الرد على باطل القاديانية في استدلالها : "وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ".
الرد على باطل القاديانية في استدلالها : "وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ".
قال الحق سبحانه : { وَلَوۡ تَقَوَّلَ عَلَيۡنَا بَعۡضَ ٱلۡأَقَاوِيلِ لَأَخَذۡنَا مِنۡهُ بِٱلۡيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعۡنَا مِنۡهُ ٱلۡوَتِينَ }. (الحاقة ٤٤-٤٦).
قالت القاديانية : إن من يتقول على الله مصيره القتل وتقتل دعوته.
وتقصد القاديانية من وراء هذا الاستدلال أن القادياني لم يقتل، ودعوته لا زالت موجودة، فإذا هو نبي صادق وغير متقول على الله -عياذا بالله-.
و الرد على القاديانية في هذا من وجوه كثيرة :
أولا : نحن لا نثبت تقول القادياني على الله من خلال الآية السابقة، بل من خلال "الكتاب والسنة" وهما الحكم عندنا، كما أن القادياني عند القاديانية هو "الحكم العدل"، مع أن القاديانيين يخالفونه ولا يحتكمون إليه في كل شيء من الأقوال والعقائد :
١- فإن - الرب - قال : { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَاۤ أَحَدࣲ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَـٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِیِّـۧنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِيما }. (الأحزاب ٤٠). وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لَا نَبِيَّ بَعْدِي ". (البخاري). والأدلة في هذا الشأن "ختم النبوة" كثيرة. فبالتالي : نبوة القادياني كذب ودجل.
٢- ادعى القادياني في شخصه أنه المهدي، وأنه المسيح الموعود، ومن نظر في أحاديث المهدي وأحاديث نزول عيسى - عليه السلام - يجد أنهما شخصان مختلفان، كما أن هذه الأحاديث لا تنطبق على القادياني، وما جاء في هذه الأحاديث عبارة عن علامات، فعندما تحرف القاديانية هذه العلامات، يفقد التمييز بين ما هو حق وبين ما هو باطل.
٣- ادعى القادياني أنه مجدد، ومن نظر فيمن يُظن أنهم مجددون كعمر بن عبد العزيز، أو أحمد بن حنبل، أو ابن تيمية، وغيرهم… - رحمهم الله -، فحاله وسيرته مختلفة عنهم، وهم في واد وهو في واد آخر.
بل المجددون لا يوجد اتفاق عليهم، فكيف هو ؟! مع العلم أن الأمة أجمعت على تكفيره وتكذيبه.
كما أن تحديد من هم المجددون خلال هذه القرون ليس ذا أهمية، ولا يؤثر على دين المسلم من حيث معرفتهم أو الجهل بهم، وليس ملزما أن يؤمن أن فلان هو المجدد تحديدا، والمسألة ظن واجتهاد.
٤- ادعى القادياني "نزول الوحي عليه" وادعى "التحديث" وزعم أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - محدث وأنه كان يتلقى وحيا، ولو فرضنا أن عمر محدث، فهذا التحديث حقيقته وعلمه عند الله، ولا يسمى وحيا بلسان عمر بن الخطاب نفسه : " إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ ". (البخاري). فبالتالي : هو يكذب على عمر.
٥- نزول المسيح كما في الأحاديث، معه علامات، مثل : خروج المسيح الدجال وقتله، ويأجوج ومأجوج وقتلهم، وهذه العلامات لم تظهر زمن القادياني، وتأويلات القادياني و القاديانية تأويلات سخيفة وتحريفات لعدم التطابق مع حال القادياني.
وغير ذلك من أدلة الكتاب والسنة.
ثانيا : نحن نثبت تقول القادياني على الله من خلال مخالفته لكتاب الله وكلامه، و ومخالفته لوحي رسول الله، وتحريفه لمراد الله ورسوله، كنزول عيسى - عليه السلام - ونصوص يأجوج ومأجوج والمسيح الدجال، وهذه أمثلة من جملة أمثلة كثيرة جدا.
