الارتدادات العقائدية للميرزا غلام .

الارتدادات العقائدية للميرزا غلام .

الارتدادات العقائدية للميرزا غلام .


 الفصل الثالث من كتابي (حقيقة الطائفة الاحمدية القاديانية) الجزء الاول

رابط تحميل الكتاب 

https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2023/02/blog-post.html


روابط تحميل كتب وكتيبات د.إبراهيم بدوي

https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2023/10/blog-post_14.html

16 - الأساس السادس عشر: الاعتداد بالأفكار والأقوال المتأخرة والارتداد عما كان يعتقده الميرزا غلام سابقًا.

لا بد لنا من معرفة بعض المعتقدات والأفكار التي كان يعتقدها الميرزا غلام وقتما كان نبيًّا يوحى إليه ثم ارتد عنها لاحقًا، وللعلم فهناك فرق كبير بين الارتداد وبين النسخ، فالنسخ يكون في الأوامر والنواهي، ولا يكون في العقائد والأفكار. وقد اخترت الارتدادات التي في كتاب (البراهين الأحمدية) وكتاب (مرآة كمالات الإسلام) لأنهما من أهم الكتب لدى الميرزا غلام، حيث صرح الميرزا غلام أنّ ربه يلاش العاج قد أيده ونصره في كتابة هذين الكتابين، وكذلك سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم والملائكة باركوا الكتابين، وقد ذكرتُ سابقًا في الباب الثاني "العطاءات" لبيان أهمية هذين الكتابين تفصيلًا والتالي هي بعض هذه العقائد والأفكار.

الارتداد الأول:

قال الميرزا في كتاب (البراهين الأحمدية) إنّ سَيِّدنا عيسى عليه السلام حي في السماء وأنه نازل آخر الزمان، وذلك في ثلاثة مواضع سواء بالتصريح أو بالإشارة في الصفحات 502 و573 و579. ثم ارتد عن هذا الرأي كما في كتاب (فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام) سنة 1890.

الارتداد الثاني:

قال الميرزا في كتاب (البراهين الأحمدية) صفحة 608 إنّ التوفي في حق الإنسان له أكثر من معنى مثل إعطاء الأجر بالكامل أو الموت، ثم ارتد عن هذا الرأي كما في كتاب (فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام) سنة 1890، فقال إنّ التوفي في حق الإنسان لا يكون معناه إلا الموت إلا إذا جاءت قرينة لمخالفة ذلك المعنى.

الارتداد الثالث:

قال الميرزا في كتاب (البراهين الأحمدية) صفحة 166 إنّ معجزات سَيِّدنا عيسى عليه السلام كانت على الحقيقة وأنّ سَيِّدنا عيسى عليه السلام لم يستفد من البِرْكة أي البحيرة العجيبة المذكورة في الأناجيل والتي كانت لها خواص إعجازية خارقة، ثم ارتد الميرزا بعد ذلك بسنوات وأنكر أنّ معجزات سَيِّدنا عيسى عليه السلام حقيقية، وإنّما كانت من خلال التنويم المغناطيسي، وهو ما يسميه الميرزا بالمِسْمَرِّية أو علم التِرْب وأنّ سَيِّدنا عيسى عليه السلام كان نجارًا بارعًا واستطاع عمل طيور من الخشب وحركها مثل ألعاب الأطفال.

4 الارتداد الرابع:

قال الميرزا في كتاب (البراهين الأحمدية)، وكتاب "فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام" 1890م، وكتاب (مرآة كمالات الإسلام) سنة 1892م، إنه وليّ مُحَدَّث وإنّ المُحَدَّثية ليست متعلقة بالميرزا فقط بل إنّ المُحَدَّثين في الأمة كثيرون وأنّ المُحَدَّث يعلم الغيب اليقيني من الله تعالى، وأكد ذلك الرأي في كتبه كلها التي كانت قبل سنة 1901 أي قال ذلك لمدة 21 سنة من بداية كتاب (البراهين الأحمدية) سنة 1880م. ثم ارتد وقال إنّ علم الغيب لا يكون إلا للأنبياء، وأنه لا يوجد في القواميس ما يثبت أنّ المُحَدَّث يعلم الغيب، والغريب أنّ الميرزا غلام نفسه قد رفض رفضًا قطعيًا مسألة اللجوء للمعاجم لاستخراج أفكار دينية مستحدثة وبخاصة في تغيير المعاني الاصطلاحية المتفق عليه إلى معان جديدة حتى لو كانت لها أصل في اللغة، يقول الميرزا غلام في كتابه (إزالة الأوهام) صفحة 372: " ثم يسعى البعض - شطارةً منهم- إلى أن يحجبوا الأدلة القُرآنية البيّنة ويقولون: لقد جاء فعل "التوفِّي" بعدة معانٍ في المعاجم، ومع أنهم يعرفون جيدًا في قرارة قلوبهم أنّ الكلمات التي يخصّها القُرآن الكريم بمعانٍ معينة اصطلاحًا، ويُفهِّم جيدا - ببيانه المتواتر- أنّه إذا خصّ كلمة ما، بمعنًى معين؛ فإنّ صرف هذا المعنى عن تلك الكلمة - بناء على مجرد فكرة ورود معناها الآخر في المعاجم - ليس إلا إلحادًا صريحًا، فمثلا، في المعاجم قد أُطلق اسم "الكافر" على الليل المظلم أيضًا، أمّا في القُرآن الكريم كله فلم تُطلَق كلمة "الكافر" إلا على الكافر بالدين أو الكافر بالنعمة فقط، والآن، لو صرف أحد معنى "الكفر" عن المعنى المتداول والشائع في القُرآن الكريم، وأراد منها الليل المظلم، ثم قدّم على موقفه دليلًا أنّ هذا المعنى أيضًا مذكور في المعاجم، فقولوا صدقًا وحقًا، بالله عليكم، هل يُعدّ منهجه هذا إلحادًا أم لا؟ كذلك، إنّ كلمة "الصوم" لا يقتصر معناها - في المعاجم- على الصيام المعروف فقط، بل تُطلَق على كنيسة النصارى أيضًا، كما تُطلَق أيضًا على روث النَّعام، أمّا في مصطلح القُرآن فلا يراد به إلا الصيام المعروف. كذلك ذُكرت للصلاة أيضًا عدة معانٍ في المعاجم. أما في مصطلح القُرآن الكريم فلا يطلَق إلا على الصلاة المعروفة، والصلاة على النبيّ والدعاء. ويعرف العلماء جيدًا أنّ كل فنٍّ يكون بحاجة إلى مصطلحات معينة، وأنّ أصحاب هذا الفن يخصّون بعض الكلمات بمعنى واحدٍ معينٍ مجرِّدين إياها من معانيها العديدة الأخرى. خذوا فن الطبابة مثلا؛ فقد حُصرت وخُصِّصت فيها بعض الكلمات بمعنى واحد معين كمصطلح دون معانيها الأخرى الكثيرة. والحق أنّه لا يستقيم أي علم دون وجود الكلمات الاصطلاحية فيه. فالذي لا يريد الإلحاد، فالطريق المستقيم له أن يستنبط من القُرآن الكريم معاني متداولة ورائجة في القُرآن وما اصطلح عليه القُرآن الكريم، وإلا سيكون تفسيره تفسيرا برأيه"

وهذه جملة من النصوص من كتب الميرزا غلام تبين بوضوح عقيدة الميرزا غلام في النبوّة والمُحَدَّثية:

1-     كتاب (حمامة البشرى) 1894 صفحة 192: "أراد الله أن يبعث مصلحًا من رسول أو نبيّ أو مُحَدَّث"، وفي صفحة 193 :" فإرسال الروح ههنا إشارة إلى بعث نبيّ أو مرسَل أو مُحَدَّث يُلقى ذلك الروح عليه" ([1])

2-     كتاب (نور الحق) 1894 صفحة 59: " وأُلقِيَ في روعي أن المراد من لفظ الروح في آية {يَومَ يَقُومُ الرُّوحُ} جماعةُ الرسل والنبيّين والمُحَدَّثين أجمعين الذين يُلقَى الروح عليهم ويُجعَلون مكلَّمين " ([2])

3-     كتاب (مجموعة الإعلانات) إعلان 71 شهر 2 لسنة 1891: "يذيعون عني بهتانًا أن هذا الشخص يدّعي النبوة، لا أدّعي النبوة، بل أعتقد بجميع الأمور التي تدخل في معتقدات الإسلام. كذلك أؤمن بكل ما هو مسلَّم الثبوت من القرآن والحديث كما هو اعتقاد أهل السُنَّة والجماعة، كل من يدّعي النبوّة أو الرسالة بعد سَيِّدنا ومولانا مُحَمَّد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - خاتَم المرسَلين أعدّه كاذبًا وكافرًا، أوقن أن وحي الرسالة بدأت من صفي الله آدم - عليه السلام - وانتهت على سَيِّدنا رسول الله مُحَمَّد المصطفى - صلى الله عليه وسلم -...، وكما تشبه المُحَدَّثية النبوّة كذلك حالتي الروحانية تشبه حالة المسيح ابن مريم الروحانية بشدة.، "فملخص الكلام أنني مُحَدَّث الله ومبعوث من عند الله، .... ومجددًا للدين" ([3])

التعليق: مرة بعد مرة، ومرات بعد مرات يقر الميرزا غلام بأنه مُحَدَّث ومجدد وليس بنبيّ بالمعنى الحقيقي للنبوة كما سنرى تأكيدًا لذلك، وأنه على عقيدة أهل السُنَّة والجماعة، وأنّ وحي الرسالة بدأ من سَيِّدنا آدم عليه السلام وانتهى على سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، وبالتالي يفسر الميرزا غلام هنا "خاتم النبيّين" بآخرهم وليس بأفضلهم أو أكملهم كما يتبنى هذا الرأي أتباع الميرزا غلام كما في كتابهم الشهير "شبهات وردود".

4-     كتاب (مجموعة الإعلانات) إعلان (81) سنة 1892 الميرزا غلام بشطب كلمة " نبيّ " من كلامه واستبدالها بكلمة" مُحَدَّث"، يقول الميرزا غلام: " كل الكلمات التي وردت في كتبي "فتح الإسلام" و“توضيح المرام" و(إزالة الأوهام) مثل: المُحَدَّث أو نبيّ من وجه أو أن المُحَدَّثية نبوة جزئية أو المُحَدَّثية نبوة ناقصة، كل هذه الكلمات ليس محمولة على معناها الحقيقي، بل ذُكرت من حيث معانيها اللغوية بكل بساطة. وإلا حاشا لله، فأنا لا أدّعي النبوّة الحقيقية قط، فليعتبروها مبدَّلة قليلًا وليعتبروا أن كلمة "المُحَدَّث" من عندي أنني لم أقصد من كلمة "نبيّ" نبوة حقيقية قط بل المراد هو المُحَدَّثية فقط، فلا مانع عندي من بيان هذه الكلمة بأسلوب آخر مراعاة لقلب إخوتي المسلمين. والأسلوب الآخر هو أن يستبدلوا بكلمة "نبيّ" كلمة "المُحَدَّث" في كل مكان، وأن يعتبروا كلمة "نبيّ" مشطوبة، إنني عازم على تأليف كتيب منفصل قريبًا وسأشرح فيه بالتفصيل كل هذه الشبهات التي تنشأ في قلوب الذين يقرأون كتبي ويعتبرون بعض عباراتي منافية لمعتقدات أهل السُنَّة والجماعة. فسأؤلّف قريبًا كتيبًا بِإذْنِ الله لأشرح بالتفصيل بأنها تطابق معتقدات أهل السُنَّة والجماعة وسأزيل الشبهات كلها، الراقم: العبد المتواضع ميرزا غلام أحمد القادياني مؤلف توضيح المرام وإزالة الأوهام، 3/ 2/1892 م ([4]) "

التعليق: إِذَنْ الميرزا غلام هنا ينفي عن نفسه النبوّة الحقيقية بشكل واضح، فإذا قال الأحمديون إنّ الميرزا غلام كان ينفي عن نفسه النبوّة التشريعية والمستقلة، ولم ينفي عن نفسه النبوّة غير التشريعية، فنقول لهم إنّ الميرزا غلام قرر بجانب أنّ نبوته لغوية أنّ نبوته التي طلب شطبها نبوة غير حقيقية، كما أنّ الميرزا غلام كثيرًا ما كان يقول إنّ نبوته ليست كالنبوات السابقة وأنّ نبوته ليست أصلية ([5])، وأزيدُ أنّ الميرزا غلام في كتاب (الاستفتاء) سنة 1907 صفحة 86 أي قبل موته بسنة قال إنه نبيّ على طريق المجاز وليس عن طريق الحقيقة، إِذَنْ الميرزا غلام يصر خلافًا لأتباعه أنه نبيّ مجازي أي لُغوي وليس نبيّ حقيقي.

5-     يؤكد الميرزا غلام في كتابه (مرآة كمالات الإسلام) 1892م صفحة 197 أن لفظ "رسول" في القرآن الكريم عام ويشمل الرسول والنبيّ والمُحَدَّث: " ويقول الله تعالى أيضًا: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} إنّ لفظ "رسول" عامة وتشمل الرسول والنبيّ والمُحَدَّث".

6-     كتاب "أيام الصلح" 1899م صفحة 232، الحاشية، يؤكد الميرزا غلام أنّ المبعوثين من الله أي الرسل يطلق عليهم رسل أو مُحَدَّثون أو مجددون: "الرسل هم الذين يبعثون من الله تعالى، سواء أكانوا أنبياء أو رسلًا أو المُحَدَّثين أو المجددين"، يقول الميرزا غلام: " لقد ورد في القرآن الكريم: فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ " أي إن بيان الغيب كاملا إنما هو من عمل الرسل فقط، ولم يؤتى غيرهم هذه الدرجة. وأن المراد من الرسل هم الذين يبعثون من الله تعالى، سواء أكانوا أنبياء أو رسلا أو المُحَدَّثين أو المجددين". أتيتُ بالنصوص السابقة من كتاب (مرآة كمالات الإسلام) وكتاب "أيّام الصلح" في مقدمة نصوص تالية لأنه يضرب باستدلال الأحمديين عرض الحائط في قولهم إنّ النبوّة مستمرة في الأمة الإسلامية إلى يوم القيامة استدلالا بالفعل المضارع الدال على الاستمرار والتجدد كما في الآية التالية: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إنّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} سورة الحج (75)، فإنّ الميرزا غلام قد بيّن أنّ اللفظ "رسل" في القرآن الكريم يدل على عموم المرسلين والمبعوثين من عند الله تعالى – بحسب رأيه – فمنهم الأنبياء، والرسل الأنبياء، ومنهم المجددون والمُحَدَّثون، فإذا قال قائل في الآية باستمرار الإرسال للرسل من الناس، فإن الآية لا تدل – بحسب رأي الميرزا غلام – على حصر المرسلين في الرسل الأنبياء بل اللفظ عام كما فهمنا من كلام الميرزا غلام، فإذا أتينا بنص من كلام الميرزا غلام بأن التعبير "خاتم النبيّين" بتفسير وفهم سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم يعني من لا نبيّ بعده صلى الله عليه وسلم، وقول الميرزا غلام في كتابه الأول الإلهامي (البراهين الأحمدية) الأجزاء الأربعة الأولى أنّ الأنبياء أولهم آدم وأخرهم أحمد أي سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ([6])، فلا يكون أمام أتباع الميرزا غلام إلا الإذعان لكلام الميرزا غلام وهو أنّ الاستمرار في الآية لا يكون إلا للمجددين والمُحَدَّثين وليس للرسل الأنبياء، وليس هذا فقط بل كما رأينا في هذا الجزء أنّ الميرزا غلام طلب من المسلمين بعد إقراره بأنه ليس بنبيّ حقيقيّ ولا أصليّ وإنما هو مُحَدَّث فقط، فقد طلب من المسلمين استبدال كلمة "نبيّ" في كتبه " فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام " بكلمة مُحَدَّث، بل طلب شطب كلمة "نبيّ" تمامًا وذلك في إعلان (81) سنة 1892 كما بينت من قبل.

7-     كتاب الحق؛ كتاب (مناظرة لدهيانة ودلهي) 1901 صفحة 143، يقول الميرزا غلام: "الآية 27 - 28 {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}، أي أن الله تعالى لا يُطلع على غيبه أحدا إلا الذين يبعثهم مع وحي الرسالة أو وحي الولاية"

التعليق: نفس التعليق السابق حيث وحي الولاية هو الوحي للمُحَدَّثين والمجددين وهذا طبعًا بحسب رأي الميرزا غلام، حيث يعتقد الميرزا غلام بالإلهام والوحي والتأييد بالروح القدس للمجددين أيضًا.([7])

8-     الميرزا غلام في كتابه الإلهامي الأول (البراهين الأحمدية) 1880م صفحة 603 يؤكد موافقته على كلام صاحب كتاب (المكتوبات)([8]) " أنّ المُحَدَّثين يتشرفون بمكالمات ومخاطبات الله تعالى لهم ومكانتهم قريبة من مكانة الأنبياء" وأن غير النبيّ أيضًا يُشرَّف بمكالمات الله ومخاطباته، ويُسمَّى بالمُحَدَّث، وتكون مكانته قريبة من مكانة الأنبياء، منصب المُحَدَّثية ثابت في الأمة المُحَمَّدية بكثرة ولا ينكره إلا جاهل أو غافل شديد الغفلة، آلاف من أولياء الله الكمَّل الذين ثبتت وتحققت خوارقهم وكراماتهم مثل أنبياء بني إسرائيل، وأن إنكارها كتمان للحق من الدرجة القصوى.

يقول الميرزا غلام: " أما أولياء الله وأصحاب الكمالات الباطنية الذين خلَوا بعد هذا الزمن فإن إلهاماتهم مشهورة ومعروفة، وظلّت تسجَّل في كل عصر. ويمكن الرجوع إلى كتب الشيخ عبد القادر الجيلاني ومجدد القرن الثاني عشر (الإمام الرباني الشيخ أحمد السرهندي) وكُتب غيرهما من أولياء الله للاطلاع على ما فيها من إلهاماتهم الكثيرة، بل يقول الإمام الرباني في المكتوب رقم 51، المجلد الثاني من كتابه (مكتوبات)، بكل صراحة إن غير النبيّ أيضًا يُشرَّف بمكالمات الله ومخاطباته، ويُسمَّى بالمُحَدَّث، وتكون مكانته قريبة من مكانة الأنبياء. كذلك صرّح الشيخ عبد القادر الجيلاني بالأمر نفسه في عدة أماكن من كتابه (فتوح الغيب). لو بحثنا عن ملفوظات أولياء الله ومكاتيبهم لوجدنا مثل هذه الكلمات في بياناتهم بكثرة. وأن منصب المُحَدَّثية ثابت في الأمة المُحَمَّدية بكثرة ولا ينكره إلا جاهل أو غافل شديد الغفلة. لقد خلا في هذه الأمة إلى يومنا هذا آلاف من أولياء الله الكمَّل الذين ثبتت وتحققت خوارقهم وكراماتهم مثل أنبياء بني إسرائيل. وسيعرف الباحث في الموضوع أن الله - عز وجل - كما سمَّى هذه الأمة خير الأمم، كذلك وهب أكابرها كمالات أكثر من غيرهم لا يمكن أن تُخفى بحال من الأحوال. وأن إنكارها كتمان للحق من الدرجة القصوى."

9-     كتاب (ترياق القلوب) 1898 1902 صفحة من 174 الى 177، يقول الميرزا غلام: "أما الذين يُبعثون من الله تعالى وتكون طاعتهم واجبة على الأقوام كلها؛ وهم الأنبياء والرسل والمُحَدَّثون، ولهؤلاء هناك قانون إلهي خاص بهم منذ القِدم نذكره فيما يلي: لقد سبق أن بينت أن الأولياء الذين لا يكونون مأمورين، أي ليسوا أنبياء أو رسُلا أو مُحَدَّثين، ولا من الذين يدْعون الناس إلى الله تعالى بأمره أو بناء على إلهام منه، فليس ضروريا أن يُبعَثوا من عائلة عظيمة الشأن، لأن أمرهم يكون مقصورا على أنفسهم فقط. ومقابلهم هناك أولياء من قومٍ آخرين يكونون أنبياء ورسلا ومُحَدَّثين، ويُبعثون من الله تعالى لتولّي منصب الحكم والقضاء، فيؤمَر الناسُ بالإيمان بهم أئمةً وقدوةً لهم، وأن يطيعوا - بعد طاعة الله - خلفاء الله هؤلاء كما يطيعونه سبحانه وتعالى. فقد جرت، فيما يتعلق بهؤلاء الأبرار، سنّة الله القديمة بأن خلَق أصحاب هذه المناصب في أقوام وعائلات عريقة ونبيّلة، حتى لا يَستكره أحدٌ الإيمان بهم وحملَ نير طاعتهم. ولما كان الله تعالى رحيما وكريما، لم يُرِد أن يتعرض الناس لعثارٍ وابتلاء يحرمهم سعادة عظمى في حالة امتناعهم عن الإيمان، ويغلبهم الشعور بالعار والشنار عند الإيمان بمبعوث مثله بسبب كونه من قوم أدنى، فيحرموا من الشرف العظيم المرتبط بالإيمان به، أو أن يَستكرهوا طاعته واعتباره مقتدى لهم من صميم قلوبهم. والواضح تماما بالنظر إلى عواطف الناس وأفكارهم أنهم يتعرضون لهذه العثرة بطبيعة الحال. فمثلا إذا عملَ أحدهم منظفَ مراحيضٍ عند قوم، وخدم أشراف القرية ثلاثين أو أربعين عاما، ونظّف قنوات المياه الآسنة والمراحيض في بيوتهم مرتين كل يوم، وبُطش به بجرم السرقة المشهود مرة أو مرتين، أو واجه الخزي والإهانة بضع مرات لارتكابه الزنا، وقضى بضع سنوات في السجن، وعُوقِبَ على يد عمدة القرية بضع مرات لارتكابه الجرائم المذكورة، وداومت أمه وجدّاته على تلك الأعمال الرذيلة، وظل جميعهم يأكلُ الجيفة وينظف المراحيض مثلا؛ فيمكن- نظرا إلى مقادير الله- أن يتوب هذا الشخص عن أعماله المذكورة ويُسلم."

10-    كتاب (التحفة الغزنوية) 1900 – 1902: يقول الميرزا غلام: "لقد كتبت قبل قليل بأن سنة الله في نبوءات الوعيد أي العذاب هي أنه يزيلها نتيجة التوبة والتضرع والخوف سواء أكان فيها شرط أم لم يكن. ولا تشهد على ذلك قصة النبيّ يونس فقط بل ثابت من القرآن والحديث وكتب الأنبياء جميعا بأن الله تعالى عندما يريد أن يعذب قوما أو ينوي إنزال بلاء عليهم يمكن أن يزول بالدعاء والتوبة والصدقات. فالمعلوم أن الله تعالى إذا أراد أن يعذّب وإذا أظهر إرادته هذه على نبيّ أو رسول أو مُحَدَّث تسمَّى هذه الإرادة نبوءة. فلما اعتُرف بأن تلك الإرادة يمكن أن تزول نتيجة الدعاء والصدقات فلماذا لا يمكن أن تزول إذا أُخبِر بها ملهَمٌ؟ هل تصبح تلك الإرادة شيئا آخر بعد أن أُخبِر بها؟ أو لا يستسيغ الله تعالى إزالتها نتيجة الدعاء والتوبة والصدقة أيضًا بعد إخباره بها أحدا مع أنه يستسيغ إزالتها قبل الإخبار؟"

التعليق: هنا الميرزا غلام وصف النبوءات الغيبية بالكمال، والكمال ينافي النقصان سواء في العلم أو الفهم، وبالتالي مسألة وجود خفاء في النبوءات الغيبية وعدم فهم أو سوء فهم الأنبياء لوحي الله لهم بخصوص النبوءات الغيبية لا أساس له. وهنا أيضًا يؤكد الميرزا غلام أن المرسلين أي رسل الله منهم المُحَدَّثين والمجددين، وبهذا يتجدد الرد من الميرزا غلام على من يقول باستمرار النبوّة في الأمة إلى يوم القيامة استدلالًا بالفعل المضارع " يصطفي" – كما ذكرت من قبل- فالاستمرار بحسب عقيدة الميرزا غلام في المجددين والمُحَدَّثين فقط.

