بيان كذب القاديانية في استدلالها بالعلماء على استمرار النبوة

بيان كذب القاديانية في استدلالها بالعلماء على استمرار النبوة

بيان كذب القاديانية في استدلالها بالعلماء على استمرار النبوة

 استدلّت القاديانيّة على عقيدتها باستمرار النبوّة ببعض العلماء المتصوّفة، وبعضهم من القائلين بوحدة الوجود والإتحاد والحلول، وهي في الحقيقة تكذب على هؤلاء العلماء؛ إذ أنهم لم يقولوا أنّ خاتم النبيّين تعني أفضلهم، ولا خطر ببالهم هذا وإنّما هؤلاء العلماء مؤمنون بعقيدة ختم النبوة، ولكنّ هؤلاء العلماء قالوا بعدم مجيء نبيّ ينسخ شريعة محمّد -صلى الله عليه وسلم-،أو يأتي بشرع جديد، لأنّ هؤلاء العلماء يؤمنون أنّ عيسى عليه السلام، سيأتي في آخر الزمان تابعا للشريعة المحمّديّة، فجاءت القاديانيّة وبترت نصوص هؤلاء العلماء وأخرجتها من سياقها؛ لتوهم الناس أنّ هناك علماء قالوا بقولها، وسوف نعرض هذه النصوص المقتطعة من سياقها ونفنّدها.

 قالت القاديانيّة: إنّ مفهوم خاتم النبيّين الذي نتبناه هو المفهوم القرآني ومفهوم الحديث الشريف ومفهوم علماء الأمة وصلحائها من السلف، وسنذكر فيما يلي بعضا من أقوال علماء الأمة وصلحائها ممن يفسرون "خاتم النبيّين" بأفضلهم، وينقضون تفسيره بآخرهم مبعثا.

واستدلّت القاديانيّة:

أوّلا:  بقول عبد الوهاب الشعراني:

"اعلم أن النبوّة لم ترتفع مطلقا بعد محمّد صلى الله عليه وسلم، وإنما ارتفع نبوّة التشريع فقط"(اليواقيت والجواهر ج 2 ص 35 دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت عام 1900م)

بيان كذب القاديانية: لمّا عدت إلى كتاب اليواقيت والجواهر لم أجد هذا الكلام، كلام الشعرانيّ، ووجدت أن القاديانيّة يكذبون، فالكلام الذي نقلوه هو كلام ابن عربي نقله الشعرانيّ في كتابه وقد اقتطعوا النصّ اقتطاعا وهذا نصّه:"قال الشيخ في الباب الثامن والثلاثين من الفتوحات لما أغلق الله باب الرسالة بعد محمّد صلى الله عليه وسلم كان ذلك من أشد ما تجرعت الأولياء مرارته لإنقطاع الوحي الذي كا به لوصلة بينهم وبين الله فإنه قوت أرواحهم وقال في الجواب الخامس والعشرين من الباب الثالث والسبعين اعلم أن النبوّة لم ترتفع مطلقا بعد محمّد صلى الله عليه وسلم فقوله  صلى الله عليه وسلم لا نبي بعدي ولا رسول بعدي أي ما تم من يشرع بعدي شريعة خاصة".

 وهذا الكلام موجود في كتاب الشعراني تحت:( المبحث الخامس والثلاثون في كون محمّد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيّين كما صرح به القرآن ) بدأه بقوله :" اعلم أن الإجماع قد انعقد على أنّه صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين كما أنّه خاتم النبيّين ".

 وطبعا هو يتحدث عن اجماع المسلمين الذي ذكرناه وانما قال ذلك الكلام لانه يتحدث عن نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان والمبحث الذي ذكرناه يتحدث عن انقطاع النبوّة .