ثالثا : إن قتل من يدعي النبوة ليس دليلا على "الكذب" و "التقول"، فإن الله أخبرنا عن قتل بني إسرائيل لأنبيائهم - عليهم السلام - مع أن ادعائهم النبوة ادعاء حق وصدق، كما قال - سبحانه - : { وَقَتۡلِهِمُ ٱلۡأَنۢبِیَاۤءَ بِغَیۡرِ حَقࣲّ }. (النساء ١٥٥). وقوله - سبحانه - : { أَفَكُلَّمَا جَاۤءَكُمۡ رَسُولُۢ بِمَا لَا تَهۡوَىٰۤ أَنفُسُكُمُ ٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡ فَفَرِیقاً كَذَّبۡتُمۡ وَفَرِیقاً تَقۡتُلُونَ }. (البقرة ٨٧).
وقد أثبت القادياني قتل يحيى - عليه السلام - وهو نبي : " ولا ينظرون إلى أن يحيى قد قتل ولحق بالموتى ". (حمامة البشرى ٥٩).
وأثبت قتل يحيى وزكريا - عليهما السلام - وهما نبيين : " وكأين من النبيين قُتلوا في سبيل الله كيحيى وابيه ". (حمامة البشرى ١١٧).
رابعا : وكذلك عدم قتل "المتقول" ليس دليلا على صدقه، وهذا "البهاء" مؤسس البهائية متقول على الله ولم يقتل.
خامسا : قالت القاديانية : إن المتقول على الله يموت قتلا وتقتل دعوته، وهذا الكلام غير صحيح، فهناك من المتقولين على الله قتلوا ولم تقتل دعوتهم، فهذا "بولس" رغم أنه قتل، فما زال أتباعه النصارى يملأون الأرض ولم تقتل دعوته.
سادسا : قال - تعالى - : { أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَیۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِیهِ ٱخۡتِلَـٰفاً كَثِیرࣰا }. (النساء ٨٢). وهذا الإختلاف في كلام القادياني كثير جدا، تناقضات، وكلام يفسد بعضه بعضا والأمثلة عليه كثيرة وملاحظة وثابته ولا ينكرها إلا مستكبر، ونضرب مثالا واحدا وهو أساس دعوة القادياني والقاديانية، وهو أن القادياني طوال سنوات كان ينكر إدعاء النبوة ويكذب ويكفر من يدعيها، وله أقوال كثيرة في هذا، ثم في نهاية المطاف كان منه ادعاء النبوة في أقوال كثيرة أخرى، والملاحظ أن دعوة القادياني استمرت ثلاث عقود وفي آخر ٧ سنوات قبل وفاته كان منه ادعاء النبوة، بشكل صريح وواضح لا لبس فيه :
قبل ادعاء النبوة قال : " فلا تظن يا أخي أني قلت كلمة فيه رائحةُ ادّعاء النبوة كما فهِم المتهوّرون في إيماني وعِرضي، بل كل ما قلت إنما قلتها تبيينًا لمعارف القرآن ودقائقه، وإنما الأعمال بالنيّات، ومعاذَ الله أن أدّعي النبوة بعدما جعل الله نبيَّنا وسيدنا محمدًا المصطفى خاتم النبيين ". (حمامة البشرى ١٧٢).
بعد ادعاء النبوة قال : " وأقول حالفا بالله الذي نفسي بيده أنه هو الذي بعثني، وهو الذي سماني نبيا، وهو الذي دعاني مسيحا موعودا ". (حقيقة الوحي ٤٦٠).
