سُلَیۡمَـٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّیۡرِ… وَحُشِرَ لِسُلَیۡمَـٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّیۡرِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ… وَتَفَقَّدَ ٱلطَّیۡرَ فَقَالَ مَا لِیَ لَاۤ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ…}. [النمل 16-21]
-الأمر الثاني الذي يدل على تفاهة تفسيرها:
قال العليم المحيط علام الغيوب: {وَتَفَقَّدَ ٱلطَّیۡرَ فَقَالَ مَا لِیَ لَاۤ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ أَمۡ كَانَ مِنَ ٱلۡغَاۤىِٕبِینَ ٭ لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَا۟ذْبَحَنَّهُۥٓ أَوْ لَيَأْتِيَنِّى بِسُلْطَٰنٍ مُّبِينٍ} [النمل 20-21]
فمن المقبول أن طائر الهدهد فارق سليمان عليه السلام ربما لأيام قليلة وذهب إلى اليمن، أما أن يغيب رجل اسمه هدهد ويفارق جيش سليمان عليه السلام لمدة أطول مما يغيبها طائر الهدهد -ربما تكون شهورا-، ويرحل إلى اليمن ثم يعود إلى بلاد الشام، مع العلم أن أي جندي يفارق الجيش ليس أمرا هينا عند القادة!
-الأمر الثالث الذي يدل على الاستحالة:
{إِنِّى وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَىْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل ٢٣]
{ٱذۡهَب بِّكِتَـٰبِی هَـٰذَا فَأَلۡقِهۡ إِلَیۡهِمۡ ثُمَّ تَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَٱنظُرۡ مَاذَا یَرۡجِعُونَ} [النمل ٢٨]
{وَإِنِّي مُرۡسِلَةٌ إِلَيۡهِم بِهَدِيَّةٖ فَنَاظِرَةُۢ بِمَ يَرۡجِعُ ٱلۡمُرۡسَلُونَ • فَلَمَّا جَآءَ سُلَيۡمَٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٖ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيۡرٞ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُمۚ بَلۡ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمۡ تَفۡرَحُونَ • ٱرۡجِعۡ إِلَيۡهِمۡ فَلَنَأۡتِيَنَّهُم بِجُنُودٖ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخۡرِجَنَّهُم مِّنۡهَآ أَذِلَّةٗ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ} [النمل 35-37]
لو كان هذا الهدهد رجل، فكيف له أن يعرف أن لها عرش عظيم، فإن قيل: ربما سمع من الناس ذلك! فكيف له عندما أرسله سليمان عليه السلام أن يلقي بالكتاب، ثم يتولى عنهم، فلو كان رجل اسمه هدهد ارسله إليهم سليمان، فهو يتولى عنهم بأمرهم، لا بأمر سليمان عليه السلام وهو مفهوم إن كان طيرا.
الأمر الآخر إلقاء الكتاب يعتبر إهانة من الرسول للملوك، ربما يقتل بسبب ذلك، أما إذا كان الهدهد طيرا فالطبيعي أنه يلقي الكتاب إلقاء.
وأيضا لو كان رسول سليمان رجل اسمه هدهد، كان بالإمكان وهو المتوقع كتابة جواب من الملكة إلى سليمان عليه السلام، وإرسال الهدايا مع هذا الرجل المسمى بالهدهد.
لذا فالقاديانيون عندما إخترعوا أقوالا وقصصها مخالفة للنص ولا يتحمله، بحجج عقلية، دخلت الإحتمالات والحجج العقلية المضادة لتفسيرهم الباطل، والقرآن كلام المقدس لا يفسر بهكذا طريقة!
ومعاذ الله أن نفسر كتاب الله بتلك الطريقة، وإنما استعملنا نفس طريقتهم لرد قولهم الباطل، فإذا كانت حججهم العقلية عندهم معتبرة، كانت حجج الخصم على حججهم العقلية معتبرة، وبالتالي ضربت كلام فاسد بفاسد، ففسد تفسيرهم الفاسد من الأساس.
نحن استعملنا اسلوبهم، إذ أنهم يعارضون آيات وأحاديث، بآيات وأحاديث أخرى، ليفسدوا عقائد المسلمين، ومعارضتهم تلك قائمة على حمقهم وفهم الأعوج وتحريفهم لا على فهم المسلمين سلفا وخلفا، وهم يردون تفسير المسلمين بحجج عقليه، وكذلك يرد تفسير القاديانية بحجج عقلية!
مثال رقم (3) قصة النملة:
القاديانية تفسرها بالتالي: أنها إمرأة اسمها نملة من قبيلة النمل.
وهي افترت أن اسم المرأة نملة كما فعلت مع الهدهد.
والسياق يبطل باطل القاديانية: {حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَتَوۡا۟ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةࣱ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُوا۟ مَسَـٰكِنَكُمۡ لَا یَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَیۡمَـٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ} [النمل 18]
ويبطل قولها عدة أمور، منها:
♦ القرآن لا يركز دائما على أسماء الرجال والنساء، خاصة ذكر اسماء النساء، والتي صرح باسمها بكثرة وبكل وضوح هي مريم عليها السلام، فليس مهما أن نعرف أن ذلك الرجل اسمه هدهد، وتلك المرأة اسمه نملة، لولا أن مراد الرب العظيم يخالف كذب القاديانية.
{قَالَ ٱلَّذِى عِندَهُۥ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل ٤٠]
{قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِینَ یَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمَا ٱدۡخُلُوا۟ عَلَیۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَـٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤا۟ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ} [المائدة ٢٣]
{وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَٰنَهُۥٓ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّىَ ٱللَّهُ} [غافر ٢٨]
{إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَٰنَ رَبِّ إِنِّى نَذَرْتُ لَكَ مَا فِى بَطْنِى مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّىٓ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ} [آل عمران ٣٥]
{وَقَالَتِ ٱمْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [القصص ٩]
{وَقَالَ ٱلَّذِى ٱشْتَرَىٰهُ مِن مِّصْرَ لِٱمْرَأَتِهِۦٓ أَكْرِمِى مَثْوَىٰهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدًا وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى ٱلْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُۥ مِن تَأْوِيلِ ٱلْأَحَادِيثِ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمْرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف ٢١]
وليست تلك المرأة التي تسمى (بنملة) أهم من إمرأة فرعون وزوجة العزيز حتى يُذكر اسمها، لولا أن مراد الله الحشرة المعروفة المعلومة.