وبعد ما ظهر أمامنا ارتداد الميرزا غلام عن عقيدة المُحَدَّثية، وتحوله الى النبوة، وإنْ كانت غير حقيقية فإنه كما سيظهر لنا، أنّ مجرد التحول هذا يثبت دجل الميرزا غلام فالميرزا غلام القادياني يقر بأن تغيير المسمَّى من الدرجة الأقل - التابعة لدرجة أعلى – إلى الدرجة الأعلى هو من إثباتات الدجل والكذب، إذا كان لا يصح أو يستحيل بلوغ الدرجة الأعلى ببذل المجهود. في الكتاب الإلهامي والمؤيد من رب الميرزا غلام "مرآة كمالات الإسلام" 1892 الصفحة 219 يتكلم الميرزا عن كذب الدجال الموعود، فنجده يقرر بزعمه أنّ في الأحاديث الشريفة سوف يدّعي الدجال في أول أمره أنه نبيّ ثم بعدها يدّعي أنه إله. ونقطة اعتراض الميرزا غلام واعتبار أنّ هذا الدجال كاذب، أنه لو كان هذا الدجال نبيًّا ورسولًا كما يدّعي، فهو مرسل من الله تعالى، أي أنّ هذا إقرار من الدجال بأنه ليس بإله وأنّ الله هو الذي أرسله، فكيف بعد ذلك يدّعي أنه هو الإله المعبود؟ وعليه فإنّ الميرزا غلام يرى أن هذا الدجال كاذب لأنه ادعى النبوّة ثم ادعى الالوهية، وبالتالي فلا هو نبيّ ولا هو إله لأنه كذب في الأولى، فكيف يصدقه الناس في الثانية أي ادعاء الالوهية؟ وهذا ما قام به الميرزا غلام بالفعل حيث ادعى في أول أمره أنه ولي مُحَدَّث يعلم الغيب اليقيني من الله تعالى، وكان يستدل على مُحَدَّثيته بثبوت المُحَدَّثية لغيره من قبل بصاحب سَيِّدنا موسى عليه السلام الخَضِر وأم موسى ومريم والحواريين وعمر بن الخطاب حيث ثبت في حقهم وحي والهام الله وكلامه لهم. والإشكالية أنّ الميرزا غلام القادياني حتى لم يقرر التدرج الإيماني له وتحوله من المُحَدَّثية الى النبوّة والرسالة بزعمه (ولا نقبله نحن أيضًا)، ولكنه أنكر كليًا أنه مُحَدَّث وأنكر أيضًا أنّ المُحَدَّث ممن يلهمهم الله تعالى بالغيب اليقيني المستقبلي (كما في كتاب ازالة الخطأ سنة 1901 صفحة 6) بالرغم من اقرار الميرزا غلام القادياني في كتبه السابقة على كتابه ازالة الخطأ بعلم المُحَدَّث الغيبي المستقبلي من الله تعالى.

وهذا هو نص كلام الميرزا غلام القادياني في كتابه (مرآة كمالات الإسلام) 1892 الصفحة 219: "لقد ورد في الأحاديث أنّ الدجال سَيِّدعي النبوّة أولا ثم يدّعي الألوهية، ولكن لو استنبطنا من ذلك أنه سَيِّدعي النبوّة لبضعة أيام أولًا ثم يدّعي الألوهية فهذا المعنى باطل بالبداهة؛ لأن الذي يدّعي النبوّة يلزمه أن يقرّ بوجود الله ويعلن أيضًا أن وحي الله ينـزل عليه، وأن يقرأ على الناس كلام الله الذي نزل عليه من الله، وعليه أن يكوِّن أمة تؤمن به نبيًّا وتعتبر كتابه كتاب الله، والآن يجب الانتباه؛ كيف يمكن لمدَّعٍ مثله أن يدّعي الألوهية أمام الأمة نفسها؟ لأنه يمكن أن يقول هؤلاء الناس بكل سهولة بأنك مفتر كبير إذ كنتَ تقرّ بوجود الله من قبل وكنت تقرأ علينا كلام الله، والآن ترفض ذلك وتدّعي الألوهية بنفسك. فما دام كذبك ثابتًا بإقرارك أنت، فأنّى لنا أن نصدّق ادعاءك الثاني؟ إن الذي اعترف بوجود الله من قبل وعدَّ نفسه عبدًا وظلّ ينشر إلهاماته الكثيرة بين الناس إلى سنين عديدة على أنّها من كلام الله، كيف يمكن أنْ يُعدّ إلها منحرفًا عن كافة إقراراته؟ ومن سيؤمن بكذاب مثله؟” ولو قال اتباع الميرزا غلام القادياني أنه لم يكن يعرف المعنى الحقيقي للنبيّ، وكان يتصور أنه يختص بالأنبياء التشريعيين فقط، ولذلك كان ينكر نبوته ويثبت مُحَدَّثيته، وحينما فهّمه الله تعالى المعنى الحقيقي للنبيّ، وأنّ النبيّ هو من ثبت في حقه المكالمة والمخاطبة وأعلمه بالغيب اليقيني، فعلى الأحمديين إثبات نبوة الخضر والحواريين وعمر بن الخطاب وذي القرنين، حيث أقر الميرزا غلام القادياني بأن الله تعالى كان يلهمهم ويكلمهم ويعلمهم الغيب المستقبلي الغيبي، مع ملاحظة إقرار الميرزا غلام أنّ الخَضِر ليس بنبيّ ولا رسول نصًا في كتبه، وطبعًا لا يقول الميرزا غلام القادياني ولا الأحمديون ولا غيرهم بنبوة الحواريين ولا عمر بن الخطاب ولا ذي القرنين.

 5-     الارتداد الخامس:

قال الميرزا في كتاب (البراهين الأحمدية) إنّ الذين يموتون صغارًا كالذين يموتون في الصحاري، هم بلا مؤهلات شخصية تؤهلهم للمعرفة أو الولاية أو النبوّة والرسالة، وبعد سنوات، وُلِدَ للميرزا طفل ذكر، وكان يتصور أنّ نبوءة فبراير 1886م هي بخصوص الطفل الذي سيكون المصلح الموعود في المستقبل تخص هذا الطفل الأول له، وعندما مات هذا الطفل صغيرًا، قال الميرزا إنه لم يفهم أنّ الجزء الأول من كلمات النبوءة وبالمؤهلات الشخصية التي فيها تخص الابن الذي مات، وأنّ النبوءة تتكلم على طفلين وليس طفلًا واحدًا، وأنّ بقية النبوءة تتكلم على الطفل الثاني وهو من سيكون المصلح الموعود. المهم، سنجد أنّ الصفات الفطرية في الطفل الذي مات صغيرًا لا تتفق مع ما قاله الميرزا غلام سابقًا في (البراهين الأحمدية) أنّ الأطفال الذين يموتون صغارًا يكونون بلا صفات فطرية تؤهلهم للإمامة والتجديد. فهذا الرأي من الميرزا غلام أي ذكر صفات ابنه الذي مات صغيرًا الفطرية هو ارتداد عما قاله في (البراهين الأحمدية) وسنعرف حقيقة الأمر من كلام الميرزا غلام نفسه كما يلي. الصفات الواردة في بشير الأول كما جاءت في كتاب (التذكرة) صفحة 137 و138: " أَبْشِرْ فستعطى ولدًا وجيهًا طاهرًا. ستوهب غلامًا زكيًا من صلبك وذريتك ونسلك، غلام جميل طاهر، سينزل ضيفًا عليك، اسمه عنموائيل وبشير، لقد أُوتيَ روحًا مقدسة، وهو مطهَّر من الرجس، هو نور الله، مباركٌ الذي يأتي من السماء. معه الفضل الذي ينزل بمجيئه "بينما قال الميرزا في كتاب (البراهين الأحمدية) صفحة 156: " إن المؤهلات الشخصية التي هي شرط ضروري لتلقي الإلهام، لا تتوفر في كل فرد من أفراد بني آدم. ولو كانت في أحد موهبة ذاتية لكان بإمكانه اليوم أيضًا أنْ يطلع بإلهام من الله على ما يحتاج إليه، ولا يضيعه الله ابدًا، إنّ نظر الله العميق واصل إلى أعماق مواهب كل إنسان، فلا يحرم موهوبًا من إظهار مواهبه قط. ولم يحدث قط أن تحلى شخص – بحسب علم الله تعالى – بموهبة تؤهله للمعرفة أو الولاية أو النبوّة والرسالة ثم مات نتيجة بعض الحوادث الأرضية أو بسبب ولادته في صحراء موحشة دون أن يوصله الله تعالى إلى الدرجة القصوى التي أُعطي تلك الموهبة من أجل الوصول إليها، بل الحق أنه لا يبقى صحراويًا ووحشيًا وأبكم وجاهلًا إلا من كان ناقصًا وبدائيًا أو مثل الدواب طبيعةً" ولكن الله تعالى أمات البشير الأول ليفضح الميرزا غلام أحمد ويبيّن كذبه ودجله.

6-   الارتداد السادس:

 قال الميرزا في كتاب (البراهين الأحمدية) صفحة 28 و29 إنّ الدليل المركب من مجموعة من الأجزاء لا يمكن الاستدلال به إلا في حالة اجتماع جميع أجزائه معا، ولكنه ارتد عن هذا الأصل في الاستدلال واعتبر نفسه نبيًّا ورسولًا بمجرد الادعاء أنه يتلقى الرؤى والكشوف والنبوءات وهي أحدى كمالات النبوّة وليست كل الكمالات، ومع العلم فقد خالف صحيح كلام سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم حيث قال سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بأنّ النبوّة قد رفعت ولم يبقى إلا المبشرات وهي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له. يروي البخاري: "لَمْ يَبْقَ مِنَ النبوّة إلا المُبَشِّراتُ. قالوا: وما المُبَشِّراتُ؟ قالَ: الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ" ويروي الترمذي: "إنّ الرسالةَ والنبوةَ قد انقطعتْ، فلا رسولَ بعدي، ولا نبيّ. قال: فشقَّ ذلك على الناسِ فقال: لكنِ المبشِّراتُ. فقالوا: يا رسولَ اللهِ وما المبشِّراتُ، قال: رؤيا المسلمِ وهي جزءٌ من أجزاءِ النبوةِ".

7-  الارتداد السابع:

قال الميرزا في كتاب (البراهين الأحمدية) إنّ الله تعالى لا يُخفي ضرورة من ضرورات الدين. في كتابه (البراهين الأحمدية) الأجزاء الأربعة الأولى صفحة 161 يقول الميرزا غلام: "وليكن واضحًا في هذا المقام أنّ الله تعالى لم يخف أمرًا من أمور ضرورات الدين، أمّا الدقائق العميقة فهي دقائق سامية غير المعتقدات الأصلية "وكان المقام هو لماذا لم يبسط الله تعالى أمور الدين فيعرفها أقل عقل وأبسطه. وفي الكثير من كتب الميرزا يدّعي أنّ أول إجماع للصحابة بعد وفاة سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم هو الإجماع على موت كافة الأنبياء ومنهم سَيِّدنا عيسى عليه السلام، ويقول الميرزا إنّ عقيدة موت عيسى عليه السلام مصرح بها في القُرآن والأحاديث، ويدّعي الميرزا من أول سنة 1890 إلى آخر عمره في سنة 1908 أنّ عقيدة حياة سَيِّدنا عيسى عليه السلام في السماء عقيدة شركية.

إِذَنْ فإنّ الله تعالى - بحسب عقيدة الميرزا أراد إخفاء عقيدة صحيحة عن المسلمين وهي موت عيسى عليه السلام، وترك الأمة تعبد لله بعقيدة شركية وهي حياة عيسى في السماء لمدة 1300 سنة فَطَمَسَ الله تعالى على عقول وقلوب الأمة جميعها بما فيهم الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم من أكابر الأمة ممن شرفهم الله بوجودهم في خير القرون، قرن سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم والذي بعده والذي بعده وكذلك كافة المُجَدِّدِيِن الملهمين - بحسب رأي الميرزا - الذين بعثهم الله تعالى ليجددوا للناس دينهم، فلماذا لا نعتبر ما عليه الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ومجددي الأمة والمُحَدَّثين إجماعًا أيضًا يوجب أنّ ما خالفه باطل؟

إِذَنْ واضح أنّ الميرزا غلام يتهم الله تعالى بسوء التصرف، وخيانة أكابر الأمة لعقيدة التوحيد. فهل للأحمديين أن يسألوا أنفسهم: ما الحكمة في هذا الإخفاء؟

ومن الكتب التي ذكر فيها الميرزا غلام هذا الرأي أي إخفاء العقيدة كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892م وكتاب " التبليغ" ([9]) 1892م، وكتابه" الفرق بين الأحمدي وغير الأحمدي" سنة 1905 وكتاب (الاستفتاء) سنة 1907م

يقول الميرزا غلام في كتاب (التبليغ) 1892م صفحة 35: " يا إخوان.. هذا هو الأمر الذي أخفاه الله من أعين القرون الأولى، وجلَّى تفاصيله في وقتنا هذا، يُخفي ما يشاء ويبدي..."، ويقول أيضًا في صفحة 49: "ويشابهها واقعة نزول المسيح أخفاها الله كما أخفى هذه الواقعات بالاستعارات، فافهموا إن كنتم تفهمون." ويقول في صفحة 105: " فتضرعتُ في حضرة الله تعالى، وطرحت بين يديه متمنيًا لكشف سر النزول وكشف حقيقة الدجال، لأعلمه علم اليقين وأرى به عين اليقين، فتوجهت عنايتُه لتعليمي وتفهيمي، وأُلهِمتُ وعُلِّمتُ من لدنه أن النزول في أصل مفهومه حق، ولكن ما فهم المسلمون حقيقته، لأن الله تعالى أراد إخفاءه، فغلب قضاؤه ومكره وابتلاؤه على الأفهام، فصرَف وجوههم عن الحقيقة الروحانية إلى الخيالات الجسمانية، فكانوا بها من القانعين. وبقي هذا الخبر مكتومًا مستورًا كالحَبّ في السنبلة، قرنًا بعد قرن، حتى جاء زماننا..."

ويقول الميرزا في كتابه "الفرق بين الأحمدي وغير الأحمدي" سنة 1905م صفحة 262: "لا أقول بأن الناس في العصر الراهن وحدهم مسؤولون عن الاعتقاد بحياة المسيح، كلا، بل أخطأ بعض من القدامى أيضًا في هذا الصدد ولكنهم مع هذا الخطأ نالوا ثوابًا لأنه قد ورد عن المجتهد: "قد يخطئ ويصيب"، ويثاب في كلتا الحالتين.، الحق أن المشيئة الإلهية اقتضت أن تبقى هذه القضية خافية، فظلوا في غفلة منها وبقيت الحقيقة خافية عليهم مثل أصحاب الكهف كما تلقيتُ إلهامًا نصه: " أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا". كذلك إن قضية حياة المسيح أيضًا سرٌّ عجيب.، مع أن الله تعالى يبين وفاة المسيح بكل صراحة، ويثبت الأمر نفسه من الأحاديث أيضًا، والآية التي قُرئت عند وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم كاستدلال أيضًا تُثبت الأمر نفسه، ولكن الله تعالى قد أخفاه إلى عصر الموعود المقبل مع كونه مكشوفًا إلى هذا الحد، وحين جاء هذا الموعود أماط اللثام عن هذا السر.، إنها لحكمةُ الله أنّه يخفي سرًّا حين يشاء ويظهره حين يشاء.، كذلك فقد أخفى هذا السر أيضًا إلى أجله المسمّى، أما الآن، حين جاء الموعود الذي كان مفتاح هذا السر بيده فكشفه للعيان. وحين جاء هذا الموعود أماط اللثام عن هذا السر.، إنها لحكمةُ الله أنّه يخفي سرًّا حين يشاء ويظهره حين يشاء. كذلك فقد أخفى هذا السر أيضًا إلى أجله المسمّى. أما الآن، حين جاء الموعود الذي كان مفتاح هذا السر بيده كشفه للعيان. وإذا كان أحد لا يريد أن يقبل الآن ويتعنّت فكأنّه يحارب الله، إذًا، فإن مسألة وفاة المسيح قد اتخذت الآن منحى بحيث لم يعد فيها إخفاء قط بل صارت واضحة من جميع الجوانب والنواحي"

وفي كتاب (الاستفتاء) سنة 1907م صفحة 61 يقول الميرزا غلام: " فاعلموا، رحمكم الله، أن صدق دعواي وموت عيسى ما كان أمرًا متعسّرَ المعرفة، ولكن طوّعَتْ لكم أنفسكم تكذيب إمامكم، فزاغت قلوبكم، وما فكّرتم حقّ الفكرة. وقد جئتكم بالآيات والشواهد والبيّنات، وقد فتح الله عليّ أمرًا أخفاه عليكم في ابن مريم، وذلك فضله أنه فهّمني أمرًا ما أعثركم عليه وما فهّم. أم حسبتم أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبًا. إن الله أخفانا من أعينكم إلى قرون، وأَسْبَلَ عليها حجبا، فكنتم تنتظرون نزول المسيح من السماء، وصرف الله أفكاركم عن الحقيقة الغرّاء، ليظهر عليكم عجزكم في أسرار حضرة الكبرياء. ذلك من سنن الله ليعلّمكم أدبًا عند إظهار الآراء. فما تشابه الأمر عليكم إلا من فتنة أراد الله ليبتليكم بها، فأظهرها بعد هذا الإخفاء "

وللرد على ما سبق من كلام الميرزا غلام في مسألة إخفاء العقائد نقول: أولا: يقول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسلام دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } سورة المائدة (3)، فهل نقبل بعد هذه الآية العظيمة أنّ الله تعالى يخفي عن المسلمين عقيدة صحيحة ويتركهم يتعبدونه بعقيدة فاسدة شركية كما يدّعي الميرزا غلام أكذب الخلق؟

ثانيا: النص التالي من الميرزا غلام نفسه يبين فيه أنّ حفظ القرآن الكريم كما في الآية {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } سورة الحجر (9)، ليس حفظ الكلمات ولكن حفظ عطر وتأثيرات وفوائد القرآن الكريم، والتالي هو نص كلام الميرزا غلام في كتاب (سر الخلافة) 1894 صفحة 58، وفيه يحاول الميرزا غلام إثبات وجود "المهدي المنتظر" من خلال آية حفظ الذكر {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، فيقول إنّ حفظ القرآن الكريم يكون بحفظ عطره ويُقصد بالعطر ما ينتج عن القرآن الكريم من آثار إيمانية ودلالات وأفكار مفيدة جميلة تحفظ دين الأمة وذلك من خلال المَهْدِّيِيِن على مر الزمان للأمة، يقول الميرزا غلام: "... قال في آية أخرى لقوم يسترشدون: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فأمعنوا فيه إنْ كنتم تفكرون، فهذه إشارة إلى بعث مجدد في زمان مفسد كما يعلمه العاقلون. ولا معنى لحفاظة القرآن من غير حفاظة عطره عند شيوع نتن الطغيان، وإثباته في القلوب عند هب صراصر الطغيان، كما لا يخفى على ذوي العرفان والمتدبرين، وإثبات القرآن في قلوب أهل الزمان لا يمكن إلا بتوسط رجل مُطَهَّر من الأدناس، ومخصوص بتجديد الحواس، ومنور بنفخ الروح من رب الناس، فهو المهدي الذي يهدي من رب العالمين، ويأخذ العلم من لدنه ويدعو الناس إلى طعام فيه نجاة المدعوين، وإنما هو كأناء فيه غذاء.... ومن أعرض فأُخذ ولا محيص، وسيلقى السعير ولو القى المعاذير. فثبت وجود المَهْدِّيِيِن عماد الدين، وتنزل انوارهم عند خروج الشياطين، وتحيطهم كثير من الزمر كهالات القمر. ولمّا كان اغلب احوال المَهْدِّيِيِن انهم لا يظهرون إلا عند غلبة الضالين والمضلين، فسُمّوا بذلك الاسم إشارة إلى أن الله ذا المجد والكرم طهرهم من الذين فسقوا وكفروا واخرجهم بأيديه من الظلمات إلى النور، ومن الباطل إلى الحق الموفور، وجعلهم ورثاء علم النبوّة واعطاهم حظًا منه، ودقق مداركهم وعلمهم من لدنه، وهداهم سبلًا ما كان لهم أن يعرفوا، وأراهم طرقًا ما كان لهم أن ينظروا لولا أن أراهم الله، ولذلك سموا مهديين.”.

التعليق: واضح من كلام الميرزا غلام أنه لا يقصد نفسه فقط بل يقصد كافة المُجَدِّدِيِن الذين يبعثهم الله تعالى على رأس كل قرن هجري لتجديد الدين وهذا من لب عقيدة الميرزا غلام، ويؤكد الميرزا غلام هذا المعنى نفسه في كتاب (إزالة الأوهام) 1890 حيث يقول في الصفحة 404: "مع أنني أقرّ بأنه من الممكن أن يكون قد أتى أكثر من مهدي من قبل، ويمكن أن يأتي في المستقبل أيضًا، كما يمكن أنْ يأتي مهدي باسم الإمام مُحَمَّد أيضًا ..." والصحابة الكرام رضي الله عليهم ومن تبعهم بإحسان وبخاصة من جاءوا في القرن الثاني والثالث الهجري هم على رأس المَهْدِّيِيِن قبل المُجَدِّدِيِن، ولكن بالنسبة "للمهدي المنتظر" الذي أنبأنا عنه سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وهو المُعَرَّف بالألف واللام فهو من قريش، ومن آل بيت سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، ومن فاطمة عليها السلام، والميرزا غلام القادياني ليس من القريش كما قال هو بنفسه في كتاب (الخطبة الإلهامية) سنة 1900م صفحة 8 ([10])، وصفحة 28 ([11]) وكتاب (تذكرة الشهادتين) سنة 1903م صفحة 47 ([12])، وفي كتب أخرى للميرزا، كما أنه أنكر أنْ يكون المهدي من الفاطمة في مواضع عديدة، ومن لا يكون من الأصل - أي لا علاقة له بالأصل - فلا يكون من الفرع بالتبعية يقينً، فمن ليس من القريش لا يكون من الفاطمة سواء من الأب أو الأم أو الأجداد والجدات.

وبعد النص السابق من كلام الميرزا غلام واعتقاده الجازم بحفظ الله تعالى للقرآن الكريم بنصه وعطره وإثباته في القلوب فكيف نقبل مع كل هذا أنّ الله تعالى أخفى عقيدة توحيدية عن المسلمين وتركهم يتعبدونه بعقيدة شركية؟

والنص التالي من كتاب (مرآة كمالات الإسلام) 1892م يؤكد على حفظ عقيدة المسلمين من أي فساد عقائدي يقع لها من أول زمان الرسالة المُحَمَّدية إلى زمن الميرزا غلام، يقول الميرزا إنّه كما كانت روح سَيِّدنا عيسى عليه السلام تهيج فينزل مثيل له – ويقصد الميرزا بالمثيل الأول هو سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، والمثيل الثاني هو غلام نفسه ([13]) - لإصلاح ما فسد في عقيدة الأمة النصرانية من شرك عبادة المخلوق، فإنّ روحانية نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وسلم أيضًا ظلت تنـزل دائمًا عند غلبة المفاسد الداخلية في الإسلام، وظلت الحقيقة المُحَمَّدية تتجلى دائمًا من خلال متّبع كامل - [إبراهيم بدوي:يقصد بالنزول والتجلي هو مجيء المُجَدِّدِيِن والمُحَدَّثين في الأمة]، ويكمل الميرزا ويقول إنّ أمة النبيّ صلى الله عليه وسلم المرحومة ظلت محفوظة بفضل الله تعالى من المفاسد التي واجهتها أمة عيسى عليه السلام، أي ما حَدَثَ من عقائد شركية للنصارى لم يحدث في الأمة المُحَمَّدية، وهذا إقرار من الميرزا أنّه لم تكن ثمة عقيدة شركية موجودة في الأمة الإسلامية تحتاج للميرزا لينقذها من الشرك أي عقيدة حياة سَيِّدنا عيسى عليه السلام في السماء. والتالي هو نص كلام الميرزا غلام في كتاب (مرآة كمالات الإسلام) سنة 1892 الصفحة 221: "في هذا المقام هناك نقطة أخرى جديرة بالانتباه وهي أن روحانية نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وسلم أيضًا ظلت تنـزل دائمًا عند غلبة المفاسد الداخلية في الإسلام. وظلت الحقيقة المُحَمَّدية تتجلى دائمًا من خلال متّبع كامل. وأما أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ولادة المهدي وأنّ اسمه سيكون كاسمي، وخُلقه كخُلقي، فإنها، إن صحّت، تشير إلى نزول تلك الروحانية نفسها، ولكن هذا النـزول لا ينحصر في شخص معين، إذ قد خلا مئات من الناس الذين كانت الحقيقة المُحَمَّدية متحققة فيهم وسُمّوا عند الله" مُحَمَّد" أو “أحمد" بصورة ظلية. ولكن لأنّ أمة النبيّ صلى الله عليه وسلم المرحومة ظلت محفوظة بفضل الله تعالى من المفاسد التي واجهتها أمة عيسى عليه السلام، ولا يزال في هذه الأمة آلاف الصلحاء والأتقياء الراغبين عن الدنيا الدنية، ويدوّي في المساجد صوت التوحيد خمس مرات يوميًا بحيث تصل موجات التوحيد المُحَمَّدي إلى عنان السماء، فمتى كان لروحانية النبيّ صلى الله عليه وسلم أن تهيج لهذا؟ كما هاجت روح المسيح عليه السلام بسبب مواعظُ المسيحيين المسيئةُ وأعمالُـهم المنفِّرة وتعليماتُهم المشركة وتدخّلُهم غير المبرر في النبوّة واشراكهم بالله؟ لم يكن ممكنًا أن يحدث هذا الهياج في هذا الزمن في روح موسى عليه السلام أيضًا من أجل أمته لأنها قد هلكت الآن ولم يبق من ذريتهم على وجه الأرض إلا بضع مئات من الآلاف، وينطبق عليهم أيضًا قول الله تعالى: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ}، وهم غارقون في الأفكار الدنيوية وساقطون من الأنظار" فهل وجود عقيدة شركية في الأمة لا يعتبره الميرزا غلام من الفساد واجب الإصلاح من المُجَدِّدِيِن والمُحَدَّثين وكلهم من المُلْهَمِين والمدعومين بالروح القدس؟

وهناك نص آخر مهم من كلام الميرزا غلام من كتاب (شهادة القرآن) 1893م صفحة 354 في حفظ الله تعالى لكتابه ولدينه ليس فقط بحفظ كلمات القرآن الكريم من التحريف الحرفي ولكن أيضًا من التحريف المعنوي، فيبقى القرآن الكريم محفوظ بكلماته وبفوائده ودلالاته، يقول الميرزا غلام: " فليكن واضحًا أيضًا في هذا المقام أنّ الله جلّ شأنه يقول في القرآن الكريم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وفي ذلك تصريح أن هذا الكلام سيبقى حيًا إلى الأبد، وسيكون دائمًا مَن يحافظ على نضرة تعليمه ويفيد به الآخرين، وإذا طُرح سؤال: ما الفائدة من وجود القرآن التي تتوقف عليها حفظه الحقيقية؟ فهذا يتبين من آية أخرى هي: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}. تتلخص هذه الآية أن للقرآن الكريم فائدتين عظيمتين جاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لإيصالهما إلى الآخرين، أولاهما: حكمة القرآن الكريم، أي معارفه ودقائقه، ثانيتهما: تأثيره الذي يؤدي إلى تزكية النفوس. إن حفظ القرآن لا ينحصر فقط في أن تحفظ نُسَخه المكتوبة جيدًا لأن هذا ما فعله اليهود والنصارى أيضًا في بداية الأمر حتى أحصَوا النقاط في التوراة أيضًا، بل المراد هنا هو حفظ فوائد القرآن وتأثيراته أيضًا إلى جانب حفظه الظاهري، وهذا الحفظ لا يتأتّى - بحسب سنة الله تعالى - إلا إذا ظل يأتي بين فينة وفينة نائبون للرسول يملكون بصورة ظلية كافة نِعم الرسالة والذين أُعطُوا جميع البركات التي يُعطَاها الأنبياء، كما أشير إلى هذا الأمر العظيم في آية أخرى وهي: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} والحقيقة أن هذه الآية تفسر آية أخرى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، وتردّ على سؤال عن كيفية حفظ القرآن. فيقول الله تعالى بأني سأُرسل خلفاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بين حين وآخر، ولقد اختير كلمة "الخليفة" للإشارة إلى أنهم يكونون نائبي النبيّ وسينالون نصيبًا من بركاته كما حدث في الأزمنة الخالية. وعلى يدهم يزدهر الدين ويتمكّن، وسيُبدَّل الخوف أمنا. أي سيأتون في وقت يكون الدين فيه عرضة للفُرقة. ومَن كَفَر وتمرد بعد مجيئهم فأولئك هم الفسقة والفجرة. وهذا ردٌّ على بعض الجهلاء الذين يتساءلون هل يجب علينا الإيمان بالأولياء. فيقول الله تعالى لا شك أنه واجب، والذين يخالفونهم هم الفاسقون إذا ماتوا على المعارضة."

