القادياني والقاديانية والوحي التشريعي…

القادياني والقاديانية والوحي التشريعي…

القادياني والقاديانية والوحي التشريعي…

يلاحظ على الجدل الذي كان قائما في الماضي في البلاد العربية بين شيوخ المسلمين وبين كهنة القاديانية أنه كان محصورا في أدلة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم وأقوال العلماء، وهذا الجدل أو النقاش أو الاستدلال كان ينقصه شيء مهم وهو "الاستدلال بكتب القادياني والقاديانية"، ذلك أنهم يحشرون الشيخ فيما يؤمن بالتالي سيحاول الرد على شبهاتهم وتحريفهم وأدلتهم الضعيفة، بينما عندما تضيف إلى الاستدل الإسلامي الاستدلال القادياني يصبح الموضوع سهلا وبسيطا يفر منه القاديانيون فرار الفأر من الأسد.

 أما الأسلوب السابق فسوف يأتي القادياني بآية هنا وآية هناك وحديث هنا وحديث هناك وقول لهذا وقول لذاك… فأنت في ملعب الخصم وهو عنده نصوص وشبهات معدة سلفا وأنت تجهل كثيرا منها، ولقد حاول بعض المشايخ الاعتماد على ترجمات مسلمي الهند والباكستان لنصوص القادياني والقاديانية فما كان من القاديانيين إلا أن قالوا: "هذه الترجمات كذب، ونحن لا نثق بترجمات غيرنا لكتبنا، وهي لا تلزمنا". وفي نفس الوقت هم لا يترجمون كثيرا من كتبهم، فحصروا المجادل أو المناظر في ملعبهم وهو الاستدلال الإسلامي، لأنهم لا يستطيعون إقناع المسلم العادي إلا بالآيات والأحاديث وما قال العلماء مع الكذب والتدليس والتحريف والدجل… وإلا لو عرضوا كلام القادياني وحده فالأمر صعب عليهم والمدخل هو ما سبق. 

وقبل سنوات كنا نجادل القاديانيين ونستدل ببعض النصوص المترجمة، فكان الجواب المعروف هذه الترجمات كذب وهي لا تلزمنا، فكنا نكثر من القول لهم لماذا لا تترجمون كتبكم للعربية؟! وبالتالي هم كانوا يتوجهون لجماعتهم لماذا لا تترجمون الكتب للغة العربية، -خاصة أنها تحتوي على العلوم والمعارف والدقائق والدرر ورد الشبهات- ثم بدأت ترجمات الكتب تتالى تحت الضغط منا ومن أتباعهم.

القاديانية جماعة كذب ودجل منذ التأسيس، فحال القادياني أنه تكلم في الدين وهو ليس من العلماء فأتى بالعجائب، تماما كما هو حال من لا يفهم في الطب فإذا تكلم فيه أتى بالعجب العجاب، وهذه الكتب المنسوبة للقادياني والكتابات والنقولات متهافتة لدرجة أنها ضد بعضها البعض، وهذا يفسر لماذا طوال قرن من الزمان لم تترجم تلك الكتب، هذا بالإضافة إلى أن القادياني وقع في أخطاء كثيرة مع خصومه ومعاصريه وكذلك خلفاؤه وأتباعه من بعده، وكما يقال: التكرار يعلم الحمار، خلال أكثر من قرن هناك تجارب خاضتها الفرقة القاديانية فعلمت ما يضر وما ينفع، لذلك تجد أن المتأخرين من شيوخ القاديانية يحاولون تجنب الوقوع في أخطاء أسلافهم. 

اليوم بعد أن ترجمت كثير من كتب القاديانية للغة العربية واتضح أن ترجمات علماء الهند والباكستان كانت صحيحة إلا ما ندر وقل، بل بالعكس كانت ترجمات علماء المسلمين أكثر صدقا ودقة ووضوحا، بينما كانت ترجمات القاديانية تحتوي على التحريف والتغيير والتبديل والحذف والإضافة والتلطيف وزيادة نصوص لرد المطاعن على بعض النصوص المشهورة وغير ذلك…إلخ وهذا يدل أن الهدف جلب الأتباع ولو بالكذب والدجل والخداع.