♦ لو كان مراد الله قبيلة اسمها النمل، فلا داع لأن يذكر واد اسمه واد النمل، وهذا ليس من طريقة القرآن، في ذكر أسماء الوديان والقرى، فكثيرا ما لا يصرح القرآن بأسماء الأماكن:
{رَّبَّنَآ إِنِّىٓ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱجْعَلْ أَفْـِٔدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىٓ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم ٣٧]
{وَلُوطًا ءَاتَيْنَٰهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَٰهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِى كَانَت تَّعْمَلُ ٱلْخَبَٰٓئِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ قَوْمَ سَوْءٍ فَٰسِقِينَ} [الأنبياء ٧٤]
{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِى ٱلْمَدِينَةِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ تُرَٰوِدُ فَتَىٰهَا عَن نَّفْسِهِۦ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَىٰهَا فِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ} [يوسف ٣٠]
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَاۤ أَبۡرَحُ حَتَّىٰۤ أَبۡلُغَ مَجۡمَعَ ٱلۡبَحۡرَیۡنِ أَوۡ أَمۡضِیَ حُقُبا} [الكهف ٦٠]
فهذا الواد الذي تفتري القاديانية وتقول: هو واد اسمه واد النمل لقبيلة اسمها النمل، ليس بأهم من ما سبق من أماكن لم يصرح الله باسمها.
لولا أن الله مراد واد النمل الحشرة المعلومة، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح وصف مسكن النمل بـ "القرية".
♦ إنه من المستبعد والمردود والكذب الواضح هذا التوافق الغريب، الواد اسمه واد النمل، والمرأة اسمها نملة، والقبيلة اسمه النمل، والخطاب يا أيها النمل!
♦ لو كانت إمرأة اسمها نملة! وقبيلتها اسمها النمل! فالمعقول من لغة الخطاب أن تقول: يا قوم، أو يا أيها الناس…
♦ من غير المقبول والمعقول أن سليمان وجنوده يحطمون قبيلة وهم لا يشعرون.
فإن رد علينا قادياني: تريد أن تقنعنا أن الهدهد والنملة يتكلمان ويفهمان لغة الخطاب ويعرفان سليمان و…
فالجواب: إن القادياني يقول: "كذلك توهب أذنه قوة لسماع الغيبيات، ففي كثير من الأحيان يسمع صوت الملائكة ويطمئن بسماعه في حالات الاضطراب. والأغرب من ذلك أن يتناهى إليه أحيانا صوت الجمادات والنباتات والحيوانات أيضا". [حقيقة الوحي 24]
فأنظر أنه أثبت سماع صوت الملائكة.
ثم أثبت سماع الجمادات والنباتات والحيوانات.
فإن كان يسمع نباح الكلاب، ونهبق الحمير، وصياح الديكة، ما الميزة؟! فكل الناس يسمعون هذه الأصوات؟!
وإن كان يسمع من الجمادات والنباتات، سقوط الحجارة في البئر، أو صوت هطول المطر، أو تلاطم أغصان الشجر بسبب الريح، ما الغريب في ذلك؟! حيث أن القادياني يقول "والأغرب"! ما الميزة؟! كل الناس يسمعون هذه الأصوات!.
أما المعرفة، فليس مجرد صدفة أن الله قال:
{فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِى ٱلْأَرْضِ لِيُرِيَهُۥ كَيْفَ يُوَٰرِى سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَٰوَيْلَتَىٰٓ أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَٰرِىَ سَوْءَةَ أَخِى فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّٰدِمِينَ} [المائدة ٣١]
{فَٱلۡتَقَمَهُ ٱلۡحُوتُ وَهُوَ مُلِیم} [الصافات ١٤٢]
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ : ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ : أَحَدُهُمَا عَابِدٌ، وَالْآخَرُ عَالِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ". ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ، وَمَلَائِكَتَهُ، وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرَضِينَ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ ؛ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ". [سنن الترمذي]
وليس عبثا أن الله قال:
{وَیُسَبِّحُ ٱلرَّعۡدُ بِحَمۡدِهِۦ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ مِنۡ خِیفَتِه} [الرعد ١٣]
{تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ ٱلسَّبۡعُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِیهِنَّۚ وَإِن مِّن شَیۡءٍ إِلَّا یُسَبِّحُ بِحَمۡدِهِۦ وَلَـٰكِن لَّا تَفۡقَهُونَ تَسۡبِیحَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِیمًا غَفُورا} [الإسراء ٤٤]
عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ ؟ ". [صحيح البخاري]
وإن كان ما سبق لا يقنع عقلك؟! فإن القادياني زعم وحيا له:
"رأيت في عالم الكشف أن الأرض تقول لي: يا ولي الله كنت لا أعرفك". [التذكرة 296]
"نزل كلام الله الذي قال فيه على لسان الأرض: يا ولي الله كنت لا أعرفك. "... وبيان ذلك أنه قد جيء بالأرض أمامي في الكشف، فكلمتني قائلة: كنت لا أعرف حتى الآن أنك ولي الرحمن". [التذكرة 435]
فلا أعلم كيف رأى الأرض في الكشف؟! هل رأى كرة لها فم فقالت له: كنت لا أعرفك! فتعرفت عليه، وهكذا صارت الأرض تعرف القادياني؟!
فإن قلت: هذا ليس على حقيقته! فهو إذا وحي عبارة عن عبث!
ونزل على الغلام القادياني وحي يقول: "يا جبال أوبي معه والطير". [التذكرة 695] ثم شرحه في صفحة [التذكرة 708] قائلا: "يا جبال ويا طيور، اذكروني مع عبدي هذا في وجد ورقة".