التعليق على النص السابق من كتاب (شهادة القرآن):

أولا: الميرزا غلام يقر بأنّ آية حفظ القرآن تدل على أنّ القرآن الكريم سيبقى حيًا، وأنّ الله تعالى هو من سيحافظ على نضرة تعليمه وتأثيراته المفيدة المباركة وإفادة الآخرين، فكيف يتفق إخفاء عقيدة صحيحة وإفشاء عقيدة شركية – كما يدّعي الميرزا غلام – مع القول بنضارة التعليم، والتعليم ليس في الحفاظ على الحروف وظاهر رسم القرآن الكريم كما فعل اليهود كما يقول الميرزا غلام، بل التعليم يكون في كل ما يستفاد من النص.

ثانيا: الميرزا غلام يقر بمجيء نواب للرسول صلى الله عليه وسلم بين فينة وفينة كما حدث في الأزمنة الخالية، أي على مدى السنوات بعد سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، كما يقر بأنّ هؤلاء المجددين فيهم كافة نِعم الرسالة ظليًا وأُعطُوا جميع البركات التي يُعطَاها الأنبياء، فهل هؤلاء المجددون بما فيهم من صفات لا يعلمون أنّ هناك فساد في العقيدة فيأتون لإصلاح أمور هي أقل من إصلاح العقائد، لو كان فعلًا هناك فساد في العقيدة، بل الحق كما قال الميرزا غلام أحمد القادياني في نصوص سابقة إنّ الله تعالى حفظ دين الأمة بالمجددين.

ثالثا: الميرزا غلام أحمد يقر بأنّ آية الاستخلاف كما يسميها هو "لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ" عنت المجددين وعلماء الأمة وكل من لهم القوة العلمية ليجددوا دين الأمة، ويؤكد أنّ آية الاستخلاف تفسر آية حفظ الله للذكر.

رابعا: الميرزا غلام يحاول إرهاب المسلمين بأنّ من ينكر ولاية الأولياء هو فاسق مؤاخذ، والحق – والله أعلم – أنّ الفسق المشار إليه في الآية في إنكار الإسلام ككل ومبدأ الاستخلاف كما ورد في الآية الكريمة، فلا يوجد ما يدل على حتمية الإيمان بأنّ فلان وليّ أو مُحَدَّث أو مجدد إلا من ذكره سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم أنه مُحَدَّث وهو سَيِّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في الحديث الشريف.

والميرزا غلام أحمد القادياني يقر في كتابه ( ترياق القلوب) 1898-1902  صفحة 305 أنّ المؤاخذة من الله تعالى لا تكون إلا فيمن ينكر نبوة نبيّ تشريعي، يقول الميرزا غلام: "النكتة الجديرة بالذكر هنا أن الأنبياء الذين يأتون بشريعة، وأوامر جديدة من الله، هم الذين يحق لهم وحدهم أن يعتبروا منكريهم كفارًا وباستثناء النبيّ صاحب الشريعة؛ إنْ أنكر أحد ما، أحدًا من الملهمين أو المُحَدَّثين وإن كانوا يحتلّون مرتبة عظيمة عند الله وكانوا مكّرمين بمكالمة الله، فلا يصبح منكرهم كافرا “وإذا كان الميرزا لم يقبل أنْ يأتي الله تعالى في القُرآن الكريم بكلمة واحدة لها مدلول يخالف المدلول المتكرر لنفس الكلمة في القُرآن واعتبر أنّ هذا الفعل لا يفعله الله تعالى حتى لا يترك خلقه يتيهون في متاهات الشبهات، فهل يقبل الأحمديون أنّ يترك الله تعالى المسلمين بعقيدة شركية لمدة 1300 سنة؟

يقول الميرزا في كتابه (إزالة الأوهام) 1890 صفحة 284: " لأنه من غير الممكن وبعيدٌ عن الفهم تمامًا أن يستخدم الله تعالى في كلامه الفصيح والبليغ - ولا سيما في محل النـزاع والصراع الذي هو بمنـزلة معركةٍ حامية الوطيس في علّمه - كلمات شاذة ومجهولة لم تُستعمَل في أي مكان في كلامه قط، ولو فعل ذلك لكان معناه أنّه يريد أن يترك خلقه يهيمون في متاهات الشبهات، والمعلوم أنّه عز وجل لم يفعل ذلك"

وفي المقابل نجد الميرزا في كتاب (ينبوع المسيحية) 1906 صفحة 187 يقر بعناية الله باليهود إذ حافظ لهم على عقيدة التوحيد لآلاف السنين. يقول الميرزا: "وإلا فمن الواضح تمامًا أنّه لوكان في التوراة تعليم عن هؤلاء الآلهة لَمَا أمكن بحال من الأحوال أن ينساه اليهود. لأنّ اليهود نُصحوا بشدة أن يتذكروا تعليم التوحيد أولًا لدرجة أنْ أُمر كل واحد منهم أن يحفظه ويكتبه على قوائم أبواب بيوته ويعلّمه أولاده. ثم تواتر أنبياء الله في اليهود لتعليمهم التوحيد نفسه وظلوا يعلّمون التعليم نفسه. فكان من غير الممكن ومن المستحيل تمامًا أن ينسى اليهود تعليم الثالوث [إبراهيم بدوي:يقصد الميرزا لو كان تعليم الثالوث موجودًا في التوراة] مع كل هذا التأكيد وتواتر الأنبياء إلى هذا الحد، ويكتبوا بدلًا منه تعليم التوحيد في كتبهم ويعلّموه أولادهم أيضًا، وأنّ يجدد مئات الأنبياء القادمون تعليم التوحيد نفسه. إذًا، إن هذه الفكرة تتعارض مع العقل والقياس تماما"إِذَنْ فكما قال الميرزا غلام في حق التوراة إنّ مسألة نسيان اليهود لعقيدة الثالوث لو كانت موجودة من الأصل في التوراة إنها تتعارض مع العقل والقياس تمامًا، نقول نحن أيضًا إنّ فكرة إخفاء الله تعالى لعقيدة صحيحة عن المسلمين وتركهم بعقيدة شركية 1300 سنة تتعارض مع العقل والقياس.

والآن قد ظهر لنا بوضوح التناقض والاختلاف في كلام الميرزا غلام، فهل مثل هذا التناقض يكون في كلام العقلاء أو الصادقين؟ إنّ وجود الاختلاف والتناقض في كلام الميرزا غلام هو ممّا يثبت بطلان دعوته بالكامل، وقمة التناقض أنّ الميرزا غلام ذكر رأيه في مسألة إخفاء العقيدة الصحيحة في كتاب (مرآة كمالات الإسلام) في الجزء منه المسمى "التبليغ" صفحة 35 وذكر ما يناقضه بقوله بحفظ الله تعالى لعقيدة المسلمين وإصلاح الفساد الذي قد يطرأ عليها في نفس الكتاب حيث ادعى أنّ روحانية سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم كانت تنزل في شكل المُجَدِّدِيِن والمُحَدَّثين كلما كان هناك فساد في الأمة.

يقول الله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرآن وَلَوكَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اختلافا كَثِيرًا" سورة النساء (82) أي أن وجود الاختلاف والتناقض في أي كتاب يدّعي صاحبه أنه من الله تعالى أو في كلامه وحي من الله، فإنه يثبت يقينًا أنّ هذا الرجل مدعي على الله تعالى بالكذب، وهذا أيضًا رأي الميرزا غلام فقد قال في كتابه (قول الحق) 1895م في صفحة 35: "أمّا الآن فالموضوع الذي بدأناه آنفًا هو أنه لماذا يوجد هذا الاختلاف والتناقض في أشعار باوا المحترم ([14])، وكيف نقرر أن بعض هذه الأشعار المتناقضة من نظمه وبعضها الآخر من الآخرين "، وفي صفحة 36 يقول الميرزا غلام: " فمن البَيِّن الجلي أنه لا يمكن أن يصدر من قلب واحد أمران متناقضان، لأنّ الإنسان في هذه الحالة إما يكون مجنونًا وإما منافقًا "، وفي صفحة 36 يقول الميرزا غلام: "لكن من البديهي أنّ كلام الصادق والعاقل ونقي القلب يخلو من التناقض، إلا أنه إذا كان هناك غبي ومجنون أو منافق يؤيد بدافع التملق فلا شك أنّ كلامه يتناقض "إِذَنْ التناقض والاختلاف في النصوص المتعددة لكاتب واحد فهذا يعني أنه مجنون أو منافق أو كذاب، وإما أنّ هناك من حرَّف الكلام إما بالإضافة أو بالحذف أو بالتغيير.

ويقول الميرزا في كتاب (البراهين الأحمدية) الجزء الخامس 1905-1908 صفحة 277 والمنشور في سنة 1908 بعد موت الميرزا غلام أن الكاذب هو من يكون في كلامه تناقض: " هنا يجب أن يتنبّه الذين يعُدّون أناسًا مثله مشايخ وأمناء ويستعدون للعمل بما يقولون إلى أن هذه هي حالة أمانتهم. والمعلوم أن كلام الكاذب يكون مبنيًا على التناقض حتمًا "

والمقال التالي في الحاشية مثال واضح للتناقض والاختلاف في كلام الميرزا غلام ([15])

وعودة لموضوعنا الرئيسي وهو التناقض بين ما قاله الميرزا غلام بإخفاء الله تعالى عن المسلمين عقيدة صحيحة، وتركهم يعبدونه بعقيدة فاسدة شركية، وبين قول الميرزا غلام إنّ نواب سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم الخلفاء من المجددين والمُحَدَّثين والأولياء كانوا يأتون لإصلاح أي فساد في الأمة، وأنه لم يحدث فساد عقائدي في الامة بدليل حفظ الله تعالى للقرآن من التحريف حرفيًا ومعنويًا.

وقد يجيب أتباع الميرزا عن هذا الاختلاف والتعارض في كلام الميرزا غلام أنّ الأقوال اللاحقة مثل ما جاء في جاء في كتاب (الفرق بين الأحمدي وبين غير الأحمدي) وكان سنة 1905 وكتاب (الاستفتاء) وكان سنة 1907م تنسخ أقواله السابقة مثل ما جاء في كتاب (مرآة كمالات الإسلام) سنة 1892م بخصوص نزول روحانية سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم في شكل المُجَدِّدِيِن والمُحَدَّثين لإصلاح فساد الأمة، وأنّ العبرة بما ثبت مؤخرًا

ولبيان ضعف وهوان هذه الإجابة المحتملة أتيت بكلام الميرزا نفسه في وصف كتابه (مرآة كمالات الإسلام) وما كتبه فيه بأنّه كتبه بتأييد وتوفيق وفضل ونصر من الله، وليس هذا فقط بل يقول إنّه يستحي أنْ يقول إنّه ألف هذا الكتاب بنفسه لأنّ الله تعالى هو الذي نصره نصرًا عجيبًا في تأليفه من البداية إلى النهاية أي كل ما فيه، ويقول إنّ الكتاب آيةٌ أظهرها الله عز وجل، وإنّ هذا الكتاب نموذجٌ لقدرة الله وإلا فلا يمكن لمساعي الإنسان العادية أنْ تُنشئ هذا القدر من كنوز المعارف وإنّه يحتوي على حقائق القُرآن الكريم ومعارفة ولطائف كتاب الرب العزيز، وأيضًا يقول الميرزا  أن سيدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم قد شرَّف الميرزا بالزيارة مرتين أثناء تأليف هذا الكتاب، وأظهر صلى الله عليه وسلم سروره البالغ على تأليفه، وإنّه رأى أيضًا في أحد الليالي أنّ ملاكًا يرغِّب قلوب الناس في هذا الكتاب بصوت عال ويقول ما نصه: "هذا كتاب مبارك، فقوموا للإجلال والإكرام".

8-  الارتداد الثامن:

ارتداد الميرزا غلام في تفسير بعض الآيات القرآن الكريم مثل الآية "صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ" سورة الفاتحة الآيات 6 و7 الميرزا مدَّعي النبوّة يعتبره أتباعه معصومًا وأنّه هو الحكم العدل الذي جاء ليقضي على الخلاف بين فرق ومذاهب الأمة، ويبيّن التفسيرات الصحيحة للقرآن وغير ذلك الكثير، كما بينت في الباب الأول في العطاءات اليلاشية، ولكننا نجده قد وصل إلى مراحل لا يمكن تصورها في الاختلاف في تفسيره للآية الواحدة، وهي تفسيرات متناقضة تدل - كما قال هو في كتاب (البراهين الأحمدية) الجزء الخامس - على أنّه غير عاقل وأنّه كذَّاب في دعواه المعصومية وأنّه الحكم العدل. نجده في تفسير المنعم عليهم في سورة الفاتحة قد تناقض أشد التناقض: فمرة المُنْعَم عليهم هم أنبياء بني اسرائيل. ومرة المُنْعَم عليهم هم الأنبياء عمومًا ومرة المُنْعَم عليهم هو الميرزا نفسه. ومرة المُنْعَم عليهم هم الأولياء من الدرجة الثانية المتوسطة وهي الدرجة الأقل من الفئة الثالثة الأعلى، وليس هذا فقط فالحال أيضًا مضطرب في الداعين بدعاء الفاتحة فماذا سيصبحون بعد الدعاء؟ مرة سيكونون مُحَدَّثين، ومرة سيصبحون علماء ورثة الأنبياء، ومرة سيصبحون أنبياء ورسل. وأما بالنسبة للذي جاء في كون المنعم عليهم هم من الأولياء السالكين أصحاب الفئة المتوسطة وهي الأقل من الثالثة الأعلى، وأنهم أي أصحاب الفئة المتوسطة في خطر عظيم وأنّ الانفكاك محتمل من الذي وصلوا إليه من حب الله والتوافق التام معه والعداوة لغير الله ما لم يصلوا إلى الدرجة الثالثة الأعلى، فكيف بالله عليكم تصح التفسيرات اللاحقة في كتب الميرزا أنهم أي " المنعم عليهم " من الأنبياء والرسل؟ وقصة الفئة الثانية من السالكين قد جاءت في كتاب (البراهين الأحمدية) الأجزاء الأربعة الأولى، وسنسردها بِإذْنِ الله تعالى في هذا المقال.

وأهمية وفضل كتاب (البراهين الأحمدية) ذكرتها في هذا الجزء كثيرًا ولا داعي للتكرار أكثر من ذلك.

الميرزا غلام القادياني في الكثير من كتبه يستدل على استمرار النبوّة سواء في شخصه أو غيره بأنّ الله تعالى يعلمنا في سورة الفاتحة الدعاء بأنْ ندعوا الله أنْ يهبنا ما وهبه للأنبياء من كمالات وعلوم فنصبح وارثين لهذه الكمالات والعلوم، ومن هذه الكمالات مكالمة ومخاطبة الله لنا فيصبح الداعي مُحَدَّثا أو من الممكن أن يصبح الداعون أنبياء ورسلًا، وقد استنبط الميرزا أنّ المنعم عليهم في الفاتحة هم الأنبياء من خلال الآية في سورة النساء التي تقول: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَبِيِّين وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} سورة النساء (69).

وقبل أن نأتي بالنصوص من كلام الميرزا غلام التي تكلم فيها على معنى "المنعم عليهم" نأتي بما يثبت خطأ الاستدلال من جهة الميرزا غلام بالآية 69 من سورة النساء.

يقول الأحمديون أنّ الآية (69) من سورة النساء تثبت استمرار النبوّة واستحقاق النبوّة بالطاعة لله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم، وأنّ هذه الأصناف الأربعة المشار إليهم بالمنعم عليهم في الآية هي نفس المنعم عليهم الوارد ذكرها في سورة الفاتحة "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ..." (7) سورة الفاتحة، وبالتالي فنحن – على قول الميرزا غلام والأحمديين - نطلب من الله سبحانه وتعالى في كل مرة نقرأ الفاتحة أنْ نكون أنبياء أو أنْ يكن من بيننا أنبياء، وأنّ هذه النبوّة مستمرة إلى يوم القيامة، وأنّه لا يصح قول غير هذا وإلا فنحن نعتقد – كما يقول الميرزا غلام – بأننا أمة محرومة من فضل الله تعالى.

والآن نأتي برأي صحيح من الميرزا غلام وهو يتكلم عن سبب نزول الآية وبهذا الرأي إنْ شاء الله تعالى سوف نعرف مناسبة الآية وما ينبني عليها، وهل المعية المقصودة في الدنيا؟ أم في الجنة في الآخرة؟ وهل ما قاله الميرزا غلام في مواضع أخرى صحيح؟ أم أنّ الله تعالى رزقه الاختلاف والتناقض ليكون عبرة لغيره ودليلًا لمن أراد الحق والتعرف على حال الميرزا غلام فيستقر في وجدانه وعقله كم هو الميرزا غلام أحمد دجَّال وكذَّاب.

في كتاب (فتاوى المسيح الموعود) الجزء 2 ([16]) أثناء كلام الميرزا غلام عن الوهابيين وعلاقتهم بسَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم من جهة الحب له: "لقد ورد في الحديث الشريف أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال ما مفاده: إنّ في الجنة مكانًا أعلى أتبوأه. فبكى لسماع هذا القول صحابي كان يحبه سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم كثيرًا وقال: أحبك كثيرًا يا رسول الله، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إذًا ستكون معي، المشرك لا يمكن أنْ يحب النبيّ صلى الله عليه وسلم حبًّا صادقًا، كذلك لا يمكن للوهابي أيضًا أن يحبه. إنهم بمنـزلة الآريين بين المسلمين، لا روحانية فيهم ولا الحب الصادق لله ورسوله."

هنا الميرزا استدل بالحديث الشريف الذي هو سبب نزول الآية {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النبيّين وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}، فماذا قال الميرزا عن الصحابي المحب؟ هل قال أنّه سيكون نبيّا "أي من النبيّين"؟ أم قال مع "مع النبيّين" في الجنة؟ وهل المعية ستكون في الدنيا؟ أم في الجنة في الآخرة؟

الحقيقة أنّ الميرزا استدل بالآية على أنّ المقصود من "فَأُولَئِكَ مَعَ" بالمعنى المراد الحقيقي للآية، أي المعية بالمرافقة مع سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم في الجنة، ولم يقصد هنا الميرزا أنّها تعني " من النبيّين في الدنيا " وهو ما يصر بقية الأحمديين على تفسير الآية به، أنّه من الممكن أن يصبح الطائع لله والرسول نبيّا في الدنيا؟ فهل من يطع الله تعالى والرسول في الدنيا يكون الجزاء له أن يكون نبيّا في الآخرة ولا يكون نبيّا في الدنيا؟ فما معنى النبوة إذَنْ؟ النبيّ يتلقى الأنباء الغيبية من الله تعالى ليبلغها للناس ولإصلاح المجتمعات الفاسدة، فما القيمة من أن يكون نبيّا في الاخرة؟ هل سيصلح هذا المطيع فسادا في الآخرة؟

ويعيد الميرزا غلام نفس كلامه في (الملفوظات) مجلد 7 صفحة 251 "([17]) بتاريخ 24/9/1905م: (قبل الظهر)، يقول الميرزا غلام: "...قال النبيّ صلى الله عليه وسلم ذات مرة ما مفاده: إن في الجنة مكانًا أعلى سيوهب لي حصرا. فبكى صحابي بسماع ذلك.سأله النبيّ صلى الله عليه وسلم: ماذا يُبكيك؟ قال: أنا أحبك يا رسول الله، عندما تكون في ذلك المقام أين سأكون أنا؟ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ستكون معي. فتبين من ذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم شمل وجود ذلك الصحابي."انتهى النقل

يقول بعض الأحمديين أنّ حرف الجر "مع" الوارد في الآية "فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ" ليس معناه المعية والرفقة ولكن معناه "مِنْ" ويستشهدون بالنص التالي من الآية القُرآنية "وتوفنا مع الابرار" بأنّ معناها توفنا من الأبرار، وهكذا يمكن استبدال الحرف "مِنْ" بالحرف "مع" فيكون المعنى الصحيح – على قولهم – للآية "فَأُولَئِكَ من الَّذِينَ أنعم الله عليهم..." أي من النبيّين وغيرهم.

وسنجيب عليهم كما يلي:

استشهاد الميرزا غلام السابق وشرحه للآية يكفي للرد على زعم الأحمديين في الحقيقة ولكن نزيدهم استدلالًا، في كتاب "سر الخلافة" 1894 صفحة 50 و51 يقول الميرزا غلام في معرض الإفاضة الروحية من سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم على أصحابه وأتباعه وعلاقة ذلك بالصدّيق رضي الله عنه، فهل سَيِّدنا أبي بكر رضي الله عنه - بحسب كلام الميرزا غلام كما سنرى - لم يكن من الذين قال الله تعالى فيهم "ومن يطع الله والرسول"، فيكون بحسب كلام الميرزا والأحمديين "من النبيّين"؟" كان رضي الله عنه عارفا تامَّ المعرفة، سليم الخلق رحيم الفطرة، كان يعيش في زيّ الانكسار والغربة، كان كثير العفو والشفقة والرحمة، كان يُعرف بنور الجبهة، كان شديد التعلق بالمصطفى، التصقت روحه بروح خير الورى، وغشيه من النور ما غشّى مقتداه محبوب المولى، اختفى تحت شعشعان نور الرسول وفيوضه العظمى. وكان ممتازًا من سائر الناس في فهم القُرآن وفي محبة سَيِّد الرسل وفخر نوع الإنسان، لما تجلى له النشأة الأخروية والأسرار الإلهية فَض التعلقات الدنيوية، نبَذ العُلق الجسمانية، وانصبغ بصبغ المحبوب، ترك كل مُراد للواحد المطلوب، تجردت نفسه عن كدورات الجسد، تلونت بلون الحق الأحد، غابت في مرضاة ربّ العالمين. إذا تمكن الحبُّ الصادق الإلهي من جميع عروق نفسه وجذر قلبه وذرات وجوده، وظهرت أنواره في أفعاله وأقواله وقيامه وقعوده، سُمّي صدّيقًا وأُعطي علمًا غضًا طريًّا وعميقًا، من حضرة خير الواهبين، فكان الصدق له ملكة مستقرة وعادة طبعية، وبدت فيه آثاره وأنواره في كل قول وفعل، وحركة وسكون وحواس وأنفاس، أُدخل في المنعمين عليهم من رب السماوات والأرضين، وإنّه كان نُسخة إجمالية من كتاب النبوة، كان إمام أرباب الفضل والفتوة، من بقية طين النبيّين، ولا تحسب قولنا هذا نوعًا من المبالغة ولا من قبيل المسامحة والتجوز، لا من فور عين المحبة، بل هو الحقيقة التي ظهرت عليَّ من حضرة العزة، كان مشربه رضي الله عنه التوكل على رب الأرباب، قلة الالتفات إلى الأسباب، وكان كظلٍ لرسولنا وسَيِّدنا صلى الله عليه وسلم في جميع الآداب، وكانت له مناسبة أزلية بحضرة خير البرية، ولذلك حصل له من الفيض في الساعة الواحدة ما لم يحصل للآخرين في الأزمنة المتطاولة والأقطار المتباعدة، واعلم أنّ الفيوض لا تتوجه إلى أحد إلا بالمناسبات" ويكمل الميرزا، وأما الصدّيق فقد خُلق متوجّها إلى مبدأ الفيضان، مقبِلا على رسول الرحمن، فلذلك كان أحق الناس بحلول صفات النبوة، أولى بأن يكون خليفة لحضرة خير البرية، ويتحد مع متبوعه ويوافقه بأتم الوفاق، يكون له مظهرًا في جميع الأخلاق، السير والعادة وترك تعلقات الأنفس والآفاق، لا يطرأ عليه الانفكاك بالسيوف والأسنة، ويكون مستقرا على تلك الحالة ولا يزعجه شيء من المصائب والتخويفات واللوم واللعنة، يكون الداخل في جوهر روحه صدقا وصفاء وثباتا واتقاء، لو ارتد العالم كلّه لا يُباليهم ولا يتأخر بل يقدم قدمه كل حين، ولأجل ذلك قَفَّى الله ذِكر الصدّيقين بعد النبيّين، وقال: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النبيّين وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}، وفي ذلك إشارات إلى الصدّيق وتفضيله على الآخرين، فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم ما سمَّى أحدًا من الصحابة صدّيقًا إلا إياه، ليُظهر مقامه ورَيّاه، فانظر كالمتدبرين، وفي الآية إشارة عظيمة إلى مراتب الكمال وأهلها لقوم سالكين، وإنا إذا تدبرنا هذه الآية، وبلّغنا الفكر إلى النهاية، فانكشف أن هذه الآية أكبر شواهد كمالات الصدّيق، وفيها سرّ عميق ينكشف على كل من يتمايل على التحقيق، فإن أبا بكر سُمّي صدّيقًا على لسان الرسول المقبول، والفرقان أَلْحقَ الصدّيقين بالأنبياء كما لا يخفى على ذوي العقول، ولا نجد إطلاق هذا اللقب والخطاب على أحد من الأصحاب، فثبت فضيلة الصدّيق الأمين، فإن اسمه ذُكر بعد النبيّين."