شخصيا كنت عندما أقع في أخطاء متعلقة بالقاديانية أتراجع عنها، فلماذا علماء بلاد الهند سيكذبون على القاديانية، وأي مطلع على كتب هذه الفرقة يلاحظ الكذب الواضح والصريح، لماذا يكذبون عليها وكتبها تكذبها، وكتاباتها تكذب بعضها بعضا، ولو فرضنا جدلا أن هناك من سيكذب عليها فقد وفرت عليه المشقة، لأنه سيجد من الأكاذيب التي يصعب إحصائها والتي لو جمعت في كتاب لكان في مجلدات.

فلندخل في صلب الموضوع.

عندما يخاطب القاديانيون المسلم العامي البسيط يقولون: إن غلام أحمد القادياني نبي من الأنبياء وهو المسيح الموعود في آخر الزمان، وهو نبي محمدي تابع لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وليس صاحب شريعة.

يقول القاديانيون: "اعلم أن النبوة تكون على قسمين: تشريعية وغير تشريعية… فالنبوة التشريعية كنبوة موسى وغير تشريعية كنبوة الأنبياء الذين جاءوا مؤيدين بالتوراة".١

ويقولون: "تفسيرها أي لا يأتي نبي بعده بشريعة جديدة وأيضا لم يكن من أمته".٢

وقالوا عن عيسى عليه السلام: "لا يأتي مرة ثانية لإصلاح الأمة المحمدية لأن فيه توهينا للأمة المحمدية والنبي صلى الله عليه وسلم أيضا، لأنه إذا فسدت الأمة فوقتئذ يحتاج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأمة الإسرائيلية ويأتي نبي إسرائيلي لإصلاح أمته ولا يقوم أحد من أمته من يهدي المسلمين ويصلح بالهم".٣

ملخص كلامهم: أن غلام أحمد القادياني نبي وهو من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وأن هناك نبوة بعده عليه الصلاة والسلام لكن غير تشريعية، كما كان هناك أنبياء تابعين لموسى عليه السلام وشريعة موسى  وآخرهم عيسى عليه السلام.

فهل هذا الزعم صحيح -أي القادياني- في أنه تابع لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام ولم يأت بشريعة.

والجواب: بالطبع ليس صحيحا!

في بداية دعوة الغلام القادياني كان يزعم أنه سيقيم الشريعة ويحيي الدين، فقد افترى أن الله أوحى إليه: " فحان أن تعان وتعرف بين الناس. ويعلمك الله من عنده. تقييم الشريعة وتحيي الدين".٤

وفي الواقع لم يقم أي شريعة، خاصة المتعلقة بالأمور السلطانية والقضاء والحدود والعقوبات والاجتماعية والعامة… بل دعا لطاعة وموالاة بريطانيا التي تحكم بالقانون الوضعي، بل نسخ شريعة من الشرائع وهي الجهاد، وهو لا يملك سلطة دنيوية لقيم الشريعة، لم يكن يملك سوى كثرة الثرثرة وكثرة الثرثرة لا تقيم شريعة خاصة ممن يهري بما لا يدري، طفلة القادياني الصغيرة كانت تتكلم أيضا! فلا دينا نصر ولا شرعا أقام.

هذا مع العلم أن ما ورد في نزول المسيح عليه السلام قيامه بأمور هي من اختصاص الخلفاء والحكام والسلاطين:

عن أَبَي هُرَيْرَةَ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ". ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ :  { وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } ».٥

عَنْ  أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ - يَعْنِي عِيسَى - وَإِنَّهُ نَازِلٌ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ، رَجُلٌ مَرْبُوعٌ، إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ، بَيْنَ  مُمَصَّرَتَيْنِ ، كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ، فَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَيُهْلِكُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ "».٦

أيضا في بداية دعوة الغلام القادياني كان يؤكد أنه نبي غير تشريعي وأنه تابع للنبي محمد عليه الصلاة والسلام.

