دراسة عروضية لشعر الميرزا غلام أحمد القادياني ح١

دراسة عروضية لشعر  الميرزا غلام أحمد القادياني ح١

دراسة عروضية لشعر

الميرزا غلام أحمد القادياني

البحر الطويل ح1

أخطاء الميرزا وخطيئاته أوضح من أن تخفى على ذي عينين، فكل عاقل سيعلم يقينا من أول قراءة لشعر أو نثر هذا الرجل أنه كذاب أشر، أجدني محرجا أمام نفسي وأنا أكتب مقالا لتبيان أمر لا يحتاج تبيانا، ولإقامة الدليل على كذب رجل تصرخ حروف وكلمات كتبه في وجهك من أول صفحة قائلة: مؤلفي أكذب من مسيلمة والعنسي، غير أن لي عذرا في هذا ، وعذري أني رأيت بعض من أحسبهم من العقلاء صدقوا ترهات هذا الكذاب،كما أنَّ تتبع الأخطاء العروضية في شعره لن يخلو من فائدة لمن أراد تعلم قواعد النظم.

في هذه الحلقة سندرس بعض أشعار الميرزا من البحر الطويل، على أن نخصص لكل حلقة بحرا من بحور الشعر العربي الستة عشر، وغالب الظن أنه لم ينظم في جميع البحور، وإن صح ظني فإن حلقات هذه السلسلة من المقالات ستكتمل دون أن تبلغ عدةَ البحور.

وزن البحر الطويل هو :

فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ ** فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاْعِيْلُنْ

ويجوز في حشو الطَّوِيْل الْكَفّ (حذف السابع الساكن) فتصبح به (مَفَاْعِيْلُنْ): (مَفَاْعِيْلُ). و الْقَبْض (حذف الخامس الساكن) فتصبح به (مَفَاْعِيْلُنْ): (مَفَاْعِلُنْ)، وتصبح (فَعُوْلُنْ): (فَعُوْلُ). ولا يجوز اجتماع الكف والقبض في (مَفَاْعِيْلُنْ). وكذلك يجوز الْخَرْم (حذف أول الوتد المجموع أول التفعيلة) وذلك في تفعيلته الأولى (فَعُوْلُنْ) فإن كانت سالمة صارت (عُوْلُنْ) ويُسَمَّى هذا الزحاف ثَلْمًا، وإن كانت مَقْبُوضَة أصبحت (عُوْلُ) ويُسَمَّى ثَرْمًا، وإن كان غير مستساغا، وقد وقع أحيانا في قصائد الميرزا، أما في عروضه فالْقَبْض واجب ، فعروض البحر الطّويل تكون مقبوضة دائمًا (مَفَاعِلُنْ) إلّا عند التّصريع.

أما الضّرب فله ثلاث صور وهي (مَفَاْعِيْلُنْ)، (مَفَاْعِلُنْ)، (مَفَاْعِي).

وعلى هذا البحر نظم امرئ القيس معلقته الشهيرة التي مطلعها:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل

وعليه أيضا نظم طرفة بن العبد معلقته التي مطلعها:

لخولة أطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

وقد استفاد الميرزا كثيرا من هاتين المعلقتين في محاولاته الشعرية، حيث اقتبس منهما ونظم على غرار أبياتهما، ولن أقول أنه سرق منهما، وإن كان هذا هو التعبير الأليق بحاله والأصح في حقه، وإن زعم البعض مكابرة أو جهلا أن هذا الاقتباس (أو السرقة) معارضة ، وأنى لمثله أن يعارض كبار الشعراء؟ ولكني سأرحم جهل الميرزا وأنظر إلى شعره نظري إلى قصائد أي شاعر في بداية الطريق يقتبس من السابقين، وهذا ليس طعنا في حق الميرزا الشاعر المبتدئ، ولكنه يهدم أسطورة الميرزا المسيح الموعود والمهدي الذي علمه الله اللغة العربية في ليلة واحدة.