ثانيا: استدلّت بقول الشاه ولي الله الدهلوي :

"وخُتم به النبييون.. أي لا يوجد من يأمره الله سبحانه بالتشريع على الناس"(التفهيمات الإلهية، ج2 ص85 بتصحيح وتحشية الأستاذ غلام مصطفى القاسمي، أكادمية الشاه ولي الله الدهلوي حيدر آباد باكستان)

بيان كذب القاديانية: لمّا عدت للكتاب وجدت النصّ، لكنّ القاديانيّة اقتطعت النصّ لتوهم أنّ الشيخ يقول بقولها، وإنّما الشيخ يؤمن أنّ عيسى -عليهالسلام-،نازل في آخر الزمان، والشيخ يؤكد على أنّ النبيّ محمّد -صلى الله عليه وسلم-،هو آخر الأنبياء، فيقول تحت المطلب (ختم النبوّة وسرّه): "حتى وجد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فاستوطن آخر الدرجات وانتشأ من هنالك نشآت يعسر تفصيلها وصار خاتم هذه الدورة فلذلك لا يمكن أن يوجد بعده نبي صلوات الله عليه وسلامه".

ثالثا: استدلّت بقول ابن عربي:

"فالنبوة سارية إلى يوم القيامة في الخلق وإنْ كان التشريع قد انقطع. فالتشريع جزء من أجزاء النبوّة"(الفتوحات المكية ج 3 ص 159، الباب الثالث والسبعون في معرفة عدد ما يحصل من الأسرار للمشاهد مكتبة القاهرة بمصر عام 1994م)

ويتابع فيقول:

"فإن النبوّة التي انقطعت بوجود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما هي نبوّة التشريع، لا مقامها، فلا شرع يكون ناسخا لشرعه-صلى الله عليه وسلم-، ولا يزيد في حكمه شرعا آخر. وهذا معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- : إن الرسالة والنبوّة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبي. أي لا نبي بعدي يكون على شرع يخالف شرعي، بل إذا كان يكون تحت حكم شريعتي، ولا رسول أي لا رسول بعدي إلى أحد من خلق الله بشرع يدعوهم إليه. فهذا هو الذي انقطع وسدّ بابه، لا مقام النبوّة."(المرجع السابق ص4)

بيان كذب القاديانية: إنّ القاديانيّة قد اقتطعت نصّ ابن عربي الذي كان يؤمن بعقيدة ختم النبوة لكنه كان يؤمن أنّ النبوّة سارية في الحيوانات، وهذا نصّ كلامه كاملا: "فالنبوة سارية إلى يوم القيامة في الخلق وإن كان التشريع قد انقطع ، فالتشريع جزء من أجزاء النبوّة فأنه يستحيل أن ينقطع خبر الله واخباره من العالم ، إذ لو انقطع ، لم يبق للعالم عذاء يتغذى به في بقاء وجوده ، وهذه النبوّة سارية في الحيوانات مثل قوله تعالى : (واوحى ربك إلى النحل) لكنه لا ينطلق من ذلك اسم نبي ولا رسول على واحد منهم".

 والدليل أن ابن عربي يؤمن بختم النبوة إنّه قال:"النبوّة ختمت لكن الولاية لم تختم "كما أن ابن عربي قال في حديث (لا نبي بعدي): "هذا الحديث قصم ظهور أولياء الله".

والسبب: لأنّه منعهم من ادّعاء النبوّة.

رابعا: استدلّت بقول الشيخ بالي أفندي:

"فخاتم الرسل هو الذي لا يوجد بعده نبي مشرع"(شرح فصوص الحكم ص56 المطبعة النفيسة العثمانية، 1309هـ)

بيان كذب القاديانية: لمّا عدت للكتاب المذكور، وجدتهم اقتطعوا النصّ،والنصّ بالكامل هو" فخاتم الرسل هو الذي لا يوجد بعده نبي مشرع فلا يمنع وجود عيسى بعده ختميته لأنه نبي متبع لما جاء به خاتم الرسل".

  وهذا ما يقوله أهل السنة والجماعة أنّ نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان لا يمنع أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم المرسلين؛ لأنّ عيسى-عليه السلام- قبل محمّد -صلى الله عليه وسلم- ويأتي متبع لشريعته".

 فالشيخ يؤكّد على خاتميّة النبوّة وأنّ نزول عيسى -عليه السلام-، آخر الزمان لا يناقضها.

