القاديانية و موضوع التكليف والعبودية والرد عليها

القاديانية و موضوع التكليف والعبودية والرد عليها

القاديانية و موضوع التكليف والعبودية والرد عليها

أبو عبيدة العجاوي

كما قلنا: من عادة أهل الضلال والهوى أنهم يعتقدون الباطل أولا ثم يستدلون عليه، وهذا واضح في حالة القاديانية، والقاديانية خالفت المسلمين في عقائد كثيرة مثل: ختم النبوة، ورفع المسيح ونزوله، وآيات الله الخارقة للعادة… وكذلك الأمر في موضوع الجن.

والقاديانية لأنها اعتقدت الباطل أولا، اصطدمت بالنصوص الشرعية فلجأت إلى ما قلنا سابقا:

{١} لتأويل والتحريف وصرف النصوص عن ظواهرها ومعانيها.

{٢} الإتيان بأقوال وتفسيرات عجيبة غريبة منكرة.

{٣} تضعيف ورد بعض النصوص الحديثة حتى لو كانت من أصح الأحاديث.

{٤} جعل بعض النصوص عبارة عن منامات وكشوف.

{٥} تجاهل بعض النصوص وكأنها غير موجودة.

{٦} اقتطاع جزء من نص وتجاهل بقية النص.

{٧} جعل بعض النصوص -الخارقة للعادة- متوافقة مع السنن الأرضية الدنيوية تحريفا.

وفي موضوع الجن اصطدمت القاديانية بالنصوص القرآنية والحديثية اصداما كبيرا وكثيرا، وواضح أن القاديانية تحاول تطويع النصوص لباطلها بأقوال متهافتة مردودة، ومن يطلع على النصوص المتعلقة بالجن فهي بذاتها تبين باطل القاديانية.

قال الله الخالق المليك ذو القوة المتين:

﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ﴾ [الذاريات ٥٦]

﴿فَیَوۡمَىِٕذࣲ لَّا یُسۡـَٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦۤ إِنسࣱ وَلَا جَاۤنࣱّ﴾ [الرحمن ٣٩]

﴿وَلَوۡ شِئۡنَا لَـَٔاتَیۡنَا كُلَّ نَفۡسٍ هُدَىٰهَا وَلَـٰكِنۡ حَقَّ ٱلۡقَوۡلُ مِنِّی لَأَمۡلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِینَ﴾ [السجدة ١٣]

قالت القاديانية: إن الله لم يكلف بالعبادة سوى البشر، وإن الله تعالى خلق جميع البشر للعبادة، الرعية والسادة، الإنس تعني عامة الناس، والجن ساداتهم.

رد وإبطال:

أولا: هم يخالفون غلامهم ونبيهم المزعوم فقد ذكر الجن كخلق مكلفون غير البشر: 

« الأمور التي ليست مذكورة في القرآن الكريم مفصلا ولكنها لا تعارضه بل إذا تأمل فيها الإنسان لوحدها مطابقة له تماما مثل قوم يأجوج ومأجوج الذي ذكر إجمالا في القرآن الكريم، بل ذكر أيضا بأنهم سيسيطرون على الأرض كلها في الزمن الأخير كما يقول :﴿حَتَّىٰۤ إِذَا فُتِحَتۡ یَأۡجُوجُ وَمَأۡجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبࣲ یَنسِلُونَ﴾ أما الظن أن يأجوج ومأجوج ليسوا من بني آدم بل هم خلق آخر فليس إلا جهلا لأن القرآن الكريم ذكر المخلوقات -العاقلة الذين يستخدمون العقل والفهم ويستحقون الثواب أو العذاب- على نوعين فقط: (۱) البشر، الذين هم أولاد آدم عليه السلام (۲) الجنة. لقد سميت فئة الناس بــ معشر الإنس" وسميت فئة الجنة بـ "معشر الجن"... وإن قلتم إن يأجوج ومأجوج من الجنة وليسوا أناسا فهذا حمق أكبر لأنه إذا كانوا من الجنة، فكيف كان ممكنا أن يعرقلهم جدار بناه الإسكندر؟ ما دامت الجنة يصلون إلى السماء كما يتبين من الآية:﴿فَأَتۡبَعَهُۥ شِهَابࣱ ثَاقِبࣱ﴾ أفلم يكونوا قادرين على التسلق على جدار الإسكندر؟ وإن قلتم بأنهم نوع من السباع التي لا تعقل، قلت: لماذا إذا وعد في القرآن والأحاديث بإنزال العذاب عليهم، لأن العذاب ينزل نتيجة الذنوب فقط؟ كذلك إن خوضهم الحروب وغلبتهم على الجميع وإطلاق السهام إلى السماء في نهاية المطاف يدل بوضوح على أنهم ذوو العقول بل يفوقون الجميع من حيث العقل الدنيوي ». [ينبوع المعرفة 79]

