الأدلّة من الحديث النبويّ على ختم النبوّة
الأدلّة من الحديث النبويّ على ختم النبوّة
الكاتب : أبو عبيدة العجاوي
جاءت الأحاديث المتواترة لتؤكد عقيدة ختم النبوّة بأشكال وصور مختلفة، لكي لا تجعل مجالا للشكّ ، ولكي تغلق الباب وتفضح كلّ دَعِيّ دجّال يدّعي النبوّة، وقد ذكر تواتر حديث (لا نبيّ بعدي) عدد من العلماء منهم:
ابن كثير: حيث قال -رحمه الله- : "وقد أخبر تعالى في كتابه، ورسول في السنة المتواترة عنه: أنّه لا نبيّ بعده، ليعلموا أنّ كلّ من ادّعى هذا المقام بعده فهو كذّاب أفّاك، دجّال ضالّ مضلّ". ١
ويقول القرطبيّ -رحمه الله- : "وقد روي من طريق التواتر- من غير أن يحتمل تأويلا-بإجماع الأمة قوله : (لا نبيّ بعدي) وقال تعالى:"وخاتم النبيّين". ٢
وقال عبد القادر البغدادي - رحمه الله - : "وقد تواترت الأخبار عنه بقوله: (لا نبي بعدي)، ومن ردّ حجّة القرآن والسنّة فهو الكافر". ٣
وقد وردت هذه الأحاديث التي تؤكد عقيدة ختم النبوّة بصور مختلفة، ولا أريد حصرها كلّها، وانّما الإشارة إلى تنوّعها بشكل لا يحتمل التأويل.
أوّلا: تصريحه، أنّ النبوّة ختمت به:
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -، أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أنا قائد المرسلين ولا فخر، وأنا خاتم النبيّين ولا فخر، وأنا أوّل شافع وأوّل مُشفّع ولا فخر". ٤
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "فُضّلت على الأنبياء بستّ: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلّت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافّة، وخُّتِم بي النبيّون". ٥
ثانيا: تصريحه بانقطاع النبوّة.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول: "لم يبق من النبوّة إلّا المبشّرات، قالوا: وما المبشّرات؟ قال:الرؤيا الصالحة". ٦
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إنّ الرسالة والنبوّة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبيّ". ٧
ثالثا: تصريحه أنّه لا نبيّ بعده.
عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - :" أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج إلى تبوك، واستخلف عليّا، فقال: أتُخَلِّفَني في الصبيان والنساء؟ قال: "ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه ليس نبيّ بعدي". ٨
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلّما هلك نبيّ خلفه نبيّ، وأنّه لا نبيّ بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون". ٩
رابعا: تصريحه أنّه آخر الأنبياء.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "فإنّي آخر الأنبياء، وإنّ مسجدي آخر المساجد". ١٠
عن أبي أمامة الباهليّ - رضي الله عنه -، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم". ١١
خامسا: تحذيره من المتنبّئين بعده.
عن ثوبان أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "وأنّه سيكون في أمّتي كذّابون ثلاثون، كلّهم يزعم أنّه نبيّ، وأنا خاتم النبيّين لا نبيّ بعدي". ١٢
عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال: "ولا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون، قريبا من ثلاثين، كلهم يزعم أنّه رسول الله". ١٣
سادسا : ضربه، المَثَلَ لختم النبوّة بالبناء الذي أكمله.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال: "إنّ مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيّين". ١٤
سابعا : تصريحه، بأنّ من أسمائه العاقب أي لا نبيّ بعده.
عن المُطعِم بن عديّ - رضي الله عنه - قال: أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أنا محمّد، وأنا أحمد، وأنا الماحي، الذي يمحى بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي، وأنا العاقب والعاقب الذي ليس بعده نبيّ". ١٥
وهكذا أخي القارئ تجد هذه الأحاديث التي ذكرناها، جاءت بأشكال وصور مختلفة، لتؤكّد أنّ النبيّ محمّدا هو آخر الآنبياء ولا نبيّ بعده، بحيث لا تدع مجالا للشكّ ولا لمتأوّل تأويلا ولا لتصديق أيّ دجّال يدّعي النبوّة بعد محمّد.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) تفسير القرآن العظيم لإبن كثير ج6 ص 430و 431
(٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج 11 ص 29
(٣) أصول الدين لعبد القادر البغدادي ص 163
(٤) الدارمي رقم 50 والمعجم الأوسط للطبراني . قال الذهبي: إسناده صالح . وقال ابن حجر العسقلاني : حسن .
(٥) مسلم رقم 523
(٦) البخاري رقم 6990
(٧) أحمد رقم 13824و والترمذي رقم 2272 والحاكم رقم 8178 وقال الترمذي : هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه . وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم ووافقه الذهبي . وقال الألباني : صحيح الإسناد.
(٨) البخاري رقم 4416 ومسلم رقم 2404
(٩) البخاري رقم 3455 ومسلم 1842 رقم
(١٠) مسلم رقم 1394والنسائي 694
(١١) ابن ماجة رقم 4077 والحاكم رقم 8620صححه الألباني في صحيح الجامع. وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
(١٢) أبو داوود رقم 4252 والترمذي رقم 2219 وصححه الألباني.
(١٣) البخاري رقم 3609 ومسلم رقم 157
(١٤) البخاري رقم 3535 ومسلم رقم 2286
(١٥) مسلم رقم 2354