القاديانية وموضوع خلق الجن قبل خلق الإنسان والردود عليها
القاديانية وموضوع خلق الجن قبل خلق الإنسان والردود عليها
أبو عبيدة العجاوي
﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ مِن صَلۡصَـٰلࣲ مِّنۡ حَمَإࣲ مَّسۡنُونࣲ ٢٦ وَٱلۡجَاۤنَّ خَلَقۡنَـٰهُ مِن قَبۡلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ ٢٧﴾ [الحجر ٢٦-٢٧]
وهنا قال القاديانيون كلاما طويلا عاما مطاطا خرافيا تافها انظر: [الجن بين الحقيقة والخرافة] صفحة ٥٥ وما بعدها.
ونلخصه بالتالي:
‹١› الإنسان مر بمرحلة طويلة من التطور، بما يشبه نظرية داروين على الطريقة القاديانية.
‹٢› كان أسلاف الإنسان بشر بدائيون أشبه بالوحوش، طباعهم نارية قتل وسلب وعدوان وإفساد ثم تطوروا.
‹٣› شاء الله أن يخلق آدم عليه السلام الكائن الإجتماعي الودود الأنيس المتعلم المتأقلم المترقي.
‹٤› والعياذ بالله، قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ إِنِّی جَاعِلࣱ فِی ٱلۡأَرۡضِ خَلِیفَةࣰۖ قَالُوۤا۟ أَتَجۡعَلُ فِیهَا مَن یُفۡسِدُ فِیهَا وَیَسۡفِكُ ٱلدِّمَاۤءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة ٣٠] يشير -حسب قولهم- إلى الطبيعة التقدمية في البشر، والمراحل الأولى لنشأته، ومرحلة ما قبل الخلافة والوحي، وهي المرحلة التي وصف فيها البشر بأنه ( جان ) وكان البشر يعيشون الصراع والقتال على الطعام والجنس ويعيشون حياة النفور، والاختفاء من بعضهم ومن أعدائهم ومن فرائسهم.
والمعنى عندهم نتعوذ بالرب: أن آدم عليه السلام لم يكن أبو البشر، بل كان هناك بشر قبله، وإنما آدم هو أبو الأنبياء، وإبليس من البشر المخلوقين قبل آدم.
رد وإبطال:
أولا: قول الرحمن الرحيم ذو الرحمة الواسعة: ﴿وَٱلۡجَاۤنَّ خَلَقۡنَـٰهُ مِن قَبۡلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ﴾ هو دليل إسلامي على أن خلق الجن كان قبل خلق الإنسان، فبعد أن أخبر الرب تبارك وتعالى عن خلق الإنسان، ذكر خلق الجن وأنه مخلوق قبله، والقاديانية لا تملك إلا تحريف معاني النصوص.
ثانيا: كتاب الله يبين أن آدم عليه السلام هو أبو البشر وأصلهم، قال تبارك اسمه وجل ثناؤه: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِیسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابࣲ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَیَكُونُ﴾ [آل عمران ٥٩]
وقال الكريم المنان: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِی خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسࣲ وَ ٰحِدَةࣲ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالࣰا كَثِیرࣰا وَنِسَاۤءࣰۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِی تَسَاۤءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَیۡكُمۡ رَقِیبࣰا﴾ [النساء ١]
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ". [صحيح البخاري]
قال ابن كثير في [تفسير القرآن العظيم ]: "يَقُولُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ﴾ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ خَلَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ ﴿كَمَثَلِ آدَمَ﴾ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَلَا أُمٍّ، بَلْ ﴿خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ وَالَّذِي خَلَقَ آدَمَ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ عِيسَى بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى، وَإِنْ جَازَ ادِّعَاءُ الْبُنُوَّةِ فِي عِيسَى بِكَوْنِهِ مَخْلُوقًا مِنْ غَيْرِ أَبٍ، فَجَوَازُ ذَلِكَ فِي آدَمَ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَمَعْلُومٌ بِالِاتِّفَاقِ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، فَدَعْوَاهَا فِي عِيسَى أَشَدُّ بُطْلَانًا وَأَظْهَرُ فَسَادًا. وَلَكِنَّ الرَّبَّ، عَزّ وَجَلَّ، أَرَادَ أَنْ يُظْهِرَ قُدْرَتَهُ لِخَلْقِهِ، حِينَ خَلَق آدَمَ لَا مِنْ ذَكَرٍ وَلَا مِنْ أُنْثَى؛ وَخَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ذَكَرٍ بِلَا أُنْثَى، وَخَلَقَ عِيسَى مِنْ أُنْثَى بِلَا ذَكَرٍ كَمَا خَلَقَ بَقِيَّةَ الْبَرِيَّةَ مَنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ مَرْيَمَ: ﴿وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ﴾ [مَرْيَمَ: ٢١]".