ثم إن الله إذا شاء أنطق ما شاء بما شاء: {وَقَالُوا۟ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوٓا۟ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِىٓ أَنطَقَ كُلَّ شَىْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت ٢١]
مثال رقم (4) قصة أصحاب الكهف:
القاديانية تنكر فهم المسلمين للقصة فحسب فهمها الأعوج و جهلياتها العقلية : فمن غير المعقول أن ينام أصحاب الكهف مدة تتجاوز ۳۰۰ سنة، ولا يعقل أن يصمدوا طوال هذه المدة بلا غذاء وماء، وتعتبر ذلك خرافة - والعياذ بالله - والمقصود عند القاديانية : أنهم صمدوا على دينهم محافظين عليه ٣٠٠ سنة.
وهذا قول لا يتوافق مع قول القادر القدير المقتدر: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَٰسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِٱلْوَصِيدِ لَوِ ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا} [الكهف ١٨]
-تحسبهم أيقاضا وهم رقود.
-نقلبهم ذات اليمين وذات الشمال.
-كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد.
-لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا.
فالله العظيم سبحانه يحدثنا عن قصة عظيمة، والقاديانيون يتحدثون عن فلم هندي، أو رواية لا علاقة بالموضوع.
وجاءت الأحاديث تثبت آيات الله الخارقة للعادة، وتبين تفسير ما ورد في القرآن من خوارق:
«1» إنشاق القمر:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ. [صحيح البخاري]
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى، إِذَا انْفَلَقَ الْقَمَرُ فِلْقَتَيْنِ، فَكَانَتْ فِلْقَةٌ وَرَاءَ الْجَبَلِ، وَفِلْقَةٌ دُونَهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اشْهَدُوا ". [صحيح مسلم]
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى، فَانْشَقَّ الْقَمَرُ فِلْقَتَيْنِ : فِلْقَةٌ مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلِ، وَفِلْقَةٌ دُونَهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اشْهَدُوا ". يَعْنِي { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } . [سنن الترمذي]
أما القاديانيون العقلانيون فقد تخبطوا في هذا الموضوع:
•فتارة يقولون: نؤمن بأن القمر أنشق أما كيف فالله أعلم.
•وتارة يقولون: ربما بسبب زلزال.
•وتارة يقولون: ربما بسبب خلل ما.
•وتارة يقولون: ربما كان كشفا.
•وتارة يقولون: ربما نوع من الخسوف.
كل ذلك فرارا من إثبات آيات الله الخارقة للعادة!!!
«2» إثبات تكلم عيسى عليه السلام في المهد، وكذلك غيره:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً، ثُمَّ قَالَ : " أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ ؟ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ ؛ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَلَا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ : أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ ؟ أَلَا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ : عَلَيْكُمْ بِآدَمَ. فَيَأْتُونَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَقُولُونَ لَهُ : أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ ؛ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ؟ أَلَا تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا ؟ فَيَقُولُ آدَمُ : إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ، فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ. فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ : يَا نُوحُ، إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ؟ فَيَقُولُ : إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ : يَا إِبْرَاهِيمُ، أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ، وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ؟ فَيَقُولُ لَهُمْ : إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ - فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِي الْحَدِيثِ - نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى. فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ : يَا مُوسَى، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَضَّلَكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ، وَبِكَلَامِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ؟ فَيَقُولُ : إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ : يَا عِيسَى، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا، اشْفَعْ لَنَا، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ؟ فَيَقُولُ عِيسَى : إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ - وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا - نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُونَ : يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَخَاتِمُ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ؟ فَأَنْطَلِقُ، فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ : يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ : أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ. فَيُقَالُ : يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ. وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَبْوَابِ. ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ، وَحِمْيَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ، وَبُصْرَى ". [صحيح البخاري]
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : " لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ ؛ عِيسَى. وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ، كَانَ يُصَلِّي، جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ فَقَالَ : أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي ؟ فَقَالَتِ : اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ . وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَتْ : مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ : مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ ؟ قَالَ : الرَّاعِي. قَالُوا : نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ : لَا، إِلَّا مِنْ طِينٍ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ ، فَقَالَتِ : اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ. فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ - قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَصُّ إِصْبَعَهُ - ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ فَقَالَتِ : اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذِهِ. فَتَرَكَ ثَدْيَهَا فَقَالَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا. فَقَالَتْ : لِمَ ذَاكَ ؟ فَقَالَ : الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، وَهَذِهِ الْأَمَةُ يَقُولُونَ : سَرَقْتِ زَنَيْتِ. وَلَمْ تَفْعَلْ ". [صحيح البخاري]
«3» شفاء الأكمه والأبرص:
عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَصَلَّى الْغَدَاةَ، ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الضُّحَى، ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَلَسَ مَكَانَهُ حَتَّى صَلَّى الْأُولَى وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ، كُلُّ ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ، حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ النَّاسُ لِأَبِي بَكْرٍ : أَلَا تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُهُ، صَنَعَ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ يَصْنَعْهُ قَطُّ ؟ قَالَ : فَسَأَلَهُ، فَقَالَ : " نَعَمْ، عُرِضَ عَلَيَّ مَا هُوَ كَائِنٌ، مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَأَمْرِ الْآخِرَةِ، فَجُمِعَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ بِصَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَفَظِعَ النَّاسُ بِذَلِكَ، حَتَّى انْطَلَقُوا إِلَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالْعَرَقُ يَكَادُ يُلْجِمُهُمْ ، فَقَالُوا : يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، وَأَنْتَ اصْطَفَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ. قَالَ : قَدْ لَقِيتُ مِثْلَ الَّذِي لَقِيتُمُ، انْطَلِقُوا إِلَى أَبِيكُمْ بَعْدَ أَبِيكُمْ، إِلَى نُوحٍ { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ } ". قَالَ : " فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَقُولُونَ : اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ ؛ فَأَنْتَ اصْطَفَاكَ اللَّهُ وَاسْتَجَابَ لَكَ فِي دُعَائِكَ، وَلَمْ يَدَعْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا. فَيَقُولُ : لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، انْطَلِقُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اتَّخَذَهُ خَلِيلًا. فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُ : لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا. فَيَقُولُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ؛ فَإِنَّهُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَيُحْيِي الْمَوْتَى. فَيَقُولُ عِيسَى : لَيْسَ ذَاكُمْ عِنْدِي، وَلَكِنِ انْطَلِقُوا إِلَى سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ ؛ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَشْفَعَ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ "، قَالَ : " فَيَنْطَلِقُ، فَيَأْتِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ ". قَالَ : " فَيَنْطَلِقُ بِهِ جِبْرِيلُ، فَيَخِرُّ سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ، وَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ "، قَالَ : " فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَرَّ سَاجِدًا قَدْرَ جُمُعَةٍ، أُخْرَى، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ "، قَالَ : " فَيَذْهَبُ لِيَقَعَ سَاجِدًا، فَيَأْخُذُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِضَبْعَيْهِ ، فَيَفْتَحُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مِنَ الدُّعَاءِ شَيْئًا، لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى بَشَرٍ قَطُّ، فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ خَلَقْتَنِي سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ، وَأَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ. حَتَّى إِنَّهُ لَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ أَكْثَرُ مِمَّا بَيْنَ صَنْعَاءَ، وَأَيْلَةَ، ثُمَّ يُقَالُ : ادْعُوا الصِّدِّيقِينَ فَيَشْفَعُونَ. ثُمَّ يُقَالُ : ادْعُوا الْأَنْبِيَاءَ ". قَالَ : " فَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الْعِصَابَةُ، وَالنَّبِيُّ وَمَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ، وَالنَّبِيُّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ يُقَالُ : ادْعُوا الشُّهَدَاءَ فَيَشْفَعُونَ لِمَنْ أَرَادُوا "، قَالَ : " فَإِذَا فَعَلَتِ الشُّهَدَاءُ ذَلِكَ "، قَالَ : " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، أَدْخِلُوا جَنَّتِي مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا "، قَالَ : " فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ "، قَالَ : " ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : انْظُرُوا فِي النَّارِ، هَلْ تَلْقَوْنَ مِنْ أَحَدٍ عَمِلَ خَيْرًا قَطُّ ؟ " قَالَ : " فَيَجِدُونَ فِي النَّارِ رَجُلًا، فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لَا، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُسَامِحُ النَّاسَ فِي الْبَيْعِ. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَسْمِحُوا لِعَبْدِي كَإِسْمَاحِهِ إِلَى عَبِيدِي. ثُمَّ يُخْرِجُونَ مِنَ النَّارِ رَجُلًا، فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ. فَيَقُولُ : لَا، غَيْرَ أَنِّي قَدْ أَمَرْتُ وَلَدِي إِذَا مِتُّ، فَأَحْرِقُونِي بِالنَّارِ، ثُمَّ اطْحَنُونِي، حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِثْلَ الْكُحْلِ، فَاذْهَبُوا بِي إِلَى الْبَحْرِ، فَاذْرُونِي فِي الرِّيحِ، فَوَاللَّهِ لَا يَقْدِرُ عَلَيَّ رَبُّ الْعَالَمِينَ أَبَدًا. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : مِنْ مَخَافَتِكَ ". قَالَ : " فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : انْظُرْ إِلَى مُلْكِ أَعْظَمِ مَلِكٍ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَهُ وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهِ ". قَالَ : " فَيَقُولُ : لِمَ تَسْخَرُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ ؟ " قَالَ : " وَذَاكَ الَّذِي ضَحِكْتُ مِنْهُ مِنَ الضُّحَى ". [مسند الإمام أحمد]
عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ؛ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى، بَدَا لِلَّهِ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى الْأَبْرَصَ فَقَالَ : أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ. قَالَ : فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ، فَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا. فَقَالَ : أَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : الْإِبِلُ - أَوْ قَالَ الْبَقَرُ. هُوَ شَكَّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَبْرَصَ وَالْأَقْرَعَ قَالَ أَحَدُهُمَا : الْإِبِلُ. وَقَالَ الْآخَرُ : الْبَقَرُ - فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، فَقَالَ : يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا. وَأَتَى الْأَقْرَعَ فَقَالَ : أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : شَعَرٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا، قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ. قَالَ : فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ، وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا. قَالَ : فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : الْبَقَرُ. قَالَ : فَأَعْطَاهُ بَقَرَةً حَامِلًا وَقَالَ : يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا. وَأَتَى الْأَعْمَى فَقَالَ : أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : يَرُدُّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي فَأُبْصِرُ بِهِ النَّاسَ. قَالَ : فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ. قَالَ : فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : الْغَنَمُ. فَأَعْطَاهُ شَاةً وَالِدًا . فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا ، فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنْ إِبِلٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ بَقَرٍ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنْ غَنَمٍ. ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ : رَجُلٌ مِسْكِينٌ تَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيرًا أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي. فَقَالَ لَهُ : إِنَّ الْحُقُوقَ كَثِيرَةٌ. فَقَالَ لَهُ : كَأَنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ ؟ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ ؟ فَقَالَ : لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ. فَقَالَ : إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ. وَأَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا، فَقَالَ : إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ. وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ فَقَالَ : رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ الْيَوْمَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي. فَقَالَ : قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرِي، وَفَقِيرًا فَقَدْ أَغْنَانِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ. فَقَالَ : أَمْسِكْ مَالَكَ ؛ فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ ". [صحيح البخاري]
عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ : إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ، فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ، فَأَعْجَبَهُ، فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ، فَقَالَ : إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ : حَبَسَنِي أَهْلِي. وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ : حَبَسَنِي السَّاحِرُ. فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقَالَ : الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ ؟ فَأَخَذَ حَجَرًا، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ، حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ. فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا وَمَضَى النَّاسُ، فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ : أَيْ بُنَيَّ، أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ. وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقَالَ : مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ، إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي. فَقَالَ : إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ. فَآمَنَ بِاللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ، فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ ؟ قَالَ : رَبِّي. قَالَ : وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي ؟ قَالَ : رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ، فَجِيءَ بِالْغُلَامِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : أَيْ بُنَيَّ، قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ. فَقَالَ : إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ، فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ، فَقِيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ ، فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ، حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ، فَقِيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى، فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ، حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلَامِ فَقِيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ، فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ، فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ ؟ قَالَ : كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ، فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ ، فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ : اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ، فَغَرِقُوا وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ ؟ قَالَ : كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَقَالَ لِلْمَلِكِ : إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ : بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي. فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبْدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قَالَ : بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ. ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ، فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ، فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ : آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ. فَأُتِيَ الْمَلِكُ، فَقِيلَ لَهُ : أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ، قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ ، وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ : مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ : اقْتَحِمْ. فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ : يَا أُمَّهِ اصْبِرِي، فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ ". [صحيح مسلم]
«4» تكلم الحيوانات:
عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ، فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ : مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي ؟ وَبَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا ؛ فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَتْ : إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، وَلَكِنِّي خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ ". قَالَ النَّاسُ : سُبْحَانَ اللَّهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ". [صحيح البخاري]
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : عَدَا الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ فَأَخَذَهَا، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي، فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ، فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ، قَالَ : أَلَا تَتَّقِي اللَّهَ ؟ تَنْزِعُ مِنِّي رِزْقًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيَّ ؟ فَقَالَ : يَا عَجَبِي، ذِئْبٌ مُقْعٍ عَلَى ذَنَبِهِ يُكَلِّمُنِي كَلَامَ الْإِنْسِ. فَقَالَ الذِّئْبُ : أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ ؟ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَثْرِبَ، يُخْبِرُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ. قَالَ : فَأَقْبَلَ الرَّاعِي يَسُوقُ غَنَمَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَزَوَاهَا إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا، ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُودِيَ : الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لِلرَّاعِي : " أَخْبِرْهُمْ ". فَأَخْبَرَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صَدَقَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُكَلِّمَ السِّبَاعُ الْإِنْسَ، وَيُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ وَشِرَاكُ نَعْلِهِ، وَيُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ ". [مسند الإمام أحمد]
من المبدأ والأصل والأساس تناقضات المتنبئ القادياني في هذا الموضوع والمجال بعد -نستعيذ بالله من الكذب والتحريف والأباطيل- كثيرة، فهم يستخفون بعقول أتباعهم كما كان حال فرعون: {فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُۥ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ قَوْمًا فَٰسِقِينَ} [الزخرف ٥٤] وشاء الله الواحد القهار -سبحانه في مكره وقهر- ذو الجلال والجمال والكمال والإكرام أن يوقعهم في تناقضات وتضاربات واختلافات واضطرابات :
{1} مسألة تكلم عيسى عليه السلام في المهد:
"واللافت في الموضوع أن المسيح الناصري عليه السلام تكلم في المهد، أما هذا الولد فقد تكلم مرتين في بطن أمه". [ترياق القلوب 119]
"ورد عن عيسى عليه السلام أنه تكلم في المهد. ولكن هذا لا يعني أنه بدأ بالكلام من يوم ولادته أو حين كان بالغا من العمر شهرين أو ما يقارب ذلك، بل المراد هو أنه بدأ الكلام حين بلغ عامين أو نحو ذلك لأن هذا هو وقت لعب الأطفال في المهد. والكلام لطفل بالغ هذا العمر ليس غريبا. إن ابنتي أمة الحفيظ أيضا تتكلم كثيرا". [الملفوظات ج9 ص122]
فانظر إلى قوله الأول كيف نسب التكلم في المهد لعيسى عليه السلام، ثم حاول الإتيان بما هو أعجب وهو تكلم ابنه في بطن أمه مرتين، ثم ناقض نفسه في النص الثاني، وواضح أن كلا النصين فيهما استخفاف بالمسيح عليه السلام، لكنه اخزى نفسه، فأخزاه الله وأخزى جماعته! نعوذ بالله من الخزي، ونعوذ بالله من خزي الدنيا والآخرة.
{2} مسألة طيور إبراهيم عليه السلام:
"واعلموا أن ما ورد في القرآن الكريم أن أربعة من الطير جعلت أجزاء ووضعت على أربعة جبال منفصلة ثم أتت عندما نوديت ففي ذلك أيضا إشارة إلى علم الترب، لأن تجارب هذا العلم توحي أن الإنسان يملك قوة مغناطيسية قادرة على جذب جميع كائنات الأرض إلى نفسه. ويمكن أن تتطور قوة الإنسان المغناطيسية لدرجة يتمكن بواسطتها من جذب طير أو دابة إلى نفسه، وذلك بمجرد التركيز عليها ". [فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام 542]
"فقد قال الله سبحانه وتعالى بما معناه: "خذ أربعة من الحيوانات وألفها معك"، فمن الخطأ القول اذبحها، لأنه لا توجد في الآية كلمة الذبح بل المراد ألفها معك كما يربي الناس بعض الطيور مثل الحجل أو السماني أو البلبل بحيث تسمع هذه الطيور صوت مالكها، وتتوجه إليه حين يناديها. وعلى هذا النحو لم يكن إبراهيم عليه السلام ينكر إحياء الموتى بل كان يريد أن يعرف كيف يسمع الموتى صوت الله، وبذلك أدرك أن كل شيء بالطبع يطيع الله ويستجيب له". [الملفوظات ج4 ص211]
ففي النص الأول ذكر التنويم المغناطيسي والتركيز لجلب الطيور، بينما في النص الثاني جعل جلب الطيور بالألفة والتربية.