ولكن الدراسة العروضية لأشعار الميرزا تحرمه حتى من صفة الشاعر المبتدئ، ففي محاولاته للنظم على البحر الطويل أتى بالطوام العظام والأخطاء الجسام التي لا يمكن أن تقبل من أي شاعر بسيط، وفيما يلي نبين مدى جهل الميرزا بقواعد الشعر العربي مع الإتيان بالأمثلة من شعره

أولا: الخلط بين التفعيلة "مفاعيلن" والتفعيلة " مفاعلتن"

لا يستطيع الميرزا التمييز بين التفعيلتين مفاعيلن ومفاعلتن، فكثيرا ما يضع الثانية موضعالأولى في حشو البحر الطويل ،ومثل هذا الخطأ الفاحش لا يقع فيه من له أدنى معرفة بفن العروض، وهو يدل على قصور فهم الميرزا وقلة ذكائه، فلا شك أنه قرأ بحور الشعر لكنه لم يستوعب الزحافات والعلل التي تلحقها، وحين رأى أن مفاعلتن في البحر الوافر يمكن أن يلحقها العصب (تسكين الخامس المتحرك) فتصير مفاعيلن، والعصب في الوافر أمر مستحسن ، التبس عليه الأمر فظن أن نفس الشيء ينطبق على البحر الطويل، وأن أصل التفعيلة مفاعيلن هو مفاعلتن، وفيما يلي اثنا عشر مثالا على هذا الخطأ :

1- ولستُ بتارك أمر ربي مخافة ولو قتلوني بالحسام المجرّد

فَعُوْلُ مَفَاعَلَتُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاعِيْلُنْ فَعُوْلُ مَفَاعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاعِلُنْ

الوزن لا يستقيم إلا بتسكين الكاف وهو مستحيل ولا تسمح به الضرورة الشعرية التي قد يتخدها بعض الجهلة مطية للدفاع عن مسيحهم الدجال

2-بفضلك إنا قد غلبنا على العِدا بنصرك قد كُسِرَ الصليب المبطِّرُ

فَعُوْلُ مَفَاعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاعِلُنْ فَعُوْلُ مَفَاعَلَتُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاعِلُنْ

كسر الميرزا البيت بفعل " كُسِرَ" ولو شدد السين لزاده تهشيما ، والبيت لا يستقيم إلا بتسكين السين فهو أمر مستحيل ( ربما صح في لسان أهل المريخ أو الشمس فالميرزا أعلم بسكانهما)

3- ونحن عبادك يا إلهي وملجأي نخِرُّ أمامك خشيةً ونكبِّرُ

فَعُوْلُ مَفَاعَلَتُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاعِلُنْ فَعُوْلُ مَفَاعَلَتُنْ فَعُوْلُ مَفَاعِلُنْ

أخطأ كما هو مبين في كلا الشطرين.

4- وأخذتَهم وكسرتَ دَأْيًا مُنَضَّدًا وأتممتَ وعدكَ في صليب يُكَسَّرُ

الشطر غير موزون ، وفي العجز مثال واضح على الخطأ في التفعلية مفاعيلن، ويمكن مساعدة الميرزا في تخفيف تكسير البيت بحذف الواو من أول الشطر وجعل ميم " أخدتهم" ميما مضمومة مشبعة " أخدتهمو"، ومع هذا يضل الكسر غير قابل للجبر في فعل "وكسرت" ، في الأمثلة اللاحقة سأكتفي بإيراد الأبيات مع الإشارة إلى الخطأ دون أن أعلق عليها.

5- له الملك والملكوت والمجد كله وكلٌّ له ما بان فينا ويظهَرُ

فَعُوْلُ مَفَاعَلَتُنْ فَعُوْلُ مَفَاعِلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاعِلُنْ

الخطأ في كلمة الملكوت لا يصح الوزن إلا بتسكين لامها.

6- وظل النصارى ينصرون وكيلهم وكلٌّ تسلحَ صائلا لو يقدر

الخطأ في كلمة تسلح.

7- وقال له ولد مسيح ابن مريم فسبحان رب العرش عما تصوروا

الخطأ في "ولد" ولا يستقيم الوزن إلا بتسكين اللام. ولم يعرف المسيح بسبب الضرورة وهو أمر غير مستساغ كما يلاحظ القارئ.