"بل الحديث يدل على أن النبوة الحاملة لوحي الشريعة قد انقطعت، ولكن النبوة التي ليس فيها إلا المبشرات فهي باقية إلى يوم القيامة، لا انقطاع لها أبدا".٧

"لقد ختمت الشريعة بالقرآن الشريف، أما الوحي فلم ينته".٨

"لقد كتبت مرارا أن الأمر الحقيقي الواقعي هو أن سيدنا ومولانا النبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء، ولا نبوة مستقلة ولا شريعة بعده صلى الله عليه وسلم. ومن ادعى ذلك فهو ملحد ومردود بلا أدنى شك".٩

"يا قليلي الفهم، ليس المراد من نبوتي أني ادعيت النبوة مقابل النبي صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله أو جئت بشريعة جديدة. إنما المراد من نبوتي هو كثرة المكالمة والمخاطبة الإلهية التي حظيت بها بفضل إتباعي لنبينا صلى الله عليه وسلم".١٠

وكلام القادياني الأخير قاله في عام ١٩٠٧م فهو إما قليل الفهم، أو ينسى، أو لا يدري ما يقول، أو غيره من يكتب الكتب، أو لا يبالي بما قال سابقا… أو أو أو ما الله به عليم، لأنه قال في عام ١٩٠٠م :

"يجب أن تعرفوا ما هي الشريعة؟ فمن بين بعض الأوامر ونهى عن بعض الأمور بتلقي الوحي من الله وسن لأمته قانونا فهو صاحب الشريعة، فبهذا التعريف أيضا تمت الحجة على معارضينا، لأن الوحي النازل علي يتضمن الأوامر والنواهي".١١

فإن صار القاديانيون يلفون ويدورون، قلنا لهم: تعالوا ننظر في وحي القادياني وكتبه! هل هو نبي غير تشريعي! هل هناك أوامر ونواهي وشرائع جديدة عند نبي قاديان!: 

‹١› نسخ الجهاد بالكلية:

"بل هذه الفرقة المباركة لا تجيز تعليم الجهاد سرا ولا علانية قط، وترى من الحرام قطعا أن تشن الحروب لنشر الدين".١٢

"ولو فرضنا جدلا أن الإسلام أجاز الجهاد كما يفكر هؤلاء المشايخ، فهذا الحكم نسخ في هذا الزمن".١٣

"في زمن المسيح الموعود أوقف الأمر بالجهاد كليا".١٤

فإن قالوا: إنما قصد الحروب الدينية! وقصد الجهاد من أجل نشر الدين! ونحن نؤمن بالجهاد الدفاعي! وهذه الخرابيط التي لا تمر إلا على الأطفال. قلنا لهم:

-لقد كان الجهاد في بلاد الهند دفاعيا.

-والد القادياني وأخوه كانوا يساندون الحكومة الإنجليزية عسكريا وهو مادح لفعلهم.

-لقد ذم ثورة المسلمين في الهند الدفاعية عام ١٨٥٧م ووصفها بالمفسدة، مع أن الفساد والمفسدة كان من قبل الحكومة الإنجليزية الحبيبة، يكاد يتفق الناس أن الإستعمار الإنجليزي خبيث و مفسد وظالم وناهب للثروات إلا القادياني خالف الحق والواقع والحقيقة.

-إذا كان القادياني لهذه الدرجة ضد السفك والدموية، فلماذا ذم أفغانستان بسبب هزيمة بريطانيا فيها وهي حرب دفاعية، ولماذا أيد بريطانيا وجمع لها التبرعات في غزوها لـ "ترانسفال" في جنوب أفريقيا! ولماذا هو مع سيف بريطانيا وحروبها الإستعمارية!

-من يؤمن بالجهاد الدفاعي لا يمنع من تعليم أحكام الجهاد.