ثانيا: إن تفسير القاديانية أن المكلفين: إنس: عامة الناس. وجن: ساداتهم. حمق وسفاهة، ذلك أن لفظ الإنس والناس يشمل البشر كلهم عامتهم وساداتهم. فلو قال قائل مثلا: إن الإنس مكلفون بالعبادة علم أن المراد عامتهم وسادتهم. أو قال قائل : "ما خلق الله الإنس إلا للعبادة" فهم السامع أنه يشمل العامة والسادة.

فدل كلام الله -السبوح القدوس السلام- أن "الجن" صنف آخر مكلف، والله سبحانه منزه عن عبث القاديانية الكلامي.

ثالثا: القاديانية لهوى عندها قسمت البشر لصنفين، جن وإنس بمعنى عامة وسادة مستتر وغير مستتر طيني وناري. وهناك تقسيمات أخرى يمكن أن يقسم بها البشر: 

-ذكر وأنثى.

-شيوخ وشباب.

-كبار وأطفال.

-حكماء وسفهاء.

-علماء وجهال.

-مؤمن وكافر.

وهي تصر على تقسيمها للبشر لتكذيب معتقد المسلمين في الجن المخلوق من نار، وإنك لتجد في النصوص الشرعية التقسيمات الـ ٦ السابقة بصراحة، وكذلك في أقوال البشر وحياتهم العادية، ولا تجد شيئا صريحا في تقسيم القاديانية السابق للبشر لا في النصوص ولا في استعمالات البشر وحياتهم وأقوالهم. 

رابعا: إن كتاب الله جل في علاه وحديث رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه تحدث عن ثلاث مخلوقات واضحة بينة:

-الملائكة عليها السلام وهي مفطورة على العبادة.

-والإنس.

-والجن.

و الصنفين الأخيرين فيهما المؤمن والكافر والعابد والعاصي. 

ولا يوجد ما يميز القادة والسادة وعلية القوم عن عامة الناس، حتى يخصهم الله بخطاب خاص! كلاهما بشر خلقوا من ماء مهين، وهم عبيد لله عز وجل، والسادة وعلية القوم كانوا سابقا أطفالا والكثير منهم ربما كانوا من عامة الناس سابقا، ولا يوجد بين السادة والعوام من حيث الخلقة أية فروق.

والنصوص ذكرت أن المخلوقات المختلفة أمم كالبشر ومن ضمنها الجن:

﴿قَالَ ٱدۡخُلُوا۟ فِیۤ أُمَمࣲ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ فِی ٱلنَّارِۖ كُلَّمَا دَخَلَتۡ أُمَّةࣱ لَّعَنَتۡ أُخۡتَهَاۖ حَتَّىٰۤ إِذَا ٱدَّارَكُوا۟ فِیهَا جَمِیعࣰا قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا هَـٰۤؤُلَاۤءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابࣰا ضِعۡفࣰا مِّنَ ٱلنَّارِۖ قَالَ لِكُلࣲّ ضِعۡفࣱ وَلَـٰكِن لَّا تَعۡلَمُونَ﴾ [الأعراف ٣٨]

﴿أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ حَقَّ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقَوۡلُ فِیۤ أُمَمࣲ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِۖ إِنَّهُمۡ كَانُوا۟ خَـٰسِرِینَ﴾ [الأحقاف ١٨]

وذكرت المخلوقات كـ أمم مختلفة: 

﴿وَمَا مِن دَاۤبَّةࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَـٰۤىِٕرࣲ یَطِیرُ بِجَنَاحَیۡهِ إِلَّاۤ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُمۚ مَّا فَرَّطۡنَا فِی ٱلۡكِتَـٰبِ مِن شَیۡءࣲۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ یُحۡشَرُونَ﴾ [الأنعام ٣٨]

عن أَبَي هُرَيْرَةَ  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ ؟ ". [صحيح البخاري]

فـ القاديانية قسمت البشر إلى قسمين، فرارا من ظاهر النص الذي يدل دلالة قاطعة وواضحة لا شك فيها أن هناك مخلوق آخر غير الإنسان مكلف يسمى بـ "الجن".



✹✹✹✹✹✹