أتْباع الميرزا في حياته ومدى اتّباعهم له
أتْباع الميرزا في حياته ومدى اتّباعهم له
يظهر من عدد من الروايات أنهم كانوا ينظرون إلى الرجل على أنه مجرد شيخ طريقة، فلا أقواله تلزم، ولا هو يفهم.
وفيما يلي بعض الأحداث:
المثال الأول: قصة سرور شاه وضغطه على نور الدين
يتحدث الميرزا طاهر خليفة الأحمديين الرابع في درس أن المولوي نور الدين خليفتهم الأول "كان في زمن الميرزا صاحب يعمل بموقفه (الميرزا صاحب) لأنه لم يكن له بدٌّ من ذلك في ولكنه (نور الدين) ظل مصرا على موقفه أيضا. فقال له المولوي سَرْوَرْ شاه ذات مرة بإصرار شديد حتى شطب الخليفة الأول كل المسائل التي كان ذكرها من قبل. وهذا الفضل يعود إلى المولوي سَرْوَرْ شاه الذي ناقش هذا الأمر مع الخليفة الأول في أواخر أيام حياته، وقال ما معناه بأنك قد أوقعتنا في ورطة كبيرة. بمعنى أنك تفتي ونجد فتوى المسيح الموعود تخالفك فنضطر أن نرفض فتواك ونقبل فتوى المسيح الموعود، وهذا يشير إلى اختلاف بين الإمام والخليفة، وإنّ إنكار خليفة الوقت أيضا يجعل قلوبنا صدئةً، فهذه ورطة كبيرة أوقعْتَنا فيها. وقال بأننا مضطرون لنقبل فتوى المسيح الموعود ولكن عندما نضطر لرفض فتواك نتألم كثيرا لأنك إمامنا في الوقت الحالي. فما هو الحل لهذه المشكلة؟ فهكذا وضّح المولوي سَرْوَرْ شاه المحترم القضية جيدا وأصرَّ عليها بشدة وقال بأن ما يفهمه المسيح الموعود لا تفهمه أنت لذلك أوقعتنا في حيرة من أمرنا لذا عليك أن تفتي أن قوله (الميرزا) صحيح وقولك ليس صحيحا. فقال الخليفة الأول في نهاية المطاف أن استنباط المسيح الموعود صحيح واستنباطي كان غير صحيح.
يعلق الميرزا طاهر قائلا: لقد وفّق الله المولوي سَرْوَرْ شاه المحترم أن يتشجع على بيان هذا الموضوع أمام الخليفة الأول. لقد قال المسيح الموعود عن المولوي سَرْوَرْ شاه المحترم أنه غضنفر مهاجِم، فلا شك أن صفة غضنفر كانت موجودة فيه، فكان يقف موقفا جازما فيما كان يراه حقا وصدقا وما كان يترك الموضوع ما لم يُحسَم الموقف فيه. فهذا جانب قد حُلّ بفضل الله تعالى. (درس 30-12-1998)
الدروس المستفادة من هذا النص:
1: أن الخليفة الأول لم يكن يرى ضرورة التقيد بأقوال الميرزا غلام أحمد.
2: لولا الضغط الشديد من سرور شاه ما تنازل عن رأيه في آخر حياته، حيث كان مريضا جدا.
3: الخليفة الرابع يمتدح موقف سرور شاه في ضغطه على الخليفة الأول، ويعرّض بموقف الخليفة الأول تعريضا شديدا.
4: أما أنا فأرى أن المولوي سرور شاه لم يكن صادقا في هذه الحكاية، فإما أنه فبركها كليا، أو أنه حكى بعض العبارات أمام نور الدين الذي لم يكن يستطيع الكلام بسبب شدة مرضه، ثم اتخذ من سكوته أو من تحريك رأسه غير المقصود دليلا. وإلا لماذا لم يقترحوا على نور الدين ذلك من بداية عهد خلافته؟
المثال الثاني: الرضاع
يقول مرزا بشير أحمد: كان المسيح الموعود، على ما أذكر ميالا إلى أنه إذا ارتضع أحد نزرا يسيرا من الحليب مرة فهذه الرضاعة ليست سببا للحرمة.... ولكن الخليفة الأول كان مترددا في ذلك على سبيل الحذر في أمور فقهية. فأذن المسيح الموعود بفسخ النكاح (يتحدث عن حالة أخبرت فيها الأم أنها أرضعتهما). (سيرة المهدي، المجلد1، ص562-563).
