الرد على مقال القاديانية "القواعد الأساسية التي تحكم تحقق النبوءات"

الرد على مقال القاديانية "القواعد الأساسية التي تحكم تحقق النبوءات"

الرد على مقال القاديانية "القواعد الأساسية التي تحكم تحقق النبوءات"

كتبه: أبو عبيدة العجاوي

بسم الله أحمده وأشكره والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله.

في محاولة من القاديانية للدفاع عن تنبؤات القادياني التي لم تتحقق مثل:

-الزواج من محمدي بيغم.

-المباهلة مع ثناء الله الأمرتسري.

-تنبؤ القادياني بموت النصراني عبد الله آتهم.

-التنبؤ المتعلق بالقس دوئي.

-التنبؤ المتعلق بالدكتور عبد الحكيم البتالوي.

-تنبؤ القادياني المتعلق بولادة ابن له "المصلح الموعود".

-تنبؤ القادياني المتعلق بعمره.

وغير ذلك من تنبؤات خائبة. قدمت القاديانية لهذه التنبؤات بمقال بعنوان: "القواعد الأساسية التي تحكم تحقق النبوءات". أنظر موقع القاديانية على الشبكة العنكبوتية أو كتاب: [الجماعة الإسلامية الأحمدية 207]

وكأن الله الملك الحق -والعياذ بالله سبحانه وتعالى- تحكمه هذه القواعد في النبوءات. 

وكجواب مختصر -بعد أعوذ بك يا رب يا الله- نقول: إن أي شيء ينزل على القادياني سواء كان وحي شيطاني أو هلوسات أو وساوس، الرب -حسب معتقدكم من أقوالكم يا قاديانية- قد ينسخه، أو يغير في المدة، أو يحصل خطأ من نبيكم في فهمه، أو لا يقع من الرب. فهل الرب عندكم -والعياذ بالله- ملتزم بمقالكم المعنون بـ "القواعد الأساسية التي تحكم تحقق النبوءات". ونعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم.

وللعلم يكاد يكون من المستحيلات أن تجد للقادياني نبوءة واحدة من تنبؤاته -وقعت حسب نص التنبؤ- هذا من ناحية أن يخبر بوقوع شيء قبل أن يقع، بل لا بد وأن تجد شيئا ما يطعن في التنبؤ. أو تجد أن القادياني بعد وقوع الشيء زعم أنه أخبر به سابقا. أو لا يقع التنبؤ. أو يقع عكس تنبؤه.

لذا فلا تستغرب من القاديانيين قبل أن يدافعوا عن تنبؤات القادياني أن يقدموا لها بتلك المقالة السابق ذكرها، وكأنهم يوحون للقارئ وحيا شيطاني معناه ملخصا: "أن الرب قد يقول بوقوع شيء ثم لا يقع لسبب من الأسباب، وأن التنبؤ لا يقع حسب النص حرفيا، و أن النبي قد يخطأ في فهم الوحي". والعياذ بالله العظيم.

قلت: سبحان الله تنبؤات القادياني لا تقع، ثم أصلت القاديانية لعدم وقوعها، ففقد المضمون.

وبسم الله أولا وآخرا نبدأ… وهذا نص مقالهم نذكره بتمامه ليطلع القارئ على دجاهم:

القواعد الأساسية التي تحكم تحقق النبوءات

قبل أن نشرع في بحث بعض من نبوءات سيدنا الميرزا غلام أحمد التي يزعم خصومه أنها لم تتحقق.. قد تكون مناقشةُ القواعد الأساسية التي تحكم تحقُّقَ النبوءات الإلهية التي يُنعم بها الله على رسله.. ذاتَ صلة وثيقة بالموضوع. 

لا يجادل المرء مع خصوم الأحمدية عندما يقولون بأن "النبي لا يتنبأ من عند نفسه، بل يفعل ذلك بسلطان من الله تعالى وحده". كما يُعَدُّ من السذاجة أيضا ما يفترضه ويؤكده ذوو الذكاء المحدود من أن "كل نبوءة للنبي لا بد من تحققها حرفيًّا". يشير تاريخ الديانات المسجَّل إلى أن رجالا ممن يتبوأون أعلى المنازل والمقامات في الروحانية أيضًا قد لم يقدروا في بعض الأحيان على فهم رسالة سماوية كما ينبغي. وطبقًا لشهادة القرآن الكريم.. حدث بالفعل أن بعض رسل الله تعالى قد فهموا ما أُوحي إليهم فهمًا يخالف حقيقةَ ما ترمي إليه المشيئة الإلهية فيما أوحي إليهم. ألسنا نعرف رؤيا سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم التي تتعلق بأداء العمرة والحج مع صحابته.. تلك الحادثة المعروفة في تاريخ الإسلام باسم "صلح الحديبية"؟ ماذا حدث هناك؟ تقول الأحاديث إن النبي صلى الله عليه وسلم - بناء على رؤيا إلهية رآها - طلب من أصحابه أن يتجهزوا لزيارة بيت الله الحرام بمكة المكرمة وأداءِ شعائر العمرة هناك. ولكن مشركي مكة أبوا عليهم دخولَ البقعة المقدسة. وانتهى الأمر إلى توقيع معاهدة بين المسلمين والمشركين عند الحديبية، وبناء على شروطها قَبِلَ النبي صلى الله عليه وسلم بالعودة إلى المدينة بدون أداء شعائر العمرة التي فَهِمَ حضرته من الرؤيا أنها مقدَّرة لهم. (صحيح البخاري، كتاب المغازي). ويشهد التراث الإسلامي أن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم - مع احترامهم وتقديرهم الفائق لمقامه صلى الله عليه وسلم - كانوا يكرهون بشدةٍ الإحلالَ من إحرامهم بالعمرة والرجوعَ إلى المدينة دون تحقيق النبوءة كما فهموها. (المرجع السابق) 

وبعد سنوات ذكر سيدنا عمر رضي الله عنه هذه الحادثة وصرَّح بأنه "لم يخالجه شك منذ أن دخل في الإسلام إلا يوم الحديبية." (زاد المعاد في هدي خير العباد، المجلد الأول) 

يا تُرى.. بماذا يعلِّق أولئك المتعالمون المتعجرفون.. الذين يجادلون في تحقق نبوءات سيدنا أحمد.. لو أنهم كانوا حاضرين لدى توقيع صلح الحديبية والإيابِ إلى المدينة دون أداء شعائر العمرة التي أشارت إليها رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم؟ 

