دراسة عروضية لشعر الميرزا غلام أحمد القادياني البحر الطويل ( ج3)

دراسة عروضية لشعر  الميرزا غلام أحمد القادياني البحر الطويل ( ج3)

دراسة عروضية لشعر

الميرزا غلام أحمد القادياني

البحر الطويل ( ج3)

رابعا : الأخذ من المعلقات: سرقات مخادع أم اقتباسات فاشل؟

1-السرقات / الاقتباسات من معلقة زهير بن أبي سلمى

أ_ قال زهير بن أبي سلمى في معلقته:

رَأَيْتُ الَمنايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَن تُصِبْ تُمِتْهُ وَمِنْ تُخْطِئْ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ

ونسج الميرزا على منواله، فقال:

وما العقل إلا خَبْط عشواءَ ما يُصِبْ يجِدْه وما يُخطي فيهذي ويلغَبُ

فانظر كيف اقتبس فشوه البيت لفظا ومعنى، حيث أتى بلفظ ركيك ضعيف، تأمل الشطر الثاني أين جواب الشرط؟ وإن كان الفعل يهذي هو الجواب فما محل الفاء من الإعراب؟ وأتى بمعنى جد سخيف، العقل خبط عشواء!!!، فيا أيها الأحمديون المتبجحون بعقلانيتكم، المتفاخرون بتفسيراتكم "المنطقية" لكتاب الله، الساخرون من عامة السلمين الغارقين في الخرافة والجهل، "نبيكم" يخبركم أن العقل ليس إلا خبط عشواء.

ب _قال زهير:

وَمَن يعص أَطْرَافَ الزِّجاج فإِنَّهُ يُطيعُ الْعَواِلي رُكِّبَتْ كلَّ لَهْذَمِ

وقال الميرزا:

ومن يعصِ فرقانًا كريمًا فإنه يُطعِ السعيرَ وفي الجحيم يُقلَّبُ

وزْن الشطر الأول هو : فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن، وهو على البحر الطويل، أما وزن الشطر الثاني فهو متفاعل متفاعل متفاعل، أي أنه من البحر الكامل، وهذا يؤكد ما قررناه سابقا بخصوص خلط صاحبنا بين البحرين.

ج_ قال زهير:

وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الَمنَايَا يَنَلْنَهُ وَإِنْ يَرْقَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ

وقال الميرزا:

ومن ذاق من طعم المنايا بقولكم فكيف كحيٍّ سرمدٍ يُتصوَّرُ

وقال أيضا:

ومن يطلب الخيراتِ فيه ينَلْنَهُ ويرى اليقينَ التام والشكُّ يهرُبُ

وانظر إلى البيت الثاني اقتبس من الشطر فجاء سليما وحاول الإبداع في العجز فأتى بكارثة كبرى( الوزن مهشم)

د_ قال زهير:

وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِىءِ مِنْ خْلِيقَةٍ وَإِنْ خَالَها تَخْفَى على النّاسِ تُعْلَمِ

وقال الميرزا:

ومهما يكن في كُتْبكم ذِكْرُ عجزه وإنْ خِلتَه يخفى على الناس يظهَرُ

وقال أيضا مستعينا بنفس البيت:

ومهما تكُنْ من عين ماءٍ باردٍ تراه حثيثًا عينُ صادٍ فيشرَبُ

ووزن الصدر مختل. وكالعادة يسرق أو يقتبس فيسيء استخدام ما اقتبسه.

ه_ قال زهير:

لسانُ الفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فؤَادُهُ فلَمْ يَبْقَ إِلا صورَةُ اللَّحْمِ والدَّمِ

وقال الميرزا:

وعقلُ الفتى نصف، ونصفٌ حواسُّه وكصَفْقِ أيدٍ منهما العلمُ يَظهَرُ

العجز مختل الوزن.

و- قال زهير:

وَمَنْ يَجْعَلِ الَمعْرُوفَ في غَيْرِ أَهْلِهِ يَكُنْ حَمْدُهُ ذَمّاً عَلَيْهِ وَيَنْدَمِ

وقال الميرزا

ومن يطلُبَنْ سبلَ الهدى في غيره يكُنْ سعيه لعنًا عليه فيُعطَبُ

الشطر الأول مختل الوزن ، أما الشطر الثاني فجاء موزونا لأن الميرزا لم يكد يغير في عجز بيت زهير شيئا، وإنما اكتفى بإبدال ثلاث كلمات بما يطابقها وزنا ويقاربها معنى.