مرة أخرى بحسب كلام الميرزا غلام السابق هل سَيِّدنا أبي بكر رضي الله عنه لم يكن من الذين قال الله تعالى فيهم "ومن يطع الله والرسول" فيكون بحسب كلام الميرزا والأحمديين "من النبيّين"؟

عموما، الآية موضوع البحث تتكلم على أصناف أربعة معروفة محددة وهم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، وهناك صنف خامس لم يكن من هذه الأصناف الأربعة، فلو كان منهم ما تكلم الله تعالى عليه باعتباره سيكون رفيقا لهذه الأصناف الأربعة لاحقا في الآخرة؟

ومعلوم أنّ مَنْ كان من قوم في الدنيا – أي من صنفهم وليس بالضرورة معهم بالمكان حين وفاته –- فهو في الآخرة منهم تصنيفًا وهو أيضًا معهم بالمكان، فالأنبياء في الآخرة مع الأنبياء مع اختلاف الدرجات وهم منهم بالقطع، والصدّيقون في الآخرة مع الصديقين فهم منهم من الأصل، وهكذا أيضًا الشهداء والصالحون، ويتفضل الله تعالى بأن يرفق أي فئة مع الأخرى من غير أن يكونوا منهم، أي يكونون معهم رفقاء وهم ليسوا منهم.

ومن كان طائعا لله والرسول ولم يكن من قوم بعينهم - كما في الآية موضوع البحث - حين وفاته، أي ليس منهم تصنيفا، أي ليس نبيّا ولا صديقًا ولا شهيدًا ولا صالحًا، وكان مع القوم رفيقا لهم في الدنيا حين وفاته، أو لم يكن معهم رفيقًا أي ليس متواجدًا معهم في الدنيا حين وفاته، ولكن كان طائعًا لله والرسول حين وفاته، فيصح بفضل الله تعالى أن يكون معهم في الآخرة أي رفيقًا لهم وهو ليس منهم تصنيفًا، مثل الصحابي سبب نزول الآية، وكما قرر الميرزا غلام في شرحه للآية، فقد كان مع سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ولم يكن نبيًّا، وتنطبق الآية أيضًا على كل من كان مطيعًا لله والرسول حين وفاته، فسيكون رفيقًا لهم، بالرغم من كونه ليس منهم كما أسلفت.

وأعيد فإنّ الآية تنبئ بما سيكون في الآخرة وليس في الدنيا، فلو افترضنا - تنزلا – أنّه من يطع الله والرسول قد يصبح نبيًّا كما يدَّعي الأحمديون لإثبات استمرار النبوة، فهذه النبوّة ستكون في الآخرة وليست في الدنيا، وبالتالي لا تدل الآية على استمرار النبوّة في الدنيا، واستدلال الميرزا غلام بالآية كما أوضحت سابقا يثبت قولي هذا، فمن لم يكن نبيّا في الدنيا فهل سيكون نبيّا في الآخرة؟ وهناك نص في كتاب (التذكرة) وهو الكتاب الذي جمع فيه أتباع الميرزا رؤاه وكشوفه ووحي ربه يلاش العاج فيه، وهذا النص يبيّن أنّ المعية المقصودة في التعبير (فَأُولَٰئِكَ مع) في الآية تعني يقينا الرِفقة، ولا تعني أبدًا أنّ من يطيع الله والرسول سيكون واحدًا ممن أنعم الله عليهم المذكورين في الآية ومنهم الأنبياء.

والنص المشار إليه في كتاب التذكرة صفحة 870 هو كالتالي: "روى الصاحبزاده بير سراج الحق النعماني - رضي الله عنه - أن المسيح الموعود - عليه السلام - قال: "رأيتُ (في الكشف) قبل نحو ساعة أنّ أم محمود تقرأ القُرآن واضعةً المصحف أمامها، لقد قرأتْ قول الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النبيّين وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}، ولما قرأتْ {فأولئك} تمثّلَ أمامي محمود، ثم قرأتْ {فأولئك} ثانية، فتمثّل أمامي بشير، ثم قرأتْ {فأولئك} ثالثة، فتمثّل أمامي شريف. ثم قال - عليه السلام -: الأول فالأول"، واضح رأي الميرزا أنّ المعية في الآية عنت الرفقة ولم تعني أبدًا أنّ يكون المطيع لله ولرسوله يصبح نبيّا. والآن إذا كانت المعية في التعبير (فأولئك مع) تعني كما يدَّعي الأحمديون إمكانية أن يصبح الطائعون أنبياء فلماذا لم يصبح ابن الميرزا بشير الدين محمود نبيّا وهو مَن يوصف عند الأحمديين بالمصلح الموعود؟ وكذلك البشير أحمد ابن الميرزا غلام ومؤلف كتاب (سيرة المهدي)، وكذلك ابن الميرزا غلام شريف أحمد. فهل صفات هذا المصلح الموعود لا تؤهله للنبوة؟ والآن إليكم صفات من وصفه الميرزا بأنّه الابن الذي سيكون المصلح الموعود: في كتاب التذكرة صفحة 138 بالحاشية: لقد ذكر المسيح الموعود - عليه السلام - هذه النبوءة باللغة العربية كالآتي: "إن الله بشّرني وقال: سمعتُ تضرعاتِك ودعواتِك، وإني معطيك ما سألتَ مني وأنت من المنعَمين. وما أدراك ما أعطيك؟ آية رحمةٍ وفضلٍ وقربةٍ وفتحٍ وظَفَرٍ، فسلام عليك أنت من المظفَّرين، إنا نبشّرك بغلام اسمه عنموائيل وبشير، أنيق الشكل، دقيق العقل ومن المقربين. يأتي من السماء، والفضل ينزل بنزوله. وهو نور ومبارك وطيب ومن المطهّرين. يُفشي البركاتِ، ويغذّي الخَلق من الطيبات، وينصر الدين. ويسمو ويعرج، ويرقى، ويعالج كلَّ عليل ومرضى، وكان بأنفاسه من الشافين. وإنّه آية من آياتي، وعَلَمٌ لتأييداتي، ليعلَم الذين كذبوا أني معك بفضلي المبين، وليجيء الحق بمجيئه، ويزهق الباطل بظهوره، وليتجلى قدرتي ويظهر عظمتي، ويعلو الدين ويلمع البراهين، ولينجو طلاب الحياة من أكفّ موت الإيمان والنور، وليُبعَث أصحاب القبور من القبور، وليعلَم الذين كفروا بالله ورسوله وكتابه أنهم كانوا على خطأ ولتستبين سبيل المجرمين. فسيعطى لك غلام ذكي مِن صلبك وذريتك ونسلك ويكون من عبادنا الوجيهين. ضيف جميل يأتيك من لدنا. نقي من كل دَرَنٍ وشَينٍ وشَنار وشرارة، وعيب وعار وعرارة، ومن الطيبين. وهو كلمة الله. خُلق من كلمات تمجيديةٍ. وهو فهيم وذهين وحسين. قد ملئ قلبه علمًا، وباطنه حلمًا، وصدره سِلْمًا، وأعطيَ له نفَسٌ مسيحي، وبورك بالروح الأمين. يوم الاثنين. فواهًا لك يا يوم الاثنين، يأتي فيك أرواح المباركين. ولد صالح كريم ذكي مبارك. مظهر الأول والآخر. مظهر الحق والعَلاء، كأن الله نزل من السماء. يظهر بظهوره جلال رب العالمين، يأتيك نور ممسوح بعطر الرحمن، القائم تحت ظلّ الله المنّان. يفكّ رقاب الأسارى وينجي المسجونين. يعظم شأنه، ويُرفع اسمه وبرهانه، ويُنشَر ذكره وريحانه إلى أقصى الأرضين، إمام هُمامٌ، يبارَك منه أقوام، ويأتي معه شفاء ولا يبقى سَقام، وينتفع به أنام. ينمو سريعا سريعًا كأنّه عِردام، ثم يُرفَع إلى نقطته النفسية التي هي له مقام. وكان أمرًا مقضيًا، قدّره قادر علام، فتبارك الله خير المقدرين."

والآن مَن مِن الأنبياء والمرسلين ومن أولي العزم من الرسل من له مثل هذه الصفات التي قالها الميرزا غلام في ابنه بشير الدين محمود؟ ألم يكن من الأولى أن يكون بشير الدين محمود نبيّا؟ ألم يكن أبو بكر طائعًا لله الرسول؟ ما هي أعلى درجة بعد النبوة، أليست الصديقية؟ فلماذا لم يصبح أبو بكر الصديق نبيّا؟ وهل صفات أبي بكر الصديق كما ذكرها الميرزا في كتابه (سر الخلافة) لا تؤهله ليكون نبيّا؟

وهناك نص مهم من كلام بشير الدين محمود في كتاب (التفسير الكبير) الجزء السابع صفحة 219 في تفسيره لسورة الشعراء الآية {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (83)، حيث يربط في تفسيره بين الآية السابقة والآية {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } (69) من سورة النساء، فأثبتَ أنّ الدعاء من الصِدِّيقين للإلحاق بالصالحين معناه الإلحاق بأكابر الصديقين أو المعية مع الأنبياء ولم يقل أن تكون من الأنبياء.

يقول بشير الدين محمود: " ...يتغير معنى كلمة "الصالح" بتغير السياق. فمثلاً يقول الله - سبحانه وتعالى -: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (النساء:70). فهنا اعتُبر الصلاح أدنى المقامات الروحانية المذكورة هنا، بينما سمى الله - سبحانه وتعالى - نوحًا ولوطًا صالحَين خلال الحديث عن زوجتيهما حيث قال: {كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا} (التحريم:11)، مع أنّ كل واحد منهما نبيّ، والنبوة أفضل من الصلاح. كما قال تعالى عن إسحاق ويعقوب: {وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ} (الأنبياء:73)، مع أنهما من الأنبياء. وقال - سبحانه وتعالى - في سياق البشارة بولادة يحيى - عليه السلام - بأنه يكون {نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} (آل عمران:40). وكذلك قال الله - سبحانه وتعالى - عن المسيح: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ} (آل عمران:47)، مع أنه - عليه السلام - كان نبيًّا. وقد ثبت من ذلك أن لفظ "الصالح" له مدلولات شتى، فعندما يدعو شخص عادي ربه قائلا: {وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} فالمراد اجعَلْني من أهل الصلاح، وعندما يقوم أحد من الصلحاء بهذا الدعاء فالمراد أن يبوّئه درجة الشهداء، وعندما يدعو أحد الشهداء أن يجعله من الصّدّيقين، وعندما يقوم أحد الصّدّيقين بهذا الدعاء فالمراد أن يجعله الله من كبار الصديقين أو يجعله مع الأنبياء، وعندما يدعو به أحد الأنبياء فالمراد أن يُلحقه بالأنبياء الذين هم أعلى منه درجة. وهكذا يختلف معنى الصلاح من شخص إلى آخر"

واضح رأي بشير الدين محمود حينما قال "يجعله مع الأنبياء" ولم يقل "يجعله من الأنبياء" أنّ المقصود بالإلحاق والرفقة المعية وليس أن يكون منهم، كما أنّ قوله "وعندما يدعو به أحد الأنبياء فالمراد أن يُلحقه بالأنبياء الذين هم أعلى منه درجة" أي يدعو أحد الأنبياء بطلب الصلاح أو الإلحاق بالصالحين من الانبياء فمعناه الإلحاق بالأنبياء الأعلى درجة، فهل معنى ذلك أن يتساوى في الأخير كافة الأنبياء مع سيد الخلق؟ وإذا كان المطيعون لله والرسول – كما يدعي الأحمديون –أنهم يصبحون بطاعتهم أنبياء فلهم الحق أن يطلبوا أن يلحقوا هم أيضًا بالصالحين من الأنبياء، فتكون درجتهم في الأخير نفس درجة سيد الخلق!!!

والآن نأتي بالتفسيرات المختلفة من الميرزا غلام لمعنى "المنعم عليهم":

أولا: نأتي إلى كلام الميرزا غلام في بيان أنّ المنعم عليهم في سورة الفاتحة أنّهم هم الفئة المتوسطة من درجات وفئات السالكين الأولياء إلى الله.

في كتاب (البراهين الأحمدية) الأجزاء من 1-4 صفحة 433، في بيان مدارج السالكين إلى الله تعالى ودرجات الترقي، ومن هم المنعم عليهم، يقول الميرزا غلام بعد ذكره للفئة الأولي وهي الأدنى: "والدرجة الوسطى للترقيات هي أن يبدو للسالك ما يتحمله من أصناف المشقة في المرحلة الابتدائية في سبيل قتل النفس الأمارة وما يتجشم من ألوان المعاناة والآلام تاركًا الحالة المعتادة بصورة الإنعام. وأن تتحول المشقة إلى المتعة، والحزن إلى الراحة، والضيق إلى الانشراح والبشاشة". ويكمل الميرزا في الصفحة 434: " والدرجة العليا من الترقيات هي أن ينشأ السالك انسجامًا وتوافقًا وحبًا بينه وبين مشيئة الله تعالى وإراداته حتى تتلاشى عينُ نفسه وتأثيرها كله، وأن يعكس في وجوده الشبيهِ بالمرآة ذات الله وصفاته دون أدنى شائبة من الظلمة ودون وهْم الحلول"

ولبيان الفروق بين الفئة المتوسطة (المنعم عليهم) وبين الفئة الثالثة الأعلى يقول الميرزا في الصفحة 435: "والفرق بين هذا القسم [إبراهيم بدوي:يقصد الثالث وهو الفئة الأعلى] وبين القسم الثاني [إبراهيم بدوي:أي الفئة المتوسطة] للارتقاء هو أنّه رغم حصول التوفيق التام في القسم الثاني بين رضا الله تعالى ورضا السالك بحيث يبدو له إيلامه كإنعام، إلا أنّ العلاقة بالله لم تبلغ درجة تؤدي إلى نشوء عداوة ذاتية بينه وبين غير الله، ولا يبقى حب الله مقصد مهجته فقط بل يصبح فطرة القلب أيضًا "

إِذَنْ يُفهم من كلام الميرزا غلام أنّ صاحب القسم الثاني، من مقاصد مهجته (أي أنّه لم يبلغها بعدُ) هي حب الله بالدرجة التي يجب أن تكون عليه للوصول للعداوة الذاتية الفطرية، بل وفطرة القلب أيضًا من مقاصد مهجته وأهدافه، بينما قد حصلت الموافقة التامة بينه وبين الله تعالى في أنّ إيلامه كإنعام، وبالتالي فالموافقة التامة في كل الأمور لم تحدث لأصحاب الفئة الثانية المتوسطة لأنّ العداوة لغير الله تعالى من أهدافه وليس من فطرته وذاتيته.

ويكمل الميرزا في الصفحة 435 ويقول: " فباختصار، في القسم الثاني من الارتقاء يكون هدف السالك هو الموافقة التامة مع الله والعداوة مع غيره، ففي نيله هذا الهدف تكمن متعته. أمّا في القسم الثالث من الارتقاء فتصبح الموافقة التامة مع الله تعالى والعداوة مع غيره فطرة السالك التي لا يمكنه الانفصال عنها بحال من الاحوال، لأنّ انفكاك الشيء عن نفسه محال، وذلك بخلاف القسم الثاني إذ يمكن فيه هذا الانفكاك. وما لم تبلغ ولاية وليّ [إبراهيم بدوي:أي الفئة الثانية] إلى القسم الثالث تبقى مؤقتة وليست في مأمن من الاخطار. والسبب في ذلك أنّه ما لم يكن حب الله سبحانه وتعالى وعداوة غيره جزءًا من فطرة الإنسان لا يتجزأ يبقى فيه عرق من الظلم لأنه لم يؤد حق الربوبية كما هو واجب عليه ومازال عاجزًا عن الوصول إلى مرتبة اللقاء التام."

ويكمل الميرزا في الصفحة 436 ويقول: "والارتقاء الثاني الذي هو الخطوة الثانية للسلوك في ميادين القرب قد عُلِّم من الآية” صراط الذين أنعمت عليهم "وهذه مرتبة يوهب فيها الإنسان حب الله ولكن لا يُرسَّخ فيه بطريقة طبيعية، بمعنى أنّه لا يُجعل جزءًا لا يتجزأ من فطرته غير أنّه يكون محفوظًا فيها."

ويكمل الميرزا في الصفحة 438 يقول: "والنوع الثالث للارتقاء الذي يمثل الخطوة الأخيرة للسير في ميادين القرب قد علِّم في الآية: "غير المغضوب عليهم ولا الضالين". ففي هذه المرتبة يصبح حب الله وعداوة غيره جزءًا لا يتجزأ من فطرة المرء، وتترسخ فيه كطبيعة. وأن صاحب هذه المرتبة يحب الأخلاق الإلهية بطبيعته كما هي محببة عند الله تعالى. ويترسخ حب الله تعالى في قلبه بحيث يستحيل انفكاكه من قِبَلِ"

واضح من النصوص السابقة من كتاب (البراهين الأحمدية) أنّ المنعم عليهم في سورة الفاتحة ليسوا أنبياء ولا رسلًا وإنّما هم أولياء لم يصلوا إلى أعلى درجة من درجات ومدارج السلوك والارتقاء إلى الله تعالى، وأنّ هناك درجة أعلى منهم، وأنّ هؤلاء المنعم عليهم ليسوا في مأمن من أخطار توقف الارتقاء إلى الله تعالى، فكيف يمكن بعد ذلك أن نقبل من الميرزا غلام أنّ المنعم عليهم في سورة الفاتحة منهم الأنبياء، بل الميرزا غلام هكذا نفى تمامًا أن يكون منهم الأنبياء.

واضح وضوح الشمس شدة الاضطراب – كما سنرى- في رأس الميرزا غلام على مدى سنوات دجله وكذبه في تفسير آية واحدة من أهم سور القُرآن، وقد كان يتباهى بتفسيره المعجز لها، ويطالب العلماء بمنازلته في تفسير هذه السورة.

ثانيا: في كتاب (الخطبة الإلهامية) 1900 صفحة 49 يدّعي الميرزا غلام أنّه هو المقصود بالمنعم عليهم في الفاتحة، وقد ارتد عما قاله في كتاب (البراهين الأحمدية) وبالتالي لا بد لنا أن نؤمن به نبيًّا وأن ندعو الله أن يهبنا ما وهب الميرزا غلام ونلازمه ونرافقه وننفق عليه وعلى جماعته، يقول الميرزا: "فالزمان هذا الزمان [إبراهيم بدوي:أي زمان بعثة الميرزا غلام]، وتم كل ما وعد الرحمن، ورأيتم المتنصرين من المسلمين وكثرتهم، ورأيتم يهود هذه الأمة وسيرتهم، فكان خاليًا موضع لبنة أعني المنعم عليه من هذه العمارة. فأراد الله أن يتم النبأ ويكمل البناء باللبنة الاخيرة، فأنا تلك اللبنة أيها الناظرون. وكان عيسى علمًا لبني إسرائيل وأنا علم لكم أيها المفرطون. فسارعوا إلى التوبة أيها الغافلون. وإني جُعلت فردًا أكمل من الذين أنعم عليهم في آخر الزمان، ولا فخر ولا رياء والله فعل كيف أراد فهل أنتم تحاربون الله وتزاحمون. وأنا المسيح الموعود الذي قدّر مجيئه في آخر الزمان من الله الحكيم الديان، وأنا المنعم عليه الذي أشير إليه في الفاتحة عند ظهور الحزبين المذكورين..."

كما لاحظنا في كتاب (البراهين الأحمدية) عندما تكلم الميرزا غلام على الفئات الثلاث للسالكين الأولياء، لم يكن هناك ذكر للأنبياء، ولا يصح ذلك من خلال تفسير الميرزا غلام للفاتحة، لأن الأنبياء ليسوا من السالكين إلى الله تعالى، بل يجتبيهم الله سبحانه وتعالى من غير سابق عمل منهم ليكونوا أنبياء، بينما في كتاب (الخطبة الإلهامية) يدّعي الميرزا غلام أنّ الأمة مستعدة للترقي ليكون بعضهم أنبياء.

ثالثا: في كتاب (تحفة بغداد) 1893صفحة 21 يقول الميرزا غلام: "إن الله تعالى حث عباده على الدعاء بهذه الآية "اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم " يقول: "فما معنى الدعاء لوكنا من المحرومين؟ وأنت تعلم أن الذين أنعم الله عليهم أولا هم الأنبياء والرسل وما كان الإنعام من قسم درهم ولا دينار، بل من قسم علوم ومعارف، ونزول بركات وأنوار كما تقرر عند العارفين، وإذا أمِرْنا بهذا الدعاء في كل صلاة فما أمَرَنا ربنا إلا ليستجاب دعاؤنا، ونُعطَى ما اُعْطَي من الإنعامات للمرسلين. وقد بشرنا – عز اسمه – بعطاء إنعامات أنعم على الأنبياء والرسل من قبلنا وجعلنا لهم وارثين"

رابعا: وفي كتاب (كرامات الصادقين) 1893 صفحة 70 وما بعدها يقول الميرزا غلام إنّ الدعاء المقبول يدخل الداعين في المنعمين أي يصبحون من الأنبياء والمرسلين. يعني لو قبل الله دعاءنا كما في الفاتحة فيعطينا علوم وكمالات الأنبياء ومكالمات ومكاشفات الله مثلهم فنكون من المنعمين أي الأنبياء، لأنّ الميرزا غلام يعتبر أنّ من يكلمه الله ويخاطبه ويعلمه الغيب اليقيني فهو نبيّ ولو لم يُعطى شريعة، ولذلك فهو نبيّ من هذا التعريف، كما في مقدمة كتاب (إزالة الأوهام) 1890م كما سنرى لاحقًا

يقول الميرزا غلام في صفحة 93: " {إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} هذا الدعاء ردٌّ على قول الذين يقولون إنّ القلم قد جفَّ بما هو كائن، فلا فائدة في الدعاء، فاللهُ تبارك وتعالى يُبشّر عباده بقبول الدعاء، فكأنّه يقول يا عباد ادعوني أستجبْ لكم. وإن في الدعاء تأثيرات وتبديلات، والدعاء المقبول يُدخل الداعي في المنعَمين" فمن هم المنعم عليهم؟

يقول الميرزا غلام: "في قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} إشارة أخرى، وهو أن الله تعالى خلَق الآخرين مشاكِلين بالأولين. فإذا اتصلت أرواحهم بأرواحهم بكمالِ الاقتداء ومناسبةِ الطبائع، فينزل الفيض من قلوبهم إلى قلوبهم، ثم إذا تمّ إفضاء المستفيض إلى المُفيض وبلغ الأمر إلى غاية الوصلة، فيصير وجودهما كشيء واحد، ويغيب أحدهما في الآخر، وهذه الحالة هي المعبَّرُ عنها بالاتحاد، وفي هذه المرتبة يُسمى السالك في السماء تسميةَ الأنبياء لمشابَهته إياهم في جوهرهم وطبعهم كما لا يخفى على العارفين".