وهناك مثال آخر يبين كيف أن الرؤى الربانية لم يفهمها تمامًا في بعض الأحيان رجالٌ من ذوي المكانة العالية.. ذلك هو وعد الله تعالى لسيدنا نوح عليه السلام. يقص القرآن الكريم أن الله - جل وعلا - وعد رسولَه نوحًا بنجاة أهله جميعًا من كارثة الطوفان التي كانت وشيكة الحلول بقومه. وعندما شاهد سيدنا نوح ابنه على شفا الغرق.. نادى ربه بصحيات الحزن الشديد والحيرة الأليمة ( ربِّ إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق) (هود:46).. وكأنه يذكِّره بوعده السابق. ومع ذلك.. فإن الله تعالى - بدلا من أن ينجي الولد - أخبر الوالدَ المضطرب بأن ابنه ذاك من دمه ولحمه فعلا.. ولكنه - بسبب فسوقه - لا يدخل ضمن أسرة النبي في نظر الله تعالى. فكأن سيدنا نوحًا قد أخطأ فهمَ الوعد الإلهي الذي ما كان يتعلق بأهل النبي وذريته إلا من الناحية الروحية فحسب. 

وإنا لنسأل هؤلاء الذين يجزمون بلا دليل: ما قولهم لو كانوا حاضري المشهد، وينظرون من فوق الجبل ويرون الموجة العاتية تكتسح ابن نوح إلى مصيره الأخير؟ 

هذه الحقائق التاريخية الثابتة في كتب الوحي الإلهي.. ألا توحي للمرء بضرورة أن يتعرف جيدا بالوسائل المتنوعة التي يحقق بها الحقُّ سبحانه وتعالى كلماتِه.. ذلك قبل أن يغامر المرء فيناقش هذه المسألةَ الدقيقة المتعلقة بتحقق النبوءات والمشيئة الإلهية؟ 

إن القاعدة الذهبية المهيمنة في تعامل الله جل وعلا مع الإنسان ذَكَرَها القرآن المجيد حيث يعلن ربُّ المقادير وصاحبها: (عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعتْ كلَّ شيء.. فسأكتبها للذين يتقون) (سورة الأعراف: 157). 

وبالنظر إلى هذه القاعدة السائدة دائما.. يكون من السذاجة بمكان أن يحتجّ أحد بقوله: لا بد من تحقق النبوءات كلها حرفيًّا كما يفهمها العقل البشري المحدود. إن مثل هذا الرأي مضلِّل تماما، وصاحبُه يَغفل عن أن يأخذ في الاعتبار أمرين: أولا، صفةَ الرحمة الإلهية الحنون التي لا يُسبَر غورها، وثانيا، العواملَ الأخرى المتعلقة بالموضوع.. مثل سلوك القوم الذين صدرت بصددهم النبوءة الإلهية. 

ولما كانت رحمة الله تعالى ترجَح غَضَبَه..فلا يمكن أن يجرؤ مسلم يستحق ذرةً من نعم الله تعالى ليقيِّد حقَّ الله في الاختيار والتفضل برحمته على من يشاء. هذا الحق - بشهادة القرآن العظيم وأحاديث النبي الكريم - هو ما أعلنه الله تعالى هكذا: (كَتَبَ على نفسه الرحمةَ).. يرحم من يشاء وإن كانوا ممن قُدِّر عليهم الغضب من قبل. لا مِراء في أن ما يقرره الله تعالى حق مطلق.. لأنه لا يقول إلا ما هو حق. ولكن الله تعالى هو نفسه مالِكُ مشيئته ورب الأقدار. قد ينبئ بهلاك قوم، ثم يبدِّل القومُ سلوكَهم في الحياة ويُبدون الندم، ويتوبون ويتصرفون بحسب التقوى.. وعندئذ يصفح الله تعالى عنهم.. ويَدَعُ المبدأَ الغالب - مبدأ (رحمتي وسعت كل شيء) - ليقوم بدوره طبق قاعدة (وما كان الله معذِّبهم وهم يستغفرون) (سورة الأنفال: 34) 

ويندهش المرء عندما يجد هؤلاء الطاعنين في الجماعة الإسلامية الأحمدية يفشلون في ملاحظة الظاهرة اليومية التي خَبرها كل مؤمن. فكثيرا ما يرى المؤمن في الحلم تحذيرًا يتعلق بأحداث غير مواتية ومآسٍ وشيكة في حياته، ويستطيع الجزمَ أن مثل هذه الأحلام الصالحة - بناء على سنة النبي صلى الله عليه وسلم - هي في الواقع تحذيرات إلهية، يكشف الله تعالى عن طريقها لعباده أخطارا تهددهم. ولكن إذا تاب المنذَر، وابتهل إلى الله تعالى سائلا الصفحَ، وأعطى الصدقاتِ وبذل المال في سبيل الله.. فإنه كثيرا ما يتفادى برحمة الله تعالى وغفرانه هذه الأخطارَ المحدقة. 

ما ذا يا ترى..رأي المعترضين على نبوءات سيدنا أحمد.. بالنسبة لهذا الرب الذي يُخبر عبده بحادث وشيك، ثم إذا تاب عبدُه وتضرَّع وتصدَّق وضحّى.. يبدِّل الرب قضاءه؟ ألا يكون صادقا في كلمته؟ 

من تعاليم الإسلام الحقة، التي أرساها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالعقاب الإلهي.. أن لله سبحانه مطلقَ الحرية في أن يعفو، وأن الصدَقة ترفع عقاب السماء المقدر. وبصرف النظر عما يقوله العيابون على سيدنا أحمد بصدد نبوءاته.. تبقى الحقيقة الثابتة بأن تحقُّق النبوءات، وخصوصًا تلك المنذِرة بالعقاب، موضوعٌ مشروط بسلوك المنذَرين الذين صدر بشأنهم القرار، ومشروطٌ أيضا بمشيئة الله تعالى. وإن شاءت حكمتُه ألا يعفو - جل وعلا - تحققت كل كلمة في النبوءة. 

ولكن إذا قدَّر الله تعالى أن يصفح عن الإنسان لأنه بدَّل سلوكه.. فإن النبوءة التي تنذر بالعقاب لا تتحقق. ومن الواضح عندئذ أن عدم تحققها لا يفسَّر بأنه بطلان كلمة الله تعالى.. لأنه جل وعلا محيطٌ بكل شيء، وهو وحده المطّلع على قلب المرء، ويعلم المغزى الحقيقي لكلمات نبوءاته.. ومن ثَم فإنه يحقق كلمته كما قدّر وشاء، وليس كما يفهم الإنسان أو يتوقع. 

