القاديانية و موضوع أصل الخلقة والرد عليها

القاديانية و موضوع أصل الخلقة والرد عليها

القاديانية و موضوع أصل الخلقة والرد عليها

أبو عبيدة العجاوي

قال الله -الأول والآخر والظاهر والباطن-:

﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن صَلۡصَـٰلࣲ مِّنۡ حَمَإࣲ مَّسۡنُونࣲ ۝٢٦ وَٱلۡجَاۤنَّ خَلَقۡنَـٰهُ مِن قَبۡلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ ۝٢٧﴾ [الحجر ٢٦-٢٧]

﴿خَلَقَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن صَلۡصَـٰلࣲ كَٱلۡفَخَّارِ ۝١٤ وَخَلَقَ ٱلۡجَاۤنَّ مِن مَّارِجࣲ مِّن نَّارࣲ ۝١٥﴾ [الرحمن ١٤-١٥]

﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسۡجُدَ إِذۡ أَمَرۡتُكَۖ قَالَ أَنَا۠ خَیۡرࣱ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِی مِن نَّارࣲ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِینࣲ﴾ [الأعراف ١٢]

قالت القاديانية: إن الإنسان نوعين ناري وطيني، وأن الجن ناري الطبع، وأن الإنسي طيني الطبع.

وقالوا مستدلين على أن المقصود مما سبق ليس هو النار بل الطبع:

بقوله سبحانه:  ﴿وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ ضَعِیفࣰا﴾ [النساء ٢٨] أي إن الإنسان ضعيف.

وقوله سبحانه وتعالى: ﴿خُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مِنۡ عَجَلࣲۚ﴾ [الأنبياء ٣٧] أي طبعه عجول.

رد وإبطال:

أولا: يقول غلام أحمد القادياني:

«لأن الأجيج هو لهيب النار، وإن خلق الشيطان أيضا من النار كما يتبين من الآية: (خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ) » [التحفة الغولروية ٢٣٠]

«أما كيف تهرب الشياطين بسقوط الشهب، فإن سره يُكشف عند التأمل في السلسلة الروحانية؛ وهو أن بين الشياطين والملائكة عداوة طبعية. فالملائكة عند إطلاقهم الشهب - التي يلقون عليها تأثير حرارة النجوم - ينشرون في الجو قوتهم الروحانية، وكلما تحرك شهاب رافقه نور ملائكي، لأنه يأتي نائلا البركة من يد الملائكة، وفيه قوة لحرق الشيطان. فلا يمكن الاعتراض أنه ما دامت الجنة قد خلقت من النار فأي ضرر يصيبها من النار ؟ لأن الحقيقة أن تضرر الجنّة برمي الشهب ليس سببه النار المادية، بل النور الملائكي الذي يرافق الشهب، وهو محرق للشياطين بطبيعته». [ مرآة كمالات الإسلام ٤٧٣]

لاحظوا أنه تحدث عن النار، ثم ذكر أن الشيطان و الجن مخلوق من النار.

ثم لاحظوا أن القادياني يجيب على قول من يقول: إذا كانت الجن مخلوقة من نار فكيف تحرقها النار، والجواب عنده: إن تضرر الجن ليس سببه النار بل سببه النور الملائكي الذي يرافق الشهاب.

ثانيا: إن السنة بينت وأكدت على ما سبق أن المقصود هو أصل الخلقة:

عَنْ  عَائِشَةَ  قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ  مَارِجٍ  مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ ". [صحيح مسلم]

فلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ثلاث مخلوقات وذكر أصل الخلقة.

ثالثا: أما ما استدلوا به فلا يؤيد ضلالهم!

أما الآية الأولى: فإن المعنى أن الإنسان ضعيف في شأن النساء والسياق يوضح ذلك:

 ﴿حُرِّمَتۡ عَلَیۡكُمۡ أُمَّهَـٰتُكُمۡ وَبَنَاتُكُمۡ وَأَخَوَ ٰ⁠تُكُمۡ وَعَمَّـٰتُكُمۡ وَخَـٰلَـٰتُكُمۡ وَبَنَاتُ ٱلۡأَخِ وَبَنَاتُ ٱلۡأُخۡتِ وَأُمَّهَـٰتُكُمُ ٱلَّـٰتِیۤ أَرۡضَعۡنَكُمۡ وَأَخَوَ ٰ⁠تُكُم مِّنَ ٱلرَّضَـٰعَةِ وَأُمَّهَـٰتُ نِسَاۤىِٕكُمۡ وَرَبَـٰۤىِٕبُكُمُ ٱلَّـٰتِی فِی حُجُورِكُم مِّن نِّسَاۤىِٕكُمُ ٱلَّـٰتِی دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمۡ تَكُونُوا۟ دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ وَحَلَـٰۤىِٕلُ أَبۡنَاۤىِٕكُمُ ٱلَّذِینَ مِنۡ أَصۡلَـٰبِكُمۡ وَأَن تَجۡمَعُوا۟ بَیۡنَ ٱلۡأُخۡتَیۡنِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا ۝٢٣ ۞ وَٱلۡمُحۡصَنَـٰتُ مِنَ ٱلنِّسَاۤءِ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡۖ كِتَـٰبَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡۚ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاۤءَ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ أَن تَبۡتَغُوا۟ بِأَمۡوَ ٰ⁠لِكُم مُّحۡصِنِینَ غَیۡرَ مُسَـٰفِحِینَۚ فَمَا ٱسۡتَمۡتَعۡتُم بِهِۦ مِنۡهُنَّ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِیضَةࣰۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ فِیمَا تَرَ ٰ⁠ضَیۡتُم بِهِۦ مِنۢ بَعۡدِ ٱلۡفَرِیضَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیمًا حَكِیمࣰا ۝٢٤ وَمَن لَّمۡ یَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلًا أَن یَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُكُم مِّن فَتَیَـٰتِكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِیمَـٰنِكُمۚ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضࣲۚ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ مُحۡصَنَـٰتٍ غَیۡرَ مُسَـٰفِحَـٰتࣲ وَلَا مُتَّخِذَ ٰ⁠تِ أَخۡدَانࣲۚ فَإِذَاۤ أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَیۡنَ بِفَـٰحِشَةࣲ فَعَلَیۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَـٰتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِۚ ذَ ٰ⁠لِكَ لِمَنۡ خَشِیَ ٱلۡعَنَتَ مِنكُمۡۚ وَأَن تَصۡبِرُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ ۝٢٥ یُرِیدُ ٱللَّهُ لِیُبَیِّنَ لَكُمۡ وَیَهۡدِیَكُمۡ سُنَنَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَیَتُوبَ عَلَیۡكُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ ۝٢٦ وَٱللَّهُ یُرِیدُ أَن یَتُوبَ عَلَیۡكُمۡ وَیُرِیدُ ٱلَّذِینَ یَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَ ٰ⁠تِ أَن تَمِیلُوا۟ مَیۡلًا عَظِیمࣰا ۝٢٧ یُرِیدُ ٱللَّهُ أَن یُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ ضَعِیفࣰا ۝٢٨﴾ [النساء ٢٣-٢٨]

قال أبو جعفر الطبري في تفسيره: "يعني جل ثناؤه بقوله:"يريد الله أن يخفف عنكم"، يريد الله أن يُيسر عليكم، بإذنه لكم في نكاح الفتيات المؤمنات إذا لم تستطيعوا طولا لحرة "وخلق الإنسان ضعيفًا"، يقول: يسَّر ذلك عليكم إذا كنتم غيرَ مستطيعي الطوْل للحرائر، لأنكم خُلِقتم ضعفاء عجزةً عن ترك جماع النساء، قليلي الصبر عنه، فأذن لكم في نكاح فتياتكم المؤمنات عند خوفكم العَنَت على أنفسكم، ولم تجدُوا طولا لحرة، لئلا تزنوا، لقلّة صبركم على ترك جماع النساء". [تفسير الطبري]

أما الآية الثانية: فهي واضحة أن المقصود بها العجلة:

قال ابن كثير في تفسيره: "وَقَوْلُهُ: ﴿خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿وَكَانَ الإنْسَانُ عَجُولا﴾ [الْإِسْرَاءِ:١١] أَيْ: فِي الْأُمُورِ". [تفسير القرآن العظيم]

فإن أصر القديانيون! قلنا لهم والعياذ بالله قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمۡ نَخۡلُقكُّم مِّن مَّاۤءࣲ مَّهِینࣲ﴾ [المرسلات ٢٠] وعلى فهمكم الأعوج يا قاديانية يلزمكم القول: أن هناك نوع ثالث وهو إنسان مائي وهو مائي الطبع.

ويقال لهم يلزمكم القول: الإنسان المائي نوعين: مائي ساخن، ومائي بارد.

رابعا: إن الله ذو الجلال والكمال ذكر ثلاث مخلوقات مخلوقة من ثلاث مخلوقات هي أصل الخلقة، النور والنار والطين، ولم يتحدث عن الطبائع.

أما طبع الإنسان فقد قال ذو القوة المتين:

﴿وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ ضَعِیفࣰا﴾ [النساء ٢٨] 

﴿خُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مِنۡ عَجَلࣲۚ﴾ [الأنبياء ٣٧] 

أما طبع الشيطان فقد قال رب الملكوت والجبروت:

﴿وَكَانَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ لِرَبِّهِۦ كَفُورࣰا﴾ [الإسراء ٢٧]

﴿وَكَانَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ لِلۡإِنسَـٰنِ خَذُولࣰا﴾ [الفرقان ٢٩]

وأما طبائع الملائكة الكرام فقال ذو العزة والعظمة:

﴿لَّا یَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَاۤ أَمَرَهُمۡ وَیَفۡعَلُونَ مَا یُؤۡمَرُونَ﴾ [التحريم ٦]

﴿یَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ وَیَفۡعَلُونَ مَا یُؤۡمَرُونَ ۩﴾ [النحل ٥٠]

فبالله القوي المتين عذنا وعليه توكلنا ولا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام.

والحمد لله رب العالمين.



✹✹✹✹✹✹