وقال أيضا: "يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا خَلْقَهُ بِتَقْوَاهُ، وَهِيَ عِبَادَتُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، ومُنَبّهًا لَهُمْ عَلَى قُدْرَتِهِ الَّتِي خَلَقَهُمْ بِهَا مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ آدَمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ وَهِيَ حَوَّاءُ، عَلَيْهَا السَّلَامُ، خُلِقَتْ مِنْ ضِلعه الْأَيْسَرِ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظَ فَرَآهَا فَأَعْجَبَتْهُ، فَأَنِسَ إِلَيْهَا وَأَنِسَتْ إِلَيْهِ..وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خُلقَت الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ، فَجُعِلَ نَهْمَتَها فِي الرَّجُلِ، وَخُلِقَ الرَّجُلُ مِنَ الْأَرْضِ، فَجُعِلَ نَهْمَتُهُ فِي الْأَرْضِ، فَاحْبِسُوا نِسَاءَكُمْ..وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَج" .وَقَوْلُهُ: ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ أَيْ: وذَرَأ مِنْهُمَا، أَيْ: مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً، ونَشَرهم فِي أَقْطَارِ الْعَالَمِ عَلَى اخْتِلَافِ أَصْنَافِهِمْ وَصِفَاتِهِمْ وَأَلْوَانِهِمْ وَلُغَاتِهِمْ، ثُمَّ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَعَادُ وَالْمَحْشَرُ".
وقال سبحانه في أسمائه وصفاته مخاطبا البشر:
﴿یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ قَدۡ أَنزَلۡنَا عَلَیۡكُمۡ لِبَاسࣰا یُوَ ٰرِی سَوۡءَ ٰ تِكُمۡ وَرِیشࣰاۖ وَلِبَاسُ ٱلتَّقۡوَىٰ ذَ ٰلِكَ خَیۡرࣱۚ ذَ ٰلِكَ مِنۡ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمۡ یَذَّكَّرُونَ﴾ [الأعراف ٢٦]
﴿یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ لَا یَفۡتِنَنَّكُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ كَمَاۤ أَخۡرَجَ أَبَوَیۡكُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ یَنزِعُ عَنۡهُمَا لِبَاسَهُمَا لِیُرِیَهُمَا سَوۡءَ ٰ تِهِمَاۤۚ إِنَّهُۥ یَرَىٰكُمۡ هُوَ وَقَبِیلُهُۥ مِنۡ حَیۡثُ لَا تَرَوۡنَهُمۡۗ إِنَّا جَعَلۡنَا ٱلشَّیَـٰطِینَ أَوۡلِیَاۤءَ لِلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ﴾ [الأعراف ٢٧]
﴿۞ یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ وَلَا تُسۡرِفُوۤا۟ۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِینَ﴾ [الأعراف ٣١]
﴿یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ إِمَّا یَأۡتِیَنَّكُمۡ رُسُلࣱ مِّنكُمۡ یَقُصُّونَ عَلَیۡكُمۡ ءَایَـٰتِی فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ﴾ [الأعراف ٣٥]
﴿۞ أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَیۡكُمۡ یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُوا۟ ٱلشَّیۡطَـٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ﴾ [يس ٦٠]
ثالثا: الأحاديث المحمدية بينت ذلك أيضا:
فمن ذلك الأحاديث القدسية:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " قَالَ اللَّهُ : أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ، أُنْفِقْ عَلَيْكَ ". [صحيح البخاري]
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ : يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ ؟ يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي. قَالَ : يَا رَبِّ، وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ؟ يَا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي. قَالَ : يَا رَبِّ، كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ قَالَ : اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي ". [صحيح مسلم]
عن أَنَس بْنُ مَالِكٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ، وَلَا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ". [سنن الترمذي]
وغيرها من الأحاديث القدسية..