خامسا: استدلّت بقول عبد الكريم الجيلي:

"فانقطع حكم نبوّة التشريع بعده، وكان محمّد -صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيّين، لأنه جاء بالكمال ولم يجئ أحد بذلك"(الإنسان الكامل ج 1 ص 115 الطبعة الثالثة عام 1970م شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر)

بيان كذب القاديانية:

أوّلا: هذا الكلام لا يدلّ على مقصودهم، بل هذا الكلام في صالح من يؤمن أنّ النبوّة قد ختمت بمحمد-صلى الله عليه وسلم- .

ثانيا: ننبّه على أمر..! أنّ الذين يقرنون ختم النبوّة بالنبوّة التشريعيّة، هذا بسبب الاعتقاد أنّ عيسى -عليه السلام-، سينزل آخر الزمان ويكون تابعا لشريعة محمّد-صلى الله عليه وسلم- .

ثالثا: ولتعلم نفاق القاديانيّة ـ أخي القارئ ـ إنّها اعتبرت عبد الكريم الجيلي أنّه من صلحاء الأمّة وفضلائها، مع أنّ القاديانيّ جرحه واتّهمه أنّه يقول بالتثليث، وأنّ عيسى -عليه السلام-، غير مخلوق، فيقول القاديانيّ: "وأما صاحب الإنسان الكامل عبد الكريم الذي هو من المتصوفين، فبلغ الأمر إلى النهاية، وقال إن التثليث بمعنى حق ولا حرج فيه، وإن عيسى كذا وكذا، بل أشار إلى أنّه ليس بمخلوق". نور الحق للغلام القادياني ص 39-40

سادسا: استدلّت بقول الشيخ محمّد وسيم الكردستاني:

"... معنى كونه خاتم النبيّين هو أنّه لا يُبعث بعده نبيٌّ آخر بشريعة أخرى."

    (حاشية الشيخ محمّد وسيم الكردستاني على "تقريب المرام في شرح تهذيب الكلام" للشيخ عبد القادر الكردستاني، ج2 ص233 المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر سنة 1319هـ)

بيان كذب القاديانية: لمّا عدت للكتاب المذكور وجدت النصّ في الكتاب يؤكد على خاتميّة الرسول-صلى الله عليه وسلم- ،وأنّه لا نبيّ بعده فجاء في الكتاب: "وأنّه لا يبعث نبي بعده ولكن رسول الله وخاتم النبيّين واذا ثبت أنّه خاتم الأنبياء ثبت أنّه لا تنسخ شريعته بل شريعته ناسخة لجميع الأديان"

  ثمّ هي اقتطعت نصّ الشيخ محمّد وسيم في الحاشية، وهذا هو النصّ بالكامل: "قوله ولا يبعث نبي بعده اشارة إلى دفع ما يقال أن عيسى حي بعد نبينا عليهما السلام حيث رفع إلى السماء وينزل إلى الدنيا فلا يكون -صلى الله عليه وسلم- خاتما وحاصل الدفع أن معنى كونه خاتم النبيّين هو أنّه لا يبعث بعده نبي آخر بشريعة أخرى فإن عيسى -عليه السلام- انما ينزل على شريعة نبينا ولا يسعه الا اتباعه".

  فالشيخ يؤمن أن محمّدا-صلى الله عليه وسلم- ، هو آخر الأنبياء، ولكنّه يدفع شبهة مجيء عيسى -عليه السلام-، على نفي الخاتميّة أنّه لا يأتي بشريعة جديدة بل يكون تابعا لشريعته. 

سابعا: استدلّت بقول الشيخ أحمد السرهندي:

"إن حصول المتبعين على كمالات النبوّة عن طريق الاتّباع والوراثة بعد بعثة النبيّ خاتم الرسل - عليه وعلى جميع الأنبياء والرسل الصلوات والتحيات - لا ينافي كونه خاتم النبيّين، عليه وعلى آله الصلاة والسلام، فلا تكن من الممترين"(مكتوبات الإمام الرباني، الدفتر الأوّل مكتوب301 ج5 ص141 مطبعة منشي نول كشور في لكهناؤ بالهند)

بيان كذب القاديانية: لمّا عدت للكتاب المذكور، وللمكتوب (301)، وجدت أنّ الشيخ يوكّد على خاتميّة النبوّة فقال: "إن النبوّة عبارة عن القرب الإلهي جل سلطانه الذي ليس فيه شائبة الظلية وعروجه ناظر ومتوجه إلى الحق ونزوله ألى الخلق وهذا القرب نصيب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهذا المنصب مخصوص بهؤلاء الأكابر عليهم السلام وخاتم هذا المنصب سيد البشر -صلى الله عليه وسلم- ".