سابعا : نحن لا ننكر أن المتقول على الله قد يكون مصيره القتل كمسيلمة الكذاب والمختار الثقفي وغيرهم..، ونحن نعلم أن القادياني ظهر في مكان وزمان ضعف فيه المسلمون وذهبت دولتهم، ولولا حماية الاستخراب البريطاني له، لكان مصيره مصير "مسيلمة الكذاب" وهذا عبر عنه القادياني بوضوح : " ولولا خوف سيف الدولة البريطانية، لقتلوني بالسيف والأسنة ". (باقة من بستان المهدي ١٨٧).
ثامنا : مسألة قتل القادياني أو عدم قتله لا تفيد ! لأننا نعلم تأويلات القاديانية وتحريفاتها، وتبريراتها، وعجائبها، وغرائبها ! ولو قدر الله للقادياني أن يقتل لقالت القاديانية : أنه "شهيد النبوة" - والعياذ بالله - وأنه قد قتل عدد من الأنبياء. بل نرى -والعلم عند الله- أن عدم قتله وتدوين سيرته وكل شيء عنه وما له من كتب… مثال للمتقول على الله لمن ينظر ويعتبر ويطلب الحق. وهذا يلمسه ويشعر به من يبحث في كتب القادياني والقاديانية.
تاسعا : هذه الآيات التي استدلت بها القاديانية ليست محصورة في القتل تحديدا، فهي تحتمل القتل وغيره مثل العقوبة والموت.
قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره : " يَقُولُ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا ﴾ أَيْ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم لَوْ كَانَ كَمَا يَزْعُمُونَ مُفْتَرِيًا عَلَيْنَا، فَزَادَ فِي الرِّسَالَةِ أَوْ نَقَصَ مِنْهَا، أَوْ قَالَ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ فَنَسَبَهُ إِلَيْنَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لَعَاجَلْنَاهُ بِالْعُقُوبَةِ. وَلِهَذَا قَالَ ﴿ لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴾ قِيلَ: مَعْنَاهُ لَانْتَقَمْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهَا أَشَدُّ فِي الْبَطْشِ، وَقِيلَ: لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِيَمِينِهِ.
﴿ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَهُوَ نِيَاطُ الْقَلْبِ، وَهُوَ العِرْقُ الَّذِي الْقَلْبُ مُعَلَّقٌ فِيهِ. وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَكَمُ، وَقَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ، وَمُسْلِمٌ البَطِين، وَأَبُو صَخْرٍ حُميد بْنُ زِيَادٍ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هُوَ الْقَلْبُ ومَرَاقَّه وَمَا يَلِيهِ ".
وقال الطبري - رحمه الله - في تفسيره : " يقول تعالى ذكره: ولكنه ﴿ تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ نزل عليه، ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا ﴾ محمد، ﴿ بَعْضَ الأقَاوِيلِ ﴾ الباطلة، وتكذب علينا، ﴿ لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴾ يقول: لأخذنا منه بالقوة منا والقدرة، ثم لقطعنا منه نياط القلب، وإنما يعني بذلك أنه كان يعاجله بالعقوبة، ولا يؤخره بها.
وقد قيل: إن معنى قوله: ﴿ لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴾ : لأخذنا منه باليد اليمنى من يديه؛ قالوا: وإنما ذلك مثل، ومعناه: إنا كنا نذله ونهينه، ثم نقطع منه بعد ذلك الوتين، قالوا: وإنما ذلك كقول ذي السلطان إذا أراد الاستخفاف ببعض من بين يديه لبعض أعوانه، خذ بيده فأقمه، وافعل به كذا وكذا، قالوا: وكذلك معنى قوله: ﴿ لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴾ أي لأهناه كالذي يفعل بالذي وصفنا حاله ".
وجاء في (الدر المنثور للسيوطي) - رحمه الله - :
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لأخَذْنا مِنهُ بِاليَمِينِ﴾ قالَ: بِقُدْرَةٍ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الحَكَمِ في قَوْلِهِ: ﴿لأخَذْنا مِنهُ بِاليَمِينِ﴾ قالَ: بِالحَقِّ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الوَتِينُ عِرْقُ القَلْبِ.