ثم هناك دليل إيجابي في القرآن الكريم يشير إلى أن الوعود الإلهية عن بشارات سارة هي أيضا قابلةٌ للتبديل إذا بات القوم المبشَّرون غيرَ أهلٍ لتلقي الإنعام الإلهي الموعود. وللمرء أن يتساءل مثلا.. ماذا جرى لسيدنا موسى وقومه بني إسرائيل بعد أن تحرروا من استعباد فرعون مصر؟ أنبأهم سيدنا موسى عليه السلام بأن الله تعالى سوف يهلك أعداء بني إسرائيل ويورث الإسرائيليين الأرض الموعودة. (قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) (سورة الأعراف:130) وتحقيقًا لذلك أوصلهم الله تعالى إلى عتبات الأرض الموعودة التي كتبها لهم، ولكن تبيَّن أن بني إسرائيل غير جديرين بهذا الوعد بعد، ولذلك قضى الله تعالى تأجيلَ تحقق وعده لهم أربعين سنة. (سورة المائدة: 22-27) 

يروي لنا التاريخ أن سيدنا موسى.. ذلك الرسول الصالح الذي بعثه الله تعالى إلى بني إسرائيل.. عانى مع أمته الظالمة. ومع أنه كان بريئًا من أي جرم إلا أنه مات في "برية مؤاب" دون أن يدخل الأرض الموعودة التي وعده الله وقومه إياها. ولكنه كان عبدًا مؤمنًا مخلصًا لله تعالى.. ولذلك لم يعترض ولم يشكّ في كلام ربه. 

والآن، هل يجرؤ أصحاب التأكيد الساذج بأن وعود الله تعالى لا بد من تحققها حرفيا دون تغيير أو تبديل.. بصرف النظر عن أي سلوك مقيت من جانب الموعودين.. أقول: هل يجرؤون على مساءلة الله تعالى نيابةً عن سيدنا موسى؟ 

وإذن، عندما نقرأ أن كلمات الله "لا تتبدل".. ينبغي فهمُها فقط على أنها أسلوب مقرَّر من الله تعالى، وأن تحقق أحكامها في الماضي منذ إعلان أن "كلمات الله لا تتبدل" يقوم على مثل هذه الآيات القرآنية: (فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا) (سورة فاطر:44) 

فهل يتوقعون من الله تعالى معاملة غير معاملته للأقوام الماضية؟ كلا، لن تجد تغييرا أو تبديلا في سنة الله جل وعلا. 

ومع ذلك.. إذا شاء الله تعالى - انسجامًا مع سنته المستمرة - أن يرجئ أو يلغي قرارَ إيقاع العقوبة على قوم بسبب عوامل معينة تستدعي رحمته، كما حدث مع سكان نينوى.. فإن هذا التغيير أو التبديل الظاهري لا يجوز اعتباره تبديلا أو تحويلا في كلمة الله تعالى. 

يسوق القرآن الكريم دليلا قويا في بيانٍ علمي.. يوضح كيف أن الله جل وعلا يجعل رحمته تسبق غضبه، إذ يسحب قرار العقوبة الذي أصدره. والمثل النموذجي لهذا الأسلوب نجده في معاملة الله تعالى لأهل نينوى (سورة يونس:99). يقص علينا القرآن المجيد أن الله تعالى بعث سيدنا يونس عليه السلام رسولا إلى بلدة نينوى، فرفضوا رسالة الله تعالى بادئَ الأمر، ولذلك قدر الله موعدًا معينًا ويومًا محددًا لهلاكهم. وفهِم سيدنا يونس أن هذا النبأ الإلهي الخاص بهلاك مائة ألف أو يزيدون من سكان نينوى سوف يتحقق حرفيًّا، ولذلك هاجر من البلدة (سورة الأنبياء: 88)، ووقف على مسافة منها يترقب أنباء تدميرها. يقول القرآن المجيد إن أهل هذه البلدة ندموا ندمًا صادقًا، وتابوا إلى ربهم توبةً نصوحًا، وتضرعوا إليه يستغفرونه ويلتمسون رحمته.. فألغى الله تعالى قراره السابق ونظر إليهم برحمته. ويصرح القرآن المجيد فيما يتعلق بهذه النبوءة والمصير النهائي لقوم نينوى فيقول: (لما آمنوا كشفنا عنهم عذابَ الخزي في الحياة الدنيا) (سورة يونس: 99) فهل يتقدم أولئك الناقدون لنبوءات سيدنا أحمد.. ويحتجون ضد نبوة سيدنا يونس فينكرونها.. لأن نبوءته التي تلقاها بالوحي الإلهي لم تتحقق كما توقعها الإنسان.. فقد جاء قدر الله تعالى بخلافها، ونجَّى أهلَ نينوى من عذاب الخزي لما آمنوا؟ 

وبالمناسبة، فإن سيدنا يونس عليه السلام كان رجلا قوي الإيمان عظيم التقوى. لما أدرك خَطَأَه في فهم غاية المشيئة الإلهية.. طفق يستغفر ويسأل الله تعالى الصفحَ، ونتيجة لذلك نجّاه الله تعالى من الغم. لو كان الناقدون العيابون لسيدنا أحمد هؤلاء في مكان سيدنا يونس.. للبثوا في بطن الحوت إلى يوم يبعثون، إذ لا يُتوقع منهم إدراكُ خطئهم والتماسُ المغفرة على سوء فهمهم لسنن الله تعالى. 

هذه الأمثلة القليلة من التاريخ الديني المسجَّل المحفوظ.. تكفي لترسيخ الحقيقة حول مسألة تحقُّق النبوءات الإلهية، وتُبين أنها موضوع يتطلب الدراسة بحرص عظيم. 

ومن الـمَهازل المؤلمة عند مناقشة نبوءات أُلهمتْ لسيدنا أحمد - وهي بالطبع خاضعة لنفس القواعد الإلهية السارية التي ذكرناها آنفا - أن خصوم الأحمدية لا يتعاملون مع الموضوع بخُلق الأمانة والاستقامة.. وهما من الصفات الواجبة، ليس على المؤمن فحسب، بل تتوقع أيضا من الإنسان العادي الصادق.

الردود على المقال:

|(1)| قال القاديانيون:  "النبي لا يتنبأ من عند نفسه، بل يفعل ذلك بسلطان من الله تعالى وحده".

والجواب:

-إن طبيعة وحي الغلام القادياني لا تشبه نبوءات الأنبياء عليهم السلام، بل عبارة عن "توقعات" فإن حدث زلزال فمن المتوقع حدوث زلزال آخر يتبعه، وإن ظهر مرض ما فمن المتوقع إنتقاله إلى المناطق المحيطة أو القريبة. والتوقعات قد تصيب وقد تخيب، وفي حالة الغلام القادياني فكل توقعاته خائبة ولله الحمد. أنظر ما كتبنا في [المعجزات والبينات] و [دحض وتفنيد أدلة صدق نبي القاديانية الباطلة] وانظر إلى من كتبوا عن تنبؤات القادياني الخائبة.