ومن ذلك التصريح بأبوة آدم عليه السلام للبشر:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَعْوَةٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً، وَقَالَ : " أَنَا سَيِّدُ الْقَوْمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، هَلْ تَدْرُونَ بِمَنْ يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ، وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ : أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ، إِلَى مَا بَلَغَكُمْ ؟ أَلَا تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ : أَبُوكُمْ آدَمُ. فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُونَ : يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ، أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ ؟ أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ، وَمَا بَلَغَنَا ؟ فَيَقُولُ : رَبِّي غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَنَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ. فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ : يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، أَمَا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ؟ أَلَا تَرَى إِلَى مَا بَلَغَنَا ؟ أَلَا تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ ؟ فَيَقُولُ : رَبِّي غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، نَفْسِي نَفْسِي، ائْتُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيَأْتُونِي، فَأَسْجُدُ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُقَالُ : يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهُ ". [صحيح البخاري]
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُونَ : لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ لَهُ : أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ الْمَلَائِكَةَ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا. فَيَقُولُ لَهُمْ : لَسْتُ هُنَاكُمْ. فَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ ". [صحيح البخاري]
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمُ، فَتَرَاءَى ذُرِّيَّتُهُ فَيُقَالُ : هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ. فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ. فَيَقُولُ : يَا رَبِّ، كَمْ أُخْرِجُ ؟ فَيَقُولُ : أَخْرِجْ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ ". فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، فَمَاذَا يَبْقَى مِنَّا ؟ قَالَ : " إِنَّ أُمَّتِي فِي الْأُمَمِ كَالشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ ". [صحيح البخاري]
رابعا: فإذا ثبت أن آدم عليه السلام هو أبو البشر وهو نبي يوحى إليه، ثبت أن الفكرة التي تقول: أن الإنسان الأول عبارة عن شبه حيوان أو بدائي أو متوحش أو لا يكاد يفقه شيئا ثم تطور فكرة باطلة، بل بداية الإنسان كانت بالعلم والوحي والسعي والعمل بفضل الله ورحمته:
ففي العلم: ﴿وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَاۤءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ فَقَالَ أَنۢبِـُٔونِی بِأَسۡمَاۤءِ هَـٰۤؤُلَاۤءِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ ٣١ قَالُوا۟ سُبۡحَـٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَاۤ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَاۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِیمُ ٱلۡحَكِیمُ ٣٢ قَالَ یَـٰۤـَٔادَمُ أَنۢبِئۡهُم بِأَسۡمَاۤىِٕهِمۡۖ فَلَمَّاۤ أَنۢبَأَهُم بِأَسۡمَاۤىِٕهِمۡ قَالَ أَلَمۡ أَقُل لَّكُمۡ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ غَیۡبَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَأَعۡلَمُ مَا تُبۡدُونَ وَمَا كُنتُمۡ تَكۡتُمُونَ ٣٣﴾ [البقرة ٣١-٣٣]
وفي هداية الله للإنسان للخير والأسباب: ﴿فَطَوَّعَتۡ لَهُۥ نَفۡسُهُۥ قَتۡلَ أَخِیهِ فَقَتَلَهُۥ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ ٣٠ فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَابࣰا یَبۡحَثُ فِی ٱلۡأَرۡضِ لِیُرِیَهُۥ كَیۡفَ یُوَ ٰرِی سَوۡءَةَ أَخِیهِۚ قَالَ یَـٰوَیۡلَتَىٰۤ أَعَجَزۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِثۡلَ هَـٰذَا ٱلۡغُرَابِ فَأُوَ ٰرِیَ سَوۡءَةَ أَخِیۖ فَأَصۡبَحَ مِنَ ٱلنَّـٰدِمِینَ ٣١﴾ [المائدة ٣٠-٣١]
وفي الوحي لما يصنع: ﴿وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡیُنِنَا وَوَحۡیِنَا وَلَا تُخَـٰطِبۡنِی فِی ٱلَّذِینَ ظَلَمُوۤا۟ إِنَّهُم مُّغۡرَقُونَ﴾ [هود ٣٧]
والعلم عند الله العليم: الذي حدث أنه بذهاب العلم الديني و الوحي، وظهور التحريف والضلال والكفر وإتباع الهوى، وظهور الجهل الديني والدنيوي، أو طبيعة الحياة والمكان والعزلة، وتوارث الباطل، وما الله به عليم…إلخ تحولت حياة بعض البشر إلى حياة توصف بالبدائية أو الحياة البسيطة، وكذلك الهمجية في التصرفات وقبح بعض الأعمال والتعاملات التي تخالف الشرع وفطرة الإنسان السليمة…
وسبحان الله الإنسان في حيرة! إن ما يعلم من تاريخ البشر هو لا شيء بالنسبة للعصور السابقة والمجهولة لنا! وإن كنت تظن أن كل شيء سابق هو متخلف فأنت مخطئ، فلا زالت الأهرامات إلى اليوم تحير العلماء والباحثين.
