إنجازات الميرزا.. ح3

إنجازات الميرزا.. ح3

إنجازات الميرزا.. ح3

يتابع محمود في إنجازات أبيه فيقول:

ما ذكرته إلى الآن كان يتعلق بالإيمانيات، والآن أنزل درجة وأعدِّد لكم الأعمال الفكرية التي قام بها المسيح الموعود؛ فالعمل الثالث العظيم هو إصلاح الفساد الحاصل في أفكار الناس عن الذات الإلهية. (إنجازات الميرزا)

ثم بدأ يعدّد الأفكار الفاسدة عن الله والتي كان الناس واقعين فيها، فذكر منها:

1- كان الناس واقعين في الشرك الجلي والخفي.

2- كان البعض يعتقدون بأنه لو كان الله تعالى موجودًا فوجوده لا يعدو كونه علة العلل...

3- كان البعض ينكرون رحمة الله ويقولون بأنه لم يعد يتحلى بصفة الرحمة، لأن ذلك يتعارض مع عدله. (إنجازات الميرزا)

ثم ذكر أخطاء أخرى يقع فيها بعض المسلمين، مثل الطواف حول القبور ومثل التجسيم. ثم نقل قول الميرزا أنّ "التوحيد الكامل هو أن يُري الله تعالى بنفسه يد قدرته وصفاته في كل شيء... يكون الله تعالى معه في كل عمل يقوم به ويُظهر له قدرتَه".

واستدلّ على ذلك بالآية القرآنية: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ).. ثم ذكر أنّ الميرزا "قدّم أصلا محكمًا للرد على هذه الأخطاء وهو يكفل إزالتها والرد عليها وهو: أن الله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)... فبهذا الأصل أزال الميرزا الأخطاء التي وقع فيها المسلمون، كما كشف به عن أخطاء الأديان الأخرى. (إنجازات الميرزا)

الردّ:

هذه الآية لم يكن يجهلها الناس قبل أن يشير إليها الميرزا.

لكنّ الميرزا يؤمن أنّ الله جسم موجود في مكان اسمه العرش، فيقول:

"جعَلَ الله نزول الملائكة كنزولِ نفسه، وجعَل مجيئهم كمجيء ذاته. ألا تنظر إلى قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صفًّا}... فإنّ الله إذا نزل إلى الأرض مع ملائكته فلا بد من أن ينزل الملائكة كلهم، فإن الملائكة جند الله فلا يجوز أن يتخلف أحد منهم عند نزول رب العرش إلى الأرض، فإذا تقرر هذا فيلزم منه أن تبقى كل سماء من العرش إلى السماء الدنيا خالية عند نزول الله تعالى على الأرض، ليس فيها رب رحيم رب العرش ولا ملَكٌ من الملائكة". (حمامة البشرى، ص 145-146)

التجسيم الواضح في عبارات الميرزا:

1: قوله: "جعَلَ الله نزول الملائكة كنزولِ نفسه، وجعَل مجيئهم كمجيء ذاته".

2: قوله: "إذا تقرر هذا فيلزم منه أن تبقى كل سماء من العرش إلى السماء الدنيا خالية عند نزول الله تعالى على الأرض، ليس فيها رب رحيم رب العرش ولا ملَكٌ من الملائكة".

وكان قد كرر هذه الفكرة، فقال:

"وأنت تعلم أن الله تعالى ما قال في كتابه إن الملائكة يشابهون الناس في صعودهم ونزولهم، بل أشار في كثير من مقامات كتابه المحكم إلى أن نزول الملائكة وصعودهم كنزوله تعالى وصعوده. ولا يخفى عليك أن الله تعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا، فلا يقال إن العرش يبقى خاليًا عند نزوله. وكذلك أشار الله في كتابه إلى نزوله في ظُلل من الغمام مع الملائكة المقربين، فإذا حَلَّ الله الأرض مع جميع ملائكته.. فإنْ كان هذا النزول كنزول الأجسام فلا بد لك أن تعتقد أن العرش والسماوات تبقى خالية يومئذ.. ليس فيها الرحمن ولا ملائكته. (حمامة البشرى، ص 143)

التجسيم الواضح في عبارات الميرزا:

1: قوله: "فلا يقال إن العرش يبقى خاليًا عند نزوله".

2: قوله: "فإنْ كان هذا النزول كنزول الأجسام فلا بد لك أن تعتقد أن العرش والسماوات تبقى خالية يومئذ.. ليس فيها الرحمن ولا ملائكته".

أي أنّ الميرزا يرفض فكرة الانتقال الجسدي لله، بل يرى أنّ الله يبقى مكانه رغم نزوله. ومَن يرى أن الله ينزل بجسده عند نزوله، فهو يؤمن أنّ العرش يصبح خاليا!!

ويقول:

"أنت تعلم أن كل مسلم مؤمن يعتقد أن الله ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الآخر من الليل مع وجوده واستوائه على العرش... فكذلك الملائكة ينزلون إلى الأرض مع قرارهم وثباتهم في مقامات معلومة، وهذا سرٌ من أسرار قدرته، ولولا الأسرار لما عُرف الرب القهّار. ومقامات الملائكة في السماوات ثابتة لا ريب فيها كما قال عز وجل حكاية عنهم: { وَمَا مِنَّا إلا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ } . وما نرى في القرآن آية تشير إلى أنهم يتركون مقاماتهم في وقت من الأوقات، بل القرآن يُشير إلى أنهم لا يتركون مقاماتهم التي ثبّتهم الله عليها، ومع ذلك ينزلون إلى الأرض ويُدركون أهلها بإذن الله تعالى، ويتبرزون في برزات كثيرة... ويخلق لهم الله في الأرض أجسادًا جديدة غير أجسادهم الأصلية بقدرته اللطيفة المحيطة. (حمامة البشرى، ص 134)

التجسيم الواضح في عبارات الميرزا:

قوله: "مع وجوده واستوائه على العرش".

فهو يتحدّث عن وجود الله على العرش، لا مجرد كلمة استواء التي اختُلف في تأويلها كثيرا. وبربطها مع خلوّ العرش من الله التي استدلّ بها على تفنيد القول بالنزول المادي، يُستنبط بسهولة وبوضوح أنّ الميرزا يؤمن بأن الله له جسم موجود فوق مكان محدّد اسمه العرش.

أما ما ينسبه محمود للمسلمين من أنهم لا يؤمنون برحمة الله أو لا يؤمنون بفاعلية الله، فلا أعرف مَن يقصد، لكني أعرف أنّ المسلمين هم هم قبل الميرزا وبعده، وأنّ هراءه لم يؤثر في أحد، إلا في إثارة غثيانه من ملاحقة متزوجة بلا حياء، ومن شتائم لا تنتهي، ومن تكرار موغل في الملل.

#هاني_طاهر 4 سبتمبر 2018