تورية الميرزا
تورية الميرزا
اشترط أهل العروس أن يكون العريس حنفيّ المذهب.
العريس هو نور الدين التابع للميرزا، ولم يكن حنفيّ المذهب، فما الحلّ؟
قال الميرزا: "جميع المسلمين يدخلون في (حنيفا مسلمًا)، ومع ذلك فمن الأفضل أن يُردّ على هذا الشرط بحكمة".
وحين استفسر العريس من الميرزا عن هذا الشرط التعجيزي قال الميرزا: بما أن أهل العروس قد أبدوا تحفظاتهم في حالة الاختلاف في المذهب، لذا يمكنك أن ترسل لهم إعلانا مبيّنًا فيه أنك من الأحناف.
يقول العريس نور الدين:
"لم يكن الميرزا قد بدأ بأخذ البيعة بعد. وقال لي في تلك الأيام، أن أنشر إعلانا بكوني حنفيا، ففعلت، واخترت لعنوانه تعبيرا فارسيا معناه:
"لَوِّنِ السجادةَ بالخمر إذا طلب المرشد ذلك." (يقصد افعل ما يقوله الشيخ مهما رأيتَه حراما)
ثم عندما أتيت إلى قاديان أخرج لي الميرزا هذا الإعلان وأعطانيه وقال: مزِّقه الآن، ففعلتُ. ثم قال الميرزا: من هو الحنفي؟ قلتُ: لا أعلم. قال: ماذا كان الإمام أبو حنيفة يفعل؟ قلتُ: كلما وجد نصا صريحا عمل به وإلا فاجتهد. قال الميرزا: هذه هي سيرة المؤمن، وهذا هو الحنفي."
سكت نور الدين إثر سماع كلام الإمام، ثم أرسل الميرزا خبرا إلى "لدهيانة" بأنه يجب اعتبار نور الدين حنفيًّا. ثم حُدِّد موعدُ الزواج. (حياة نور)
أقول: أهل العروس يشترطون شرطا واضحا، ولكن الميرزا يتلاعب بالكلام، بل يطلب من نور الدين أن يُصدر إعلانا كاذبا أنه حنفيّ المذهب، مع أنه ليس كذلك.
كان الواجب أن يذهب لأهل العروس، حيث كان الميرزا يزعم أنهم كانوا تابعين له معظّمين إياه، فيشرح لهم ما ذكره، لا أن يخدعهم ويطلب من نور الدين أن يعلن أنه حنفي المذهب وهو ليس كذلك. فالحنفي في عُرف الناس شيء، والميرزا اخترع تعريفا آخر له، وهو تعريف أي مذهب وأي مسلم. وهذه هي التورية الكاذبة.
التورية هي أن يريد المتكلم بكلامه خلاف ظاهره.. أي أن تقول شيئا بحيث يفهمه الناس بطريقة تخالف ما في ذهنك.. أي أن تخدعهم. فالعبرة بالمضمون لا بالشكل.
الميرزا مارس التورية أكثر من مرة، ففي كتابه كشف الغطاء أوهَم أنه لم يتلقَّ أي نبوءة عن زوال بريطانيا واضمحلاها في ثماني سنوات، مع أنه كان قد أخبر بعض أصحابه بذلك.
إذا كانت التورية جائزةً فيمكنك أن تكذب ليل نهار بمجرد شيء من التلاعب بالكلمات.
هاني طاهر 6 مارس 2017