الصليب زمن الميرزا.. العكسية شاملة

الصليب زمن الميرزا.. العكسية شاملة

الصليب زمن الميرزا.. العكسية شاملة

الصليب بدأ ينهار في أوروبا قبل ولادة الميرزا، ولعله كان في أضعف حالاته في زمنه، ثم لعله بدأ ينتعش قليلا في بعض المناطق عند وفاته. ولكن بالمجمل كان في قمة ضعفه، وما يزال. وأنه لا أثر لدعوى الميرزا على صليب ولا على كسْره.

"فقد أخذت النزعات القومية بالظهور في أوروبا خلال النصف الثاني من القرن السابع عشر [أي قبل 200 سنة من ولادة الميرزا]، ممثلة باستقلالية الملوك الكاثوليك عن البابوية، وترافقت هذه الحركات بظهور عددٍ من المفكرين الملحدين خصوصًا في إنجلترا وهولندا...

خلال القرن الثامن عشر نضَجَت الأفكار القومية والإلحادية في أوروبا، وتزامنت مع تجربتين لهما عميق التأثير في المسيحية: التجربة الأولى ممثلة بقيام الولايات المتحدة الإمريكية سنة 1789 ... حيث كان الدين [والعداوة الدينية] السبب الرئيس في خلق أول جمهورية علمانية... التجربة الثانية كانت الثورة الفرنسية سنة 1789 والتي قامت تحت شعار حقوق الإنسان وفصل الدين عن الدولة، وكانت التجربة الفرنسية هجومية ومضادة للكنيسة؛ فقد احتلّ نابليون الأول إيطاليا وعامل الفاتيكان بقسوة، وثبتت الاتفاقية الموقعة بينه وبين الكرسي الرسولي سنة 1801 ما قامت به الجمهورية الفرنسية الأولى من مصادرة أملاك الأوقاف بما فيها الكنائس والأديرة وإخضاعها لسلطة الدولة الفرنسية، كذلك فقد أصبح تعيين الأساقفة والكهنة وإدارة شؤونهم بيد السلطات الفرنسية وليس بيد الفاتيكان، بمعنى آخر قطعت جميع أواصر العلاقة بين الكنيسة في فرنسا وبين الكرسي الرسولي. أخذت الأمور بالتحسن عقب سقوط نابليون الأول وعودة الملكية، لكن المسيحية لن تسترجع ما كانت عليه حتى عام 1905. (ويكيبيديا)

أقول: هذا تحقق عكسي لكسر الصليب في فرنسا، فقد ظلّ أكثر من 100 سنة مكسورا في فرنسا، حتى استعاد شيئا من عافيته قبيل وفاة الميرزا، فتحققت نبوءة إحياء الصليب الميرزائية بعض الشيء!!!

"وقد رافق القرن التاسع عشر، انتشار الحركات والفلسفات الإلحادية العديدة، فظهر هيغل[ت1831] وكانط [ت 1804] ثم داروين[ت 1882] وجان جاك روسو [ت 1778] ونيتشه[ت 1900] الذي أعلن موت الإله، فبدا أن المسيحية في أوروبا ستنهار، لكنها استطاعت الصمود، وشهدت بداية القرن العشرين أفولاً لهذه الفلسفات." (ويكيبيديا)

وهذا تحقق عكسي أيضا، فواضح حسب هذه الفقرة أن الصليب كان شبه مكسور قبل الميرزا، وبمجيئه انتعش قليلا.

ما معنى أن يكون الميرزا قد كسر الصليب؟ معنى ذلك:

1: أنّ المسيحيين بمجرد أن قرأوا كتاب "المسيح في الهند" وعرفوا بالهجرة الكشميرية كفروا بموت المسيح على الصليب فورا، وآمنوا بالميرزا وعقائده. فهل حدث ذلك؟ كلا.

2: بمجرد أن قرأ المؤرخون والفلاسفة المسيحيون حكاية الهجرة الكشميرية عدَّلوا من أفكارهم حول المسيح، وقالوا: لقد اقتنعنا بهذه النظرية، ومن الآن فصاعدا لن نقول إلا بها!!

المطلوب من الأحمديين أن يعثروا على مؤرخ واحد أو فيلسوف أوروبي واحد عبر 120 سنة قال بذلك، فإن لم يعثروا، ولن يعثروا، فكيف يُقبل قولهم بأنّ القول بهذه الهجرة السخيفة كسر الصليب؟

3: حيثما قرأتَ عن المسيحية وتاريخها وتطورها والتغيّرات التي حلَّت بها، لا بدّ أن تجد أنها تعرّضت لمنعطف تاريخي في عام 1898 حين أعلن الميرزا أن المسيح كان قد هاجر إلى كشمير؟! فهل عثرتَ على مثل ذلك ولو في كتاب حكايات أطفال؟ كلا.

بعد أن تبيّن أن هجرة المسيح إلى كشمير لا يقول بها أي مؤرخ في القارة الأوروبية كلها، ولا يُعتَدُّ بها إلا من باب التندُّر وسرد مختلف الأقوال، بقي الشّق الثاني من القضية، وهو إغماء المسيح، فهل كان للقول بذلك دور في كسر الصليب؟

فالجواب من شِقّين، أولهما أنّ هذه النظرية مطروحة قبل الميرزا بقرن أو أكثر، فليس له أي فضل بها، والله لا يرضى أن يكون تابعا للبشر، خصوصا الكفار منهم. وثانيهما أنه لا يكاد يقول بها أحد، بل يرى عامة الأوروبيين أن المسيح قد مات على الصليب، وأنّ أتباعه نقلوا جثمانه إلى قبر آخر، ثم أشاعوا أنه قام من الأموات، ثم دخلتْ هذه الإشاعة إلى الأناجيل التي كُتبت لاحقا. وهناك قلة منهم، ممن لا يزال مسيحيا، يؤمنون أنه قام من الأموات. أما أن يكون قد أُغمي عليه، فإنْ وُجد قائل بذلك فهو قليل لا يُذكر. فهل بقي للميرزا محلّ من الإعراب بعد هذا كله؟

الخلاصة إذن أنّ الأحمدي ينسب إلى الله العبث والفشل والتدخّل في الوقت الضائع؛ فما دام التطوّر الطبيعي للأشياء قد أدّى إلى ترك مسيحيي أوروبا دينَهم، فما قيمة أن يُبعَث الميرزا لكسر المكسور؟ وهل يبعث الله مسيحا لأداء مهمةٍ ثم لا يوحي إليه بحرفٍ عن هذه المهمة، بل يترك مسيحه ليسمع هراء أحد الروس اللاهثين وراء المال ولو بالكذب والخداع؟ حاشا لله أن يكون كذلك. إن الأحمديين لأشدُّ الناسِ إساءةً إلى الله تعالى، وإنهم لكاذبون.

#هاني_طاهر 12 فبراير 2018