إنْ قالها فقد صدق

إنْ قالها فقد صدق

إنْ قالها فقد صدق

كلما عرضنا كذبة مِن أقوال الميرزا الكثيرة قال الأحمديون: إنْ قالها فقد صدق.

قلنا لهم: إنْ قال الصادقُ قولا ممكنا عقلا فهو صادق مهما كان قوله مستبعدًا واقعًا. أمّا إنْ قال قولا نعرف أنه كذب فهو: إما كاذب، أو ينقل الكذب مِن دون معرفة أنه كذب، أو جاهل لا يفهم ما يقول، أو غير واعٍ لما يقول، كأن يكون سها أو نسي أو تلعثم أو كان مغشيا عليه، أو غير قاصد لظاهر النصّ، كأن يكون مازحا أو مستنكرا أو يقصد به المجاز أو الكناية، فإذا نُفيت الاحتمالات كلها إلا أنه كاذب، فلا بدّ أنْ نجزم بكذبه، ولا بدّ أن نعترف أنّنا كنا واهمين ومخطئين حين كنا نقول بصدقه.

مثال 1: لو قال مَن نراه صادقا: "إن معظم المسلمين لا يعرفون أنه ثابت من الأحاديث أن فتوى التكفير ستصْدر ضد المسيح الموعود" (مرآة كمالات الإسلام، ص 128)، فنقول: إن قائل هذه العبارة يُصِرّ على أنه ثابت في الأحاديث أن فتوى التكفير ستصْدر ضد المسيح الموعود، ويرى في الوقت نفسه أنّ معظم المسلمين لا يعرفون هذه الأحاديث.. أي أنّ بعضهم يعرفها ويؤمن بها. وفي الحقيقة ليس هنالك مثل هذه الأحاديث البتّة، وليس هنالك مسلم واحد يعرف حديثا واحدا منها، بل الوارد في الروايات أن الكفار يُقتَلون بنَفَسه، فلا مجال لفكرة أنّ هناك مَن يُكَفِّره. فهذه العبارة لا يمكن أن تكون من باب السهو، بل قد صيغت بطريقة تؤكد على تعمّد الكذب، لأنّ صاحبها أراد أن ينسب للروايات ما يحصل معه في الواقع.

مثال 2: لو قال مَن نراه صادقا: كتبتُ 300 دليل عقلي في هذا الكتاب، ثم قرأنا الكتاب فلم نعثر على أكثر من دليل، حكَمنا بكذبه بعد أن نتأكد من نفي أيّ احتمال آخَر قصَدَه، مثل النسيان والسهو، لأنّ مثل هذه الاحتمالات غير واردة وقد حدَّد رقمًا وربطه بالسعر وبالأهمية.

مثال 3: لو قال من نراه صادقا: رأيتُ إنجيل برنابا بأم عيني. (كشف الغطاء، ص 38) فإننا نحكم بكذبه، لأنه لم يكن في الهند نسخة منه ليراها، ولأنه أحال بعد فترة إلى مكتبة لندن ولم يقل إنني رأيتُ بأم عيني. فمن رأى النسخة لا ينسى أنه رآها.

مثال 4: لو قال من نراه صادقا: "يا أيتها الملكة المعظمة وفخر الرعية كلها، إن من سنة الله القديمة أنه إذا كان سلطان الوقت ذا نية حسنة ويريد الخير للرعية... هاجت رحمة الله في السماء لنصرته، فيُرسَل بقدر عزيمته وأمنيته إنسانٌ روحانيٌ إلى الأرض" (نجم القيصرة، ص 8)، حكمنا بكذبه فورا:

1: لأنّ احتمالات أيّ من السهو والنسيان والمزاح والمجاز والكناية غير واردة في مثل هذا السياق.

2: ولأنّ الدافع وراء هذه الكذبة واضح، وهو التملّق، فلم يبقَ سوى القول بالكذب تملقا، لأنّ هذا ليس من سنة الله القديمة، فلم نقرأ مثل ذلك، ولم يرد في الروايات، ويكذّبه التاريخ.

مثال 5: لو قال من نراه صادقا: "القرآن الكريم زاخر بإشارات توحي بأن عمر الدنيا، أي زمن دَور آدم، سبعة آلاف سنة" (التحفة الغولروية، ص 207)، فإننا نجزم بتعمّده الكذب، لأنّ القرآن الكريم ليس زاخرا بهذه الإشارات، ولأنّ البشر الحاليين هم امتداد لنسل بشري يزيد عمره عن مئات آلاف السنين، لا سبعة آلاف.

أما احتمال السهو فغير وارد، لأنّ استخدام كلمة "زاخر" استخدام مقصود، ولا يمكن أن يكون سهوا أو مجازا أو مزاحا أو كناية.