ويقول الميرزا غلام في صفحة 72: "وحاصل الكلام أن الله تعالى يُبشّر لأمة نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - فكأنّه يقول يا عبادِ إنكم خُلقتم على طبائع المنعَمين السابقين، وفيكم استعداداتهم، فلا تُضيعوا الاستعدادات، وجاهِدوا لتحصيل الكمالات، واعلموا أن الله جوّادٌ كريم وليس ببخيل ضنين. ومن ههنا يُفهَم سِرُّ نزول المسيح الذي يختصم الناس فيه. فإن عبدًا من عباد الله إذا اقتدى هدي المهتدين، وتبِع سنن الكاملين، وتأهَّبَ للانصباغ بصبغ المهديّين، وعطَف إليهم بجميع إرادته وقوّته وجَنانه، وأدّى شرط السلوك بحسب إمكانه، وشَفَعَ الأقوال بالأعمال والمقالَ بالحال، ودخل في الذين يتعاطون كأس المحبة للقادر ذي الجلال، ويقتدحون زنادَ ذِكر الله بالتضرع والابتهال، ويبكون مع الباكين.. فهنالك يفور بحر رحمة الله ليُطهّره من الأوساخ والأدران، ولترويه بإفاضة التهتان، ثم يأخذ يدَه ويُرقّيه إلى أعلى مراتب الارتقاء والعرفان ويدخله في الذين خلوا من قبله من الصلحاء والأولياء والرسل والنبيين، فيُعطي كمالًا كمثل كمالهم، وجمالًا كمثل جمالهم، وجلالًا كمثل جلالهم، وقد يقتضي الزمان والمصلحة أن يُرسل هذا الرجلَ على قدم نبيّ خاص، فيُعطي له عِلْمًا كعلمه، وعقلًا كعقله، ونورًا كنوره، واسمًا كاسمه، ويجعل الله أرواحهما كمرايا متقابلة، فيكون النبيّ كالأصل، والولي كالظل، مِن مرتبته يأخذ ومِن روحانيته يستفيد، حتى يرتفع منهما الامتيازُ والغَيرية، وتَرِدُ أحكامُ الأول على الآخر، ويصيران كشيء واحدٍ عند الله وعند مَلَئِه الأعلى، وينزل على الآخر إرادةُ الله وتصريفه إلى جهة، وأمرُه ونهيه بعد عبوره على روح الأول، وهذا سرٌّ من أسرار الله تعالى لا يفهمه إلا من كان من الروحانيين."

كل هذه الأمور الغيبية التي تكلم عنها الميرزا غلام لا أصل لها في ديننا، وقد قال سابقًا أنه لا يقول أمرًا إلا ويعرضه على كتاب الله تعالى أولا، وعلى أحاديث سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، ولا ينشره إلا إذا وجده متوافق مع القرآن الكريم والسنة الشريفة، فأين كل ما قاله الميرزا غلام في النصوص السابقة من كلام الله تعالى وسُنَّة سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم؟

خامسا: ونجد الميرزا غلام في كتاب (البراهين الأحمدية) الجزء الخامس 1905-1908 صفحة 303 يقول إنّ المنعم عليهم في الفاتحة هم أنبياء اليهود، يقول الميرزا: "لذلك علّم الله تعالى في سورة الفاتحة دعاء ليُتلى في الصلوات الخمس وهو: {اِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}. فالمراد من {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} هم أنبياء اليهود "

لقد اتضح مقدار التخبط والتناقض في كلام الميرزا غلام الذي يدّعي أنّ الله تعالى جعله من المُطهرين كما في الآية "لا يمسه إلا المُطهرون" ويعتبر الميرزا غلام – كما بينت من قبل – أنّ المُطهرين هم من يملكون التفسير الصحيح للقرآن الكريم، كما ادعى أنّ وحي ربه له "الرحمن علم القرآن" أي أنّ الله تعالى الرحمن هو من علم الميرزا غلام، ويدّعي الميرزا غلام أنّ الله تعالى أصلحه تمام الإصلاح، فأين هذا الإصلاح اللغوي والعقائدي من الميرزا غلام المتناقض، كل هذا وغيره يدل على أنّ الميرزا غلام رجل دجال بامتياز.

الارتداد التاسع:

ارتداد الميرزا غلام في تفسيره للآية {هُوَ الّذي أرسل رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ" سورة الصف (9)

مَنْ الرسول المقصود في الآية الكريمة؟ هل هو سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم؟ هل هو الميرزا غلام؟ وما هو الهدى الذي أرسل رسوله به؟ وهل الميرزا غلام حكم عدل فعلا؟ هل الميرزا الحكم العدل الذي أرسله الله بالهدى لا يعرف معنى هذه الآية، ولا مَنْ الرسول المذكور في الآية؟ هل الحكم العدل الذي أرسله الله تعالى ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وقد آتاه الله علوم القرآن ودقائق العرفان - كما قال الميرزا عن نفسه - يتناقض في مَنْ هو الرسول المذكور في هذه الآية؟ بالرغم مِنْ أنّ الميرزا يستدل بهذه الآية على أنه هو الرسول المقصود، فلنرى كلام الميرزا في تفسير هذه آية سورة الصف (9).

1- في كتاب (البراهين الأحمدية) ج 1-4 صفحة 573 يقول الميرزا غلام: " ثم قال بعد ذلك [إبراهيم بدوي:يقصد وحي الميرزا غلام] "إنَّا أنْزَلنَاهُ قَرِيبًا مِنَ الْقَاديَانِ. وَبِالْحَقِّ أنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ. صَدَقَ اللهُ وَرَسُولَهُ وَكَانَ أمْرُ اللهِ مَفْعُولاً." أي: قد أنزلْنا هذه الآيات والعجائبَ وهذا الإلهام المليء بالمعارف والحقائق بالقرب من قاديان، وأنزلناها وفقًا للضرورة الحقة، وقد نزل بناء على الضرورة الحقة، أنبأ الله ورسوله بأمور تحققت في موعدها، وكان أمر الله مفعولاً لا محالة، والكلمات الأخيرة من الوحي إشارة إلى أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد أشار في حديثه المذكور آنفًا إلى بعثة هذا الرجل، كما أن الله تعالى قد أشار إليه في كلامه المجيد. أما الإشارة النبوية فقد سبق أن سُجّلتْ في الإلهامات المذكورة في الجزء الثالث من هذا الكتاب، أما الإشارة القرآنية فهي مذكورة في الآية: {هُوَ الّذي أرسل رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (الصف: 10)، هذه الآية تتضمن نبوءة بحق المسيح - عليه السلام - ماديًّا وسياسيًّا. وإن الغلبة الكاملة التي وُعد بها الإسلام ستتحقق بواسطة المسيح؛ فعندما يأتي المسيح - عليه السلام - إلى الدنيا ثانية سينتشر الإسلام على يده في جميع الأقطار والأمصار". في كتاب التذكرة صفحة 47 كتب الناشر في الحاشية: " كتب المسيح الموعود - عليه السلام - في الحاشية هنا: "أي: ليُظهِر دينَ الإسلام بالحجج القاطعة والبراهين الساطعة على كل دين ما سواه، أي ينصر الله المؤمنين المظلومين بإشراق دينهم وإتمام حجّتهم.". معنى الآية الكريمة واضح وضوح الشمس، الآية تقول: إنّ الله تعالى أرسل رسوله سَيِّدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق أي الإسلام، ليظهر الله تعالى هذا الدين الحق على كل الأديان الأخرى، وقال المفسرون فعلًا إنّ عملية الغلبة والإظهار قد تكون من خلال أتباع سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وليست بالضرورة بنفسه صلى الله عليه وسلم، وقد فهم الميرزا غلام فعلًا ذلك في زمن كتاب البراهين الأحمدية وذكر فيه أنّ الرسول المذكور في الآية هو سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، كما ذكر الميرزا أيضًا في كتابه (الحرب المقدسة) أنّ الرسول المذكور هو سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ولكننا كما عهدناه متناقض مع نفسه، وسوف نراه في كتب أخرى له يدّعي أنه هو الرسول المذكور في الآية.

2- في كتاب (الحرب المقدسة) سنة 1893 صفحة 181 يقر الميرزا أن الرسول المقصود هو سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، يقول: " هو الّذي أرسل رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة: 30-33)، لاحِظوا الآن، فقد قال جلّ شأنه في هذه الآيات بكل صراحة بأنه قد سبق أن اعتبر بعض اليهود أيضًا عزيرًا ابن الله قبل النصارى. وليس ذلك فحسب بل الكفار في الأزمنة السابقة قد أعطَوا زعماءهم وأئمتهم المنصب نفسه. فما الدليل إذًا على أن هؤلاء الذين ألَّـهوا أئمتهم كانوا كاذبين أما هؤلاء (المسيحيين) فصادقون؟ ثم يشير الله تعالى إلى أنّ هذه المفاسد قد تطرقت إلى الدنيا التي أُرسل هذا الرسول لإصلاحها لكي يزيلها بالتعليم الكامل لأنه إذا كان في أيد اليهود تعليم كامل لَمَاَ ألَّـهوا علماءهم ورهبانهم أبدًا مخالفين في ذلك تعليم التوراة. فتبين من ذلك بأنهم كانوا بحاجة إلى تعليم كامل كما أقرّ المسيح عليه السلام أيضًا " إنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أيضًا لأَقُولَ لَكُمْ، وَلكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحتملُوا الآن * وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إلى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأنه لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأمور آتِيَةٍ. يقول المسيحيون إن المراد من روح الحق هو روح القدس، ولا يتنبّهون إلى أن روح القدس بحسب مبدئهم هو الله، فممن سيسمع؟ بينما ورد في النبوءة: كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ."

ومن الفقرتين السابقتين فإن الرسول في الآية الكريمة هو سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، والإظهار هو إظهار دين الإسلام.

3- يقول الميرزا في كتابه (ينبوع المعرفة) في 1908م صفحة 85: " فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم هو في صدر العصر المُحَمَّدي وفي آخره المسيحُ الموعود. وكان ضروريًا ألا تنقطع سلسلة الدنيا ما لم يُبعث المسيح الموعود لأن خدمة تحقيق الوحدة بين الأمم قد أنيطت بمنصب هذا النائب للنبيّ صلى الله عليه وسلم. وإلى ذلك تشير الآية: (هُوَ الّذي أرسل رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ... أي ليرزقه غلبة عالمية. ولأن الغلبة العالمية لم تتحقق في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومن ناحية ثانية لا يمكن أن تبطل النبوءة الإلهية لذا فقد اتفق جميع المتقدمين الذين سبقونا فيما يتعلق بهذه الآية أن هذه الغلبة سوف تتحقق في زمن المسيح الموعود إذ لا بد للغلبة العالمية أن تتضمن ثلاثة أمور لم توجَد في أي زمن خلا".

إنّ قول الميرزا إنّ الغلبة على العالم كله لم تكتمل لنبينا صلى الله عليه وسلم في زمنه وإنما تكتمل بالميرزا وفي زمنه، فمعناه أنّ الميرزا قد حقق ما لم يستطع تحقيقه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، وإذا قلنا للأحمديين: فأين الغلبة التي حققها نبيكم الميرزا على العالم كله في زمنه كما قال؟ فقد يقولون يحققها الخلفاء من بعده وليس بالضرورة الميرزا غلام بنفسه، وبالتالي يمكن أنْ تنسب للميرزا نفسه، فالإجابة: إذا كان هذا ممكنًا للميرزا أنْ تُنسب إليه الغلبة على العالم كله - في زمنه كما قال - بواسطة الخلفاء من بعده وليس بالضرورة بنفسه، فلماذا لا يقال ذلك نفسه في حق سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بواسطة أصحابه وأتباعه إلى يوم القيامة فتُنسب الغلبة الكاملة على العالم له وليس لغيره هنديًا كان أو من أي جنس؟

وكيف يستسيغ الأحمديون أنْ يكون الرسول الذي أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق هو الميرزا؟ ولا يكون المقصود رسول الله سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم هو الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق؟ فهل الميرزا أولى بهذه الفضائل من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل كتاب الله تعالى القرآن أولى بصفة "الْهُدَى" كما في الآية الكريمة السابقة الذكر؟ أم كتاب الأحمديين (التذكرة) الحاوي لتخاريف الميرزا مثل "ايلي ايلي لِمَا شبقتني " و" عمر بريشن بيلاطوس او بيراطوس" و“I love you " و"لا تقتلوا زينب"، ولا تنتهي تخاريف الميرزا.

ويضيف الميرزا غلام في نفس الكتاب: " لأنّ إظهار الغلبة مشروط بأن يكون الناس مطلعين على كل الأديان التي أُظهرت الغلبة عليها وكذلك الذين اعتُبروا مغلوبين يجب أن يعرفوا أنهم تحت طائلة الغلبة [إبراهيم بدوي:وهل عرف المغلوبون أي أصحاب الأديان الأخرى كما في رأي الميرزا غلام بأنهم مغلوبون]. وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا تقارب الناس من مختلف البلاد وكأنهم سكان حارة واحدة. والمعلوم أن هذا لم يحدث في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم، لأنّ أقواما كثيرة كانت تسكن حينها في أقصى أرجاء المعمورة، ومن ناحية أخرى إن أسباب السفر وإيصال الدعوة واللقاءات على فترات قريبة لم تكن مهيأة كما هي في عصرنا "

وإذا كانت الرسل تُرسل إلى أم القرى، ويقومون بإرسال أتباعهم لبقية القرى فكل فضل ينجزه الأتباع وكل غلبة يحققونها هي منسوبة إلى الرسل الأنبياء يقول الله تعالى في سورة القصص: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} سورة القصص (59)

وحتى لو قبلنا أنّ غلبة الإسلام ستكون في زمن سَيِّدنا عيسى عليه السلام في آخر الزمان على كل الأديان، فإن سَيِّدنا عيسى عليه السلام مأمور بالإيمان بسَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ونصرته بمقتضى الميثاق – كما في آية الميثاق - حيث أخذ الله تعالى الميثاق على كل الأنبياء بالإيمان برسول الله سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ونصرته، فلا تنسب الغلبة إلا لرسول الله سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وينسب الهُدَى لكتابه القُرآن الكريم والظهور لدينه الإسلام ويظل الرسول في الآية هو سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ويظل الهُدَى هو القُرآن الكريم ويظل دين الحق هو الإسلام.

4- في كتاب (إزالة خطأ) 1901 م صفحة 2 يقول الميرزا: " الحق أن ذلك الوحي المقدس الذي ينزل عليّ من الله تعالى قد وردت فيه كلمات مثل رسول ومرسل ونبي، ليس مرة أو مرتين بل مئات المرات، فكيف يمكن إذًا أن يكون صحيحًا جوابه أن هذه الالفاظ نفسها ليست موجودة؟ ألا إنها موجودة، ولكنها الآن أكثر وضوحًا وصراحةً ممّا كانت عليه من قبل في "البراهين" الذي نُشر قبل 22 سنة لم ترد هذه الألفاظ مرات قليلة [إبراهيم بدوي:يقصد الميرزا غلام ألفاظ النبيّ والرسول]، بل إنّ في هذه المكالمات الإلهية التي نُشرت في "البراهين" هذا الوحي الإلهي: "هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله "، انظروا الصفحة 498 ([18]) من (البراهين الأحمدية) ؛ ففيه خوطب هذا العاجز بوضوح بـــ "رسول"، فهل فعلًا قال ذلك في البراهين؟ النص الذي في البراهين نقلته لكم سابقًا وأعيده لكم في الحاشية([19]).

ويقر الميرزا غلام بتناقضه ويحاول الانسلاخ من هذا التناقض كما في كتاب" حقيقة الوحي " 1905 صفحة 132، يقول الميرزا غلام: " والسبب وراء هذا التعارض والتناقض هو كما كان في كتاب البراهين فإن الله سبحانه وتعالى سماني عيسى في البراهين وقال لي أيضًا " أن الله سبحانه وتعالى ورسوله قد أخبرا بمجيئك " إلا أن طائفة من المسلمين وكنتُ من بينهم كانوا يعتقدون بكل شدة أن عيسى سوف ينزل من السماء، لذلك ما أردت حمل وحي الله سبحانه وتعالى على الظاهر "، ثم يكمل الميرزا غلام ويقول: "... ثم ورد في هذا الكتاب قربَ ذلك الوحيِ الوحيُ التالي: "مُحَمَّد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " ؛ ففي هذا الوحي سميت مُحَمَّدًا ورسولًا أيضًا "، لقد كذب الميرزا غلام كعادته بشكل مفضوح في بيان معنى وشرح النص الأخير بخصوص وحيه "مُحَمَّد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم " فالنص التالي هو النص الحقيقي الذي قاله الميرزا غلام في كتاب البراهين في تفسيره لهذا الوحي صفحة 587: "مُحَمَّد رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أشِدَّاءُ عَلى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَينَهُمْ. رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ. مَتَّعَ اللهُ الْمُسْلِمِينَ بِبَرَكَاتِهِم. فَانْظُرُوا إلى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ. وَأنْبِئُونِي مِن مِثْلِ هؤُلاَءِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. وَمَنْ يَبْتَغِ غَيرَ الإسلام دِينًا لَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ" أي: أن مُحَمَّدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أشداء على الكفار، أي الكفار عاجزون أمامهم ولا يملكون الرد عليهم، وأن هيبة صدقهم مستولية على قلوب الكفار، أما فيما بينهم فهم رحماء... إنهم رجال قد بلغوا في حب الله الذروة حتى لا تشغلهم عنه شواغل الدنيا مهما كثرت. سيمتِّع اللهُ المسلمين ببركاتهم، فإن ظهورهم يمثّل آثار رحمة الله، فانظروا إلى هذه الآثار. وإذا كان عندكم نظير لهؤلاء، أي إذا كان عند أهل دينكم ومذهبكم مَن يحظى بتأييد الله مثلهم، فأْتوا به إن كنتم صادقين، وأخيرًا يقول الميرزا في كتابه (ينبوع المعرفة) صفحة 186: "...التناقض يستلزم أن يكون أحد الأمرين المتناقضين كذبًا أو خطأً، والله أعلى وأسمى من منقصة كِلا النوعين"، ويقول أيضًا في نفس الكتاب صفحة 19"" أيّة غباوة أن يبينوا شيئًا مرة عند تقديم الدليل على هذه التحديدات ويبينوا نقيضه في مرة أخرى. لا يمكن أن يوجد مثل هذا التناقض في كلام الله، والكلام الذي يأتي بهذا التناقض يكفي لتفنيده ودحضه أنه يخالف وحدة نظام الله تعالى "

ولقد وضح جليًا تناقض الميرزا في تفسيره وتحديده للرسول المذكور في آية من آيات القرآن يستدل بها الميرزا على نبوته ورسالته، وهذا مقال آخر في الرد على كلام الميرزا غلام بخصوص الآية " هو الّذي أرسل رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ " وضعته في الحاشية.

10 الارتداد العاشر:

صورة أخرى من الارتداد في شأن نبوته أَقَرَ وكَرَرَ الميرزا غلام في كتاب (فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام) 1890م أنّه ليس بنبيّ ولا رسولًا وإنما هو مُحَدَّث فقط، وأنّ المُحَدَّث نبيّ بالقوة وليس بالفعل، وأنّ سَيِّدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لم يشترط النبوّة للمسيح الموعود، بل –كما ذكرت سابقا - في مناظرة مع أحد مشايخ المسلمين سنة 1892حول قول الميرزا غلام بما سبق بالمُحَدَّثية والنبوة، فأقر الميرزا غلام بالمُحَدَّثية فقط ورجوعه عن قوله بأنّ المُحَدَّث نبيّ بالقوة فقط، أو أنّ المُحَدَّثية نبوة جزئية أو نبوة ناقصة أو نوع من أنواع النبوة، بل طلب من المسلمين شطب كلمة نبيّ من كافة ما في كتابه (فتح الإسلام وتوضيح المرام وإزالة الأوهام) ([20])، ومع ذلك عاد يقول بأنّ المُحَدَّثية نبوة جزئية أو هي نوع من أنواع النبوّة في كل كتبه بعد ذلك قبل سنة 1901م، ولكن في سنة 1901م في كتابه (إزالة خطأ) ارتد وأنكر كل ما قاله من قبل، وقرر أنّه نبيّ ورسول وأنّ سَيِّدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم هو من قال إنّ المسيح الموعود نبيّ ورسول وإنّ رب الميرزا غلام يلاش العاج هو من سماه في البراهين الأحمدية نبيًّا ورسولًا. وهذه هي النصوص من كتاب (فتح الإسلام وتوضيح المرام إزالة الأوهام) 1890م، في صفحة 68 يصرح الميرزا غلام بأنّ سَيِّدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لم يشترط النبوّة للمسيح الموعود. يقول الميرزا غلام: " إن طُرح هنا اعتراض: أنه يجب أن يكون مثيل المسيح الناصري أيضًا نبيّا؛ لأنّ المسيح كان نبيًّا، فالجواب الأول على هذا الاعتراض هو أنّ سَيِّدنا ومولانا - صلى الله عليه وسلم - لم يشترِط نبوة المسيح الآتي، بل قال صراحة إنه سيكون مسلمًا وملتزمًا بشريعة القرآن الكريم مثل بقية المسلمين، ولن يفعل شيئًا أكثر من ذلك لإظهار إسلامه وكونه إمامَ المسلمين."

وفي صفحة 200 يقول الميرزا غلام: " لستُ رسولًا وما جئت بكتاب، بل أنا ملهَم من الله ومنذِر"

وفي الصفحة 263 يقول الميرزا غلام: " وإذا قلتم: أين وُصِفَ عيسى - عليه السلام - كشخصٍ من الأمة؟ قلتُ: اقرأوا في صحيح البخاري حديثًا جاء فيه: "إمامكم منكم". لا شك في أن الخطاب في "منكم" موجَّه إلى جميع أفراد الأمة الذين سيأتون منذ زمن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى نهاية الزمن. ولكن من الواضح تمامًا أنه إذا كان المراد به أفراد الأمة فقط، وقد بشِّر أبناؤها أنّ ابن مريم الآتي سيكون "منكم" وسيولد فيكم؛ فمعنى ذلك، بتعبير آخر، أن ابن مريم الآتي لن يكون نبيّا، بل أحد من الأمة فقط."

11-الارتداد الحادي عشر:

والنص التالي الذي ارتد عنه الميرزا غلام كان في كشف له ومشفوع بالقَسِمِ أي بالحَلِفِ، ومعلوم أنّ الرؤى والكشوف وحي للأنبياء - فقد ترك الميرزا هذا النص الموحى به إليه، وتمسك بالاستنتاج والاستنباط أو بقراءة شاذة للآية وكأنه لم يكن يعلم هذه القراءة الشاذة من قبل الكشف والحلف. من المعلوم أننا لو قلنا إنّ آيةً ما تدل على معنى محدد قطعي، فإننا نعني أنه لا يوجد معنى آخر مُعْتَبر يُستدل به من الآية يخالف ما ادعينا أنه قطعي، ولكن عندما نجد أنّ الميرزا يستدل بالآية بمعان متضادة لبعضها، وليس هذا فقط، بل يرى أنّ المعنى الذي قاله هو في السابق، قال به أبو هريرة رضي الله عنه، وأنّ أبا هريرة قد أخطأ في رأيه هذا كما سنرى لاحقًا، فهذا لا يعني إلا سقوط الاستدلال بالآية على إنها تثبتُ أمرًا محددًا مثل في حالتنا موت سَيِّدنا عيسى عليه السلام، وذلك استنادًا إلى مبدأ قد أقر به الميرزا غلام بنفسه في حال تعارض الدلالات للنص الواحد، حيث يقول الميرزا غلام: "إذا تعارضا تساقطا"، ولكن ماذا لو قال الميرزا غلام إنّ الاستدلال بالآية على موت سَيِّدنا عيسى عليه السلام كان من وحي الله؟، ألا يدل ذلك على أنّ الوحي الذي يدّعيه الميرزا أنّه من الله تعالى كذب شكلًا وموضوعًا؟

في كتاب (إزالة الأوهام) من الصفحة 306، وكان ذلك في الجواب على سؤال رقم 4، والسؤال كان كالتالي: السؤال 4: إنّ الآية: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا سورة النساء (159)، تدل على حياة المسيح ابن مريم لأنها تعني إنّ جميع أهل الكتاب سيؤمنون بالمسيح قبل موته. فيبدو من هذه الآية أنّ المسيح سيعيش حتمًا إلى إنّ يؤمن به أهل الكتاب جميعًا " انتهى السؤال من السائل حيث يرى السائل أنّ الآية تدل على حياة سَيِّدنا عيسى عليه السلام إلى يوم نزوله قبل يوم القيامة.

وبدأ الميرزا في الجواب على السؤال ليثبتَ أمورًا عديدة من الآية، وهو إثبات أنّ الآية لا تدل على حياة سَيِّدنا عيسى عليه السلام، بل تدل على موته، وأنّ المسيح قد مات بالفعل، وهو ما يُفهم يقينًا من الآية - بحسب ادعاء الميرزا – وسؤالنا: أي الألفاظ في الآية يدل على موت المسيح عليه السلام يقينا؟

واضح أنّ التعبير " قبل موته " هو التعبير الوحيد في الآية الذي يحتوي على كلمة "الموت"، وبالتالي هو الذي يُفْهَم منه موت سَيِّدنا عيسى عليه السلام بحسب ادعاء الميرزا كما سنرى في كتاب (إزالة الأوهام)، ولكن الإشكال أنّ الميرزا غلام تراجع عما قاله في كتاب (إزالة الأوهام)، وقال بخلافه كما في كتاب (حمامة البشرى) وكتاب (حقيقة الوحي) 1905-1907 وادعى أنّ الضمير الهاء في آخر التعبير "قبل موته" يعود على أهل الكتاب، ولا يعود على سَيِّدنا عيسى عليه السلام، بل قال الميرزا بأنّ أبا هريرة قد أخطأ في قوله إنّ "قبل موته" تعني قبل موت سَيِّدنا عيسى عليه السلام، وذلك سيكون قبل يوم القيامة بعد نزول سَيِّدنا عيسى عليه السلام .

