تسخير الريح لسليمان عليه السلام
تسخير الريح لسليمان عليه السلام
{ وَلِسُلَيْمَٰنَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِى بِأَمْرِهِۦٓ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِى بَٰرَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَىْءٍ عَٰلِمِينَ }. (الأنبياء ٨١).
{ وَلِسُلَيْمَٰنَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ }. (سبأ ١٢).
{ فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِى بِأَمْرِهِۦ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ }. (ص ٣٦).
تقول القاديانية : إن ضمير الغائب في قوله تعالى : ( تجري بأمره ). يمكن أن يعود إلى الله تعالى وإلى سليمان عليه السلام كذلك. وإذا كان عائدا إلى سليمان فقوله ( بأمره ) لا يعني أنها تجري بأمر من سليمان، بل المعنى أنها كانت تجري من أجل أعماله ومنافعه.
وتقول القاديانية أيضا : أن كل شيء سخره الله لنا مستدلة بقوله تعالى : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلۡبَحۡرَ لِتَجۡرِيَ ٱلۡفُلۡكُ فِيهِ بِأَمۡرِهِۦ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ }. (الجاثية ١٢-١٣).
والجواب بعد أعوذ بالله :
١- مع إيماننا أن كل شيء "بأمر الله"، إلا أن نفي القاديانية أن تكون الريح تجري بأمر سليمان "بإذن الله"، حتى لو كان الضمير عائد لسليمان، - مع أن النص واضح في أن الضمير عائد لسليمان - نابع من اعتقاد نفي المعجزات الخارقة للعادة، فبالتالي اللجوء للتأويل والتحريف.
٢- لنا أن نسأل : إذا كان كل شيء مسخر، فلماذا يذكر ربنا - تبارك وتعالى - سليمان حصرا بتسخير الريح والجن والطير… لولا أن خصه الله بما لم يخص غيره.
٣- قول الله - القدير - : { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكًا لَّا يَنۢبَغِى لِأَحَدٍ مِّنۢ بَعْدِىٓ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ }. (ص ٣٥). فإذا كان سليمان - عليه السلام - أعطاه الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده… فكيف يكون ملكه مثل ملك بلقيس أو فرعون أو الإسكندر المقدوني ؟ ما الميزة والخصيصة ؟ لولا أن سخر الله له الريح والجن والطير وعلمه منطق الطير وما الله به عليم… وكل هذا من كلام - ربنا - بلا تأويل ولا تحريف !
٤- ثم ما المانع أن يسخر " الله " الريح لسليمان - عليه السلام - بأمره وإذنه وقدرته وهو - سبحانه - الذي نصر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالريح وجنود الله وقد قال - سبحانه - : { يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱذْكُرُوا۟ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا }. (الأحزاب ٩).
٥- هناك تعمد مقصود وتكلف عند القاديانية في جعل كل معجزة للأنبياء - عليهم السلام - مجرد حادث عادي طبيعي مألوف، ولو سلمنا -جدلا- أن الريح هنا مجرد تسخير عادي، فلا نسلمه في نصوص مثل : عرش بلقيس، والهدهد، والنملة، وتسخير الطير، وتسخير الجن.
٦- ثم هناك فرق بين تسخير و تسخير : تسخير البراق ليس كتسخير الحمار، وتسخير طيور سليمان ليس كتسخير بعض الطيور والكلاب للصيد، وتسخير هدهد سليمان ليس كتسخير الحمام الزاجل، وتسخير البحر للبشر ليس مثل شقه على يد موسى باذن الله، وتسخير الماء ليس مثل ضرب موسى الحجر بعصاه.
الكاتب: أبو عبيدة العجاوي