يقول الميرزا محمود: عندما عُرض هذا الأمر (أن امرأة ذكرت أنها أرضعت العروس والعريس) على المسيح الموعود قال: هذا مشروط بخمس رضعات، أي لا بد أن يكون الطفل قد ارتضع خمس مرات، ليس المراد من ذلك أن يكون قد ارتضع مرة واحدة خمس جرعات، بل يجب أن يكون قد ارتضع خمس مرات في فترات مختلفة، بل الارتضاع خمس مرات ضروري. ولكن الخليفة الأول كان يظن بحسب قول الفقهاء أنه إذا ارتضع الطفل خمس جرعات مرة واحدة انطبق عليه المبدأ نفسه.
باختصار، كان للتعبير "خمس رضعات" معنى استنبطه المسيح الموعود، وكان له معنى آخر فهمه الخليفة الأول. ولما كان الأمر يتعلق بالزواج، وكان الخليفة الأول يرى شرح الفقهاء أجدر بالقبول، لذا صُدم بشدة حتى أصيب بالإسهال. وأخيرًا قال المسيح الموعود بفسخ القِران، وقال بأنها مسألة فقهية وليس ضروريا أن يُعَدّ شرحي وحده صحيحا. (الفضل، العدد: 3/9/1960م، ص4).
الفوائد من هذه الحكاية:
1: الخليفة الأول لا يقبل بقول الميرزا صاحب في حياته.
2: لا يحتج السامعون ولا الميرزا صاحب مستدلين بأنه الحكم العدل المعصوم.
3: الميرزا صاحب يوافق على قول الخليفة الأول ويصرّح أنّ قوله ليس ملزما ولا يشترط أن يكون صحيحا.
3: حكاية والد عيسى عليه السلام
المولوي نور الدين متأثر بمدرسة سير سيد أحمد خان، فكان يرى أن عيسى عليه السلام هو ابن حقيقي ليوسف النجار الذي تزوج من مريم زواجا عاديا وأنجبت له عيسى.
يحكي صاحب كتاب "حياة نور الدين" أن المولوي نور الدين غيّر رأيه حين قرأ كتاب مواهب الرحمن الذي أُلِّف عام 1903 والذي يذكر فيه الميرزا صاحب أن المسيح ليس له أب.. وصار يقول إن المسيح بلا أب.
أما أنا فأقول: هذه الحكاية لا يمكن أن تكون صحيحة، لأنّ قضيةً هامة ومثيرة للجدل جدا مثل هذه لا يمكن أن تبقى حبيسةً في صدر المولوي نور الدين وحده عشرين سنة حتى يقرأ مواهب الرحمن. ثم إن الميرزا صاحب كرّر أن عيسى بلا أب مرارا قبل هذا الكتاب، وحكى ذلك مشافهة، فهل كان نور الدين جاهلا بهذا كله؟ هل يمكن ألا يحدث نقاش في هذه القضية الخطيرة المتعلقة بالمسيح الذي قامت دعوة الجماعة كلها على قضاياه؟ فهذه الحكاية مكذوبة، وتشبه ما فبركه سرور شاه. أما المولوي محمد علي تلميذُ نور الدين فقد أكّد جدا على أن المسيح هو ابن يوسف النجار. ولو كان يعلم أنّ نور الدين تراجع لذكر ذلك. أما ما نسبوه إلى نور الدين في كتابه فلا نصدّقه ما دام هؤلاء الناس لا يتورعون عن الفبركة. وإذا صدّقنا تراجعه قلنا إن المولوي نور الدين متناقض جدا، ويغيّر رأيه أحيانا من دون أن يذكر دليلا ناقضا لرأيه السابق، وأحيانا لا يغيره، بل يصرّ عليه، ولا يعترض الميرزا على إصراره، كما في حكاية الرضاع.
الخلاصة أن التزييف هو سمة الجماعة من أول يوم، وأنّ التناقض هو ديدنها.
هاني طاهر 12/11/2016