دحض وتفنيد أدلة صدق القادياني: [باطلها الأول: حاجة العصر]

دحض وتفنيد أدلة صدق القادياني: [باطلها الأول: حاجة العصر]

باطلها الأول: حاجة العصر.

أبوعبيدة العجاوي

قالت القاديانية: الحالة التي كان عليها عصر المسيح الموعود عليه السلام هي الحالة القصوى لغَلَبَة الصليب وانتشار الديوثية والإباحية والإلحاد والفسوق والفساد، فلم يسبق تاريخا أنْ كان مثل ذلك، كما أنّ سنوات ما بعد ذلك بدأت تشهد تراجعا في ذلك كله، وبدأ الناس يميلون نحو التديّن والالتزام. والله تعالى يبعث الرسل حين يكون الفساد في أشدّه؛ فكان لا بدّ من بعثة المسيح المهدي في ذلك الزمان.

دحض وتفنيد:

أولا: قال سبحانه ذو الجلال والإكرام: 

«(مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)» (الأحزاب ٤٠)

«(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)» (المائدة ٣)

«(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)» (الحجر ٩)

وقال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:

«كانَتْ بَنُو إسْرائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأنْبِياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وإنَّه لا نَبِيَّ بَعْدِي، وسَيَكونُ خُلَفاءُ فَيَكْثُرُونَ. قالوا: فَما تَأْمُرُنا؟ قالَ: فُوا ببَيْعَةِ الأوَّلِ فالأوَّلِ، أعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ؛ فإنَّ اللَّهَ سائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعاهُمْ». (صحيح البخاري)

«وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ ، وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثُوا دينارًا ولا درهمًا ، ورَّثُوا العِلمَ فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافرٍ». (سنن أبي داود)

«إنَّ اللَّهَ يبعثُ لِهَذِهِ الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سنةٍ من يجدِّدُ لَها دينَها». (سنن أبي داود)

فدين الله عز وجل إكتمل، وتمت نعمته، وهو محفوظ بحفظ الله -الملك الحق- بمشيئته وقدرته وقهره سبحانه.

وإن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ربنا سبحانه وتعالى "خاتم النبيين"، أي آخرهم، وجاء الحديث النبوي يوضحه "لا نبي بعدي" وعلى هذا إجماع المسلمين سلفا وخلفا.

وإنما المسلمون بحاجة في كل عصر وزمان إلى العلماء -نسأل الله أن يعلمنا و يفقهنا و يفهمنا- يقومون بمهمة الدعوة والتبليغ والتعليم والبيان والشرح والتفسير…

والمسلمون بحاجة في كل عصر وزمان إلى الخلفاء، والسلطان الذي يسوسهم ويرعاهم في شؤون دينهم ودنياهم.

وكان العلماء والمشايخ رحمهم الله يقولون للفرقة القاديانية عندما فتحت باب النبوة: «كانَتْ بَنُو إسْرائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأنْبِياءُ، كُلَّما هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وإنَّه لا نَبِيَّ بَعْدِي، وسَيَكونُ خُلَفاءُ فَيَكْثُرُونَ»

ففتحت القاديانية باب النبوة وبعد أن استدلت على ذلك أغلقت هذا الباب، ثم جعلت الأمر خلافة بعد الغلام القادياني، ولحد الآن وصل عدد الخلفاء إلى خمسة، وخلافتهم ليست بمعنى ملك وسلطان، بل مجرد زعامة دينية لطائفة وفرقة وجماعة.

ثانيا: إن غلام القاديانية صاحب التناقضات الكثيرة… يقول: 

"فلا حاجة لنا إلى نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أحاطت بركاته كل أزمنة". (حمامة البشرى ٩٨)

ثم ناقض نفسه وقال:

"ولكن إذا ظهرت لي آيات الله وصرح الزمان بحاجته إلي فإن إنكاري بمثابة ضرب اليد على حد سيف بتار". (حقيقة الوحي ٥١)

وهكذا أبطل باطل جماعته، والحمد لله رب العالمين.

ثالثا: قول القاديانية التالي: "الحالة التي كان عليها عصر المسيح الموعود هي الحالة القصوى لغَلَبَة الصليب وانتشار الديوثية والإباحية والإلحاد والفسوق والفساد، فلم يسبق تاريخا أنْ كان مثل ذلك". غير صحيح، فلقد تعرض المسلمون لغلبة الصليب على يد الفرنجة زمن الحملات الصليبية، وتعاون من تعاون من النصارى مع المغول ضد المسلمين، وتعرض المسلمون في الأندلس إلى أبشع الجرائم، وإن كان المسلمون في الهند تعرضوا لأبشع الجرائم على يد الإنجليز -أولياء أمور القادياني والقاديانية-، إلا أنهم كانوا يرضون من المسلمين المهادنة والخضوع وترك الجهاد، وهذا ما كان يدعو له القادياني.