لو كانت الآية من المحتمل أنْ تدل على موت الكتابيّ في العبارة "قبل موته" فلا يصح الاستدلال بها على موت المسيح عليه السلام لأنّ المعنى سيكون هكذا: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ [إبراهيم بدوي:أي وكل فرد من أهل الكتاب] إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ [إبراهيم بدوي:أي سوف يؤمنون به (أي يؤمنون بالقرآن أو بنبيّنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم أو بالمسيح أنه نبيّ وليس بأنه إله)]، قَبْلَ مَوْتِهِ، [إبراهيم بدوي:أي قبل موت الكتابيّ]، فأين ما يدل في هذا التفسير على أنّ الضمير "هــ " في آخر التعبير (قبل موته) على موت سيدنا عيسى عليه السلام؟

ومعلوم أنه إذا تطرق الاحتمال إلى الدليل سقط الاستدلال به، فإذا ثَبُتَ وجود أكثر من دلالة قالها الميرزا غلام لنفس الآية فتصبح دلالة الآية ظنية، ولا يصح بناء عقيدة بأدلة ظنية محتملة لأكثر من دلالة، وهذا هو رأي الميرزا غلام نفسه كما سنرى في أصول الاستدلال في هذا الجزء بعون الله تعالى

وبالتالي فلا معنى لقول من قال من الأحمديين بأنّ الميرزا كان يقصد المعنيين، أي موت الكتابيّ والمسيح في قوله "قبل موته"، في إيراده لهذه الآية في كتابه (إزالة الأوهام)، لأن موت الكتابيّ لا يحقق المراد من إيراد الآية كدليل على موت المسيح عليه السلام.

والذي يؤكد أنّ الميرزا في كتابه (إزالة الأوهام) كان يقصد موت المسيح وليس الكتابيّ ما ورد في كتاب (شبهات وردود) الأحمدي ذكرًا لهذه المسألة، حيث يقولون في صفحة 271 نسخة قديمة ([21]) مرفق صورة في الحاشية: " أي أنه ما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بما قلناه آنفًا من أنّ المسيح نجا من الصلب وأنه شبه لهم أنه مات على الصليب. نعم، يؤمنون أنّ هذا قد حصل مع المسيح قبل أنّ يؤمنوا بموته والذي هو أمر حتمي.".

فقول الشارح في كتاب (شبهات وردود) يؤكد أنّ قصد الميرزا لم يكن في التعبير "قبل موته" إلا موت المسيح عليه السلام، حيث يقولون "هذا قد حصل مع المسيح قبل أنّ يؤمنوا بموته" فمن هم الذين سوف يؤمنون بموته؟ الجمع في "يؤمنون" دل على أنّ المقصود هم أهل الكتاب، فهل من المحتمل أنّ يكون المعنى هكذا: (يؤمنون بموته أي بموت أحدهم؟ أي من أهل الكتاب)؟

إِذَنْ لا سبيل أمامنا إلا أنْ نقول بكل جلاء إنّ الميرزا في كتابه (إزالة الأوهام) كان يقصد موت المسيح عليه السلام.

ولكن هل كان تفسير الميرزا غلام للآية والقول بأنّ الآية تدل بشكل قطعي على موت المسيح عليه السلام من عنديات الميرزا ورأيه الاجتهادي؟ أم هو من عند ربه كشفًا منه؟

والإجابة في صفحة 311 في كتاب (إزالة الأوهام) حيث يقول الميرزا حالفًا مقسمًا بالله: "وأقسم بالذي نفسي بيده إنّ هذه الحقيقة قد كشفت علي في هذه اللحظة بالذات، بالكشف، وكل ما كتبته آنفًا فقد كتبته بتعليم ذلك المعلم الحقيقي، فالحمد لله على ذلك "وكان هذا في النسخة طبعة 2014 و2016، أما النسخة 2012 فليس بها التعبير "آنفا" كما في قوله "وكل ما كتبته آنفًا فقد كتبته بتعليم ذلك المعلم الحقيقي" ممّا يدل على أنه إمّا التلاعب في الكتب والتحريف، وإمّا كانت الترجمة في 2012 خطأ ممّا استوجب التصحيح لاحقًا وهذا يمكن معرفته من مراجعة ومقارنة النسخ الأصلية من الكتاب "إزالة الأوهام"([22]).

المهم، ممّا سبق يثبت يقينًا أنّ الميرزا يدّعي أنّ استدلاله بهذه الآية على موت المسيح عليه السلام في قول الله تعالى "قبل موته" إنما قصد إثبات موت المسيح من خلال التعبير "قبل موته" ولم يقصد على الإطلاق الكتابيّ.

وقبل الانتقال إلى الكتب الأخرى التي خالف الميرزا نفسه فيها، وقال إنّ المقصود من الضمير في قول الله تعالى "قبل موته" إنما هو للكتابيّ وليس المسيح عليه السلام، بل اتهم الصحابيّ الجليل أبا هريرة بسوء الفهم لأنّه قال إنّ "قبل موته" تدل على موت المسيح، وكأنّ الميرزا قد نسي أنّه أيضًا من قال بذلك كما بيّنا سابقًا.

والميرزا في تفسيره للآية في نفس الكتاب "قبل موته" فسر الإيمان في قوله تعالى "يؤمنن به" أنّ الكتابيّين سوف يكون إيمانهم بحتمية موت المسيح، ولم يقل إنّ المقصود بالذي سيؤمنون به إمّا الله تعالى أو نبينا صلى الله عليه وسلم أو القرآن الكريم أو المسيح عليه السلام، وإنّما قال بأنّ إيمانهم بحتمية موت المسيح، يقول الميرزا في صفحة 309: " إنّ الله عزيز ويرزق العزة للذين يصبحون له، وهو حكيم فيفيد بحكمه أولئك الذين يتوكلون عليه. ثم قال تعالى: ما من أهل الكتاب إلا ويؤمن ببياننا الذي ذكرناه آنفًا عن أفكار أهل الكتاب أنفسهم، قبل إنّ يؤمن بحقيقة إنّ المسيح قد مات موتًا طبيعيًا "

ويقول في صفحة 316: " فقال تعالى: إنّ هذا بيان لِمَا جرى قبل موته ميتة طبيعية، فلا تستنبطوا من ذلك عدم موته، إذ قد مات المسيح بعد ذلك ميتة طبيعية. فقد قال في هذه الآية بأن اليهود والنصارى يؤمنون ببياننا هذا بالاتفاق على إنّ المسيح لم يمت حتمًا على الصليب، وليس لديهم إلا الشكوك والشبهات فقط. بهذا الصدد. فإنهم يؤمنون بالأحداث الني سبقت موته - قبل إنّ يؤمنوا بموت المسيح الطبيعي الذي حدث في الحقيقة - لأنه ما دام المسيح لم يمت على الصليب - الأمر الذي كان اليهود والنصارى يريدون إنّ يستنتجوا منه نتائج معينة لتحقيق أهدافهم - صار ايمانهم، بموته الطبيعي محتومًا عليهم، لأن الذي يولد سيموت حتمًا فإن تفسير العبارة: (قبل موته) هو: قبل إيمانه بموته."

واضح من النصين السابقين أنّ الميرزا فسّر ما يؤمن به أهل الكتاب بأنه حتمية موت المسيح لأنّ كل مولود يموت، وسوف نثبتُ مخالفته لتفسيره هذا أيضًا في كتبه اللاحقة إنْ شاء الله في هذا المقال.

والآن ننتقل إلى كتاب (حمامة البشرى) سنة 1894 - وكتاب (إزالة الأوهام) كتبه الميرزا في سنة 1890 م - يقول الميرزا في صفحة 94 من (حمامة البشرى): " ثم القرينة الثانية على خطأ أبي هريرة في آية: "قبل موته" ما جاء في قراءة أُبَيّ بن كعب. أعني: موتهم، فإنه يقرأ هكذا: "وإنْ من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موتهم"، فثبت من هذه القراءة أنّ ضمير لفظ "موته" لا يرجع إلى عيسى عليه السلام، بل يرجع إلى أهل الكتاب. فإلى أي ثبوتٍ حاجةٌ بعد قراءة أُبَيّ بن كعب لقوم طالبين؟ ثم مع ذلك قد اختلف أهل التفسير في مرجع ضمير "بِهِ"، فقال بعضهم إنّ هذا الضمير الذي يوجد في آية "لَيُؤْمِننَّ بِهِ" راجع إلى نبينا صلى الله عليه وسلم، وهذا أرجح الأقوال. وقال بعضهم إنه راجع إلى الفرقان، وقال بعضهم إنه راجع إلى الله تعالى، وقيل إنه راجع إلى عيسى، وهذا قول ضعيف ما التفت إليه أحد من المحققين. فيا حسرة على أعدائنا المخالفين! إنهم يتركون القرآن وبيّناته، بل قلوبهم في غمرة من هذا ويقولون بإخوانهم" إنّا نتبع أخبار رسول الله "، وليسوا بمتّبعين، بل يتركون أقوالًا ثابتة من رسول الله تعالى، ويبدّلون الخبيث بالطيب، ويكتمون الحق وكانوا عارفين."

إِذَنْ في هذا النص من كلام الميرزا في كتابه (حمامة البشرى)، قال بأنّ أبا هريرة قد أخطأ لمّا قال بأنّ المقصود بالميت في قول الله "قبل موته" هو المسيح عليه السلام، وبين أنّ المقصود هو الكتابيّ واستدل بالقراءة الشاذة التي تقول "قبل موتهم" ليدلل أنه ليس المقصود هو سَيِّدنا عيسى عليه السلام، كما أنّ الميرزا أثبت أنّ ما سوف يؤمنون به أهل الكتاب هو غير حتمية الإيمان بموت المسيح وهو الذي قاله في كتابه (إزالة الأوهام) كما أوضحنا سابقًا فقال بخلاف ذلك في (حمامة البشرى).

فلقد ثبت الآن تناقض الميرزا في أنّ المقصود بالضمير في قول الله تعالى "قبل موته" هو المسيح عليه السلام، وبهذا يسقط الاستدلال بالآية {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا " سورة النساء (159)، على أنّها دليل صريح على موت المسيح عليه السلام.

والآن مع نص آخر للميرزا في كتابه (حقيقة الوحي) 1905-1907 يؤكد أنّ المقصود من الضمير هو الكتابيّ وليس المسيح، يقول في صفحة 40: " كما كان أبو هريرة واقعًا في هذا الخطأ منذ البداية، وكان يخطئ في أمور كثيرة بسبب بساطته وضعف درايته. فقد أخطأ أيضًا في نبوءة دخول صحابي في النار. وكان يستنتج من الآية: "وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ " معنى خاطئًا يبعث السامع على الضحك لأنه كان يريد أنّ يثبت من هذه الآية أنّ الجميع سيؤمنون بعيسى قبل وفاته، بينما قد ورد في قراءة ثانية للآية نفسها "قبل موتهم" بدلًا من "قبل موته"، ويؤكد كلامه أيضًا في النص التالي من (حقيقة الوحي) 1905-1907 صفحة 520: "وهذا ما تشير إليه الآية: "وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ" أي إنّ كل واحد من أهل الكتاب سيؤمن قبل موته بالنبيّ، أو بعيسى"

وقبل إنهاء المقال نذكر النصوص والمواضع التي قال فيها الميرزا بالثلاث آيات الدالة تصريحًا على موت المسيح عليه السلام كما يدّعي، ومنها الآية "قبل موته"، وبإذن الله تعالى سيكون لنا في مسألة أدلة الميرزا هذه في الاجزاء القادمة تفصيل.

1- كتاب (توضيح المرام) 1890 صفحة 63: " أي إنّ الذين يدخلون الجنة لن يخرجوا منها، علمًا إنّ القرآن الكريم لا يصرح بدخول المسيح الجنة، ولكن وفاته مذكورة في ثلاث آيات ٠ والحق إنّ وفاة العباد الأطهار ودخولهم الجنة في حكم واحد، لألهم يدخلون الجنة فورًا (3)."وفي الحاشية يقول الميرزا غلام: " (3) يقول - سبحانه وتعالى -: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} (المائدة: 118)، و{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} (النساء: 160)، و{إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} (آل عمران: 56) منه."

2- وفي كتاب (إزالة الأوهام) 1890 صفحة 172 يقول الميرزا غلام " إنّ القرآن الكريم قد بين وفاة المسيح عليه السلام في ثلاث آيات بكل صراحة ويعذره من خطأ تأليه المسيحيين إياه، ويقول إنّ المسيح ليس مخطئًا في ذلك، لأنه قد مات قبل زمن ضلالهم هذا."

3- وفي كتاب (إزالة الأوهام) 1890 صفحة 454 يقول الميرزا غلام: " (4) الآية الرابعة التي تدل على موت المسيح - عليه السلام - هي: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} (3)، وقد شرحتها في هذا الكتاب من قبل." 4- وفي كتاب (إزالة الأوهام) 1890 صفحة 317 يقول الميرزا غلام: "فباختصار، قد ذكر موت المسيح في ثلاث آيات من القرآن الكريم ...."


([1]) يقول الميرزا غلام: " والحق أن للملَك لَمَّةً بقلب بني آدم وللشياطين لَمَّة، فإذا أراد الله أن يبعث مصلحا من رسول أو نبيّ أو مُحَدَّث فيقوّي لَمَّةَ الملَك ويجعل استعداداتِ الناس قريبةً لقبول الحق، ويعطيهم لهم عقلا وفهما وهمّة وقُوّةَ تحمُّلِ المصائب ونورَ فهمِ القرآن ما كانت لهم قبل ظهور ذلك المصلح، فتُصفَّى الأذهان، وتتقوى العقول، وتعلو الهمم، ويجد كل أحد كأنه أُوقظَ من نومه، وكأن نورًا ينزل من غيب على قلبه، وكأن معلّمًا قام بباطنه، ويكون الناس كأن الله بدّل مزاجهم وطبيعتهم، وشحّذ أذهانهم وأفكارهم. فإذا ظهرت واجتمعت هذه العلامات كلها فتدل بدلالة قطعية على أن المجدد الأعظم قد ظهر، والنور النازل قد نزل، وإلى هذا أشار سبحانه في سورة القدر وقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ وما أدراك ما ليلةُ القدر لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ والرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِّن كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. وأنت تعلم أن الملائكة والروح لا ينزلون إلا بالحق، وتعالى الله عن أن يُرسلهم عبثًا وباطلاً. فإرسال الروح ههنا إشارة إلى بعث نبيّ أو مرسَل أو مُحَدَّث يُلقى ذلك الروح عليه، وإرسال الملائكة إشارة إلى نزول ملائكة يجذبون الناس إلى الحق والهداية والثبات والاستقامة، كما قال الله تعالى في مقام آخر: {إِذْ يوحي ربك إلى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا} (1)، أي هاتوا قلوبَهم وحَبِّبوا إليهم الإيمانَ والثبات والاستقامة، فهذا فعل الملائكة إذا نزلوا."

([2]) يقول الميرزا غلام: " وأُلقِيَ في روعي أن المراد من لفظ الروح في آية {يَومَ يَقُومُ الرُّوحُ} جماعةُ الرسل والنبيّين والمُحَدَّثين أجمعين الذين يُلقَى الروح عليهم ويُجعَلون مكلَّمين "

([3])إعلان 71 شهر 2 سنة 1891: يقول الميرزا غلام: " بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم، {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ}....أيها الإخوة المؤمنون...وقد سمعت أن بعضا من كبار علماء هذه المدينة يذيعون عني بهتانا أن هذا الشخص يدّعي النبوة وينكر الملائكة وينكر الجنة والنار، وكذلك يرفض وجود جبريل وليلة القدر والمعجزات ومعراج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رفضا باتا. لذا أقول للعوام والخواص وجميع الصلحاء إظهارا للحق بأن هذه التهمة افتراء بحت. لا أدّعي النبوة ولا أنكر المعجزات والملائكة وليلة القدر وغيرها. بل أعتقد بجميع الأمور التي تدخل في معتقدات الإسلام. كذلك أؤمن بكل ما هو مسلَّم الثبوت من القرآن والحديث كما هو اعتقاد أهل السنة والجماعة. كل من يدّعي النبوة أو الرسالة بعد سَيِّدنا ومولانا مُحَمَّد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - خاتَم المرسَلين أعدّه كاذبا وكافرا. أوقن أن وحي الرسالة بدأت من صفي الله آدم - عليه السلام - وانتهت على سَيِّدنا رسول الله مُحَمَّد المصطفى - صلى الله عليه وسلم -....، إنني أؤمن بكل ما ورد في القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة. لا أدّعي أني المسيح ابن مريم ولا أعتقد بالتناسخ بل أعلن أني مثيل المسيح فقط. وكما تشبه المُحَدَّثية النبوة كذلك حالتي الروحانية تشبه حالة المسيح ابن مريم الروحانية بشدة. إذًا، إني مسلم. أيها المسلمون، أنا منكم وإمامكم منكم بأمر من الله تعالى.... فملخص الكلام أنني مُحَدَّث الله ومبعوث من عند الله، ومسلم من المسلمين وقد جئت من رب السماوات والأرض للقرن الرابع عشر بصفة المسيح ابن مريم وصبغته ومجددا للدين..."

([4]) اعلان (81) الميرزا غلام بالكامل بشطب كلمة نبيّ من كلامه واستبدالها بكلمة مُحَدَّث سنة 1892: بسم الله الرحمن الرحيم، تجري مناظرة في لاهور بين الشيخ عبد الحكيم والسَيِّد مرزا غلام أحمد القادياني منذ بضعة أيام بموضوع إعلان النبوة الوارد في كتب ميرزا المحترم، وكان الشيخ المحترم يكتب اليوم بيانه الثالث ردًّا على بيانات مرزا المحترم السابقة. وفي أثناء الكتابة حُكم في الموضوع بناء على بيان مرزا المحترم التالي: المرقوم في 3/ 2/1892 م الموافق لـ 3 رجب 1309 هـ التوقيع: بركت علي المحامي في المحكمة العليا بالبنجاب. التوقيع: محيي الدين المعروف بـ صوفي التوقيع: رحيم بخش. التوقيع: فضل دين. التوقيع: رحيم الله التوقيع: أبو يوسف مبارك علي. التوقيع: حبيب الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله خاتم النبيّين. أما بعد فأقول لجميع المسلمين بأن كل الكلمات التي وردت في كتبي "فتح الإسلام" و“توضيح المرام" و“إزالة الأوهام" مثل: المُحَدَّث أو نبيّ من وجه أو أن المُحَدَّثية نبوة جزئية أو المُحَدَّثية نبوة ناقصة، كل هذه الكلمات ليس محمولة على معناها الحقيقي، بل ذُكرت من حيث معانيها اللغوية بكل بساطة. وإلا حاشا لله، فأنا لا أدّعي النبوة الحقيقية قط. بل كما قلت في الصفحة 137 من إزالة الأوهام إني أؤمن بأن سَيِّدنا ومولانا مُحَمَّد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم النبيّين. فأريد أن أوضح على الإخوة المسلمين جميعا أنهم إذا كانوا ساخطين من هذه الكلمات أو تشق على قلوبهم فليعتبروها مبدَّلة قليلا وليعتبروا أن كلمة "المُحَدَّث" من عندي لأني لا أريد الفُرقة بين المسلمين بحال من الأحوال. إن الله جلّ شأنه أعلم بنيتي منذ البداية وقد بيّن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - معناها بالمكلَّم. بأنني لم أقصد من كلمة "نبيّ" نبوة حقيقية قط بل المراد هو المُحَدَّثية فقط. فقال عن المُحَدَّثين: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أنبياء فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ (صحيح البخاري، كتاب المناقب، مناقب عمر بن الخطاب)، فلا مانع عندي من بيان هذه الكلمة بأسلوب آخر مراعاة لقلب إخوتي المسلمين. والأسلوب الآخر هو أن يستبدلوا بكلمة "نبيّ" كلمة "المُحَدَّث" في كل مكان، وأن يعتبروا كلمة "نبيّ" مشطوبة. إنني عازم على تأليف كتيب منفصل قريبا وسأشرح فيه بالتفصيل كل هذه الشبهات التي تنشأ في قلوب الذين يقرأون كتبي ويعتبرون بعض عباراتي منافية لمعتقدات أهل السنة والجماعة. فسأؤلّف قريبا كتيبا بإذن الله لأشرح بالتفصيل بأنها تطابق معتقدات أهل السنة والجماعة وسأزيل الشبهات كلها، الراقم: العبد المتواضع ميرزا غلام أحمد القادياني مؤلف توضيح المرام وإزالة الأوهام، 3/ 2/1892 م (مطبعة مُحَمَّدي، لاهور)

([5]) في كتاب (حقيقة الوحي) 1905-1907 1905 صفحة 133-يقول الميرزا غلام: " كذلك تمامًا كنت أعتقد في أول الأمر وأقول: أين أنا من المسيح ابن مريم؟ إذ إنه نبيّ ومن كبار المقربين عند الله تعالى، وكلما ظهر أمر يدل على فضلي كنت أعتبره فضلا جزئيًّا، ولكن وحي الله - سبحانه وتعالى - الذي نزل عليَّ بعد ذلك كالمطر لم يدعني ثابتًا على العقيدة السابقة، وأُعطيتُ لقب "نبيّ" بصراحة تامة، بحيث إنني نبيّ من ناحية، وتابعٌ للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومِن أُمته من ناحية أخرى. (1)

(1) • ولا يغيبنّ عن البال أن كثيرًا من الناس ينخدعون لدى سماع كلمة "نبيّ" في دعواي، ظانين وكأنني قد ادعيت تلك النبوة التي نالها الأنبياء في الأزمنة الخالية بشكل مباشر. إنهم على خطأ في هذا الظن. أنا لم أدّعِ ذلك قط، بل قد وهبتْ لي الحكمةُ الإلهية هذه المرتبةَ تدليلا على كمال الإفاضة الروحانية للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، حيث أوصلتني إلى درجة النبوة ببركة فيوضه - صلى الله عليه وسلم -. لذلك لا يمكن أن أُدعى نبيّا فقط، بل نبيّا من جهة، وتابعا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومِن أُمته من جهة أخرى. وإن نبوتي ظلٌّ لنبوة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وليست نبوةً أصلية (تأسيسية). ولذلك فكما سُمِّيتُ نبيّا في الحديث الشريف وفي إلهاماتي، كذلك سُمِّيتُ نبيّا تابعا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومِن أُمته أيضًا، ليُعلَم أن كل ما نلتُه من كمال إنما نلتُه بسبب اتّباعي للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - وبواسطته. منه.”.

([6]) النصوص من كلام الميرزا غلام التي جاء فيها ذكر سَيِّدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم على أنّه النبيّ الأخير:

1- في كتاب (البراهين الأحمدية) / من 1880 إلى 1884 ج 1 - 4 صفحة 23: "أولهم آدم وآخرهم أحمد، فمبارك مَن استطاع أن يرى الأخير، إن الأنبياء كلهم يملكون فطرة منيرة، ولكن أحمد - صلى الله عليه وسلم - أكثرهم نورا" واضح أنّ الميرزا يقر بأنّ سَيِّدنا مُحَمَّدًا عليه الصلاة والسلام هو آخر كافة الأنبياء بعد أن قال إنّ أولهم آدم وهذا يدل على الآخرية الزمنية، كما أنّ قول الميرزا أولهم آدم وآخرهم أحمد شمل كل أنواع النبوات بلا استثناء

.2- وفي "كتاب البراءة" 1898م صفحة 390 يقول الميرزا غلام: من المؤسف أنّهم لم يفكروا أنّ ما ورد في التوراة بأنّ المصلوب لا يُرفع إلى الله هي أهم علامة للأنبياء الصادقين، وكان في ذلك إشارة إلى أن الموت على الصليب يخصّ المجرمين، وكانت النبوءة أن الأنبياء الصادقين لا يموتون ميتة المجرمين، ولذلك لم يُصلب أي نبيّ صادق من آدم إلى الأخير. انتهى النقل نفي الصلب في الماضي بالنسبة لزمن الميرزا كما في قوله "يُصلب" أي بالفعل الماضي المبني للمجهول يفيد أنّ الأخير هو سَيِّدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم.

 3-. في كتاب (المسيح الناصري في الهند) للميرزا بالحاشية صفحة 75 وصف الميرزا سَيِّدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بأنه آخر الأنبياء بناءً على نص بوعد في التوراة – كما يدعي هو. يقول الميرزا غلام: " كان في التوراة وعد لبني إسرائيل أنهم إذا آمنوا بآخر الأنبياء فإنهم سوف يستعيدون، بعد تعرّضهم لكثير من المصائب، الحكمَ والسلطة في الزمن الأخير مرة أخرى. وقد تحقق ذلك الوعد عندما اعتنقت عشر من قبائل بني إسرائيل الإسلام، ولذلك كان بين الأفغان والكشميريين ملوك كبار. (المؤلف). وقول الميرزا " وقد تحقق ذلك الوعد " ينفي أنه ينقل نصا ولا يراه صحيحا، بل يراه صحيحا بإنجاز الله تعالى للوعد لليهود.