وإن جاز واقعا نراه أن البشر اليوم - في ملك الله وسلطانه - وصلوا إلى ما وصلوا إليه من تقدم علمي ومادي، جاز عقلا أن يكون ذلك كان قد و وقع سابقا، وربما أعظم وأكثر، ثم لا ندري ماذا حدث، وربما يكون سبب ذهابه ما أنعم الله على الأمم الماضية، ثم كفروا وطغوا وكذبوا الله والأنبياء عليهم السلام -فنزل والعياذ بالله- فزالت تلك النعم والعلم عند الله.
ومن الأدلة أنك تسمع عن حضارات قامت في بلاد ما، ثم فيما بعد تخلفت تلك البلاد عن الأمم والبلاد الأخرى.
أما الهمجية والوحشية فهما شيء ليس على عمومه، فالإنسان يوصف بأنه كائن إجتماعي يعيش في مجموعات بشرية، إمبراطورية أو دولة صغيرة، أو قرية ومدينة، أو قبيلة… وهذه الهمجية قد لا تكون مع قومه ومجموعته بل تكون مع غير قومه ومجموعته، وإن كانت مع قومه قد تكون محكومة بضوابط أخلاقية ما، كما كان حال العرب في الجاهلية.
ومن يوصفون بالتطور المادي والرقي ليس بالضرورة أنهم خير من البدائيين والبسطاء، لقد كان المسلمون خيرا من الفرس والروم تعاملا و أخلاقا وضوابط دينية، وكان الهنود الحمر خيرا من الأوروبيين الذين توصف أعمالهم بالوحشية والهمجية وانعدام الرحمة.
واليوم توصف الولايات المتحدة الأمريكية بأنها زعيمة الحداثة والتطور المادي والحضارة والرقي وحقوق الإنسان… وهي في الحقيقة زعيمة الوحشية والهمجية والأطماع الاستعمارية والهيمنة واللا أخلاقية وقد تسببت بالمصائب والكوارث وقتل الملايين في أوروبا واليابان وكوريا وفيتنام وأفغانستان والعراق بل في العالم كله.
وإن من سنن الله الصراع بين البشر بين الحق والباطل، أو أهل الباطل فيما بينهم:
﴿وَلَمَّا بَرَزُوا۟ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ قَالُوا۟ رَبَّنَاۤ أَفۡرِغۡ عَلَیۡنَا صَبۡرࣰا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ ٢٥٠ فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا یَشَاۤءُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ ٢٥١ تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱللَّهِ نَتۡلُوهَا عَلَیۡكَ بِٱلۡحَقِّۚ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلۡمُرۡسَلِینَ ٢٥٢﴾ [البقرة ٢٥٠-٢٥٢]
﴿أُذِنَ لِلَّذِینَ یُقَـٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُوا۟ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِیرٌ ٣٩ ٱلَّذِینَ أُخۡرِجُوا۟ مِن دِیَـٰرِهِم بِغَیۡرِ حَقٍّ إِلَّاۤ أَن یَقُولُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّهُدِّمَتۡ صَوَ ٰمِعُ وَبِیَعࣱ وَصَلَوَ ٰتࣱ وَمَسَـٰجِدُ یُذۡكَرُ فِیهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِیرࣰاۗ وَلَیَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن یَنصُرُهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِیٌّ عَزِیزٌ ٤٠﴾ [الحج ٣٩-٤٠]
وتاريخ البشر شاهد على ما نقول.