والحقيقة أن القادياني واضح في موضوع الجهاد وجماعته ليست واضحة في هذا الموضوع بسبب مواضيع: كالتشريع، والنسخ، والنصوص القرآنية والحديثية، ومشروعية الدفاع عن النفس، والتناقض... إلخ

‹٢›تحريم صلاة القاديانيين خلف المسلمين:

"لقد أخبرني الله تعالى أنه حرام عليكم حرمة قطعية أن تصلوا خلف أي مكفر ومكذب أو متردد، بل يجب أن يأمكم أحد منكم".١٥

‹٣› تحريم زواج القاديانية من المسلم:

"يمكن أن تزوجوا الأبناء من فتيات المعارضين ولكن لا يجوز تزويج بناتكم منهم".١٦

‹٤› وجوب دفع نسبة ٦٪ من "الدخل الشهري" لمن يتبع القادياني والقاديانية:

"يتبرع الأحمدي بـــ ستة وربع بالمائة من دخله الشهري على الأقل. وهذه النسبة حددها الخليفة الثاني على ضوء شتى أقوال -القادياني-. وهو تبرع إلزامي".١٧

قلت: تخيل أن تجد من يعلم دخلك الشهري كم هو، وزاد أم نقص وما شابه، وتخيل أن تجد جابيا للمال ينتظرك في كل شهر بحرارة بالغة وشوق عظيم، ثم دقق في "على الأقل"، وإن لم تدفع فأنت مطرود من جماعة الجنة والحق والإيمان والتقوى، هذا مع العلم أن المسلم يدفع زكاة ماله أقل من هذه النسبة سنويا إذا بلغ النصاب، ومن لا يخرج زكاة ماله فهو تحت الوعيد الشديد والعياذ بالله وأمره إلى الله في الآخرة، لكنه لا يخرج من الإسلام، ولا يخلد في النار بمشيئة الله وفضله ورحمته، إلا إذا استحل ذاك، هذا مع العلم لو أن قاديانيا طوال ٢٠ سنة تبرع للجماعة بدخله الشهري ثم خرج أو طرد، لا يستطيع إسترداد ما دفعه من مال طوال تلك السنوات، يدفع ولا يرجع ومن يبلع لا يشبع.

‹٥› تشريع الدفن في مقبرة الجنة المفتراة مقابل الوصية بجزء من التركة:

"ألا يدفن في هذه المقبرة من الجماعة كلها إلا من يوصي بأن ينفق عشر تركته بعد موته من أجل نشر الإسلام وتبليغ أحكام القرآن حسب توجيهات هذه الجماعة، ولكل صادق كامل الإيمان الخيار في أن يوصي بأكثر من ذلك، ولكن لا يحق لأحد أن يوصي بأقل منه".١٨

قلت: دقق بأكثر أما أقل فلا، ثم يا سبحان الله الدفن فيها يضمن الجنة، مع أن غير الأنبياء عليهم السلام لا يضمنون لأنفسهم الجنة ويسألون الله: اللهم ثبتنا… ونسألك الثبات… ربنا نسألك التثبيت…  ثم أطفالهم غير البالغين لا يدفنون في هذه المقبرة لأن الطفل يدخل الجنة، والحقيقية: لأن الطفل إذا مات فلا تركة ولا وصية، ثم دقق في "ظروف خاصة": 

"لا يجوز دفن الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم في هذه المقبرة، لأنهم من أهل الجنة، اللهم إلا إذا ارتأت الهيئة ذلك في ظروف خاصة".١٩

‹٦› والعياذ بالله سبحانه الإتيان بأشياء وأمور لم ترد في الكتاب والسنة، بل مخالفة لهما وهو كثير فعلى سبيل المثال:

"يلاش هو اسم من أسماء الله تعالى".٢٠

"جاءني آئل… الآئل هو جبرائيل، الملاك الذي يبشر".٢١

فأين التابعية للقرآن الكريم، وأين التابعية لشرع محمد صلى الله عليه وسلم.

هذا مع العلم أن خليفتهم الخامس كتب في مقدمة كتاب الوحي المقدس "التذكرة": "إن كتاب التذكرة مجموعة للوحي الحرفي والرؤى والكشوف التي تلقاها -القادياني-، والتي تتفق كلها مع القرآن الكريم، ولا تضيف شيئا إلى تعاليم الإسلام ولا تنقص منه مثقال ذرة".