-كما أن طبيعة وحي الغلام القادياني تشبه أسلوب العرافين: فلان سيموت، وفلانة ستلد ولدا، وسيتفشى مرض، والزلازل وشيك… ثم لا يقع شيء مما أخبر، بل وقد يقع عكسه. فهذا دليل على أسلوب العرافة لا وحي الأنبياء عليهم السلام.

|(2)| قال القاديانيون: "كما يُعَدُّ من السذاجة أيضا ما يفترضه ويؤكده ذوو الذكاء المحدود من أن "كل نبوءة للنبي لا بد من تحققها حرفيًّا".

والجواب:

من ينظر في تنبؤات الغلام القادياني يجد أنها "حرفية": سأعيش قرابة ٨٠ عاما، الزواج من فلانة، فلانة ستلد ولدا، فلان سيموت، سيقع زلزال، سيتفشى مرض، الخسوف والكسوف… إلخ. 

فطبيعي عند الكذابين والدجالين عندما لا يقع التنبؤ كما يقول النص، أن يجدوا مبررا يبررون به خيبتهم، وفي هذه الحالة كان المبرر أن التنبؤ لا يكون حرفيا. 

فمثلا: تنبأ الغلام القادياني أن النصراني عبد الله آتهم سيموت خلال ١٥ شهرا، ومضت المدة ولم يمت.

فهم -أي الكذابون والدجالون- في الأصل كذبوا، فعندما يكذبهم قدر الله ولا يكون ما قالوا أو يقع العكس، طبيعي جدا أن أن يضيفوا كذبا إلى كذب!

وبينما نجد تنبؤات الغلام القادياني "حرفية" لا تتحقق أو يتحقق عكسها. وجدنا القاديانيين عندما نظروا في نبوءات الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ووجدوها لا تنطبق على الغلام القادياني أنهم قالوا: "هذه نبوءات والنبوءات لا تؤخذ على ظاهرها".

ومن ينظر في نبوءات النبي صلى الله عليه وسلم يجد أنها في الأعم الأغلب والأكثر على ظاهرها: ظهور الربا، ظهور الزنى، فشو التجارة، التطاول في البنيان، كثرة القتل، ضياع الأمانة، كثرة الزلازل، قطع الأرحام، شهادة الزور، عدم المبالاة في أخذ المال من حلال أو حرام، المعازف، شرب الخمر، سلام الخاصة… إلخ. وهي كثيرة وعلى ظاهرها إلا ما يحتمل عدة تفسيرات من ناحية إجتهادية.

هذا مع العلم أن القاديانيين يأخذون ببعض ظواهر تنبؤات النبي صلى الله عليه وسلم كالتطاول في البنيان، وكثرة الزلازل.

فإن وجدوا أن ظاهر النص لصالح ضلالهم طاروا به، وعضوا عليه، وتمسكوا بحرفيته، وخاصموا لأجل ظاهر النص، مثل التوفي في موضوع عيسى عليه السلام. مع أن هناك قرائن كثيرة تصرف معنى التوفي عن ظاهره.

وإن كان ظاهر النص يكذب القادياني، أو لا يتطابق ولا يتوافق وهو كثير جدا، يلجأون للتأويل والتحريف، وإختراع معان غريبة وعجيبة ثم يصير الموضوع: "هذه نبوءات والنبوءات لا تؤخذ على ظاهرها".

وإن دليلنا هو نص النبوءة التي تتحدث عن شيء يقع في المستقبل، وإذا رددنا ما يتضمنه النص: (من مدة زمانية، أو مكان بلد أو مدينة، أو سنوات، أو صفات شخص، أو علامة معينة، أو شيء محدد بعينه يكون…)  بحجة الحرفية، فقدت النبوءة مضمونها وصار الأمر مهزلة، ولكل قائل أن يفسر النص كما يحلو له! ولذلك جاءت القاديانية بعجائب الأقوال في تفسير أخبار آخر الزمان.

ولذلك تجد المهازل للقادياني والقاديانية في تفسير النبوءات.

|(3)| إن القاديانيين -والعياذ بالله- لما وجدوا إشكالات في تنبؤات القادياني ووحيه، زعموا: أن النبي من الأنبياء قد يخطأ في فهم الوحي.

ومن ضمن ما استدلوا به قصة صلح الحديبية، والحقيقة أن نفس القصة تكذبهم، جاء في نص الحديث الطويل قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ : أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا ؟ قَالَ : " بَلَى ". قُلْتُ : أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ ؟ قَالَ : " بَلَى ". قُلْتُ : فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذَنْ ؟ قَالَ : " إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي ". قُلْتُ : أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ ؟ قَالَ : " بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ ؟ ". قَالَ : قُلْتُ : لَا. قَالَ : " فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ». [صحيح البخاري]

فقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ ؟ ". قَالَ : قُلْتُ : لَا. قَالَ : " فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ». دليل على أن الوقت والزمن والسنوات حجة معتبرة.

ومثل ذلك ما جاء في كتاب الله العظيم:

﴿الۤمۤ • غُلِبَتِ ٱلرُّومُ • فِیۤ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَیَغۡلِبُونَ • فِی بِضۡعِ سِنِینَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَیَوۡمَىِٕذࣲ یَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ • بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ یَنصُرُ مَن یَشَاۤءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلرَّحِیمُ • وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا یُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ) [الروم ١-٦]

﴿وَيَٰقَوۡمِ هَٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَايَةٗۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِيٓ أَرۡضِ ٱللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوٓءٖ فَيَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٞ قَرِيبٞ • فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمۡ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٖۖ ذَٰلِكَ وَعۡدٌ غَيۡرُ مَكۡذُوبٖ • فَلَمَّا جَآءَ أَمۡرُنَا نَجَّيۡنَا صَٰلِحٗا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةٖ مِّنَّا وَمِنۡ خِزۡيِ يَوۡمِئِذٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡعَزِيزُ • وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلصَّيۡحَةُ فَأَصۡبَحُواْ فِي دِيَٰرِهِمۡ جَٰثِمِينَ • كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَآۗ أَلَآ إِنَّ ثَمُودَاْ كَفَرُواْ رَبَّهُمۡۗ أَلَا بُعۡدٗا لِّثَمُودَ) [هود ٦٤-٦٨]

فقول الحق تبارك وتعالى: (في بضع سنين) و (ثلاثة أيام) حجة معتبرة وقد تحقق ما خبر:

﴿وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِیثا﴾ [النساء ٨٧]

﴿وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِیلا﴾ [النساء ١٢٢]

ولا يقول مسلم أن المدد الزمنية السابقة ليست بعبرة، ومن يقول ذلك فإنه يصف الله بالعبث، وقول العبث، والله سبحانه منزه عنه.