ومن يسل السيف ثم لا يجد من يدفعه قد تكون النتائج خطيرة، كما حدث لبغداد وغيرها عند دخول جنود هولاكو المغول إليها والعياذ بالله رب العالمين، فإن وجد من يدفعه، يبدأ يحسب الحسابات والخسائر المادية والبشرية، والنتائج وردود الأفعال، أو هلاك جيشه كليا، أو سقوط دولته، خاصة إن كان خصمه قويا، أو الخوف من إستغلال طرف ثالث للحرب فينقض عليه أثناء إنشغاله. فيحدث شيء من التوازن، فلا يحارب، أو يكتفي بالمعارك الصغيرة، أو يهادن ويعاهد، أو ينتظر فرصة في المستقبل لينقض على خصمه.
وفي العصر الحديث بسبب طبيعة الجيوش وطبيعة الأسلحة وطبيعة نمط الحياة وطبيعة الإقتصاد الحرب مكلفة وتستنزف الدول، فيردع ذلك كثير من الدول عن شن الحروب ولله الحمد، ومع ذلك وقعت حروب كثيرة.
والصراع ينشأ بين البشر نتيجة التناقضات والتصادمات والتعارضات الدينية والعقائدية، أو الفكرية، أو السياسية، أو الأطماع الدنيوية والتوسعية، أو المصلحية، أو طلب الزعامة والحكم، أو النزعات الشخصية، أو القبلية، أو ضعف الخصم، أو الخلاف على شيء ما…إلخ
وهو أمر لا يمكن وقفه، قدره الله وقضاه، والإسلام جعل له ضوابط شرعية وأخلاقية ملزمة ديانة ودنيا وقضاء وفي الآخرة عند لقاء الله ذو الجلال والإكرام.
ومن يزعمون الرقي والتقدم وحقوق الإنسان والقانون الدولي والإنساني أنشأوا هيئة أولى هي عصبة الأمم والتي فشلت في منع الحروب وحل المشاكل، ثم أنشأوا هيئة الأمم المتحدة والتي عجزت عن وقف الحروب، وساهمت في بعضها، ولم تحل مشاكل العالم، بل تسببت بكثير منها كـ قرار تقسيم فلسطين، وفرض العقوبات الظالمة على العراق وبعض الدول الأخرى، بل هي هيئة من يملك القوة والنفوذ.
المشكلة ليس ما سبق لأننا كما قلنا تاريخ البشر كله حروب ومعارك، المشكلة أنهم يتحدثون عن السلام وفي نفس الوقت يشنون الحروب، وهذا هو النفاق والدجل، والمشكلة أنهم لا يلتزمون لا بدين ولا برحمة ولا أخلاق ولا قوانين ولا معاهدات، فإذا كان الدجال لا يحترم نصا مقدسا عنده، فهل يحترم الدجال ما خطت يداه !!!
وما سبق هو رد على قول القاديانية: كان أسلاف الإنسان بشر بدائيون أشبه بالوحوش، طباعهم نارية قتل وسلب وعدوان وإفساد ثم تطوروا. -هي تقصد البشر قبل آدم حسب باطلها-.
ما سبق هي أفعال البشر "المتطورين" يا قاديانية!
ثم قالت القاديانية: ثم شاء الله أن يخلق آدم عليه السلام الكائن الإجتماعي الودود الأنيس المتعلم المتأقلم المترقي.
يا قاديانية: ميزوا لنا بين من سبق ذكرهم، وبين نصكم الأخير. ما هو الفرق بين البشر قبل آدم والبشر بعد آدم عليه السلام -حسب قولكم ومعتقدكم -، الوحشية والهمجية والعدوان والقتل وانعدام الرحمة واقع نراه اليوم.
فإن قلتم: نقصد آدم والأنبياء عليهم السلام.
قلنا: إن بعض الأنبياء وأتباع الأنبياء جاهدوا وقاتلوا: داود وطالوت و ذو القرنين ونبينا محمد صلى الله عليهم وسلم وغيرهم.
وقلنا لكم: إن نبيكم الغلام القادياني كان مواليا ومادحا ويدعو للدولة البريطانية الحبيبة العادلة والمحسنة، فهل خرجت الدولة البريطانية من الطبائع النارية! والعداوة للإسلام ورسول الإسلام عليه الصلاة والسلام، ودعم التنصير في الهند، والتسبب بنكبة فلسطين؟!