{3} مسألة إحياء الموتى:
"فاعلم أن آيات القرآن كلها تدل على أن الميت لا يرجع إلى الدنيا أصلا". [حمامة البشرى 102]
بإستثناء:
"فمثلا من خواص الذبابة وبعض الحشرات الأخرى أنها إذا ماتت ولم تفترق أعضائها كثيرا، بل كانت على هيئتها الأصلية ووضعها السابق، ولم تتعرض للعفونة، بل كانت ما زالت حديثة الموت إذا لم يمض على الموت أكثر من ساعتين أو ثلاث ساعات كحال الذبابة الميتة في الماء على سبيل المثال، فإنها تطير حية لو وريت تحت ملح مسحوق ووضع عليها رماد أيضا بالقدر نفسه". [البراهين الأحمدية الأجزاء الأربعة 167]
"وكذلك الإماتة التي كانت لساعة أو ساعتين ثم أحيي الميت، فليست إماتة حقيقية بل آية من آيات الله تعالى، ولا يعلم حقيقته إلا هو". [حمامة البشرى 105]
"إن عودة الأموات حديثي الوفاة إلى الحياة لبضع دقائق أو سويعات نتيجة عملية التركيز ليس مما يخالف سنن الكون. فما دمنا نرى بأم أعيننا أن بعض الحيوانات تعود إلى الحياة بعد الممات باستخدام دواء فلماذا يستصعب ذلك في حالة الإنسان ويعد بعيدا عن القياس ؟". [أسئلة ثلاثة لمسيحي والرد عليها 442]
"ولقد لوحظ من أسرار قدرة الله أنه إذا ضرب سنجاب بالعصا أو الحجر ومات كليا في الظاهر وكان حديث الممات ودفن رأسه في الروث لعاد إلى الحياة بعد بضع دقائق وهرب. كذلك إذا ماتت الذبابة في الماء تعود إلى الحياة ثانية وتطير". [ينبوع المعرفة 163]
"انظروا ما أغرب الصنائع التي أوجدها الصنّاع الأوروبيون المعاصرون! فقد أوجدوا للعميان بالولادة أداة ليبصروا بها. وما زالوا يخترعون شيئا جديدا في كل يوم جديد حتى اخترعوا وسيلة لنفخ الروح في حيوانات ميتة نوعا ما، بمعنى أنه إذا مات حيوان دون أن تتضرر أعضاؤه الرئيسة ولم تمض على موته فترة طويلة فيُحيونه من جديد نتيجة تدبيرهم، مع أن تلك الحياة لا تكون حياة حقيقية، ولكن لا شك في قيامهم بالعجائب على أية حال. وهذه الظاهرة منتشرة في أميركا على نطاق واسع في هذه الأيام. فهل يمكن تسميتهم آلهة بسبب هذه الصناعات؟". [نسيم الدعوة 80]
{4} مسألة موت جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:
"(وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) أي ماتوا كلهم - ولو لم نختَرْ هذا المعنى في هذه الآية المؤخرة يبطُل الاستدلال المطلوب - فكيف نترك القرآن وشهاداته؟ وأيّ شهادة أكبر من شهادة الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟ فهل تريد - أصلحك الله - دليلا أوضح من هذا؟". [حمامة البشرى 60]
إلا أن أدلة حياة موسى عليه السلام قوية جدا، لا تقارن بها أدلة حياة عيسى عليه السلام:
"بل إن موت موسى أيضا يبدو مشكوكا فيه لأن الآية القرآنية: ﴿فَلَا تَكُن فِی مِرۡیَةࣲ مِّن لِّقَاۤىِٕهِ) تشهد على حياته، كما يشهد على ذلك حديث مفاده أن موسى يأتي لحج الكعبة كل عام برفقة عشرة آلاف قدوسي". [التحفة الغولروية 71]
"بل حياة كليم الله ثابت بنص القرآن الكريم.. ألا تقرأ في القرآن ما قال الله تعالى : { فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ }. وأنت تعلم أن هذه الآية نزلت في موسى، فهي دليل صريح على حياة موسى، لأنه لقي رسول الله، والأموات لا يلاقون الأحياء. ولا تجد مثل هذه الآيات في شأن عيسى، نعمْ جاء ذكر وفاته في مقامات شتى، فتدبر فإن الله يحب المتدبرين". [حمامة البشرى 67]
"هذا هو موسى فتَى الله، الذي أشار الله في كتابه إلى حياته، وفرض علينا أن نؤمن بأنه حيٌّ في السماء ولم يمت وليس من الميتين". [نور الحق 40]
{5} مسألة نوم أهل الكهف:
"فإذا كان معارضونا يتحلون بالأمانة وخشية الله، فلزام عليهم أن ينظروا عند تناول قصة عزير إلى الآيات القرآنية التي تعلن صراحة أن الموتى لا يعودون. والآن نرد عليهم بجواب آخر جدلاً. لقد بينت من قبل وأقول مرة أخرى: أما القصص فيكفي بها الإيمان إجمالاً، أما الأحكام والتعاليم فالعمل بها ضروري، لذا فلا بد من فهمها واستيعابها.
هذا، وإن ما ورد عن عزير أنه مات مئة عام، فاعلموا أن من معاني "أمات" "أنام" أيضا، كما أن "الموت" قد أطلق في القرآن الكريم على زوال القوة النامية والحسية أيضا. ملخص الكلام إنه يمكننا أن نفسر النوم في قصة عزير أيضا على غرار النوم في قصة أصحاب الكهف.
والفرق بين قصة أصحاب الكهف وقصة عزير هو أن الكلب ذكر هنالك، أما هنا فذكر الحمار، والنفسُ تشابه الكلب والحمار كليهما. لقد عد الله تعالى اليهود حميرا، وفي قصة بلعام باعور ذكر الكلب، فيبدو من هنا أن النفس ملازمة لكل من هؤلاء القوم، فكل من صار مغشيا عليه من هؤلاء ذكر معه كلب أو حمار.
