القاديانية و موضوع جن سليمان عليه السلام

القاديانية و موضوع جن سليمان عليه السلام

القاديانية و موضوع جن سليمان عليه السلام

أبو عبيدة العجاوي

قالت القاديانية: "المقصود من الجن في قصة سليمان عليه السلام هم بشر يعملون عنده".

قبل الرد على القاديانية لابد من بيان أمور أكرم الله الكريم الأكرم بها سليمان عليه السلام، ومن الله المنان عليه بها، وذلك أن القاديانية تحرف النصوص الربانية الإعجازية العظيمة إلى نصوص مخترعة عادية جدا، وقصص وروايات سخيفة تافهة ومضحكة، والعياذ بالله من فعلها وصنيعها ونبرأ إلى الله منها.

﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِی ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَاۤءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَاۤءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاۤءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاۤءُۖ بِیَدِكَ ٱلۡخَیۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ﴾ [آل عمران ٢٦]

إن الله عز وجل "ملك" بل هو مالك الملك كله، ملك السماوات والأرض وما فيها من مخلوقات، وهو يتصرف في ملكه كما يشاء، ولا يكون في ملكه إلا ما أراد، يعز هذا ويذل ذاك، وهو العزيز الحق والعظيم الحق له العزة والجلال والجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة والكمال، وهو الغني عن خلقه جميعا وهم المفتقرون إليه، لا يحتاج إلى وزير أو مشير، ولا يشغله شأن عن شأن، سبحانه في نفسه وذاته الكريمة العظيمة، نسأل الله القوي المتين القوة بالله، ونسأل الله العزيز العزة بالله، ولا حول ولا قوة لنا إلا بالله، ونسأله أفضاله ورحماته ونعمه ومننه والكرامات والإكرامات والأعطيات، اللهم آمين.

وإن القاديانية تصور الله عز وجل أنه خلق السماوات والأرض والمخلوقات وفق سنن وقوانين أرضية، وأن الله لا يخرق هذه القوانين وهذه السنن، مع أن نصوص الكتاب والسنة الكثيرة دلت أن الله يخرق هذه السنن والقوانين إذا شاء ذلك، وآيات الله المعتادة والخارقة للعادة في حق الله تعالى سواء هذه كتلك، وكل شيء هين عند الله، وهو على كل شيء قدير، لكن الفرق بالنسبة لنا نحن البشر أن هذه إعتدنا عليها كطلوع الشمس من مشرقها، وهذه لم نعتد عليها كطلوع الشمس من مغربها، والذي قدر على تلك قدر على هذه أيضا، ويفعل ذلك إذا شاء، ولقد تحدثنا عن ذلك في كتابنا: [المعجزات والبينات ردا على القاديانية] فإرجع إليه إن شئت ذلك، ولله النعمة والمنة والفضل والرحمة والثناء والحمد والشكر.

لقد دعا سليمان عليه السلام الرب تبارك وتعالى: ﴿قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَهَبۡ لِی مُلۡكࣰا لَّا یَنۢبَغِی لِأَحَدࣲ مِّنۢ بَعۡدِیۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ﴾ [ص ٣٥] فكان من شأن رب العزة معه:

١- الريح:

﴿وَلِسُلَیۡمَـٰنَ ٱلرِّیحَ عَاصِفَةࣰ تَجۡرِی بِأَمۡرِهِۦۤ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلَّتِی بَـٰرَكۡنَا فِیهَاۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَیۡءٍ عَـٰلِمِینَ﴾ [الأنبياء ٨١]

﴿وَلِسُلَیۡمَـٰنَ ٱلرِّیحَ غُدُوُّهَا شَهۡرࣱ وَرَوَاحُهَا شَهۡرࣱۖ﴾ [سبأ ١٢]

﴿فَسَخَّرۡنَا لَهُ ٱلرِّیحَ تَجۡرِی بِأَمۡرِهِۦ رُخَاۤءً حَیۡثُ أَصَابَ﴾ [ص ٣٦]

٢- الطير:

﴿وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا دَاوُۥدَ وَسُلَیۡمَـٰنَ عِلۡمࣰاۖ وَقَالَا ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِیرࣲ مِّنۡ عِبَادِهِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ۝١٥ وَوَرِثَ سُلَیۡمَـٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّیۡرِ وَأُوتِینَا مِن كُلِّ شَیۡءٍۖ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِینُ ۝١٦ وَحُشِرَ لِسُلَیۡمَـٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّیۡرِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ ۝١٧ حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَتَوۡا۟ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةࣱ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُوا۟ مَسَـٰكِنَكُمۡ لَا یَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَیۡمَـٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ ۝١٨ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكࣰا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِیۤ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ وَعَلَىٰ وَ ٰ⁠لِدَیَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَـٰلِحࣰا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِی بِرَحۡمَتِكَ فِی عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِینَ ۝١٩ وَتَفَقَّدَ ٱلطَّیۡرَ فَقَالَ مَا لِیَ لَاۤ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ أَمۡ كَانَ مِنَ ٱلۡغَاۤىِٕبِینَ ۝٢٠ لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابࣰا شَدِیدًا أَوۡ لَأَا۟ذۡبَحَنَّهُۥۤ أَوۡ لَیَأۡتِیَنِّی بِسُلۡطَـٰنࣲ مُّبِینࣲ ۝٢١ فَمَكَثَ غَیۡرَ بَعِیدࣲ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ وَجِئۡتُكَ مِن سَبَإِۭ بِنَبَإࣲ یَقِینٍ ۝٢٢ إِنِّی وَجَدتُّ ٱمۡرَأَةࣰ تَمۡلِكُهُمۡ وَأُوتِیَتۡ مِن كُلِّ شَیۡءࣲ وَلَهَا عَرۡشٌ عَظِیمࣱ ۝٢٣ وَجَدتُّهَا وَقَوۡمَهَا یَسۡجُدُونَ لِلشَّمۡسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَیَّنَ لَهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِیلِ فَهُمۡ لَا یَهۡتَدُونَ ۝٢٤ أَلَّا یَسۡجُدُوا۟ لِلَّهِ ٱلَّذِی یُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَیَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ ۝٢٥ ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِیمِ ۩ ۝٢٦﴾ [النمل ١٥-٢٦]

٣- الجن والشياطين:

﴿وَحُشِرَ لِسُلَیۡمَـٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّیۡرِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ﴾ [النمل ١٧]

﴿قَالَ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡمَلَؤُا۟ أَیُّكُمۡ یَأۡتِینِی بِعَرۡشِهَا قَبۡلَ أَن یَأۡتُونِی مُسۡلِمِینَ ۝٣٨ قَالَ عِفۡرِیتࣱ مِّنَ ٱلۡجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِیكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَۖ وَإِنِّی عَلَیۡهِ لَقَوِیٌّ أَمِینࣱ ۝٣٩ قَالَ ٱلَّذِی عِندَهُۥ عِلۡمࣱ مِّنَ ٱلۡكِتَـٰبِ أَنَا۠ ءَاتِیكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن یَرۡتَدَّ إِلَیۡكَ طَرۡفُكَۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّی لِیَبۡلُوَنِیۤ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِیࣱّ كَرِیمࣱ ۝٤٠﴾ [النمل ٣٨-٤٠]

﴿وَلِسُلَیۡمَـٰنَ ٱلرِّیحَ غُدُوُّهَا شَهۡرࣱ وَرَوَاحُهَا شَهۡرࣱۖ وَأَسَلۡنَا لَهُۥ عَیۡنَ ٱلۡقِطۡرِۖ وَمِنَ ٱلۡجِنِّ مَن یَعۡمَلُ بَیۡنَ یَدَیۡهِ بِإِذۡنِ رَبِّهِۦۖ وَمَن یَزِغۡ مِنۡهُمۡ عَنۡ أَمۡرِنَا نُذِقۡهُ مِنۡ عَذَابِ ٱلسَّعِیرِ ۝١٢ یَعۡمَلُونَ لَهُۥ مَا یَشَاۤءُ مِن مَّحَـٰرِیبَ وَتَمَـٰثِیلَ وَجِفَانࣲ كَٱلۡجَوَابِ وَقُدُورࣲ رَّاسِیَـٰتٍۚ ٱعۡمَلُوۤا۟ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرࣰاۚ وَقَلِیلࣱ مِّنۡ عِبَادِیَ ٱلشَّكُورُ ۝١٣ فَلَمَّا قَضَیۡنَا عَلَیۡهِ ٱلۡمَوۡتَ مَا دَلَّهُمۡ عَلَىٰ مَوۡتِهِۦۤ إِلَّا دَاۤبَّةُ ٱلۡأَرۡضِ تَأۡكُلُ مِنسَأَتَهُۥۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ ٱلۡجِنُّ أَن لَّوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ ٱلۡغَیۡبَ مَا لَبِثُوا۟ فِی ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِینِ ۝١٤﴾ [سبأ ١٢-١٤]

﴿وَلَقَدۡ فَتَنَّا سُلَیۡمَـٰنَ وَأَلۡقَیۡنَا عَلَىٰ كُرۡسِیِّهِۦ جَسَدࣰا ثُمَّ أَنَابَ ۝٣٤ قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَهَبۡ لِی مُلۡكࣰا لَّا یَنۢبَغِی لِأَحَدࣲ مِّنۢ بَعۡدِیۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ ۝٣٥ فَسَخَّرۡنَا لَهُ ٱلرِّیحَ تَجۡرِی بِأَمۡرِهِۦ رُخَاۤءً حَیۡثُ أَصَابَ ۝٣٦ وَٱلشَّیَـٰطِینَ كُلَّ بَنَّاۤءࣲ وَغَوَّاصࣲ ۝٣٧ وَءَاخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی ٱلۡأَصۡفَادِ ۝٣٨ هَـٰذَا عَطَاۤؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَیۡرِ حِسَابࣲ ۝٣٩ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابࣲ ۝٤٠﴾ [ص ٣٤-٤٠]