ومثل هذه السرقات( أو الاقتباسات) من معلقة زهير كثيرة ومنها:

تَبَصَّر خَلِيلي هَلْ تَرَى من ظَعائِنٍ(زهير)...... تبصَّرْ خصيمي هل ترى من دلائلٍ(الميرزا)

سَئِمْتُ تَكالِيفَ الحَيَاةِ وَمَنْ يَعِشْ (زهير)...... وكم من تكاليف سئمتُ تودُّدا(الميرزا)

رَأَيْتُ الَمنايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَن تُصِبْ(زهير)...... وإني أرى في خبطِ عشواء عقولَكم(الميرزا)

2- السرقات/ الاقتباسات من معلقة امرئ القيس

أ‌- قال امرؤ القيس في معلقته:

أفاطِمَ مهلًا بعضَ هذا التَّدَلّلِ وَإن كنتِ قد أزمعتِ صَرْمي فأجملي

واقتبس صاحبنا الصدر فقال:

أمكفر مهلا بعض هذا التحكم (حمامة البشرى)

واقتبس العجز فقال:

وإن كنت قد أزمعت حربي فبارز( مكتوب أحمد ص93)

ب‌- قال امرؤ القيس

أغَرّكِ مني أنّ حبّكِ قاتِلي وَأنّكِ مهما تأمري القلبَ يَفْعَلِ

واقتبس الميرزا عجز هذا البيت فقال:

وأنك مهما تحشر القلب يحضرُ( كرامات الصادقين القصيدة الثانية)

ج- قال امرؤ القيس:

ويومَ دخلتُ الْخِدرَ خدرَ عُنَيزَةٍ فقالتْ لكَ الوَيلاتُ إنَّك مُرْجِلي

وقال الميرزا:

وكفّرني بالحقد مِن غير مرّة فقلتُ لك الويلات إنك أكفَرُ

والاقتباسات من هذه المعلقة أيضا كثيرة ومنها:

كأني غَداةَ البَينِ يَوْمَ تَحَمَّلوا ( امرؤ القيس) ...... وإن غداة البين أدنى وأقربُ(الميرزا)

ففاضَتْ دُموعُ العَينِ مِنّي صَبَابَةً( امرؤ القيس)..... ففاضتْ دموع العين مني تذللا(الميرزا)

بسَهمَيك في أعشار قَلبٍ مُقَتَّلِ ( امرؤ القيس) ...... ولي لك في أعشار قلبي لوعةٌ(الميرزا)

ألا رُبّ خَصْم فيكِ ألْوَى رَدَدتُه( امرؤ القيس) ...... ألا رُبَّ خصمٍ خاضَ فيه عداوةً(الميرزا)

وَما إنْ أرى عنكَ الغَوايةَ تَنْجلي ( امرؤ القيس)........ وما إن أرى عنك الغواية تُسلَبُ(الميرزا)

كجلمود صخرٍ حطَّه السيلُ مِنْ عَلِ ( امرؤ القيس)........ كجُلمودِ صخرٍ جهلُه لا يُغيَّرُ(الميرزا)

نسيمَ الصَّبا جاءت برَيّا القَرَنْفُلِ( امرؤ القيس)........ نسيم الصبا من شأنه تتحيَّرُ(الميرزا)

خَرَجْتُ بها أمشي تَجُرّ وراءَنا( امرؤ القيس)........ خرجنا وخَلقٌ كان يسعى وراءنا (الميرزا)

يُزِلّ الغُلامَ الْخِفَّ على صَهَواتِهِ( امرؤ القيس)........ يُزلّ الغلامَ الخفرَ بَكْرٌ هَوزَبُ(الميرزا)

إلى مِثْلها يَرْنو الْحَليمُ صَبَابَةً( امرؤ القيس)........ إلى منطقي يَرْنو الْفهيمُ تعشقا(الميرزا)

أغلب هذه الاقتباسات وردت في ثلاث قصائد من البحر الطويل في كتاب كرامات الصالحين( القصيدة الثانية والثالثة والرابعة أما الأولى فليست من الطويل)، وحتى لا يَخْدَعَ كهنةُ الأحمديةِ البسطاءَ من الأتباع لابد من الإشارة إلى أن هذه القصائد ليست معارَضَةً للمعلقتين، فالمعارضة الشعرية هي أن ينظم الشاعر قصيدةً تطابق قصيدة شاعر آخر في الوزن والقافية وتخالفها في المعنى قصد إظهار مقدرته و براعته الشعرية، وهذا ليس متحققا في قصائد الميرزا( روي القصيدة الثانية في كرامات الصالحين هو الراء ، وروي الثالثة هو الدال، أما روي الرابعة فهو الباء)،زيادة على أن الميرزا لا يقتبس من قصيدة واحدة بل يقتبس( أو يسرق) من قصائد عدة ، أما من أراد المعارضة فيعارض قصيدة واحدة، وقد قال الميرزا في التنبيه الذي وضعه مقدمةً لكتابه: "وقد نظمت هذه القصائد بارتجال من غير انتحال" فلعنة الله على الكاذبين ....( يتبع)

ملاحظة هامة:

افترضنا في هذه الدراسة أن الأشعار من نظم الميرزا، والله أعلم بناظمها، لكن المؤكد أن ناظم جميع الأشعار الموجودة في كتاب كرامات الصادقين هو شخص واحد ( أربع قصائد منسوبة للميرزا ثلاثة من الطويل وواحدة من مجزوء الكامل وأربع منسوبة لمحمد سعيد الشامي وقصيدة أخرى نسبت إلى شخص ثالث يدعى نور الدين)، فكلها بنفس الأساليب الضعيفة والعبارات الركيكة، وكلها مطبوعة بنفس روح التكلف و التَّنطُّع في الكلام، وجميعها تشتمل على نفس العيوب العروضية.

عبد الجليل العباسي/ المغرب

07/08/2018