  كما قال في أوّل كتابه: "وأول الأنبياء آدم وآخرهم وخاتم نبوتهم محمّد رسول الله وعليهم الصلاة والسلام".

ثامنا: استدلّت بقول الحكيم الترمذي - وهو غير صاحب السنن:

"فإن الذي عَمِيَ عن خبرِ هذا يظنّ أن خاتم النبيّين تأويله أنّه آخرهم مبعثا. فأي منقبة في هذا؟ وأي علم في هذا؟ هذا تأويل البُلْهِ الجَهَلة"(كتاب ختم الأولياء، ص341 المطبعة الكاثوليكية بيروت 1965م)

بيان كذب القاديانية: من يقرأ النصّ الذي اقتطعته القاديانيّة، يظنّ أنّ الحكيم الترمذي يقول بقولها، لكنّه في الحقيقة مقرّ بخاتميّة النبوّة، فقد قال قي الفصل التاسع والعشرون: "كما أن محمّد -صلى الله عليه وسلم- آخر الأنبياء فأعطي ختم النبوّة".

تاسعا: استدلّت بقول المولوي محمّد قاسم النانوتوي :

"العامة يرون أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- خاتم النبيّين بمعنى أن زمنه كان بعد الأنبياء السابقين وهو آخر الأنبياء كلهم. غير أن أهل الفهم يدركون جيدًا أنّه ليس في التقدم أو التأخر من حيث الزمن أية فضيلة في حد ذاته. لو كان الأمر كما يظن العامة فكيف يصح أن يقول الله تعالى في مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم- : (وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النبيّين؟) أما إذا لم نعتبر قوله تعالى هذا مدحًا، ولم نعتبر هذه المنـزلة ثناءً، فقد يصح أن يكون مفهوم خاتم النبيّين بمعنى التأخر الزمني. ولكنني أعرف أن هذا الكلام لن يروق لأحد من أهل الإسلام"(تحذير الناس لمحمد قاسم النانوتوي ص4-5 مطبعة دار الإشاعة أردو بازار كراتشي باكستان)

بيان كذب القاديانية: أنّ الشيخ لا يقول مطلقا بمجيء نبي بعد محمّد-صلى الله عليه وسلم-، وإنّما يرى أنّه إذا كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء، فهو أفضلهم والشيخ هو مؤسس مدرسة ديوبند، ومن المعروف أنّ هذه المدرسة تؤمن بخاتميّة الرسول.

عاشرا: استدلّت بقول أبو الحسنات محمّد عبد الحي اللكهنوي:

"لا يستحيل وجود نبي في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم أو بعده، بل يمتنع أن يكون بشريعة جديدة"(أثر ابن عباس في دافع الوسواس ص16 الطبعة الثانية مطبعة يوسفي فرنغي محل لكهناؤ الهند)

وقالت القاديانيّة: ويصرّح بأنّ ذلك ليس اعتقاده هو فحسب، بل ما زال علماء أهل السنة أيضا يصرحون بذلك، فيقول:

"ما زال علماء أهل السنة يصرّحون أنّه لا يمكن أن يكون في عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- نبي بشريعة جديدة، فإن نبوته -صلى الله عليه وسلم-عامة. فالنبي الذي يكون في عصره -صلى الله عليه وسلم- يكون تابعا للشريعة المحمدية"(مجموعة الفتاوى لمحمد عبد الحي اللكهنوي ج1 ص17 مطبعة ايجوكيشنل بريس كراتشي)

بيان كذب القاديانية: أنّ الشيخ لا يقصد من كلامه مجيء نبيّ جديد بعد محمّد-صلى الله عليه وسلم-،وإنّما الشيخ يؤمن بنزول عيسى -عليه السلام،وأنّه سيكون تابعا لشريعة محمّد-صلى الله عليه وسلم- .

كتبه : أبوعبيدة العجاوي