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنهُ الوَتِينَ﴾ قالَ: نِياطُ القَلْبِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿الوَتِينَ﴾ قالَ: هو حَبْلُ القَلْبِ الَّذِي في الظَّهْرِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنهُ الوَتِينَ﴾ قالَ: كُنّا نُحَدَّثُ أنَّهُ حَبْلُ القَلْبِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الوَتِينُ الحَبْلُ الَّذِي في الظَّهْرِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: الوَتِينُ نِياطُ القَلْبِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قالَ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: إذا احْتُضِرَ الإنْسانُ أتاهُ مَلَكُ المَوْتِ فَغَمَزَ وتِينَهُ، فَإذا انْقَطَعَ الوَتِينُ خَرَجَ رُوحُهُ، فَهُناكَ حِينَ يَشْخَصُ بَصَرُهُ وتَتْبَعُهُ رُوحُهُ.
عاشرا : فإن قالت القاديانية : لقد مكث القادياني عقودا فلم يقتل، ولم تقع عليه عقوبة، ولم يمت بمجرد تقوله ! وجماعته ودعوته لم تقتل !
ويجاب على هذا القول :
١- أن بعض المسلمين يعتبر أن أمراض القادياني - والعياذ بعفو الله وعافيته ومعافاته - عقوبة من الله.
٢- ويجاب عليه والعياذ بالله العليم : أن هذا من استدراج الله للقادياني، ومن يعرف قليلا عن سيرة القادياني يلاحظ ذلك.
قال - ذو القوة والقدرة - : { وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ }. (الأعراف ١٨٢-١٨٣).
قال ابن كثير : " يَقُولُ تَعَالَى : ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ يَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابَ الرِّزْقِ وَوُجُوهَ الْمَعَاشِ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَغْتَرُّوا بِمَا هُمْ فِيهِ وَيَعْتَقِدُوا أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ). ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ ﴾ أَيْ: وَسَأُمْلِي لَهُمْ، أُطَوِّلُ لَهُمْ مَا هُمْ فِيهِ ﴿ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾ أَيْ: قوي شديد ".
وسأضرب أمثلة على هذا : من يجمع بعضا من أقوال القادياني في بعض تنبؤاته ويلاحظ التكتيكات والاحتياط والاحتمالات المتعددة.. ومع ذلك لا يتحقق للقادياني رجمه بالغيب. نعوذ بالله من الخذلان والخزي والفضيحة.
ومن الأمثلة على هذا : أنه طوال ثلاث عقود وهو يفتري على الله و يتقول عليه، ويزعم أن الله قال كذا وكذا، وألقى الكلام على عواهنه، حتى كثر كلامه كثيرا جدا، فأظهر الله جهله، وناقض نفسه، وكذب نفسه، وأفسد بعض كلامه البعض الآخر. نعوذ بالله من مثل هذا ومن سوء المصير.
٣- ثم بقاء الدعوة، أي دعوة القادياني وجماعته، ليست دليلا على أنه صادق أو أنه وجماعته على الحق، فهذا لم يتحقق للأنبياء - عليهم السلام -، دعوة الأنبياء بقيت إلى ما شاء الله لها، ثم جاء من يحرف و يبدل، أين دعوة الأنبياء السابقين الآن، أين دين موسى وأين دين عيسى، لم يبق منها إلا دين محمد ودعوة محمد - صلى الله عليه وسلم - كدين خاتم محفوظ على صراط الأنبياء السابقين. نعوذ بالله من الجهل وقلة العقل.
ثم إن الدعوة وما لها من أتباع، وكثرة الأتباع، أو قلتهم، أو عدم وجود أي متبع، ليست دليلا على الحق، وليست دليلا على الباطل، وإنما الحكم هو الله ووحيه الحق، قال - صلوات ربي وسلامه عليه - : " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطَ وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلَ وَالرَّجُلَيْنِ وَالنَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ". (مسند أحمد). نعوذ بالله من الحماقة والسفاهة والسخافة.