بينما عند القاديانية المدد الزمنية عبثية، فقد تنبأ القادياني بموت النصراني عبد الله آتهم خلال مدة ١٥ شهرا، ثم لما لم يمت صارت المدة غير معتبرة وأخذوا يبررون ذلك، ذلك لأن الرب -سبحانه عما يقولون- يغير ويبدل في النبوءات والأخبار المستقبليه، فإن عبد الله آتهم خاف من النبوءة فأمهله الله المزيد من الوقت، يقول القادياني مبررا عدم تحقق المدة السابقة: "أطلع الله على همه وغمه، ولن تجد لسنة الله تبديلا. أي: أطلع الله على ما أصاب "آتهم" من هم وغم، ولذلك أجل العذاب عنه. هذه سنة الله ولن تجد في سنة الله تغييرا". [التذكرة ٢٨٣]

وهكذا فإن القاديانيون بعدم إعتبار الزمان والوقت في نص النبوءة ينسبون لله سبحانه العبث تعالى الله مما يقولون.

وزيادة نضيف فإن المكان أيضا ليس معتبرا عند القاديانيين: 

قال سبحانه وتعالى: ﴿سُبْحَٰنَ ٱلَّذِىٓ أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِۦ لَيْلًا مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَى ٱلْمَسْجِدِ ٱلْأَقْصَا ٱلَّذِى بَٰرَكْنَا حَوْلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنْ ءَايَٰتِنَآ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ﴾ [الإسراء ١]

فيفسر القاديانيون الأية العظيمة السابقة: أنها تعني قاديان، والمسجد الأقصى هو المسجد الذي بناه الغلام القادياني في قاديان، وهكذا فإن قاديان مذكورة في القرآن عندهم. ونعوذ بالله من تحريفهم القبيح لمعنى كلام الله.

وجاء في [صحيح مسلم] : «إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ».

إذ يقولون: إن المقصود من (عند المنارة البيضاء شرقي دمشق)، هو قاديان في الهند. وإن المقصود من مدينة اللد، لدهيانة في الهند.

وحسب الهراء السابق فقد يُذكر في النص اسم بلد، ويكون المقصود بلد على بعد آلاف الكيلو مترات، بل وبلدة صغيرة الناس لا تدري بها ولم تسمع عنها، ثم يقولون لك: إن قاديان شرق دمشق إذا وضعت خطأ مستقيما.

وسبحان الله الذي يكذبهم في كل شيء! فقد وضع بعض الإخوة خطأ مستقيما فوجدوا أن قاديان شرق مدينة القدس لا دمشق.

وإن المكان معتبر في نصوص النبوءات والأخبار المستقبلية كما في الأحاديث التالية على سبيل المثال: 

«عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ : شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ : أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا ؟ قَالَ : " كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ». [صحيح البخاري]

«عنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ، قَالَ : فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ، عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ، فَوَافَقُوهُ عِنْدَ أَكَمَةٍ ، فَإِنَّهُمْ لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ، قَالَ : فَقَالَتْ لِي نَفْسِي : ائْتِهِمْ، فَقُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ ؛ لَا يَغْتَالُونَهُ. قَالَ : ثُمَّ قُلْتُ : لَعَلَّهُ نَجِيٌّ مَعَهُمْ، فَأَتَيْتُهُمْ، فَقُمْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، قَالَ : فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ أَعُدُّهُنَّ فِي يَدِي، قَالَ : " تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ». [صحيح مسلم]

«عن عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، فَقَالَ : " اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ : مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ، فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً ، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا». [صحيح البخاري]

لذلك فلا حد للعبث والمهازل والتحريف والهراء في نصوص النبوءات عندهم، والعياذ بالله من أقوالهم، قبحهم الله وقبح أقوالهم.

وهذه بعض الأمثلة بإختصار على مهازل تفسير النبوءات المستقبلية وتحريفها عند القاديانيين:

-المقصود من عيسى بن مريم النازل في آخر الزمان مثيله وهو غلام أحمد القادياني.

-المقصود من مهرودتين، مرضين دوار في الأعلى وبول في الأسفل وهما علامات الغلام القادياني. 

-المقصود من المسيح الدجال هم رجال الدين النصراني.

-المقصود من يأجوج ومأجوج الإنجليز والروس والأمم الأوروبية النصرانية.

-المقصود من قتل الدجال قتله بالحجة.

-المقصود من هلاك الملل هلاكها بالحجة والبينة.

-المقصود من قتل الخنزير هلاك أعداء الإسلام بدعاء القادياني ومناظرتهم ومباهلتهم.

-المقصود من يفيض المال ولا يقبله أحد، أن القادياني يأتي بالمعارف القرآنية والعلم.

-طلوع الشمس من مغربها، أي دخول الأوروبيين في الإسلام بواسطة الجماعة القاديانية.

-خروج دابة الأرض، أي تفشي مرض الطاعون.

وغير ذلك من هرائهم الكثير…

فعندما تفسر نصوص النبوءات والأخبار المستقبلية بهذا الشكل وبهذه الطريقة القبيحة، تفقد النصوص مضامينها ومعانيها والمراد منها وعلاماتها، وكما تفقد الشخص القادياني الثقة بها، لأنها عنده عبارة عن ألغاز وطلاسم بحاجة للقادياني والقاديانية كي يفسروها له.

ولا نستطيع أن نصف ما سبق سوى أنه تحريف وعبثية ومهازل وأكاذيب ودجل.

ونحن أمام ما سبق من مهازل نسأل القاديانيين: هل علم النبي صلى الله عليه وسلم بتفسيراتكم؟ فإن أجبتم بنعم! فلم لم يخبر بها؟ وأيا كان جوابكم! فأنتم تتهمون النبي عليه الصلاة والسلام -وحاشاه- بعدم تبليغ ما أمره الله به.