أما الديوثية والإباحية والإلحاد والفسوق والفساد، ففي كل عصر وزمان، وهي أمور تكثر وتقل بحسب الزمان والمكان والأحوال، وهي غالبة في تاريخ البشر منذ خلقوا، إلا من رحم الله -الهادي والواقي والكافي-، نسأل الله الهداية والوقاية والكفاية وأن يحفظنا بحفظه.

رابعا: من تدليس وكذب ودجل القاديانية أنها استدركت فقالت: "كما أنّ سنوات ما بعد ذلك بدأت تشهد تراجعا في ذلك كله، وبدأ الناس يميلون نحو التديّن والالتزام". في إيحاء شيطاني لها أن الغرض من بعثة نبي قاديان قد تم في زمانه.

بل إن ما زعمته من إباحية وإلحاد وفساد كان في زمن القادياني وزاد بعده كثيرا.

أما غلبة الصليب والنصارى والتنصير والنصرانية، فكان التراجع واضحا قبل القادياني وفي زمانه وبعده إلى عصرنا هذا -هذا رغم دعم الاستعمار للتنصير خارج موطنه-، ومن تنصر من الشعوب المستعمرة كان يغلب عليهم الوثنية، لا المسلمين ولله الحمد، وهذا التراجع ليس سببه بعثة نبي القاديانية، -لم يتبعه سوى أفراد هنا وهناك-، بل بسبب اللادينية والعلمانية والإلحاد والمادية والدعوات الدنيوية والأفكار البشرية البعيدة عن الدين… 

وأما الإلتزام الديني الملاحظ على المسلمين خلال العقود الأخيرة ولله الحمد والشكر، فلا علاقة لظهور القادياني وبعثته المزعومة بهذا الإلتزام.

ولا نريد الزيادة على ما سبق… فإن نبي قاديان منذ ظهر إلى يومنا هذا ٩٩.٩٪ لم يسمعوا به أصلا، أو لا يعلمون عنه إلا القليل النادر، هذا فضلا أنه ظهر منذ أكثر من قرن، ولم يؤثر في شعوب العالم شيئا كماركس ولينين على سبيل المثال، وابنه وخليفته الثاني بشير الدين محمود والذي تطلق الجماعة القاديانية عليه لقب "المصلح الموعود"، فهو مجهول عند الناس أكثر من والده، وليس له ذرة إصلاح في هذا العالم.

وإن كان هناك من حاجة للقادياني والقاديانية أو فائدة أو أثر، فنحمد الله ونشكره بسبب هذا المزعوم، وبسبب هذه الفرقة الضالة، تفقه من تفقه من المسلمين بعقيدة ختم النبوة وعقيدة رفع المسيح ونزوله عليه السلام وغير ذلك من مواضيع… فلله النعمة والمنة والفضل والرحمة والثناء والحمد لله رب العالمين.

رابعا: الاستدلال بهذا الباطل "حاجة العصر" وجعله "دليلا" زيادة على بطلانه، فتح باب الإشكاليات والمشاكل للقاديانية نفسها، فقد جاء الغلام القادياني وبنى أساس دعوته على التجديد والمسيحية والمهدوية والنبوة، وقد ولى عصر القادياني وجاء عصر آخر، ورأس قرن جديد، ولذلك ادعى من ادعى من أتباع القاديانية النبوة والمسيحية والتجديد وما شابه ذلك.. وكذلك فإن أقوال غلام القاديانية متناقضة حول هذا الموضوع:

•ففي المسيحية يقول: "وإنا إذا ودعنا الدنيا فلا مسيح بعدنا إلى يوم القيامة". (إعجاز المسيح ٣٨)

"وكذلك ما ادعيت أن فكرة المماثلة قد انقطعت بعدي، بل من الممكن عندي أن يأتي في المستقبل حتى عشرة آلاف من أمثال المسيح مثلي". (فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام ٢١١)

•وفي التجديد يقول: "ما الحرج في أن يأتي مجدد بعدي". (الملفوظات)

"ومن المتفق عليه عند أهل السنة أن المجدد الأخير في هذه الأمة هو المسيح الموعود الذي سيظهر في الزمن الأخير". (حقيقة الوحي ١٧٩)

ثم "حاجة العصر" إذا جعلت دليلا، فـ باب لكل مدع كذاب دجال، ويستطيع كل مدة من الزمن من هو على شاكلة القادياني والقاديانية أن يستدل به، وهنا تكمن خطورة هذا الاستدلال.

