إعلان النجاة من الأحمدية عكرمة نجمي

إعلان النجاة من الأحمدية عكرمة نجمي

إعلان النجاة من الأحمدية عكرمة نجمي

أعلن لأصدقائي الأحمديين في كل مكان، وإلى العالم، أنه بات واضحا لي أن مؤسس الأحمدية كان يتعمّد الكذب كثيرا، وكان سيئ الخُلُق، وجماعته من بعده مستمرة في الكذب والتضليل والاستعراضية الزائفة.
صدمة شديدة أن يصل المرء إلى هذه النتيجة، لكن البديل هو القلق الأبدي، وهو الخيانة للأبناء والأجيال، وهو شهادة الزور، وهو زيادة حجم المصيبة وحجم الصدمة. 
في آخر مرحلتي في الأحمدية الممتدة منذ الولادة حتى نحو نصف قرن من الزمان، كنتُ المسؤول عن الجماعة الأحمدية في عدد من الدول العربية، وكنتُ مسؤولا على مكتب بيعات العرب وعن قضايا أخرى عديدة في الجماعة، وقبلها كنتُ نائبا لمدير الفضائية العربية، وغير ذلك من مسؤوليات.
ولدتُ أحمديا وكان جدي لأمي أول أحمدي من عائلة عودة في الكبابير، حيث انضمّ للأحمدية قبل 90 عاما. ومنذ أن التزمت دينيا واطلعت على فكر الجماعة عن قرب، سعيت جاهدا لتطبيق كل التعاليم بحذافيرها والالتزام بما تقوله الجماعة قلبا وقالبا، وقد كنت عضوا في الهيئة الإدارية للجماعة في الكبابير لسنوات. 
عندما انتقلت للندن عام 2007 عملتُ في مركز الأحمدية العام، وكنتُ قريبا من خليفة الميرزا، فبيتي قرب بيته، وعملي قرب مكتبه، وكنت مؤذّنا في مسجده، والنائب الثاني في إمامة الصلاة. 

كم هو صعب ومؤلم أن تولد في جماعة وتخدمها بكل ما أوتيت وتعيشها وتعشقها وتتنفسها، وتلغي كيانك وخياراتك الشخصية من أجلها، ظانا أنها على الحقّ المبين.. وتجد في منتصف عقدك الخامس أنها جماعة قامت على الكذب منذ يومها الأول! وما هي إلا جماعة استعراضية لا تخدم الإسلام ولا الإنسانية، ولا تخدم إلا مصلحتها ومنتفعيها فقط! 

وفي كل حال، فالحمد لله الذي بفضله تعالى وكرمه أخرجني منها بعد بحث حيادي عميق وغائر في الألم.
وبعد الوصول لليقين بهذا الخصوص، ارتأيت واجبا حتميا عليّ أن أنقل للناس شهادتي وتجربتي في هذه الجماعة، فلعل الله ينقذ المخلصين المحترمين من الأحمديين، الذين لا يعرفون الحقيقة الغائبة والمؤلمة، أو لا يقدرون على مواجهتها فعلا، أو لا يقدرون على مجرد التفكير فيها.
كنتُ قد بدأتُ أرى أنّ الجماعةَ لا تردُّ على ما يطرحه الأخ هاني طاهر، فسألني الخليفة ذات مرة عن رأيي، فقلتُ له: لم أرَ ردودا حقيقية، فقال: ابحث أنتَ ورُدّ.. فبدأتُ بالبحث، مرورا بالمراحل التالية: مرحلة الإنكار، ثم مرحلة الخوف والضيق والقلق الشديد، ثم مرحلة التساؤل السليم ومصارحة النفس، ماذا ستفعل إذا تبين لك فعلا زيف جماعتك؟ وكيف ستتصرف بحياتك؟ ماذا عن الآلاف ممن خدَمْتَهم في الجماعة ويعرفونك؟ وماذا مع الأهل والأقارب والأبناء من كل الأعمار؟ كيف ستبرر لهم كل ذلك؟ وكيف ستكون ردود أفعالهم؟ وهل يمكن أن يتضرروا نفسيا؟