وقد قال سبحانه في علمه: (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ وَٱللَّهُ یَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ﴾ [المائدة ٦٧]

«عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ شَيْئًا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَدْ كَذَبَ، وَاللَّهُ يَقُولُ : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ } . الْآيَةَ». [صحيح البخاري]

«وعَنْ مَسْرُوقٍ ، قَالَ : قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : يَا أُمَّتَاهْ، هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ ؟ فَقَالَتْ : لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلَاثٍ ؟ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ، مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ. ثُمَّ قَرَأَتْ : { لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ، { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ : { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا } . وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ. ثُمَّ قَرَأَتْ : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } . الْآيَةَ، وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ». [صحيح البخاري]

وفي رواية في [صحيح مسلم] قالت: «وَلَوْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ }.»

وفي حجة الوداع قال صلى الله عليه وسلم: «وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ ؛ كِتَابُ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ ؟ " قَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ، وَنَصَحْتَ، فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ، وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ : " اللَّهُمَّ اشْهَدِ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ». [صحيح مسلم]

وإن كان منكم الإصرار على الباطل ليس أمامنا إلا أن نقول: إدعموا تفسيراتكم بتفسيرات النبي صلى الله عليه وسلم لنفس النصوص، ولن تجدوا ولله الحمد، فثبت كذبكم ودجلكم.

فإن قلتم لم يعلمها؟ 

فجوابنا: كيف يخبر الله في كتابه، ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه بأشياء لا يعلمها النبي ولا يفهما ولا يدري تفسيرها، هي عندكم طلاسم أو مصروفة عن ظواهرها؟!

وإن كان الأمر كذلك فأنتم تنسبون للنبي صلى الله عليه وسلم قول ما لا يدري، وتنسبون للصحابة رضوان الله عليهم سماع ما لا يفهمون. 

ثم كيف طوال ١٣٠٠ سنة آيات وأحاديث كثيرة جدا لم تفهم الأمة تفسيرها، من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين والعلماء إلى يومنا… ثم فهمتموها أنتم، وأنتم من أجهل الناس!

وبعد نعوذ بالله مما يتعوذ به منه… ما سبق يلزم منه التسفيه، وتسفيهكم هو الواقع والصواب والحق والحقيقة، ونسأل الله أن لا نقول إلا الحق وما يرضي الله، وأن يهدينا للحق وما يرضيه، ونستغفره ونتوب إليه إن نسينا أو أخطأنا، والحمد لله رب العالمين.

|(4)| أما ما ذكروه من شك عمر يوم الحديبية -وحاشه- فهي زيادة منكرة جاءت في بعض الكتب والروايات.

بل وجاء خلافها: «وَثَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ، أَوَلَيْسَ بِرَسُولِ اللَّهِ ؟ أَوَلَسْنَا بِالْمُسْلِمِينَ ؟ أَوَلَيْسُوا بِالْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ : بَلَى. قَالَ : فَعَلَامَ نُعْطِي الذِّلَّةَ فِي دِينِنَا ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا عُمَرُ، الْزَمْ غَرْزَهُ حَيْثُ كَانَ ؛ فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ عُمَرُ : وَأَنَا أَشْهَدُ». [مسند الإمام أحمد]

فانظر إلى قول عمر رضي الله عنه: (وأنا أشهد).

والحقيقة أن عمر بن الخطاب والصحابة رضي الله عنهم أخذتهم الغيرة على الدين والحمية يوم صلح الحديبية.

قلت: هم حشروا الرواية السابقة عن عمد وقصد، ذلك أن الفرد القادياني عندما ينظر في تنبؤات الغلام القادياني، ويجد أنها لا تحدث ولا تقع، ويكون العكس أو التكذيب، تتكون الشكوك في داخله، لذلك حشروا تلك الرواية في وحي شيطاني منهم -ونعوذ بالله من شياطين الإنس والجن-: (إذا كان عمر بن الخطاب شك يوم الحديبية فماذا يكون حالنا نحن)

|(5)| أما استدلالهم بقصة نبي الله نوح عليه السلام وابنه على أن النبي قد لا يفهم وحي الله، فهم تركوا النبوءة وما سيحصل -والعياذ بالله العفو المعافي- (وهو الطوفان) الذي وقع وتحقق، وركزوا على موضوع ابن نوح عليه السلام.

قال من وسعت رحمته كل شيء:

﴿وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَٰطِبْنِى فِى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓا۟ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ [هود ٣٧]

﴿فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلَا تُخَٰطِبْنِى فِى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓا۟ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ﴾ [المؤمنون ٢٧]

ثم لما كان ابن نوح عليه السلام من المغرقين: ﴿وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِى مِنْ أَهْلِى وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَٰكِمِينَ • قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُۥ عَمَلٌ غَيْرُ صَٰلِحٍ فَلَا تَسْـَٔلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌ إِنِّىٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ • قَالَ رَبِّ إِنِّىٓ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْـَٔلَكَ مَا لَيْسَ لِى بِهِۦ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِى وَتَرْحَمْنِىٓ أَكُن مِّنَ ٱلْخَٰسِرِينَ) [هود ٤٥-٤٧]

يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره: "هَذَا سُؤَالُ اسْتِعْلَامٍ وَكَشْفٍ مِنْ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ حَالِ وَلَدِهِ الَّذِي غَرِقَ، ﴿فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾ أَيْ: وَقَدْ وَعَدَتْنِي بِنَجَاةِ أَهْلِي، ووعدُك الْحَقُّ الَّذِي لَا يُخْلَفُ، فَكَيْفَ غَرِقَ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ؟ ﴿قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ أَيِ: الَّذِينَ وَعَدْتُ إِنْجَاءَهَمْ؛ لِأَنِّي. إِنَّمَا وَعَدْتُكَ بِنَجَاةِ مَنْ آمَنَ مَنْ أَهْلِكَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ﴾ [هُودٍ: ٤٠] ، فكان هذا الولد مِمَّنْ سَبَق عَلَيْهِ الْقَوْلُ بِالْغَرَقِ لِكُفْرِهِ وَمُخَالَفَتِهِ أَبَاهُ نَبِيَّ اللَّهِ نُوحًا، عَلَيْهِ السَّلَامُ".

ولأن أقصر الطرق في إبطال باطل القاديانية هو نبيها القادياني نفسه: 

"ألا يعلمون أن الله وعد نوحا أنه سينقذ أهله، ولكن عندما أوشك ابنه على الهلاك دعا نوح وقدم هذا الأمر، فماذا رد الله عليه؟ فقد قال: لا تكن من الجاهلين، إنه ليس من أهلك، لأن أعماله ليست صالحة. فكأنه كان مرتدا سرا". [الملفوظات ج٩ ص٢١]

وهكذا أبطل القادياني قول جماعته أن نوح عليه السلام لم يفهم الوحي، وكان السبب: (فكأنه كان مرتدا سرا).

