الحمار حامل الأسفار.. 3ب. مدينة وحجاز [بلاهات أيمنية]

الحمار حامل الأسفار.. 3ب. مدينة وحجاز [بلاهات أيمنية]

الحمار حامل الأسفار.. 3ب. مدينة وحجاز [بلاهات أيمنية]

قلتُ في آخر مقال سابق: كل ما في الأمر أنّ المرزا تأثر ببيئته، حيث يلفظون اسم المدينة المنورة واسم الحجاز من دون الـ التعريف. (مقالي في 27 ديسمبر 2021)

فأتي أيمن بعدد من الأمثلة التي تبين مدى بلاهته ظانا أنه كسر التحدّي، فكانت بلاهات شنيعة، وفيما يلي أمثلته:

البلاهة 1:

نقل عن كتاب التدوين في أخبار قزوين (3/ 328)

قَالَ لقيت علي بْن عثمان المغربي فحدثني ومن حضره بين مكة ومدينة. انتهى

وقد عدتُ إلى النصّ فوجدتُ:

أَنْبَأَنَا غير واحد عن محمد بْن الفضل الصاعد الفراوي أَنْبَأَنَا أبو عثمان سعيد بْن محمد البجيري قراءة عليه سنة 449هـ أنبأنا علي ابن جابارة القزويني وذكر الحديث لكن قَالَ لقيت علي بْن عثمان المغربي فحدثني ومن حضره بين مكة ومدينة. (التدوين في أخبار قزوين)

فهذا الأخ علي ابن جابارة القزويني ليس عربيا، بل من قزوين، ومَن يقنعه أنّ مكة مِن دون الـ التعريف، أما المدينة فلها الـ التعريف؟! وإذا اقتنع، فمن يقنع لسانه؟ فهذا هو حال غير العرب، فهذا الذي قاله، والراوي نقل عنه.

إنما طالبتُ بمصدر عربي قديم، لا بأعجميٍّ ساردِ روايةٍ في القرن الخامس؟ فكلمة "قديم" تعني قبل عام 200هـ، وتنازلَنْا للأحمديين وقلنا: نمدّدها حتى عام 300هـ. لكن يجب أنْ يكون عربيا.. أما غير عربي وبعد قرون من هذا التاريخ، فكارثتان! هذا إذا لم يكن مجرد خطأ ناسخ!!

البلاهة 2:

نقل عن كتاب شرح المدائح النبوية قوله: وهكذا يقال عن مكة ومدينة: المكتان. انتهى

فعدتُ إلى الكتاب، فوجدتُه مجرد دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية، وهي في الأصل لشابّ سعودي لم يبلغ الستين بعْد، اسمه: صالح المغامسي، والذي لو عرف أنّ النسّاخ أخطأوا في نقل كلامه وكتبوا: مدينة، لوبّخهم.

البلاهة 3:

نقل عن كتاب إتحاف المهرة لابن حجر (6/ 435)

حَدِيثٌ (كم) : " يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ الْمَالِ شَاءً بَيْنَ مَكَّةَ وَمَدِينَةَ. . . " الْحَدِيثَ.

قلتُ: يا لبلاهتك يا أيمن!! أتعرف ما هي (كم)؟ هي اختصار كلمة الحاكم صاحب المستدرك. فإتحاف المهرة ينقل عن المستدرك، فعليك أن تعود إلى المستدرك لترى الحديث الذي لا يمكن أن يكون قد ذكر كلمة "مدينة". وقد عدتُ فوجدتُ ما يلي:

«يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ الْمَالِ شَاتَيْنِ مَكِّيَّةٌ وَمَدَنِيِّةٌ تَرْعَى فَوْقَ رُءُوسِ الضِّرَابِ". (المستدرك على الصحيحين للحاكم 4/ 505)

فالحديث يقول: شَاتَيْنِ مَكِّيَّةٌ وَمَدَنِيِّةٌ.

هل يمكن أن تكون نسخة المستدرك هي التي فيها الخطأ؟

نعم، ممكن، ولكن هذا لا يعني صحة الناقل عنها. لأننا إذا افترضنا أنّ الأصل فيه إشكال، فلا قيمة للنقلِ عنه.

أما كنز العمال الذي نقل عن المستدرك أيضا، فقد كتبَ:

يوشك أن يكون خير المال شاء بين مكة والمدينة. (كنز العمال - 11 / 146، الرقم 30793)

البلاهة 4:

نقل عن أيسر التفاسير للجزائري قوله: روي أن الآيات الأولى منها نزلت بالمدينة في شأن من كان من المسلمين بمكة، وقال علي بن أبي طال: نزلت بين مكة ومدينة.

قلتُ: يا لعمق بلاهتك يا أيمن! هذا مجرد خطأ ناسخ، والذي لا بدّ أن يكون غير عربيّ. وقد وردت العبارة في حاشية في أيسر التفاسير.

واللافت أنّ أيمن تركها كما هي، ولم يصحح حتى كلمة "طالب"، فتركها كما هي: وقال علي بن أبي طال!! وكأنّ هنالك شخصا اسمه: علي بن أبي طال!!

وقد عدتُ إلى الرواية في كتبها الأصلية في التفاسير القديمة، فوجدتها كما يجب أن تكون:

ففي تفسير ابن أبي حاتم (13/ 818):

قَالَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: نزلت بين مكة والمدينة، وهي تسع وستون آية.

وفي تفسير القرطبي (13/ 323):

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نَزَلَتْ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.

البلاهة 5:

نقل أيمن ما جاء في كتاب الطيوريات عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أبي هريرة وحده، وفي فضل الصلاة في مكة ومدينة. انتهى

قلتُ: هذا من المحقق المعاصر، واسمه دسمان يحي معالي، حيث كتب في الحاشية تحت حديث شريف:

"حديث صحيح... أخرجه ابن الأعرابي.... وأخرجه مالك..... وأخرجه أحمد.... كما أخرجه البخاري في الإعتصام: باب ما ذكر النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحض على اتفاق أهل العلم... من طريقه عن مالك... عَنْ حَفْصِ عَنْ أبي هريرة وحده، وفي [كتاب] فضل الصلاة في مكة ومدينة: باب فضل ما بين القبر والمنبر". انتهى

أي أنّ محقق الكتاب الذي كتب هذه الحاشية أحال إلى البخاري، فالواجب العودة إلى البخاري، وقد عُدنا إلى البخاري، فوجدنا فيه: " "كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة". ولم نجد "مدينة". فاتضح أنّ كاتب الحاشية دسمان معالي قد أخطأ في النقل. فلا يستدلّ بذلك إلا أبله، ولا يوافقه إلا أبله مثله، ولا يسكت عن بلاهته من الأحمديين العارفين إلا حاقد عليه ليوقع به.

أكتفي بهذه الأمثلة والبقية ستكون على هذه الشاكلة البلاهية حتما.

هاني طاهر 4 يناير 2021