تلتها مرحلة الدعاء الشديد مع معاهدة الله سبحانه وتعالى على الحق ولزوم الحق مهما كلّف الأمر، فلا أريد إلا إرضاء الله تعالى أولا وآخرا، فمدار حياتنا كان الدعاء (اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه).
وفقط بعد هذا التعهّد أتت مرحلة "بداية البحث المتجرد والغائر في الآلام" والله على ما أقول شهيد، تبحث وتتألم من كل ما تجد، لأنها تخالف ما تريد أو ما تحب!، تُصدم وتتألم عندما تكتشف بأنك أمام أكبر عملية خداع حصلت في التاريخ الحديث، وخاصة عندما تجد مثلا في بحثك في اللغة العربية لدى المؤسس بأنها من أكبر الكذبات، فكلّ تعابيره الجميلة مسروقة سرقة مباشرة من الحريري والهمذاني. فمثلا خلال بحثي في المقامات، وجدت في أول 40 صفحة من مقامات الحريري أكثر من (1000) جملة مسروقة وموزعة على عدد من كتبه العربية!! بعد المرور بدرب الآلام هذا، تأتي مرحلة " تأدية الأمانة " .. وتسليم ما وجدت من حقائق لأعلى سلطة أحمدية، أي للخليفة. 
كان لقاء صعبا ومؤلما، مشاعري كانت متضاربة وقلبي يعتصره الألم فكنت قدمت له رسالة تفصيلية جاء فيها: 
" بعد السلام والاحترام ... 
أُشهد الله أنني لم أكن أتخيل أبدًا أن أكون في هذا الموقف المؤلم. إن قلبي تملؤه الأوجاع من هول الصدمة التي أعيش فيها هذه الأيام. وقد انعكس ذلك عليَّ سلبًا حتى من الناحية الصحية.

كانت أيام جميلة قضيناها بصحبتكم، ولكنها في الوقت نفسه حملتْ آلاما شديدة. كم عشقنا العمل لخدمة الإسلام من خلال هذه الجماعة، وكم كنا سعداء أننا نضحي بكل ما نملك من إمكانيات ظانين أنه في سبيل الله. وكم تغاضينا عن أخطاء أحمديين وأحسنّا الظنّ بهم.. كل ذلك بسبب حبنا لمؤسس هذه الجماعة ولخليفته. وكم حاولنا أن نتهرّب من مواجهة الحقائق التي سمعناها في الآونة الأخيرة، ولكن إلى متى؟
من يستطيع أن يرفض عطية الله ويغيّب عقله؟ من يستطيع أن يخدع نفسه أكثر من ذلك؟
لقد كانت الردود على ما يطرحه هاني طاهر بعيدة عن الموضوعية وخالية من المضمون ومليئة بالشخصنة والشتائم، كما كانت خالية من الرحمة. فظهرت جماعتنا وكأنها جماعة متكبرة متجبرة تريد أن تمنع الناس من التفكير. بينما ظلّ هاني طاهر يدعو للمودة والسلام والتعقل والموضوعية في البحث، ولم يغير منهجه في الطرح ولم ينجرّ في المهاترات التي حاول البعض جره إليها، وكل ما كان يقدّمه هو نصوص المؤسس.
كم آلمني أن الجماعة لم تقف وقفة رجل واحد لتدافع عن مؤسسها، وتركت الأمر لأشخاص متحاملين وغير قادرين على الإتيان بالردود ونفي ما قدمه هاني بشكل موضوعي وجذري. منذ متى كان فلان وعلان يمثلون الجماعة، لماذا لم تصدر الأجوبة رسميا باسم الجماعة أو حتى باسم المكتب العربي؟

هل تمنع "جماعة الحق" أفرادها من الاستماع لمعارضيها ومتابعة ما يثيرونه من شبهات خوفا عليهم من التأثر؟ منذ متى كان الحق بهذا الضعف؟
كم انتقدنا المشايخ الذين كانوا يمنعون الناس من متابعة قناتنا، وكم مرة استدللنا بالآية: الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ثم إذا بكبار الجماعة يأمرون أفرادها بعدم الاستماع البتة والمتابعة لأي معارض أو أي رأي مخالف، حتى أنهم ينسبون هذا الأمر لحضرتك!
أما بالنسبة للردود ومضامينها، فحين قال هاني: "كيف تكون الجماعة 400 ألف في عام 1906، ثم تظلّ 400 ألف في عام 1944، رغم أنّ الخليفة يقول إنها الآن مئات أضعاف عما كانت عليه زمن المسيح الموعود.." ردُّوا بأن كرروا هذه العبارة فقط، وكأنهم ردّوا عليها. وحين نشر هاني مئات الأخطاء النحوية في كتب المؤسس، لم يتناولوا أي مقال من هذه المقالات إلا بطريقة لا يقبل بها أحد، ولم يطلبوا من متخصص في الجماعة أن يردّ، رغم أن الأخ هاني طالبهم بذلك. وحين نشر عشرات المقالات التي تُظهر أن المؤسس يأخذ من مقامات الحريري، جاءت ردودهم متناقضة متخطبة، فمرةً يقولون: المؤسس لم يقرأ للحريري البتة، ومرة يقولون: تأثر بالحريري فقط، ومرةً يقولون: تعمّد الأخذ منه ليلفت انتباه الناس له، ولكنهم في كل الحالات لا يجيبون على التشابه الكبير جدا فعلى سبيل المثال: في أول 30 صفحة من مقامات الحريري، أخذ المؤسس ما لا يقل عن 500 جملة موزعة على كتبه العربية، والذي لا تفسير له سوى أنّ المؤسس أخذ منه فعلا وأنه لم يستطع أن يأتي بعبارات قوية من دون النقل منه، مما يقضي على فكرة التعلم الرباني لـ 40 ألف مادة، وإلا لماذا يعلمه الله هذه كلها وهو يعتمد على الحريري؟