باختصار، وفقا للأسلوب الآخر المشار إليه آنفا، تفسير "أمات" بمعنى "أنام"، ونؤمن بأنه حتى ولو نام أحد إلى مئتي ألف عام، فضلاً عن مئة عام، فلا حرج في ذلك، ولكن الروح التي يمسكها ملك الموت لا تعود إلى الدنيا ثانية. والروح تقبض في النوم أيضا، ولكن لا يمسكها ولا يأخذها ملك الموت معه". [الملفوظات ج1 ص516-517]
"وإذا قال قائل بأن أهل الكهف أيضا يعيشون دون الطعام، قلت: إن حياتهم ليست في هذه الدنيا، وقد برهن حديث صحيح مسلم الذي يتحدث عن مائة سنة، على موتهم بكل جلاء. لا شك أننا نؤمن بأن أصحاب الكهف أحياء مثل الشهداء، وحياتهم كاملة، ولكنهم قد نجوا من الحياة الدنيوية الناقصة والمادية". [إزالة الأوهام 455]
مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقصد نفس مولدة موجودة في زمانه: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : لَمَّا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَبُوكَ سَأَلُوهُ عَنِ السَّاعَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَأْتِي مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ الْيَوْمَ". [صحيح مسلم]
أين ذهبت أقوال القادياني التالية بعد إستدلاله السابق:
"ونؤمن بأنه حتى لو نام أحد إلى مئتي ألف عام، فضلا عن مئة عام، فلا حرج في ذلك". [الملفوظات ج1 ص517]
"كما قد ثبت بالمشاهدة أن بعضهم عاشوا في العصر الحالي أكثر من ٣٠٠ عام، وهذا العمر خارق للعادة. كما أن قوة الذاكرة أو قوة البصر لبعضهم تبلغ الكمال بحيث لا نظير لها. يكون الناس من هذا القبيل نادري الوجود جدا، بحيث يظهر أحدهم بعد مئات السنين بل آلاف السنين". [الكحل لعيون الآرية 51]
{6} مسألة إنشقاق القمر:
"أما الاعتراض على شق القمر فقد كتبت من قبل أنه معجزة ذكرت أمام آلاف الكفار العرب، فلو كان هذا الأمر خلافا للواقع لكان من حقهم أن.يعترضوا ويقولوا بأن هذه المعجزة لم تظهر، وخاصة حين قيل في آية تذكر شق القمر بأن الكفار رأوا هذه المعجزة وقالوا إنه سحر مستمر بلغ عنان السماء كما يقول الله تعالى: ﴿ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ ٭ وَإِن یَرَوۡا۟ ءَایَةࣰ یُعۡرِضُوا۟ وَیَقُولُوا۟ سِحۡرࣱ مُّسۡتَمِرࣱّ﴾. من الواضح أنه لو لم ينشق القمر لكان من حقهم أن يقولوا بأننا ما رأينا آية، وما سميناها سحرا فمن هنا يتبين أن أمرا ما كان قد ظهر حتما وسمي "الشق القمر".
ثم أتبعه قولا آخر يفهم أنه أضعف من القول السابق: "وقال البعض بأنه كان خسوفا من نوع عجيب أنبأ به القرآن الكريم قبل الأوان، وإن هذه الآيات جاءت كنبوءة. ففي هذه الحالة ستؤخد كلمة "الشق" كاستعارة بحتة، لأن الجزء المستور في الخسوف والكسوف ينشق وينفصل، وهذه استعارة". [ينبوع المعرفة 217]
ففي هذا النص يثبت القادياني أن الكفار رأوا معجزة. فقالوا: هذا سحر.
إلا أنه قال في نص آخر، أن الكفار رأوا انشقاق القمر. فقالوا: هذا نوع من الخسوف الذي يحدث عادة ولا يعتبر آية.
وسبب ذلك ليدعم موقفه في موضوع الخسوف والكسوف فكذب عليهم، وكذب على الله وحيا هو في الأصل من القرآن، حمل آية أخرى على غير مراد الله منها فكذب أبضا: "وإن يروا آية يُعرضوا ويقولوا سحر مستمر " (فليتضح أن الجملة الأخيرة من هذا الوحي آية قرآنية وتعني أن الكفار حين رأوا معجزة انشقاق القمر احتجوا بأنه نوع من الخسوف الذي يحدث عادة ولا يشكل آية، ففي هذه النبوءة أشار الله سبحانه وتعالى إلى الخسوف والكسوف الذي ظهر بعد سنين عدة من صدور هذه النبوءة وهذا الخسوف والكسوف كان مذكورا في القرآن الكريم وحديث الدار قطني نبوءة آيتين للمهدي. كما صرح أن المنكرين سيقولون بعد رؤية هذه الآية إنها ليست آية وإنما أمر عادي. وليكن معلوما أن القرآن الكريم قد أشار إلى هذا الخسوف والكسوف في آية (جُمعَ الشَّمْسُ والْقَمَرُ). أما في الحديث فرواية الإمام الباقر التي تنص على (إن المهدينا آيتين ..) تبين هذا الخسوف والكسوف. ومن الطريف أن نبوءة الخسوف والكسوف هذه قد وردت في كتاب "البراهين الأحمدية" قبل تحققها بخمسة عشر عاما، وأنبئ أن الظالمين لن يؤمنوا بهذه الآية عند ظهورها وسيقولون إنه يحدث عادة، مع أنه لم يحدث خسوف وكسوف في شهر رمضان نفسه في زمن وجد فيه المهدي منذ خلق العالم". [أربعين 88]
قلت: يبدو أن القاديانية والقاديانيين نظروا في أقوال الغلام القادياني المختلفة والمتنوعة والمتضاربة، فأخذوا ما يوافق العقل، وطرحوا جانبا ما يخالف العقل. والحقيقة: هذا شيء يحمدهم العقلانيون عليه، إذ لا بد من إخضاع النصوص الدينية للعقل.
فيا سبحان الله: يحاولون إيجاد تناقضات مفتراه، وإشكالات مزعومة، وشبهات في النصوص الإسلامية، ثم نصوص المتنبئ القادياني كثيرة وشديدة التناقض، والاختلاف، والإضطراب، والكذب، وينفون عنها ذلك!!!.
مع أن الأولى الجمع بين النصوص الإسلامية الصحيحة الثابتة، والتوفيق بينها، وما فيها من عموم وخصوص واستثناء، ومحاولة حل الإشكالات، والرد والجواب على الشبهات، هم يفعلون ذلك بجهد جهيد عنيد مع القاديانيات، ولا يفعلون ذلك مع الإسلاميات.
أقول: يا قاديانية أنتم والمعتزلة ومنكروا السنة وغيركم من الفرق… تزعمون العقل والعقلانية، ثم اختلفت أقوالكم وتفسيراتكم وعقائدكم بناء على تقديم العقل، فدل ذلك على أن المشكلة في عقولكم المتفاوتة والمختلفة.
الخلاصة: لقد نقلنا لكم قلة عقل القادياني والقاديانية في هذا المقال، وفساد أقوالهم وتناقضهم، والشكر لله رب العالمين.
للمزيد حول هذا الموضوع: [المعجزات والبينات ردا على القاديانية] للكاتب، فلله الشكر والحمد والمحامد والثناء والنعمة والمنة والفضل والرحمة.
وقد يقول قائل: بعض ما جاء في هذا المقال يحرجنا أمام الكفار، وقد يصفونه أنه مليء بالخرافات -عياذا بالله سبحانه-!