فملك سليمان عليه السلام يختلف عن ملك أي ملك من ملوك الدنيا، هبة من الله المعطي الوهاب، ولأن القاديانية نفت آيات الله الخارقة للعادة، فكل نص ذكر معجزة خارقة للعادة قامت بتحريفها إلى أمر عادي جدا يحدث في الأرض فأفرغت المعجزات من مضمونها:

فبخصوص الريح قالت القاديانية: المعنى أن الريح كانت تجري من أجل أعماله ومنافعه!

ويرد عليها: هذا تفسير سخيف فالريح تجري في أرض الله وتنتفع منها مخلوقات الله…، فإن كانت نصوص الريح في حق سليمان عليه السلام مثل باقي المخلوقات فما الميزة لسليمان حتى يذكرها الله له، هذا مثل قول أحدهم سخر الله لي طعاما آكل كل يوم، فلا ميزة له على غيره!

لكن حين نقول كما حدث مع محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه رضوان الله عليهم: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ جَاۤءَتۡكُمۡ جُنُودࣱ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَیۡهِمۡ رِیحࣰا وَجُنُودࣰا لَّمۡ تَرَوۡهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرًا﴾ [الأحزاب ٩] فهنا هناك ميزة كما هو الحال في قصة سليمان عليه السلام.

و بخصوص الطير قالت القاديانية: هم بشر أيضا مع سليمان عليه السلام والهدهد رجل اسمه هدهد! 

ويكفي للرد عليها أن السياق كله يتحدث عن طيور: یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّیۡرِ… وَحُشِرَ لِسُلَیۡمَـٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّیۡرِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ… وَتَفَقَّدَ ٱلطَّیۡرَ فَقَالَ مَا لِیَ لَاۤ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ أَمۡ كَانَ مِنَ ٱلۡغَاۤىِٕبِینَ…

و بخصوص النملة السياق كله يتحدث عن النمل: ﴿حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَتَوۡا۟ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةࣱ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُوا۟ مَسَـٰكِنَكُمۡ لَا یَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَیۡمَـٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ﴾ [النمل ١٨]

قالت القاديانية: نملة إمرأة إسمها نملة من قبيلة النمل.

هذا التفسيرات القاديانية السابقة قالتها القاديانية للفرار من إثبات المعجزات الخارقة للعادة. وللمزيد انظر [المعجزات والبينات ردا على القاديانية، أبو عبيدة العجاوي]

الرد على القاديانية في موضوع جن سليمان عليه السلام:

أولا: دعا سليمان ربه عز وجل: ﴿قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَهَبۡ لِی مُلۡكࣰا لَّا یَنۢبَغِی لِأَحَدࣲ مِّنۢ بَعۡدِیۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ﴾ [ص ٣٥] ثم بعد الدعاء السابق مباشرة قال الله عز وجل: ﴿فَسَخَّرۡنَا لَهُ ٱلرِّیحَ تَجۡرِی بِأَمۡرِهِۦ رُخَاۤءً حَیۡثُ أَصَابَ ۝٣٦ وَٱلشَّیَـٰطِینَ كُلَّ بَنَّاۤءࣲ وَغَوَّاصࣲ ۝٣٧ وَءَاخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی ٱلۡأَصۡفَادِ ۝٣٨ هَـٰذَا عَطَاۤؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَیۡرِ حِسَابࣲ ۝٣٩ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابࣲ ۝٤٠﴾. [ص ٣٦-٤٠] فذكر الله تسخير الريح والجن والشياطين، بالإضافة إلى النصوص الأخرى مما أخبرنا الله عنه عليه السلام، ويقال للقاديانية: إذ كان ملك سليمان لا ينبغي لأحد من بعده، فما الميزة التي يتميز بها ملك سليمان عن ملك بلقيس وفرعون ونبوخذ نصر وغيرهم من ملوك الأرض؟!