4- وفي كتاب (التحفة الغولروية) 1902 صفحة 105 يقول الميرزا غلام: "وما دام العثور على نظير هذه النبوءة [يقصد الميرزا غلام حديث الخسوفين] معدوما، فهي في الدرجة الأولى من بين جميع النبوءات التي ينْطبق عليها مضمون آية {لا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا}؛ لأنه قد صُرح فيها أنه ليس لها نظيرٌ منذ آدم إلى الأخير."

الميرزا يتكلم على نبوءة سابقة تنبئ عنه – كما يعتقد -، أي النبوءة في الماضي، وهو يقصد نبوءة الخسوفين، والميرزا يري أنّ قائل النبوءة هو سَيِّدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم.، فمن هو الأخير؟

5- وفي كتاب (عصمة الأنبياء) 1902م صفحة 112 يقول الميرزا غلام: " فباختصار، إنّ الشفاعة الحقيقية هي أنّ قانون الله تعالى الجاري منذ القِدم في الأمور المادية والروحانية هو أنّ جميع البركات تنتج عن الشفع، والفرق الوحيد هو أنّ قسما منه سُمِّي شفعًا والآخر سمِّي شفاعةً. وكما أنّ الإنسان بحاجة إلى الشفع للمحافظة على سلسلة النسل كذلك لبقاء السلسلة الروحانية هناك حاجة للشفاعة، وقد ذكر كلام الله تعالى كِلا النوعين. كما يقول في إحدى الآيات بأنّ الله خلق آدم زوجا ثم خلق من هذا الزوج رجالا كثيرًا ونساء. ويقول سبحانه وتعالى أيضًا بأنّه خلق على الأرض آدم خليفة له وكانت فيه روح الله. ثم ظل هذا النور ينتقل من آدم إلى أنبياء آخرين وورث هذا النور كلٌّ من إبراهيم وإسحاق وإسماعيل ويعقوب وموسى وداود وعيسى وغيرهم عليهم السلام، حتى بُعث نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وسلم الوارث الأخير. فكما حاز جميع الأنبياء الأطهار ملامح جسدية كوراثة من آدم كذلك نالوا منه لكونه الخليفةَ روح الله أيضًا. ثم بواسطتهم ظل غيرهم أيضًا يتلقون هذا الإرث بين حين وآخر" يقول الميرزا "حتى بُعث نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وسلم الوارث الأخير"

سيدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم هو الوارث الأخير للنور، ومن ضمن الورثة إسحاق وإسماعيل ويعقوب وداود وعيسى، فهل هؤلاء أنبياء تشريعيين؟، إذَنْ الوارث الأخير لنور النبوة هو سَيِّدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم..

6- . في كتاب (تذكرة الشهادتين) 1903م صفحة 126 يذكر الميرزا قوة الدعاء وأنّ الأنبياء من أولهم إلى آخرهم قالوا إنه سيكون المسيح الموعود حربة، وطبعا يقصد بآخرهم سَيِّدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، ويقصد نفسه بالمسيح الموعود، ولا يمكن أنْ يقال إنّه من ضمن هؤلاء الأنبياء وأنّه آخرهم، فهو يعتبر قول الأنبياء هؤلاء دليل على حاله، ولو اعتبر نفسه أنه منهم فلا يكون دليلا بل ادعاء. يقول الميرزا: " فاعلموا أن الدعاء حربةٌ أُعطيت من السماء لفتح هذا الزمان، ولن تغلبوا إلا بهذه الحربة يا معشر الخلان. وقد أخبر النبيّون من أولهم إلى آخرهم بهذه الحربة، وقالوا إن المسيح الموعود ينال الفتح بالدعاء والتضرع في الحضرة، لا بالملاحم وسفك دماء الأمة"

([7]) كما ورد في كتاب (فتح الإسلام) سنة 1890 صفحة 10 بالحاشية حيث يقول الميرزا غلام بخصوص المجددين: "ان تجديد الدين حالة مقدسة تنزل بثورة العشق أولا على قلب طاهر وصل درجة مكالمة الله، ثم تسري إلى الاخرين عاجلا أو آجلا. أن الذين ينالون من الله قوة على التجديد لا يكونون بائعي العظام الرميمة بل هم نواب رسول الله عليه الصلاة والسلام حقا وخلفاؤه الروحانيون. يجعلهم الله تعالى ورثة كافة النِعم التي يعطاها الأنبياء والرسل... وتعلمهم روح القدس في كل وقت عصيب ولا تشوب كلامهم أو عملهم شائبة من عبادة الدنيا لأنهم يكونون مطهرين كليا ومجذوبين بالتمام والكمال "

([8]) كتاب مكتوبات الشيخ أحمد السرهندي

([9]) كتاب (التبليغ) هو جزء باللغة العربية من كتاب (مرآة كمالات الإسلام) ولكن جماعة الميرزا غلام المسماة بالجماعة الأحمدية القاديانية نشرت كتاب ( التبليغ) ككتاب منفرد في موقعهم الرسمي.

([10]) كتاب (الخطبة الإلهامية) سنة 1900م صفحة 8: " فانظر كيف ذكر الله تعالى ههنا سلسلتين متقابلتين: سلسلة موسى إلى عيسى، وسلسلة نبيّنا خيرِ الورى إلى المسيح الموعود الذي جاء في زمنكم هذا، وإنه ما جاء من القريش كما أن عيسى ما جاء من بني إسرائيل، وإنه عِلْمٌ لساعةِ كافّةِ الناس كما كان عيسى عِلْمًا لساعة اليهود."

([11]) "ولما كان وعد المشابهة في سلسلتي الاستخلاف وعدًا أُكّد بالنون الثقيلة من الله صادق الوعد الذي هو أوّلُ من وفّى، اقتضى هذا الأمر أن يأتيَ الله بآخر السلسلة المُحَمَّدية خليفةٌ هو مثيل عيسى، فإن عيسى كان آخر خلفاء ملة موسى كما مضى، ووجب أن لا يكون هذا الخليفة من القريش "

([12]) يقول الميرزا غلام في كتاب (تذكرة الشهادتين) صفحة 47: " والعلامة الرابعة عشر للمسيح أنه ما كان من بني اسرائيل، لكونه بلا أب، ولكن مع ذلك كان النبيّ الاخير من السلسلة الموسوية، وولد في القرن الرابع عشر، من بعد موسى عليهما السلام، كذلك أنا؛ فلست انحدر من قبيلة قريش، وقد بعثت في القرن الرابع عشر، وكنت الأخير مبعثا."

([13]) قصة المسيح الثالث: يقول الميرزا في الصفحة 216 من كتاب (التذكرة) النسخة العربية في السطر الثاني من الفقرة (أ) " لقد كشف على أنّ عيسى عليه السلام قد أُخْبِرَ [أي أخبره الله تعالى] بهذه الريح السامة التي هبت في العالم بسبب الأمة المسيحية فتحركت روحه للنزول الروحاني وهاجت وتمنت أن يكون له نائب ومثيل في الأرض يماثله تماما في طبعه كأنّه هو لمّا رأى أنّ أمته هي أساس الفساد المدمر. فأعطاه الله تعالى بحسب الوعد [غالبا يقصد الميرزا غلام بالوعد ما قاله سَيِّدنا عيسى عليه السلام في القرآن الكريم " وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أحمد... سورة الصف (6)] مثيلا نزلت فيه عزيمة المسيح وسيرته وروحانيته وحصل بينه وبين المسيح اتصال شديد كأنهما قطعتان من جوهر واحد واتخذت توجهات المسيح قلبه مستقرا لها وارادت ان تتم ارادتها من خلاله، فبهذا المعنى عد شخصه [يقصد سَيِّدنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم] شخص المسيح ونزلت فيه ارادات المسيح الهائجة التي عد نزولها نزول المسيح في الاستعارات الإلهامية" ويقول الميرزا في السطر الثاني من الصفحة 217 مؤكدا ما سبق حيث رأى في الكشف "هاجت روح المسيح [يقصد صاحب الانجيل] بإعلام من الله وأرادت تبرئة ساحته من هذه التهم كلها، وطلبت من الله تعالى بعثة شخص يقوم مقامه، فَبُعِثَ نبيّنا الكريم [يقصد سَيِّدنا مُحَمَّدًا عليه الصلاة والسلام]... وكان هذا هو الهيجان الأول لروح المسيح، الذي ظهر متمثلا في بعثة سَيِّدنا ومسيحنا خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام فالحمد لله. ثم هاجت روحانية المسيح ثانية عندما تفشى الدجل في النصارى بوجه أتم وأكمل... فجاشت روحانية عيسى عليه السلام عندها ثانية، وأراد أن ينزل إلى الدنيا مرة أخرى على طريق التمثل. وعندما بلغت رغبته للنزول على سبيل التمثل ذروتها، أرسل الله بحسب رغبته [بحسب رغبة مَنْ؟ بالتأكيد المقصود رغبة سَيِّدنا عيسى عليه السلام، وهذا النص من الميرزا غلام يؤكد أن بعثة الميرزا غلام كانت بحسب رغبة روح سَيِّدنا عيسى عليه السلام كما يدعي الميرزا غلام، فأين الدليل على كل هذا الهراء وما بناه الميرزا غلام عليه من خزعبلات؟] في هذا الزمن شخصا هو مثال لروحانيته للقضاء على الدجَّال الموجود فسمي هذا المثيل مسيحا موعودا متصفا بصفة المسيح عليه السلام... وكان نزول المسيح نفسه ضروريا نظرا إلى الفتن الحالية، لأنّ أمة المسيح عليه السلام هي التي فسدت، وفي قومه انتشر الدجل، فكان حريا أن تهيج روحانيته هو الآن، ويكمل الميرزا ويقول: "وهذه هي المعرفة الدقيقة التي انكشفت على بالكشف." ويتابع الميرزا في الفقرة التالية: "وكشف علي أيضًا أن من المقدر أن ينتشر الفساد والشرك والظلم في العالم ثانية بعد انقضاء فترة الخير والصلاح وغلبة التوحيد، فيأكل البعض بعضا كالديدان ويسود الجهل ويبدأ الناس في عبادة المسيح ثانية وتنتشر جهالة اتخاذ المخلوق الها على نطاق واسع وستنتشر كل هذه المفاسد في الدنيا في الفترة الأخيرة من هذا الزمن الاخير على يد الديانة المسيحية، وعندها تهيج روحانية المسيح هيجانا مرة ثالثة، وتقتضي نزولها نزولا جلاليا فتنزل في صورة مثيل له قاهر، وينتهي ذلك الزمن، وعندها تكون النهاية ويطوى بساط العالم" ويكمل الميرزا المتنبئ في الصفحة 218:” لقد تبين من ذلك أن المقدر لروحانية المسيح عليه السلام أن تنزل إلى الدنيا ثلاث مرات جراء تصرفات أمته الخاطئة."

([14]) من علماء الهندوس

([15])هل الاختلاف والتناقض يكون في كلام العقلاء؟ وهل تنشأ الأنواع من سلالات من أنواع مختلفة؟

يقول الميرزا إنّ سلالة كل كائن حي تكون من نوعه فقط وهذا صحيح، ولكن ماذا نقول في قوله إنّ الحشرات تخرج من الحديد الصدئ، وإنّ بعض الطيور تخرج من التين البري أو أوراق الشجر؟ أو أنّ الدود في فصل الشتاء والمطر يخرج من الطين من غير أبوين؟ وهذه هي الأدلة على تناقض الميرزا غلام مدعي النبوة الدجال: 1- وحي الميرزا في سنة 1900 كما ورد في كتاب “الأربعين" صفحة 98: "... قلْ لو كان الأمر من عند غير الله لوجدتم فيه اختلافا كثيرا. هو الذي أرسل رسوله بالهُدى ودين الحق وتهذيب الأخلاق..."، وفي صفحة 100 يشرح الميرزا وحيه السابق فيقول "... قلْ لو لم يكن هذا الأمر من عند الله تعالى لما وجد في كلام الله ما يؤيده، ولكان هذا الأمر معارضا للـسبيل الـذي يذكره القرآن الكريم ولما وجد تصديقه في القرآن، ولما قام عليه أي دليل من الأدلة الحقّة، ولما وجد فيه قط نظام وترتيب وسلسلة علمية وذخيرة الأدلة التي توجد فيه الآن، ولما وجد معه شيء من الآيـات التي ترافقه الآن من السماء والأرض ...). إذَنْ لا بد من من تأييد الله لكلام الميرزا من خلال القرآن ومن خلال النظام والترتيب والسلسلة العلمية، فهل هناك ما يدل في القرآن الكريم على نبوة الميرزا بدلالة قطعية؟ أو النبوة البروزية الظلية؟ أو غير ذلك من الكثير من هراء الميرزا؟

2- يقول الميرزا بعدم وجود التناقض والاختلاف في كلام الله كما في كتابه ينبوع المعرفة صفحة 186: "... التناقض يستلزم أن يكون أحد الأمرين المتناقضين كذبا أو خطأ، والله أعلى وأسمى من منقصة كِلا النوعين "

3- وفي كتاب (الحرب المقدسة) يقول الميرزا "... من الواضح الجليّ أن قانون الله جلّ شأنه في الطبيعة ينص على أن سلالة كل كائن حي تكون من نوعه فقط. فترون أنّ كل أنواع الحيوانات بما فيها الإنسان والأحصنة والحمير والطيور تتوالد بحسب أنواعها. وليس أن يولد الطير من بطن الإنسان أو يحدث العكس."، طيب، كيف تتوالد بعض الطيور من التين البري، والحشرات من الحديد الصدئ كما سنرى من كلام الميرزا غلام؟

4 - ويقول الميرزا بعدم صحة التناقض والاختلاف في كلام الله كما في كتابه ينبوع المعرفة صفحة 19: " أيّة غباوة أن يبينوا شيئا مرة عند تقديم الدليل على هذه التحديدات ويبينوا نقيضه في مرة أخرى، لا يمكن أن يوجد مثل هذا التناقض في كلام الله، والكلام الذي يأتي بهذا التناقض يكفي لتفنيده ودحضه أنه يخالف وحدة نظام الله تعالى "، فهل وحدة نظام الله والسلاسل العلمية تقول بخلق بعض الأجناس مثل الحشرات والطيور والدود من أجناس أخرى؟، بل يقول الميرزا غلام أنّ الدود يخرج من الحديد الصدئ كما سنرى في نصوص تالية.

5- يقول الميرزا غلام في كتاب ينبوع المعرفة صفحة 265: " كذلك هناك خطأ آخر أيضًا في العلوم أي في البحوث الطبيعية إذ يُظَنُّ على وجه القطعية أن الديدان التي تتولد في الأشياء المادية تأتي من الهواء أي أن ديدان الهواء تدخل تلك الأشياء، ولكن هذه القاعدة نقضت في عدة مرات، فمثلا إنّ الدودة التي تتكون في المثانة بواسطة النطفة إنها لا تتكون من الهواء بحسب اعتراف العلماء ولا دخل فيها للهواء. كذلك الحشرات الصغيرة ذوات الأجنحة التي تتكون في ثمرة التين البري ولا تؤدي إلى فساد ثمرتها بل تجعلها حلوة وقابلة للأكل، لا علاقة لها أيضًا مع الهواء. فلأن ثمرة التين البري غير الناضجة تكون كنطفة لها بقدرة الله لا تُلاحظ فيها دودة ما دامت غير ناضجة فيُنضجها الناس ويأكلونها. ثم كلما تنضج رويدا رويدا تتكون من مغزاها كائنات صغيرة ذات أجنحة خضراء ولامعة إلى حد ما، ويأكل الناس تلك الثمرة مع الديدان “لا يتكون دود أو حيوانات منوية في المثانة، بل التكوين والنضج للحيوانات المنوية يكون في الجهاز التناسلي أي الخصية وأنبوب البربخ، وهو غير الجهاز البولي والذي منه المثانة البولية.

6- يقول الميرزا غلام في كتاب ينبوع المعرفة صفحة 131: " لقد ثبت بالبحوث الطبية أن في كل شيء في الأرض مادةَ دودة حيّةٍ، حتى أنّ الدودة تتولد في حديد صدئٍ أيضا. والأغرب من ذلك أنه قد لوحظت الديدان في بعض الأحجار أيضا. وكذلك لو خُزِّنت الغلال والفواكه، أيا كان نوعها، إلى فترة طويلة لتولدت فيها الديدان. وعندما يُدفن الإنسان بعد موته تمتلئ جثته بالديدان رويدا رويدا، والأغرب من كل ذلك أن هناك شجرة معروفة اسمها التين البري، لا تتولد في ثمرتها كائنات ما بقيت خضراء وكلما نضجت تكونت فيها الكائنات، وعندما تفتح الثمرة تطير منها الحشرات أحيانا. وفي بعض الأحيان عندما يفسد بيض الدجاجة أو البط تتولد فيه مئات الكائنات بدلا من الفراخ..."

7- ويقول في نفس الكتاب تأكيدا لخلق الحشرات والدود من التين وأوراق الشجر: صفحة 266: " فالاعتقاد أن كافة الديدان التي تتولد هي ديدان الهواء فقط ليس صحيحا، بل يمكن أن يُطرح هنا سؤال آخر أيضًا أن الهواء خالٍ من الحشرات في الحقيقة. والدليل على ذلك أنكم إذا تسلقتم جبلا شاهقا ذا سطح مكشوف وخالي من كل عائق يكون الهواء هنالك بريئا من الديدان. أو قولوا إن شئتم إن الديدان فيه تكون قليلة جدا. لهذا السبب يفيد الهواء على مثل هذه الجبال المصابين بمرض السل إذ يكون الهواء في الطبقات العليا خاليا من الديدان تماما. ولا يسع أحدا إنكار أن الهواء الأقرب إلى سطح الأرض حين لا ينال نصيبا كافيا من حر الشمس أو لا يتأثر من برد الثلوج القارسِ يكون مليئا بالديدان لأنه لا يبقى على بساطته. فتبين من ذلك أنه لا توجد دودة في الهواء في الحقيقة بل عندما تختلط معه النجاسة والرطوبة المؤقتة تتولّد فيه الديدان. ولأن الهواء محيط بكل الأشياء لذا فإن الهواء الفاسد عندما يؤثر في الأشياء الأخرى تتولد الديدان فيها أيضا. والأغرب من ذلك أنه لو وُضعت خمسون برتقالة مثلا أو فواكه أخرى في مكان واحد إلى مدة معينة لفسدت بعض الثمار دون أن يفسد بعضها الآخر إلى مدة طويلة مع أنها تكون تحت تأثير الهواء نفسه. وأضفْ إلى ذلك أنه كلما كان الهواء نظيفا قلَّ تولّد الديدان، فتبين من ذلك أن الديدان نوعان: أولاها التي لا تتولد بتأثير الهواء الفاسد بل تتولد بمحض قدرة الله وحكمته في ورقة خضراء أو ثمرة نضرة مثل حشرة تتولد في التين البري أو حشرة في شجرة البلوط وهي تساوي الجرادة حجما، وكذلك الكائنات في النطفة أو الديدان التي توجد تحت طبقات الأرض الغائرة، والنوع الثاني من الديدان التي تتولد نتيجة الهواء الفاسد. وهذا الهواء عندما يؤثر في غذاء يمكن أن تتولد فيه آلاف الديدان بتأثير ذلك الهواء. فمن خطأ العلماء أنهم ينسبون كل دودة تتولد إلى هواء فاسد، ومما يجدر بالنقاش أيضًا أنه من أين تأتي الديدان التي تتولد في الطبيخ وأشياء أخرى من هذا القبيل؟، الحق أن الهواء الفاسد الذي نشأت فيه الديدان عندما يؤثر في طعام أو غيره تتولد فيه الديدان نتيجة تأثيره، لو كان الأمر مقتصرا فقط على أن الديدان الموجودة في الهواء تدخل الطعام لما سلم طعام من الديدان قط، ولنشأت آلاف الديدان في كل طعام فورا بعد أن جهّزناه ووضعناه أمامنا، لأن الديدان موجودة في الهواء سلفا والطعام أيضًا مكشوف ولا يوجد سبب للتأخير، وإذا قلتم بأنها تكون دقيقة في البداية فأرونا بواسطة المنظار أين الديدان في الطعام الطازج؟ باختصار، إنه خطأ كبير وقع فيه العلماء؛ إنهم يحاولون أن يكشفوا عقدة أسرار الله ولكنهم يفشلون وتخيب آمالهم" .هذه النصوص من كتاب ( ينبوع المعرفة) تدل دلالة قطعية على قصد الميرزا بتوالد الحشرات والطيور والدود من غير سلالته وأنه ليس بسبب الجسيمات المحمولة بالهواء في بعض الأحيان.

[16] كتاب فتاوي المسيح الموعود هو من جمع أتباع الميرزا غلام وهو باللغة الاردية ولم ينشر باللغة العربية حتى اللحظة، ولكن لدينا نسخة من ترجمة المكتب العربي للجماعة الأحمدية القاديانية وهي مترجمة من الأصل الأوردو، وقد حصلنا عليه من أحد علماء الأحمدية قبل توبته، ومن لا يثق فيما أوردناه من هذا الكتاب من نصوص فعليه سؤال علماء الأحمدية هل هذا النص صحيح أم لا.

[17] كتاب (الملفوظات) هو من جمع أتباع الميرزا غلام وهو باللغة الاردية، وقد تم ترجمته مؤخرا باللغة العربية.

([18]) الصفحة المشار إليها في النسخة المترجمة للعربية هي صفحة 573.

([19]) في كتاب (البراهين الأحمدية) صفحة 573 يقول الميرزا غلام: “ثم قال بعد ذلك [يقصد الوحي] "إنَّا أنْزَلنَاهُ قَرِيبًا مِنَ الْقَاديَانِ. وَبِالْحَقِّ أنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ. صَدَقَ اللهُ وَرَسُولَهُ وَكَانَ أمْرُ اللهِ مَفْعُولاً." أي: قد أنزلْنا هذه الآياتِ والعجائبَ وهذا الإلهام المليء بالمعارف والحقائق بالقرب من قاديان، وأنزلناها وفقًا للضرورة الحقة، وقد نزل بناء على الضرورة الحقة، أنبأ الله ورسوله بأمور تحققت في موعدها، وكان أمر الله مفعولاً لا محالة، والكلمات الأخيرة من الوحي إشارة إلى أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد أشار في حديثه المذكور آنفا إلى بعثة هذا الرجل، كما أن الله تعالى قد أشار إليه في كلامه المجيد. أما الإشارة النبوية فقد سبق أن سُجّلتْ في الإلهامات المذكورة في الجزء الثالث من هذا الكتاب، أما الإشارة القرآنية فهي مذكورة في الآية: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (الصف: 10) هذه الآية تتضمن نبوءة بحق المسيح - عليه السلام - ماديًّا وسياسيًّا. وإن الغلبة الكاملة التي وُعد بها الإسلام ستتحقق بواسطة المسيح؛ فعندما يأتي المسيح - عليه السلام - إلى الدنيا ثانية سينتشر الإسلام على يده في جميع الأقطار والأمصار" في كتاب التذكرة صفحة 47 كتب الناشر في الحاشية: " كتب المسيح الموعود - عليه السلام - في الحاشية هنا: "أي: ليُظهِر دينَ الإسلام بالحجج القاطعة والبراهين الساطعة على كل دين ما سواه، أي ينصر الله المؤمنين المظلومين بإشراق دينهم وإتمام حجّتهم."

([20]) الاعلان 81 المرقوم في 3/ 2/1892 م الموافق لـ 3 رجب 1309 هـ

([21])

([22]) عرضت موضوع الفارق بين الطبعة في 2012 وبين بقية الطبعات اللاحقة على الاخوة العارفين للغة الاردو بعد اعطائهم نسخة أصلية بالأردو لنفس الصفحة، وأنتظر رأيهم.