والجواب:
بإختصار، الملحدون والعقلانيون ومن ينسبون أنفسهم للعلم، هم كما قلنا عندهم خرافات:
-مثل أن أصل الإنسان قرد وسمكة.
-هم يقولون: قبل ملايين السنين، فكيف عرفوا ذلك ولا دليل لديهم.
-علم الآثار لم يؤيد نظرية تطورهم، كما أننا لا نعلم ما أكتشفوه من أثار أو أبحاث أثرية أخفوها عنا.
-الدليل العقلي، متفاوت بين إنسان وإنسان، ومختلف بحسب العصر والزمان، فما كان غير معقول سابقا، اليوم قد يكون معقولا وعاديا، مثل الطيران، والسفر من مكان إلى مكان خلال يوم أو أيام وفي الماضي كان يستغرق شهورا.
-كثير من البشر اليوم بسبب المدنية الحديثة، حياتهم أصبحت بعيدة عن عالم الحيوانات كما كان سابقا، ومن حياته أو مجال عمله أو تجاربه متعلق بها، يدرك أن هناك لغة تخاطب وتفاهم بينها، كما أن في استطاعة الإنسان أن يدربها ويروضها على الفهم عليه بالكلام أو الحركات.
-هم يقلدون بعض مخلوقات الله في صناعتهم وتجاربهم، فدل ذلك على العليم الحكيم الخبير الذي أتقن كل شيء، وهذا ليس صدفة. ومن علم وأحاط، وخلق فأتقن، أخبر بغيب عنا فصدق.
-ولا تشعر بالحرج، هم قد يضحكون علينا ويسخرون، وغدا بإذن الله تحقيقا لا تعليقا، سوف يرتد عليهم، فيكونوا سخروا من أنفسهم وبان جهلهم، والكذب والدجل لا يدوم، ولن يضرك بإذن الله أنك غير مقتنع بناسا مثلا، لكن يضرك عند الله يوم القيامة إنكار نص صحيح ثابت موحى به من الله، نحن نؤمن أن الله خلق سبع سماوات، وملائكة الرحمن فيها عليها السلام، وهم لا يقولون ذلك.
وتسلح بالعلم الشرعي والمعرفة الدينية وأدلة الكتاب والسنة -أسأل الله لي ولك ذلك- أنت تحرج مخالفك. وتسلح بالعلم والمعرفة والأدلة -أسأل الله لي ولك ذلك- بما عند المخالف من أقوال وما يلزمه، أنت تحرج مخالفك. وتسلح بسؤال الله والاستعانة به وشكره -أسأل الله لي ولك ذلك- والله الهادي والواقي والكافي والميسر والمسهل والموفق والمعين، اللهم آمين آمين آمين ولله الحمد رب العالمين.
وباختصار: اليوم المسلمون لا شك متأخرون، والأيام دول والدنيا لا تدوم لأحد، ولو دامت لمن سبقهم ما وصلت إليهم، وسوف يأتي اليوم بإذن الله الذي لا شك فيه كما وعد أصدق من أخبر بخبر بملك المسلمين للدنيا، وعندها سوف تكتشف بالحجج والأدلة والبراهين بعض الأكاذيب والخداع والدجل الذي لقنوه للناس، وعلى الانترنت هناك الآن مواد فيها شيء من هذا، وينصح البعض بعدم التعامل معها كحقائق ثابتة، أو التركيز في الخوض فيها لعدم القدرة على إثباتها، أو إقناع الجهال بها، أو حسم الأمر بشأنها، والله أعلم بما فيها من صواب وخطأ.
ومن يملك الدنيا، يملك كتابة التاريخ، ويملك الروايات الدنيوية المسموعة، ويبقى الأمر للناس في تميز الصدق من الكذب، والحق من الباطل، والصواب من الخطأ.
أما أهل الكتاب، بيننا وبينهم إتفاق واختلاف، فنحن وهم عندنا نصوص الخوارق، مع إتفاق في النصوص أو اختلاف، أو ما عندنا موجد مثله عندهم بنص يخصهم. فمثلا:
⟨1⟩ ورد عندهم تكلم حمار مع نبي:
«ففتح الرب فم الأتان، فقالت لبلعام: «ماذا صنعت بك حتى ضربتني الآن ثلاث دفعات؟». (العدد ٢٢: ٢٨)
⟨2⟩ توقف الشمس ليشوع:
«فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوبا في سفر ياشر؟ فوقفت الشمس في كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل». (يشوع ١٠: ١٣)
⟨3⟩ تكثير الطعام:
«13 فقال لهم: «أعطوهم أنتم ليأكلوا». فقالوا: «ليس عندنا أكثر من خمسة أرغفة وسمكتين، إلا أن نذهب ونبتاع طعاما لهذا الشعب كله 14 لأنهم كانوا نحو خمسة آلاف رجل. فقال لتلاميذه: «أتكئوهم فرقا خمسين خمسين 15 ففعلوا هكذا، وأتكأوا الجميع 16 فأخذ الأرغفة الخمسة والسمكتين، ورفع نظره نحو السماء وباركهن، ثم كسر وأعطى التلاميذ ليقدموا للجمع 17 فأكلوا وشبعوا جميعا. ثم رفع ما فضل عنهم من الكسر اثنتا عشرة قفة». (لوقا 9: 13-17)
وأيضا أهل الأديان والفرق عندهم مثل ذلك.
ومن حمق القاديانية، متى شاءت استدلت بما عند أهل الكتاب، ثم تبني قولها بناء عليه، وتسدل به على المسلمين مخالفة النصوص الإسلامية، وفي موضوع الخوارق تعامت عما ورد عندهم من نصوص الخوارق، قال الحق سبحانه -به نستعيذ ونهتدي ونستجير ونعتصم ونتحصن- مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا۟ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ} [القصص 50]
ختاما يا قاديانية: {إِن تَسۡخَرُوا۟ مِنَّا فَإِنَّا نَسۡخَرُ مِنكُمۡ كَمَا تَسۡخَرُونَ}. [هود 38]
هذا والله العليم أعلم. اللهم برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
وسبحان الله رب العالمين.
وأعوذ بالله رب العالمين.
والحمد لله رب العالمين.
ولله الشكر رب العالمين.
۞۞۞۞۞۞