أقول: يبدو أن نبي القاديانية أخطأ في فهم الآية، فعلمت جماعته الفهم الصائب والتفسير الحق، ولذلك ألقت قول القادياني جانبا.

وأقول: يا قاديانية إذا كان الأنبياء عندكم قد لا يفهمون نص النبوءة أو نص الوحي، فمن المؤكد أنكم أيضا لا تفهمون نصوص النبوءات والوحي، وأنتم دون الأنبياء في الفهم، فكيف للمسلم أنه يأخذ بأقوالكم ومزاعمكم وتأويلاتكم وتحريفاتكم. 

وبالتالي لنا أن نقول: يا قاديانية لقد أخطأتم في فهم وحي النبوءات.

ثم لاحظ -أخي المسلم- أن القاديانية ركزت في مقالها على موضوع الخطأ في فهم الوحي والنبوءة، في إيحاء شيطاني أيضا: "أن عدم فهم وحي النبوءات شيء وارد وعادي جدا":

-شيء عادي جدا: فهمتم من النص أن القادياني كان سيتزوج من إمراة، فكان الفهم الحق أنه لن يتزوجها.

-شيء عادي جدا: فهمتم من النص أن عبد الله آتهم سيموت خلال ١٥ شهرا، لكن الفهم الصائب أن الله أمهله: "أطلع الله على همه وغمه".

-شي عادي جدا: فهمتم من النص أن يموت ثناء الله الأمرتسري بعد المباهلة، فمات القادياني وعاش ثناء الله بعده ٤٠ عاما.

وكأن القاديانيين يقولون: "يا جهلة، يا حرفيون، أنتم لا تعلمون القواعد الأساسية التي تحكم تحقق النبوءات، والتي نعلمها نحن".

بإختصار: القاديانيون يدخلون (الإحتمالات) على نص النبوءات، لذلك لم تتحقق النبوءة، مثل: فلان خاف، فلان تاب، أمهله الله وأطلع على همه وغمه، أخطأ في فهم الوحي، قد يكون هناك سبب ما…إلخ

وإذا كان ما سبق، فكيف سيثق الناس بنصوص النبوءات والأخبار المستقبلية؟؟؟!!!

وما سبق هو من حجج القاديانية في إنكار نسخ الأحكام في القرآن، إذ يقولون: أن ذلك يفقد الثقة بآيات القرآن.

مع العلم أن الأمة طوال ١٤٠٠ سنة لم تفقد الثقة في كتاب الله بسبب النسخ.

أما أهل الضلالة أمثال القاديانية فلا نملك إلا أن نقول: ﴿وَٱلَّذِينَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔايَٰتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِى ٱلظُّلُمَٰتِ مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [الأنعام ٣٩]

أسال الله لي ولكم الهداية… وأن يجعلنا على الصراط المستقيم… اللهم اهدنا الصراط المستقيم…

|(6)| أما إستدلال القاديانية بقصة موسى عليه السلام وقومه، وعدم استحقاقهم لوعد الله بالإستخلاف، وأن البشارات السارة قابلة للتبديل والعياذ بالله: "ماذا جرى لسيدنا موسى وقومه بني إسرائيل بعد أن تحرروا من استعباد فرعون مصر؟ أنبأهم سيدنا موسى عليه السلام بأن الله تعالى سوف يهلك أعداء بني إسرائيل ويورث الإسرائيليين الأرض الموعودة. (قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) (سورة الأعراف:130) وتحقيقًا لذلك أوصلهم الله تعالى إلى عتبات الأرض الموعودة التي كتبها لهم، ولكن تبيَّن أن بني إسرائيل غير جديرين بهذا الوعد بعد، ولذلك قضى الله تعالى تأجيلَ تحقق وعده لهم أربعين سنة. (سورة المائدة: 22-27)".

فقولهم السابق:

-فيه مغالطة وخلط من القاديانية.

-بالإضافة إلى عادة القاديانية بإقتباس مقطع، وعدم الإتيان بكامل النصوص.

فإن الله إستخلف موسى عليه السلام وقومه بني إسرائيل: (قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱسۡتَعِینُوا۟ بِٱللَّهِ وَٱصۡبِرُوۤا۟ۖ إِنَّ ٱلۡأَرۡضَ لِلَّهِ یُورِثُهَا مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ وَٱلۡعَـٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِینَ • قَالُوۤا۟ أُوذِینَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِیَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن یُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَیَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرَ كَیۡفَ تَعۡمَلُونَ) [الأعراف ١٢٨-١٢٩]

ثم نصرهم الله على فرعون وجنوده ومكن لهم في الأرض: ﴿طسٓمٓ • تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ • نَتۡلُواْ عَلَيۡكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرۡعَوۡنَ بِٱلۡحَقِّ لِقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ • إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلَ أَهۡلَهَا شِيَعٗا يَسۡتَضۡعِفُ طَآئِفَةٗ مِّنۡهُمۡ يُذَبِّحُ أَبۡنَآءَهُمۡ وَيَسۡتَحۡيِۦ نِسَآءَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِينَ • وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَئِمَّةٗ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَٰرِثِينَ • وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِيَ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُواْ يَحۡذَرُونَ) [القصص ١-٦]

ثم بعد ذلك ارتدوا على أدبارهم: ﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ جَعَلَ فِيكُمۡ أَنۢبِيَآءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكٗا وَءَاتَىٰكُم مَّا لَمۡ يُؤۡتِ أَحَدٗا مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ • يَٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ • قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ • قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمَا ٱدۡخُلُواْ عَلَيۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ • قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَآ أَبَدٗا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذۡهَبۡ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ • قَالَ رَبِّ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ إِلَّا نَفۡسِي وَأَخِيۖ فَٱفۡرُقۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ • قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيۡهِمۡۛ أَرۡبَعِينَ سَنَةٗۛ يَتِيهُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡفَٰسِقِينَ) [المائدة ٢٠-٢٦]

والمعنى بإختصار: أن الله إستخلف موسى وقومه، ووعد الله بتحقق النصر على فرعون وجنوده، ومكن الله لهم في الإرض، إلا أن بني إسرائيل بعد النصر على فرعون وجنوده ارتدوا على آدبارهم، فعاقبهم الله عز وجل. ثم استخلف الله أجيالا آخرى من بني إسرائيل وجعل فيهم الأنبياء والملوك. 

وليس المعنى: كما توحي القاديانية أن البشارات السارة من وعود الله قد تتبدل، والعياذ بالله رب العالمين.