هذا مع العلم أن غلام قاديان كان يحتمي بسيف جلالة الملكة فيكتوريا اليأجوجية المأجوجية النصرانية التنصيرية زعيمة الدجال الإستعمارية الجنية النارية المستترة الأفيونية المتصفة بالكبر عادة التي لم تأبه لـ عميل من عملاء دولتها ولو بكلمة رغم كثرة ذله وتوسله ونفاقه:
"وبدافع هذا الحب والإخلاص الصادقين ألفت، بمناسبة احتفال اليوبيل على مرور ستين عاما على حُكمها، كتيبا باسم قيصرة الهند، دام مجدها، وسميته: "التحفة القيصرية" وأرسلته لها كهدية متواضعة من درويش. وكنت متيقنا يقينا قويا بأني سأُكرم بتلقي رد عليه وسيكون مدعاة لتكريمي أكثر من المتوقع. كان الباعث على هذا اليقين والأمل سمو أخلاق قيصرة الهند التي ذاع صيتها على نطاق واسع في كافة بلاد الشرق، وهي عديمة المثال في سعة الأخلاق كسعة بلاد الملكة المعظمة بحيث إن العثور على نظيرها في مكان آخر ضرب من الخيال والمحال. ولكني أستغرب كثيرا إذ لم يُمن علي حتى بكلمة ملكية واحدة". [نجم القيصرة ٦]
أعلم يا قادياني لقد لقنوك أن غلام قاديان كان يمدح بريطانيا وملكتها بسبب إحسانها للمسلمين وهذه الخرابيط!
بيني وبينك والعياذ بالله: رجل يدعي النبوة، وأن الله يخبره بالغيب، وأنه يتنبأ بأشياء قبل وقوعها، ويعلم بها قبل أن تحدث تفاصيلها، وآياته ومعجزاته بمئات الآلاف، ويخبره ربه بكثير من الأمور، ويكلمه ليل نهار، والكشوف لا تسأل عنها، وحتى لا يدعه ربه وهو نائم فهناك وحي المنامات الإلهية، وكل شيء له يوصف بالإلهي والعياذ بالله سبحانه… مثل هذا العقل والمنطق هاتوا به لنجعله مستشارا لحكومة جلالة الملكة، لنعلم عن الشيء قبل وقوعه، و نحمي مصالحنا، ونتجنب كثير من الأمور والمشاكل وما شابه ذلك.
سأعطيك إجابات بسيطة: الغارس يعلم حقيقة ما غرس، أو محمدي بيجوم!
لا بأس نحن نعلم أنكم تخالفون نبيكم الغلام القادياني كثيرا، الذي هو يخالف نفسه بنفسه. فهل تخالفون بشير الدين محمود؟! فالمضحك والمثير للسخرية والعجب أنه يقول:
"إذن فقد تكون مفردات (الجن) و (الإنس) و (الثقلان) الواردة في سورة الرحمن إشارة إلى نظامي الحكم الديمقراطي والدكتاتوري في العصر الحاضر، وذلك باعتبار (الإنس) بمعنى الدكتاتوريين الذين يحتفظون بالسلطة بأيديهم بحجة أنهم الخواص بين القوم، وباعتبار (الجن) بمعنى أصحاب الأغلبية أي الديمقراطيين، حيث تتنافس هاتان الكتلتان أو القوتان في تحقيق نواياهما للاستيلاء على مقادير العالم اليوم، إحداهما باسم الديموقراطية، والأخرى باسم الفاشية أو النازية، وكل منهما تدعي أنها أفضل من الأخرى". [التفسير الكبير ج٤ ص٩٩]
وأقول للقارئ المسلم: لا تتعجب فإن من أدلة صدق القادياني والقاديانية وأنهم على حق أنه لم يقل أحد قبلي بكذا وكذا… ويضعون أحيانا عناوين: تفسيرات جديدة و تجديدية.