ثم لو خرج خارج مدع كذاب، واستدل على الجماعة القاديانية وقال: لقد ذهب عصر القادياني، ونحن على رأس قرن جديد، والعصر بحاجة إلي، ما قبلت منه هذا الإحتجاج، وكل من ادعوا النبوة وما شابه ذلك… من أفراد الجماعة القاديانية اتهمتهم بالجنون والنفاق وكذبتهم، وتم طردهم من الجماعة.

خامسا: إن طبيعة وحي نبي القاديانية أو نبوته مختلف عليها، وفيها اختلاف وتناقض حتى عند القادياني وأتباعه:

- ليس نبيا: "فلا تظنّ يا أخي أنّي قلت كلمة فيها رائحة ادّعاء النبوّة كما فهم المتهوّرون في إيماني وعرضي... ومعاذ الله أن أدّعي النبوّة بعد ما جعل الله نبيّنا وسيدنا محمّد المصطفى ، خاتم النبيّين". (حمامة البشرى ١٧٢)

- نبي مجازا: "وسميت نبيا من الله على طريق المجاز لا على وجه الحقيقة". (الاستفتاء ٨٦)

- نبوة بمعنى كثرة المكالمة والمخاطبة: "ثم مع ذلك ذكرتُ غير مرة أن الله ما أراد من نبوتي إلا كثرة المكالمة والمخاطبة، وهو مسلم عند أكابر أهل السنّة، فالنزاع ليس إلا نزاعا لفظيا. فلا تستعجلوا يا أهل العقل والفطنة ولعنة الله على من ادعى خلاف ذلك مثقال ذرة، ومعها لعنة الناس والملائكة". (الإستفتاء ٢١)

- نبي محدث: "إذا كان الذي يتلقى أخبار الغيب من الله تعالى لا يسمى نبيا فبالله أخبروني بأي اسم يجب أن يُدعى؟ لو قلتم يجب أن يسمى "محدثا"، لقلت لم يرد في أي قاموس أن التحديث يعني الإظهار على الغيب". (إزالة خطأ ٦)

- نبي ناقص: "فإنني دون أدنى شك  قد جئت من الله تعالى، محدثا في هذه الأمة، والمحدث أيضا يكون نبيا من وجه. ومع أن نبوته ليست تامة، لكن فيه جزء من النبوة لأنه يحظى بشرف مكالمة الله تعالى. وتُكشف عليه أمور غيبية". (فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام ٦٨)

- نبي ولكن ليس صاحب شريعة: "فما دمت رسولا من الله ،ولكن دون شريعة جديدة، ودون ادّعاء جديد وبغير اسم جديد، بل جئت حاملا اسم النبيّ الأكرم خاتم الأنبياء". (نزول المسيح ٢)

- نبي صاحب شريعة: "يجب أن تعرفوا ما هي الشريعة؟ فمن بين بعض الأوامر ونهى عن بعض الأمور بتلقي الوحي الله وسنّ لأمته قانونا فهو صاحب الشريعة، فبهذا التعريف أيضا تمت الحجة على معارضينا، لأن الوحي النازل على يتضمن الأوامر والنواهي أيضا. فمثلا الإلهام "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم" يضم الأمر والنهي معا، وهو مسجل في كتاب "البراهين الأحمدية" وقد مضت على تزوله مدة ٢٣ عاما أيضا، وكذلك يتضمن الوحي النازل عليَّ إلى الآن الأوامر والنواهي". (أربعين ١١١)

فانظر إلى من أصل دعوته "ضلال"، ثم إنظر إلى أقواله وما فيها من كذب واختلاف وتناقض وتضارب واضطراب وضلال وبدع.

سادسا: فكما قلنا الناس بحاجة إلى علماء -وهم ورثة الأنبياء- عليهم السلام، أما الحديث:

«إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا». (سنن أبي داود)

فهؤلاء المجددون الجهل بهم لا يضر، وليس واجبا الإعتقاد أن فلان مجدد هذا العصر وذاك الزمن، والناس غير متفقة عليهم، والأمر ظن واجتهاد.

وأخيرا: التجديد تعليم ودعوة إلى كتاب الله جل في علاه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، لا تحريف معاني آيات الله القرآنية، وتكذيب الأحاديث الصحيحة، والإتيان بالبدع والضلالات الإعتقادية: كانكار خاتمية نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وإنكار آيات الله الخارقة، وإنكار الجن المخلوق المكلف -الشبحي في اصطلاح القاديانية-، وإنكار أبوة آدم عليه السلام للبشر…إلخ.

✵✵✵✵✵✵