وقال الله تبارك وتعالى عن التولي واستخلاف قوم آخرين:

(وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ یَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُونُوۤا۟ أَمۡثَـٰلَكُم﴾ [محمد ٣٨]

﴿فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُم مَّاۤ أُرۡسِلۡتُ بِهِۦۤ إِلَیۡكُمۡۚ وَیَسۡتَخۡلِفُ رَبِّی قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّونَهُۥ شَیۡـًٔاۚ إِنَّ رَبِّی عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءٍ حَفِیظ﴾ [هود ٥٧]

|(7)| أما قصة يونس عليه السلام قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَلَوۡلَا كَانَتۡ قَرۡیَةٌ ءَامَنَتۡ فَنَفَعَهَاۤ إِیمَـٰنُهَاۤ إِلَّا قَوۡمَ یُونُسَ لَمَّاۤ ءَامَنُوا۟ كَشَفۡنَا عَنۡهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡیِ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَمَتَّعۡنَـٰهُمۡ إِلَىٰ حِین﴾ [يونس ٩٨]

فهذه القصة تعني أن قوم يونس عليه السلام آمنوا فنفعهم إيمانهم، فلم يعذبهم من يقبل التوبة والإيمان من عباده، وهو الهادي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء.

أما قول القاديانية -بعد بالله نتعوذ- : "فألغى الله تعالى قراره السابق". فهو من أقبح الأقوال، قبحهم الله وقبح قولهم، لأن فيه نسبة البداء لله والله سبحانه وتعالى منزه عنه.

البداء: مثل قولك بدا لي كذا، ويعني: بدو الشيء وظهوره بعد الخفاء، ونشأة رأي جديد لم يكن موجودا من قبل، ويلزم منه سبق الجهل. 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ ؛ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ ، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ؛ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ، وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا - أَوْ قَالَ : مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا». [صحيح مسلم]

هل يجوز لمسلم أن يقول في هذا الحديث المتقدم: إن الله قد يغير أو يبدل في نص النبوءة السابقة؟! لو قال ذلك لكن من التكذيب والعياذ بالله.

وقال تعالى: ﴿لَا تَبۡدِیلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِۚ) [يونس ٦٤]

وهذه الآية العظيمة كما أنها تبطل البداء، والتبديل في النبوءات والوعود، والتغيير في كلام الله، فهي رد على كل هراء القاديانية في مقالها "القواعد الأساسية".

ونقول: إن القاديانية التي تقول أن الله -وسبحان الله والعياذ بالله- (يغير ويبدل في نصوص النبوءات)، فإن القاديانية:

١- تشنع على المسلمين الإعتقاد بالنسخ في القرآن، وترى القاديانية هذا الإعتقاد شيئا عظيما.

٢- ونجد أن القاديانية ترفض المعجزات والآيات الخارقة للعادة، بحجة أن الله لا يغير في سننه وقوانينه الأرضية.

٣- ونجد أن القادياني والقاديانية ينسبون لله "البداء" والعياذ به سبحانه، مثلا: قد ينزل وحي على القادياني يقول فلان يموت، ثم ينزل وحي آخر يقول تم تأجيل ذلك. أو ينزل وحي على القادياني بشيء، ثم ينزل ما يناقضه ويعاكسه. أو يكون من الرب أمر ما، ثم بسبب توجه القادياني لربه، يتم التبديل في الأمر من أجل القادياني.

فهذه هي القاديانية! وهؤلاء هم القاديانيون! وهذه عقائدهم! وبينما الأنبياء عليهم السلام أخطأوا في فهم الوحي والنبوءات وعياذا بالله وحاشاهم، فإن القاديانيين أصابوا في فهم الوحي ونصوص النبوءات، وهم علموا وفهموا: "القواعد الأساسية التي تحكم تحقق النبوءات".

ختاما نقول: كل ما سبق من مقال القاديانية، كي تبرر عدم تحقق تنبؤات القادياني بشكل أو بآخر، وفي نفس الوقت تصر القاديانية على أن تنبؤات القادياني كانت تتحقق.

والعجيب أن القادياني والقاديانية، يجمعون بين الضددين كسياسة وتدبير مكيافيلي، فمثلا: إن قيل للغلام القادياني بما أنك مثيل عيسى عليه السلام، نريد أن نرى منك شفاء لمريض، فيكون الجواب من الغلام القادياني: أن تخصصه الشفاء من الأمراض الروحانية، كي يرد هذا الطلب المحرج وغير المستطاع. وفي نفس الوقت تراه يزعم أن فلان شفي بسبب توجهه إلى الله.

فإن لم يكن هذا هو الكذب فما هو إذا؟! وإن لم يكن الدجل ما سبق؟! فما هو الدجل يا قاديانية؟؟؟!!!

ونقول المكيافيلية لأن الغرض والغاية عند القاديانية ليست الدعوة إلى الحق أو الوصول إليه أو الاحتكام إليه، بل الهدف هو الدعوة للجماعة ومؤسسها، فإن كان هذا يقنعه كذا فهو المطلوب، وإن كان هذا يقنعه كذا وكذا فقد تحقق المطلوب، مع علم بعض دجالي القاديانية فساد هذا الدليل، أو ذاك الاستدلال. 

سؤال يا قاديانية: هل أخطأتم في: (القواعد الأساسية التي تحكم تحقق النبوءات) كما كان يخطئ المتنبئ القادياني -والأنبياء حسب زعمكم- أم أصبتم؟!

سؤال آخر يا قاديانية: هل أنتم متمسكون بحرفية: (القواعد الأساسية التي تحكم تحقق النبوءات) أم أن هذا المقال ليس على حرفيته؟!

وسؤال ثالث يا قاديانية: هل الله عز وجل يمكن أن يلغي شيئا من: (القواعد الأساسية التي تحكم تحقق النبوءات) أم - سبحانه والعياذ بالله العياذ بالله العياذ بالله - هو مقيد وتحكمه هذه القواعد؟!

نعوذ بالله رب العالمين من أقوال القاديانية والقاديانيين.

ونعوذ بالله رب العالمين من أقوال الكذابين والدجالين.

اللهم نعوذ بك من أقوال أهل الباطل والزور والإفتراء والبهتان.

ونعوذ بك ربنا من أقوال الكفرة والمشركين والضالين والجهال.

بسم الله وأعوذ بالله من شرور النوايا والأهواء والأقوال والأعمال والنفوس.

وبسم الله أعوذ بالله من الشرور كلها.

هذا والحمد لله رب العالمين.

والصلاة والسلام على خاتم النبيين.

۞۞۞۞۞۞