والنبي مهمته التبليغ وإقامة الحجة حتى لو لم يتبعه أحد، والله يهدي من يشاء، فإن لم ينتفع أحد بتبليغ النبي، النبي ينفع نفسه بتبليغه، والفرد نفع نفسه أولا مع خالقه مقدمة على غيره :
{ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا یَهۡتَدِی لِنَفۡسِهِ }. (النمل ٩٢).
{ وَمَن یَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِ }. (لقمان ١٢)
والله غني عن خلقه لا ينفعه أحد ولا يضره أحد، وهو المتفضل على خلقه بكل شيء.
ولو كان بقاء دعوة المتقول على الله، أو باقيا الدين المحرف دليلا على الصدق و الحق، لكان اليهود والنصارى على حق وهم على باطل. نعوذ بالله من الباطل والضلال والكفر والشرك وأهله.
هل ترون كل ما سقناه من أدلة ! مع أنها قليلة ومختصرة وهناك غيرها… كل ما سقناه لا يقنع أحبار القاديانية ولا جهالها، لذلك سنبطل قولهم من خلال نبيهم المتقول على الله. والعياذ بالله من قلب لا يفقه، ومن عين لا تبصر، ومن أذن لا تسمع، ومن عقل لا يفكر. والنصوص من كتاب واحد للقادياني وهو "حقيقة الوحي" :
يقول القادياني : " إن الكذب مثل أكل القذارة ". (حقيقة الوحي ١٩٣).
تطبل وتزمر القاديانية أن تنبؤ القادياني بهلاك النصراني ألكسندر دوئي قد تحقق.
سؤال : من هو ألكسندر دوئي ؟
يجيب على هذا السؤال القادياني نفسه :
" هناك شخص في أمريكا اسمه "دوئي" تصدر له جريدة أيضا، يعتبر عيسى عليه السلام إلها ويعد نفسه خليفة للنبي إيليا، ويدعي أنه ملهم، ويسرد للناس إلهاماته ورؤاه بدعوى أنها تتحقق ". (حقيقة الوحي ٥).
" كان هناك شخص باسم دوئي من سكان أميركا يدعي النبوة ". (حقيقة الوحي ٢٠٣).
إذا "دوئي" بنص كلام القادياني متقول ويدعي النبوة !
هل مات "دوئي" قتلا ؟
يجيب على هذا السؤال القادياني نفسه : " لقد جاء في برقية من لندن بتاريخ ٩ آذار / مارس ١٩٠٧م خبر، وقد نشر في الجريدة : مدنية، أن "دوئي" الذي ادعى النبوة في أميركا - وكنت قد أنبأت عنه أنه كاذب في دعواه ولن يتركه الله تعالى - قد مات مفلوجا، وبذلك ظهرت آية عظيمة فالحمد لله على ذلك ". (حقيقة الوحي ٤٤٩).
" أما الآية الثانية فستكون أكبر منها وسيحصل بسببها فتح عظيم. فظهرت تلك الآية بموت دوئي في البلاد الغربية ". (حقيقة الوحي ٤٦٨).
وإذا فتحت على موقع القاديانية على الشبكة العنكبوتية باللغة العربية، ستجد القاديانية تدافع عن تنبؤ القادياني بهلاك ألكسندر دوئي، وأنه وقع كما أخبر سابقا، فتدهورت صحته وعانى من الشلل ولم يجدوا له علاجا ثم مات، وإن هذا التنبؤ يشكك به المعارضون الكذابون.
لنفرض أن تنبؤ القادياني بموت دوئي رجما بالغيب قد تحقق !!!
هل مات دوئي قتلا ؟ حسب استدلال القاديانية أن المتقول على الله يموت قتلا ؟.