وحين تحدّث هاني طاهر عن التزييف في الإحالة على القرآن والحديث والمفسرين والأولياء عند المؤسس، لم يكن هناك أي ردّ، بالرغم من أنه كان قد ذكر أكثر من 20 نصّا أحالها المؤسس إلى هذه المصادر، من دون أن يكون لها أدنى أثر في أي منها. وهكذا الحال حين تحدّث عن تزييف المؤسس في الإحالة على كتبه وإعلاناته مما لا وجود له.
وعندما قام هاني طاهر بنقض كتاب "إعجاز المسيح" من كل الجوانب وقال إنه كسر التحدي، وطالب بتشكيل لجنة حيادية للحكم، فلم يعلّق على ذلك أي أحمدي، ولم يتم نقض نقضه.
وكانت صدمتنا كبيرة عندما فوجئنا بأخلاق المؤسس وشتائمه الكثيرة جدا، والتي لا يمكن أن نقبل أن يسمعها أبناؤنا أو أن نفتخر بنشرها في العالم. ولم نشعر بأي ارتياح من كتابته ألف لعنة متواصلة في أحد كتبه، ولا في إصراره على حتمية زواجه من امرأة متزوجة ونشر الإعلانات بين الناس عن ذلك، فهذا عندنا يُعدّ جريمة وعارا ولا يقبل به أحد.
كما أنّ هناك بعض النصوص للمؤسس التي يمكن أن نحاكَم بسببها بازدراء الأديان، مثل:
وصفه المسيحية ومعتقداتها بالنجسة !!!
كقوله عن عبد الله آتهم: "وامتنع دفعة واحدة عن تأليف كتبٍ في حماية المعتقدات النجسة للمسيحية التي كان ينشغل بها".
وقوله "إن المسيحية تحتل المركز الأول في العالم في قول الزور، فالذين لم يتورعوا حتى عن الخيانة في الكتب الإلهية افتروا مئات الكتب الزائفة "
ووصف الدين المسيحي بقوله: "المثير للقرف".

أما نبوءات المؤسس فكان واضحا أنها لم تتحقق أو حتى أنها تتحقق عكسيا، وأن تبرير الجماعة لعدم تحققها ليس صحيحا، بل كله تزييف للأسف، بل كانوا أحيانا يفبركون نصوصا لا أساس لها، مثل قولهم عن بقاء ثناء الله حيا بعد المؤسس، أن المؤسس كان قد كتب في إعلان في أكتوبر 1907 أنّ الكاذب سيظل حيا بعد الصادق، لكننا لا نعثر على أي أثر لمثل هذا الإعلان في مجلد الإعلانات.
أتمنى وأودّ أن نبقى على علاقة جيدة معكم ومع الجماعة. لكن يؤسفني أن أخبركم أنني لم أعد أرى مؤسس الجماعة صادقا في دعواه. أما أفراد عائلتي فالقرار بيد كلّ منهم. ولا ضير عندي لو اختار أيّ منهم البقاء في الجماعة. بل لا أرى ضيرا عندي من العمل في الجماعة إذا كنتم تقبلون بها من لا يؤمن بالمؤسس مسيحا ولا مهديا، وفي نيته مساعدة أبنائها والسعي لإنقاذهم. وإلا فلا بأس لو أقلتموني من العمل. المهم أن تظلّ علاقتنا ودية ان شاء الله. 
سيدي إنني أحسن بك الظنّ كثيرا، وأرى أنك أنت الوحيد الذي عنده الحل لهذه القضية الأحمدية من جذورها. يمكنك أن تعمل على إنقاذ الأحمديين وذرياتهم والأجيال القادمة من هذه الورطة وسترضون الله تعالى أيما رضى، وذلك إذا وضعت خطة طويلة الأمد لتحويل هذه الجماعة إلى جمعية خيرية أو شيئا من هذا القبيل والعمل على إيصال الخير ونشر السلام.
أنا على استعداد للعمل معكم سويا للخروج بالجماعة تدريجيا الى بر الأمان مهما طال الزمان. 
أعلم أن إخبار الناس بالحقيقة دفعة واحدة فيه صدمة لهم وأن آثاره السلبية قد تكون اكثر من الايجابية، لكن السكوت كليا سيزيد من المشكلة.
إذا عملتم على حلّ هذه القضية من جذورها، فسيكتب التاريخ لكم موقفا عظيما غير مسبوق، وستنالون أعظم المكافآت عند الله وعند الناس. يمكنني أن أساعدكم في ذلك حتى النهاية إن قبلتم اقتراحي هذا. والله من وراء القصد. انتهت الرسالة..
سلمتُه الرسالة فقال لي: ماذا كتبتَ فيها؟ قلتُ: لا يمكنني الكلام قبل أن تقرأها وأرجو أن يتمّ اللقاء معكم بعد قراءتها، ولكن الأمر جلل ولم أكن أتوقع بحياتي كلها كابوسا كهذا! فقال: ما بك، هل تريد ترك الجماعة أم ماذا؟