ثم نجد أن القادياني يقول: "إن الأنبياء الذين يأتون بشريعة وأوامر جديدة من الله، هم الذين يحق لهم وحدهم أن يعدوا منكريهم كفارا. وباستثناء النبي صاحب الشريعة، إن أنكر أحد ما، أحد المساهمين أو المحدثين وإن كانوا يحتلون مرتبة عظيمة عند الله وكانوا مكرمين بمكالمة الله، فلا يصبح منكرهم كافرا".٢٢

ثم هو القائل: "لقد كشف الله علي أن من بلغته دعوتي ولم يصدقني فليس بمسلم، وهو مؤاخذه عند الله تعالى".٢٣

فالرجل يقول شيئا ويقول ما يعاكسه ويخالفه.

وكأننا نتعامل مع شخصين أو ثلاثة: القادياني رقم (١) و القادياني رقم (٢) والقادياني رقم (٣) ثم القاديانيون يأخذون ما يشاءون ويدعون ما يشاءون.

وزيادة على ما سبق نقول: كثير من القاديانيين يظنون أن عيسى عليه السلام نبي تابع لموسى عليه السلام ولم يأت بشرع جديد، وهو وإن كان تابعا لموسى عليه السلام وللتوراة وخاتم أنبياء بني إسرائيل إلا أن ظنهم غير دقيق، فعيسى عليه السلام صاحب كتاب سماوي منزل من الله عز وجل: ﴿وَقَفَّیۡنَا عَلَىٰۤ ءَاثَـٰرِهِم بِعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِۖ وَءَاتَیۡنَـٰهُ ٱلۡإِنجِیلَ فِیهِ هُدࣰى وَنُورࣱ وَمُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَهُدࣰى وَمَوۡعِظَةࣰ لِّلۡمُتَّقِینَ ۝٤٦ وَلۡیَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِیلِ بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ فِیهِۚ وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ ۝٤٧﴾ [المائدة ٤٦-٤٧]

قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره:يَقُولُ تَعَالَى: "وَقَفَّيْنَا" أَيْ: أَتْبَعْنَا ﴿عَلَى آثَارِهِمْ﴾ يَعْنِي: أَنْبِيَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ](١) ﴿بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ﴾ أَيْ: مُؤْمِنًا بِهَا حَاكِمًا بِمَا فِيهَا ﴿وَآتَيْنَاهُ الإنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ﴾ أَيْ: هُدًى إِلَى الْحَقِّ، وَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ فِي إِزَالَةِ الشُّبَهَاتِ وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ. ﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ﴾ أَيْ: مُتَّبِعًا لَهَا، غَيْرَ مُخَالِفٍ لِمَا فِيهَا، إِلَّا فِي الْقَلِيلِ مِمَّا بَيَّنَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْضَ مَا كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: ﴿وَلأحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:٥٠] ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْإِنْجِيلَ نَسَخَ بَعْضَ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ. انتهى

فكان أن الله حرم على بني إسرائيل أشياء عديدة عقوبة لهم، فأرسل الله رسوله عيسى بن مريم عليه السلام، بتحليل بعض ما حرم عليهم: ﴿وَمُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِی حُرِّمَ عَلَیۡكُمۡۚ وَجِئۡتُكُم بِـَٔایَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُونِ﴾ [آل عمران ٥٠]

فــ ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعۡضَ ٱلَّذِی حُرِّمَ عَلَیۡكُمۡ﴾: هو نسخ لأحكام، وهو تشريع، فبالتالي: عيسى عليه السلام جاء بتشريعات.

ثم أصر بنو إسرائيل على ما هم عليه من عقوبات.