روابط الفيديوهات المخصصة لإثبات ارتداد الميرزا غلام القادياني عما كتبه من عقائد و أفكار و أصول الاستدلال في كتابه البراهين الاحمدية الأجزاء الأربعة الأولى

https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2022/05/blog-post.html

فهرس الجزء الأول والثاني لكتاب "حقيقة الطائفة الأحمدية القاديانية"

فهرس الجزء الأول:

إهداء وعرفان بالجميل: صفحة 3

مقدمة : صفحة 4

تنبيهات لا بد منها صفحة: 6

قصتي مع الأحمدية القاديانية: صفحة 17

الباب الأول: صفحة 24

الفصل الأول: التعريف بالجماعة الأحمدية القاديانية: صفحة 24

الجماعة الأحمدية القاديانية جماعة تكفيرية انفصالية: صفحة 26

أولًا: بعض أدلة تكفير الميرزا غلام للمسلمين كما وردت في كتبه.: صفحة 27

ثانيًا بعض نصوص التكفيرمن كُتُب الخليفة الأحمدي الثاني بشير الدين محمود وهو المؤسس الثاني لجماعتهم والموصوف بأنّه المصلح الموعود.: صفحة 35

ثالثا أدلة اعتبار الطائفة الأحمدية جماعة انفصالية: صفحة 39

2- الطائفة الأحمدية القاديانية أخطر على المسلمين من اليهود والنصارى: صفحة 45

والآن لماذا من الضروري جدًا مقاومة الطائفة الأحمدية القاديانية: صفحة 46

أولا: هم يتبعون رجلًا ادعى النبوّة والرسالة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا في حد ذاته كفر ونقض للعقيدة: صفحة 46

ثانيا: إفسادهم لعقيدة المسلمين بادّعاء بنوة الميرزا غلام الاستعارية لله.: صفحة 49

ثالثا: استباحة الإساءة للأنبياء والمرسلين وبخاصة سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم: صفحة 51

رابعًا: فتح باب النبوّة إلى يوم القيامة، وهذا بخلاف أنّه كفر بالله وبكتابه، إلا أنّه سياسيًا واقتصاديًا يزيد من تفرقة وتفتيت الأمة الإسلامية إلى مكونات أصغر وأصغر، فيصبح لكل مدَّعي للنبوة أتباع وكتاب يجمع فيه وحيه وسنته.: صفحة 52

النصوص التي ورد فيها من كلام الميرزا غلام استمرار النبوة الى يوم القيامة: صفحة 52

خامسًا: صفحة 52

سادسًا: لا يحبون الخير لغير الأحمديين القاديانيين: صفحة 53

الفصل الثاني: صفحة 58

مَنْ هو الميرزا غلام القادياني مؤسس الطائفة الأحمدية القاديانية: صفحة 58

الفصل الثالث: صفحة 64

العطاءات الربانية اليلاشية للميرزا غلام: صفحة 64

الأمر الأول: أهمية معرفة متى بدأ وحي النبوة والرسالة التي ادّعاها الميرزا غلام؟: صفحة 65

أقوال علماء الأحمدية لتحديد بداية وحي النبوّة تأكيدًا لكلام الميرزا غلام: صفحة 69

الأمر الثاني قبل ذكر العطاءات الشخصية للميرزا نبين أهمية كتاب (البراهين الأحمدية): صفحة 71

والآن نبدأ بذكر مختصر لهذه العطاءات ثم ذكر النصوص التي وردت فيها هذه العطاءات وإثبات مخالفة الميرزا غلام لها إذا لزم الأمر.: صفحة 75

أولًا: ادعائه أنه هو الحَكُم العَدل: صفحة 76

ثانيا: ادعاءه أنَّ الله تعالى قد أصلحه تمام وكمال الإصلاح وكان في سنة 1878: صفحة 80

النصوص التي تثبت إقرار الميرزا غلام بخصوص اقتباسه من كتب الأدباء الآخرين: صفحة 85

ثالثًا: ادعاءه أنه من المطهرين وأنّ الرحمن علمه القرآن، وأن سيدنا مُحَمَّدا صلى الله عليه وسلم هو معلمه بعد الله تعالى: صفحة 87

رابعًا: ادعاءه أن ربه سماه آدم والمهدي: صفحة 91

خامسًا: ادعاءه بالعصمة: صفحة 93

1- كتاب (مرآة كمالات الإسلام) وما ادعاه من مجموعة عطاءات فيه: صفحة 96

2-: ما ادعاه من مجموعة عطاءات في كتاب (الأربعين): صفحة 102

3-: ما ادعاه من عطاءات في كتاب (الهدى والتبصرة لمن يرى): صفحة 103

الباب الثاني: صفحة 109

المبادئ والأساسيات العقائدية والفكرية للطائفة الأحمدية القاديانية: صفحة 109

الفصل الأول: النبوة.: صفحة 109

1- الأساس الأول: اعتقادهم الجازم بنبوة ورسالة الميرزا غلام، وأنّ سيدنا مُحَمَّدا صلى الله عليه وسلم ليس بآخر الأنبياء، واستمرار النبوة في الأمّة الإسلامية إلى يوم القيامة.: صفحة 109

النقطة الأولى: النصوص من كلام الميرزا غلام التي يقر فيها بأنّ سيدنا مُحَمَّدا صلى الله عليه وسلم هو آخر النبيين من غير تخصيص الآخرية للأنبياء التشريعيين: صفحة 116

النقطة الثانية: النصوص من كلام الميرزا غلام التي تثبتُ أنّه ينكر أنْ تكون نبوته نبوة حقيقية، ويصر على مدى سنين كتاباته المنشورة في الموقع الرسمي للأحمديين أن نبوته نبوة غير حقيقية وهي استعارية مجازية اصطلاحية: صفحة 118

النقطة الثالثة: النصوص التي تثبت اعتقاد الميرزا غلام أنه النبيّ والرسول الوحيد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه اللبنة الأخيرة في عمارة الأنبياء، وهذا يكسر تفاسيرهم الخاطئة لآيات يعتقدونها تدل على استمرار النبوة: صفحة 121

2-. الأساس الثاني: الاعتقاد بموت سَيِّدنا عيسى عليه السلام، وأنّ الله تعالى أخفى عن المسلمين عقيدة موت سَيِّدنا عيسى عليه السلام لمدة تزيد على 1300 سنة.: صفحة 128

3- الأساس الثالث: ادعاء الميرزا غلام القادياني بأنه ظل وبروز لسَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ومثيل سَيِّدنا عيسى عليه السلام.: صفحة 130

4- الأساس الرابع: تعريف الميرزا غلام للنبيّ والنبوة التشريعية.: صفحة 135

5- الأساس الخامس: الاعتقاد بالبنوة الاستعارية لله سواء للميرزا غلام أو لسَيِّدنا عيسى عليه السلام: صفحة 151

الفصل الثاني: أدلة الميرزا غلام لإثبات نبوته: صفحة 153

6- الأساس السادس: ادعاء سوء فهم الأنبياء للوحي من الله تعالى وبخاصة النبوءات المستقبلية.: صفحة 153

النصوص من الميرزا تبيّن عقيدته أنّ عدم فهم مدعي النبوة للكلام الذي يدّعي أنّه من الله تعالى إنما يدل هذا على أنه كذاب.: صفحة 155

7-الأساس السابع: التنبؤات الغيبية المطاطية: صفحة 172

8- الأساس الثامن: نَسَبُ وعائلة الميرزا غلام القادياني.: صفحة 176

9- الأساس التاسع: التأويل الباطني للنصوص القُرآنية والأحاديث: صفحة 179

10- الأساس العاشر: التأويل الباطني لنبوءات سابقة لتناسب الميرزا غلام.: صفحة 180

11- الأساس الحادي عشر: اعتبار بعض العقائد في كتب أهل الكتاب صحيحة، واستغلالها لإثبات بعض الأفكار والعقائد الأحمدية على أنها صحيحة، وسيتم ان شاء الله تعالى الرد تفصيلا على فساد الاستدلال من كتب اليهود والنصارى المحرفة بإقرار من الميرزا غلام: صفحة 184

12- الأساس الثاني عشر: فصاحة الميرزا الإعجازية في اللغة العربية: صفحة 190

13- الأساس الثالث عشر: مفهوم الاهانة عند الميرزا غلام وابنه محمود، حيث أن من أدلة صدق الميرزا غلام أن ربه قد وعده بأنه سيهين من يهينه من المعارضين: صفحة 203

14- الأساس الرابع عشر: الادعاء أنّ الزيادة العددية لهم تعني صحة عقيدتهم وأنهم على الحق.: صفحة 206

15- الأساس الخامس عشر: استحقاق العالم للعذاب لأنّهم لم يؤمنوا بالميرزا نبيًا.: صفحة 207

الفصل الثالث: صفحة 210

16 - الأساس السادس عشر: الاعتداد بالأفكار والأقوال المتأخرة والارتداد عما كان يعتقده الميرزا غلام سابقًا.: صفحة 210

الارتداد الأول: صفحة 211

الارتداد الثاني: صفحة 211

الارتداد الثالث: صفحة 211

4 الارتداد الرابع: صفحة 212

5-الارتداد الخامس: صفحة 221

6-الارتداد السادس: صفحة 222

7-الارتداد السابع: صفحة 223

8-الارتداد الثامن: صفحة 233

بالتفسيرات المختلفة من الميرزا غلام لمعنى "المنعم عليهم": صفحة 239

9- الارتداد التاسع: صفحة 243

10-الارتداد العاشر: صفحة 247

11-الارتداد الحادي عشر: صفحة 248

الفصل الرابع: متفرقات: صفحة 253

17- الأساس السابع عشر: إنكار معجزات الأنبياء، وبخاصة إنكار إمكانية إحياء بعض الموتى قبل يوم القيامة، كما أنّ إنكار معجزات الأنبياء جعل من الأحمدية غطاءً دينيًّا يختبئ تحته كل كاره للدين وللأنبياء الأطهار.: صفحة 253

النصوص من كلام الميرزا غلام المثبتة لاعتقاد الميرزا غلام بإمكانية احياء الموتى في الحياة الدنيا: صفحة 256

18. الأساس الثامن عشر: إنكار نزول الملائكة من السماء.: صفحة 259

19- الأساس التاسع عشر: إسقاط فريضة جهاد الحكومة الانجليزية.: صفحة 263

أوّلا: علاقة الميرزا غلام بملكة بريطانيا رئيسة الكنيسة الانجيلية وتودده لها بشكل مهين.: صفحة 264

ثانيا: إقرار الميرزا غلام بأنه وعائلته من غرس الانجليز.: صفحة 267

ثالثا: علاقة الميرزا غلام بالحكومة الإنجليزية ومنعه لجهاد المحتل بالرغم من حرص الحكومة الإنجليزية على تنصير المسلمين.: صفحة 268

رابعا: دعم الميرزا غلام للحكومة الإنجليزية لاحتلال دولة ترانسفال.: صفحة 271

خامسا: علاقة الميرزا غلام بالقساوسة.: صفحة 273

سادسا: لماذا كان الميرزا غلام يهاجم القساوسة ويعتبرهم الدجال؟: صفحة 275

20- الأساس العشرون: الاعتقاد بتغير الإرادة الإلهية وتغير الصِبْغَة مما سمح للميرزا بالنصب على الناس وعدم الالتزام بالتعهدات.: صفحة 276

21- الأساس الواحد والعشرون: الإعتقاد بجواز النسخ في عقيدة الميرزا غلام: صفحة 278

الباب الثالث: صفحة 281

أصول الاستدلال التي أقر بها الميرزا غلام: صفحة 281

الأصل الأول: وهو أهم أصل من أصول الاستدلال عند الميرزا غلام.: صفحة 282

الكتب المُسَلَّم بها التي ذكرها الميرزا غلام: القرآن الكريم، ثم صحيح البخاري، ثم صحيح مُسْلِم، ثم صحيح الترمذي وابن ماجة والموطأ والنسائي وأبو داوود والدارقطني.: صفحة 282

بعض الأصول الأخرى والأساسية التي تتعلق بتوصيف الأدلة من القرآن الكريم والأحاديث: صفحة 283

1- التفسير بالرأي: صفحة 291

2- الحديث الصحيح: صفحة 293

3- الحديث المتصل: صفحة 296

4- الحديث المرفوع: صفحة 297

5- الحديث المتواتر: صفحة 298

الأصل الثاني: بثبوت الرسالة يثبت كل كلام الرسول، فما هي إثباتات نبوة ورسالة الميرزا غلام القادياني؟: صفحة 302

الأصل الثالث من أصول الاستدلال: رفض الاستخارة لإثبات نبوة الميرزا غلام.: صفحة 304

الأصل الرابع من أصول الاستدلال: لا يصح الادعاء بلا دليل ثم الإتيان بكلام هراء بناء على الادعاء نفسه.: صفحة 307

الأصل الخامس من أصول الاستدلال: نوعيات ومستويات الأدلة كما يراها الميرزا غلام.: صفحة 311

الأصل السادس من أصول الاستدلال: إذا تطرق الاحتمال الى الدليل سقط الاستدلال به: صفحة 316

الأصل السابع من أصول الاستدلال: الأدلة القطعية هي البَيِّنات التي أرسل الله تعالى بها الأنبياء لإثبات صدقهم.: صفحة 317

الأصل الثامن من أصول الاستدلال: استخدام الألفاظ الحاكمة مثل "الحدود والشهادة والتصريح " يثبت دجل الميرزا.: صفحة 325

الأصل التاسع من أصول الاستدلال: من الذي يملك التفسير الصحيح للإلهام أي النبوءات؟ هل الملهم نفسه أم غيره؟: صفحة 327

الأصل العاشر من أصول الاستدلال: أولوية تفسير النصوص القُرآنية والحديثية بالظاهر، ولا يحال إلى غير ذلك الا بقرينة قوية صارفة.: صفحة 330

الأصل الحادي عشر من أصول الاستدلال: إنكار إخراج الألفاظ القُرآن والحديث الاصطلاحية إلى معانيها اللغوية أو الاجتهادية.: صفحة 336

الأصل الثاني عشر من أصول الاستدلال: منع تخصيص العام أو الاستثناء منه إلا بدليل قطعي: صفحة 354

الأصل الثالث عشر من أصول الاستدلال: "القَسَمُ يدل على أنّ الخبر محمول على الظاهر لا تأويل فيه ولا استثناء: صفحة 359

الأصل الرابع عشر من أصول الاستدلال: الدليل المركب من أجزاء لا يمكن الاستدلال به إلا بوجود الأجزاء جميعها معا: صفحة 367

الأصل الخامس عشر من أصول الاستدلال: حتمية ذكر اسم مدَّعي النبوّة في القُرآن وإلا كان كاذبا: صفحة 370

الأصل السادس عشر من أصول الاستدلال: تحريف التوراة والانجيل، والقرآن حكم عليهما، وإنّه لا يصح قبول أي نص فيهما لم يُذكر في القرآن الكريم.: صفحة 373

والآن مع نصوص إثبات التحريف كما جاء في كتب الميرزا غلام المنشورة في الموقع الرسمي للجماعة الأحمدية: صفحة 374

والآن ننتقل إلى نصوص من كلام الميرزا غلام تبين ما معنى أن يكون القُرآن حكمٌ على كتب أهل الكتاب؟: صفحة 378

الأصل السابع عشر من أصول الاستدلال: تعريف القدر المبرم والقدر المشروط.: صفحة 384

الأصل الثامن عشر من أصول الاستدلال: المواصفات الحتمية للنبوءات الغيبية للرسل والأنبياء: صفحة 390

في الفترة من 1880م إلى ما قبل نشر كتاب (إزالة خطأ) في شهر 11/1901: صفحة 392

الأصل التاسع عشر من أصول الاستدلال: اعتبار المصطلحات الصوفية غير الشرعية القرآنية مثل النبوة الاصطلاحية والبروزية والظلية مصطلحات خاظئة.: صفحة 409

الباب الرابع: صفحة 423

لماذا يصر الأحمديون على الباطل مع ظهور الحق بوضوح؟: صفحة 423

إبراء الطائفة الأحمدية من بعض ما نسب إليها: صفحة 428

1- هل الغلام القادياني ادعى الألوهية؟: صفحة 429

2-هل مات الغلام القادياني في بيت الخلاء؟: صفحة 429

3-- هل ادعى الغلام القادياني أنه تلقى كتابًا جديدًا غير القرآن الكريم؟: صفحة 429

4-هل يوجد عند الطائفة الأحمدية كتابًا مقدسًا يسمى الكتاب المبين؟: صفحة 429

5-هل تبيح الطائفة الأحمدية المخدرات والخمور؟: صفحة 429

6-هل تصلي الطائفة الأحمدية باتجاه قاديان بلد الغلام القادياني؟: صفحة 430

7-هل تحج الطائفة الأحمدية لقاديان؟: صفحة 430

8-هل الطائفة الأحمدية تشكل خطرًا على الأمن في المجتمعات؟: صفحة 430

"الدولة الإلهية السماوية": صفحة 431

مرض الميرزا غلام بالهستيريا: صفحة 434

كلمات مكررة في الكتب الأحمدية باللغة الأردية والفارسية والهندية ومعناها باللغة العربية كما ورد في مقدمة كتاب (التذكرة) وكتاب (سر الحقيقة): صفحة 442

كتب الميرزا غلام المنشورة في الموقع الرسمي: صفحة 454

كتب كتبها الميرزا غلام باللغة العربية كما يدعي: صفحة 454

كتب كتبها الميرزا غلام باللغة الأردو وتم ترجمتها: صفحة 454

فهرس الجزء الثاني من كتاب "حقيقة الطائفة الأحمدية القاديانية"

مقدمة الجزء الثاني صفحة 3

بعض أصول الاستدلال التي ذكرتُها في الجزء الأول: صفحة 10

أولًا: الكتب المَوثوقٌ بها والمٌعترفٌ بها والمُسَلمٌ بها عند الميرزا وأتباعه(). صفحة 10

ثانيًا: لا يصح الادعاء بلا دليل. صفحة 18

ثالثًا: نوعيات ومستويات الأدلة كما يراها الميرزا غلام. صفحة 19

رابعًا: إذا تطرق الاحتمال إلى الدليل سقط الاستدلال به صفحة 21

خامسًا: منع تخصيص العام أو الاستثناء منه إلا بدليل قطعي صفحة 22

سادسًا:مواصفات النبوءات كما يصرح الميرزا وهل تنطبق على نبوءاته. صفحة 24

الفصل الثاني من الباب الأول صفحة 27

نصوص الميرزا التي تبيّن إقراره بعدم فهمه أو علمه لوحي ربه يلاش له صفحة 27

رد علماء الأحمدية بخصوص عدم فهم الميرزا لوحيه صفحة 38

الميرزا غلام يدعي أنه أفضل من الكثير من الأنبياء. صفحة 40

وأن الوحي باللغة العربية هو أكمل الوحي، وبغيرها هو وحي ناقص. صفحة 40

الفصل الثالث من الباب الأول صفحة 49

أمثلة لأخطاء الأنبياء في فهم بعض الوحي.بحسب إدعاء الميرزا صفحة 49

الفصل الرابع من الباب الأول صفحة 51

مستوى علم وفهم الأنبياء.كما ورد في كتب الميرزا غلام صفحة 51

أولًا: من له الحق في تفسير وشرح إلهام الملهم؟ صفحة 51

ثانيًا: النور والفرقان الذي أعطاه الله تعالى للمؤمنين التقاة صفحة 52

ثالثًا: حال المصلحين والباحثين عن الحق.في رأي الميرزا صفحة 54

رابعًا: رأي الميرزا غلام فيمن قال بأخطاء الأنبياء من الفلاسفة(): صفحة 57

خامسًا: الأنبياء لا يعلمون الغيب إلا ما أعلمهم الله تعالى به. صفحة 60

سادسًا: الصالحون وأولهم الأنبياء يسارعون في الخيرات. صفحة 61

الفصل الخامس من الباب الأول صفحة 62

كيف نستطيع أن نحكم على فعل محدد أنه خطأ أو صواب؟ صفحة 62

أولًا: من كلام الميرزا غلام: صفحة 62

ثانيًا أمثلة حياتية لمعرفة الخطأ والصواب في الفهم والتصرف. صفحة 64

المثال الأول: صفحة 64

المثال الثاني: صفحة 65

المثال الثالث: صفحة 67

المثال الرابع: صفحة 69

الباب الثاني صفحة 72

تفنيد كلام الميرزا بخصوص أخطاء الأنبياء في بعض فهم الوحي صفحة 72

الفصل الأول من الباب الثاني صفحة 72

مكان هجرة سَيِّدنا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم لليمامة أو هَجَر صفحة 72

الفصل الثاني من الباب الثاني صفحة 74

الحديث: أَطْوَلُكُنَّ يَدًا صفحة 74

الفصل الثالث من الباب الثاني صفحة 82

قصة الحديبية صفحة 82

الفصل الرابع من الباب الثاني صفحة 87

قصة ابن صياد صفحة 87

الفصل الخامس ثاني من الباب الثاني صفحة 89

سَيِّدنا موسى عليه السلام والأرض المقدسة صفحة 89

الفصل السادس من الباب الثاني صفحة 93

سَيِّدنا نوح عليه السلام وابنه. صفحة 93

الفصل السابع من الباب الثاني صفحة 99

قصة سَيِّدنا إبراهيم عليه السلام والذبح العظيم صفحة 99

الفصل الثامن من الباب الثاني صفحة 104

سَيِّدنا يونس عليه السلام صفحة 104

الباب الثالث صفحة 114

الفصل الأول من الباب الثالث صفحة 114

نبوءة عُمْر الميرزا غلام وإثبات عدم تحققها. صفحة 114

بعض النصوص التي تثبت التصريح بنبوءة عُمْر الميرزا غلام: صفحة 117

نصوص لأتباع الميرزا غلام تحدد تخمينًا سنة مولده صفحة 122

ما هو رأي الجماعة الأحمدية القاديانية بخصوص سنة مولد الميرزا غلام؟ صفحة 125

أولا: هل حساب عمر الميرزا غلام حينما مات كان بالهجري، أم بالميلادي؟ صفحة 145

ثانيا:الإشكالات في جدول نتائج البحث الذي أنشأه علماء الأحمدية. صفحة 147

ثالثا: الإشكلالات في اختيار يوم 13/2/1835 ليوم مولد الميرزا غلام صفحة 153

تحريف الجماعة الأحمدية لإثبات تحقق نبوءة عمر الميرزا غلام صفحة 166

الفصل الثاني من الباب الثالث صفحة 174

نبوءة المصلح الموعود وإثبات عدم تحققها صفحة 174

قصة المصلح الموعود، ولماذا لم يقرر الميرزا أنّ محمود هو المصلح الموعود.صفحة 175

الكفاءات الفطرية والعلمية والعقلية لبشير الدين محمود. صفحة 183

جدول بالتواريخ المهمة المتعلقة بنبوءة "المصلح الموعود": صفحة 190

أدلة علماء الأحمدية لإثبات أنّ محمود هو "المصلح الموعود" صفحة 194

دليلهم الأوّل: صفحة 194

دليلهم الثّاني: صفحة 194

دليلهم الثّالث: صفحة 195

دليلهم الرّابع: صفحة 195

قصة المصلح الموعود من خلال السرد الزمني للنصوص. صفحة 196

الميرزا يدافع عن النبوءة قبل ولادة ابنته عصمت من الحمل الأول. صفحة 224

النص في هذا الإعلان أنّ الابن الموعود سيجيء خلال تسع سنوات حتمًا صفحة 224

مناقشىة أدلة الأحمدية لإثبات أنّ بشير الدّين محمود هو المصلح الموعود. صفحة 249

مناقشة أدلة الأحمدية التي يحاولون من خلالها إثبات أنّ محمود هو المصلح الموعود صفحة 252

دليلهم الأول: صفحة 252

دليلهم الثاني: صفحة 255

دليلهم الثالث: صفحة 273

دليلهم الرّابع: صفحة 275

أولا نعلق على الجزء الأوّل: من كلام البشير أحمد بخصوص بشير الدّين محمود: صفحة 281

ثانيا التعليق على كلام جلال الدين شمس أنّ بشير الدّين محمود هو المصلح الموعود صفحة 294

والخلاصة: صفحة 298

أخطاء الميرزا غلام الكثيرة في نبوءة واحدة وهي نبوءة المصلح الموعود صفحة 299

نبوءة زواج الميرزا غلام من محمدي بيجوم وإثبات عدم تحققها صفحة 301

النقاط التي سوف أتكلم عليها في هذا البحث: صفحة 301

أولًا: التعريف بنبوءة الميرزا غلام بالزواج من السيدة محمدي بيجوم صفحة 302

ثانيا: تعريف القدر المبرم وعلاقته بنبوءة زواج الميرزا بالسيدة محمدي صفحة 310

أمثلة من كلام الميرزا غلام بخصوص تعريفه للقدر المبرم صفحة 315

إقرار الميرزا غلام بأنّ موت زوج محمدي قدر مبرم صفحة 318

ثالثا: العلامات المثبتة لإدعاء الميرزا بأنه المسيح الموعود وحتمية زواج الميرزا غلام الثالث وإنجاب الابن الموعود من هذا الزواج. صفحة 322

رابعًا:هل لزوج السيدة محمدي دخل بنبوءة زواج الميرزا منها. صفحة 326

خامسًا:بيان أهمية التشابه بين نبوءة الزلازل ونبوءة زواج الميرزا من محمدي صفحة 331

سادسا: رأي الخليفة الأحمدي نور الدين في نبوءة الميرزا غلام هذه؟ صفحة 332

سابعًا: هل سيتزوج الميرزا بمحمدي في السماء بعد أن فشل النبوءة؟ صفحة 334

ثامنًا:أوجه الشبه بين نبوءة الخسوفين ونبوءة زواج الميرزا بمحمدي صفحة 337

تاسعًا:هل كان زواج الميرزا بمحمدي مشروطًا بشرط توبة العائلة؟ صفحة 339

الفصل الرابع من الباب الثالث صفحة 340

نبوءة الميرزا بموت القس بيجوت في حياة الميرزا، وإثبات فشلها صفحة 340

القادياني والقس بيغوت مسيح لندن: كتبه: فؤاد العطار صفحة 341

من هو "جون هوغ سميث بيغوت"؟ صفحة 344

الميرزا يقول أن بيغوت ودوئي يمثلان المسيح الدجال صفحة 345

الوحي القادياني يؤكد أنّ "بيغوت" لن يتوب صفحة 346

الميرزا القادياني يؤكد أنّ موت القس بيغوت سيكون خلال حياة الميرزا صفحة 350

الميرزا ينشر إعلاناً في أمريكا يؤكد أن بيغوت سيموت في حياة الميرزا صفحة 354

هل تاب القس "بيغوت"؟ صفحة 356

بيغوت لم يتب وظل متمسكاً بدعواه إلى أن مات صفحة 363

القس "بيغوت" يموت بتاريخ 21 مارس 1927م صفحة 367

الفصل الخامس من الباب الثالث صفحة 374

نبوءات الميرزا عن عمره في مواجهة الدكتور عبد الحكيم وإثبات فشلها صفحة 374

الفصل السادس من الباب الثالث صفحة 383

حكاية الشيخ الفاضل ثناء الله الأمرتسري مع الميرزا غلام صفحة 383

الفهرس صفحة 402

 

رابط هذا المقال 

https://ibrahimbadawy2014.blogspot.com/2023/09/blog-post_24.html