طيب : كهنة القاديانية وأحبارها الذين يدافعون عن تنبؤ القادياني بموت دوئي، أنه قد تحقق، وأنه تنبأ به سابقا حسب زعمهم ! وهم أنفسهم الذين يستدلون بموت المتقول على الله قتلا ! ألا يعلمون أن دوئي لم يمت قتلا !؟
إنهم يعلمون، ويعلمون أكثر منا، ويعلمون ما خفي علينا نحن، لكنهم دجالون كذابون ! نعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ونعوذ بالله من شياطين الإنس والجن.
هؤلاء الدجالون يعلمون أن المسلمين وكذلك أتباعهم القاديانيين في مسائل كثيرة، لن ينتبهوا ولن يلاحظوا ولن يبحثوا، إلا من شاء الله لهم ذلك.
ثم ينبغي الإشارة إلى أمر غاية في الأهمية : إن عبارة القادياني تنبأت به سابقا، أو عبارة القاديانية تنبأ به القادياني سابقا ! عبارة عن كذب وتدليس وخداع ودجال ! هذا الرجل إن تنبأ بشيء أو قال شيء تحقق عكسه ! ولقد سخر منه من سخر وأطلق مصطلح "الإعجاز العكسي". نعوذ بالله من مكر الله، ونعوذ بالله من الأمن من مكر الله.
إذا ما معنى : تنبأت به سابقا ؟
مثلا : ستجده يحيلك إلى كتاب "البراهين الأحمدية" الذي كتبه قبل سنوات طويلة كدليل على صدقه، فيختار نصا ما قريب من مقصوده !
أو مثلا : يحيلك إلى نص له قبل سنوات، لا معنى له، ويمكن أن يفسر بأي تفسير.
ثم يبدو والله أعلم : أنه علم ما حصل مع دوئي من مشاكل ومرض وكانت تأتيه الأخبار، فاستغل هذا الموضوع وتوقعه، ومع ذلك هذا التنبؤ المزعوم أفسد قولا للقاديانية.
مثلا قول القادياني : " أما الآية الثانية فستكون أكبر منها وسيحصل بسببها فتح عظيم. فظهرت تلك الآية بموت دوئي في البلاد الغربية ".
فهذا أيضا يحتمل التنبؤ بإنهيار الإتحاد السوفياتي حتى قبل قيامه ! كما يحتمل عدم إقامة دولة لليهود ! كما يحتمل أن القادياني سيولد له ولد ! ويحتمل أي قول يمكن أن يقال لخداع الناس !
هل هذا هو الفتح العظيم ؟! إذا كان الأمر كذلك فما هو الفتح الأقل عظمة ؟ إن العذاب مربع ومدور ! أم أنه سيجعل الثلاثة أربعة ! نعوذ بالله نعوذ بالله نعوذ بالله من الهراء والترهات.
وأخيرا : هذا الكتاب كما غيره دليل على تقول القادياني وتقول جماعته القاديانية على الله والعياذ بالله. والحمد لله رب العالمين.
{ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ }. (يونس ٦٩-٧٠).
قال ابن كثير : " ثُمَّ تَوَعَّدَ تَعَالَى الْكَاذِبِينَ عَلَيْهِ الْمُفْتَرِينَ، مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَهُ وَلَدًا، بِأَنَّهُمْ لَا يُفْلِحُونَ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُمْ إِذَا اسْتَدْرَجَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ مَتَّعَهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ يَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ، كَمَا قال ها هنا: ﴿مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا﴾ أَيْ: مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ، ﴿ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ﴾ أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ﴿ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ﴾ أَيْ: الْمُوجِعَ الْمُؤْلِمَ ﴿بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾ أَيْ: بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ وَكَذِبِهِمْ عَلَى اللَّهِ، فِيمَا ادَّعَوْهُ مِنَ الْإِفْكِ وَالزُّورِ ".
نعوذ بالله من التقول و المتقولين.
ونعوذ بالله من الافتراء والمفترين.
كتبه : أبو عبيدة العجاوي