ثم أرسل الله النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام للعرب واليهود والبشر كافة: ﴿ٱلَّذِینَ یَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِیَّ ٱلۡأُمِّیَّ ٱلَّذِی یَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِی ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِیلِ یَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَیُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّیِّبَـٰتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡخَبَـٰۤىِٕثَ وَیَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَـٰلَ ٱلَّتِی كَانَتۡ عَلَیۡهِمۡۚ فَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُوا۟ ٱلنُّورَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ مَعَهُۥۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [الأعراف ١٥٧]

ثم أصروا على ما أصروا عليه.

ثم القاديانيون يشنعون على المسلمين أنهم يؤمنون بنزول نبي إسرائيلي في آخر الزمان هو عيسى بن مريم عليه السلام ثم غلامهم ونبيهم هو القائل:

"مع أن الله شرفني بأنني إسرائيلي وفاطمي أيضا وإن لي نصيبا من كلا الطرفين".٢٤

وهو القائل أيضا:

"والحاصل أن الله سلب من اليهود بعد عيسى نعمة النبوة، فلا ترجع إليهم أبدا في زمن خير البرية. وكون عيسى من غير أب وبلا ولد دليل على ما مر بالأدلة القاطعة، وإشارة إلى قطع السلسلة الإسرائيلية. فلا يجيء نبي من اليهود لا قديم ولا حديث في دور النبوة المحمدية، وعد من الله ذي العزة. وكما نزع النبوة منهم كذلك نزع منهم ملكهم".٢٥

قد يكون الفهم صعبا عند بعض القاديانيين فنختصر له: 

القادياني يقول: لا يأتي نبي إسرائيلي لا قديم ولا حديث.

غلام أحمد القادياني: إسرائيلي، نبي جديد، جاء في دورة النبوة المحمدية، وهو مبعوث للناس كافة -حسب زعمه- المسلمين واليهود وغيرهم…

ولقد وقع ولله الحمد في ما حاول الفرار منه وهو: أن عيسى عليه السلام نبي إلى بني إسرائيل، ولن يأتي في دور النبوة المحمدية نبي إسرائيلي لا قديم ولا حديث.

فإن.قالوا: غلام أحمد القادياني إسرائيلي أتى تابعا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وشريعته.

نقول نفس الجواب: عيسى عليه السلام إسرائيلي يأتي تبعا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وشريعته.

وبعد نسأل الله الفهم والهداية لمن شاء… من لا يفهم أو لا يريد أن يفهم فهذا ليس لنا إليه سبيل، والله يهدي ويفهم ويفقه من شاء من عباده، نسأل الله أن يفهمنا ويفقهنا ويعلمنا.. اللهم آمين والحمد لله رب العالمين.

والفهم صعب عند بعض القاديانيين ذلك من معرفتنا بهم وخبرتنا، لا يدققون في النصوص جيدا، بالإضافة إلى أن المعتقد بشيء والمصر عليه جهلا صعب أن تغير اعتقاده إلا إذا شاء الله له ذلك.

ثم العياذ بالله رب العالمين.

كتبه: أبو عبيدة العجاوي

ــــــــــــــــ

١القول الصريح في ظهور المهدي والمسيح ١٥٥

٢المصدر السابق ١٨٠

٣المصدر السابق

٤التبليغ ١٠٣

٥صحيح البخاري

٦سنن أبي داود

٧فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام ٦٩

٨سفينة نوح ٣٥

٩ينبوع المعرفة ٣١٨

١٠حقيقة الوحي ٤٦٠

١١أربعين ١١٢

١٢ترياق القلوب ٣٧٩

١٣الحكومة الإنجليزية والجهاد ٨

١٤أربعين ١٢٢

١٥التذكرة ٣٩٨

١٦فقه المسيح ٢٢٤

١٧أهمية التبرعات والتضحية المالية ٣٩

١٨الوصية ٢٤

١٩المصدر السابق ٣١

٢٠التذكرة ٣٨٨

٢١المصدر السابق ٤٦٥

٢٢ترياق القلوب ٣٠٥

٢٣التذكرة ٦٦٢

٢٤إزالة خطأ ١٦

٢٥مواهب الرحمن ٦٠