فقلت أرجوك أن نأجل الكلام لبعد الاطلاع على محتوى الرسالة فقد كتبتُ لك بالتفصيل. قال حسنا، اعطني يوما أو اثنين وسأقرأها ونلتقي ثانية.
وبعد 40 دقيقة جاءني أحد الحراس لمكتبي مضطربا وقال: حضور (يعني الخليفة) يريدك الآن الآن، فذهبتُ إليه، وعندما دخلت .. قال لي: ما قلته عن المؤسس غير منطقي ولا أقبله. وقال لي وقد بدا عليه التوتر وكان يرتعش في كلامه حتى أن يديه كانتا ترتعشان بشدة، وكان صوته متقطعا: قرأت كل رسالتك، وأجد نفسي مضطرا من تسريحك من عملك وتسريحك نهائيا من الجماعة.
وبهذا أنهى الموضوع بدلا مِن مناقشتي أو عرض أدلة دامغة عليَّ من تجاربه العملية والروحية ومن معجزات استجابة أدعيته اليومية التي لم نرَ منها شيئا! نعم، بدلَ أن يريني مثالا ليقينه بصدق المؤسس سرعان ما قال لي: أنا مضطر لفصلك من عملك ولإخراجك من الجماعة كليا!.
هناك تفاصيل أخرى هامة سأذكرها لاحقا ان شاء الله، ولكن أريد أن أذكر هنا في آخر هذا اللقاء سألت الخليفة: بالله عليك، ماذا تفعل لو كنت مكاني؟ 
فأجابني: على الأغلب كنت سأقوم بما قمتَ أنت به! 
ومنذ تلك اللحظة بدأ مسلسل رهيب من التشهير والإساءة والشتائم والقسوة، حتى يُرهبوا كل أحمدي من مجرد التفكير بما فكرتُ فيه، ومن مجرد البحث فيما بحثتُ فيه، ومن مجرد تنفّس نسائم الحرية التي بدأتُ بتنفّسها. وسأتحدث عن هذه التفاصيل لاحقا إن شاء الله.
في الختام أدعو الله أن يوفق الأحمديين ويعينهم في توصيل الحقيقة إلى عائلاتهم وأبنائهم وأقاربهم. ولا بأس لو فعلوا ذلك بالتدريج وعلى مراحل، فالمهم ألا يساهموا في نشر المنكر والكذب، بل عليهم أن يساعدوا بعضهم البعض في البحث والقراءة والفهم، وأن يطالبوا أن يكون كل شيء دقيقا وموثقا، وأن تكون الردود بشكل رسمي، ومن متخصصين، خصوصا ما يتعلق باللغة العربية التي صار الكل يعرف مستوى الميرزا المتدني فيها.
سيظل قلبي مفتوحا لجميع الأحمديين، آملا ألا يطيعوا الأمر بالمقاطعة، وألا يستجيبوا لأي منكر، وألا يسمعوا الإشاعات الكاذبة، وألا يحكموا في شيء قبل أن يسمعوا كل الأطراف، فإنّ المنتفعين لا يفرحون إلا بالعداوة والبغضاء، فعليها يعيشون.