الأحمدية.. دكتوراه تكفير
الأحمدية.. دكتوراه تكفير
من أراد أن يتعلّم تكفير الناس فليكن أحمديًّا.
يقول الميرزا غلام أحمد: " كلّ من بلغتْه دعوتي ولم يصدّقني فليس بمسلم". (التذكرة، ص 662)
واللافت جدًّا أن الميرزا كتب عبارته هذه في رسالة إلى د. عبد الحكيم عام 1906، ولم يكتبها في كتاب ولا في إعلان، فقد كتب له: "لقد كشف الله عليّ أن كلّ من بلغتْه دعوتي ولم يصدّقني فليس بمسلم، وهو مؤاخَذ عند الله تعالى". (التذكرة، ص 662)
أي أنه كافر وسيعاقبه الله على ذلك، لا أنه كافر اسما فقط، وحيث إن دعوة الميرزا بلغت العالم في عصر الفيسبوك، فالناس كفار ومحاسَبون على كفرهم هذا!
واللافتُ أنّ قضية خطيرة مثل هذه لم يجد الميرزا وقتا ولا مبررا لكتابتها ولا الاهتمام بها، لكنه وجد ألف وقت للحديث عن محمدي بيغم وليكهرام. وقد سئل الميرزا عن التناقض بين ما جاء في هذه الرسالة وبين ما كتبه في ترياق القلوب، فأجاب إجابة لا يمكن أن تُفهم.
ولأنّ هذا يُحرج الأحمديين المعاصرين جدّا أمام العالم، فقد عمد معرِّب التذكرة إلى تحريف ترجمة الرسالة، حتى صارت:
لقد كشف الله عليّ أن كلّ من بلغتْه دعوتي ولم يصدّقني فهو عرضة للمؤاخذة عند الله تعالى، وإنْ كان من المسلمين. (الطبعة العربية الأولى للتذكرة، عام 2013)
وهذا التحريف لن تجدوه في الموقع، فقد صُحِّح منذ سنتين، لكنكم ستجدونه في الطبعة الورقية المنشورة.
وكان يمكن لهذه الرسالة أن تُهمل للأبد، لولا أنّ محمودا أكّد على التكفير وتخصّص فيه، حيث يقول:
"ليس الكافر فقط مَن يكفِّر المسيح الموعود، بل من لا يؤمن به كافر حتى لو لم يكفِّره، وحتى لو صدقه في قلبه ولم ينكره بلسانه ولكنه ما زال مترددا في البيعة فيُعدُّ كافرا... إن الذين لا يؤمنون بالمرزا رسولا كفارٌ أشد الكفر وإن كانوا يعترفون بصدقه باللسان". (مرآة الحق)
ويقول: "كنتُ قد كفّرتُ غير الأحمديين في حياة الخليفة الأول وكل فرد من أفراد الجماعة كان مطّلعا على رأيي هذا. (مرآة الحق)
وحتى لا يتفلسف أحمدي ويقول: إن التكفير هنا لا يُقصد به الكفر الأكبر، بل الكفر الأصغر.. أي المعصية؛ فقد أكّد محمود أنه لا فرق بين المسلمين وبين غير المسلمين، فقال: "لما كان سكان التيبت وسويسرا كفارا لعدم إيمانهم برسول الله فكيف سيُعَدُّ سكان الهند مؤمنين مع عدم إيمانهم بالمسيح الموعود؟ (المؤمن من يؤمن بالمبعوثين جميعا)
وإذا ماحك أحد المتنطّعين قائلا: إن محمودا ينفي عنه الإيمان، لا الإسلام، سردنا له قول محمود التالي: "الإسلام يذكر اصطلاحين فقط: مؤمن وكافر، فالذي آمن بنبي فهو مؤمن، ومن لم يؤمن به فهو كافر، سواء كان عدم إيمانه بسبب عدم علمه بالأمر، أو بسبب شرّه". (التفسير الكبير سورة البينة)
أما العقاب فإنّ محمودا ينفيه عن الجاهل، وإنْ ظلّ اسمه كافرا، فيقول:
"إذا كان عدم إيمانه بنبي بسبب عدم علمه فهو كافر، لكنه ليس من أهل النار، وإذا كان كفره بنبي بسبب شرّه، فهو كافر ومن أهل النار". (التفسير الكبير)
ويقول: "فالذي لم يسمع باسمه هو كافر، ولكنا لا نعتبره من أهل النار؛ إذ يمكن أن يختبره الله تعالى في الآخرة فيغفر له بناءً على إيمانه الفطري. إننا لا نستطيع الجزم بصدد عقابه، لكننا مضطرون لاعتباره كافرًا لأن الإسلام يذكر اصطلاحين فقط: مؤمن وكافر". (التفسير الكبير)
والتكفير عند محمود مبنيّ على أساس أنّ نبوة الميرزا لا تختلف عن نبوة الأنبياء السابقين، فيقول:
باختصار، الأنبياء نوعان: الأول؛ الذين يأتون بشريعة جديدة مثل موسى ، والثاني: الذين يقيمون الشريعة السابقة- بعد أن تكون قد ابتعدت عن الحقيقة بسبب تسرب أفكار الناس إليها- مثل إِيلِيا وإِشَعْيَا، حِزْقِيَال، ودَانِيال والمسيح الناصري عليهم السلام. لقد ادّعى مرزا غلام أحمد أنه نبي من النوع الثاني (الأحمدية، الإسلام الحقيقي). لذلك استنكر محمود التفريق بين المسلم الهندي وبين المسيحي السويسري.
فالأحمدي الذي ينتقد التكفير اليوم إنما ينتقد محمودا، أو أنه جاهل بنصوص محمودٍ، أو أنه يتعمّد إخفاءها.
إنه تزويرٌ كبير أنْ يُقال إنّ الأحمدية تحمل رسالة سلام؛ إنّ مَن يحترف التكفير ويتمنّى الوباء المتبر للعالم، ولا يفرح إلا للكوارث والزلازل والحروب والأوبئة ويجد فيها دليلا على صدق مسيحه لا يمكن أن يحمل إلا رسالة دمار.
#هاني_طاهر 12 مارس 2017