ثانيا: الجن عند القاديانية الحكام والقادة وعلية القوم من البشر، لأنهم مستترون عادة عن الناس فهم جن، وهذا التعريف لا ينطبق عليه عليه السلام فهو غير مستتر:

﴿وَوَرِثَ سُلَیۡمَـٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّیۡرِ وَأُوتِینَا مِن كُلِّ شَیۡءٍۖ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِینُ﴾ [النمل ١٦]

﴿قَالَ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡمَلَؤُا۟ أَیُّكُمۡ یَأۡتِینِی بِعَرۡشِهَا قَبۡلَ أَن یَأۡتُونِی مُسۡلِمِینَ﴾ [النمل ٣٨]

﴿وَتَفَقَّدَ ٱلطَّیۡرَ فَقَالَ مَا لِیَ لَاۤ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ أَمۡ كَانَ مِنَ ٱلۡغَاۤىِٕبِینَ﴾ [النمل ٢٠]

﴿حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَتَوۡا۟ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةࣱ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُوا۟ مَسَـٰكِنَكُمۡ لَا یَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَیۡمَـٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ ۝١٨ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكࣰا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِیۤ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ وَعَلَىٰ وَ ٰ⁠لِدَیَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَـٰلِحࣰا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِی بِرَحۡمَتِكَ فِی عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِینَ ۝١٩﴾ [النمل ١٨-١٩]

هذا بالإضافة إلى أن هذا التعريف لا ينطبق لا على ذو القرنين ولا على الخلفاء الراشدين من المؤمنين ولا حتى على الكافرين مثل فرعون، والنصوص تبين ذلك.

وما هذا التعريف إلا سخف وحماقة.

ثالثا: الآيات ذكرت تسخير "الجن" لسليمان عليه السلام والمفروض أنهم بشر مستترون، أو يعملون في الخفاء، بينما الآيات بخلاف ذلك: 

﴿وَحُشِرَ لِسُلَیۡمَـٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّیۡرِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ﴾ [النمل ١٧]

فالمفروض حسب فهم القاديانية الأبله والأعوج أن الجن مستترون أو متخفين، وهؤلاء لا ينبغي أن يكونوا مع جماعة البشر من الإنس غير المستتر، والبشر من الطير. 

لولا أن أقوال القاديانية في الجن محض هراء. 

رابعا: جاءت السنة المحمدية لتكذب القاديانية والحمد لله رب العالمين:

عَنْ  عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا : حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ، وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ". فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ ". [سنن ابن ماجة]

فهذا الحديث يوافق الآيات القرآنية: ﴿قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَهَبۡ لِی مُلۡكࣰا لَّا یَنۢبَغِی لِأَحَدࣲ مِّنۢ بَعۡدِیۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ ۝٣٥ فَسَخَّرۡنَا لَهُ ٱلرِّیحَ تَجۡرِی بِأَمۡرِهِۦ رُخَاۤءً حَیۡثُ أَصَابَ ۝٣٦ وَٱلشَّیَـٰطِینَ كُلَّ بَنَّاۤءࣲ وَغَوَّاصࣲ ۝٣٧ وَءَاخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی ٱلۡأَصۡفَادِ ۝٣٨ هَـٰذَا عَطَاۤؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَیۡرِ حِسَابࣲ ۝٣٩ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مَـَٔابࣲ ۝٤٠﴾ [ص ٣٤-٤٠]

ومما يؤيد أكثر بوضوح: عَنْ  أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ  تَفَلَّتَ  الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ عَلَى  سَارِيَةٍ  مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ : رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا ". [صحيح البخاري]

فالذي منع النبي صلى الله عليه وسلم من جعل الصحابة رضي الله عنهم من أن ينظروا إليه دعوة سليمان عليه السلام: ﴿قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَهَبۡ لِی مُلۡكࣰا لَّا یَنۢبَغِی لِأَحَدࣲ مِّنۢ بَعۡدِیۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ﴾ [ص ٣٥]

والأمر الآخر لو كان هذا الجني كما تزعم القاديانية عبارة عن بشر مستتر أو متخفي! فلا داعي لأن ينظروا إليه! ما العجيب حتى ينظروا إليه! لولا أن الله أمكن النبي صلى الله عليه وسلم من الجني المخلوق المعروف حسب معتقد المسلمين، ولاحظ كيف نسب النبي صلى الله وسلم القدرة لله.

عَنْ  عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ  قَالَ : إِنَّ فِي الْبَحْرِ شَيَاطِينَ مَسْجُونَةً أَوْثَقَهَا سُلَيْمَانُ يُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ فَتَقْرَأَ عَلَى النَّاسِ قُرْآنًا. [مقدمة صحيح مسلم] 

وهو يوافق قول الله تعالى العليم: ﴿وَٱلشَّیَـٰطِینَ كُلَّ بَنَّاۤءࣲ وَغَوَّاصࣲ ۝٣٧ وَءَاخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی ٱلۡأَصۡفَادِ ۝٣٨﴾ [ص ٣٧-٣٨] 

والله تعالى أعلم. فإن كان هذا الخبر عن الصحابي رضي الله عنه صحيحا، فلا غرابة، فهو يشبه ما ورد في قصة يأجوج ومأجوج وقصة المسيح الدجال.

✹✹✹✹✹✹