والتطور والتقدم البشري التي تزعمه القاديانية باطل من وجوه، نذكر بعضها في نقاط مرة أخرى عل بعض أتباع القاديانية يفكرون ويتدبرون والله الهادي يهدي لنوره من يشاء له النعمة والمنة:
[١] القاديانية تقول: الجن خلق قبل الإنس، والجن إنسان مستتر، والجن ناري الطبع، وعلية القوم هم الجن، فهل البشر قبل آدم كانوا كلهم مستترين، هل كانوا كلهم قادة وزعماء؟!
[٢] حسب ما يلزم من كلام القاديانية: بما أن إبليس إنسان، وموجود قبل آدم، وهو من علية القوم، وهو إنسان مستتر، وهو ناري الطبع، فبم يتميز عن غيره من البشر من أمثاله، إذا كان هو وهم قادة و مستترون وناريو الطبع، وإذ لا وجود للإنسان الطيني؟!
[٣] القاديانية تقول: ﴿وَإِذۡ قَالَ رَبُّكَ لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ إِنِّی جَاعِلࣱ فِی ٱلۡأَرۡضِ خَلِیفَةࣰۖ قَالُوۤا۟ أَتَجۡعَلُ فِیهَا مَن یُفۡسِدُ فِیهَا وَیَسۡفِكُ ٱلدِّمَاۤءَ وَنَحۡنُ نُسَبِّحُ بِحَمۡدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَۖ قَالَ إِنِّیۤ أَعۡلَمُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة ٣٠] يشير -حسب قولها- إلى الطبيعة التقدمية في البشر، والمراحل الأولى لنشأته، ومرحلة ما قبل الخلافة والوحي، وهي المرحلة التي وصف فيها البشر بأنه ( جان ) وكان البشر يعيشون الصراع والقتال على الطعام والجنس ويعيشون حياة النفور، والاختفاء من بعضهم ومن أعدائهم ومن فرائسهم.
فهل بعد خلق آدم توقف الصراع والقتال والنفور؟!
ثم لاحظ ما تحته خط قال القاديانيون ذلك للتغطية على التناقض، خرابيط بعضها فوق بعض!
لماذا ؟ : لا بد من الاستتار لأنهم جن حسب معتقد القاديانية. ولا حول ولا قوة إلا بالله، ألا يحتاج هذا البشر من الجن لصيد سمكة، أو الذهاب إلى النهر لشرب الماء، أو اشتهاء أكل البطيخ مثلا… إلخ. المهم هنا إيجاد شيء من الاستتار والتخفي حتى ينطبق عليهم تعريف الجن. والقاديانية لها قول أن هؤلاء بشر معدودون، لأنهم المفروض قادة وزعماء والأمر مفهوم، الحل إيجاد شيء من التخفي والاستتار!
سؤال يا قاديانية: ميزوا لنا بين هؤلاء الجن من البشر، وبين الأعداء اليوم الذين يستترون من بعضهم البعض في المواقع العسكرية وما شابه ذلك؟ هل الفرق هو بين الكهوف ومناطق الاشتباك المحصنة! وإن كان كذلك ما قيمة هذا الفرق؟!
[٤] نقول يا قاديانية: حسب فهمكم إذا كان بعد خلق آدم حدث تطور الإنسان، فما هو الفرق الذي حدث، قبل خلق آدم و بعد خلقه، هل الأخلاق والتعامل مثلا؟
نحن عندنا الجواب: الصراع والوحشية والهمجية لا زالت موجودة إلى يومنا هذا.
إن أي تطور مزعوم مفترى -بغض النظر عن ما هو- لم يغير من واقع البشرية، من حروب وصراع وقتل ونهب وسلب وهمجية ووحشية، وفي العصر الأخير كانت الدول الأوروبية والغربية الموصوفة بالرقي والتقدم والشعارات الجميلة هي أكثر من مارس الحروب والهجمات الإستعمارية والهمجية والوحشية والعنصرية وانعدام الاخلاق والرحمة وانعدام الإنسانية، دجالون يحسنون القول ويسيئون الفعل.
[٥] وهذا نبيكم يا قاديانية يثبت أبوة آدم عليه السلام للبشر:
"الميزة السادسة عشرة للمسيح هي أنه يشبه آدم لولادته دون أب". [تذكرة الشهادتين ٣٩]
"فجعلني الله آدم وأعطاني كل ما أعطى لأبي البشر". [الخطبة الإلهامية ٦٨]
✹✹✹✹✹✹