مثال 6: لو قال من نراه صادقا: "كنت أنوي تأليف خمسين جزءا بداية ثم اكتفيت بخمسة بدلا من خمسين. ولأن الفرق بين العدد خمسين وخمسة هو نقطة واحدة لذا فقد تحقق ذلك الوعد بتأليف خمسة أجزاء." (البراهين الخامس، ص 8)

حكمنا بكذبه، لأننا نعرف أنه وعد بـ 300 جزء، لا بخمسين. وظلّ يماطل عبر السنين أنه سيتابع في نشر هذه الأجزاء التي وعد بها، ولأننا نعرف أنه كان قد أعلن عن أنّ 100 جزء كانت جاهزة للطباعة وأن السبب في تأخر طباعتها مرض صاحب المطبعة. فاختياره رقم الـ 50 هنا كان مجرد كذب ليقارنه برواية الصلاة التي فُرضت 50 ثم نزلت إلى 5.

مثال 7: لو قال مَن نراه صادقا: "وكان من الواجب نظرا إلى نفقاته [كتاب البراهين] أن يُحدَّد ثمنه بمئة روبية مستقبلا". (صفحة غلاف البراهين الأحمدية، الجزء الثالث)

حكَمنا بكذبه، لأنّ المائة روبية تساوي راتب عشرة موظفين في ذلك الوقت. وقد باع الميرزا كتاب مرآة كمالات الإسلام، وحجمه يساوي حجم البراهين بأجزائه كلها، بروبيتين، فكيف يكون البراهين بمائة روبية نظراً إلى تكاليفه؟ فواضح أنّ المسألة تجارية، والذي يزيد هذا الوضوح الذي لا يحتاج زيادةً هو تكرار قوله هذا بصيغ مختلفة.

مثال 8: لو قال من نراه صادقا: إنّ فقرات مقامات الحريري لا تزيد على سطرين أو ثلاثة أسطر في كتابي إعجاز المسيح (تحفة الندوة)، حكَمنا بكذبه، لأننا بحثنا فوجدنا هذه الفقرات تزيد عن 60 سطرا، ولأننا بحثنا عن عبارات جميلة في هذا الكتاب فلم نجدها إلا مسروقة من الحريري وأحيانا من الهمذاني. ولأنّ هذه السرقة قد تكررت كثيرا في كتبه السابقة واللاحقة بطريقة لافتة، وهي تزيد عن ألف عبارة مسروقة. فالكذبةُ كبُرت وكبُرت، فكيف لو نسب إلى نفسه أنّ الله يوحي إليه كلَّ ما يكتب، إما وحيا مباشرا أو بتمرير الكلمات أمام عينيه؟!

مثال 9: لو قال من نراه صادقا: " عُلِّمتُ أربعين ألفًا من اللغات العربية" (مكتوب أحمد، ص89)، فرحنا لقوله، وفرحنا لتعليمه، فإذا تبيّن لنا خلال البحث في كتبه أنه متأثر بالأردو وأننا كلما عثرنا على عبارة جميلة وجدناها في مقامات الحريري أو الهمذاني، فإننا نوقن أنّه لم يُعَلَّم 40 ألفا ولا غيرها، وإذا تمعَّنّا في معنى 40 ألفا ولم نعرف لها معنى زاد يقيننا بأنّ هذه العبارة كاذبة، فإذا عثرنا على أخطاء كثيرة جدا في النحو والصرف، وإذا عثرنا على سرقات غير موفَّقَة وتدلّ على عدم فهْم المسروق، فقد صار اليقين فوق الإشباع.

مثال 10: لو قال من نراه صادقا: "أعلن لجميع مشتري كتاب "البراهين الأحمدية" الكرام أن الكتاب ضخم جدا حتى أن حجمه قد يتجاوز مئة جزء... توصلنا بعد حساب النفقات إلى أن سعر الكُلفة للنسخة الواحدة سيبلغ 25 روبية (إعلان رقم 15 عام 1880). فإننا نفهم أنّه في عام 1880 كان كتاب البراهين يبلغ 800 صفحة على الأقل، لأنّ الجزء 8 صفحات.

ثم إذا قال: "كان من المفروض أن يُطبع نصف هذا الكتاب إلى الآن، ولكنه تأخر إلى سبعة أشهر أو ثمانية بسبب اعتلال صحة مدير مطبعة "سفير هند" في أمْرتسر بالبنجاب، إذ كان الكتاب قيد الطبع في مطبعته". (إعلان 16 عام 1880، صفحة غلاف البراهين الأحمدية، الجزء الأول)

معنى ذلك أنّ الـ 400 صفحة وصلت المطبعة في ذلك العام.

لكننا نعلم الآن أنّ كتاب البراهين المنشور قبل 1882 لم يكن إلا قسمين بسيطين لا يصلان 100 صفحة! فأين ذهبت الأجزاء المائة؟ أما الجزء الثالث والرابع من البراهين فقد أُلّفت في عام 1882 وما بعدها، فمحتوياتها تؤكد ذلك. فبات واضحا أنّ قوله بأنّ 100 جزء صارت جاهزة وأنها في المطبعة ليس إلا كذبا. وإذا كان يُكثر من الإعلانات التجارية في ذلك الوقت، فباتت الحيلة مكشوفة، وليس هنالك أي سهو أو أي احتمال آخر غير تعمّد الكذب.

وبمجرّد جزمنا بمثال واحد على أنه من باب الكذب، فقد انتهى أمر هذا الشخص، وخرج من دائرة الصادقين. فكيف لو تكررت الأمثلة كثيرا جدا؟

#هاني_طاهر 24 نوفمبر 2017