الجن عند الميرزا
الجن عند الميرزا
كان المولوي نور الدين (صديق الميرزا) من أتباع المدرسة العقلية، وقد تأثر بسيد أحمد خان، ذلك العالم الهندي الشهير. وصار هو المعلّم الأول والحقيقي في الأحمدية.
وكان مما قاله سيد خان وتلميذه شراغ علي ما يلي:
"الجنّ هم البدو والبشر غير المتحضرين مثل قوم العماليق المذكورين في التوراة." (Religious Thought of Moulvi Chiragh Ali, ص 81-82)
"النمل قبيلة تحمل هذا الاسم، لا تلك الحشرة المعروفة." (ص 83)
"الطير في آية (عُلِّمنا منطق الطير) لا تعني العصفور، بل جندي. الهدهد كان اسم رجل أو قبيلة عاشت في اليمن. والعفريت في سورة النمل هو رجل من فرقة الجن. كشف بلقيس عن ساقيها يعني أنها كان خائفة من العبور على أرضية الصرح الممرد من قوارير". (ص 83-84)
هذه الأفكار أخَذَتها الأحمدية عن هؤلاء تاركةً أقوال الميرزا المناقضة لذلك. والأحمديةُ ترى في هذه الأقوال دليلا على صدق مؤسسها وعظمة تفسيراته!!!
أما الحقيقة فهي أنّ الميرزا لم يجد وقتا لنقض أقوال سيد خان هذه ولا لتأييدها، فتركيزه على زواجه الحتمي من امرأةٍ متزوجة أخَذَ كلَّ وقتِه. لكنَّ أقواله في الجنّ كما يؤمن به عموم المسلمين كثيرة. ونحن لا نلومه على ذلك، فسواء كان هذا الاجتهاد صحيحا أم خاطئا، فالمجتهد بين أجر أو أجرين. إنما نلومُه على أنه لم يحاول أن ينقض أقوال سيد خان هذه رغم أنه قال بعكسها، رغم ما أثارَتْه أقوال سيد خان هذه من جدَل بين المسلمين في ذلك الوقت. وإننا نرى أنّ مثل هذه القضية من أهم مظاهر خيبة الميرزا. فإذا كان أهل الأديان والمذاهب جميعها ينتظرون مبعوث آخر الزمان ليحكم بينهم، ثم يضيع هذا المبعوث وقته في التحدث عن نبوءاته الخائبة ونساء الناس، فباطِنُ الأرض خيرٌ مِن ظاهرها.
وفيما يلي أقوال الميرزا حول الجنّ والتي تؤكد إيمانه بعكس ما تؤمن به جماعته الآن:
1: أما الظن أن يأجوج ومأجوج ليسوا من بني آدم بل هم خَلق آخر فليس إلا جهلا، لأن القرآن الكريم ذكر المخلوقات العاقلة- الذين يستخدمون العقل والفهم ويستحقون الثواب أو العذاب- على نوعين فقط: البشر، الذين هم أولاد آدم عليه السلام، والجِنَّة. لقد سمِّيت فئة الناس بـ "معشر الإنس" وسمِّيت فئة الجِنَّة بـ "معشر الجن". (ينبوع المعرفة عام 1908)
2: وإن قلتم إن يأجوج ومأجوج من الجِنّة وليسوا أناسا، فهذا حُمق أكبر لأنه إذا كانوا من الجِنّة كيف كان ممكنا أن يعرقلهم جدار بناه الإسكندر؟ ما دامت الجِنة يصلون إلى السماء كما يتبين من الآية: { فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } (الصافات: 11) أفلم يكونوا قادرين على التسلق على جدار الإسكندر؟ وإن قلتم بأنهم نوع من السباع التي لا تعقل، قلتُ: لماذا إذًا وُعد في القرآن والأحاديث بإنزال العذاب عليهم؟ (ينبوع المعرفة)
3: إن حضرة الله تعالى حضرةٌ عجيبةٌ، وفي أفعال الله أسرارٌ غريبةٌ، لا يبلغ فهم الإنسان إلى دقائقها أصلا. فمن تلك الأسرار تمثُّل الملائكة والجنِّ. (التبليغ 1893)
4: يُعرف الوحي الحق من خلال قوته الاقتدارية، لأن الله وحده يملك القوة الاقتدارية، ولا يتمتع بها الشيطان والجن وغيرهما. (ضرورة الإمام 1898)
5: وقد ارتدى البعض لباس أتباع مذهب الطبيعة والفلسفة وأنكروا قدرات الله الخارقة للعادة... وينكرون الملائكة والجِنّ نهائيا. (ينبوع المعرفة 1898)
6: هل سبق زمان لم يوجَد فيه كافر؟ إن قلتَ: كان ذلك في أوائل زمن آدم عليه السلام، ... قلتُ: إن كفار الجِنّ كانوا موجودين، ففي أيّ زمن لم يوجد أيّ كافر؟ (مناظرة دلهي 1891)
7: فمن منطلق هذا الطريق للحكم؛ تبدو الأحاديث عن ابن صياد أقرب إلى الفهم، لأنه كان دجالا فعلا في أيامه الأولى، وكانت تظهر منه أمور عجيبة نتيجة علاقته مع بعض الشياطين، فيفتتن بها كثير من الناس. (إزالة الأوهام)
8: ولقد ورد في الكتاب المقدس أنه في إحدى المرات تلقى أربع مئة نبي وحيًا شيطانيا، فقد تنبأوا بانتصار ملك من الملوك بواسطة هذا الوحي بينما لم يكن ذلك إلا عبارةً عن شعوذة الجني الأبيض. (ضرورة الإمام)
9: بعد أن قال عبد الله آتهم: الإكراه في المسيحية غير موجود.
رد عليه الميرزا بقوله: يُفهَم من الإنجيل أن الشياطين مكرَهون على الضلال وهم أرواح نجسة. إذا لم يكن ذلك صحيحا، فأيّ شيطان نال بشارةَ النجاةِ بواسطة المسيح؟ بل يقولون بأنه كان قاتِلا منذ البداية، ولا صِدْق عند الشيطان. هل كان المسيح كفارةً للشياطين أيضا أم لا، ما الدليل على ذلك؟ غير أن القرآن يذكر اهتداء الـجِنَّة!! (الحرب المقدسة، ص 297)
يشير الميرزا إلى الآيات القرآنية: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ } (الجن 1-2)، ويفسّرها على أنّ الجنّ آمنوا، بينما يقول الإنجيلُ إنّ الشياطين أرواحٌ نجسة، أي أنها مُكرَهة على الإيمان.. فالإكراه في الإيمان عند المسيحية التي ترى الشيطان مستحيل الإيمان، وليس عند الإسلام الذي يذكر اعتناقَ الجنِّ الإسلامَ!!
#هاني_طاهر 14 سبتمبر 2017