8- رأﻳﺖُ ﻣُﺒارِزَﻫُﻢ ﻛﺬﺋﺐ ﺑﻈُﻠﻤﻪ ﻳﺼول ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻞ الهدى ويزور

الخطأ في كلمة مبارزهم.

9- وإنك تذكرني كرجْل محقر وتلمزني في كل آن كمارز

الخطأ في كلمة "تذكرني"، والتفعيلة الثالثة أيضا لا تستقيم إلا بتسكين جيم كلمة رَجُل فتصير رجْلا وهذا يغير المعنى فالرَّجْلُ هو الماشِي على رجليه والشَّعْرُ الرَجْلُ هو الشعر الذي يَجْمَعُ مَا بَيْنَ الاسْتِرْسالِ وَالجُعودَةِ، ولا علاقة لهذه الكلمة بالمعنى الذي أراده الميرزا.

10- وكيف أعالج قلب وجه مسود غبي شقي في البطالة مفسد

الخطأ في كلمة أعالجُ.

11- وكيف أخاف نهيق قوم مفند مثيل عواء الذئب بل صوت جدجد

فَعُوْلُ مَفَاعَلَتُنْ فَعُوْلُن مَفَاعِلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاعِلُنْ

12- وإني أبنت لهم دلائل مقصدي وليس لهم أدنى الدلائل في اليد

فَعُوْلُ مَفَاعَلَتُنْ فَعُوْلُ مَفَاعِلُنْ فَعُوْلُ مَفَاعِيْلُنْ فَعُوْلُ مَفَاعِلُنْ

الخطأ في "لهم" ينبغي تسكين اللام كي يستقيم الوزن وهذا من المستحيلات.

أكتفي بهذا القدر من الأمثلة على الخطأ في التفعيلة " مفاعيلن" وقد ارتكب هذا الخطأ كثيرا ، فلم أقرأ -إلى حدود الساعة- إلا القليل من قصائده التي نظم على هذا البحر وعثرت فيها على أزيد من أربعين خطأً.

ثانيا: الخطأ في "مفاعلن" بجعلها "فاعلن"

كما أسلفنا فإن الْقَبْض واجب في عروض الطويل فلا تكون إلا مقبوضة، فلها صورة واحدة هي (مَفَاعِلُنْ)، أما الضّرب فله ثلاث صور وهي (مَفَاْعِيْلُنْ)، (مَفَاْعِلُنْ)، (مَفَاْعِي). ولا يمكن أن يأتي أي منهما ( العروض والضرب) على صورة (فاعلن)، ولكن الميرزا خالف قواعد الشعر العربي وجاء بالعروض- وأحيانا بالضرب -على هذه الصورة في عدة مواضع . وإليكم بعض الأمثلة على هذا الخطأ الشنيع:

1- ومن قال أن له إلاها قادرا سواه فقد نادى الردى ويدمر

فَعُوْلُ مَفَاعَلَتُنْ فَعُوْلُنْ فَاعِلُنْ فَعُوْلُن مَفَاعِيْلُنْ فَعُوْلُ مَفَاعِلُنْ

كما ترى فقد أخطأ في الصدر مرتين.

2- ﻓﻘﻠﺖُ ﻟﻪ اﺧْﺴَﺄ ﻟﻴﺲ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﺨﺎﻟﻖ وخاﻟﻘﻨا الرب اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻷﻛﺒﺮُ

فَعُوْلُ مَفَاعِيْلُنْ فَعُوْلُ مَفَاعِلُنْ فَعُوْلُ مَفَاعِيْلُنْ فَعُوْلُ فَاعِلُنْ

3- بوجه المهيمن لست رجْلا كافرا وإن المهيمن يعلمن كل مضمري

فَعُوْلُن مَفَاعَلَتُنْ فَعُوْلُنْ فَاعِلُنْ فَعُوْلُن مَفَاعَلَتُنْ فَعُوْلُن مَفَاعِلُنْ

في هذا البيت أخطأ ثلاث مرات ، وقد كرر خطأ تسكين الجيم في كلمة الرجل مما يؤكد جهله بمفردات اللغة العربية.

عبد الجليل العباسي/ المغرب

30/07/2018